هل لدى طارق عزيز تلفزيون؟
طارق الحميد
إذا كان من شيء يثير فضولي هذه الأيام، فهو سؤال واحد: هل شاهد طارق عزيز، وزير خارجية صدام حسين، المؤتمر الصحافي الأخير الذي عقده وليد المعلم؟ وإذا كان قد شاهده، فما هو رأيه في ما فعله وزير خارجية آخر نظام بعثي؟
أعتقد أن مشاعر طارق عزيز ستكون خليطا من الشفقة، والحزن، وربما التشفي، إلا أنني سألت شخصية عربية مرموقة – عرف الرجلين جيدا، عزيز والمعلم – عما قد يكون عليه رد فعل عزيز، فقال: «عندما يشاهد عزيز المعلم يجوز أن يرى نفسه فيه»، مضيفا: «قد يختلف الأشخاص في نظام البعث، لكن لا تختلف الأساليب القمعية والوحشية التي تجبر رجلا مثل وليد المعلم ليظهر بذلك المظهر، أو يقول ما قاله في مؤتمره بدمشق». ويصف لي مصدري المعلمَ بالرجل الذي «أعاد سوريا إلى واشنطن بالدهاء والنكتة» يوم كان سفيرا هناك، حيث كثيرا ما ذلل المعلم، أو فجر، قضايا سياسية صعبة بالنكتة، ودون أن يشكل ذلك أي تبعات على دمشق، أو على المعلم نفسه. ويضيف المصدر أن طارق عزيز أيضا كان «مثل الحرير.. ناعما، وحليما، ولطيفا»، لكن، وبحسب المصدر، كلاهما يشتركان في أمر واحد، وهو أن لا أحد فيهما يجرؤ على مواجهة رئيسه بالحقائق.
ويروي لي المصدر ما يعرفه هو بحكم موقعه السابق، وعلاقاته، بأن شخصية روسية أبلغته ذات مرة بأن طارق عزيز سبق أن رجا مسؤولا في موسكو وتوسل إليه لكي يقنع صدام بالانسحاب من الكويت قبل عملية عاصفة الصحراء، حيث لم يكن عزيز يجرؤ على فعل ذلك وقتها. وهذا الأمر ينطبق أيضا على المعلم، الذي جاء بديلا لفاروق الشرع، الذي سميته مرة فاروق الشرخ، حيث كان كل تصريح له يتسبب في أزمة سورية – عربية وقتها، وتشير عدة مصادر إلى أن علاقة الشرع بالمعلم تعد واحدة من قصص صراع النخب في دمشق.
لكن اليوم جاء المعلم بما يفوق ما فعله الشرع كوزير خارجية، وهو إعلان المعلم إلغاء أوروبا من الخارطة، لأنها أخذت موقفا من قمع نظام الأسد الوحشي للسوريين! بل إن الأكثر إثارة للشفقة هو حديث المعلم حول الموقف التركي تجاه سوريا، حيث قال إن بلاده «تمد يدها للآخرين، لكن كما سبق أن قلت إن الحب من طرف واحد مضن، وهكذا العلاقات الدولية». وبكل تأكيد لو سمع طارق عزيز هذا الكلام لاستلقى على الأرض ضحكا، رغم هموم السجن، بل وستدمع عيناه ضحكا لو سمع المعلم أيضا وهو يقول ردا على سؤال عن صورة سوريا التي يرغب في تسويقها بعد نحو ثلاثة أشهر: «ستكون مهمتي سهلة جدا.. سنقدم نموذجا ديمقراطيا غير مسبوق صنعه السوريون بأيديهم».
لذا، يقول مصدري إن ما يشترك فيه كل من طارق عزيز ووليد المعلم أنهما لا يستطيعان رفض التوجيهات، نظرا لطبيعة البعث القمعية. وعليه، فإن المعلم سيقول ما قاله لأنه مجبور، ولا حول له ولا قوة.
لذا، فقناعتي أنه لو شاهد طارق عزيز مؤتمر المعلم فسيبتسم قائلا: «نحن السابقون وأنتم اللاحقون!».
الشرق الأوسط