و علينا نحن ُ أن نحرس َ ورد الشهداء
جلست ُ أشرب فنجان قهوتي و الساعة تشير ُ إلى الثالثة صباحا ً ، اتصلت ُ بأحد الأقرباء في حمص بعد َ أحداث 19 نيسان ، و أكثر َ ما حفظت ُ في ذاكرتي من تلك المكالمة هو مقولة طفلة لم تتجاوز الخامسة استيقظت في الليل و سمعت أصوات الرصاص فسألت ،ككل طفل ٍ فضوليّ ، عمّا يجري و عندما لم تقتنع بأنّه “ مافي شي “ ، قالت بعفويّة طفوليّة أستطيع ُ أن أتخيلها “ هاد أكيد عرس “ !!
نعم لقد كان عرس ، عرس َ دم ٍ !!
ماذا نقول للأطفال و كيف َ سنمحي من ذاكرتهم صور الدم و أصوات الرصاص ؟
لا أدري !
مازلت ُ أتابع الأخبار بترقب ٍ و خوف ٍ و أمل ٍ ، و مازالت أعداد الشهداء في تزايد ، فعدد شهداء الأمس من المتظاهرين تجاوز المئة حسب َ احدى الإحصائيات ( 93 حسب َ إحصائيّة أخرى و 81 حسب َ إحصائيّة قناة الجزيرة ) ، و يبقى السؤال مـَن يقتل الشعب السوري و لماذا ؟؟
لن أجيب َ على هذا السؤال ، فالإجابة ، كالحقيقة ، كالشمس موجودة ً لمن يريد ُ أن يراها ، أمـّا من لا يريد فمهما قــُدم َ له من دلائل و براهين لن يراها .
و لكن و مهما كانت هذه الحقيقة خفيّة أو مهما رفض البعض أن يراها ، لا يمكن ُ أبدا ً ، أبدا ً ، أبدا ً أن يكون نتيجة ذلك هو التبيرير أو الموافقة على القتل تحت َ أيّ زريعة ٍ كانت و من قبل ِ أيّ جهة كانت. فأيّ كانت الجهة التي تطلق النار على العزّل من المواطنين و تقتلهم ، يجب ُ أن تحاسب !
نحن ُ لا نناقش هنا وجود إطلاق نار من عدمه . هناك أطلاق نار حي ، و هناك َ قتلى و هناك جثث باردة و شهداء نتيجة لذلك . لذا سواء كنت َ تصدّق رواية المندسين أو رواية المخربين أو العصابات أو أيّ رواية أخرى تؤمن بها و تصدّق أنها حقيقة ، لا تحاول أبدا ً أن تقنعني بأنّ قتل َ أيّ سوريّ هو فعل مبرر .
الجميع يرغب بعودة الهدوء إلى الشوارع السوريّة و لكن هذا لا يجب أن يكون على حساب الشهداء الذين قتلوا !
أمـّا أولئك الذين َ يبكون َ على “ مشوار يوم الجمعة “ و “ سهرة يوم الخميس “ و “الشوبنغ “ و غيره ُ و يرون أنّ غياب َ هذه الرفاهيات هو مبرر كاف ٍ للمطالبة بقتل المتظاهرين فأقول لهم :
“و علينا نحن ُ أن نحرس َ ورد َ الشهداء “
محمود درويش ..