صفحات العالم

مناطق محررة في سوريا


ناصر الصرامي

ها هي الأخبار تحمل عبارات جديدة في عمق الثورات العربية وفي أحدث تطوراتها. فابعد مواجهات بين قوات الجيش السوري التابعة لنظام الأسد، والجيش السوري الحر للثورة السورية في منطقة الزبداني، أعلن أمام مسجد الرحمن في بانياس أن الزبداني وجبل الزاوية وباب عمرو أصبحت مناطق محررة، بعد أن انسحبت القوات السورية في أعقاب مواجهات، تلتها ما أسمته المعارضة مسرحية التفاوض التي قامت بها القوات التابعة للنظام مع وجهاء المنطقة لهدف تغطية انسحابه عقب تكبد الجيش مجموعة من الخسائر.

تحول جديد في المواجهة أو الانتفاضة الشعبية ضد النظام الأسدي، الذي قتل أكثر من 5000 مواطن من شعبه، ولا يزال الرقم ينمو يوميا بالعشرات، فيما أصبح كارثة عربية إنسانية جديدة للأسف، والفضيحة السورية التاريخية في مواجهة شعب أعزل حتى وقت قريب، فيما السادة في الجامعة العربية ولجانها تعيش على التسويف والتأجيل بما يخلفه من خسائر بشرية يومية في مقامرة كبرى بأرواح شعب كامل.

نعرف أن المواجهة المسلحة لم تكن خيارا أول للثورة السورية التي انطلقت سلمية واستمرت لأشهر كذلك، لكن الممارسات البشعة للنظام، ورؤية ما يحدث على الأرض، حتى من قبل أفراد الجيش أنفسهم، وانتشار العنف والتصفية والقنص والتشبيح من قبل نظام الأسد قادت إلى ظهور تيار في المعارضة وعلى الأرض، كما بين المحتجين المواجهين للعنف اليومي للحث والعمل على حماية النفس والمدنيين من الاعتداءات المتكررة من القوى الأمنية التابعة للنظام، دعم ذلك تطور إعداد القتلى من كل الفئات العمرية، كما الجرحى، والموقوفين والمفقودين. مما أسهم في تطور الانشقاقات في الجيش بشكل مستمرة ومتصاعد لتنطلق نواة وأعمال الجيش السوري الحر، والذي يتحصل كل يوم على دفع إضافي من الجنود المنشقين والمتطوعين باعتادهم، فالتسليح ليس قضية معقدة، بل هى تتوافر باستمرار بفضل التعاطف الشعبي، كما ان الدعم الإقليمي الدولي المتوقع- والذي طال انتظاره – لحماية المدنيين بكل الأشكال الممكنة والمختلفة بما فيها التسليح قادم خلال المرحلة القادمة.

يقابل ذلك تراجع واضح تدريجي في القوى المعنوية والمادية للقوات السورية التابعة لنظام الأسد، ناهيك عن ضغط العقوبات الاقتصادية الذي افقد العملة السورية أكثر من نصف قيمتها، والعقوبات تؤلم قطاع النفط السوري بخسارة ملياري دولار حتى الآن.

واضح أننا نشهد بداية موجهات حقيقة،وتغير في المشهد، سيتطور ويتنوع في الكيفية والمواقع الجغرافية، إلا أن لا أحد يمكن أن يعرف تحديدا كم ستستمر ومتى سيسقط النظام، إلا أن الوقت لم يعد أبدا حليفًا لنظام في مهمة بقاء أصبحت بلا شك مستحيلة، لكنها للأسف مكلفة.

*نقلا عن “الجزيرة” السعودية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى