ياسين الحاج صالح لروزنة: لا خطر على داعش في الرقة
مهدي الناصر_ غازي عنتاب|| في أول لقاء له بعد مغادرته سوريا، يتحدث الكاتب والمعارض ياسين الحاج صالح، عن تخفيه داخل دمشق ومن ثم انتقاله إلى الغوطة الشرقية وبعدها إلى مدينته الرقة، وعن الظروف التي دفعته لمغادرة وطنه إلى تركيا، كما عن رؤيته للمرحلة التي وصلت إليها الثورة السورية.
ما هو سبب خروجك من سوريا ؟
ياسين الحاج صالح: كنت مضطراً الى حد ما ، وانا بالاساس متوار عن الانظار في دمشق ثم ذهبت الى الغوطة، وبقيت فترة فيها وبعدها الى الرقة وعند وصولي الرقة كانت فيها سلطة”الدولة الإسلامية في الشام والعراق” وهي سلطة تظهر ملامح فاشية متنامية.
و كان اثنين من اخوتي معتقلين لديها، أطلق أحدهما ثم طلب من جديد وهرب منهم لحسن الحظ، ولايزال الثانى معتقلا لديهم.
كنت افضل العيش بين الناس الذين انا منهم ومهتم بشرح الاوضاع التي يعيشوها لكن من الصعب التوفيق بين مطلبين، أي بين استمراري في الكتابة، وبين حصولي على قدر معقول من الامن الشخصي. واقتضى الامر ان اترك سوريا رغم محاولتي طوال الفترة السابقة تفادي الخروج منها لوعيي بغياب اي جدارة أو شجاعة في تناول الشؤون السورية من خارج البلاد. واخاف ان الحياة خارج سوريا تجعل الشخص يتحدث عن سوريا بكلام مجرد وعموميات.
ماهي المخاطر التي تواجهها الثورة في الوقت الحالي ؟
ربما دخلنا بعملية اوسع من ان يطلق عليها ثورة. فمنذ صيف 2012 دخلنا في فصل جديد هو باعتقادي “ما بعد الثورة” ويمكن أن نختلف على تسميته .
اليوم من الممكن أن نتحدث على عملية إعادة تشكل واسعة للبلاد تطال الدولة ككيان وطني وكمؤسسة حكومة، ككيان وطني بمعنى أن البلاد معرضة اليوم إلى نوع من الانقسام الواقعي وقد يدوم ويطول ولا نعرف الى متى.
وكمؤسسة حكم ، بمعنى أن كثير من مؤسسات الحكم اليوم معطلة غير أن هناك مناطق من البلاد خارج ولاية اجهزة الحكم .
كما تطال عملية التشكل هذه، إعادة تشكيل المجتمع، فهناك عداء بين السوريين اليوم، وصل الى درجة كبيرة جدا، نحن في حالة حرب الآن. وبالتالي عندما يتحارب طرفان فكل طرف يعتبر الاخرعدوا، والنظام الذي استخدم السلاح الكيماوي والصواريخ والطيران لقصف الناس هو نظام يعتبرهم بكل بساطة اعداء له.
هذا التحول يؤثر كذلك على البنية السكانية بعد أن تهجر ثلث السكان من مناطق عيشهم . وتطال سوريا بمعنى هل هو بلد قادر على البقاء، وكيف سنعرف سوريا بعد اليوم.
اذاً هي عملية تشكل واسعة جداً ليست غريبة على الثورات، لكن الشيء الذي يقلقنا اليوم كسوريين هو التقاء هذا العنف الهائل الذي جرى في البلاد مع عامل دولي اصبح اكثر عامل على ابقاء هذا النظام أو إدامته.
بما انك ابن مدينة الرقة التي خرجت عن سيطرة النظام ماهو سبب الفوضى التي تعيشها المدينة اليوم ؟
توفرت ظروف ملائمة لانتشار الدولة الاسلامية في العراق والشام، منها انعدام الثقة الجذرية في الملامح الاساسية لمجاهدي الدولة الاسلامية.. لدينا إذا “لاثقة” جذرية بالمحيط وبالعالم ثم لدينا حقد على المجتمع يميز عادة الاشخاص الراديكالين سواء كانوا اسلاميين او يساريين او غيرهم. اعتقد ايضا أن هناك نقطة غامضة حول صلات ما باجهزة مخابرات دولية أو غيرها لا أعرف.
لكن يبدولي أن وضع داعش بالرقة ليس وضع حركة مطاردة يحاربها كل العالم أو النظام السوري، فمقرهم معروف في مركز المحافظة و خلال اقامتي بالرقة تعرضت المدينة للقصف بالطيران الحربي. ومقر المحافظة هو البناء الاكبر ولم يتعرض لأي خطر فيوجد تواطئ، موضوعي على الاقل مع هذا الانتشار، ربما من قبل النظام للقول ان البديل الوحيد لدينا هذه الحركة، واعتقد انه سجل نقطة في هذا السياق.
حدثنا عن تجربتك التي عشتها في الغوطة او ريف دمشق ؟
انا سعيد بالتجربة إن امكن ان اصف هكذا تجارب قاسية بالسعادة، بمعنى اعتقد امثالنا ككتاب أو مثقفين، يجب أن نكون قريبين من كيف يعيش الناس، وكيف يموتون.
الحياة هناك قريبة جداً من الموت وقريبة جداً من الحياة أيضاً في محاولة البقاء على قيد الحياة.
هل تفكر بالرجوع إلى سوريا؟
طبعاً افكر بالرجوع إلى سوريا. لكن احاول ان انسق الامور بطريقة تعطي مردودا، فالمقياس بالنهاية هو المردود من حيث الدور. عملي هو الكتابة والثقافة، فالامر منوط بالمردود وليس بانفعال او بلحظة حنين، بل مرتبط بجملة معادلات شخصية. وسأعود حتماً في الوقت الذي يكون في المردود اكثر ايجابية.