موسم طرد اللاجئين السوريين/ عدنان عبدالرزاق
بعد تلويح بعصا الإرجاع لحضن الأسد ومنّة وامتعاض لسنوات، تخللها “التسول” باسم السوريين، اتفق العرب أخيراً، وطَردُ السوريين اللاجئين من بلادهم، هو عنوان الاتفاق، وأما مضمونه وأسبابه، فله وجوه وتراكمات، إن تعلقت شكلياً بتأخر الحل السياسي وإثقال اقتصادات بلادهم، فلابد أن للمضمون مراميه التي قلما تُقال.
فمن لبنان قال سيادة الرئيس ميشيل عون: هناك مناطق آمنة داخل سورية، يمكن للاجئين في لبنان العودة إليها، مشيراً إلى أن لبنان لم ينجح في إقناع المجتمع الدولي بمساعدته في ملف اللاجئين.
ومن السعودية، جاء “التطفيش” بشيء من الدبلوماسية واللامباشرة، فرفع الضرائب وتكاليف الإقامة والمعيشة والتعليم، التي فرضها “ملك المستقبل” محمد بن سلمان، أكبر من أن يتحملها السوري هناك، والذي للإشارة، يعمل ويعيش من كده ولا يتلقى من المملكة الغنية التي تصدر 11 مليون برميل نفط كل صباح، أية معونة.
بيد أن طريقة أخرى للأردن، خرجت المملكة الشقيقة خلالها، حتى عن أبسط حدود الكياسة واللباقة، ولا نقول الإنسانية أو الأخوة، إذ دعا رئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق، رياض جميل أبو كركي، إلى رمي السوريين اللاجئين في بلاده خارج الحدود، عبر تحميلهم في قلابات (شاحنات).
وأضاف الأستاذ الموقر أبو كركي، إن كان اللجوء السوري والاستثمار من أسباب وأبرز التحديات التي تواجهنا في الأردن، الحل سهل جداً.. تحميل اللاجئين السوريين في قلّابات ورميهم خارج الحدود.. وتشجيع الاستثمار وتقديم كل التسهيلات للمستثمرين.
قصارى القول: اليوم، ضاقت على السوريين واستحكمت، منذ أمد حلقاتها، ويبدو أنها لن تُفرج، وكل ما يلوح بالأفق، يؤشر بمزيد من الوجع والتشرّد، بواقع استمرار “المقايضات” وتصفية الحسابات، بين من باتوا محتلين على الأرض، وفق تفاهمات واقتسام كعكة الخراب، أو بمنطق الاستقواء والأمر الواقع.
فمن تهجير “شرقي السكة” بقرى ريف أبو الظهور محافظة إدلب، إثر التفاهمات على سيطرة الأسد على المطار، إلى تهجير سكان ريفي حلب وإدلب الغربي، جراء القصف اليومي والمتواصل من نسور النظامين الأسدي والبوتيني، ما يدلل على ارتفاع عدد النازحين والمهجرين، رغم أنهم بلغوا أكثر من نصف السكان، منذ أعلن نظام الأسد حربه على الثورة والسوريين، منذ مارس/ آذار 2011.
وبآخر تقرير “محايد” بعد أن توقفت الأمم المتحدة بقرار رسمي عن إحصاء أعداد القتلى السوريين، وتراجعت مساعدات منظماتها الإنسانية للاجئين والدول المضيفة، قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، إن عدد اللاجئين السوريين في تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر تجاوز خمسة ملايين لاجئ، لأول مرة خلال الحرب.
وأظهرت بيانات للمفوضية وكأنها غير معنية، أن عددهم السابق بلغ أربعة ملايين وثمانمئة ألف، وبقي في هذه الحدود معظم عام 2016 قبل أن يتجاوز حاجز الخمسة ملايين.
نهاية القول: ليس من الوعيد ولا الكيد القول، إن ما يتركه التعامل مع اللاجئين السوريين من ندوب نفسية وربما عداوة، إن بالمغترب عموماً وفي بلاد الأشقاء على وجه التحديد، لا يمكن أن تمحوه السنون، بيسر وبساطة.
وخاصة أن في لا وعي السوريين، أنهم استضافوا جل اللاجئين العرب، بوقت الأزمات والحروب، من الإخوة الفلسطينيين بعيد النكبة والنكسة، مروراً باللبنانيين بعيد حرب عام 2006، وصولاً إلى أكثر من مليون عراقي بعد حرب عام 2003، بيد أن الأشقاء، أو بصيغة أدق، حكومات الأشقاء، لم ترد المعروف بأحسن منه، بل تاجرت باللاجئين وتسولت باسمهم، وضيقت، بالعيش وحتى الحركة على الرجال، وأغلقت أبواب المدارس بوجه الأطفال.. بل وبعضها تاجر بالسوريات ودعا وبغير طريقة ومنبر، للزواج منهن ليسترهن.
ثمة مواجع هنا، بنكئها ستنزف جراح ما لهن طبيب؛ ففي حين تعلن ألمانيا عن استقبال السوريين وتحتضن تركيا نحو 4 ملايين لاجئاً، لهم تماماً ما للأتراك، رأينا “بنو قحطان” يحاولون إذلال السوريين.. ولو عبر رميهم خارج الحدود بالقلابات.
العربي الجديد