ميشيل كيلو و”الاخوان”
الطاهر إبراهيم
بعد قراءتي لما كتب، حاولت أن أعرف الغاية التي أرادها الكاتب السوري المعارض ميشيل كيلو من مقاله الذي نشر في صحيفة السفير وفي أكثر من موقع تحت عنوان “رداً على رياض الشقفة: بيتكم من زجاج”. ففي مقاله هذا يرد كيلو على تعليق للمراقب العام للإخوان المسلمين السوريين رياض الشقفة والذي قال: “ليس ميشيل كيلو أو مناف طلاس من يقرر من سيحكم سوريا”، وذلك تعقيباً على تصريح كيلو بأن مناف طلاس يصلح أن يقود المرحلة الإنتقالية.
أفهم أنه يحق لكيلو – كمعارض سوري- اقتراح ما يراه مناسبا للمرحلة المستقبلية في سوريا، معبرا بذلك عن رؤيته السياسية، وهو حقه الذي لا يجادله فيه أحد، سواء أصاب أم أخطأ. من المنطلق نفسه، فإنه يحق لأي معارض سوري آخر إبداء وجهة نظره في اقتراح مماثل، محبذا أو معارضا، فلا تثريب على أحد بذلك إذا احترم قواعد إبداء الرأي.
كان واضحا أنه لا يرد سياسيا على استنكار الشقفة، وإلا لكان كيلو قام بتفنيد رأي الشقفة بما هو متعارف عليه في أصول الردود السياسية ولا تثريب عليه في ذلك، وسيكون ذلك أبلغ سياسيا من الأسلوب الذي اتبعه كيلو عندما هاجم الشقفة هجوما شخصيا عنيفا لا يختلف عن أسلوب إعلاميي النظام السوري في تجريح رموز المعارضة. غير أن كيلو ذهب بعيدا، وبعيدا جدا في الهجوم الذي شنه في مقاله على الشقفة وعلى الإخوان المسلمين.
ابتداء، فقد فتح كيلو النار، ليس على الشقفة فحسب، بل على كل الإخوان المسلمين السوريين، وهو بذلك خرج عن أدبيات الردود السياسية المتعارف عليها، حتى أن من قرأ المقال قال : “إنها ليست رمانة بل قلوب مليانة”.
كما أنه بذلك يكون قد قطع كل حباله مع الإخوان، بما سيحرجه مستقبلا فيما لو أراد إعادة وصل ما انقطع بينه وبينهم. وهو قبل أن يخرج من سوريا كان على علاقة جيدة معهم -عن بعد- خصوصا مع الأستاذ علي صدر الدين البيانوني المراقب العام السابق. يومها كان كيلو يعيش في سوريا تحت سمع وبصر أجهزة النظام التي كانت تعد عليه أنفاسه.
وبمفرداته هذه التي استعملها في هجومه على الشقفة، لا يبتعد كثيرا عن المفردات التي يستعملها رجل الشارع الذي لا يزن كلماته، واستعماله هذه المفردات –الشتائم وبعضها مقذع- يدفع للتساؤل: “هل هذا هو ميشيل كيلو الذي نعرفه أيام زمان أم أن ضغوط النظام زالت عنه فتركته “كيلو آخر”؟”.
كان يمكن أن تكون انتقادات “كيلو” للمراقب العام أقل نشازا لو أنه توقف في أحد فقرات المقال عندما يقول:”ليس هناك أدنى مبرر للحملة عليَّ بسبب مناف طلاس”، ولما لامه أحد. لكنه تابع: “أليس أمرا مثيرا للعجب أن يثور كل هذا الغبار حول تصريح صحافي يتفق في نصه وروحه مع مقررات المعارضات السورية المختلفة وبرامجها الداخلية والسياسية؟”. فلماذا يسمح كيلو لنفسه أن يعترض ولا يحب أن يسمع الشقفة يقول: “ليس ميشيل كيلو أو مناف طلاس من يقرر من سيحكم سوريا؟”.
لم يكن التجريح الشخصي هو كل ما جاء في مقال كيلو. بل إنه نقل أخبارا كاذبة، فهو يقول عن المراقب العام “أنه أمضى شبابه في تنظيم سري مسلح، قبل أن يغادر سوريا بعد نكبة حماة”. والحقيقة أن الشقفة غادر سوريا قبل نكبة حماة بسنتين. ثم يتابع كيلو: “إنه – الشقفة – يغيب عن الشاشة طيلة ثلاثين عاما لم يسمع أحد خلالها أي شيء يتصل بأي نضال قام به خلالها، ثم فجأة التقطته جهات غير سياسية وغير سورية ونصّبته “مراقبا” على وطنية المجلس”. مع أن كل المعارضين يعرفون أن الشقفة ليس عضوا في المجلس الوطني. فهل هو جهل من كيلو أم تجاهل منه؟ ويعجب المراقب من كيلو وهو ينوه بانتمائه إلى “المنبر الديموقراطي السوري” وذهابه في وفد إلى روسيا. وهناك من تساءل: هل من الديمقراطية في شيء أن يعتلي أحدهم “المنبر الديمقراطي” ويوزع الشتائم يمينا وشمالا؟ لكن يزول العجب عندما يتضح أن كيلو أراد أن يثير “زوبعة في فنجان” ليغطي فشل مهمته بعد مقابلة وزير الخارجية الروسي لافروف. لو كان كيلو صادقا مع نفسه لكتب مثلما كتب المعارض السوري حازم نهار الذي كان رفيقا له في هذه الرحلة الفاشلة إلى موسكو، حيث كتب في “النهار” اللبنانية تحت عنوان: “بعد زيارتي موسكو ولقاء لافروف”: “كرَّر لافروف أمامنا الموقف الروسي، وكأنه يحفظه غيباً، لتشعر كأنك أمام بلادة وليد المعلم ذاتها، ولم يكن لديه إلا رسالة واحدة هي: الحوار بين المعارضة والنظام، بما يذكر بالخطاب ذاته لأركان النظام السوري”.
ملاحظة: صرفت النظر عن الشتائم التي ملأ بها كيلو مقاله حتى لا أكون من الذين ينشرون الغسيل الوسخ.
عضو في “حركة الاخوان المسلمين” السوريين
النهار