نزيف إيران في سوريا يتصاعد بعد توريط الجيش/ ياسر الزعاترة
يوم وراء آخر تتواصل أخبار القتلى الإيرانيين، مع العلم أن كثيرا من الإعلانات تأتي دون تخطيط مسبق، وغالبا ما تسرّبها بعض المصادر الصحفية من هنا وهناك، فيما يجري التكتم على كثير من تلك الخسائر، بدليل أن من يُعلن عن مقتلهم هم في الغالب من الضباط الكبار الذين يصعب تجاهلهم، بينما لا نسمع عن الجنود، كما يتم غالبا تجاهل القتلى الأفغان من اللاجئين في إيران.
تشير أقل التقديرات أن عدد ضباط الحرس الثوري الذين قتلوا في سوريا قد بلغ حوالي 230، وهذا باعتراف الدوائر الإيرانية، لكن مصادر أخرى تؤكد أن العدد أكبر من ذلك بكثير. ولك أن تتخيل عدد الجرحى والمعوقين بطبيعة الحال.
مؤخرا أعلن رسميا عن إرسال اللواء 65 من القوات الخاصة في الجيش الإيراني، ثم تسلسلت إعلانات القتلى، فيما تؤكد دوائر أخرى أن ألوية أخرى قد أرسلت، ما يعني أن بالإمكان القول إن مسيرة النزيف قد بدأت، وأن ما هو مقبل سيعزز هذا النزيف.
أن توريط الجيش الإيراني في معركة سوريا لم يأت طواعية، بل لأن هناك حاجة ماسة لذلك، وحيث لم تعد المليشيات المجلوبة من الخارج، وفي مقدمتها عناصر حزب الله، قادرة على الوقوف في وجه الثوار، بخاصة بعد أن أصبح جيش النظام مجرد أطلال جيش (صحيفة صندي تلغراف البريطانية نشرت تقريرا بعنوان: “الجيش العربي السوري لم يعد سوريا”)!!
ما يعنينا في هذه القضية بُعدان، الأول يتعلق بمسيرة المعركة في سوريا، وحيث يمكن القول إن توريط الجيش الإيراني فيها لا يعني أن الحسم سيكون سريعا، إذ أن أي مؤشر معتبر لا يتوفر على إمكانية الحسم، فما إن يتراجع القصف الروسي حتى يتقدم الثوار من جديد، بينما لا يزال ثلثا التراب السوري خارج سيطرة النظام، حتى لو قيل إن الجزء الأكبر مما يسمى “سوريا المفيدة” هو بيد النظام، لأن منطقا كهذا لا يصلح في مثل هذه النزاعات.
البُعد الآخر يتعلق بتأثير ذلك على الداخل الإيراني الذي يشهد تصعيدا كبيرا في العلاقة بين الإصلاحيين والمحافظين، وكان لافتا بالطبع أن يصرِّح قائد القوات البرية في الجيش الإيراني بعد تسرب نبأ مقتل خمسة ضباط قبل أسبوعين قائلا إن مهمة الجيش الإيراني في سوريا استشارية، من دون أن يقول للناس أية استشارات يمكن أن يقدمها لواء بأكمله، فيما ذهب مسؤولون آخرون إلى أن مجموعات أخرى قد تتبعه. وكان لافتا أن قائد الجيش الإيراني قد عاد وأنكر؛ حتى الدور الاستشاري.
ولم تكن صدفة أن يجتمع خامنئي بقادة الحرس الثوري والجيش بغياب روحاني ورفسنجاني، فيما تزداد حدة حرب التصريحات بين الطرفين، بخاصة رفسنجاني، في حين يخرج مهدي كروبي عن صمته، واصفا خامنئي بالطاغية، هو الذي يعيش قيد الإقامة الجبرية من العام 2011.
وبينما كان الشارع الإيراني ينتظر اتفاق النووي لفك الحصار، وتحسين شروط حياته؛ ها هو يسمع يوميا محاضرات عن “الاقتصاد المقاوم”، وعن تطوير الصواريخ، بينما يرى أموال إيران يجري تبديدها على السلاح، وفي سوريا واليمن، ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل يتجاوزه إلى الزج بأبنائه في مقتلة جديدة، وحين يندد كروبي في رسالته لروحاني بالتدخل في سوريا واليمن، فهو يدرك أنه بذلك يداعب مشاعر الشارع الإيراني.
كل ذلك يؤكد ما ذهبنا إليه مرارا منذ 4 سنوات، بالقول إن محافظي إيران سيدركون ذات يوم بأن قرارهم بالوقوف خلف بشار ضد شعبه هو القرار الأسوأ منذ الثورة، ويكفي أنه حوّلهم إلى أعداء في وعي الغالبية الساحقة من الأمة، فيكف وقد أضاف إلى ذلك هذا النزيف الهائل الذي تحدثنا عنه؟!
الدستور الأردنية