مشكلات الإخوان في إدراكاتهم السياسية/ ماجد كيالي
من مراجعة تجارب “الإخوان المسلمين”، في المعارضة أو الحكم، يمكن ملاحظة أن هذه الجماعة، تعاني في إدراكاتها السياسية من مشكلات عديدة، تعوّق تفهّمها للواقع وللعالم، وتحدّ من اندماجها في السياسة.
مثلاً، فإن “الإخوان” لا ينظرون إلى جماعتهم بصفتها مجرّد حزب سياسي، بقدر ما يعتبرونها ممثلة لـ”الأمة”، والمشكلة أن هذا يتعلق بـ”الأمة الإسلامية”، وهو أمر خارج المعقولية السياسية.
ثانياً، تعتبر “الجماعة” نفسها الممثل الحصري للإسلام، برغم وجود جماعات أخرى، مثل حزب التحرير والجماعات السلفية والجهادية والصوفية التي تختلف معها، وتنازعها هذا الأمر.
ثالثاً، تتصرّف هذه الجماعة مع جمهور السنّة وكأنه وقف لها، وطوع إرادتها، في حين أن الأمر ليس كذلك، لجهة وجود جماعات وتيارات ومرجعيات إسلامية متعددة ومختلفة، ولجهة توزّع هذا الجمهور ذاته، أيضاً على التيارات القومية والعلمانية والليبرالية واليسارية؛ وهو ما كشفته تجربتا مصر وتونس.
رابعاً، يعتقد “الإخوان” أن مناهضتهم هي مناهضة للإسلام والمسلمين، وهذا فيه تعسّف، وتوصيف لغير “الإخوان” باعتبارهم من “الفئة الضالة”، وبديهي ان ذلك يستفزّ قطاعات واسعة من الناس حتى المتدينين.
خامساً، يطيب للإخوان المماهاة بين شؤون الدين والدنيا، مع نصّ واضح ومثبت أو بدونه، علماً أن العقيدة الدينية تتأسّس على الإيمان بينما تقوم شؤون الدنيا على التفكير والتدبير، والمساءلة والمحاسبة.
سادساً، ثمة خشية من ضعف صدقية تبني “الجماعة” لفكرة الديموقراطية والمواطنة والدولة، إن باختزال الديموقراطية بانتخابات، لمرة واحدة، للوصول إلى الحكم، أو لجهة عدم المساواة بين المواطنين، وعدم تفريقها بين الدولة كمجال عام مشترك، والحكم باعتباره من حق الحزب الفائز في الانتخابات؛ وهي المسائل التي أثرت سلبا على صورتهم ومكانتهم في مصر.
سابعاً، لا يبدو أن الجماعة تبدي حساسية لقضية الحريات الفردية، بما فيها حرية الرأي والتعبير، وهذا يشمل تجارب الحكم الإسلامية، في إيران وغزة والصومال والسودان، وهو ما أثر سلبا على “إخوان” مصر، ونمّى المخاوف من وجودهم في الحكم، لاسيما في ضوء ما يحصل في سوريا.
ثامناً، تأسّست الجماعة على الطاعة لأولي الأمر، كأن قادتها منزّلون ومعصومون، وثمة فيها من يعتقد أنه ينتصر للجماعة بدفاعه المطلق عن خياراتها ومواقفها وسياساتها، مهما كانت، دون إدراك أن قادة هذه الجماعة بشر يمكن أن يخطئوا وان يصيبوا، وأن العمل السياسي وإدارة شؤون الناس بحاجة الى إعمال العقل والنقد والمساءلة والمحاسبة.
حقاً ينبغي قول كل ذلك بمسؤولية، رغم محنة “الإخوان”، والتعاطف مع مظلوميتهم، ومع الاعتراف بأن تجربة التيارات اليسارية والقومية والعلمانية في الحكم هي المسؤولة عن سيادة الاستبداد، وتأخّر السياسة في العالم العربي.
كاتب فلسطيني
النهار