صفحات الحوار

آل الأسد يفضّلون تحويل سوريا إلى رماد بدل أن يستسلموا


بعد ثمانية عشر شهراً على اندلاع الإنتفاضة ضد نظام بشار الأسد، ها هي سوريا تسير بخطى حثيثة نحو الحرب. حربٌ تقتل يومياً مئة مواطن سوري… وعلى الرغم من تفوقه العسكري، لا يبدو النظام قادراً على استعادة قواه وأنفاسه. مجلة “اكسبرس” الفرنسية (9 تشرين الأول 2012) حاورت الفرنسي توماس بيار، الأستاذ المحاضر في جامعة ادنبرة، والمتخصص بسوريا. هنا مقتطفات من الحوار:

[ الانشقاقات التي حصلت خلال الأشهر الأخيرة، هل تهدد النظام؟

ـ لا أعتقد ذلك. رئيس الوزراء السابق، ذو الصفة الرمزية صحيح، أنه انشق، ولكن لم يتأثر النظام بذلك. سلطة بشار الأسد الآن ملتفة حول نواة صلبة من التشكيلات الأمنية، تتألف أغلبيتها من أبناء العائلة، من أولاد عم وعمات وأخوال وخالات. وهؤلاء سوف يقاتلون حتى النهاية. هم يفضلون تحويل سوريا إلى رماد، بدل أن يستسلموا.

[ ما هي حقيقة الوضع العسكري في البلاد، خصوصاً في دمشق؟

ـ النظام فقد سيطرته على جزء كبير من البلاد. هو ممسك بقوة بدمشق، حيث جمّع أكثر وحداته ولاءً وأفضل دباباته. بالمقابل، فانه لم يعد “يتحكّم” إلا بالقواعد العسكرية المحيطة بالقرى والبلدات، حيث يطلق نيرانه نحوها. حتى مدينة حمص، التي سحقت بنيران المدفعية، لم تستسلم بالكامل. لكن النظام أيضا خسر ولاء مجمل السوريين، حتى أبناء العاصمة دمشق. غالبية سكان دمشق يعيشون في الأحياء المحيطة بها، وهذه الأحياء مناهضة للنظام منذ بداية الانتفاضة على النظام. أما الطبقة البرجوازية، وهي بالتعريف أقلية، فقد ترددت طويلا قبل أن تنقلب على النظام في الأشهر الأخيرة. النظام بات الآن بمثابة جيش احتلال، لا يمسك بالعاصمة إلا بالدبابات والطائرات المقاتلة.

[ وفي حلب…؟

ـ النظام يسيطر على نصف مدينة حلب دون محيطها، حيث الغالبية العظمى من السكان معادون له. والحال أن محافظة حلب ذات الطابع الزراعي تضم ربع سكان سوريا، أي حوالي خمسة ملايين نسمة (عكس دمشق، المحاطة بالصحراء). وفي هذه المحافظة لا تسيطر قوات الأمن إلا على المطارات وبعض البنى التحتية العسكرية، فضلاً عن الطريق السريع الموصل الى دمشق.

منذ ثلاثة أشهر، لا يتوقف الجيش النظامي عن إطلاق الوعود باستعادة هذه المدينة، وعن إرسال التعزيزات وعن الوعد بإطلاق معركة حاسمة. ولكننا لا نرى شيئاً جديداً على الأرض. المعارك ما زالت تدور في حيّ صلاح الدين، وهو معقل المتمردين الذي أعلن عن سقوطه مرات عدة… من دون جدوى. الجيش يرسل بانتظام أرتال من المدرعات الى هذا الحيّ. في الأحياء الحلبية، يدمر ما بوسعه تدميره في طريقه. ينسحب المتمردون مؤقتا من الحيّ ثم يعودون إليه بعد ذلك. ولا أرى، نتيجة هذا الكرّ والفرّ، أن الوضع هناك سوف يتحسن.

[ هل يمكن للسكان أن ينقلبوا على المتمردين؟

ـ ان انقلاب موقف السوريين ضد المتمردين من الأمور غير المرجحة. في حلب مثلا، يأخذ قسم من الأهالي على الجيش الحر بأنه قدم إلى أحيائهم وتسبب بتفجيرها على يد قوات النظام. ولكن سكان الأحياء التي تعرضت للقصف والتفجير ليسوا أقل عداء للنظام بسبب ممارسته القصف الأعمى. على كل حال، فان الوضع في حمص يدل على ان الحرب يمكن ان تستمر حتى لو غاب دعم السكان للمتمردين. فمدينة حمص أُفرغت تماما من سكانها، ومع ذلك فالقتال فيها ما زال مستمراً.

[ هل هناك إرتفاع لعدد الإسلاميين المتطرفين وسط المتمرّدين؟

ـ وسط هؤلاء توجد مروحة واسعة من الأيديولوجيات: هناك أولا الضباط المنشقون، معظمهم من الطائفة السنية؛ هم محافظون، ولكنهم لا يملكون أجندة ايديولوجية. هناك أيضاً الاسلاميون المعتدلون، كالاخوان المسلمين، ثم السلفيون “القوميون”، أي الذين يقرون بالحدود الوطنية السورية، مثل مجموعة “أحرار الشام”. هؤلاء يخوضون حرب عصابات ولكنهم لم يعلنوا عن تنفيذ عمليات انتحارية في الاحياء السكنية. وهذه ليست حال المجموعة السلفية الأخرى، “جبهة النصرة”، وهي أقلية، وقد أعلنت مسؤوليتها عن تنفيذ تفجيرات حلب الأسبوع الماضي. هذه المجموعة ترفع العلم الأسود، لا العلم الوطني السوري الذي اعتمده المتمردون، وهي تستهدف المواقع العسكرية ولكنها لا تهتم بالضحايا المدنيين.

المقاتلون الأجانب ارتفع عددهم قليلا في الأشهر الأخيرة، ولكنهم يشكلون أقلية من بين المقاتلين. وهم لم يبرهنوا عن قدرات قتالية متميزة (…).

المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى