وهم النصر بالضربة القاضية في سوريا
فاتح عبدالسلام
انتهت سنة دموية في سوريا، وبات كلّ جانب يراها من زاويته، حيث النظام يعد ما جري انتصاراً بسبب ما أظهره من قمع شديد استخدم فيه الرصاص الحي ثم تحول إلي الدبابة والمدفع.
أمّا المعارضة بكل أنواعها فتري أنَّ حاجز الخوف انكسر إلي الأبد في مواجهة نظام أمني دمويّ لم يعتد علي المساءلة والحساب من أحد علي أية أرواح يزهقها منذ مجزرة حماة 1982 حتي مجزرة حمص 2012. جاءت السنة الثانية وقد تحول الملف السوري الي ملف دولي إقليمي بامتياز. وهي السنة التي ستكون حاسمة في وجه من وجوهها حيث يتيح اثنا عشر شهراً مقبلاً مفاجآت لا يحتملها الوضع الواقف علي كف عفريت في سوريا.
وبالمحصلة فإنّ التظاهرات السلمية المعترضة علي النظام لم يعد لها مكان، وإذا خرجت فإنّه يجري التعامل معها كقوة مسلحة غاشمة ويكون الرصاص الحيّ نصيب من يكون صدره أقرب لبنادق قوات الأمن.
هناك أربع محافظات هي إدلب وحمص وحماة ودرعا لا يمكن أنْ تقوم بها حياة حكومية من دون دبابة وألوية مشاة وقوات خاصة وقناصين. هذه صورة واقعية لما يحدث، ما يعني إنّ الاستفتاء علي الدستور وأية انتخابات في تلك المحافظات الأربع هو ضرب من الخيال المضحك.
هل تستطيع المعارضة والاحتجاجات الشعبية السلمية المقموعة بالرصاص أن تنتصر بالضربة القاضية علي نظام بشار الأسد؟ الجواب ببساطة (لا) وكذلك لا يستطيع النظام ان ينتصر بالضربة القاضية الآن، ولعله فشل في ذلك طوال سنة كاملة، لكن النظام لا تزال له الغلبة لأنَّ القوة العسكرية التي يمتلكها كانت سوريا قد أعدتها خلال جيلين علي الأقل لتحرير الجولان وصد العدوان الاسرائيلي ويتوجس قائد حلف الأطلسي منها خيفةً لاسيما عندما يأتي علي ذكر صواريخ روسية مضادة للطيران أو أرض أرض وأسلحة كيمياوية لا تزال عاملة في يد القوات المسلحة التي تخضع لقائدها العام الذي هو بشار الأسد وليس أحد غيره.
ليس هذا الكلام من باب اليأس والتيئيس، فالروس محبطون من عدم قدرة ما أعلنه النظام من إصلاحات عبر الدستور الجديد علي صنع واقع جديد. وهذا يعني ان هناك لديهم قناعة بأنَّ النظام لم يستطع أن يردم الفجوة الكبري بالإصلاحات التي كانت تظن موسكو إنها الكلمة الفيصل في إحباط أي مشروع لقيام بديل في حكم دمشق.
لكن علي الجانب الآخر. هل يمكن دحر شعب قدم عشرة آلاف شهيد ومئات الآلاف من الجرحي والنازحين والمشردين وأصبح لديه (جيش حر) ومن ثم بات له ملايين المصدومين شبه الصامتين بشراسة (التعامل الإصلاحي الدموي) مع تظاهرات بدأت تحت سقف رئيس النظام في أسبوعها الأول ثم ترقّب بفعل الرصاص الحيّ سريعاً إلي البحث عن مشروع سوريا لسوريا وليس سوريا لأشخاص وامتيازات.
لا ضربة قاضية حتي الآن، لكن الشعب أي شعب لن يهزم بالنقاط مهما حدث!
الزمان