أحداث الأحد 11 كانون الأول 2016
«داعش» يعود إلى تدمر بعد «عزله» في الرقة
باريس – رندة تقي الدين لندن، جنيف، واشنطن، بيروت، حلب – «الحياة»، رويتزر، أ ف ب
شنت طائرات من التحالف الدولي بقيادة أميركية غارات دمرت جسور مدينة الرقة لدى انطلاق المرحلة الثانية من مرحلة تحرير المدينة معقل «داعش» الذي عاد أمس، ودخل إلى مدينة تدمر الأثرية بعد ثمانية أشهر على طرده منها على أيدي القوات النظامية بدعم روسي، بالتزامن مع تراجع التنظيم أمام فصائل سورية معارضة مدعومة من تركيا في مدينة الباب معقله شمال حلب. وواصلت القوات النظامية السورية قصفها على شرق حلب، فيما اجتمع خبراء أميركيون وروس في جنيف لبحث ترتيبات لإخراج المقاتلين المعارضين والجرحى المدنيين بعد انتهاء اجتماع وزاري لمجموعة «أصدقاء سورية» من دون نتائج ملموسة.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن قصف جوي وصاروخي على الأحياء المتبقية تحت سيطرة الفصائل في حلب، بينها أحياء الفردوس والمعادي وبستان القصر. وردت الفصائل المعارضة بإطلاق قذائف صاروخية على الأحياء الغربية تحت سيطرة قوات النظام، ما أسفر عن مقتل تسعة مدنيين. وقال الناطق باسم الدفاع المدني في مناطق سيطرة المعارضة «الخوذ البيضاء» إبراهيم أبو الليث: «القصف غير طبيعي». وأضاف خلال تواجده في جنوب شرقي حلب: «الشوارع امتلأت بالأشخاص العالقين تحت الأنقاض. إنهم يموتون لأننا غير قادرين على انتشالهم».
وكان مقرراً أن يجتمع خبراء روس وأميركيين في جنيف مساء أمس، في محاولة «لإنقاذ حلب من دمار تام». وقال المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا إن العالم يشهد المراحل الأخيرة لمعركة حلب ويجب أن تكون الأولوية لإجلاء المدنيين. وجاء في نص وزعه مكتب المبعوث الدولي لمقابلة مع قناة «سكاي نيوز» العربية أن معلومات الأمم المتحدة تتحدث عن إمكانية تعرض مدنيين فروا من مناطق المعارضة باتجاه مناطق القوات الحكومية للتوقيف أو العنف. كما لفت إلى أن الخبراء الروس والأميركيين الذين اجتمعوا في جنيف سعياً إلى إنقاذ حلب، يجب أن يعملوا على ضمان «حماية الأفراد الراغبين بمغادرة الأحياء الشرقية» في المدينة. وأضاف: «هذه هي الأولوية، إجلاء المدنيين». كما طالب بإنشاء «آلية منظمة لإجلاء مقاتلي الفصائل المعارضة» لضمان التوصل إلى هدنة قبل تدمير المدينة بالكامل.
واستضافت باريس أمس اجتماعاً دولياً خُصص للأزمة السورية لا سيما الوضع في مدينة حلب. وشاركت في اجتماع باريس خمس دول غربية بينها الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وأربع دول عربية بينها السعودية وقطر، إضافة إلى تركيا والاتحاد الأوروبي. ودعا وزير الخارجية الأميركي جون كيري بعد الاجتماع المعارضة السورية – التي تمثلت في اجتماع باريس برئيس «الهيئة العليا للمفاوضات» رياض حجاب – إلى التفكير في كيف يمكنها إنقاذ حلب. وتابع كيري أنه إذا كانت روسيا والنظام السوري يبحثان عن نجاح للمحادثات فإن عليهم أن يضمنوا للمقاتلين خروجاً آمناً، وإذا كانوا فعلاً مستعدين لمعاودة المفاوضات مع المعارضة فإن عليهم أن يوافقوا على مناقشة الانتقال السياسي. وأضاف كيري: «القصف العشوائي من قبل النظام ينتهك القوانين أو في كثير من الحالات (يعتبر) جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب».
إلى ذلك، أعلنت «قوات سورية الديموقراطية»، وهي تحالف فصائل عربية وكردية سورية تدعمها واشنطن أمس، بدء «المرحلة الثانية» من حملة «غضب الفرات» لطرد تنظيم «داعش» من مدينة الرقة. وقال الناطق باسم «قوات سورية» طلال سلو بدوره إن «القوات الأميركية شاركت في الجبهات الأمامية في المرحلة الأولى (…) وستشارك في شكل أكثر فاعلية إلى جانب قواتنا في المرحلة الثانية». كما أكد مستشار القيادة العامة لهذه «القوات» ناصر حاج منصور أن «القوات الأميركية ستشارك في خطوط الجبهة الأمامية في هذه المرحلة في شكل فاعل». وكان وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر أعلن أن الولايات المتحدة سترسل مئتي جندي إضافي إلى سورية «من أجل ضمان نجاح عزل الرقة». وسينضم هؤلاء، وفق قوله، إلى «300 عنصر من القوات الخاصة في سورية وذلك من أجل مواصلة التنظيم والتدريب والتجهيز». وأفادت شبكة «الدرر الشامية» المعارضة بأن غارات التحالف الدولي «استهدفت أربعة جسور هي: جسر صوامع السلحبية واليمامة والحربي وسحل الخشب، ما أدى إلى تدميرها في شكل شبه كامل، كما تم استهداف محطة تحويل الكهرباء في سد الشهداء بالقرب من بلدة المنصورة، ما أسفر عن تدميرها في شكل كامل». وأكدت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) مقتل أحد القياديين المتطرفين التونسي «بوبكر الحكيم» الذي يعتقد انه ساهم في عمليات إرهابية بتونس.
وأفاد «المرصد» بدخول «داعش» مساء أمس الى مدينة تدمر، وسيطرته على الجهة الشمالية الغربية منها، مشيراً الى «اشتباكات بين المتطرفين وقوات النظام في وسط المدينة. والكثير من المدنيين عالقون حالياً بين نيران المعارك في المدينة». واستعادت قوات النظام بدعم الطيران الروسي السيطرة على مدينة تدمر في آذار (مارس).
وأفيد أيضاً بأن فصائل «درع الفرات» المدعومة من تركيا دخلت إلى مدينة الباب معقل «داعش» شمال حلب.
غارات روسية «هيستيرية» تطرد «داعش» من تدمر
بيروت ـ أ ف ب
دفعت غارات روسية «هيستيرية» تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) الى الانسحاب من مدينة تدمر الأثرية في ريف حمص اليوم (الأحد) بعد ساعات من سيطرته عليها، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وإثر سلسلة هجمات بدأت الخميس، دخل «داعش» مساء أمس (السبت) بعد ثمانية أشهر على طرده منها، وتمكن خلال الليل من السيطرة على المدينة.
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن «أرغمت الغارات الروسية الكثيفة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على الانسحاب من مدينة تدمر الأثرية»، واصفاً القصف الجوي بـ«الهستيري»، ومشيراً إلى أنه أوقع عدداً كبيراً من القتلى في صفوف المتطرفين، من دون أن يتمكن من تحديد الحصيلة.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية ان الجيش السوري صد جميع هجمات متطرفي «داعش» على تدمر خلال الليل بدعم من ضربات جوية روسية، مضيفةً أن طائراتها نفذت 64 ضربة خلال العملية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 300 متطرف.
وأوضح عبد الرحمن ان «قوات النظام أرسلت تعزيزات عسكرية خلال الليل الى تدمر»، لافتاً إلى أن «الغارات الجوية مستمرة ضد مواقع المتطرفين الذين انسحبوا الى محيط المدينة».
وفي ما يتعلّق بآخر التطورات في حلب، أفاد المرصد بأن «أكثر من 10 آلاف مدني فرّوا منذ منتصف ليلة أمس من الأحياء التي لا تزال تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب باتجاه تلك التي تسيطر عليها قوات النظام نتيجة المعارك المستمرة والقصف العنيف».
وكانت الأمم المتحدة أعربت الجمعة عن قلقها ازاء معلومات حول فقد المئات من الرجال بعد هروبهم من شرق حلب الى مناطق خاضعة لسيطرة النظام، وكذلك منع آخرين من الفرار من مناطق المعارضة. وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سورية ستافان دي ميستورا أمس «نتابع بقلق المراحل الأخيرة لما سيُعرف في التاريخ بمعركة حلب»، مؤكداً أن «الأولوية هي إجلاء المدنيين».
وتتواصل الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة والفصائل المعارضة من جهة ثانية على محاور عدة في جنوب شرقي حلب، وسط قصف متجدد لقوات النظام على الأحياء الأخيرة التي لا تزال تحت سيطرة المعارضة، وفق المرصد.
قوات «درع الفرات» تدخل مدينة الباب شمال سورية
بيروت، العالية (سورية) – أ ف ب
دخلت القوات التركية وفصائل سورية معارضة تحظى بدعمها مساء اليوم (السبت) مدينة الباب، آخر معاقل تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في محافظة حلب شمال سورية، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن «دخلت القوات التركية والفصائل المعارضة المدعومة من قبلها والمعروفة بقوات درع الفرات مدينة الباب من الجهة الشمالية الشرقية عقب اشتباكات عنيفة مع المتطرفين»، مشيراً إلى أن التقدم «يترافق مع قصف مدفعي تركي عنيف للمدينة».
وبدأت تركيا في 24 آب (أغسطس)، هجوماً برياً غير مسبوق في شمال سورية دعماً لفصائل معارضة لطرد تنظيم «الدولة الإسلامية» من المنطقة الحدودية في شمال حلب، واستهدفت مقاتلين أكراداً.
وتقع الباب على مسافة 30 كيلومتراً من الحدود التركية، وطالما شكلت هدفاً للحملة العسكرية التركية التي أطلق عليها «درع الفرات». وكانت القوات التركية سيطرت في إطار الحملة نفسها على مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي.
وكانت جرابلس تعد إلى جانب مدينة الباب آخر معقلين للتنظيم في محافظة حلب، بعدما تمكنت «قوات سورية الديموقراطية» من طرد المتطرفين من مدينة منبج. وأكد السلطات التركية مراراً عزم قواتها السيطرة على الباب ومن بعدها التقدم إلى منبج.
وفي شأن آخر، أعلنت «قوات سورية الديموقراطية»، وهي تحالف فصائل عربية وكردية سورية تدعمها واشنطن اليوم بدء «المرحلة الثانية» من حملة «غضب الفرات» لطرد تنظيم «الدولة الإسلامية» من مدينة الرقة، معقله الأبرز في سورية.
وفي قرية العالية في ريف الرقة الشمالي، أكدت «قوات سورية الديموقراطية» في بيان تلته الناطقة باسم الحملة جيهان الشيخ أحمد انه «تم اتخاذ قرار البدء بالمرحلة الثانية من الحملة، التي تهدف إلى تحرير كامل الريف الغربي من الرقة بالإضافة إلى عزل المدينة».
وأطلقت «قوات سورية الديموقراطية» في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) حملة «غضب الفرات» لطرد تنظيم «الدولة الإسلامية» من الرقة.
وأكدت «قوات سورية الديموقراطية» في البيان ان «المرحلة الأولى من حملتنا، حملة غضب الفرات انتهت بنجاح كبير»، مشيرةً إلى أنه «تم تحرير مساحة 700 كيلومتر مربع والعشرات من القرى، إضافة إلى بلدات وطرق استراتيجية عدة» في ريف الرقة الشمالي.
ومنذ تشكيلها في تشرين الأول (أكتوبر) 2015، نجحت «قوات سورية الديموقراطية»، التي تضم فصائل عربية وكردية على رأسها «وحدات حماية الشعب» الكردية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن في طرد التنظيم المتطرف من مناطق عدة في سورية.
وشددت «قوات سورية الديموقراطية» في بيانها على أن «تنسيقنا مع التحالف الدولي مستمر بشكل فاعل ومثمر، وهذا التنسيق سيكون أقوى وأكثر تأثيراً أثناء المرحلة الثانية».
وقال الناطق باسم «قوات سورية الديموقراطية» طلال سلو بدوره، إن «القوات الأميركية شاركت في الجبهات الأمامية في المرحلة الأولى (…) وستشارك بشكل أكثر فاعلية إلى جانب قواتنا في المرحلة الثانية».
وأكد مستشار القيادة العامة لـ «قوات سورية الديمقراطية» ناصر حاج منصور، أن «القوات الأميركية ستشارك في خطوط الجبهة الأمامية في هذه المرحلة بشكل فاعل».
وفي وقت سابق اليوم، أعلن وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر أن الولايات المتحدة سترسل 200 جندي إضافي إلى سورية «لضمان نجاح عزل الرقة». وسينضم هؤلاء، وفق قوله، إلى «300 عنصر من القوات الخاصة في سورية وذلك لمواصلة التنظيم والتدريب والتجهيز».
وجاء في البيان أن حملة «غضب الفرات تتوسع بانضمام فصائل وقوى أخرى»، بالإضافة إلى «انضمام 1500 مقاتل من المكون العربي من أبناء الرقة وريفها أخيراً، تم تدريبهم وتسليحهم على يد قوات التحالف الدولي».
«سي آي أي» تتهم موسكو بالتدخل لـ «مصلحة ترامب» في الانتخابات
واشنطن – أ ف ب
بعد ساعات معدودات من طلب الرئيس الأميركي المنتهية ولايته باراك أوباما فتح تحقيق في احتمال تدخّل روسيا في الانتخابات الأميركية، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» اليوم (السبت) تقريراً سرياً لوكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي أي» يتهم روسيا بالتدخل في الانتخابات «لمساعدة» الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
ورفض فريق ترامب فوراً نتائج التحقيق، مؤكدا أن المحللين الذين توصلوا إلى ذلك «هم أنفسهم الذين كانوا يقولون إن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل». وكان ترامب رفض هذه الاتهامات لموسكو بشكل غير مباشر قائلاً ،في مقابلة مع مجلة «تايم» التي اختارته شخصية العام، «لا اعتقد انهم تدخلوا (الروس)، «قد تكون روسيا، قد تكون الصين، وقد يكون شخصا ما في منزله في نيوجرزي».
وقال مصدر في محيط ترامب إن «الانتخابات جرت منذ فترة، وأفضت إلى واحد من أكبر الانتصارات في التاريخ على مستوى الهيئات الانتخابية، وحان الوقت للانتقال إلى قضية أخرى، ولأن نعيد لأميركا عظمتها».
وذكرت الصحيفة أن أشخاصاً مرتبطين بموسكو قدموا إلى موقع «ويكيليكس» رسائل إلكترونية تمت قرصنتها من حسابات عدة يعود أحدها إلى جون بوديستا المدير السابق لحملة المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، وآخر إلى الحزب «الديموقراطي».
وقال مسؤول كبير اطلع على مضمون التقرير الذي قدمته الاستخبارات لأعضاء في مجلس الشيوخ إن «أجهزة الاستخبارات ترى أن هدف روسيا كان ترجيح كفة مرشح على آخر ومساعدة ترامب على الفوز».
وذكر مسؤولو الاستخبارات المركزية لأعضاء مجلس الشيوخ أنه «من الواضح جدا» أن هدف موسكو كان «مساعدة ترامب في الفوز»، كما قال مسؤولون للصحيفة، إلا أن الصحيفة تشير إلى أن تقييم وكالة الاستخبارات المركزية بعيد من أن يكون تقريرا يعكس موقف وكالات الاستخبارات الأميركية الـ17.
وكانت مستشارة أوباما للأمن القومي ليزا موناكو قالت في وقت سابق: «أمر الرئيس اجهزة الاستخبارات بإجراء مراجعة كاملة لما جرى اثناء الانتخابات (…) من الضروري فهم معناها وتفاصيلها واستخلاص العبر وتعميمها» مشيرة الى أن اوباما ينتظر تقريرا بهذا الشأن قبل مغادرة منصبه في 20 كانون الثاني (يناير) وتولي دونالد ترامب الرئاسة.
تأتي هذه المعلومات بعد ضغط الديموقراطيين في الكونغرس على البيت الابيض ليكشف أي معلومات في شأن اختراقات او نشر معلومات خاطئة تقف روسيا وراءها، غير أن الناطق باسم البيت الأبيض اريك شولتز قال: «يجب أن نكون واضحين: هذه ليست محاولة للطعن في نتائج الانتخابات».
ترامب يهاجم «سي آي أي» بعدما أكدت تدخل روسيا لمساعدته
واشنطن – جويس كرم
شهدت الساعات الأخيرة تطورات ساخنة في الساحة الأميركية، بعدما هاجم فريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي)، إثر تسريب صحيفة «واشنطن بوست» خبراً عن كشف تقويم سري نفذته الوكالة، بأمر من الرئيس المنتهية ولاية باراك أوباما، في شأن عمليات قرصنة واكبت الانتخابات الرئاسية، أن روسيا تدخلت في الانتخابات لمساعدته في الفوز.
وسرّبت «واشنطن بوست» أن «التقرير السري الذي عرضته سي آي أي على الكونغرس استنتج أن روسيا تدخلت في الانتخابات الأميركية لمساعدة حظوظ ترامب في الفوز، وليس لضرب صدقية النظام الأميركي»، وهو أول اتهام توجهه «سي آي أي» لروسيا بالعمل لمصلحة ترامب.
وتابعت الصحيفة أن «وكالات الاستخبارات حددت الأفراد المرتبطين بالحكومة الروسية الذين أعطوا موقع «ويكيليكس» آلاف الوثائق التي جرى الاستيلاء عليها بعد اختراق بريد اللجنة الوطنية للحزب الديموقراطي ورئيس حملة ترشح هيلاري كلينتون، جون بودستا. كما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» أن روسيا اخترقت أيضاً بريد اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، «لكن لم يجر تسريب هذه الرسائل لعدم إيذاء ترامب».
وفي بيان مقتضب، رد الفريق الانتقالي لترامب على تقرير «سي آي أي» قائلاً: «إنهم الأشخاص نفسهم الذين قالوا إن صدام حسين امتلك أسلحة دمار شامل». وأضاف: انتهت «الانتخابات منذ فترة طويلة بأحد أكبر الانتصارات في تاريخ المجمع الانتخابي، وحان الوقت للمضي قدماً وجعل أميركا عظيمة مجدداً».
وتهدد إشارة الفريق الانتقالي إلى الخطأ الاستخباراتي «الأكثر إذلالاً» في تاريخ «سي آي أي» حول حكم صدام حسين في العراق، بإلقاء ظلال على العلاقات بين إدارة ترامب و «سي آي أي» بعد توليه الرئاسة في ٢٠ كانون الثاني (يناير) المقبل، ويعكس مدى التشنج بين الوكالات الحكومية الأميركية. وكان ترامب شدد مرات على عدم وجود أدلة تشير إلى أن الرئيس الروسي بوتين، الذي كان تعهد تحسين العلاقات بين الدولتين، لعب دوراً في الانتخابات الأميركية. وهو عيّن في إدارته مايك فلين المقرب من روسيا مستشاره للأمن القومي.
ترافق ذلك مع تصدر اسم مدير شركة «إكسون موبيل» العملاقة للنفط، ركس تيليرسون لائحة المرشحين لمنصب وزير الخارجية، وهو من رجال الأعمال الأميركيين الذين فاوضوا بوتين وتعاملوا معه لعقود، ووقع معه عام 2011 عقداً نفطياً بقيمة 500 بليون دولار، لكنه توقف بسبب العقوبات على موسكو. ونقلت قناة «إن بي سي» الأميركية مساء أمس عن مصدرين في حملة ترامب انه يتوقع اختيار تيليرسون وزيراً للخارجية. ويعارض تيليرسون، وهو من الجمهوريين التقليديين من ولاية تكساس، مبدأ العقوبات على الدول. وأوصى به وزير الدفاع السابق روبرت غيتس ووزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس.
وجرى استبعاد اسم الرئيس السابق لبلدية نيويورك رودي جولياني من لائحة المرشحين لمنصب وزير الخارجية والتي باتت تضم إلى تيليرسون، المرشح الجمهوري للرئاسة عام 2012 ميت رومني، والسفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون، والسناتور عن ولاية تينيسي بوب كوركر، والأميرال المتقاعد جيمس ستافريديس.
وفي خطاب ألقاه أمام المشاركين في «حوار المنامة» حول الأمن الإقليمي في عاصمة البحرين، قال الجنرال الأميركي المتقاعد ديفيد بترايوس الذي يتداول اسمه أيضاً كأحد المرشحين المحتملين لتولي منصب وزير الخارجية أن الاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع الدول الست الكبرى في تموز (يوليو) 2015 «يحتوي عناصر سلبية مهمة نرى أنها مصدر قلق بينها إمكان استمراره بين 10 و15 سنة، وحصول إيران على بلايين الدولارات من أموالها المجمدة».
لكن بترايوس لفت إلى «عناصر إيجابية في الاتفاق تشمل خصوصاً كبح سعي طهران إلى الحصول على سلاح نووي، علماً أن ترامب وعد خلال حملته الانتخابية بـ «تمزيق» الاتفاق النووي مع إيران، ووصفه بأنه «أسوأ اتفاق جرى التفاوض عليه».
«شعور بالعجز» حيال حلب في اجتماع باريس
باريس – رندة تقي الدين
استضافت باريس السبت اجتماعاً دولياً خُصص للأزمة السورية لا سيما الوضع في مدينة حلب. وفيما دعا الاجتماع إلى «مواصلة التحرك لتخفيف معاناة المدنيين»، معتبراً أن المفاوضات تشكل «الطريق الوحيد للسلام في سورية»، لاحظت «فرانس برس» أنه غلب على المجتمعين «شعور بالعجز».
وشاركت في اجتماع باريس خمس دول غربية بينها الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وأربع دول عربية بينها السعودية وقطر، إضافة إلى تركيا والاتحاد الأوروبي. وعُقد في اختتام الاجتماع مؤتمر صحافي مشترك ضم وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع نظرائه الفرنسي جان مارك إرولت والألماني فرانك فالتر شتاينماير والقطري محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني.
وحض كيري، من جهته، روسيا على إظهار حسن النيات خلال الاجتماعات الجارية في جنيف بين العسكريين الروس والأميركيين لمحاولة التوصل إلى اتفاق يمكّن المدنيين والمقاتلين من مغادرة الجزء المحاصر من شرق حلب، لكنه أقر بأن نجاح الاجتماعات ليس مضموناً. ودعا كيري المعارضة السورية – التي تمثلت في اجتماع باريس برئيس «الهيئة العليا للمفاوضات» رياض حجاب – إلى التفكير في كيف يمكنها إنقاذ حلب، مشيراً إلى أن ما يعقّد محادثات جنيف الأميركية – الروسية أن المقاتلين المحاصرين في حلب والذين يتم قصفهم بعنف ويحاكمون بطريقة وحشية إذا ما تم القبض عليهم لا يثقون بأنهم سينقذون حلب إذا ما أخلوها أو أنهم سيُفرج عنهم أحياء ولذلك فإنهم يرون أن الخيار أمامهم «إما الموت في حلب أو الموت في إدلب»، وهي الوجهة التي يتمسك بها النظام للمقاتلين الذين يسمح بخروجهم من حلب. وتابع كيري أنه إذا كانت روسيا والنظام السوري يبحثان عن نجاح للمحادثات فإن عليهم أن يضمنوا للمقاتلين خروجاً آمناً، وإذا كانوا فعلاً مستعدين لمعاودة المفاوضات مع المعارضة فإن عليهم أن يوافقوا على مناقشة الانتقال السياسي.
وقال كيري أيضاً إن «القصف العشوائي من قبل النظام ينتهك القوانين أو في كثير من الحالات (يعتبر) جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب». وأضاف: «يمكن الوصول إلى حل، لكن هذا رهن بخيارات مهمة تقوم بها روسيا»، مذكّراً بأن الخبراء الروس والأميركيين يحاولون في جنيف التوافق على خطة تكفل «إنقاذ حلب». وتابع كيري الذي يغادر منصبه في 20 كانون الثاني (يناير) من دون أن ينجح في تسوية النزاع السوري: «أحياناً في الديبلوماسية، من المهم إظهار بعض التعاطف».
أما الوزير إرولت فتساءل، من جهته، كيف يمكن أن يعود اللاجئون السوريون إلى بلدهم من دون ضمانات أنهم لن يقتلوا، مشدداً على أن الشرط الملح هو تحديد شروط «الانتقال السياسي الحقيقي» في سورية موحدة ويسودها الأمن، مضيفاً أن المفاوضات السورية – السورية يجب أن تستأنف على قاعدة قرار مجلس الأمن الرقم ٢٢٥٤ الصادر في كانون الأول (ديسمبر) 2015 والذي حدد خريطة طريق للتوصل إلى تسوية. ولفت إلى أن هذا الأمر يوافق عليه أيضاً رياض حجاب رئيس «الهيئة العليا للمفاوضات» في المعارضة السورية. وأكد إرولت، في هذا الإطار، أن المعارضة السورية جاهزة للتفاوض «من دون أي شروط مسبقة». وقال الوزير الفرنسي أيضاً إن معركة حلب لا تستهدف إنهاء الإرهاب بل إزالة أي معارضة للنظام السوري و «تكريس حكم ديكتاتور مكروه». متسائلاً: «أي سلام إذا كان سلام القبور؟».
كذلك أكد الوزيران الألماني والقطري أن سقوط حلب لا يعني نهاية الحرب. وطالب شتاينماير النظام السوري وحليفيه الروسي والإيراني بـ «إفساح المجال أمام الناس للخروج» من حلب، قائلاً: «إذا كانت روسيا وإيران والنظام تواصل التأكيد أن مقاتلين متطرفين لا يزالون في المدينة، لا يمكنني أن أشكك في ذلك، لكن وجود مقاتلي (جبهة) فتح الشام (النصرة سابقاً) لا يمكن أن يبرر تحويل مدينة برمتها إلى رماد».
وعلمت «الحياة» من مصدر ديبلوماسي فرنسي أن كيري أصر على حجاب بالدخول بالمفاوضات والطلب من المقاتلين أن يغادروا حلب، لكن حجاب رد بأنه لا يمكن أن يتم ذلك عندما لا يكون هناك ضمان لوقف القصف على حلب، وعندما لا يكون النظام موافقاً على مسألة الانتقال السياسي كما وردت في القرار ٢٢٥٤.
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس فرانسوا هولاند يستقبل بعد ظهر الاثنين في قصر الإليزيه حجاب ومنظمات غير حكومية تعمل في سورية.
وفي أنقرة (رويترز)، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو السبت إن مقاتلي المعارضة السورية يخاطرون بتعرضهم للقتل في مناطق أخرى من سورية إذا غادروا مدينة حلب وشكك في أن تسفر المحادثات بين داعميهم في باريس عن نتائج ملموسة. وقال تشاوش أوغلو لهيئة الإذاعة والتلفزيون التركية (تي آر تي) في تصريحات أدلى بها في باريس: «ماذا سيحدث لقوات المعارضة إذا غادرت حلب. ألن يقتلوا في أماكن أخرى؟… لن يأتي أحد بحلول ملموسة»، في إشارة إلى محادثات العاصمة الفرنسية.
وفي بروكسيل (أ ف ب)، أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أن الاتحاد يعتزم توسيع لائحة الأفراد والمنظمات المقربة من النظام السوري والتي فرض عليها عقوبات، وذلك في ضوء الوضع في حلب.
وأوضحت موغيريني أن «الاتحاد الأوروبي سيتصرف بسرعة وفقاً للإجراءات المعمول بها، بهدف فرض مزيد من التدابير التقييدية على سوريين ومنظمات داعمة للنظام (السوري)، طالما أن القمع مستمر».
وأضافت: «منذ بداية هجوم النظام السوري وحلفائه، بمن فيهم روسيا، تسببت شدة وقوة القصف الجوي على شرق حلب في سقوط كثير من الضحايا المدنيين وتدمير أجزاء كبيرة من المدينة، ما أدى إلى تدهور مروع للوضع هناك».
ويتعين على دول الاتحاد الأوروبي الـ28 الموافقة على هذا القرار وتحديد الشخصيات والمنظمات التي ستستهدفها العقوبات.
وفي 14 تشرين الثاني (نوفمبر)، صادقت دول الاتحاد على مجموعة جديدة من العقوبات الفردية بحق مسؤولين في النظام السوري متهمين بالمشاركة في «القمع العنيف» للسكان، وشملت 17 وزيراً وحاكم المصرف المركزي ليرتفع الى قرابة 230 شخصاً ومسؤولاً ومؤسسة معاقبين من اوروبا.
ويفرض الاتحاد عقوبات أخرى على النظام السوري بينها حظر على الأسلحة والنفط وقيود على الاستثمارات.
مسؤول بالمعارضة السورية: المقاتلون في حلب يواجهون الموت أو الاستسلام
بيروت – رويترز – قال مسؤول مقيم في تركيا من جماعة الجبهة الشامية المعارضة الأحد، إن مقاتلي المعارضة يسيطرون على منطقة صغيرة فحسب من حلب مليئة بالمدنيين وتتعرض لقصف عنيف بعد أن سيطرت القوات الموالية للحكومة على حي المعادي.
وأضاف المسؤول أن جماعات المعارضة في حلب لم تتلق رداً بشأن المحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا، لحل الأزمة في حلب محذراً من أن الأمر سينتهي “بطريقة مأساوية” إذا بقيت الأمور كما هي ولم يحدث تدخل خارجي وقال إن مقاتلي المعارضة يواجهون الموت أو الاستسلام.
فرار آلاف المدنيين من شرق حلب والجهاديون ينسحبون من تدمر
حلب- أ ف ب – فرّ اكثر من عشرة الاف مدني منذ منتصف ليل الاحد السبت، من الاحياء التي لا تزال تحت سيطرة الفصائل في شرق حلب وسط استمرار القصف الجوي والمدفعي لقوات النظام لتلك المنطقة.
وعلى جبهة ثانية، أجبرت الغارات الروسية الكثيفة طوال الليل تنظيم الدولة الاسلامية على الانسحاب من مدينة تدمر الاثرية بعد ساعات قليلة على سيطرته عليها مجدداً.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن، “فرّ اكثر من عشرة آلاف مدني منذ منتصف الليل من الاحياء التي لا تزال واقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في جنوب شرق حلب باتجاه احياء واقعة تحت سيطرة قوات النظام نتيجة المعارك المستمرة والقصف العنيف”.
ومنذ منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، تمكنت قوات النظام اثر هجوم لها من احراز تقدم سريع داخل الاحياء الشرقية وباتت تسيطر على اكثر من 85% من مساحة هذه الاحياء التي كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة منذ العام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين الطرفين.
ودفع الهجوم عشرات آلاف المدنيين الى الفرار من الاحياء الشرقية. وتوجه معظمهم الى احياء تحت سيطرة قوات النظام.
واشار عبد الرحمن الى ان النازحين الجدد توجهوا الى الاحياء الغربية او تلك التي سيطرت عليها قوات النظام مؤخراً في شمال ووسط مدينة حلب.
وافادت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) بدورها الاحد عن “خروج اربعة الاف مدني (…) من القسم الجنوبي من أحياء مدينة حلب الشرقية”، مشيرة الى ان حركة النزوح مستمرة حيث يتم نقل المدنيين الفارين بواسطة حافلات الى “مراكز اقامة مزودة بجميع المواد والاحتياجات الاساسية اللازمة”.
-نزوح “هائل” –
ونقل احد السكان في الاحياء الجنوبية الشرقية، مشاهدته بعد منتصف الليل لحشود من السكان يفرون باتجاه الاحياء الغربية. ووصف ما يحصل بـ”النزوح الهائل”.
وكان المبعوث الخاص للامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا قال السبت، “نتابع بقلق المراحل الاخيرة لما سيعرف في التاريخ بمعركة حلب”، مؤكداً ان “الاولوية لاجلاء المدنيين”.
وتتواصل الاشتباكات العنيفة على محاور عدة في جنوب شرق حلب، وسط قصف متجدد لقوات النظام على آخر الاحياء التي لا تزال تحت سيطرة المعارضة، وفق المرصد السوري.
وردت الفصائل المعارضة باطلاق القذائف الصاروخية طوال الليل وحتى الصباح على الاحياء الغربية.
وافاد مراسل فرانس برس في الاحياء الغربية عن سماعه طوال الليل دوي اشتباكات عنيفة وانفجارات اهتزت المباني على وقعها.
ويأتي ذلك غداة اجتماع دولي لدول تدعم المعارضة في باريس بحث الوضع الانساني في حلب. واعتبر وزير الخارجية الاميركي جون كيري اثره ان “القصف العشوائي من قبل النظام ينتهك القوانين او في كثير من الحالات (يعتبر) جرائم ضد الانسانية، وجرائم حرب”.
وطالب وزراء خارجية فرنسا والولايات المتحدة وقطر والمانيا في ختام اللقاء بـ”وضع حد للحرب الهمجية” و”مواصلة التحرك لتخفيف معاناة المدنيين” والعودة الى المفاوضات.
وتسعى دمشق الى استعادة السيطرة على حلب، ثاني مدن البلاد، في خطوة من شأنها ان توجه ضربة موجعة للفصائل المعارضة.
وفي حال استعاد النظام كامل حلب، سيكون امسك بمفاتيح مفاوضات السلام المحتملة بعد فشل ثلاث جولات محادثات غير مباشرة هذه السنة باشراف الامم المتحدة.
وقال كيري بعد الاجتماع، ان “العودة الى طاولة المفاوضات هو افضل ما يمكنهم القيام به” في اشارة الى المعارضة، مضيفاً “الارجح انهم في صدد خسارة حلب. ما زالوا قادرين على الحصول على تسوية سياسية تشرف معركتهم وكل ما استثمروا من اجله”.
-الجهاديون خارج تدمر –
وعلى جبهة اخرى في وسط سوريا، انسحب تنظيم الدولة الاسلامية فجر الاحد من مدينة تدمر الاثرية على وقع القصف الروسي.
وقال عبد الرحمن “اجبرت الغارات الروسية الكثيفة تنظيم الدولة الاسلامية على الانسحاب من مدينة تدمر الاثرية بعد ساعات فقط على سيطرته عليها”.
واثر سلسلة هجمات بدأت الخميس، دخل تنظيم الدولة الاسلامية مساء السبت مجددا مدينة تدمر الاثرية في ريف حمص (وسط) الشرقي بعد ثمانية اشهر على طرده منها، وتمكن خلال الليل من السيطرة على كامل المدينة، وفق المرصد.
وكان المرصد السوري افاد السبت عن “مقتل ما لا يقل عن مئة عنصر من قوات النظام في مدينة تدمر ومحيطها منذ هجوم الجهاديين الخميس″.
واستعاد الجيش السوري السيطرة على مدينة تدمر في آذار/مارس باسناد جوي روسي وتمكن من طرد الجهاديين الذين كانوا قد استولوا عليها في ايار/مايو 2015.
ويحتفظ الجهاديون بسيطرتهم على مناطق في ريف حمص الشرقي. وغالباً ما يشنون هجمات على مواقع تابعة لقوات النظام.
لكن السبت سجل المرة الاولى التي يتمكنون فيها من السيطرة على مواقع قريبة من مدينة تدمر والتقدم داخلها.
بعد خسارتها معظم حلب الشرقية: فصائل المعارضة تبحث خياراتها الصعبة
منهل باريش
القدس العربي»: انحسرت سيطرة فصائل المعارضة في حلب الشرقية، بعد خسارتها أحياء القاطرجي وكرم الميسر وكرم الطحان والمرجة، وباتت تسيطر على الأحياء الجنوبية، شرقي حلب. وشنت قوات النظام والميليشيات هجوما متزامنا في ثلاث جبهات، هي الشيخ سعيد، وبستان القصر، وجب الجلبي.
القائد العسكري في «تجمع فاستقم» ملهم عكيدي، قال لـ«القدس العربي» إن «فصائل الثوار صدت هجمات متكررة لقوات النظام والميليشيات الإيرانية في حيي الإذاعة وجب الجلبي على الجبهة الغربية». وأضاف أن «الميليشيات وقوات النظام حاولت خرق جبهة الشيخ سعيد وباب النيرب لكنها فشلت».
ونوه عكيدي إلى أن الفصائل «عادت لرص صفوفها على كامل الجبهات، وأوقعت عشرات القتلى في صفوف الميليشيات أثناء محاولات التقدم تلك».
وفي سياق متصل، عن مبادرة «النقاط الخمس» التي طرحتها الفصائل المعارضة، صرح المستشار القانوني في الجيش الحر، المحامي أسامة أبو زيد لـ«القدس العربي» أنه «من المكبر الحديث عن اتفاق، وتجري محادثات بمشاركة كل الأطراف من أجل خروج الحالات الإنسانية والجرحى بشكل مستعجل، ومن ثم خروج من يرغب من المدنيين. وخروج المدنيين سيزيد من صمود المقاتلين في الأحياء المحاصرة».
وبالنسبة إلى جهة خروج المدنيين، قال: «للمدنيين حرية الخروج إلى الريف الشمالي أو الغربي. لكن القصف الجوي الكثيف على إدلب وأعداد النازحين إليها، سيجعل المدنيين يختارون التوجه إلى الريف الشمالي كونه أكثر استقرارا».
وحول السيناريوهات المطروحة، أشار أبو زيد إلى أن «السيناريو الأسوأ هو الانسحاب من حلب الشرقية. ومن المبكر الحديث عن الانسحاب».
وأضاف أن المعارضة «تقاتل روسيا وإيران في حلب إضافة إلى النظام»، معتبراً أن «القوى الاستعمارية لم تبق في كل الدول التي احتلتها، ومن يقاتلون إلى جانب الأسد اليوم، لن يقاتلوا معه إلى الأبد».
في غضون ذلك، قال رئيس المجلس المحلي لمدينة حلب المعارض، بريتا حجي حسن: «أكثر من 150 ألف إنسان مهددون بالإبادة في حلب الشرقية، بسبب القصف الوحشي، وعلى المجتمع الدولي توفير طريق آمن لخروجهم».
ميدانياً، استجمعت الفصائل العسكرية نفسها نسبياً، بعد انهيار أول خطوط دفاعها في مساكن هنانو قبل عشرين يوما، الأمر الذي أدى إلى انهيارات سريعة، خسرت خلالها نحو ثلثي الأحياء التي كانت تسيطر عليها.
وتكشف الانهيارات السريعة هذه غياب التحصينات الهندسية التي بنتها المعارضة داخل الأحياء الشرقية، بعد حصار حلب، واقتصار التحصين على الجبهات الأساسية. وهذا يشير إلى عدم إدراك أهمية التحصين على الخط الثاني والثالث، وفي مداخل الأحياء المتلاصقة لحلب الشرقية.
ويعتبر اعتداء الفصائل على بعضها وسلب مستودعات الفصائل الأخرى، أهم أسباب الانهيار الداخلي. فبعد حادثة سلب مستودعات «تجمع فاستقم» التي قامت بها حركة «نور الدين الزنكي» و«جبهة فتح الشام» و«كتائب أبو عمارة» مطلع شهر تشرين الثاني (نوفمبر) قامت فتح الشام (النصرة سابقاً) بمداهمة مقرات «فيلق الشام» و«جيش الإسلام» ونهب سلاحها وذخيرتها واعتقال قائد الفيلق، محمد خير العشرة، لتفرج عنه بعد ساعات قليلة. وتذرعت الجبهة بأنها تنفذ أمر قيادة «جيش حلب» وهذا ما نفاه قائد هذا الجيش (مجلس قيادة حلب) في بيان مكتوب، حصلت «القدس العربي» على نسخة منه. وقد استنكر البيان «ما قامت به بعض المجموعات من هجوم على جيش الإسلام في مدينة حلب والبغي عليها والاستيلاء على محتوى مقراتها».
الاقتتال الفصائلي الحاصل في ظل الحصار الخانق وآلة القتل الروسية الجوية، يدلل على النخر والتعفن لدى الفصائل المعتدية، بل ويطرح السؤال جدياً عن الهدف من أفعالها، خصوصاً وأن بعضها يقوم بالانسحاب غير المبرر أمام قوات النظام والميليشيات، في مشهد اعتبر الكثير من النشطاء أنه «تسليم» للمناطق التي ترابط فيها.
إلى ذلك، فإن الفصائل خسرت كل ما يمكن خسارته، والأحياء التي تتحصن فيها حالياً هي الأحياء الأخيرة التي تستطيع التحصن فيها، فلم يبق لها مجال للانسحاب، إلا لمعاقل النظام في الراموسة أو الحمدانية.
الواقع الجديد، يفرض على الفصائل المسلحة خيار الصمود في أحيائها الأخيرة حتى النهاية، أو أنه سيتحتم عليها الخروج من المدينة، والتوجه إلى محافظة إدلب والريف الغربي. وإن الوضع السيئ يجبر الفصائل على الصمود أكبر وقت ممكن، مترافقا مع الضغط السياسي لإجلاء الجرحى وتأمين ممر آمن للمدنيين.
من جهة أخرى، فإن قرار الانسحاب من حلب إلى الريف الشمالي، في حال موافقة روسيا عليه، سيصب في المصلحة التركية حيث سيرفد مقاتلي «درع الفرات» بعشرة آلاف مقاتل. وهؤلاء سوف يسخرون في الحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية»، ولكن سوف يُمنعون من إطلاق طلقة واحدة على عدوهم الذي أخرجهم من ديارهم.
ويبقى على المعارضة خارج حلب واجب كسر الحصار، وعليها المحاولة في أقل تقدير، بدل حالة الجمود التي دخلت فيها منذ فشلها في معركة «ملحمة حلب الكبرى».
قيادات بارزة في المعارضة السورية لـ«القدس العربي»: حلب صامدة وخسارتها لا تعني نهاية الثورة وما يحدث اتفاق أمريكي روسي لإفراغ المدينة
إسماعيل جمال
إسطنبول ـ «القدس العربي»: شدد مسؤولون في المعارضة السورية والائتلاف الوطني على ان المقاتلين ما زالوا صامدين في أحياء حلب الشرقية المحاصرة التي تتعرض لهجوم روسي بغطاء أمريكي، على حد تعبيرهم، مؤكدين على أن خسارة المدينة لصالح النظام لا يعني نهاية الثورة السورية وأن المعركة هي «جولة من جولات الثورة».
ولفت المتحدثون إلى أن المأساة الأساسية تكمن في المدنيين الذين يتعرضون لغارات جوية ومدفعية ومجازر على مدار الساعة، مؤيدين أي اتفاق تهدئة يساعد في حماية المدنيين والحفاظ على حياتهم وإدخال المساعدات الطبية والغذائية للمحاصرين.
رمضان: مفاوضات مع روسيا والتحول لحرب العصابات
المعارض السوري أحمد رمضان شدد على أن «المخطط الروسي يقوم على احتلال حلب وضمِّها إلى منطقة النفوذ الخاضعة لها، والممتدة من الساحل إلى شمال سوريا، ولذلك تقوم بحملة وحشية لتدمير المدينة، وتهجير سكانها، وتستعين بميليشيات إيرانية وأفغانية على الأرض ترتكب الجرائم لدفع الأهـــالي للهجرة من حلب، بل من سوريا كلها».
وقال رمضان عضو الائتلاف الوطني السوري ورئيس حركة العمل الوطني من أجل سوريا في تصريحات لـ«القدس العربي»: «التصعيد الروسي مستمر، رغم الحديث الإعلامي عن تخفيف القصف، ويوم الخميس شنَّت الميليشيات الإيرانية هجمات على تسعة محاور في المدينة، ولم تتمكن من تحقيق اختراق في أي منها، وقتل العشرات من المرتزقة، وتم أسر أربعة إيرانيين أحدهم ضابط كبير، وشعرت القوات الغازية أن المعركة لن تكون سهلة مما دفعها للبحث عن مخرج سياسي».
وأضاف: «هناك الآن مفاوضات تجري في أنقرة بين وفد عسكري روسي وممثلين عن فصائل حلب، والحديث يدور عن إخراج المدنيين والجرحى وخاصة الأطفال والنساء، والمقاتلين الذين لهم صلة بجبهة فتح الشام، وبقاء المدينة تحت سلطة الجيش الحر عسكرياً والمجلس المحلي لحلب مدنياً. ورغم موافقة الروس على ذلك في البداية إلا أنهم بدأوا بالتراجع ومحاولة فرض شروط جديدة، من خلال استغلال معاناة الأهالي والمدنيين نتيجة القصف والحصار للضغط على العسكريين، وصولا إلى تهجير أهالي حلب بالكامل».
وشدد رمضان على أن «معركة حلب هامة، ولكن لن تكون سوى جولة في الصراع، واعتقد أنها تولد الآن فرصة لإعادة النظر في استراتيجية العمل الوطني السوري على المسارات السياسية والعسكرية والثورية والمدنية، وترتكز على مبدأ تنظيم العمل العسكري من خلال إنشاء جيش وطني منظم ومقاومة شعبية تستطيع التحرك وفق مبدأ حرب العصابات ضد قوات الاحتلال الروسية والإيرانية، وبناء استراتيجية سياسية جديدة تراعي الواقع الراهن والمتغيرات في المحيط الدولي، وتصاعد وتيرة الصراع بين القوى الكبرى».
سميرة المسالمة نائبة رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أكدت على أن «من غير المقبول والمفهوم طرح مثل هذا الأمر وحتى قبل الحديث عن خروج المسلحين يجب أن يكون القرار بخروج كل المسلحين حزب الله والفاطميين والنجباء وكتائب أبو فضل العباس وكل من يحمل السلاح من النظام والمعارضة لترك المدينة بيد أهلها من المدنيين لينعموا بالأمان الذي أفقدهم إياه هذا القصف المجنون على مدينتهم من النظام وروسيا جوا ومن إيران وميليشياتها براً».
واعتبرت المسالمة أن «من يوافق على مثل هذا الطرح حتما ليس من أصدقاء الشعب السوري لأن الصداقة تفترض توفير الأمان والاستقرار وليس تشريد السكان وتهجيرهم والاستيلاء على ممتلكاتهم».
الحريري: اتفاق أمريكي روسي
نصر الحريري عضو الائتلاف الوطني السوري شدد على أن ما يجري في حلب هو تطبيق لتفاهمات روسية أمريكية و«ما يؤكد ذلك ما تحدث عنه كيري قبل أسابيع في أحد الحوارات المغلقة عن أن المعارضة سوف تنتهي خلال الأشهر القليلة المقبلة»، على حد تعبيره.
وقال الحريري لـ«القدس العربي»: «الروس يقومون بأقصى درجات الإجرام في حلب والمجتمع الدولي صامت ومتفرج والهدف الواضح للجميع هو إعادة السيطرة على المدينة من أجل التمهيد للدعوة إلى مفاوضات جديدة في جنيف لإتمام الصفقة الأمريكية الروسية في سوريا».
واعتبر أن المفاوضات الروسية الأمريكية الحالية تهدف إلى إفراغ حلب من سكانها لكنه شدد على أن موقف الثوار ثابت وواضح بعدم الانسحاب و«الأولوية لديهم حماية المدنيين لأنهم هم من يدفعون الثمن الأكبر، ومبادرة الفصائل تركز على ذلك لكنها تشترط ضمانات أممية لأن النظام مارس انتهاكات وقام بإعدامات ميدانية للمدنيين الذين خرجوا من شرق حلب إلى غربها».
وأضاف: «أمريكا وبالأخص إدارة أوباما أوهمت الشعب السوري أنها تدعمه وتقف إلى جانب ثورته لكنها اليوم تخلت عن الثورة سياسياً وعسكرياً كما تخلت عن تركيا والخليج»، وتابع: «الثورة صمدت 6 سنوات ضد المؤامرات، بدأت مدنية ولم تكن تسيطر على أي شبر من الأراضي السورية ومرت بمراحل مختلفة وصعبة لكنها لم تنته ولم تتوقف، بالتأكيد حلب معركة مهمة لكنها مثل كل المعارك السابقة، ولا يوجد منتصر لأن النظام لن يستطيع السيطرة على الديموغرافيا والعقول وهو الآن لا يسيطر سوى على 25٪ من الأراضي السورية ويحكم مناطق فارغة مدمرة لذلك لا يمكن اعتبارها معركة فاصلة أو نهاية للثورة».
نشار: إلى أين ينزح 200 ألف مدني؟
عضو الهيئة العامة والسياسية للائتلاف سمير نشار اعتبر أن «من السابق لأوانه التحدث عن خسارة حلب، فكل يوم يثبت المقاتلون أنهم صامدون وسيواصلون القتال حتى الرمق الأخير حيث تجري معارك طاحنة استخدم فيها النظام الغازات السامة وتمكن الثوار من قتل أعداد كبيرة من قوات الأسد والميليشيات اللبنانية والإيرانية».
ولفت إلى أنه «لا يزال هناك متسع لأجل تدارك الخلل والثغرات لكن المأساة في الوضع الإنساني الصعب حيث تتعرض حلب لعملية إبادة وما زال العشرات مدفونون تحت الأنقاض، وهذه الكارثة الإنسانية هي التي تضغط على المقاتلين لذلك فإن مقترحات الهدنة هي فقط فرصة للمدنيين للخروج من مذبحة القصف، فسلاح الجو الروسي يعمل على مدار 24 ساعة بلا توقف».
وشدد على أن من المبكر والسابق لأوانه الحديث عن ما بعد حلب «فالمعارك سوف تطول وسنموت واقفين، الأهم أن لا أحد من المقاتلين يقبل الاستسلام، والجميع رفض المقترح الأمريكي في هذا الإطار، متسائلاً: «إلى أين ينزح 200 ألف مدني؟ الرجال لن يذهبوا إلى الأحياء الغربية خشية تعرضهم للتصفية الميدانية».
في حلب سقطت الإنسانية بين قصف وجوع وبرد وحصار
فراس ديبة
القدس العربي»: مع تصاعد القصف الجوي من قبل النظام السوري وحليفه الروسي على أحياء حلب المحررة، ومع دخول الحصار المطبق على الشطر المحرر من المدينة شهره الخامس، تأخذ الحالة الإنسانية في المدينة أبعاداً أكثر خطورة من كافة النواحي.
وتزايدت خطورة الأوضاع الإنسانية بعد سيطرة قوات النظام وحلفائه من الميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية والباكستانية والإيرانية واللبنانية، على العديد من الأحياء المحررة في المدينة، ونزوح معظم سكانها إلى القسم المتبقي من الشطر المحرر.
ويقدر عدد سكان الشطر المحرر من المدينة بـ 275 ألف نسمة حسب إحصائيات مجلس مدينة حلب الحرة، وذلك قبل تقدم قوات النظام وحلفائه في الأحياء المحررة، كما يقدر عدد الذين غادروا منهم إلى مناطق سيطرة النظام بـ35 ألفاً حسب إحصائيات غير رسمية.
وعن الأوضاع الإنسانية في المدينة يقول محمد مجد كحيل، رئيس هيئة الطبابة الشرعية في حلب المحررة: «لم يعد هناك شيء اسمه إنسانية في المدينة، لقد ذبحت الإنسانية منذ أن ذبح أهالي حلب، ولم يعد يوجد من مقومات الإنسانية شيء إلا الأشكال، فالأوضاع سيئة للغاية ابتداءً من الطبية إلى الإسعافية والإنقاذ والطوارئ إلى الدفاع المدني إلى الغذاء والدواء». ويضيف: «لا يوجد عندنا قبور في هيئة الطبابة الشرعية الآن، ونقوم بدفن الجثث بشكل جماعي بعد إحداث حفر لهم».
ويصف عمار السلمو، مدير الدفاع المدني في حلب، الوضع في المدينة قائلاً: «كل شيء متوقف إلا القصف والموت والبرد والخوف والجوع. هناك أكثر من ستين جثة في الأحياء التي أصبحت مؤخراً خطوط جبهات قتال، ونحن لا نقدر كدفاع مدني أن نسحبها».
وحول جاهزية الدفاع المدني السوري يقول: «فرق الدفاع المدني في القسم المحرر المتبقي تحاول أن تساعد لكنها حالياً شبه متوقفة عن العمل لأنها أصبحت تفتقد لكل شيء. الوضع الآن في ذروة السوء، إضافة لأننا فقدنا مراكزنا في أحياء هنانو والصاخور وباب النيرب بكامل معداتها بعد سيطرة النظام على هذه الأحياء».
ومن أكبر مخاطر نزوح أعداد كبيرة من المدنيين إلى القسم المحرر المتبقي هو ارتفاع أعداد ضحايا القصف نتيجة لارتفاع الكثافة السكانية في مساحة لا تتعدى ستة كيلومترات مربعة، إضافة لعوامل أخرى يشرحها محمد كحيل رئيس هيئة الطبابة الشرعية: «من تاريخ 15/11 حتى الآن هناك ازدياد كبير في عدد الأخوة الشهداء، وكل جريح الآن هو مشروع متوفي لأننا لا نستطيع أن نقدم لهم إلا الإسعافات الأولية وبعض المواد المخدرة، حتى أن بنك الدم خرج عن الخدمة، والكثير من الجرحى يموتون بسبب النزف الشديد وعدم القدرة على تقديم الدم لهم».
لم تتوقف معاناة أهالي حلب المحررة عند القصف الجوي والمدفعي وتقدم قوات النظام، بل تعدته إلى سوء في مختلف الأحوال المعيشية والخدمية نتيجة للحصار الذي دخل شهره الرابع، المترافق مع دخول فصل الشتاء، الذي أضاف إلى الجوع عناء آخر هو البرد.
ويتحدث كحيل عن هذه المعاناة قائلاً: «بالنسبة لوضع الشتاء فالبرد قارس، ولا يوجد مواد تدفئة سوى بعض الأخشاب والحطب، وأكثر ما يؤلمنا هم الجرحى والمصابون، والأطفال الذين أصبحوا عاجزين نتيجة بتر أيديهم أو أرجلهم أو فقدان عيونهم، الوضع الإنساني رهيب جداً لا يمكن أن يوصف».
وعن الوضع الخدمي والمعيشي يقول الناشط الإعلامي مهاب عبد السلام: «إن المياه والكهرباء شبه معدومة، وتوقفت الاتصالات والإنترنت في أغلب الأماكن، والبرد يزداد ولا توجد محروقات والحطب شبه مفقود، أغلب أفران الخبز لم تعد تزودنا بالخبز نتيجة سيطرة النظام عليها، وهناك ازدحام شديد جداً على الخبز القليل أصلاً، ويعتمد الناس حالياً ما تبقى من مخزون البرغل والرز في المدينة، والذي سينتهي قريباً».
ويصف هشام سكيف، رئيس المكتب السياسي لاتحاد ثوار حلب، الوضع الإنساني في مدينة حلب بأنه «أكثر من كارثي، حيث شارف الخبز على النفاد بسبب قصف المطاحن ونفاد مخزون الطحين والحبوب البديلة، كما أن المواد الغذائية المعروضة بالسوق غالية الثمن، وخاصة بعد النزوح الداخلي من المناطق التي سيطر عليها النظام، ومع انعدام الوقود اللازم للتدفئة والشتاء تصبح الكارثة مضاعفة، إضافة لاستمرار القصف بشتى أنواع الأسلحة بما فيها الكلور، ومع توقف المشافي عن العمل إلا في بعض النقاط الطبية الاسعافية تكون الحالة الطبية أشبه بالموت المحتم لأي إصابة متوسطة».
ويطالب عمار السلمو مدير الدفاع المدني بـ«ممرات آمنة للمدنيين والجرحى الذين يرغبون بمغادرة المدينة إلى المناطق المحررة الأخرى، وهذا مطلب إنساني بسيط للبشر الذين يبحثون عن الخروج من هذه المأساة، بينما يتفنن نظام الأسد بقتل الناس وقصفهم بموافقة دولية، ومدينة حلب هي سقطة للإنسانية وللعالم».
من جانبه يرى هشام سكيف أن «الصورة قاتمة والحلول مشلولة بسبب التعنت الروسي، وضعف الضغط الأوروبي أو عدم فاعليته إلى الآن، والحلول تكمن في تدخل الأمم المتحدة سريعاً عبر المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة، تحت بند الاتحاد من أجل السلام، لتخطي الفيتو الروسي».
ورغم كل المبادرات الدولية والإقليمية والمحلية التي تطرح حول الوضع الإنساني لسكان مدينة حلب المحررة، إلا أن الموت والجوع والبرد والحصار تبقى هي الحقائق الوحيدة على أرض الواقع الذي يعيشه قرابة ربع مليون إنسان، في مساحة لا تتعدى ستة كيلومترات مربعة، محاصرة ومحرومة من كل أساسيات الحياة.
الأكراد يعودون إلى حلب
كرم يوسف
بالرغم من أن التواجد الكردي في مدينة حلب لا يمكن تأطيره زمنياً حيث يعود حسب بعض المصادر إلى القرن الثاني عشر لاسيما مع بناء الدولة الأيوبية، لكن التواجد الأبرز على شكل هجرة شبيهة بالجماعية يعود إلى مراحل ما بعد الاستقلال في سوريا وبالأخص بعد مجيء حزب البعث إلى السطة في 1963. ويمكن القول ان زيادة الوجود الكردي في هذه المدينة كان على علاقة طردية مع زيادة الظلم الذي يتعرضون له في مدنهم ومناطقهم التابعة لمدينة حلب بشكل خاص وسوريا بشكل عام، لأن العقوبات الاقتصادية الجماعية على المدن الكردية في سوريا كانت تدفع بأبنائها إلى البحث عن لقمة عيش في المدن الكبرى كحلب ودمشق.
لا يمكن الحديث البتة عن حي في حلب لا يتواجد فيه الكرد، لكن ربما من الجدير ذكر أحياء يعدون فيها من الغالبية، حيث بمجرد ذكر شخص ما أنه يعيش فيها فإن ابن حلب سيسأله: هل أنت كردي؟ لعل أبرز هذه الأحياء هي الأشرفية والشيخ مقصود والسريان وبستان الباشا.
لا أرقام مؤكدة يمكن الاستناد إليها بشأن حجم هذا التواجد في حلب قبل بدء الثورة في سوريا، لكن حسب العديد من المصادر فإن ما لا يقل عن 300 ألف كردي كانوا يعيشون في المدينة، منهم من ولد فيها أيضاً، ومنهم من صار له شأن اقتصادي ناهيك عن النواحي الحياتية الأخرى. لم يستطع التواجد الكردي في حلب أن يعيش بمنأى عما يجري في مختلف أرجاء الخريطة السورية حيث أن أي صدام كردي مع فصائل من الجيش الحر أو الإسلامية أو جبهة النصرة أو تنظيم «الدولة» أو النظام نفسه كانت له انعكاسات هذا التواجد، لذا كان المطلوب ربما هو الوصول إلى صيغ واتفاقات مع كل هذه القوى حتى يستطيع حيا الأشرفية والشيخ مقصود أن يكونا أكثر آمنا بعد فرض السيطرة عليهما من قبل قوات حماية الشعب الكردية وحماية المرأة والأساييش (الأمن الداخلي)، لاحقاً اختصرت هذه القوات تواجدها فقط في حي الشيخ مقصود.
تم مراراً وتكراراً اتهام هذه القوات باستهداف طريق الكاستيلو آخر طرق إمداد المعارضة إلى أحياء حلب الشرقية، وعلى إثرها نشبت الكثير من الاشتباكات، وكذلك تم اتهامها بالتعاون مع النظام السوري لكن ربما في ظل إبرام اتفاقية مع فصيل ما بخصوص الكاستيلو كان يتم الهجوم على الحي من قبل فصائل أخرى.
الكرد الذين كان يقدر عددهم قبل الحرب في حلب المدينة بما لا يقل عن 300 ألف تراجع بشكل كبير ليصل حسب بعض الناشطين إلى بين أربعين وخمسين ألفا غالبيتهم في حي الشيخ مقصود، ويمكن القول أنهم دفعوا ضريبة الحرب من جهة والتحولات السياسية والاتفاقات الهشة. هنا يجدر الذكر أن أسباباً عرقية ساهمت أحياناً في هجرة بعضهم على اعتبار أنه كان يتم ربط الكرد هناك بقواتهم مما جعلهم عرضة لمضايقات وسجن لدى فصائل كثيرة لمبادلتهم بمقاتلين لها.
بعد التقدم الأخير والكبير لقوات النظام السوري في مدينة حلب لاسيما في أحيائها الشرقية تغيرت الكثير من المعادلات حيث تمكنت القوات الكردية من السيطرة على أحياء بستان الباشا، بعيدين، الهلك، الحيدرية، شيخ فارس، وشيخ خضر ليبلغ مجموع الأحياء التي تقع تحت سيطرتها ثمانية مع حي الشيخ مقصود.
ضمن هجوم النظام الأخير صار حي الشيخ مقصود ملاذاً لآلاف العوائل الهاربة من الأحياء التي تتعرض للقصف وتشهد اشتباكات، في الوقت ذاته وجهت المعارضة السورية اتهامات مجددة للقوات الكردية بمساعدة قوات النظام. لكن مهما يكن فإن اعتبار التعاون بين الطرفين هو السبب لسقوط الأحياء الشرقية من المدينة فإن ذلك فرضية صعبة.
من جهة أخرى فإن من الطبيعي التساؤل عن كيفية قدرة النظام المدعوم جوياً من سلاحه والطائرات الروسية من مواجهة كافة الفصائل المعارضة لاسيما الإسلامية ولم يستطع السيطرة على حي الشيخ مقصود بل وخلال ذلك استطاعت القوات الكردية فرض سيطرتها على سبعة أحياء أخرى؟ لا يمكن فهم الأمر على أنه هدية من النظام أو ثمرة تعاون، ربما يمكن الذهاب بعيداً بأنه مرحلة جديدة من التوازنات، لاسيما أن النظام والقوات الكردية المدعومة أمريكياً شهدت اشتباكات طاحنة في أكثر من مرحلة كان آخرها في مدينة الحسكة في آب (أغسطس) الفائت حيث تدخل حينها سلاح الجو الأمريكي ليفرض حظراً على الطيران السوري إلى أن تمكنت روسيا من عقد مصالحة بين الطرفين في قاعدة حميميم في محافظة اللاذقية.
لا يمكن ارجاع بقاء الأكراد في حلب وعدم مغادرتهم لها إلى عامل واحد إنما كان هناك أكثر من سبب من بينها أن الكثيرين منهم والقادمين من عفرين صار لهم أبناء ولدوا هناك، وشاركوا في الحياة الاقتصادية، وصاروا جزءاً من الحياة هناك. منهم من لم يعد لديه إلا ذكريات آبائه في عفرين وكان مضطراً للبقاء حيث ولد في تلك الأحياء الحلبية حيث لا سبيل آخر أمامه، ومنهم من أراد الدفاع عن أبناء حيه رغم أنه لا يزال لديه أقرباء في عفرين وقراها وكان من الممكن أن يفعل ككثيرين ويذهب هناك.
من الصعب حسم الموضوع والقول أن المصير الذي لاقته الفصائل الإسلامية والمعارضة في حلب لن تلاقيه القوة العسكرية الكردية هناك فيما لو أراد النظام ذلك، لكن هجوم النظام على تلك الأحياء لن يمر بعد أحداث الحسكة الأخيرة بدون معركة تفتحها القوات الكردية في محافظة الحسكة حيث أن لها هناك القوة والسيطرة والدعم الأمريكي اللامحدود، وبالتالي فإن من شأن هذه المعركة أن تعيد التوازن لوضع القوات الكردية في حلب.
على الرغم من احتمال سيطرة قوات النظام على حلب بشكل كامل فإنه لا يمكن مطلقاً منذ الآن الحكم على الشكل الذي سيكون عليه التواجد الكردي هناك وذلك لأن الحرب لم تنته بعد. لكن مما لا شك فيه أنه ضمن هذه الأوضاع الراهنة سيستطيع الكرد في حلب تنفس الصعداء وعدم التعرض لهجوم الفصائل الإسلامية الذي كلف تواجدهم في حي الشيخ مقصود الكثير من الدمار والدماء، فبمقتضى المصالحات الأخيرة بين النظام والكرد سيستطيعون العودة إلى الأحياء السابقة التي كانوا متواجدين فيها إلى أن يحدث مستجد ما على الصعيد السوري بشكل عام من تسوية سياسية لا تزال صعبة أو من تمكن النظام من استرداد كامل قوته والهجوم على الكرد في محافظة الحسكة نفسها وبهذا سيتغير شكل القوى العسكرية الكردية في حلب أيضاً.
محاولة أمريكية أخيرة لانقاذ حلب من التدمير الكامل وترحيل السكان المدنيين بعد سنوات من الفشل العسكري والدبلوماسي في سوريا
رائد صالحة
واشنطن ـ «القدس العربي»: لم يدرك قادة المعارضة السورية المعتدلة ان الولايات المتحدة قد تخلت عنهم عندما أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما ان مهمة الجماعات المتمردة تنحصر فقط في محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» وحماية الحدود مع تركيا والأردن، ولكنهم يدركون ذلك بالتأكيد هذه الأيام وهم يحاربون لوحدهم في حلب بدون أمل ومساعدة أمام قوات النظام السوري المدعومة بكثافة من روسيا.
وليس هناك ما يدعو للاعتقاد بان الولايات المتحدة ستتدخل بأي شكل عسكري في حلب المحاصرة لانقاذ الجماعات المتمردة التي وعدت بمساعدتها سابقا، ومن المرجح ان تلجأ بعض قوات المعارضة للانسحاب من المدينة التي من المتوقع ان تسيطر عليها قوات النظام خلال فترة وجيزة، وهناك اعتقاد ان واشنطن ستخسر، أيضا، المعركة الدبلوماسية مع موسكو في سوريا، واتضح وفقا لعدد من المحللين ان السلوك الأمريكي خلال المباحثات مع الروس بشأن سوريا وحلب يسوده نوع من الارتباك بسبب خلافات خطيرة داخل إدارة أوباما تجاه الصراع.
الفترة المتبقية من ولاية أوباما لا تتجاوز أسابيع، ولا يمكن الاتكاء على حل حاسم من جانب واشنطن فالخلافات واضحة بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية، ومواقف كيري غير مدعومة على الاطلاق من طرف أعضاء مجلس الأمن القومي بمن في ذلك بن رودس وسوزان رايس، والأتعس من ذلك كله، مواقف كيري لا تتمتع بمساندة حقيقية من الرئيس الأمريكي باراك أوباما وسط اختلاف وجهات النظر بين أعضاء إدارته، أما وكالة الاستخبارات المركزية فهي ما تزال تؤيد دعم جماعات المعارضة ولكنها غير قادرة وسط الفوضى السياسية على دفع الحلول شبه العسكرية.
الطائرات الحربية الروسية قصفت بلا هوادة المستشفيات والمدارس والأسواق ما أصاب البنية التحتية للمدينة بالشلل، وقوات النظام خنقت المدينة عبر الحصار وشنت هجمات برية مدمرة ضد قيادة قوات المتمردين، ولم تتدخل الولايات المتحدة بشكل حاسم بل ناقش الروس والأتراك خيارات الانسحاب بما في ذلك السماح بانسحاب المعارضة إلى الجنوب نحو إدلب مع أسلحة خفيفة أو الانسحاب باتجاه الشمال مع الأسلحة الثقيلة للانضمام إلى معركة القوات التركية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».
التعليقات التي رصدتها «القدس العربي» من المؤتمرات الصحافية في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية بشأن سوريا وحلب فاترة بطريقة لا تناسب خطورة وسخونة الواقع على الأرض، وهي غالبا تصريحات تسعى إلى تهدئة الامور وشراء الوقت وعدم انجرار الصراع إلى كارثة إنسانية محرجة تستدعي اللجوء إلى تدابير من جهة واشنطن، وفي الواقع، هناك استنتاجات تفيد ان البيت الابيض يحاول تأخير اتخاذ أي اجراءات لمواجهة الأزمة في حين برزت تقديرات أخرى تفيد ان بيرقراطية واشنطن وطريقتها البطيئة جدا في الاستجابة للأزمة هي دليل على ان البيت الأبيض قرر بانه لا يمكن انقاذ المدينة وبالتالي لا داع للمحاولة.
والمهمة الوحيدة والأخيرة التي يحاول وزير الخارجية جون كيري تحقيقها في أيامه الأخيرة هي محاولة انقاذ مدينة حلب من التدمير النهائي وانهاء الجولة الأخيرة من المعارك التي أدت إلى نسف أجزاء كبيرة من المدينة ومحاولة الحصول على مساعدات إنسانية وطبية للسكان المدنيين المحاصرين وايجاد وسيلة لهم للخروج من الحصار. ووفقا للسكرتير الصحافي للوزارة مارك تونر فقد تحدث كيري مع نظيره الروسي لافروف بشأن حلب مشيرا إلى ان المحادثات الفنية قد بدأت في جنيف وهي تركز في المقام الاول على وقف القتال وتوفير المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين وترحيلهم بشكل آمن من المدينة، وبطبيعة الحال، تصر وزارة الخارجية الأمريكية رغم الفشل العسكري والدبلوماسي الواضح للولايات المتحدة في سوريا على ان محادثات جنيف الحالية قد تكون بداية جديدة لاحياء المسار السياسي لحل الصراع الدموي.
ورفض الناطق باسم الوزارة تأكيد التقارير التي تتحدث عن اتفاق وشيك لرحيل جميع الجماعات المسلحة من شرق حلب قائلا بانه لن يستبق نتائج المحادثات والنقاشات الجارية مؤكدا ان هناك بعض القضايا التي لا تزال بحاجة إلى حل واسئلة بحاجة إلى إجابات، وقال بانه لا يستطيع الجزم بان المحادثات قريبة جدا من تحقيق نتائج.
ومن الواضح ان واشنطن لا تعلم جيدا طبيعة المفاجاة التي تنوي روسيا اعلانها بشأن حلب ولكن تونر قال بان واشنطن تتعامل مع ما قاله وزير الخارجية الروسي بشأن مفاجأة مقبلة في سياق ايجابي حيث من المحتمل ان تخرج المحادثات في أي لحظة بنتائج إيجابية. وأضاف تونر ان هدف واشنطن المباشر هو وقف العنف والحصول على هدنة مستمرة للقتال لان من الواضح ان هناك حاجة ملحة لذلك مشيرا إلى ان هناك محاولة للنظر في جوانب أخرى قد تساعد على التوصل لهدنة أكثر مصداقية مثل السماح بالمرور الآمن للبعض من المعارضة المعتدلة.
الموقف المرتبك لواشنطن تجاه المعارضة المعتدلة في حلب أثار العديد من التساؤلات من بينها: لماذا لم تطلب واشنطن بصراحة من المعارضة مغادرة المدينة؟ هل هناك محاولة من واشنطن لابقاء جزء من شرق حلب في أيدي المعارضة أم انها تحاول العثور على طرف محايد يسيطر على الأرض ويوفر الممرات الإنسانية ؟ والأنكى من ذلك كله، هناك اصرار أمريكي على ان سقوط حلب لا يعنى نهاية الصراع في سوريا أو انتصار نظام الأسد مع الإشارة إلى ان واشــنــطــن لا تعــلم على وجه التحديد بان المدينة ستسقط في وقت قريب.
هناك توقعات كثيرة بشأن سياسة الرئيس المنتخب دونالد ترامب تجاه سوريا واختلافاته الجوهرية عن سياسة واستراتيجة أوباما تجاه الحرب الأهلية ولكنهما يتفقان على شيء واحد هو انه ليس هناك الكثير مما يمكن ان تعمله الولايات المتحدة حيال سقوط حلب، فالمدينة ستقع وفقا للتوقعات تحت قبضة نظام الأسد بدعم مستمر من روسيا.
تقف وراء تقدم قوات النظام وحلفائه: روسيا تلمح إلى تصفية المقاتلين الذين سيبقون في حلب
فالح الحمراني
موسكوـ «القدس العربي»: شددت روسيا من خطابها ازاء تسوية الوضع المتعلق بحلب إثر تعرض مستشفى متنقل في حلب لقصف أدى إلى مقتل ممرضتين وطبيب، واتهمت وزارة الدفاع المقاتلين ومن وصفتهم برعاتهم بالوقوف من وراء العملية فضلا عن سحب الولايات المتحدة بصورة مفاجئة ورقة اتفاق ثنائي قدمتها للجانب الروسي بشأن التسوية، ومقتل العقيد روسلان جاليتسكي الأربعاء إثر إصابته في حي غرب حلب. وكانت روسيا قد استعملت إلى جانب الصين حق الفيتو في مجلس الأمن ضد مشروع غربي لوقف إطلاق النار في حلب لمدة أسبوع.
ويتمحور الموقف الروسي على اشتراط خروج المقاتلين من مناطق حلب التي ما زالت في قضبتهم لقاء تأمين سلامتهم. وتراهن موسكو على ان خروج المقاتلين من حلب، وبغض النظر عن اسلوب تنفيذها، سيكون انعطافا حاسما في أي تسوية لاحقة ستكون لصالح النظام، وأنها ستحرم المعارضة بكافة أشكالها وانتماءاتها من ورقة هامة في التفاوض مع النظام حول مستقبل السلطة في سوريا.
وتهدف موسكو من حراكها الدبلوماسي، كما يبدو، إلى التعجيل في سيطرة قوات النظام على حلب، وتفضل ان يكون بالطرق السلمية لأن هذا يجنبها أيضا التورط أكثر في «المستنقع السوري» وتكبد المزيد من الخسائر فضلا عن عدم تحملها مسؤولية الضحايا والدمار في المدينة التاريخية ويجنبها من موجة التهم باراقة الدماء. ويقول مدير مركز التحليلات السياسية «روسيا ـ الشرق ـ الغرب» فلاديمير سوتنيكوف ان هدف الأسد ومن يقف وراءه، روسيا وإيران، هو الاستفادة لحد أقصى من الشهرين المتبقيين للرئاسة الأمريكية الحالية، حيث يظهر ما يشبه الفراغ الزمني في الولايات المتحدة، حينما تنتهي الانتخابات الرئاسية ولكن الإدارة الجديدة لم تباشر في اداء مهامها، وبالتالي وضع دونالد ترامب أمام الأمر الواقع.
وتقول موسكو ان إعلان الهدنة من دون خروج المقاتلين هو محاولة لمنحهم فرصة لاخذ قسط من الراحة وإعادة اصطفاف تشكيلاتهم والتزود بالأسلحة والتموين. وكما أفادت على لسان وزير الخارجية سيرجي لافروف انه «سيتم تصفية المقاتلين الذي سيواصلون البقاء في حلب». موضحا «في كل الأحوال إذا ما امتنع أحد ما من الخروج فستتم تصفيته، كما أفهم، وليس ثمة طريق آخر هنا».
ويرى مراقبون قريبون من الموقف الرسمي ان الوقت الحالي غير ملائم لتخفيف هجوم قوات النظام وحلفاؤه في حلب. ويقولون ان تحقيق الانتصار بهذا الاتجاه سوف يجعل من السهل على النظام خوض المباحثات حول التسوية السلمية. وان اتساع دائرة الدول التي لا تود المواجهة الدبلوماسية مع روسيا لاحقا، سيكون ورقة إضافية بيد موسكو في المضاربة حول التسوية السورية مع الإدارة الأمريكية الجديدة التي ستباشر عملها في كانون الثاني/يناير المقبل.
وكانت موسكو قد اتهمت واشنطن بسحب وثيقة اتفاقية تسوية الوضع في حلب الذي اقترحه في وقت سابق وزير الخارجية الأمريكية جون كيري خلال اللقاء مع لافروف في روما في الثاني من كانون الأول/ديسمبر. وتراجعت واشنطن أيضا عن عقد اجتماع على مستوى مستشارين للبلدين حول التسوية في حلب الاربعاء الماضي في جنيف. كما شهد اجتماع مجلس الأمن تبادل التهم بين ممثل روسيا وممثلة أمريكا، واتهام بعضهما الآخر بعرقلة التسوية ومواصلة نزيف الدم ومضاعفة الآلام الآف الناس في حلب. الجانب الروسي يرى أيضا ان هناك قوى في وزارة الخارجية الأمريكية تعمل على احباط مبادرات جون كيري السلمية وتقويضها. ولا يستبعد ان تكون واشنطن قد عدلت من موقفها بسبب فرض موسكو وحلفاؤها النقض على مشروع وقف إطلاق النار.
وكتبت صحيفة «واشنطن بوست» ان الدبلوماسية الأمريكية قامت مؤخرا بتفعيل حراكها بشكل مبدئي على ضوء التغيرات في الوضع في حلب. وحسب ما أفادت الصحيفة فان وزير الخارجية الأمريكية جون كيري «يبذل جهودا مستميتة» من أجل ان يحصل من روسيا على موافقة بوقف العمليات القتالية، وهذا ما تشهد عليه الاتصالات الهاتفية المستمرة مع نظيره الروسي لافروف ولقاءهما الذي تم في بيرو، على هامش قمة دول آسيا والمحيط الهادي، وعلى حد تقديرات الصحيفة، ان كيري يخشى من انه وبعد مباشرة دولاند ترامب منصبه الرئاسي سيتوصل مع موسكو إلى اتفاقية أخرى حول سوريا، مما سيضع واشنطن إلى صف الأسد. ونسبت الصحيفة إلى مصدر في الخارجية الأمريكيه قوله، ان موسكو تمط الوقت بشكل مقصود من أجل ان تكرس الانتصار العسكري للأسد في حلب.
ويقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط ليونيد ايساف ان وزارة الخارجية الأمريكية غابت في الأشهر الأخيرة عن حلب عموما. منوها بان لدى الولايات المتحدة مبادئ وحسب، تنطلق منها. مثلا ان على روسيا عدم القيام بأعمال قتالية وفرض نظام وقف إطلاق النار ومراعاة القانون الإنساني. ولكن في الأشهر الأخيرة، كما يقول ايسايف، ليس لديها الاستراتيجية التي يمكن تجسيدها على أرض الواقع. لذلك، حسب الخبير، ليس لدى واشنطن ما يمكن ان تطرحه على موسكو. وحسب قوله، ان بوسع الولايات المتحدة التوصل إلى حل وسط مع روسيا، وليس مع الأسد.
من ناحيته يرى تقرير لمعهد الشرق الأوسط في موسكو، ان من السابق لأوانه التعبير عن الابتهاج المفرط بشأن الوضع في حلب. منوها بانه ورغم حصول انعطاف في عملية اخراج المقاتلين من المدينة، لكن ثمة الكثير ما يجب عمله في المناطق التي ما زالت في قبضة المعارضة المسلحة، وينبغي الكلام عن النجاحات الفعلية والتي لا تقبل الشك فقط بعد ان تفرض قوات النظام سيطرتها بالكامل على شرق حلب.
وحسب معطيات التقرير فان نجاحات قوات النظام في حلب تحققت ليس بقوة جيش النظام وانما بفضل عمل المستشارين العسكريين الروس وتقديرهم الصحيح لقدرات تشكيلات المعارضة المسلحة واحتساب تحركاتهم. وقامت هذه الاستراتجية، كما يشير التقرير، على إنهاك الخصم ما أدى في نهاية المطاف إلى تحقيق النجاحات. منوها إلى ان جيش النظام ما زال في وضع صعب يفتقر إلى المجندين والأسلحة فضلا عن القيادات الميدانية ذات الخبرة. وأضاف بانه لم يكن لدى الأسد جيش بمعنى الكلمة قبل عملية القوة الجوية الروسية. مؤكدا ان المستشارين العسكريين الروس وقفوا وراء انجازات قوات النظام في حلب. وقال، ان الضباط الروس متواجدون عمليا في كافة نقاط إدارة قوات النظام، وغالبا ما يشرفون على السوريين عند القيام بالعمليات القتالية.
حلب اليتمية داخل قاعة مجلس الأمن اللئيمة
عبد الحميد صيام
نيويورك -«القدس العربي»: لم يكن نفاق المجتمع الدولي في التباكي على مأساة حلب بأكثر منه وضوحا مثلما كان يوم الخامس من شهر كانون الأول/ديسمبر من هذا الشهر. فقد عقد مجلس الأمن الدولي جلسة استمرت أربع ساعات كاملة لمناقشة مشروع قرار يتحدث ببساطة عن وقف إطلاق النار لمدة أسبوع من أجل ايصال المساعدات الإنسانية واخلاء الجرحى والمرضى أساسا. كان المطلوب هدنة فقط يستأنف بعدها القتل الجماعي للمدنيين لكن الفيتو المزدوج كان بالمرصاد ولأسباب لا تتعلق أحيانا بالمضمون بل بالشكل وبعدم إكتمال المشاورات أو بالضغط للتصويت على عجل.
تحدث في الجلسة كافة أعضاء مجلس الأمن إضافة إلى الممثل الدائم لسوريا بشار الجعفري. وإذا قرأت بين السطور في كلمات الوفود تجد أن أطفال حلب ونساءها وشيوخها ومرضاها وجرحاها قد ضاعوا بين الشقوق وفي الكلملت والجمل الغامضة التي قد لا تعني شيئا أو تعني الشيء ونقيضه على الطريقة البريطانية وكان المظهر الأوضح للجلسة أن هذه الدول كانت في جلسة مناكفة حامية ضاع فيها أبناء حلب بين من يتهم الطرف الآخر بتمويل الإرهاب فيرد الآخر بأنه يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ولا يملك من يراقب مثل هذه الجلسات عن قرب إلا أن يقسم أن الطرفين كانا على صواب.
هناك من يريد أن يثبت أن مندوب روسيا يكذب ومن يحاول أن يتهكم على من يدعي بأنه ضد الإرهاب وهو يرعاه ومن يحاول أن يثبت للآخرين أن هذا المندوب ملطخة أياديه بالدماء. بعضهم حاول أن يمثل تبنيه لأحزان ومصائب أطفال حلب لكن التعابير الخشبية كانت تفضح ما بالداخل. بعض المندوبين كان يلقي خطابا في المجلس ولكن خطابه في الأساس موجه إلى داخل بلاده ليزيد، أو هكذا يظن، في شعبية زعيم رديء لا شعبية له.
استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) للمرة السادسة في المسألة السورية ولحقتها الصين فاستعملت الفيتو للمرة الخامسة. ولم يجدا هذه المرة يدا ترتفع معهما إلا يد ممثل فنزويلا على عكس التصويت يوم 8 تشرين الأول/أكتوبر عندما ارتفعت أيضا يد عمرو أبو العطا، السفير المصري ليثير تصويته إلى جانب روسيا غضبا عارما في السعودية أدى إلى ردح مزدوج بين البلدين.
الفيتو المزدوج أطاح بمشروع القرار الذي تقدمت به كل من مصر ونيوزيلاندا واسبانيا وأطاح بأحلام نحو 350 ألف كانوا يتعلقون بحبال من وهم ما يسمى بالمجتمع الدولي الذي سيلقي حبالا من الفضاء تنزل عليهم من سلالم الطائرات لتنتشلهم من الأقبية المعتمة الباردة التي تحولت إلى مكان للنوم والعمليات الجراحية والموت.
عينة من الاقتباسات
حجة السفير الروسي فيتالي شوركين لاستخدام الفيتو أن مشروع القرار سيعطي الجماعات الإرهابية فرصة من عشرة أيام لإعادة التنظيم والتسلح والتموضع كما أن مشروع القرار في حالة اعتماده سيؤثر سلبا على المحادثات المقترحة بين الولايات المتحدة والاتحاد الروسي حول انسحاب العناصر المسلحة من حلب الشرقية وقال إن مشروع القرار وضع في صيغته الزرقاء الساعة 11:28 من صباح اليوم نفسه ويجب أن يمر عليه يوم كامل قبل التصويت. مندوب نيوزيلندا رد على السفير الروسي أن مشروع القرار وضع في الصيغة الزرقاء الساعة الثامنة مساء الجمعة بينما أكد السفير الفرنسي أن مشروع القرار وضع في صيغته الزرقاء قبل أسبوع. إذن بين الروايات الثلاث يضيع 800 مدني في حلب. والآن ينتظر مئة ألف طفل في حلب الشرقية لعل الدول الثلاث تتفق فيما بينها متى وضع القرار في صيغته الزرقاء. أطفال حلب يؤكدون أن القرار وضع بصيغته الحمراء في حي سيف الدولة وقيل في بابا عمرو وقيل حي الصاخور الواقع بين كماشتين: الطائرات والجماعات المسلحة التي تمنع خروجهم.
ما يهم المندوبة الأمريكية، ميشيل سيسون، شيء آخر ليس أحزان أطفال حلب ودموعهم بل أن تثبت أن روسيا غير معنية إلا بمصالحها «روسيا تركز على الحفاظ على مكاسبها العسكرية أكثر من مساعدة المدنيين في حلب. لقد تحدثت روسيا مرارا من قبل عن اتفاقات دبلوماسية مبهمة للمجادلة من أجل تأجيل القيام بعمل في مجلس الأمن. في كل مرة أعقبت روسيا وعودها بجولة مكثفة من القصف المؤدي إلى عواقب مروعة». ثم قدمت وعدا خطيرا سيفك حصار المجوعين. فقد رفعت سبابتها وهي تؤكد أمام المجلس «مواصلة انخراط بلادي المباشر مع الدول الرئيسية بما فيها روسيا من أجل معالجة الوضع المروع على الأرض». أتريدون أفضل من هذا الانخراط الذي يؤدي إلى معالجة الوضع المروع على الأرض؟
مندوب مصر عمرو أبو العطا، تفطر قبله من الأسى ليس على أطفال حلب بل لأن مشروع القرار «المتوازن» كما وصفه، والذي صاغه مع نيوزيلندا واسبانيا استغرق وقتا طويلا من المناقشات قبل طرحه للتصويت ثم تكون النتيجة أن لا يكتب له النجاح. يا خسارة الوقت الذي ضيعه مه زميليه لصياغة قرار يمثل حبل نجاة لأطفال حلب. ثم أعلن بكل وضوح وجدية أنه ينحاز ويقف مع «مصلحة الناس العاديين في سوريا من كافة الطوائف والأديان والأعراق حتى تعود البلاد إلى وحدتها» وكأن البلاد بقي فيها طوائف وأعراق وأديان. ووجه قذيفة من العيار الثقيل لمن رفضوا القرار (يقصد روسيا والصين وفنزويلا) بـ»عدم الاكتراث بمصلحة الإنسان السوري». هل سمعتم أكثر إيلاما من هذه التهمة؟ «عدم اكتراث»؟ أعتقد أن بوتين لن ينام تلك اللية مرتاحا ومصر «أم الدنيا» تتهمه، ولو بشكل غير مباشر بأنه غير مكترث بمصلحة الإنسان السوري وهو الذي أرسل أساطيله وصواريخه وحاملات طائراته لينقذ النظام السوري حتى لو تشرد 8.5 مليون ولجأ خارج الحدود 4.5 مليون. ثم ألحق أبو العطا تهمة أخرى بمن قتل مشروع القرار حيث إن البعض «فضلوا تغليب مصالحهم السياسية الضيقة». ثم تساءل «أي دين أو عقيدة أو طائفة ما زالت قادرة على تبرير هذا الحجم من الدماء والاقتتال» ولكنه لم يسمع أي جواب وكنا نتمنى لو أنه تطوع بنفسه وقدم الإجابة الشافية والوافية فلعلها تكون الترياق لـ 974000 محاصر. ولم ينس أن يقدم رزمة من الحلول للأزمة قد يحتاج تنفيذها خمس سنوات أُخر. فقد دعا بكل جدية «مجموعة الدعم المعنية بسوريا إلى استئناف عملها الذي بدأه الأردن منذ العام الماضي للإسهام في هذا الجهد». أي تحديد من هو الإرهابي ومن هو غير الإرهابي. وبما أن السوريين تعودوا على الانتظار فلا بأس. «انتظروا سنة أو اثنتين أو ثلاث لاستكمال جهود الأردن في تحديد هويات نحو 1300 فصيل من بينهم 80 ألف متطوع من 80 بلدا.
خطاب التشفي ألقاه المندوب السوري بشار الجعفري، والذي ينتقد كل من يستخدم مصطلح النظام السوري فيصححه «بل قل حكومة الجمهورية العربية السورية». ألقى مرافعة وهو في منتهى الراحة وهو يخاطب الفرسان الثلاثة «بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة» وذكرهم بأن مثل هذه القرارات لا تخدم في النهاية إلا تقوية الإرهاب وتعزيزه في سوريا، وهو أمر لن تسلم منه أي دولة عضو في هذه المنظمة. و»أؤكد على كل من يدعي حرصه على تحقيق مصلحة الشعب السوري سواء في تخفيف معاناته الإنسانية أو التوصل إلى حل سياسي بقيادة السوريين أنفسهم كما تقولون أنتم أو القضاء على آفة الإرهاب، فعليه أن يطرق باب الحكومة السورية، والعنوان معروف للجميع». ولكن سمعت من أحدهم أن العنوان غير معروف وأنه سر يتداوله قلة قليلة من حول دائرة صنع القرار حيث يتم تغيير مكان النوم بشكل دوري. وأكد لهم أيضا أن باب المعاناة للناس في حلب مصدره واحد أحد وهو «ممارسات الجماعات الإرهابية». ووعدهم بأن حكومته «لن تخذل أهلنا ولن تتوانى عن ممارسة واجبها الدستوري والقانوني في طرد الإرهابيين من حلب». وطبعا يثير بعض المشككين أن خبرة الحكومة السورية ليست طويلة في ممارسة واجبها الدستوري والقانوني وقد تستعين بمجموعة خبراء من روسيا وإيران والعراق. فبعد تدمير حلب وطرد الإرهابيين منها ستمارس الحكومة واجباتها الدستورية والقانونية كاملة غير منقوصة على من بقي فيها على افتراض أنه سيبقى بها أحد.
فان بوهيمي، سفير نيوزيلندا، أحد مقدمي القرار، كان مشغولا بهم آخر. إذ قال «إن عدم قدرة المجلس على التصرف، على الرغم من الاحاطات الإعلامية الشهرية البيانية، والمناشدات المُلِحَّة على نحو متزايد من ستافان دي ميستورا وستيفن أوبراين وآخرين، مدمِّرة لسمعة هذا المجلس، وكارثية لشعب سوريا». سمعة المجلس هي الأهم. من العيب يا أبناء حلب أن تورطوا نيوزيلندا في مثل هذه الجهود الفاشلة التي ستضر بسمعة المجلس. ثم وجه صفعة للمندوب الروسي الذي اتهمه بأنهم لم يتشاور معه فخاطبه قائلا «وأود أن أذكر أنَّ أكثر وفد عملنا معه بكثافة، وأخذنا منه أكبر عدد من التغييرات هو وفد الاتحاد الروسي». فكيف يا سيد تشوركين تنكر أن الجماعة تعاونوا معك وقبلوا العديد من التعديلات من بينها تغيير فترة الهدنة من عشرة أيام إلى سبعة؟ وأهل حلب كانوا يتمنون لو أن الهدنة كانت عشرة ولكن من أجل خاطر بوتين تقبلوا فكرة السبعة أيام على مضض.
السفير الفرنسي، دي لاتر، تناسى أن بلاده استعمرت سوريا وجربت أن تقسمها إلى ثلاث دول واقتطعت جزءا عزيزا أهدته لتركيا. لكن يا جماعة هذه المرة فرنسا تريد أن تساعد الشعب السوري. لماذا لا تصدقوها وقد صوتت مع مشروع القرار «ما فعلته فرنسا اليوم، إلى جانب الغالبية العظمى من أعضاء المجلس، أنها تدرك المسؤولية الهائلة التي نضطلع بها لصون السلم والأمن الدوليين». ثم يبدو أنه اكتشف اكتشافا هاما إن روسيا، بتأخيرها المفاوضات لأطول وقت ممكن، ثم معارضة مشروع نص معتدل للغاية، قد اختارت أن تستمر في تجاهل نداءات المجتمع الدولي.
معركة حلب: عندما تسقط بوابة العالم يخسر المقاتل مركزه ويرث الديكتاتور حطاما يسميه «سوريا المهمة»
إبراهيم درويش
ماذا بعد حلب؟ هذا هو السؤال المعلق في الهواء على ألسنة المعلقين والمحللين السياسيين وسط صمت مريب على ما جرى في الجزء الشرقي من المدينة من انهيار للمعارضة المسلحة وتشتت المدنيين وتوغل الميليشيات الشيعية الموالية لنظام الأسد في معقل المقاومة السورية الذي سيطرت عليه منذ عام 2012. وبخسارته تصبح المعارضة بدون قلب أو مركز، ففي الشمال أقامت تركيا منطقة أمنية تهدف لمنع الأكراد التقدم في مناطق غرب الفرات وربط جيب عفرين مع الجيوب الأخرى. وفي الجنوب هناك الجبهة الجنوبية التي تتعامل مع الولايات المتحدة وغرفة العمليات العسكرية في العاصمة الأردنية عمان، وهي شبه مجمدة منذ عام بعد المفاوضات التي قام بها الروس نيابة عن نظام الأسد مع الأردن. ومن هنا فسؤال إلى أين ستذهب المعارضة يظل اشكاليا ومثيرا، فقد استخدم النظام السوري وحلفاؤه الروس منطقة إدلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة كنقطة لإرسال كل المقاتلين وعائلاتهم الذين قبلوا تسليم السلاح بعد نجاح استراتيجية الجوع أو الركوع في تركيع المدنيين وإجبار المقاتلين على إجراء صفقات. وكما وصف دبلوماسي غربي إدلب بأنها مثل السلة التي يلقى إليها كل «البيض الفاسد» حتى يقوم الطيران الروسي بعد ذلك بضربه والتخلص منه. وتظل إدلب منطقة إشكالية، فهي واقعة تحت سيطرة تحالف من جبهة النصرة أو فتح الشام الموالية للقاعدة وأحرار الشام الجماعة ذات التوجه السلفي. وفي مسارات الأزمة السورية تجد المعارضة اليوم نفسها على مفترق طرق وتدرس خياراتها وسط أسئلة عن الانهيار. فقبل فترة كانت عصية على الهزيمة وقادت في الأشهر الماضية هجوما مضادا ضد قوات النظام في حلب الغربية وإن لم يكن ناجحا. والأسئلة عن الانهيار تتراوح بين الصفقات السرية والخيانة وفقدان القدرة على الصمود بسبب توقف الامدادات. وكانت صحيفة «فايننشال تايمز» (1/12/2016) أشارت لمفاوضات برعاية تركية بين رموز سياسية في المعارضة والروس بعيدا عن الولايات المتحدة التي بدت خارج اللعبة لوقف القتال. وجاء الحديث وسط تقدم للقوات الموالية للنظام السوري ولهذا لم يكن في وارد هذا الطرف البحث في اتفاقيات هدنة أو إطلاق النار وهو الذي ظل يخرقها دائما.
ولا شك أن هناك أسئلة كثيرة تثار حول موقف أنقرة من حلب، فهناك من تحدث عن تفاهمات تركية-روسية حول المدينة مقابل نفوذ تركي في المناطق الحدوية بين البلدين. وهناك من برر الموقف باعتباره تحولا في السياسة الخارجية الذي يؤكد على المظاهر الأمنية لا الايديولوجية ونشر النموذج التركي في دول الربيع العربي كما ناقش غالب دالي في «فورين أفيرز» (24/11/2016). وفي ضوء هذ التحول لم تهرع تركيا إلى نجدة المقاتلين السوريين في حلب وتركتهم يواجهون قدرهم لوحدهم. ويعتقد أرون لوند من موقع «سيريا إن كرايسيس» في مركز كارنيغي للسلام العالمي (2/12/2016) أن دخول تركيا إلى سوريا تم بتفاهمات مع روسيا لتقاسم النفوذ في الشمال وجاء بعد تحسن في العلاقات بين البلدين والتي ساءت عقب إسقاط الطائرة الروسية العام الماضي ومن هنا فلن تلجأ أنقرة أو موسكو إلى خطوات تعكر صفو العلاقات من جديد. وأيا كان فلو كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حريصا على دعم المعارضة لما انتظر حتى دخول قوات الأسد من أجل إنقاذها. ولا شك كما يقول لوند أن المستقبل يبدو قاتما أمام المعارضة التي لم يعد لديها مركز انطلاق وأصبحت خياراتها صعبة ما يجعل من تحقيق النصر الذي كان قويا قبل سقوط حلب أمرا صعبا في الوقت الحالي. وما يعقد الوضع هو وصول رئيس للولايات المتحدة للسلطة ولا يعرف أحد بعد توجهاته السياسية سوى تصريحاته التي أكد فيها على عدم اهتمامه بمعارضة لا يعرفها ولم يستبعد التعاون مع روسيا في قتال تنظيم «الدولة». وفي ضوء هذا كله، هل سيعود المقاتلون من جديد إلى أسلوب حرب العصابات ويقومون بشن هجمات على النظام والروس والميليشيات الشيعية أم سيتحالفون مع الجماعات الجهادية مثل فتح الشام وأحرار الشام؟ ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» (3/12/2016) عن قادة في المعارضة تعبيرهم عن حالة إحباط من موقف الولايات المتحدة التي رفضت تسليحهم بأسلحة نوعية لمواجهة عدو مسلح بشكل جيد. وقال أحدهم إن «أمريكا لن يكون لها تأثير على المقاتلين لو أجبروا (للانسحاب) إلى إدلب» ومن هنا قد تجد الإدارة المقبلة مبررا أكبر لوقف الدعم عن المعارضة المعتدلة كليا نظرا لوجود أكثر من 10.000 مقاتل تابع لجبهة فتح الشام والمصنفة إرهابية. وفي ظل ما يراه الجنرال المتقاعد مايكل فلين، رجل دونالد ترامب المرشح لمنصب مستشار الأمن القومي فإن موقف الإدارة المقبلة سيتغير كليا من المعارضة، ذلك أن فلين يرى أن التعاون بين الجماعات السورية المعتدلة والمتطرفين بدأ على المستوى العملياتي منذ وقت طويل. وقال «عندما لا تكون موجودا وتساعدهم فسيبحثون عن طرق أخرى لتحقيق أهدافهم» في إشارة للدعم المتردد والمتفرق الذي قدمته الولايات المتحدة للمعارضة، سواء عبر برامج التدريب والتسليح التي أشرفت عليها «سي آي إيه» وتلك التي أشرفت عليها البنتاغون وكلاهما أثمر ثمارا متواضعة.
دور القوى الخارجية
ويرى أوري فريدمان في مجلة «ذا أتلانتك» (8/12/2016) أن قصة حلب هي مثال عن الطريقة التي تتصارع فيها إرادات القوى الخارجية وتسهم في تسعير الحرب ومن ثم ترفض بذل الجهود لوقفها. فمقابل الجهود العسكرية التي بذلها حلفاء الأسد خاصة منذ العام الماضي قطع رعاة المعارضة عنها شريان الدعم إما عن تردد أو انشغال بحروب أخرى مثل السعودية أو تغير في أولويات السياسة كما شاهدنا مع أنقرة. ومن هنا فسيطرة نظام بشار الأسد على حلب وهو الذي كان على حافة الانهيار قبل عام هو انتصار له ولفلاديمير بوتين الذي جيش قواته وطائراته ولإيران ولميليشياتها. وستكون معركة حلب نقطة تحول في مسار الحرب الأهلية السورية التي مضى عليها ستة أعوام تقريبا ومسار المنطقة بالضرورة. فمن ناحية الأسد، تعني حلب وإن كانت جثة هامدة ومنطقة مفرغة من السكان مثلها مثل حمص وداريا وكل المناطق التي خرجت منها المقاومة، استعادة السيطرة على ما يراه أندرو تابلر من معهد واشنطن الذي كتب مقالا مشتركا مع المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط في «فورين أفيرز»(25/11/2016) هو استعادة لسوريا «المهمة» أو «الضرورية» أي سيطرة النظام على معظم المراكز الحضرية باستثناء إدلب وبالضرروة على غرب سوريا. وهذه مهمة للنظام فالمنطقة تؤمن ما تبقى من دولته وتؤمن طرق نقل السلاح الإيراني إلى حزب الله في لبنان وتحافظ على القواعد العسكرية في غرب البلاد. على المستوى الإقليمي يعتبر ما جرى في حلب والحرب الأهلية السورية عموما نتاجا لتحولات ما بعد الحرب الباردة.
ففي دراسة أعدها كريستوفر فيليبس من كلية كوين ماري- لندن ناقش فيها أن الانتفاضة ثم الحرب الأهلية السورية هي نتاج عوامل عدة منها تراجع الهيمنة الأمريكية بالمنطقة وفشل غزو العراق ما بين 2003- 2011 وتراجع أهمية النفط الخليجي بالإضافة إلى خفض النفقات العسكرية والتقشف الاقتصادي الذي تبع الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 ومن ثم انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة الذي وصل للرئاسة على ورقة معارضة الحروب «الغبية» في العراق وجاء إلى البيت الأبيض بأجندة إنهاء الحروب ومنع تورط الولايات المتحدة في حروب جديدة.
وسمحت هذه الظروف منفردة أو مجموعة للاعبين إقليمين بالدخول وملء الفراغ والتنافس على سوريا والعراق إذ تحولا لساحة نزاع لتصفية حسابات أو الحصول على جوائز. وفي هذا الإطار نشطت كل من تركيا وإيران والسعودية فيما عادت روسيا إلى المنطقة بعد غياب طويل وبدأت تؤكد حضورها في سوريا وليبيا ومصر وتقيم علاقات مع دول المنطقة وتقدم نفسها كصديق للذين شعروا بالخيبة من الحليف الأمريكي التقليدي.
ويرى فيليبس أن الولايات المتحدة لا تزال اللاعب الأقوى في المنطقة مع أنها لم تعد تتمتع بالنفوذ السابق نفسه في العقد الأخير من القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي. ومن هنا حاول كل طرف دخل ساحة المنافسة تحقيق ما يمكن تحقيقه. وكان التنافس خطيرا حيث أسهم النزاع بين اللاعبين الإقليميين في تغذية النزاعات التي تحتاج لمساعدة أمريكية في حلها مثل الحرب السورية. فمن جهة كانت تركيا ودول الخليج طرفا في الحرب بالطريقة التي فشلت فيها إيران وروسيا بالتأثير على نظام الأسد وإجباره على تغيير سلوكه بل أصبحتا جزءا من أجندته الحربية نظرا لحرصهما على تحقيق أهدافهما السياسية. ويعتقد فريدمان أن نظاما جديدا في طريقه للظهور في المنطقة وهو وإن لم يبرز بسبب الحرب السورية إلا أن هذه كشفت عن الطابع الجهنمي للحرب التي ستنتهي بديكتاتور يحكم بلدا مدمرا وركاما ويحظى بدعم نظام مستبد في روسيا وحكومة ملالي في إيران ستجد الفرصة للتلاعب في شؤون المنطقة.
إيران والسعودية
ورغم دعوة صحيفة «التايمز» البريطانية (8/12/2016) المجتمع الدولي منع إيران وبالضرورة الأسد من الفوز في معركة حلب إلا أن النظام الإيراني وفي هذا العام استفاد كثيرا من تراجعات منافسته السعودية وتردد أوباما وانشغال أمريكا بمرحلتها الانتقالية بعد الانتخابات الرئاسية. وفي مقال للمحلل بمعهد بروكينغز، بروس ريدل بموقع «المونيتور»(7/12/201) قال فيه إن عام 2016 هو عام ترغب السعودية بنسيانه نظرا لما واجهته من مصاعب اقتصادية وانخفاض في سعر النفط وتورط في حرب اليمن وتوتر علاقاتها مع حلفاء مثل مصر التي كانت النجاح الأكبر للرياض في مرحلة ما بعد الربيع العربي. وأشارت مجلة «إيكونوميست» (10/12/2016) إلى انجازات إيران على حساب التراجعات السعودية من لبنان إلى العراق واليمن وسوريا ومصر التي بدأ رئيسها عبد الفتاح السيسي بالتقارب مع النظام السوري وحتى الإيراني بالإضافة للعلاقة مع روسيا رغم تلقيه مليارات الدولارات كدعم من السعودية ودول الخليج لحماية نظامه. وقالت المجلة ان تراجع حظوظ السعودية مرتبط بالدعم الكبير الذي قدمته إيران للشيعة العرب سواء في العراق ولبنان واليمن وكذا دعم حلفائها في سوريا. وقالت إن السعودية خسرت القوة الناعمة أيضا والتي دعمت من خلالها أنظمة في مصر وحاولت بناء قوة لها في لبنان حيث قبل حليفها هناك سعد الحريري بمنصب رئيس الوزراء مقابل الموافقة على مرشح حزب الله للرئاسة اللبنانية، العماد ميشال عون. بعيدا عن الحسابات الإقليمية فكارثة مدينة حلب التي جرت تفاصيلها والعالم يتفرج تعبر بالضرورة عن خيانة واضحة للمدنيين وستلطخ الكارثة ضمير العالم لسنوات مقبلة. ووصفت صحيفة «الغارديان» (1/12/2016) المشهد الحزين في حلب قائلة «آباء متعبون يحملون أطفالهم الخائفين ويدفع الشبان الصغار الكبار في العمر على عربات بسيطة أو كراسي متحركة ـ أما العائلات فتجر حقائبها المتخمة» فهذا «الخروج» الجديد من حلب الشرقية.
وقالت الصحيفة أن ما آل إليه الحال في حلب هو تجسيد لفشل السياسة الغربية ويعد إهانة للأمم المتحدة ويمثل سقوطها بيد النظام انتصارا للاستراتيجية الروسية. وستنضم حلب إلى القائمة سيئة السمعة التي ارتبطت بالجرائم الجماعية والتي ارتكبت أمام نظر العالم وتحت سمعه: «سبرينتشا وغروزني وغرنيكا». قالوا دائما «لن يحدث هذا» وها هو يحدث «الآن وهنا في غرب المتوسط» وفي حلب مدينة الصور والمسجد العظيم والسوق القديم الذي كان، والكبة الحلبية وقلعة سيف الدولة وطريق الحرير والخوذ البيض وعمران دنقيش.
قتلى بقصفٍ على معرة النعمان… و”داعش” يتقدم مجدداً بتدمر
جلال بكور
قُتل وجُرح مدنيون جراء استهداف طيران النظام السوري سوقاً للخضار، في مدينة معرة النعمان بريف إدلب، بينما عاود تنظيم “الدولة الإسلامية” “داعش” تقدمه في مدينة تدمر، في وقت صدّت فيه المعارضة السورية المسلحة هجوماً لقوات النظام على أحياء حلب المحاصرة.
وفي حديث لـ”العربي الجديد”، أوضح الناشط جابر أبو محمد، أن “قوات النظام السوري ارتكبت مجزرة جراء قصف جوي استهدف سوق الخضار، وسط مدينة معرة النعمان في ريف إدلب، وأسفر القصف عن مقتل سبعة مدنيين وجرح العشرات بينهم أطفال، بينما تبقى الحصيلة مرجحة للارتفاع”.
وفي ريف إدلب أيضاً، شن طيران النظام غارة على مدينة سراقب استهدفت الأحياء السكنية بعدة صواريخ وأسفرت عن مقتل امرأة وجرح 12 مدنياً، إضافة إلى أضرار مادية كبيرة. كما طاول القصف الجوي، من طيران النظام السوري، قريتي الكندة وتل مرديخ.
أما في ريف حمص، فأفاد عضو تنسيقية تدمر، خالد الحمصي، لـ”العربي الجديد”، بأنّ “تنظيم “داعش” عاود التقدم على حساب قوات النظام السوري في مدينة تدمر شرق محافظة حمص، وسيطر على حي العامرية وتلة العامرية الاستراتيجية ومنطقة الوادي الأحمر وحي مساكن الضباط وحي الصناعة في شمال وشرق المدينة”.
وسيطر التنظيم أيضاً على قلعة فخر الدين المعني، جنوب غربي مدينة تدمر، والتي تُعرف بـ”قلعة تدمر”، وبذلك يقترب التنظيم من تطويق المدينة من كافة الجهات، بينما تتواصل الاشتباكات في المنطقة الجنوبية من المدينة.
وكان تنظيم “الدولة الإسلامية” قد انسحب، صباح اليوم، إلى أطراف المدينة، بعد سيطرته عليها بالكامل، مساء أمس، وذلك إثر القصف الجوي العنيف من الطيران الروسي.
إلى ذلك، تصدّت المعارضة السورية المسلحة لهجوم من قوات النظام السوري، بدعم من المليشيات الطائفية على الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في شرق مدينة حلب، حيث اندلعت مواجهات عنيفة بين الطرفين في جبهات بستان القصر، والمعادي، وجب الجلبي والإذاعة وباب المقام والقصيلة، بحسب ما أكدت مصادر محلية.
وذكر مركز حلب الإعلامي، أن المعارضة السورية المسلحة دمرت دبابة وعربة عسكرية لقوات النظام على جبهتي القصيلة وباب المقام، في مدينة حلب المحاصرة.
وفي غضون ذلك، قصفت قوات النظام بالمدفعية والصواريخ أحياء الأنصاري وجسرالحج وتل الزرازير والسكري المحاصرة، متسببة في وقوع جرحى وأضرار مادية كبيرة.
وفي درعا، وقع عدد من الجرحى بين المدنيين بقصف مدفعي من قوات النظام استهدف مدينة الحاره بريف درعا الشمالي، في حين طاول قصف مماثل بلدات جاشم وأم العوسج وايب ونوى.
في المقابل، قصفت المعارضة السورية المسلحة مواقع للنظام بالصواريخ والمدفعية، في قرية الفقيع والكتيبة المهجورة وتل محجة والكتيبة العسكرية، قرب بلدة جدية، ومواقع في تل غرابة بالجهة الغربية من مدينة الصنمين.
غضب في السويداء من زيارة روسية لمضافة سلطان الأطرش
محمد أمين
ولّدت زيارة ضابط روسي لضريح ومضافة واحد من أهم الشخصيات سورية في تاريخها الحديث، سلطان باشا الأطرش، حالة استياء في محافظة السويداء، واعتبرها كتّاب محاولة لتشويه إرث نضالي وطني، وتشتيت مرتكزات الانتماء لدى السوريين.
وقام وفد روسي يرأسه العقيد يوري زامانوف، من قاعدة حميميم الروسية في ريف اللاذقية، يرافقه مسؤولون محليون، بزيارة ضريح ومضافة سلطان باشا الأطرش في بلدة القريّا بمحافظة السويداء جنوب سورية يوم الثلاثاء الماضي. وقام بتوزيع سلال غذائية على الأهالي ونازحين إلى البلدة في محاولة لإضفاء جانب إنساني على الزيارة.
وسلطان الأطرش (1891 – 1982) هو في طليعة الشخصيات التي كان لها دور وطني بارز في تاريخ سورية المعاصر. وكان السبّاق في رفع علم الثورة العربية فوق السراي الحكومي في العاصمة السورية دمشق في سبتمبر/أيلول من عام 1918، بعدما خاض معارك مع الجيش التركي جنوب دمشق، منهياً بذلك وجوداً عثمانياً في بلاد الشام امتد أربعة قرون.
” واختاره وطنيون سوريون أبرزهم، عبد الرحمن الشهبندر، قائداً للثورة السورية الكبرى لمقاومة الانتداب الفرنسي في منتصف عقد العشرينيات من القرن الماضي. واستمرت الثورة عامين متتالين خاض خلالها الثوار السوريون بقيادة الأطرش معارك دخلت الذاكرة الوطنية السورية، قبل أن ينسحب مع عدد من رجاله إلى الأردن، حيث بقي هناك حتى عام 1937. واستقبل استقبال الأبطال إثر عودته إلى دمشق.
وأكد عدد من الكتاب المنتمين إلى محافظة السويداء أو “جبل العرب”، كما يطلق عليها السوريون، رفضهم لزيارة ضابط روسي إلى ضريح ومضافة سلطان الأطرش. وأشاروا إلى أنها تأتي في سياق محاولات تشويه تاريخ من النضال لواحدة من المحافظات السورية، وأن الزيارة لا تعدو كونها استعراضاً لقوة احتلال.
وأوضح الكاتب، حافظ قرقوط، أن سلطان الأطرش “رمز تاريخي سوري”، مضيفاً في حديث مع “العربي الجديد” أن “الروس يحاولون اتباع سياسة مارسها النظام خلال عقود، وهي دفع رموز وطنية نحو انتماءات طائفية لفصل السوريين عن بعضهم وتشتيت مرتكزات انتمائهم”. وتابع أن “سلطان الأطرش كان قائد ثورة تحرر، ولو امتد العمر به إلى هذه الأيام لقاوم الاحتلال الروسي لسورية، كما فعل أيام الانتداب الفرنسي في عشرينيات القرن الماضي”، لافتاً إلى أن شعاره كان كالتالي “نحن طلاب حرية، ولسنا أدوات استعمار”.
ورأى قرقوط أن زيارة ضابط روسي إلى مضافة قائد الثورة السورية الكبرى ضد الانتداب الفرنسي تندرج في سياق محاولات تشويه الإرث النضالي للأطرش ولأهل محافظة السويداء من قبل روسيا وإيران ونظام الأسد. وأضاف أن “هذه المضافة التي لم تغلق يوماً بوجه ضيف، أو زائر، وكانت ملتقى لأحرار سورية وأحرار زاروها من العديد من دول العالم، هي أكبر من هذه الزيارات لمجرمي حرب يريدون تشويه تاريخ سورية بتصرفات هي أقرب إلى اللصوصية”.
ورأى الكاتب، فؤاد عزام، أن زيارة الضابط الروسي ليست “ودية، أو ندية”، مضيفاً أنها “استعراض عسكري لضابط يمثل قوة محتلة، تذكّر بمحاولات ضباط فرنسيين زيارة جبل العرب أيام الانتداب، وقد رفض سلطان الأطرش استقبالهم”. وأشار إلى أن الضابط الروسي “يدرك أن سلطان الأطرش لو كان موجوداً لما تجرأ على زيارة مضافته تحت حماية الشبيحة والقتلة”.
وفشلت محاولات حثيثة من قبل نظام الأسد لزرع بذور شقاق بين السويداء وجارتها درعا التي كانت المهد الأول للثورة السورية. وأجهض أهالي المحافظتين هذه المحاولات على مدى السنوات الخمس الماضية. وانحاز عدد كبير من مثقفي السويداء وشبابها إلى الثورة منذ أيامها الأولى، أبرزهم منتهى، ابنة سلطان الأطرش، والتي كان لها دور مهم في الأشهر الأولى من الثورة في دفع السوريين للاستمرار بثورتهم ضد النظام، والتأكيد على وحدة السوريين، وحقهم في الحرية والكرامة والمساواة.
” ويقيم معظم دروز سورية في محافظة السويداء، وفي قرى الجولان المحتل، وبعض القرى التابعة لمحافظة القنيطرة، وفي حي جرمانا الدمشقي، وفي عدة قرى من ريف إدلب شمال سورية. وانحاز عدد من مثقفي وشباب الطائفة إلى الثورة، وقتل عدد منهم تحت التعذيب في معتقلات النظام. كما انشق عدد من الضباط الدروز عن جيش النظام، كان أولهم وأبرزهم الملازم أول، خلدون زين الدين، الذي اعتُبر إعلان انشقاقه في سبتمبر/أيلول من عام 2011، تحولاً مهماً في مسيرة الثورة، وتأكيداً على كونها جامعة لكل السوريين. وشكّل زين الدين كتيبة باسم “سلطان الأطرش” خاض مقاتلوها معارك ضد قوات النظام في ريفي درعا والسويداء قبل أن يُقتل أوائل عام 2013 في إحدى المعارك.
محمد بدرا “مصوّر العام”: أوثّق حاضر سوريا لأنه تاريخها
منحت مجلة “تايم” الأميركية لقب مصور العام 2016، للمصور السوري محمد بدرا، المقيم تحت الحصار في مدينة دوما بريف دمشق، والذي يعمل لصالح وكالة الصور الأوروبية “EPA”.
وقالت المجلة في بيان لها أنها منحت اللقب السنوي المخصص لمصوري وكالات الأنباء، لبدرا (26 عاماً) بسبب أهمية وعاطفية العمل الذي يقوم به، إضافة لمهاراته والتزامه الذي لا يتزعزع في مواجهة المصاعب، بما في ذلك صعوبات التنقل نحو مناطق المعارضة القريبة، حيث قضى العام الفائت مع عائلته التي فرّقتها الحرب، كشاهد على الفظائع المروعة وتأثير الحرب اليومية على المجتمعات المحلية.
وأضافت “تايم” أن الاختيار جاء ضمن سعي المجلة إلى لفت الأنظار للمصورين السوريين الذين يعملون ليلاً ونهاراً لتوثيق الصراع السوري العسير، في ظروف خطيرة وخسائر شخصية يومية، موجهين عدساتهم لالتقاط المشاهد المروعة التي تأتي وتذهب في دائرة الأخبار العالمية، معتبرة عمل أولئك المصورين تاريخياً خاصة أن صورهم تعتبر أدلة وشواهد على ما يجري في البلاد.
وكان بدرا طالباً في السنة الثالثة بكلية الهندسة المعمارية بجامعة دمشق، عندما انطلقت الثورة السورية العام 2011، وشاهد الكثير من أصدقائه يُعتقلون من دون سبب، واضطر لترك دراسته مع تحول الثورة إلى صراع مسلح، وبدأ العام 2012 بالتقاط الصور بموازاة نشاطه في الفرع المحلي للهلال الأحمر، سواء في المباني المدمرة أو في الأسواق المحلية وفي المراكز الطبية وخلال عمليات الإنقاذ أيضاً، قبل أن يعمل لصالح وكالة “رويترز”.
وعن مهتنه الجديدة كمصور، قال بدرا لـ”تايم” إن التصوير ربطه بماضيه من جديد، معتبراً التصوير الفوتوغرافي وجهاً من وجوه الهندسة المعمارية، “شعرت أني على قيد الحياة مرة أخرى، الكاميرا ستكون قلمي”، مضيفاً: “أحتاج إلى تسجيل وتوثيق حاضر البلاد لأنه سيصبح تاريخها يوماً ما، سأستمر في العمل حتى لو يكن ذلك مفيداً في الماضي، أتمنى أن يساعد عملي في المستقبل، حين تكون السماء صافية والأسلحة صامتة، عندما ينتهي الحصار وتبدأ إعادة الإعمار، عندما تجتمع العائلات معاً من جديد”.
النقلة النوعية في عمل بدرا حصلت عندما ترك العمل مع “رويترز” لصالح وكالة الصور الأوروبية، التي وجهته للتركيز على البعد الإنساني في الصراع السوري، وكيف تؤثر الحرب في حياة المدنيين، بدلاً من نقل صور الحرب والدمار والإصابات المجردة، والتي تملأ وسائل الإعلام بشكل عام، وركز العام الماضي بشكل واضح على صور الأطفال في الغوطة الشرق
المدن
الفلتان الأمني في اللاذقية: “قُيّد ضد مجهول“
عبدالسلام حاج بكري
قبل أيام، غادرت مجموعة من الطالبات الباب الرئيسي للجامعة، وسرن باتجاه المدينة بحثاً عن سيارة أجرة، فتوقفت سيارة دفع رباعي سوداء اللون لا تحمل لوحة مرورية، دعا أحد مستقليها الفتيات الثلاث للصعود إلى السيارة لإيصالهن حيث يردن، لكنهن رفضن.
لعلّ طالبات السنة الأولى من قسم اللغة الإنكليزية في جامعة تشرين في مدينة اللاذقية، لم يتوقعن أن يتطور الأمر إلى هذه الدرجة، فقد نزل شابان يحملان رشاشات خفيفة وأجبروهنّ على صعود السيارة مرغمات. لم ينفع صراخهن، فلم يجرؤ أحد من المارة القلائل على التدخل.
قد تكون ناية هذه القصة كما سابقاتها، بخبر عن اكتشاف جثث مرمية من منطقة مهجورة، أو بنسيانها تماماً، وقد تعود الفتيات بعد دفع ذويهن مبالغ طائلة للمختطفين، وكأن شيئاً لم يكن.
وكالعادة تقدم ذوو الفتيات بشكاوى إلى السلطات الأمنية للإبلاغ عن اختفائهن. وبدأت تلك الجهات “على الفور عملية البحث عن الخاطفين” حسبما أوردت “شبكة أخبار الجامعة”، التي دعت الطالبات إلى “عدم السير من أماكن مظلمة ليلاً، واتخاذ الحيطة والحذر نهاراً”.
ومن غير المتوقع أن تتمكن سلطات النظام الأمنية من إعادة الفتيات أو أن تقبض على الفاعلين، وستمر شهور قبل أن تغلق ملفات الشكاوى وقد كتب عليها “قيّدت ضد مجهول”.
يدرك سكان اللاذقية أن عناصر الشرطة والأمن لا يجرؤون على البحث الجدي عن الفاعلين، لأنهم على يقين أن خاطفي الفتيات هم من مجموعات الشبيحة التي يرأسها أفراد نافذون من عائلة الأسد ومحيطها، أو من عناصر مليشيا “الدفاع الوطني” المسلحين، وكلا الطرفين يتمتع بسلطة أعلى من سلطة الدولة.
الشابة رهف أنجرو كانت قد اختطفت من ساحة الشيخ ضاهر، في قلب اللاذقية، ظهيرة الثالث عشر من تشرين الثاني/نوفمبر، على مرأى من عناصر أكبر حاجز مشترك بين الشرطة والأمن في المدينة. وكانت فتاة أخرى قد خطفت قبل يومين من الساحة ذاتها، ولم تدفع حالة السخط التي عمّت المدينة عقب الحادثين جهازي الشرطة والأمن للبحث عن الفاعلين أو حتى ادعاء القبض على متهم غير موجود لتهدئة ردة فعل سكان المدينة.
وتشير مصادر خاصة لـ”المدن”، إلى أن كثيراً من حوادث خطف الفتيات يتم حلّها بدفع الفدية، بعيداً عن الأضواء والإعلام، ويقوم ذوو المخطوفات بسحب الشكاوى من مخافر الشرطة “تجنباً للفضيحة”.
وتعيش مدينة اللاذقية والساحل السوري عموماً حالة من الفلتان الأمني في ظل توقف أجهزة الدولة عن القيام بمهامها في “حفظ الأمن”، وازدياد قوة وصلاحيات المليشيات الموازية. وهذا ما جعل حوادث القتل والسرقة أمرا مألوفا في المدينة وتسبب بحالة من الرعب بين المدنيين.
مراسل “شبكة إعلام اللاذقية” محمد الساحلي، قال لـ”المدن”، إن غاية معظم حوادث الاختطاف هي الحصول على مبالغ مالية كبيرة يدفعها ذوو المخطوفين، وأشار إلى أن ثلاثين ألف دولار قبضها خاطفو طبيب وأستاذين في جامعة تشرين مقابل الإفراج عنهم بعد اختطاف استمر بين 22-25 تشرين الثاني/نوفمبر. وأكد أن عملية التفاوض على إطلاق سراح المخطوفين الثلاثة جرت بعلم الشرطة والأمن، الذين وعدوا بالقبض على الخاطفين بعدما تمكنوا من تحديد هوية أحدهم من خلال رقم هاتفه، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث، أو لم يتم الإعلان عنه.
وشهد مطلع تشرين الثاني مقتل سيدتين متقدمتين في السن بهدف السرقة. وقتلت إحداهما في منزلها في حي مشروع الصليبة، وتمت سرقة مصاغها الذهبي ومبلغ مالي، أثناء وجود ابنها في عمله. كما قتلت سيدة طاعنة في السن في حي الرمل الشمالي بالطريقة ذاتها، وتمت سرقة المقتنيات الثمينة من منزلها.
وتدل ظروف السرقات على احترافية المجرمين، إذ يقصدون المنازل التي تخلو من الرجال تجنباً للمقاومة والاشتباك معهم، خصوصاً المنازل النائية على أطراف المدينة، وهذا تكرر في الشهور الأخيرة عشرات المرات، ولم يتم القبض على أي من الفاعلين.
ويرى المحامي سليمان حسون، في حديثه لـ”المدن”، أن تقصير أو عجز الأجهزة الأمنية عن القيام بدورها في القبض على مرتكبي جرائم القتل والخطف والسرقات، أغرى الشباب العاطلين عن العمل و”الزعران” لارتكاب الجرائم التي قد يكون دافعها الفقر الشديد وارتفاع الأسعار وعدم قدرة الشباب على تأمين مصاريفهم. ووصلت شكاوى قليلة عن الجرائم، مؤخراً إلى القضاء، بسبب الشك بقدرة القضاء السوري على إنصاف المعتدى عليهم، “بسبب خوف القضاة من استهدافهم من قبل المسلحين المنفلتين”. وأشار حسون إلى اختطاف إحدى المجموعات المسلحة لابن قاض ينظر بدعوى رفعها مزارع في إحدى قرى منطقة الحفة على مسلح استولى على قطعة من أرضه وشيّد منزلاً عليها، الأمر الذي دفع بالقاضي إلى الحكم لمصلحة المسلح، من أجل إطلاق سراح ابنه.
كما تعجز دوائر الدولة الإدارية والخدمية عن ضمان أمن الغذاء والدواء للمواطنين، رغم كشفها الأسبوع الماضي عن مستودع كبير يحتوي على معدات تزوير ماركات غذائية. وتنتشر في الأسواق مواد غذائية منتهية الصلاحية كانت قد تسببت في وفاة رجل مسن وتسمم سبعة أشخاص نهاية تشرين الثاني. مديرية الصحة قامت إثر ذلك بسحب بعض الأغذية المزورة من محلات تجارية صغيرة في حي السكنتوري الفقير، تعود ملكيتها لمحسوبين على المعارضة، بينما تقف متفرجة على المزوّرين والمهربين ومحتكري المواد الغذائية.
وتسببت الحالة الأمنية في إغلاق كثير من معامل الأدوية، الأمر الذي دفع فرق الشبيحة المختصة بالتهريب إلى إدخال الأدوية من لبنان بطرق غير شرعية أو تهريبها عبر البحر، لتباع في الصيدليات من دون رقابة، ويخلو بعضها من الإشارة إلى تاريخ الإنتاج وانتهاء الصلاحية.
لا شك أن ذوي طالبات الجامعة الثلاث المخطوفات يعيشون لحظات قاسية، يخشون على سمعة بناتهن، ويخشون على حياتهن إن لم يتمكنوا من تأمين الفدية. وطبعاً لن يكون للسلطات الأمنية دور في ذلك كما في المرات السابقة.
المدن
الخبراء الاميركيون والروس فشلوا في تأمين مخارج لشرق حلب
دينا أبي صعب
من دون توقعات كبيرة بالتوصل الى نتائج تنهي ازمة ما تبقى من شرق مدينة حلب بيد المعارضة السورية المسلحة بطرق سلمية وبأقل الخسائر، حاول الخبراء العسكريون والأمنيون الأميركيون والروس، الذين حضر بعضهم خصيصاً من واشنطن وموسكو الى جنيف، التفاهم على المخارج المطروحة من قبل الجانب الروسي، والتي باتت امراً واقعاً بعد التقدم الكبير الذي حققته قوات النظام والمليشيات الحليفة لها على الارض.
وكانت اشارة التقدم في هذا الاجتماع اعلان موسكو وواشنطن عن لقاء يجمع وزيري الخارجية سيرغي لافروف وجون كيري في جنيف لإعلان التوصل الى اتفاق، لكن حتى ساعة متأخرة من ليل السبت، لم يصدر عن عاصمتي البلدين ما يوحي بتحقيق التقدم، ما يعني أن التفاهم المبدئي بين كيري ولافروف الذي تم في مدينة هامبورغ الالمانية لم يتمكن الخبراء من ترجمته على الخرائط.
الحوار التقني بين الطرفين، تناول الممرات الآمنة التي سيخرج عبرها المعارضون المسلحون (طوعاً) من شرق حلب، وشروط تأمين الحماية لهم ولعائلاتهم ووجهتهم النهائية، ومصير من لا يريد الخروج.
ويشترط الروس انسحاب كل المقاتلين من المناطق المحاصرة، وليس فقط عناصر جبهة “فتح الشام” (جبهة النصرة سابقاً)، ورفض مبدأ تسليم المدينة لسلطات محلية كما طرح المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في وقت سابق.
في المقابل، يرفض قسم كبير من المقاتلين الشروط الروسية، ويفضلون البقاء داخل الأحياء التي يسيطرون عليها ومتابعة القتال، أما من يوافق فيطالب بممرات تقوم بتأمينها قوى أخرى غير قوات النظام، خصوصاً بعد الأنباء التي تحدثت عن تعرض بعض من خرج من شرق حلب قبل أيام لاعتداءات واعتقالات من قبل قوات النظام.
واستبعدت مصادر دبلوماسية في جنيف امكانية توصل الاجتماعات الروسية-الاميركية الى تقارب في وجهات النظر وتحقيق ما عجز عنه الطرفان طيلة الفترة الماضية، لأن “الروس أتوا الى جنيف بطرح وحيد، خروج كافة المسلحين من دون استثناء مع ضمانة وحيدة، تأمين الحماية لهم من مناطق خروجهم وحتى وجهتهم النهائية، مع الاصرار على عدم تقديم أي تنازل”، وخصوصاً “للإدارة الأميركية الحالية” التي تمضي ايامها الاخيرة في البيت الابيض، بحسب اوساط دولية متابعة في جنيف، ما يعني أن الاحتمال الاكبر هو أن تترك الاحياء الباقية خارج سيطرة قوات النظام لمصيرها.
ويرتكز الروس على التقدم الميداني الذي يحرزونه الى جانب قوات النظام وحلفائهما، فتمترسوا خلف شروطهم، التي تعني بالنسبة للاميركيين “نوعا من الاقرار بالهزيمة” بحسب الاوساط الدولية.
وقالت هذه الاوساط لـ”المدن”، إن الاجتماعات حول شرق حلب “تضع الولايات المتحدة الاميركية امام مجموعة من فرضيات عدة، اولها الموافقة على الطرح الروسي، وهذا يعتبر خطوة الى الخلف، او رفضه وبالتالي يتم احكام القبضة الروسية على شرق حلب من دون مباركة اميركية وهذا أمر لا يريده الروس”. وتتوقع المصادر أن يوافق الجانب الروسي على هدنات مؤقتة وقصيرة الامد تسمح بخروج المقاتلين. وأضافت أن موسكو تفضل خروج مقاتلي المعارضة “إلى ريف حلب، وذلك يوفر عليهم مواجهات مع الاف المقاتلين المدربين والمعتادين على ظروف قتالية شديدة القسوة، في المعارك المقبلة”.
وبدأت أوساط متابعة في جنيف تطرح افكاراً حول المواجهات المقبلة بين النظام وحلفائه والمعارضة، تلي إتمام “صفقة حلب الشرقية”. هذه الاوساط توقعت فتح جبهة إدلب، لكن توسع سيطرة تنظيم “داعش” في محيط مدينة تدمر الأثرية “قد يعيق هذه المعركة قليلاً”.
ويبدو الحديث عن نهاية معارك شرق حلب في جنيف، وفي تصريحات المسؤولين الدوليين المعنيين بهذا الملف، وكأنه أصبح أمراً واقعاً، فوزير الخارجية الاميركية طالب في اجتماع مجموعة دعم سوريا في باريس “بوضع حد للحرب الهمجية ومواصلة التحرك لتخفيف معاناة المدنيين”، واعتبر أن المفاوضات تشكل “الطريق الوحيد للسلام فى سوريا، ويجب أن تستأنف على أسس واضحة في إطار القرار 2254″، فيما يقول دي ميستورا الموجود في نيويورك، إن العالم يشهد “المراحل الاخيرة لما سيعرف في التاريخ بمعركة حلب من الممكن ادراج انتصار عسكري (في حلب) في الاعتبار لكنه لن يكون خاتمة الحرب. حالياً تبرز فرصة أمام الرئيس (السوري بشار) الأسد كي يبدي ارادته في خوض نقاش جدي في عملية سياسية، وأمام المعارضة الفرصة كي تعود الى طاولة المفاوضات، والامم المتحدة مستعدة لذلك”.
“داعش” يعود إلى تدمر
تمكّن تنظيم “الدولة الإسلامية” من السيطرة على معظم مدينة تدمر الأثرية، بعد هجوم متواصل منذ ثلاثة أيام، نجح خلاله في السيطرة على حقول المدينة النفطية، واختراق دفاعات النظام في المرتفعات الأبرز التي تحيط بالمدينة.
وقال “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، إن معظم المدينة باتت تحت سيطرة التنظيم، باستثناء المناطق الجنوبية، فيما قال بيان عسكري سوري رسمي، إن القوات الحكومية صدّت هجوم “داعش” بالقرب من صوامع قمح كبرى، من دون أن يتطرق البيان إلى الحديث عن مصير المدينة.
وهذه هي المرة الأولى التي يخوض فيها التنظيم معركة للسيطرة على المدينة، بعد طرده منها في آذار/مارس الماضي، حيث أقام النظام السوري احتفالاً كبيراً على مسرح المدينة الأثري، وشاركت فيه فرق موسيقية روسية.
وكانت الساعات الأولى من يوم السبت، قد شهدت سيطرة التنظيم على كامل منطقة حويسيس، وعلى حقل جحار وقرية حجار وحقل جزل، ونقاط في محيط حقل المهر شمال غربي مدينة تدمر، بعد معارك عنيفة مع قوات النظام والميلشيات الموالية لها. وشّن التنظيم هجوماً مباغتاً على نقاط تمركز مليشيات النظام، منذ صباح الخميس، ممهداً لتقدمه، بقصف مكثف على مواقع النظام بالمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون والدبابات، ما أجبر المليشيات على الانسحاب من تلك المواقع
هدفا حزب الله بعد حلب
منير الربيع
سياسياً، تعني سيطرة النظام السوري بدعم من روسيا وإيران وحزب الله على مدينة حلب، أنها مفصل أساسي في تطورات الأوضاع السورية. ترتكز روسيا وإيران على نتيجة هذه المعركة للاستثمار السياسي، ولأجل الذهاب نحو مسار جديد من المفاوضات قائم على أساس الرؤية الروسية والإيرانية في شأن بقاء النظام السوري واستمراره. لكن، ماذا بعد حلب عسكرياً؟ الأكيد، أن المعارضة لن تستسلم، ولن توقف حراكها السياسي أو السلمي أو العسكري.
صحيح أن بقاء أعداد من مسلحي المعارضة في الأحياء الشرقية لمدينة حلب والإصرار على عدم التسليم والخروج، يعتبر تمسكاً بالثورة ونهجها وثوابتها، لكن بالمعنى السياسي فإن ثاني أكبر محافظة في سوريا تكون قد خرجت من الحسابات السياسية للمعارضة. لكنها عسكرياً تبقى قائمة خصوصاً في ظل استمرار سيطرة المعارضة على محافظة إدلب وأجزاء واسعة من الأرياف الحلبية سواء لجهة الشمال والشرق، والريف الجنوبي الذي يربط عاصمة الإقتصاد السوري بمحافظة إدلب.
منذ بدء عمليات التهجير الممنهج الذي تعرّضت له مناطق سورية عديدة، كانت الوجهة الأساسية للمدنيين والمسلحين المعارضين للنظام، هي محافظة إدلب. وقد أصبحت هذه المحافظة تغص بأعداد السوريين المهجرين قسراً من مناطق مختلفة. ووفق مصادر مطلعة على قرار حزب الله، لا يمكن لهؤلاء المسلحين البقاء في إدلب في ظل هذا التوسع الذي يحققه الجيش السوري وحلفاؤه. وبالتالي، فإن الخيار أمام هؤلاء الآن، أو على المدى الطويل، سيكون إلقاء السلاح وتسليم أنفسهم أو مواجهة مصيرهم المحتوم. وأكثر من ذلك، ثمة من يتخوف من أن تتحول إدلب مقبرة أو محرقة لكل معارضي النظام السوري.
وتلفت المصادر إلى أنه هدفين لحزب الله بعد إنهاء العملية العسكرية لأحياء حلب الشرقية، هما التوجه نحو الريف الشرقي، وتحديداً في اتجاه مدينة الباب للسيطرة عليها، ولرسم خط أحمر أمام عملية درع الفرات التي تقودها تركيا. وذلك، لوقف التوسع التركي في اتجاه العمق السوري.
عملياً، تصر تركيا على الوصول إلى الباب والسيطرة عليها. وتعتبر المصادر أن عملية درع الفرات كانت، وفق ما أعلنه الأتراك، محددة بنحو عشرة كيلومترات في اتجاه العمق السوري، لكنها الآن تخطت هذه المساحة، وإذا ما وصلت تركيا إلى الباب فيعني أن شرق حلب سيكون مهدداً من جديد من قبل فصائل المعارضة. وهذا ما ترفضه روسيا وإيران وحزب الله. وترى المصادر أنه لا يمكن لتركيا اتخاذ هذه الخطوة لأنها ستكون بمواجهة مع الروس، وهي غير قادرة على ذلك. ومن هذا المنطلق، فإن الجيش السوري وحزب الله سيتوجهان إلى مدينة الباب للسيطرة عليها، بهدف تأمين خط دفاع أول عن المناطق التي سيطرا عليها.
كذلك، لدى الحزب اهتمام بحماية “إنجازاته” في حلب، وفق المصادر، وستتوجه قواته نحو الريف الجنوبي للمحافظة وتحديداً نحو الطريق الدولية التي تربط حلب بإدلب، أولاً لتضييق الخناق على المعارضة التي بقيت في أحياء حلب وقطع أي طريق إمداد لها عبر إدلب؛ وثانياً بهدف التمركز على مشارف إدلب، تمهيداً لأي عمل عسكري قد يعتزم الحزب والجيش السوري إطلاقه في المعقل الأساسي للمعارضة.
المدن
قوات النخبة السورية تنضم رسميًا إلى التحالف الدولي
استقالة عدد من أعضاء الائتلاف الوطني المعارض
بهية مارديني
طرأت تغيرات على الأرض في سوريا عسكريا في عدة مناطق خصوصا مع اعلان المرحلة الثانية من حملة غضب الفرات لتحرير الأراضي السورية من داعش مع الحديث عن حشد عسكري وتجنيد وتدريب مقاتلين عرب وأكراد من أبناء المنطقة ومشاركة أميركية أكبر، كما صاحب ذلك تغيرات سياسية.
إيلاف من لندن: بعد اجتماعات هيئته العامة في إسطنبول في تركيا على مدار اليومين الماضيين وبعد ما جرى في مدينة حلب وريفها من خسارة المعارضة بعض المناطق قرر عدد من أعضاء الائتلاف الوطني السوري المعارض الاستقالة دون توضيح الأسباب التي دعت إلى ذلك وتردد أن من بينهم رياض سيف وميشيل كيلو، ولكن لم يعلنها للصحافيين اليوم الا سمير نشار عضو الائتلاف وابن مدينة حلب.
وذكر نشار في الاستقالة، التي تلقت “إيلاف” نسخة منها، أنه يعلن انسحابه من الائتلاف ويقوم باعلام مكتب العضوية وأعضاء الائتلاف بذلك.
في غضون ذلك أعلن الائتلاف عن يوم تظاهر من أجل حلب “ضد جرائم الحرب التي ترتكبها روسيا وإيران ونظام الأسد وعن كلمات من شخصيات وطنية خلال الوقفة”، ومن ثم أعلن عن إلغاء هذه الوقفة الجماهيرية بسبب الحالة الأمنية التي تشهدها تركيا اثر ما حدث أمس من تفجيرات.
واختتم الائتلاف اجتماعاته بحضور الأعضاء الذين تمت إضافتهم من النساء والتركمان خلال التوسعة الأخيرة والاعلان في مؤتمر صحافي أمس استمرار الثورة رغم خسارة بعض المناطق في حلب.
كما انتقدت المجالس المحلية في بيان لها، تلقت “إيلاف” نسخة منه، التسريبات الصوتية لعضو في الائتلاف تهجَّم فيه على المجالس والعاملين فيها، واكدت أن كل الدعم الذي حصلت عليه شكلت لجان رسمية لصرفه وان مشروع المجالس المحلية كان ولا زال مشروعا سوريا بامتياز ومن أهم منجزات الثورة.
دحر داعش
عسكريا قال أحمد الجربا القائد العام لقوات النخبة السورية والرئيس السابق للائتلاف الوطني السوري المعارض: “ان تحرير البلاد من تنظيم داعش الإرهابي يعتبر من أهم الأهداف التي نعمل من أجلها، ان هؤلاء الغزاة المجرمين قد عاثوا فسادا في سوريا، و يقومون باضطهاد السوريين و يرتكبون جرائم لا حصر لها”.
وشدد “نحن نقدر عاليا الجهود الدولية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية للقضاء على الإرهابيين و مساعدة السوريين لتحرير أراضيهم، و قمنا بالاتفاق مع التحالف الدولي للمشاركة الفعالة في العمليات إلى حين التحرير الكامل. وسوف نتعاون مع الفصائل الأخرى المشاركة و على رأسها قوات سوريا الديمقراطية”.
وكشف “ان التحالف سوف يؤمن الغطاء الجوي لعملياتنا، وتدريب المزيد من المقاتلين الذين ينضمون الآن إلينا و هم من أبناء المنطقة عموما ومن محافظتي الرقة و دير الزور بوجه خاص”.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية رسميا انضمام قوات النخبة السورية التي يقودها الجربا إلى التحالف الدولي في حملته ضد داعش لتحرير الاراضي السورية من تنظيم داعش.
وفي المؤتمر الصحفي الخاص بحملة غضب الفرات أمس تم التأكيد على ان قوات النخبة هي القوات الوحيدة غير المنضوية تحت قوات سوريا الديمقراطية وهي دخلت معركة الرقة بالإتفاق مع قوات التحالف الدولي.
وكان المتحدث باسم التحالف الدولي “جون دوريان” قد نوه في تصريح رسمي “أن قوات النخبة السورية التي يقودها السيد أحمد الجربا هي إحدى القوى البارزة في تجمع حملة “غضب الفرات”، مؤكدا على أن الجربا رجل مؤثر في المنطقة ولديه القدرة على تعبئة القوات المحلية في دعم هجوم المرحلة الثانية من الحملة.
وكان أحمد الجربا قد قابل السفير برت ماكغورك المبعوث الرئاسي الأميركي للحرب على الاٍرهاب في وقت سابق واتفق الطرفان على العمل المشترك بين التحالف الدولي و قوات النخبة.
غضب الفرات
وأعلن تحالف حملة “غضب الفرات” الذي تشارك فيه قوات النخبة السورية بدء المرحلة الثانية من الحملة التي تهدف إلى طرد تنظيم داعش من الرقة، بعد نجاح المرحلة الأولى التي أسفرت عن تحرير عشرات القرى والسيطرة على طرق استراتيجية في ريف محافظة الرقة الشمالي.
وكانت القيادية في قوات سوريا الديموقراطية والمتحدثة باسم الحملة “جيهان الشيخ أحمد” قد قالت لوكالة فرانس برس أنه “تم اتخاذ قرار البدء بالمرحلة الثانية من الحملة التي تهدف إلى تحرير كامل الريف الغربي من الرقة إضافة إلى عزل المدينة” وأن قوات من التحالف الدولي “ستشارك في الخطوط الأمامية”.
وأكد المتحدث باسم قوات سوريا الديموقراطية، طلال سلو، ومستشار القيادة العامة للقوات، ناصر حاج منصور، أن قوات أميركية شاركت في الجبهات الأمامية في المرحلة الأولى من الحملة، وستشارك بشكل أكثر فعالية في المرحلة الثانية.
وكانت قوات سوريا الديموقراطية وفصائل وقوى أخرى من المنطقة قد بدأت في الخامس من نوفمبر حملة “غضب الفرات” لطرد تنظيم داعش من الرقة، والتي انتهت بنجاح كبير، بحسب بيان رسمي، حيث تم تحرير مساحة 700 كلم مربع والعشرات من القرى والبلدات والطرق الاستراتيجية في ريف الرقة الشمالي. وشددت القوات في بيان لها على أن التنسيق مع التحالف الدولي “سيكون أقوى وأكثر تأثيرا أثناء المرحلة الثانية”.
وأشارت إلى “انضمام 1500 مقاتل من المكون العربي من أبناء الرقة وريفها مؤخرا، تم تدريبهم وتسليحهم على يد قوات التحالف الدولي”. هذا فيما أعلن وزير الدفاع الأميركي “آشتون كارتر”، في وقت سابق أمس، أن الولايات المتحدة الأميركية سترسل مئتي جندي إضافي إلى سوريا “من أجل ضمان نجاح عزل الرقة”، مؤكدا أن 300 عنصر من القوات الخاصة الأميركية سيعملون على مواصلة التنظيم والتدريب والتجهيز للقوات المشاركة في المرحلة المقبلة.
المعارضة تصد هجوما لقوات النظام شرقي حلب
قال مراسل الجزيرة إن قوات النظام جددت محاولاتها التقدم إلى الأحياء المحاصرة التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة شرقي حلب وشنت هجوما على حي الإذاعة، لكن قوات المعارضة تصدت له وتبعته اشتباكات عنيفة بين الطرفين.
وأشار إلى أن الاشتباكات تدور بين مقاتلي المعارضة المسلحة وقوات النظام السوري في جبهات عدة بالمدينة، وتركزت في أحياء الإذاعة والمرجة وسيف الدولة وجب الجلبي، وقالت المعارضة إنها دمرت دبابة وعربة للنظام على محور باب المقام.
ونقل المراسل عن مصادر طبية أن عددا من المدنيين -بينهم أطفال ونساء- أصيبوا بحالات اختناق في إثر إلقاء قوات النظام براميل متفجرة تحوي غاز الكلور على حي الكلاسة الذي تسيطر عليه المعارضة.
من جهتها، ذكرت وسائل إعلام محلية أن قوات النظام قصفت بالمدفعية أحياء الأنصاري وجسر الحج والسكري وغيرها، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، بينما تحاول هذه القوات التقدم على محور حي المعادي في المدينة.
وأضاف مراسل الجزيرة أن أعداد القتلى لا تزال مجهولة جراء تعطل شبه تام لعمل فرق الإنقاذ والإسعاف وتوقف العمل في المشافي وصعوبة التجول في ما تبقى من أحياء واقعة تحت سيطرة المعارضة المسلحة.
ويعد جسر الحج الطريق الرئيسي الذي يؤدي إلى ما تبقى من أحياء واقعة تحت سيطرة المعارضة المسلحة، وكان مراسل الجزيرة أفاد بمقتل القائد العسكري العام أبو الوليد عقاب القيادي في مجلس قيادة حلب التابع للمعارضة السورية في حلب.
من جهتها، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن قوات النظام تواصل القصف الجوي والصاروخي على الأحياء المتبقية تحت سيطرة فصائل المعارضة في شرق حلب، بينها أحياء الفردوس والمعادي وبستان القصر.
وأشارت الوكالة إلى تحليق كثيف للطائرات الحربية، وإلى وجود أعمدة دخان تتصاعد من الأحياء الشرقية، إضافة لقصف عنيف تهتز المباني على وقعه.
جميع حقوق النشر محفوظة، الجزيرة
2016
تبادل أسرى بين النظام والمعارضة بريف دمشق
أجرى فصيل “فيلق الرحمن” التابع للمعارضة السورية المسلحة عملية تبادل أسرى مع النظام في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، حسبما نقل مراسل الجزيرة عن مصادر في المعارضة المسلحة.
وبموجب هذا الاتفاق أفرج النظام عن 15 من النساء المعتقلات في سجونه مقابل 27 أسيرا من قواته.
ووفق المصادر فإن معظم أولئك النساء اعتقلن في وقت سابق لصلة قرابة مع ضباط منشقين عن قوات النظام.
والشهر الماضي أطلقت الهيئة العامة التابعة للمعارضة بالغوطة الشرقية في ريف دمشق مبادرة لتشكيل ما سمته جيش الإنقاذ الوطني، ودعت من خلالها لتوحيد فصائل المعارضة المسلحة واندماجها في جسد واحد يكون بيده كامل السلاح والمقدرات العسكرية.
وينبثق عن هذا التشكيل هيئة سياسية وشرعية ومجلس شورى عسكري مكون من ممثلين عن الفصائل العاملة بالغوطة، وهي جيش الإسلام وفيلق الرحمن وحركة أحرار الشام ولواء فجر الأمة، ويتبع ذلك حل الفصائل الحالية وتوحيد مؤسسات القضاء.
جميع حقوق النشر محفوظة، الجزيرة
2016
روسيا: تنظيم الدولة الإسلامية يشن هجوما ثانيا على تدمر السوري
موسكو (رويترز) – نقلت وكالات أنباء روسية عن مركز مراقبة روسي في سوريا قوله يوم الأحد إن أكثر من أربعة آلاف من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية أعادوا تنظيم صفوفهم وبدأوا هجوما ثانيا في محاولة لاستعادة مدينة تدمر القديمة.
ونقلت وكالة إنترفاكس عن بيان من المركز قوله “رغم الخسائر الفادحة في الأفراد والعتاد يحاول الإرهابيون بشدة كسب موطئ قدم داخل المدينة.”
وقال المركز إن تنظيم الدولة الإسلامية يجلب “قوات كبيرة” من معقليه في الرقة ودير الزور.
وكانت وكالة أعماق التابعة للدولة الإسلامية والمرصد السوري لحقوق الإنسان ذكرا في وقت سابق يوم الأحد أن مقاتلي التنظيم استعادوا السيطرة على تدمر بالكامل بعد تقهقر لم يستمر طويلا في مواجهة ضربات جوية روسية عنيفة.
(إعداد علا شوقي للنشرة العربية – تحرير دينا عادل)
وكالة أعماق والمرصد: تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر على تدمر
عمان (رويترز) – قالت وكالة أعماق التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن مقاتلي التنظيم أحكموا سيطرتهم على مدينة تدمر السورية القديمة يوم الأحد بعد تراجع لفترة قصيرة في مواجهة ضربات جوية روسية عنيفة لمواقعهم.
وقال المرصد إن المتشددين سيطروا من جديد على المدينة بعد ساعات من تقهقرهم إلى البساتين على مشارف تدمر.
(إعداد علا شوقي للنشرة العربية – تحرير دينا عادل)