جائزة «الأوسكار» في «معرة النعمان» السورية/ محمد الحسين
اسطنبول ـ «القدس العربي»: على غرار مشهد مرور المشاهير من الفنانين والمخرجين على «السجادة الحمراء» الشهيرة في جوائز» الأوسكار» و»هوليود»، مشى أبطال ومنتجو ومخرجو أفلام سورية، على «سجادة حمراء»، لكن في مدينة معرة النعمان بريف إدلب، ووسط منطقة تعرضت للدمار جراء قصف طيران النظام.
مهرجان «سوريا لأفلام الموبايل» حطّ رحاله أخيراً في مدينة معرة النعمان، مستخدماً فكرة البساط الأحمر الشهيرة في المهرجانات والجوائز العالمية للأفلام، وعنها يقول ميزر مطر، مدير العروض والتدريبات في المهرجان: «حاولنا وبإمكانات بسيطة داخل سوريا أن نصنع جواً سينمائياً، مستعيرين فكرة «البساط الأحمر» لنقول للعالم: «هاهم الأبطال الصامدون في سوريا في تحد كبير، تحت القصف وبين المنازل المدمرة»، لنؤكد أن «الحياة لا تزال مستمرة وقادرين نحن رغم كل الظروف حتى على انتاج أفلام وإقامة فعاليات ومهرجانات، وهؤلاء هم من يستحقون المشي على السجادة الحمراء وهم من يجب أن تمنح لهم الجوائز المحلية والعالمية».
وهذه هي الدورة الثانية لمهرجان «سوريا لأفلام الموبايل»، الذي انطلق في العام 2014، والذي استهل عروضه هذا العام داخل سوريا على مدرج «بصرى» الأثري في 8 نيسان/أبريل الماضي، لينتقل ويعرض بعدها في عدة مناطق داخل سوريا وفي عدة مدن أوروبية.
ويضيف مطر لـ «القدس العربي»: يشارك في المهرجان في دورته هذا العام ، 33 فيلماً مصوّرة بواسطة كاميرا الموبايل، داخل سوريا وخارجها ، وتراوح مدتها من خمس إلى 25 دقيقة، وتتنافس هذه الأفلام على أربع جوائز، وهي جائزة لجنة التحكيم، وجائزة أفضل فيلم، وجائزة أفضل فيلم سوري، كما يقدم المهرجان جائزة الجمهور التي تقوم على تصويت المشاهدين عبر شكبة الانترنت، وستُعلن نتائج هذه الجوائز في اختتام المهرجان».
ويبين مدير العروض والتدريبات في المهرجان أن الأفلام تناولت مواضيع متنوعة، عن الحرب وما يعانيه ويعايشه الأهالي في سوريا جراءها، وعن سوريا المستقبل بعد انتصار الثورة، ومنها مثلاً كان فيلم «عنقودي»، والذي يحكي عن قصة طفل انفجرت بيده قنبلة عنقودية، بعدها تغيرت حياته فقد يده وأغلب أصابع يده الثانية وحتى ذاكرته، وكيف أثر ذلك نفسياً وعقلياً على حياته لدرجة أنه لم يعد قادراً على التعلم.
وفيلم آخر أنتج في حلب تحدث عن مشروع نفذه طفل يبلغ من العمر 15 عاماً، ورغم صغره عمل مشروعاً هندسياً بالكرتون، كمخطط لمدينة حلب، كما يتمناها ويتخيلها في أحلامه بعد أن تضع الحرب أوزارها و تنتصر الثورة.
ويتابع مدير العروض في المهرجان: «عرضنا في 20 منطقة داخل سوريا، كانت آخرها في معرة النعمان، وقبلها في عدة مدن وبلدات في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، وفي حي الوعر في مدينة حمص، وفي العديد من المدن والبلدات في ريفي حلب وإدلب، وعامودا بريف الحسكة، وكان من المقرر أن نعرض في مدينة «الأتارب» بريف حلب لكن بسبب ظروف القصف الذي تعرضت له أخيراً أرجئ العرض فيها وفي عدة أحياء بمدينة حلب».
ويشير مطر إلى أن العروض كانت بين خارجية كما تم في معرة النعمان، أو داخلية في صالات، والتي يكون فيها مدة العرض أكبر من الخارجية نظراً لظروف القصف وغيرها، حيث أن فترة العرض تمتد من يوم واحد إلى يومين في بعض المناطق، وقد تم العرض في ستة مراكز نسائية داخل سوريا، وحضر العروض أكثر من 1000 سيدة».
أما خارج سوريا، فتم العرض في اسطنبول وغازي عنتاب في تركيا، وفي زيوريخ في ألمانيا وفي لندن، واثينا، واسبانيا وفرنسا، حيث شاركت بعض أفلام المهرجان «كعرض شرفي» في هذه المهرجانات، بحسب مطر. كما يلفت إلى أن بعض أفلام المهرجان، ستشارك في مهرجانات دولية للأفلام الوثائقية والقصيرة، ومنها مهرجان سيقام في كل من اسطنبول، وأثينا، وبرلين وليبزتج في ألمانيا، وجاكرتا في إندونيسيا»، وهذه المشاركة ستدخل في السباق على جوائز هذه المهرجانات، وذلك بعد أن استوفت هذه الأفلام شروط المهرجان.
ويشير ميزر مطر إلى أن أكثر الصعوبات التي واجهتهم، في داخل سوريا، هي ظروف القصف، وعدم توافر الكهرباء بشكل مناسب، وقلة المواد اللازمة للتحضير للمهرجان، حيث اضطروا في بعض الأحيان إلى صناعة بعض اللوازم بشكل شخصي.
ويؤكد أن مخرجي ومنتجي هذه الأفلام هم من الناشطين والهواة وبعض المحترفين، وبعضهم خضع لورشات تدريبية، منها ورشة «بيكسيل»، وأن بعض الأفلام تم انتاجها عن طريق منح قدمتها مؤسسات ثقافية عالمية، وهي « برنس كلاوس»، و«انترنيوز»، و«cfi »، إضافة إلى صندوق الدعم العربي.
ويوضح مطر إلى أن هذا المهرجان يعتبر أحد مشاريع مؤسسة «الشارع السوري» الإعلامية، التي تأسست في فرنسا عام 2010، وتضم مجموعة من الأكاديميين والناشطين من داخل سوريا وخارجها ، والتي سبق وأن أقامت فعاليات مماثلة داخل سوريا خلال السنوات الماضية، ومنها «احتفالية الشارع السوري بذكرى الثورة»، و«شوارعنا ملونة» والتي قدمت عروض أفلام ومسرحاً، و«بخ غرافيتي» في الشوارع ونشاطات أخرى.
القدس العربي