موقف جماعة الإخوان المسلمين من الأحداث على الساحة الوطنية
المركز الإعلامي
إلى أبناء شعبنا السوري الحر الأبي..
إلى إخوتنا المواطنين في المدن والبلدات في الأرياف والبادية..
إلى القوى الوطنية.. إلى التيارات والتجمعات والجبهات والأحزاب..
إلى مكونات الطيف الوطني في سورية على اختلاف الانتماءات الدينية والمذهبية والعرقية..
إلى ممثلي سلطات الدولة الثلاث: رئاسة الجمهورية والسلطة التنفيذية، وإلى مجلس الشعب ممثلي السلطة التشريعية، وإلى مجلس القضاء الأعلى والسلك القضائي والحقوقي في سورية..
إلى قادة الدول والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ورجال الرأي والفكر في العالمين العربي والإسلامي..
إلى الأمناء العامين لهيئة الأمم المتحدة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والجامعة العربية، وكافة الهيئات والمنظمات الدولية والإنسانية ذات الصلة..
تؤكد جماعتنا جماعة الإخوان المسلمين في سورية، التزامها بما طرحته منذ عام 2001، في ميثاق الشرف الوطني، من نبذ للعنف وللطائفية، والتمسك بالدولة الوطنية، واعتبار(المواطنة) أساساً للحقوق والواجبات. كما تؤكد سعيها الذي لن يتوقف إلى بناء سورية دولة مدنية حديثة تعددية وتداولية ومؤسساتية.. يتساوى فيها المواطنون رجالاً ونساء، دولة ينتفي عنها الاستبداد في ظل سيادة القانون، الذي يجب أن يكون الناس جميعاً أمامه كأسنان المشط، وفي مناخ من الشفافية الطاردة لكل أشكال البغي والفساد.
كما تؤكد جماعتنا ما أعلنته في مشروعها السياسي في عام 2004، من الحرص على المشاركة الوطنية في مشروع بناء سورية، بروح الإيجابية الفاعلة، كما تؤكد الجماعة على ما أعلنته في ذلك المشروع من إيمان بالشراكة الوطنية، وبالعمل البناء، ومن أسس التعاون والحوار على جميع المستويات الحضارية والثقافية والسياسية، وكذلك الحوار الوطني بكل مستوياته وآفاقه..
كما تؤكد جماعتنا أن اعتراف أبناء الوطن الواحد بعضهم ببعض، أولاً والإيمان بالحوار المتكافئ وليس الإملائي، سيظلان في كل لحظة هما المدخل الوحيد لاحتواء المشكلات، تمهيداً لحلها بما يحقق المصلحة الوطنية، ويحمي مصالح جميع أطرافها، لئلا يبغي بعضهم على بعض..
وبالنسبة للأحداث الجارية اليوم في وطننا الحبيب..
تؤكد جماعتنا تلاحمها التام مع انتفاضة الشباب السوري، وتأييدها لمطالبهم في الحرية والكرامة، والسعي إلى ظروف أفضل للعيش الكريم. ونسأل الله الرحمة للشهداء، وندعو للمصابين، ونشدّ على أيدي المناهضين للظلم والاستبداد والفساد..
كما تؤكد جماعتنا أنها بهذا التلاحم وهذا التأييد، لا تدّعي وصاية على هذا الحراك الوطني المبارك، للشباب الحر الأبيّ، وهي ستظل تؤكد على ضرورة الالتزام بسلمية الانتفاضة، وبوطنيتها، وبعدها عن كل عناوين الفتنة التي يحاول البعض إلحاقها بها.
تشجب جماعتنا كل الخطابات التي تحاول أن تغمس هذه الانتفاضة الوطنية الجليلة، بمشاريع الفتنة والمؤامرة بأيّ بعد من أبعادها، وتؤكد أن هناك استحقاقات وطنية عاجلة لحركة التغيير الوطني لا بدّ من الوفاء بها.
إن جماعتنا تضع هذه المواقف أمام الرأي العام – الوطني والعربي والدولي – لأننا نتابع استخداما مفرطا للقوة، وإجراءات بالغة القسوة، واستهتاراً بالدم الوطني، وبحقوق الإنسان المقررة في الشرائع والوثائق، وانتهاكاً لحقوق المواطنين العزل والمسالمين الذين يمارسون حقوقهم الوطنية. إن أعداد الشهداء والجرحى والمعتقلين يزداد يوماً بعد يوم.. وإننا لنلمح في الأفق إصراراً من النظام على الذهاب في طريق الدم حتى آخره.
إننا إذ نضع هذه الحقائق بين يدي الرأي العام، نتطلّع إلى كل القوى الخيرة في هذا العالم لتتحمل مسئولياتها الإنسانية والإسلامية والقومية والوطنية. وإذا كان هناك من يفكر في كسر إرادة الشعب السوري فإن عليهم أن يعلموا أن إرادة الشعوب لا تكسر..
ثم إننا ومن موقع الحرص على كل قطرة دم تسفك ظلماً من أبناء شعبنا، ومن موقع حرصنا على توفير كل لحظة ألم على الآباء والأمهات، ومن منطلق تمسكنا باستقرار وطننا الحقيقي، الاستقرار القائم على العدل الوطني والشراكة الإيجابية؛ نعلن أن الفرصة لمباشرة مبادرة وطنية تجمع الصف وتوحد الموقف لم تفت بعد، مبادرة لا تقوم على الوعد وإنما تقوم على الخطوات العملية الناجزة.
إن الانتقال إلى أجواء الحرية والممارسة الديمقراطية في سورية لا يحتاج إلى وعد ولا إلى لجان ولا إلى دراسات.
إن كف أيدي الأجهزة الأمنية أولاً عن رقاب أبناء المجتمع السوري لا يحتاج إلى أكثر من توجيه صادق.
إن فتح الأفق أمام إعلام حر شفاف وطني وعربي لتغطية الوقائع، والاعتراف بحقوق المواطنين في التعبير والمشاركة والتظاهر، بل حماية هذا الحق، والكف عن نسج الاتهامات وتوزيعها يمنة ويسرة، يشكل تعبيرا عن حسن نية وتأكيداً لرغبة صادقة في الانتقال بالوطن إلى مناخ جديد..
إن إطلاق أجواء الحرية، وأجواء الفرحة التي يجب أن تدخل كل بيت – كما بشر نائب الرئيس – وتغمر كل قلب سيكون مدخلاً صالحاً للبشارة الوطنية. وبشارة مثل هذه لا تحتاج إلى طويل تفكير وتقدير وتدبير..
إن تبييض السجون من جميع معتقلي الرأي والضمير والمحكومين أيضاً على خلفيات قضايا الرأي والضمير هو أقل ما يمكن أن يشار إليه.
كما أن معالجة ملفات المفقودين داخل السجون بالطرق المناسبة، التي تسكن لوعة الناس، وتهدئ روعتهم، ستكون ذات دلالة قاصدة على صدق الوعد وجديته وحسن النوايا.
إن فتح أبواب الوطن أمام أجيال المهجرين على خلفيات سياسية، والإلغاء المباشر للقانون 49/1980، وآثاره وتداعياته.. وإغلاق جميع الملفات الأمنية السابقة.. هي خطوة ينبغي أن تكون سابقة لكل وعود الإصلاح المرسل..
إن مثل هذه الإجراءات العاجلة، ستعطي الوعد بالإصلاح مصداقيته وجديته، وستوفر المناخ الوطني للحوار البناء، الذي نعلن إيماننا به وحرصنا عليه..
إننا نعلن تمسكنا بخيارات أبناء شعبنا، وبالعمل الوطني المشترك، وبتطور الموقف السياسي بتطور الأحداث. وسنظل دائماً إلى جانب خيارات شعبنا وقواه الحية ومصالحه العليا.
وجماعة الإخوان المسلمين في سورية، إذ تتقدم بهذا الموقف في هذه الظروف الوطنية الحرجة، فإنما تسعى إلى إبراء الذمة، وتحديد المسئولية، والقول الفصل في موطن تشتبك فيه الأقوال. وهذا بيان للناس وللتاريخ.. ولكل أجل كتاب.
(والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
والله أكبر ولله الحمد..
5 نيسان (أبريل) 2011
جماعة الإخوان المسلمين في سورية