وهذه هي… “السورنة” !
راجح الخوري
كانت الاحاطة التي قدمها كوفي انان يوم الثلثاء الماضي الى مجلس الامن عن مهمته المتعسرة في سوريا بمثابة اعلان واضح عن اليأس والمراوحة في الفشل، ثم جاء الانفجاران في دمشق صباح اول من امس انذاراً صاخباً عن حرب اهلية تسابق كل الحلول لا بل تسبقها، بما يعني ان مهمة المراقبين الدوليين لا ولن تفيد بشيء سوى توفير الذرائع لمجلس الامن وللجامعة العربية من خلال القول ان هناك مبادرة للحل تسعى لإخراج سوريا من الازمة الدموية التي تتخبط فيها منذ 13 شهراً .
عندما يقول انان ان مهمة المراقبين الدوليين هي الفرصة الوحيدة المتبقية لاحلال الاستقرار في البلاد “وانني واثق من انني لا اذيع سراً اذا قلت لكم ان هناك قلقاً عميقاً من امكان انزلاق البلاد الى حرب اهلية كاملة وان عواقب ذلك مفزعة جداً “، فإنه لا يضيف شيئاً الى الواقع المأسوي المتفجر في سوريا، والدليل على ذلك ان كلامه كان من الاشلاء التي انتشرت في ساحة التفجيرين الدمويين!
اما عندما يقول ليست هناك فرصة مفتوحة الى ما لا نهاية امام مبادرته، فإن الامر يدعو الى التساؤل عما اذا كان قد وجد فعلاً منذ شهرين تقريباً، اي فرصة تساعده على التقدم، ذلك انه يراوح في مكانه الى درجة الاجماع على ان مبادرته تحولت بدورها مثل مبادرات الجامعة العربية مجرد “فرصة اضافية للقتل” كما يقول المعارضون.
لم يعد مهماً بالطبع ما اذا كان المراقبون سيستكملون عددهم، وخصوصاً بعد إقرار انان بأن الانخفاض في النشاطات العسكرية لا يلغي حقيقة انه لا تزال هناك “انتهاكات خطيرة لوقف اعمال العنف غير المقبولة التي تمارسها الحكومة، اضافة الى الهجمات التي تتعرض لها هذه القوات والى سلسلة التفجيرات المقلقة”. ويشكل تصريح احمد فوزي في هذا السياق، افضل تصوير لما آلت اليه مبادرة انان، فهو يقول بالحرف: “الحكومة السورية سحبت بعض الاسلحة الثقيلة ولم تسحب بعض الاسلحة الثقيلة، وقلّ بعض العنف ويستمر بعض العنف… هذا ليس كافياً “، لا يا سيدي هذا مؤسف ومؤلم!
لم يكتف انان بتكرار معزوفة الجميع الدائمة: “يجب ان يتوقف القتل”، بل قطع الطريق على اي اعتراف خارجي بالانتخابات التي اجراها النظام، معتبراً ان العملية السياسية يفترض ان تكون نتيجة حوار بين الحكومة والسوريين يمكن عندها ان تؤدي الى الانتخابات وهذا ما يسقط اي قبول دولي او عربي بهذه الانتخابات.
لم تعد مهمة انان الفرصة الوحيدة المتبقية لمنع انزلاق سوريا الى الحرب الاهلية كما يقول، لأنها في الواقع القناع الوحيد المتبقي للجميع اي اميركا واوروبا وروسيا والصين ومجلس الامن والجامعة العربية للايحاء بأن ثمة اهتماماً بما يجري من المآسي وبالسعي لايجاد حل ينهي الازمة، لكن الوضع يخرج عن سيطرة الجميع وأشباح الحرب الاهلية البغيضة نزلت الى الساحة بكل ما عرفته من صيغ، فبعد اللبننة والعرقنة والصوملة هذه هي… السورنة
النهار