يوم ليس ببعيد..
إيلي فواز
لقيت المبادرة العربية تجاه نظام الاسد استياء كبيرا من قبل معارضيه داخل سوريا وخارجها، ومن قبل الصحافة العربية ايضا، باعتبارها اعطته مهلة اضافية بغطاء عربي للقتل والتنكيل بالشعب السوري. وربما هناك شيء من الحقيقة في الاستنتاج هذا، ولكن تلك المبادرة التي وافق عليها نظام الاسد “من دون تحفظ” بينت ايضا مدى تخبطه في ازمة لا افق له فيها سوى السقوط، واظهرت ان كل ما يقال عن ان سوريا تخطت ازمتها وان كل شيء فيها على ما يرام عار عن الصحة.
فالاسد بقبوله “وقف أعمال العنف وسحب المسلحين وكل المظاهر المسلحة من المدن” يؤكد على ان نظامه قام بالفعل بقمع وحشي للمتظاهرين على ايدي الشبيحة، وقصف عشوائي للاحياء السكنية كما بثتها الفضائيات العربية والعالمية وتناقلتها شبكات التواصل الاجتماعي، وبقبوله فكرة قيام مؤتمر وطني ومحاورة المجلس الانتقالي حتى خارج سوريا، هو يقر بوجود معارضة في سوريا، وهو الذي ما زال يردد انه يواجه مشروع فتنة ومجموعة ارهابيين، بالاضافة الى اعترافه الضمني بمنع وسائل الاعلام العربية والدولية من دخول سوريا وتغطية الاحداث فيها، كما الاعتراف بوجود معتقلي راي وليس “ارهابيين”. هذا الاعتراف من قبل الاسد يحسب للمعارضة السورية وثمرة تضحياتها.
طبعا نيات الاسد لا تخفى على احد، وبات من الواضح انه ينوي التلاعب بالجامعة العربية واسناد فشل تنفيذ المبادرة الى “الارهاب” او “المؤامرة”، ليبرر بعدها استمرار “العملية العسكرية”. لذا على المعارضة السورية ان تسبق النظام خطوة واحدة، وان تبدأ بالضغط على الجامعة العربية من اجل اعلان المبادرة ميتة، في ظل عدم التزام الاسد ببنودها، واستمرار ماكينة القتل بحصد الابرياء.
تبرؤ الجامعة العربية من نظام الاسد واعترافها بفشلها من شانه ان يضع الداعمين الاساسيين للاسد، لاسيما الروسي والصيني، في موقف لن يتيح لهم استعمال الفيتو في مجلس الامن بعد اليوم، خاصة ان كثفت المعارضة السورية من جهودها، من اجل استصدار قرار اممي يطلب من الاسد التنحي فورا ويفرض حظرا جويا على كامل الاراضي السورية ويطلب اقامة منطقة عازلة لحماية المدنيين. الامر بالطبع ليس سهلا خاصة وان الغرب يواجه تحديات اقتصادية هائلة، وانتخابات رئاسية في كل من فرنسا والولايات المتحدة الاميركية، ولا رغبة لديه في التدخل العسكري ضد نظام الاسد.
وحده استمرار الانتفاضة سيجبر العالم على اتخاذ خطوات عملية تحمي الناس من ماكينة القتل البعثية. عندها سيكون من الممكن على المعارضة احتلال ساحة من ساحات سورية او كلها لما لا، ليصير للثورة مكانا ماديا وعنوانا تنطلق منه لتحرير البلد. ويبدو ان هذا اليوم ليس بالبعيد.