من أجل تحول آمن نحو الديمقراطية في سورية
دمشق، 29 نيسان/أبريل 2011
خلفية
المبادرة الوطنية للتغيير
شهدت سورية احتجاجات شعبية متصاعدة في أكثر من 84 مدينة وبلدة سورية سقط فيها أكثر من 350 شهيداً، وبدى واضحاً أن الهدف النهائي لهذه المظاهرات الحاشدة هو إسقاط النظام
الوضع الراهن
إن سورية اليوم أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما، إما أن يقود النظام الحاكم نفسه مرحلة التحول الآمن باتجاه التحول الديمقراطي ويحدونا أملٌ كبير في أن يمتلك النظام الشجاعة الأخلاقية التي تدفعه إلى انتهاج هذا الخيار؛ أو أن تقود مرحلة الاحتجاجات الشعبية إلى ثورة شعبية تسقط النظام وندخل بعدها في مرحلة التحول بعد موجةٍ من العنف والاضطرابات
الحل المطروح
الخيار الأول تبنته عدة دول، أشهرها بالطبع إسبانيا بعد نهاية حكم فرانكو الديكتاتوري، كما أن عدداً من قادة الأحزاب الشيوعية في عدد من دول أوربا الشرقية وخاصة بعد أن رأوا ما جرى في بولندا وألمانيا الشرقية بادروا إلى ما ُسمي حينها مفاوضات الطاولة المستديرة بينهم وبين زعماء المعارضة من أجل وضع خطة آمنة للتحول الديمقراطي تجنب البلاد الفوضى ومرحلة الاحتجاجات الشعبية، بيد أن دولاً أخرى لم تقرأ الدرس جيداً فكانت نهايتها مختلفة وأكثر دموية كما جرى في رومانيا ويوغسلافيا وكما يجري هذه الأيام في ليبيا
إن القيام بإصلاح سياسي جذري يبدأ من تغيير الدستور وكتابة دستور ديمقراطي جديد يضمن الحقوق الأساسية للمواطنين، ويؤكد على الفصل التام بين السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية، وهو يشمل أيضاً إصلاحاً جذرياً للمؤسسة أو الجهاز القضائي الذي انتشر فيه الفساد وفقد المواطنون الثقة الضرورية فيه، وبالطبع إلغاء كافة المحاكم الاستثنائية والميدانية وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وإصدار قانون عصري للأحزاب السياسية بما يكفل المشاركة لكل السوريين وبدون استثناء، وتحرير قانون الإعلام بما يضمن حرية الإعلام وإصدار قانون جديد للانتخابات، وتشكيل هيئة وطنية للحقيقة والمصالحة من أجل الكشف عن المفقودين السوريين والتعويض عن المعتقلين السياسيين، وفوق ذلك كله بالطبع يأتي إعطاء كافة الحقوق الأساسية للكرد، وعلى رأسها منح الجنسية لمن حرم منها من الكرد نتيجة إحصاءٍ استثنائيّ خاصّ بمحافظة الحسكة عام 1962 وكذلك إلغاء التمييز الثقافي واللغوي بحق اللغة الكردية والنشاطات الثقافية والاجتماعية والفنية والاعتراف بحق التعلّم باللغة الأم، وإلغاء التمييز المنهجي الواقع عليهم وإعطاء المنطقة الشرقية الأولوية فيما يتعلق بمشاريع التنمية والبنى التحتية
إن المؤسسة الوحيدة التي بإمكانها قيادة هذا التحول هو الجيش، وتحديداً وزير الدفاع الحالي العماد علي حبيب ورئيس الأركان العماد داوود راجحة فكلا الشخصين بما يمثلان من خلفيةٍ يدركها السوريون قد يكونان قادرين على لعب دور محوري بعملية التحول وقيادتها عبر الدخول في مفاوضات مع القادة المدنيين الممثلين لقيادات المعارضة أو أية شخصيات أخرى تحظى باحترام السوريين من أجل تشكيل حكومة انتقالية، تفضي بدورها إلى إنجاز جدول زمني لإنجاز عملية التحول الديمقراطي تبدأ أولاً بكتابة دستور مؤقت جديد للبلاد يجري التصديق عليه عبر استفتاء وطني. وبعد ذلك تقوم الحكومة الاننتقالية بوضع قانون جديد للانتخاب والأحزاب السياسية والذي من المفترض أن يحكم عملية انتخاب رئيس الدولة وانتخاب البرلمان، وتشرف على الانتخابات لجنة وطنية مستقلة عبر إشراف قضائي ومراقبين محليين ودوليين، ويفتح الباب أمام تشكيل الاحزاب السياسية التي ستشارك بفعالية في الانتخابات القادمة
تبقى مسألة تفكيك النظام الشمولي التي يجب أن تتم عبر استعادة الثقة بمؤسسات الدولة؛ لا بد إلى الإشارة في البداية إلى ما يعرفه السوريون جميعاً إلى أن الأجهزة الأمنية وأجهزة المخابرات تعتبر صاحبة السلطة الحقيقية في سورية بما تمليه من أحكام على السلطة القضائية، وبما اعتادته من التدخل في كل النواحي الحياتية الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية للسوريين، كل ذلك وغيره يحتاج إلى موافقة أمنية مسبقة وهو ما شلّ قدرة السوريين على الابتكار والمبادرة نتيجة تقييدهم بهذا النظام الأمني القائم على زرع الخوف وتعزيزه عبر الاعتقال والتعذيب بأشكاله المختلفة. لقد توّسع حجم الأجهزة الأمنية المنبثقة عن إدارة المخابرات الأربع الأساسية وهي المخابرات العسكرية والأمن السياسي والمخابرات الجوية والمخابرات العامة أو أمن الدولة مع نهاية السبعينيات، وأُنيط بها مهام حفظ الاستقرار للنظام القائم بشتى الوسائل والطرق ولذلك ربما يشعر مسؤولو هذه القيادات بأنهم المتضرر الأكبر من عملية التغيير أو التحول عبر فقدانهم لصلاحياتهم المادية والمعنوية ولذلك فمن المؤكد أنهم سيكونون العقبة الكبرى أمام التحول
لابد من إصلاح هذه الأجهزة عبر ما يسمى بعملية التطهير وإعادة البناء، إذ لا يجب تفكيكها وحلّها على الفور لئلا تصبح مصدراً دائماً للفوضى. وإنما لابد من إعادة بنائها مع تغيير وظائفها عبر التركيز على أن وظيفتها هو أمن الشعب وليس أمن النظام. أي ضمان أمن السوريين عبر حقهم الكامل في ممارسة كل حقوقهم القانونية والدستورية، وأيضاً خضوعها لسيطرة ورقابة البرلمان وعدم تجاوزها لصلاحياتها. والأهم من ذلك خضوع قياداتها وأعضاءها للمحاسبة القانونية والقضائية في حال تجاوز أو تعدي هذه الأجهزة أو انتهاكها لأيٍ من الحقوق الأساسية للمواطني. فلا بد من تخفيض أعدادها وتقليص إداراتها الأربع إلى اثنتين فقط كما كان عليه الحال في سورية في الخمسينيات، أي دمج المخابرات الجوية مع المخابرات العسكرية والتي ستكون متخصصة فقط في الحفاظ على أمن الضباط والعسكريين، ودمج الأمن السياسي بالمخابرات العامة التي تكون مسؤوليتها الحفاظ على أمن السوريين كما لابد من تحديث قياداتها وكوادرها عبر ما يسمى دورات التدريب المستمر، والأهم من ذلك كله لابد من القيام بعملية تطهير، فالاشخاص المسؤولين عن عمليات تعذيب أو قتل خارج نطاق القانون لا بد من أن يمثلوا أمام العدالة في حال جرى تقديم دعاوى قانونية بحقهم، وبمقابل ذلك لابد من بناء وتعزيز جهاز الشرطة الذي يجب أن يعكس السلطة الحقيقية في الشارع السوري وتعزيزه بالمعدات والتجهيزات الضرورية من أجل حفظ النظام العام. وبنفس الوقت تدريبه وإعادة تأهيله على كيفية التعامل المهني مع المواطنين عبر احترام الحقوق الإنسانية الأساسية والدستورية
أما حزب البعث فجميع السوريين بلا استثناء بما فيهم أعضاء الحزب أنفسهم يعرفون أن الحزب لم يكن سوى واجهة حزبية وسياسية، وتم استخدامه كأحد أعمدة هرم النظام الشمولي في المراقبة وإحكام آليات السيطرة بما يملكه من نفوذ وانتشار يشمل كل المحافظات والمدن والقرى والآحياء والجامعات والمدارس الثانوية والإعدادية والابتدائية والمصانع والشركات وغيرها بما خلقَ حنقاً كبيراً من السوريين تجاهه بوصفه لا يختلف في ممارساته عن ممارسات الأجهزة الأمنية ووسائلها؛ فلابد أولاً من فك العلاقة أو الصلة بين الحزب وبين مؤسسات الدولة، فوفقاً للدستور السوري الصادر عام 1973 فإن حزب البعث هو القائد للدولة والمجتمع، ومع كتابة دستور جديد فإن حذف هذه المادة سيكون بالتاكيد أهم أولويات الدستور الجديد. لكن ذلك لن يكفي فلا بد من فك العلاقة بشكل كامل بين مؤسسات الدولة وفروع الحزب. فالحزب يعتمد في تمويل رواتب موظفيه على خزينة الدولة. كما أن الحزب يشغر الكثير من مقرات تملكها الدولة، وهنا لابد للدولة السورية من استعادة واسترجاع الممتلكات التي يشغلها الحزب ليتم وضعها في خدمة مؤسسات الدولة المختلفة
إن الأمر يتعلق أولاً بالرئيس السوري الحالي بشارالأسد؛ فعليه أن يختار بين أن يذكره السورييون كبطل للتحول الديمقراطي قاد بلاده نحو الانفتاح والديمقراطية، أو أن يسجله التاريخ كدكتاتور سابق لفظه الشعب عبر ثورة شعبية كما كان مصير الرؤساء التونسي والمصري والليبي واليمني. إن الإسبان وإلى اليوم يستذكرون رئيس الوزراء سوايرس الذي قاد معركة التحول الديمقراطي بعد وفاة فرانكو وكان جريئاً ومؤمناً بنفس الوقت ولذلك سجله التاريخ كبطل يستعيده الإسبان دوماً، والتاريخ نفسه سجّل سوهارتو في أندونيسيا وتشاوشيسكو في رومانيا وماركوس في الفليبين كطغاة حكموا بلادهم وظلوا إلى اللحظة الاخيرة يعتقدون أنه لا بديل لأوطانهم عنهم حتى خرجوا في النهاية عبر ثورات خلدها التاريخ. إذا لم يرغب الرئيس السوري بأن يدخل التاريخ كقائد لمرحلة التحول، فليس أمام السوريين سوى المضي في الدرب ذاته الذي شقه التونسيون والمصريون واليمنيون من قبل
الموقعون على المبادرة داخل سورية
وقع المبادرة 150 ناشطاً سياسياً وحقوقياً من داخل سورية في المحافظات التالية: دمشق، ريف دمشق، حلب، درعا، دير الزور، اللاذقية، بانياس، إدلب، السويداء، القامشلي، الحسكة. وللأسباب الأمنية تم التحفظ عن ذكر أسمائهم، لكن يمكن تزويد الجهات الإعلامية والسياسية بالأسماء
الموقعون على المبادرة خارج سورية
ضحى الناشف، عارف جابو، مهجة القحف، نجيب الغضبان، أسامة قاضي، يحيى محمود، عمار عبد الحميد، محمد اسكاف، محمد زهير الخطيب، خولة يوسف، محمود السيد الدغيم، عمار قحف، عبد الباسط سيدا، عبدالرحمن الحاج، محيي الدين قصار، صالح محمد المبارك، مازن هاشم، عامر مهدي، أسامة المنجد، حسان جمالي، فراس قصاص، عبيدة فارس، رضوان زيادة
منسقوا المبادرة داخل سورية
عدنان المحاميد
00963945988958
أيمن الأسود
00963988760302
منسقوا المبادرة خارج سورية
رضوان زيادة
radwan.ziadeh@gmail.com
أسامة المنجد
ausama.monajed@gmail.com
نجيب الغضبان
ghadbian@uark.edu