موعدي مع الغرام/ تهامة الجندي
في زمن لا يشبه سواه، كان الدّرب أمامي طويلاً، ضيّقاً، متعرّجاً، موحشاً، شديد الانحدار، كثير المطبّات والحفر، وكنتُ أسيرُ بقوة الدّفع الخفي، وقوة حدسي. لمحتُ النصّب الحجري عن بعد “دمشق ترحّب بي”، والرئيس يبتسم، وحين اقتربتُ، لم أجرؤ على النظر إلى عينيه الطاغيتين، أو أنني لم أشأ ان أفسد نهاري.
زحام
أسير في قلب المدينة، وإلى جانبي تسير الحمير والسيارات والقمامة، يعبر البشر والغبار والضجيج، الروث يرصّع الإسفلت، وروائح النشادر تفوح من الرصيف، وأنا أطالع اللافتات:
“حافظ على البيئة”
“النظافة من الإيمان”
“احذر التقليد”
“دمشق عاصمة الثقافة العربية”.
حَرّ
شمس ما بعد الظهيرة، لا تزال حارقة. عرقي يتصبّب، ويعبث بزينتي وملابسي. كتل الإسمنت تحجب الرؤية، تقطّع الهواء، وتطلّ عليّ مثل فزّاعات تقدّم بهنّ العمر.
شبق
جوّالي يستلم رسالة قصيرة: “أزوركِ على السكايب في المساء…”، “أرجوكَ، دعني وشـأني”، أجيب.
العيون جائعة
الواجهات متّخمات
“تفضلي، أسعارنا مغرية”، تقول لي البائعة، “شكراً، جيوبي فارغة”، أقول. ترمقني باستخفاف، وتلتفت بغنج إلى الزبون التالي، تمدّ له بطاقتها: “ضعنا في سلّة عناوينكَ”، يهزّ رأسه ويتمّتم: “الصبر جميل”.
دعارة الظلّ أضمن تجارة في دمشق.
الله أكبر
“قد قامت الصلاة”.
أين الماء، حتى أتوضّأ يا حضرة المؤذّن…؟ نحن شعب وادع، نسعد بالقِلّة وانقطاع الكهرباء!
وعلى المرآة في داخلي، أرى البسطار العسكري يدوس رؤوسنا.
أرى عرينا وعارنا، وأصغي إلى نشيج المعتقلين في آخر الليل.
“أرضنا تتكلم لغة الخوف” يا سيّد مكاوي.
دمشق أكثر عاصمة انتُهكت في التاريخ.
أصلُ
ولا أجده.
أشتاق
ولا يأتي.
هل تأخرتُ، أم جئتُ قبل موعدي؟
ما الفرق؟
الانتظارات تشبه بعضها
وتشبهنا.
شمسي تميل إلى الزّوال
أين أنتَ؟
خرائط “غوغل” لم تعثر عليك.
* كاتبة سورية مقيمة في بلغاريا
العربي الجديد