مدير الاتصالات المستقيل من الحكومة السورية المؤقتة: من أوعز لطعمة بدخول سوريا هو نفسه من أوعز لـ «الجبهة الشامية» بمنع دخوله/ محمد الحسين ومنار عبدالرزاق
موظفون في الحكومة يطالبون بإقالة رئيسهم
إسطنبول – «القدس العربي»: قال عبو الحسو، مدير قطاع الاتصالات في وزارة الاتصالات والنقل والصناعة المستقيل من الحكومة السورية المؤقتة، في تصريح لـ»القدس العربي»، إن من أوعز إلى رئيس الحكومة، أحمد الطعمة، بالدخول إلى سوريا للتحضير للمنطقة الآمنة، هو نفسه الذي أوعز لـ»الجبهة الشامية»، التي تشرف على إدارة معبر باب السلامة، بعدم السماح له بالدخول إلى سوريا.
وأضاف الذي قدم استقالته من الحكومة السورية المؤقتة بعد يوم من الحادثة اعتراضا على بيان لها يوجه اتهامات للجبهة الشامية بالتطرف، في تصريحه الخاص بـ»القدس العربي»، أنه «ستبدي الأيام ما كان خافيا، لكن المؤكد أن الحكومة لن تبقى كما كانت، وكذلك الجبهة الشامية».
وكشف مدير قطاع الاتصالات السابق أن «جهة خارجية» – لم يحددها – هي التي أوعزت لرئيس الحكومة المؤقتة بالدخول إلى سوريا. كما أنها أوعزت – في الوقت نفسه – للجبهة الشامية لمنعه من الدخول من معبر باب السلامة، لأهداف معينة.
وقال إن بين هذه الأسباب أنها ستؤدي إلى تغيير في الجهتين، الحكومة والشامية، مشيرا إلى أنه علم لاحقا أن الاتفاق على منع دخول الوفد، تم مساء اليوم السابق – مفضلا عدم ذكر الجهات التي اتفقت – وكذلك عدم كشف هوية المصدر الذي سرب له المعلومات.
وكانت إدارة معبر باب السلامة، الحدودي مع تركيا والكائن في منطقة اعزاز بريف حلب الشمالي، قد منعت رئيس الحكومة السورية المؤقتة، أحمد طعمة، مع وفد مرافق له، من دخول سوريا عبر هذا المعبر، بذريعة عدم التنسيق مع قيادة الجبهة الشامية.
وبُعيد حادثة المنع هذه نشر الحسو تفاصيل ما جرى على صفحته الرسيمة على موقع التواصل الاجتماعي» فيس بوك»، قبل استقالته. فقال إن «الوفد ضم 20 شخصا من رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة، ووزراء الداخلية والدفاع، والاتصالات والنقل والصناعة، والإدارة المحلية، ورئيس الأركان، وعددا من مستشاري رئيس الحكومة، ومدراء من وزارات مختلفة. وكان من المخطط زيارة مجلس محافظة حلب وعقد مؤتمر صحافي لرئيس الحكومة المؤقتة في الزيارة الأولى له إلى الداخل السوري وتوجيه عدة رسائل ضمن المؤتمر، أهمها أن الحكومة المؤقتة جاهزة لأن تكون بديلة عن حكومة النظام، لو اقتنع المجتمع الدولي بالتخلي عنه، وكذلك التحضير للمنطقة الآمنة واستعداد الحكومة المؤقتة لإدارتها». ونفى الحسو ما ادعته إدارة المعبر من غياب التنسيق بين وفد الحكومة المؤقتة وقيادة الجبهة الشامية، مؤكدا أن التنسيق تم قبل الزيارة مع القيادة العسكرية للجبهة الشامية، وتحديدا مع أبو عمر حريتان، نائب القائد العام للجبهة الشامية، قائلا: «ما يؤكد أنه كان هناك تنسيق هو انتظار مدير المعبر عند مدخل المعبر تماما عند وصولنا».
وحول تفاصيل ما جرى مع وفد «المؤقتة» عند وصولهم إلى معبر باب السلامة، كشف عضو الوفد أنه في البداية أبدى مدير المعبر انزعاجه بعدم إخباره بالزيارة مسبقا، حسب زعمه وصراخه وانفعاله، وعدم السماح للسيارات بالدخول. وعند الأخذ والرد معه وأنه ليس من اللباقة الحديث هكذا أمام الغرباء الأتراك المرافقين لرئيس الحكومة ووفده، قبل استضافتنا في مكتبه ريثما يتم حل الموضوع وإخبار القياده وأخذ الإذن، كما ادعى».
وأضاف الحسو: «في البداية ادعى مدير المعبر أن إدارته مدنية لا علاقة لها بالعسكر. وطبعا شعار الجبهة الشامية فوق رأسه يدحض هذا الادعاء. فأخبروه بأنه تم التنسيق مع القيادة العسكرية للجبهة الشامية وليس ذنبهم إذا لم يخبروه بالأمر. فاستطرد قائلا إن القيادة العسكرية لا علاقة لها بالمعبر، وأنهم يتلقون الأوامر من المكتب السياسي للجبهة الشامية الموجود في تركيا. وادعى أنه لا يستطيع التواصل معهم ، ليتم منع الوفد من الدخول إلى سوريا».
وأصدرت إدارة معبر باب السلامة بيانا بعد ساعات على الحادثة أشارت فيه إلى أن المنع «تم نظرا لعدم تنسيق الحكومة المؤقتة مع «الإدارة المدنية» للمعبر، وفق الإجراءات المتبعة، وللحفاظ على السلامة العامة وسلامة أفراد الوفد وأمنهم تم عدم إدخالهم».
وعادت الجبهة الشامية لتصدر بيانا تؤكد فيه على عدم وجود تنسيق مع المكتب السياسي فيها، إضافة إلى الاشتباه بمجموعة عسكرية ملثمة جاءت لحماية الوفد وتبين أنها لا تنتمي إلى حركة «أحرار الشام»، كما زعم وفد المؤقتة بأنه نسق معه لحمايته، إضافة إلى أن الوفد استعجل العودة، رغم أنه طلب منه التريث ريثما يتم تنسيق الأمور وتوضيح الالتباس حول المجموعة العسكرية»، على حد زعم بيان الجبهة الشامية.
وأصدرت الحكومة المؤقتة بيانا وصفت فيه الجبهة الشامية بالمتطرفة التي تريد منع الحكومة المؤقتة من تفقد المنطقة الآمنة المزمع إنشاؤها، قبل أن تضطر لتغير الوصف إلى «مجموعة غير منضبطة»، بعد أن انهالت عليها الانتقادات اللاذعة، ولا سيما من أعضاء الحكومة والوفد المرافق، والذين أكدوا أن بيان «المؤقتة» لا يمثلهم، ليعلن مدير قطاع الاتصالات،الحسو، استقالته كأول رد فعل على البيان، ليتبعه بذلك الصحافي سامر العاني، وبعدها نادر عثمان، نائب رئيس الحكومة المؤقتة.
ورغم اعتراضه على بيان المؤقتة وتقديمه استقالته؛ إلا أن الحسو اعتبر أن في بيان الجبهة الشامية تحريفا للوقائع، قائلا: «لا وجود لمقنعين كما ادعوا، وإنما بضع عناصر من فصيل تابع ﻷحرارالشام ومعروفين في منطقة إعزاز. وعلى العكس تماما قامت الجبهة الشامية بتوزيع عناصر مسلحين حول الغرفة التي كنا فيها، ووجهوا بنادقهم باتجاه الغرفة رغم عدم وجود أي مسلح بيننا».
وأضاف: «ما حصل في المعبر إشارة إلى أننا لا نجيد السياسة ولا العسكرة كما ينبغي. فالجبهة الشامية أخطأت بتصرف أرعن غير مدروس. ومنعت، بعيدا عن كل اﻻعتبارات، مواطنين سوريين من الدخول إلى سوريا، وهذه سابقة خطيرة. وبالمقابل، أظهرت الحكومة – ببيانها غير المدروس واللامسؤول – مراهقة سياسية تتخذ فيها مواقف على أساس ردات فعل صبيانية وتشخصن المواضيع ولا تحسب النتائج».
وفي السياق نفسه دعا 54 موظفا في حكومة المعارضة السورية، بينهم معاونو وزراء، ومدراء عامون فيها، الأمانة العامة للائتلاف السوري المعارض، بحجب الثقة عن رئيس حكومتهم، أحمد طعمة، مع التأكيد على وحدة الصف، وأن الجميع في الداخل والخارج يعملون لخدمة الثورة ويتكاملون في ما بينهم لتحقيق أهدافها، وهم على تنسيق عال في ما بينهم لن تفسده بعض المواقف غير المسؤولة، بحسب وصفهم.
وأشار أحد الموقعين على البيان – وهو موظف في وزارة الثقافة لـ»القدس العربي» – إلى أنّ توقيعه على بيان طلب حجب الثقة عن الحكومة، جاء على خلفية «البيان المشين من قبل الرئيس»، مبينا، أن «هذا البيان لن يلقى إذنا صاغية له في الائتلاف، كون الإخوان المسلمين سيعرقلون أي قرار بهذا الخصوص»، مبديا «عدم خشيته من أي تبعات قد يعكسها توقيعه على البيان، وإن وصلت حد الفصل من العمل» وفق تعبيره.
ولم يكن بيان موظفي الحكومة الموقف الوحيد الذي يصدر عن «الصرح الطعماوي» في عينتاب – كما يحب معارضو الحكومة وصفه – بل لقي بيان الطعمة استهجان نائبه المهندس، نادر عثمان، الذي أعلن رفضه للعبارات الّتي جاء بها هذا البيان، معلنا في الوقت نفسه تعليق اجتماعاته في الحكومة ريثما يتم تصحيح المسار.
و قال لـ «القدس العربي» إنّ تعليق اجتماعاته في مجلس الوزراء الأسبوعي «جاء احتجاجا على البيان الصادر عن رئيس الحكومة»، مشيرا إلى أنّه سيبقى يمارس أعماله بشكل اعتيادي، نافيا في الوقت ذاته أن يقوم بتصعيد مطالبه.
كما سجلت وزراة الثقافة في الحكومة المؤقتة اعتراضها على الطريقة التي صيغ بها بيان رئيس الحكومة، بدون أي مشورة من قبله للوزراء في حكومته.
وقالت الوزارة في بيانها: «نحن كوزارة ثقافة وكوزير للثقافة وشؤون الأسرة نؤكد أننا لم نعلم بالبيان المذكور المنشور يوم 11 – 11 إلا بعد نشره. ولم يكن لنا يد في نشر هذا البيان وفي إعداده، وبالتالي لم يحمل رأينا ولا يمثل موقفنا، ونعترض على كثير منه شكلا ومضمونا».
وأضاف الوزارة في بيانها: «ونحن إذ نؤمن جدا بدور الحكومة السورية المؤقتة في المشروع الوطني السوري التحرري، فإننا نؤكد على إيماننا بجميع الفصائل الثورية التي تقاتل على أرض سوريا وقدّمت الكثير من التضحيات الخالصة فداء للشعب السوري ولأرضه وحريته، ونرى أن الوضع الصعب الذي تمر به سوريا يفرض العمل التشاركي والتعاوني وتوطيد الصلات الوطنية وردم الخلافات».
وامتنعت وزيرة الثقافة في الحكومة المؤقتة، سماح هدايا، عن التحدث لـ «القدس العربي»، مشيرة إلى أنّ البيان الصادر عن الوزارة «يمثل وجهة نظرها، ووزارتها في بيان الطعمة».
وأصدر عدد من الفصائل في الجيش السوري الحر، في مقدمتها حركة «أحرار الشام»، بيانا في وقت سابق، طالب فيه الائتلاف السوري المعارض، بحجب الثقة عن حكومة أحمد طعمة، داعية في الوقت نفسه موظفي الحكومة إلى توضيح موقفهم من بيان رئيس الحكومة، الذي وصف فيه أحد فصائل الجيش السوري الحر بـ»المتطرفة».
وتمّنت الفصائل في بيانها على «الجبهة الشامية» القائمة على إدارة معبر باب السلامة، التنسيق مع الفصائل على الأرض، في المرات المقبلة، حول دخول وفود، سواء كانت حكومية، أو غير ذلك.
يشار إلى أن هذه هي الحادثة الأولى التي تصطدم فيها الحكومة المؤقتة، التابعة للائتلاف السوري المعارض، مع الفصائل العسكرية في الداخل السوري، في ظل وجود انطباع عام في شارع الثورة السوري بالداخل بأنهم لا يعترفون بالائتلاف «معارضة الخارج» كما يصفونه، وعلى الرغم من أن الحكومة المؤقتة تنفذ مشاريع وتدعم بعض الخدمات في مناطق مختلفة تابعة لسيطرة الفصائل. كما أن وزارء في الحكومة المؤقتة دخلوا سابقا وأجروا جولات في مناطق في ريفي حلب وإدلب خصوصا.
كما أنها تعتبر الزيارة الأولى لرئيس الحكومة المؤقتة إلى الداخل السوري منذ تشكيلها من قبل الائتلاف في 19 آذار/مارس من العام 2013، وهناك من اعتبرها أنها جاءت بعد أن سربت صحيفة «اقشام» التركية، أن اتفاقا تركيا – أمريكيا حول إقامة المنطقة الآمنة. وتبع هذا تصريح للرئيس التركي، أردوغان، جاء فيه أن «دول التحالف تقترب من فكرة إقامة منطقة آمنة شمال سوريا» تبعا لوكالة «رويترز» للأنباء.
القدس العربي