هل بإمكان الرئيس الأسد القيام بما يلزم لتطهير نظامه الفاسد؟
روبرت فيسك
ترجمة: إبراهيم قعدوني
” يتطلع الناس إلى رجال أمن لا يعاملونهم على أنّهم حيوانات”. هذا ما قاله الناشط السوري ديري العيتي ليلة أمس ملخّصاً ما يجول في خاطر المواطن السوري.
يبدو العيتي على حق، فهذا ما يحدث في كلٍّ من بانياس واللاذقية و حمص و في حلب و درعا وحتى في دمشق نفسها، إنّه الخاطر عينه يتشاطره السوريون، و”الرئيس الأسد يتفكك مثل مفاعل فوكوشيما” بحسب ما ذكر أحد الأصدقاء وهو صديق للرئيس الأسد.
هل هذا صحيح؟ وهل يمكن أن تكون نهاية حزب البعث في سورية؟ النهاية الفعلية “لحزب نهوض سورية” و الذي دعمه حافظ الأسد ؟ وهل تكون هذه نهاية قوات الأمن السورية؟ يبدو ذلك صعب التصديق! لكن وفي نفس الوقت تبدو جميع محاولات بشّار و”عطاءاته الكريمة” بما فيها رفع حالة الطوارئ محكومة بالفشل، حيث يقول الكثيرون في سوريا “بأنّها نهاية اللعبة وأنّه لا خيار أمام الأسد في إنقاذ نظامه من السقوط،” سيكون علينا أن نرى ذلك.
قوات الأمن_ ويجب أن نستخدم كلمة “الأمن” بين هلالَيْن من الآن فصاعداً ..خائفون، إنهم يجرّون خلفهم تاريخاً طويلاً من التعذيب والتصفيات التي يقف وراءها العديد من منسوبي جهاز الأمن العسكري في سوريا و الذين يخشون من لحظة الانتقام، حيث دأب النظام ولسنوات مديدة على ممارسة التعذيب والانتقام الفظيع من مناوئي الأسد الأب والابن لاحقاً، فإذا كان الـ”الكرسي الألماني”[i] قد وُجِدَ لقصم ظهور المعارضين فقد وُجِدَ “الكرسي السوري” لتكسير الظهور ببطء أكثر.
الرئيس الحالي يدرك كل ذلك وقد فعل ما بوسعه لوضع حدِّ له، كما نجح نظامه إلى حد كبير في إثبات أنه نظام إنسانيّ، لكنه لم يكن قائدا ناجحا في محاولاته اليائسة لإقناع السوريين أنّه يمسك بالأمور في بلاده موزّعاً الاتهامات على الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان متهماً إيّاها بالمسؤولية عن عنف المتظاهرين في بلاده.
لا أحد في سوريا يصدّق ذلك، و تبدو الفكرة القائلة بأنّه بإمكان لبنان – ناهيك عن أمريكا وفرنسا – أْن يقف وراء المظاهرات في سوريا فكرةً مثيرة للسخرية.
تكمن المشكلة، كما يقول السيد عيتي في أن سوريا ما تزال ديكتاتورية وأن الأسد ليس سوى دكتاتور، كما أنَّ فشله في تنظيف عائلته من الرجال الفاسدين فيها (وأنا أتكلم عن خاله على وجه الخصوص) هو المشكلة الرئيسية لنظامه، هذه ليست حكومة القذافي المعطوبة، كما أنها ليست حكومة مبارك، إنّه نظام عَلَوِي – و نظام شيعي بالضرورة – تم تخريبه من قبل أسرته نفسها، وعليه فإنّ عائلة الأسد تعرف تماماً ما الذي يجب فعله لتطهير اسمها، أيمكن لبشار فعل ذلك؟ وهل لديه القدرة على القيام به؟ هذا هو مربط فرسه إذا كان ينوي تطهير نظامه.
[i]الكرسي الألماني: ( وسيلة تعذيب ) عبارة عن كرسي معدني له أجزاء قابلة للحركة يشد إليها وثاق الضحية من اليدين والقدمين … يتجه مسند الكرسي الخلفي إلى الوراء فيسبب توسعاً كبيراً في العمود الفقري وضغطاً مؤلماً على عنق الضحية وأطرافها . ويقال أن نتيجة هذا التعذيب حصول حالة يصعب فيها التنفس حتى يحصل الاختناق ، مع فقدان الوعي ، وفي بعض الأحيان تتكسر الفقرات.
الاندبندنت