نصر الله… سياسي صغير.. .
غسان المفلح
من اكثر المواقف التي تعرضت فيها لانتقادات وشتائم ومقاطعات, هي موقفي من “حزب الله” منذ اكثر من عقدين من الزمن, لدرجة جعلتني في احيان كثيرة, احاول التملص من الكتابة عن الحزب, وخصوصا عندما يتعلق الامر بإسرائيل. حيث كنت انظر للحزب بوصفه حزبا طائفيا وفق واقع الحال اللبناني من جهة, ووفق المعطى الايراني من جهة اخرى, حيث لايران الكلمة الفصل فيه, لكن علاقته مع السلطة السورية, عموما, لا تعدو ان تكون في اساسها علاقة استخباراتية, هذه العلاقة المركبة سياسيا طبعا والتحالفية, لها اس استخباراتي لأن من طبيعة النظام السوري منذ تأسيسه, ان لا ينظر لحلفائه اللبنانيين إلا بوصفهم ادوات, ويؤسس لهذه العلاقة استخباراتيا بالدرجة الاولى, ولم تأخذ هذه العلاقة جديتها الاستخباراتية إلا على يد الثنائي عماد مغنية وحسن نصرالله لأن السيد محمد حسين فضل الله الذي اعتبر المرشد الروحي للحزب, ولا الشيخ صبحي الطفيلي امينه العام الاسبق, كانا من الشخصيات التي يمكن ان تكون مطواعة إلى هذا الحد الصغير, ولهذا استبعد لاحقا السيد فضل الله عن تأثيره على الحزب كما استبعد الشيخ صبحي الطفيلي ايضا.
المؤسسات الطائفية في لبنان يجب الا نتعامل معها كما هي في دول اخرى, لأن للبنان خصوصياته العديدة على هذا الصعيد, حيث الدولة طائفية اساسا وليست حيادية. العصبية الطائفية في لبنان لم تكن تهمة, والتأسيسات الطائفية كذلك, لكن التمثيلات السياسية بما فيها “حركة أمل” لهذه العصبيات تبحث هي عن مصلحتها فتستقوي بالدول وغير الدول, بينما “حزب الله” اسسته إيران لتقوي من هم معها من شيعة لبنان على اللبنانيين, وهذا فارق جوهري ومهم, العصبيات الطائفية في لبنان كله قرارها داخلي ماعدا “حزب الله”, فقراره إيراني سياسيا, واسدي استخباراتيا والجمع بينهما ليس صعبا وخصوصا في اجواء الثورة السورية التي عرت الجميع, لهذا قلت في العنوان “حسن نصر الله سياسي صغير”.
لا اتحدث عن شخصه بالطبع, اتحدث عنه باعتبار بعضنا يعتبره رجل سياسة, استمراره على رأس الحزب بعد اقالة الشيخ صبحي الطفيلي الذي كان يحاول لبننة الحزب, ماكان لها ان تتم من دون ان يتحول حسن نصرالله إلى تابع صغير سياسيا لإيران. الطرافة بالموضوع ان من كان يهاجم ما اكتبه عن “حزب الله”, معظمهم الآن من دوائر وصناع القرار في هيئة التنسيق وحواشيهم, قبل ايام عدة من الدخول العلني لميليشيا “حزب الله” في معارك القصير, خرج على قناته “المنار” احد اهم رموز هيئة التنسيق ليتحدث, عن اهم رجل تحرري في المنطقة وموجها له نداء لكي يتدخل من اجل اطلاق سراح المناضل عبد العزيز الخير, لاكتشف ان حسن نصر الله اهم رجل تحرري في المنطقة! لم اكن اعرف من قبل, لكن” تحرري بشو?” ياليت شي حدا يخبرنا?”.
لمزيد من التضليل نشرت صحيفة “الاخبار” الالهية, ملصقا يطالب بالافراج عن عبد العزيز الخير, وقوات حزبها تشارك في قتل السوريين في أكثر من منطقة. وفي اطار المواقف المنتقدة لتورط “حزب الله” في معارك سورية, كشف الامين العام السابق ل¯”حزب الله” الشيخ صبحي الطفيلي عن أن 138 قتيلاً سقطوا ل¯”حزب الله” في معارك سورية التي جاء تدخله فيها بناء لأوامر مباشرة من ايران”, وتمنى أن “يتعقل الجميع ويرجعوا الى ضمائرهم”, داعياً “حزب الله” الى العودة من سورية ووقف القتال هناك”, ومعتبراً أنه “لا يقاتل دفاعاً عن مقام السيدة زينب, بل دفاعاً عن نظام بشار الأسد”, وقال: ليرجعوا من سورية ومن الفتنة, حرام شرعاً نصرة الظالم وقتل المسلمين في سورية. 138 قتيلا اظن انه رقم يحتاج إلى وقفة من زاوية انه لو حدث في مؤسسة محترمة لاحدث خللا فيها, والسؤال: لماذا قتل كل هذا العدد? لكن القرار إيراني, ومحاولة توسيع التورط, لكي تتوجه الانظار نحو ما يسمى صراع شيعي- سني, مع أن كل الشيعة في سورية لايتجاوز تعدادهم200 ألف شيعي من اصل 23 ميلون سوري, ولم تستهدفهم قوى الثورة مطلقا, كيف ستركب معهم معادلة صراع سني شيعي إذا لم يتدخل “حزب الله”? والطائفة العلوية في سورية ليست طائفة شيعية, رغم ما بذلته إيران لمحاولة تشييعها.
“حزب الله” وخلفه إيران لم يدخل للدفاع عن الشيعة في اي مكان في العالم, بل يتدخل خدمة للسياسة الايرانية من جهة, وحفاظا على مصالحها ورابطها الاستخباراتي مع النظام السوري. ليس غريبا ان الثورة السورية قد كشفت عن أن هذه التوليفة الايرانية الاسدية الحزب اللاتية محمية اسرائيليا بالمعنى الدولي والاقليمي للعبارة.
“حزب الله” بقيادته الحالية شريك في قتل شعبنا, عنوان لم يعد بحاجة لتوثيقه اكثر من ذلك, .لهذا يتحول حسن نصر الله من سياسي صغير لمجرم كبير.
* كاتب سوري
السياسة