أحداث وتقارير اخبارية

أحداث الأربعاء، 12 أيلول 2012


روسيا تحذر من «صوملة» سورية… وإيران تناور لتوسيع «الرباعية»

القاهرة – محمد الشاذلي؛ دمشق، باريس، موسكو، طهران – «الحياة»، أ ف ب، رويترز

وسط تزايد مشاعر الأحباط دوليا وفي الداخل السوري، بسبب بطء التحركات الديبلوماسية وضعف الضغوط على النظام السوري واستمرار القصف والإشتباكات في غالبية المدن السورية وتدهور الوضع الإنساني بشكل خطير في حمص، أقر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس بعدم قدرة المجتمع الدولي على التعامل مع الوضع في سورية، ووصول الأوضاع في ذلك البلد إلي «درجة لا تحتمل»، معلنا أن المبعوث العربي والدولي إلى سورية الاخضر الابراهيمي سيلتقي الرئيس السوري بشار الاسد خلال زيارته لدمشق. وفي أشد تحذير لها من تأثير انفلات الأوضاع عن السيطرة، دعت روسيا إلى مؤتمر «طائف جديد» لحل الأزمة قبل «صوملة» سورية، فيما اقترحت إيران توسيع «مجموعة الاتصال الرباعية» لتشمل العراق وفنزويلا.

وقال بان، في مؤتمر صحافي في برن، إن «الممثل الخاص الابراهيمي سيعقد قريبا اجتماعا مع السلطات السورية بما في ذلك الرئيس الاسد، وقد اجرى اتصالات مع جهات معنية رئيسية»، دون ان يكشف تفاصيل عن الزيارة. وقال: «رغم اننا ربما نشعر بالاحباط والانزعاج من عدم قدرتنا على التعامل مع الوضع في سورية حيث وصلت فيها الاوضاع إلى درجة لا تحتمل، يجب ان لا نبالغ في التشاؤم حيال قوة والتزام المجتمع الدولي خاصة المنظمات الدولية». وكرر دعوته لمجلس الأمن أن يتخذ اجراء، وللقوى العالمية ان تستخدم نفوذها مع جانبي الصراع لوقف العنف.

من ناحيته، قال احمد فوزي الناطق باسم الإبراهيمي إن المبعوث الدولي اجري في القاهرة لقاءات مع «ممثلين عن المعارضة السورية وناشطين ومثقفين سوريين».

وفي اطار المساعي الديبلوماسية المتسارعة، أعلنت الجامعة العربية أن اجتماعاً ثلاثياً يعقد اليوم في مقر الجامعة، ويضم رئيس وزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم والإبراهيمي والأمين العام للجامعة نبيل العربي.

وكان العربي قام بزيارة سريعة للدوحة، التقى خلالها حمد بن جاسم ر واطلعه على نتائج لقائه مع الإبراهيمي. وافاد نائب الأمين العام للجامعة السفير أحمد بن حلي بأن مجلس الجامعة سيعقد اجتماعاً تشاورياً اليوم على مستوى المندوبين الدائمين، بحضور الإبراهيمي والعربي للبحث في الأزمة.

وكانت القاهرة استضافت اجتماعاً الليلة قبل الماضية لكبار المسؤولين في مصر والسعودية وتركيا وايران لتفعيل مبادرة مصرية لحل الأزمة، لكن لم تخرج أي نتائج عن الاجتماع، خاصة فيما يتعلق برفع تمثيل الاجتماع الرباعي ليكون على مستوى وزراء خارجية الدول الأربع. وأشارت المصادر إلى أن الاجتماع كان «مجرد بداية»، وأنه على رغم تباين مواقف الدول المشاركة، إلا أن المناقشات جاءت «خالية من الحدة والتوتر والانفعال».

وكان وكيل الخارجية السعودية السفير ناصر البريك ترأس الوفد السعودي فيما ترأس الوفد التركي مساعد وزير الخارجية السفير عمر انجون في حين رأس الوفد الايراني نائب وزير الخارجية حسين أمير عبد اللاهيان، إضافة إلى مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية السفير شوقي إسماعيل.

واشادت إيران أمس بمساعي مصر بتشكيل «مجموعة الاتصال»، الا انها اعربت عن رغبتها في توسيع المبادرة لتشمل العراق بوصفها تتولى رئاسة الجامعة العربية حاليا، وفنزويلا بوصفها جزء من المجموعة الثلاثية لحركة عدم الانحياز. والدولتان حليفتان لإيران.

لكن وفي تشكيك في المساعي الإيرانية، اعتبرت باريس أن على طهران ان تحترم اولا واجباتها الدولية قبل القيام باي دور في حل الازمة.

وفيما أعلن قصر الاليزيه أن الرئيس سي فرنسوا هولاند استقبل حمد بن جاسم وبحث معه خصوصا الازمة في سورية، أقر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، في جلسة استماع امام لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية، ان فرنسا «ساهمت في عدد من عمليات الانشقاق، ان اجهزتنا تعمل بنشاط». وجاءت تصريحاته بعد يوم من اعلان العميد مناف طلاس ان اجهزة الاستخبارات الفرنسية تولت اخراجه من سورية.

إلى ذلك، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن روسيا تقترح على شركائها الغربيين تنظيم مؤتمر يضم «كل أطراف النزاع» في سورية.

وقال بوغدانوف في مقابلة مع صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية: «نقترح على شركائنا الغربيين تنظيم مؤتمر بين جميع أطراف النزاع، على غرار المؤتمر الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990 (مؤتمر الطائف في السعودية). ينبغي أن يضم هذا المؤتمر ممثلين للمعارضة والنظام وأيضاً (ممثلين) للمجموعات المسيحية والعلوية والدرزية». وأضاف: «بالنظر إلى انقسام المعارضة والأسلحة التي تصل إلى المتمردين، فان خطر صوملة سورية موجود في حال سقط النظام في شكل عنيف غداً». وقال بوغدانوف أن الأسد وعد موسكو بأن يتنحى إذا خسر في انتخابات.

وفي اطار جهود إردنية، بحث العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني مع نائب وزير الخارجية الاميركي وليام بيرنز الاوضاع في المنطقة والتطورات على الساحة السورية. وجاء في بيان للديوان الملكي الاردني ان الملك عبد الله أكد «دعم الاردن لايجاد حل سياسي للازمة في سورية بما يحافظ على وحدتها وتماسك شعبها ويضع حدا للعنف واراقة الدماء».

ميدانيا، وقعت اشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين في أحياء من دمشق، وفي بلدات في ريفها، في وقت تعرضت أحياء من حلب لقصف عنيف بحسب المرصد السوري لحقوق الأنسان وناشطين. وتسببت أعمال العنف بمقتل 72 شخصا، هم 47 مدنيا و17 عنصرا من القوات النظامية وثمانية مقاتلين معارضين.

وأعلن ضباط وقادة في «الجيش السوري الحر» انشاء «مجلس عسكري ثوري» يضم كل التشكيلات العسكرية المعارضة في حلب.

إلى ذلك، قالت منظمة الصحة العالمية امس إن فريقاً تابعاً لها زار حمص الأسبوع الماضي ووجد وضعاً إنسانياً «خطيراً ومتدهوراً» وإن واحداً من بين كل أربعة من السكان بحاجة لمساعدات إنسانية. ووفقا للمنظمة فإن نصف المستشفيات العامة في حمص وثلاثة أرباع مستشفياتها الخاصة لا تعمل. كما أن معظم الأطباء غادروا «ولم يعد هناك سوى ثلاثة جراحين فقط في المحافظة». وأعلنت المفوضية العليا للاجئين ان عدد اللاجئين السوريين تخطى 250 الفا، بينما تشرد اكثر من 1,2 مليون سوري، يشكل الاطفال اكثر من نصفهم، داخل سورية.

انجلينا جولي جابت «مخيم الزعتري»: من الصعب ان يشاهد الانسان الجثث محروقة كالدجاج

عمان- تامر الصمادي؛ جنيف – أ ف ب

حضت نجمة هوليود الاميركية انجلينا جولي، بصفتها سفيرة النوايا الحسنة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، المجتمع الدولي على مساعدة اللاجئين السوريين الذي تخطى عددهم 250 الفاً.

ودعت جولي، التي جالت مخيم الزعتري للاجئين السوريين قرب الحدود السورية على بعد 85 كلم شمال عمان، برفقة المفوض الأعلى للاجئين في الأمم المتحدة انتونيو غوتيريس ووزير الخارجية الاردني ناصر جودة المجتمع الدولي الى «تقديم كل ما باستطاعته لدعم اللاجئين السوريين».

وتحدثت جولي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع غوتيريس وجودة عقب جولة في المخيم عن معاناة اللاجئين السوريين معتبرة ان «من المؤثر جداً ان تلتقي بأشخاص لا يعرفون حقاً من يقف الى جانبهم… نساء وأطفال اضطرتهم الأحداث إلى الفرار والعيش داخل الخيام في منطقة صحراوية تحتاج الكثير من الخدمات». ولفتت الى ان «التجربة التي مر بها هؤلاء ثقيلة. من الصعب أن يغادر الإنسان وطنه وحياته ليعبر مع أطفاله طريق اللجوء ويشاهد الجثث المحروقة كالدجاج».

واضافت: «هناك من يموتون في سورية. الكثير من المدنيين لم يتمكنوا من الهرب بأرواحهم».

وزادت: «لقد بكيت بسبب الوضع الذي يعيشه الناس هنا. على المجتمع الدولي أن يتدخل لإنهاء معاناة اللاجئين في الزعتري».

وعند سؤالها عن الرسالة التي توجهها إلى أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري، قالت النجمة الأميركية: «كلنا أمهات. وأسماء أم أيضا. يجب أن يتوقف الدم في سورية على الفور».

وزادت: «البارحة كنت في زيارة للاجئين مع الجيش الأردني. شاهدت ترحيب الجيش بهم وتيقنت أنهم في أمان». وأوضحت انه «رغم الأعباء الاقتصادية الكثيرة التي يعانيها الأردن، إلا أنه يحاول بكل الطرق تقديم المساعدات للفارين من سورية».

من جهته اكد جودة ان «المشكلة اصبحت كبيرة»، ولفت الى ارتفاع عدد اللاجئين السوريين في الأردن إلى «نحو 200 ألف موجودين بين اهلهم واخوانهم في المدن والقرى الأردنية، وهناك اكثر من 85 الف سوري سجلوا رسميا لدى المفوضية العليا»، مشيراً الى ان ذلك «فاق قدرة استيعاب الاردن».

وحول أوضاع المخيم الذي يستقبل نحو 30 ألف لاجىء سوري، أوضح جودة: «لا احد يستطيع القول إن أي مخيم للاجئين هو وضع مثالي». وأضاف: «ما نأمله أن يتم إغلاق المخيم وأن يعود السوريون إلى بلدهم معززين مكرمين».

وجدد جودة التأكيد على ان «الاعداد فاقت قدرت المملكة الاستيعابية، لكن هذا واجب انساني ونحن على استعداد لابقاء حدودنا مفتوحة».

من جانبه، طلب غوتيريس خلال المؤتمر الصحافي من المجتمع الدولي «مساعدتنا ومساعدة الاردن لنقوم بتحسين الاوضاع المعيشية في المخيم»، مشيراً الى ان «المخيم كأي مخيم للاجئين في العالم مكان يصعب العيش فيه».

واضاف انه «منذ بداية الازمة في سورية عبر اكثر من 200 الف سوري الحدود الى الاردن ولم يعودوا، هذا يشكل عبئاً اقتصادياً واجتماعياً هائلاً، وعلى العالم ان يتفهم مدى صعوبة ان يتعامل الاردن مع هذا التحدي».

وتابع ان «من المهم جداً ان يظهر العالم تضامنه بشكل جاد عبر مساعدة الاردن والاردنيين على توفير ما يحتاجه جميع السوريين الذين لجأوا الى حمايتهم ليحيوا بكرامة».

واشار غوتيريس الى ان الاردن استقبل على مدى سنوات «موجات متعاقبة من اللاجئين بلغ عددهم 2,7 مليون لاجىء» من عراقيين وفلسطينيين، مؤكد انه «آن الآوان للمجتمع الدولي ان يدعم الاردن».

وفي جنيف، اعلن ادريان ادواردز المتحدث باسم المفوضية هناك ان «الارقام الاخيرة تظهر ان اكثر من ربع مليون لاجئ سوري (253 الفا و106 اشخاص) مسجلون او ينتظرون التسجيل في المنطقة».

وأحصت المفوضية العليا في الاردن 85 الفاً و197 لاجئاً بينهم 35 الفاً و961 ينتظرون التسجيل.

ويقول ادواردز ان «هناك تقارير تفيد بأن آلاف النازحين ينتقلون من قرية الى اخرى لتأمين سلامتهم قبل الاقتراب من الحدود»، مشيراً الى ان لاجئين وصلوا الى الاردن رووا للمفوضية تفاصيل عن اعمال حربية وغارات جوية على مدن وقرى قرب الحدود مع الاردن.

ووفقا للمفوضية فان اللاجئين السوريين مستمرون بالتدفق نحو الاردن بمعدل الفي لاجىء يومياً.

وحذرت الحكومة الاردنية الخميس الماضي من ان اعداد اللاجئين السوريين في المملكة باتت تتجاوز قدراتها. وأكدت حاجتها الى 700 مليون دولار لتلبية احتياجات نحو ربع مليون سوري.

ويعبر يومياً مئات السوريين الشريط الحدودي مع الاردن بشكل غير شرعي، هرباً من القتال الدائر بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة والذي اسفر عن اكثر من 27 الف قتيل منذ اذار (مارس) 2011، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

ويقطن الكثير من اللاجئين في مساكن موقتة في مدينة الرمثا (شمال) قرب الحدود مع سورية او لدى اقارب او اصدقاء لهم في المملكة، اضافة الى نحو ثلاثين الف لاجىء في مخيم الزعتري (85 كلم شمال) الذي يفترض ان يتسع لنحو 120 الف شخص.

ووفقاً للمنظمات الدولية الانسانية يستمر الوضع في سورية بالتدهور.

وقال ادواردز ان «عدداً من المواقع التي لجأ اليها نازحون في دمشق تأثرت الآن بالعنف ما اجبر هؤلاء على النزوح مجددا»، مشيراً الى ان «بعض اللاجئين ينزحون خمس او ست مرات قبل ان يفروا من بلدهم».

الإبرهيمي يضع مع حمد والعربي تصوراً لمهمته

طهران لضمّ فنزويلا إلى “مجموعة الإتصال”

    (و ص ف، رويترز، أ ب، أ ش أ)

يواصل الممثل الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في سوريا الاخضر الابرهيمي اليوم لقاءاته في القاهرة، استعداداً لزيارته المرتقبة “في غضون أيام” وربما غداً، لسوريا، حيث أكد الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون أنه سيلتقي الرئيس السوري بشار الاسد ، الى “مسؤولين سوريين آخرين وشخصيات في المعارضة والمجتمع المدني”.

ويعقد اليوم اجتماع ثلاثي في مقر الامانة العامة للجامعة العربية يضم، الى الابرهيمي الامين العام للجامعة نبيل العربي ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني الذي يرأس اللجنة الوزارية العربية المعنية بالوضع في سوريا، وذلك للبحث في أبعاد مهمة الممثل الاممي والعربي والتصور الجديد الذي ستنطلق منه مهمته في ظل المستجدات والتطورات التي تشهدها الازمة.

“مجموعة الاتصال”

وفي موازاة ذلك، أفاد ديبلوماسي رفيع المستوى إن مصر والسعودية وتركيا وإيران ستواصل مشاوراتها سعياً إلى حل للأزمة في سوريا، بعد محادثات “مجموعة الاتصال” الرباعية الاثنين والتي ضمت حليفا واحدا للنظام السوري وثلاثة خصوم له.

وقال الديبلوماسي ان المحادثات “أتاحت تبادلا مفيدا للآراء ووجهات النظر في شأن الموقف في المنطقة. سيواصل الأطراف مشاوراتهم”. وأضاف أن “المحادثات كانت إيجابية ومفيدة”.

ونسبت وكالة أنباء الشرق الاوسط “أ ش أ” المصرية الى مصادر رفيعة المستوى  إن هذا الاجتماع كان “مجرد بداية”، وأنه على رغم المواقف المتضادة للدول المشاركة، كانت  المناقشات الموضوعية بين ممثلي الدول الاربع  “خالية من الحدة والتوتر والانفعال”.

واوضحت أن هذا الاجتماع كان لجلسة واحدة على مستوى   المسؤولين الكبار، وأن الدعوة المصرية الى عقده كان هدفها تضييق الهوة في المواقف ووجهات النظر للدول المشاركة  والسعي الى إيجاد حلول سياسية للصراع ومنع خروجه وامتداده من سوريا الي دول الجوار. الا أنها أكدت أن كل طرف تمسك بوجهة نظر بلاده حيال الأزمة، “وهذا أمر طبيعي لكونه اجتماعا تمهيديا لاجتماع وزراء الخارجية للدول الأربع قريباً، وسيحدد خلال الأيام المقبلة”. وأبرزت أهمية انعقاد هذا الاجتماع لكونه التعاون الاول بين هؤلاء الأطراف الإقليميين الفاعلين والمؤثرين، وهذا  المسعى الاول يجمعهم للتوصل الى رؤية متناسقة أو تفاهم على المسألة السورية، من شأنه أن ينعكس ايجاباً على الأوضاع في سوريا.

  ورأس الوفد المصري الى الاجتماع  السفير شوقي اسماعيل والوفد التركي مساعد وزير الخارجية السفير عمر اونهون والوفد الايراني نائب وزير الخارجية حسين أميرعبداللهيان والوفد السعودي وكيل وزارة الخارجية  ناصر البريك.

 طهران

وفي محاولة لتقوية موقفها الموالي للنظام السوري في المجموعة، اقترحت طهران توسيع الرباعية لتضم دولتين أخريين هما العراق باعتبار أنها تتولى رئاسة الجامعة العربية حاليا، وفنزويلا بصفة كونها جزءا من المجموعة الثلاثية لحركة عدم الانحياز.

ونقلت عن عبد اللهيان أن مصر اقترحت جولة ثانية من المحادثات على مستوى وزراء الخارجية، وأن ايران رحبت بهذا الاقتراح. ورحب بالهدف المعلن لمصر وقف العنف في سوريا من خلال “توافق” بين اعضاء المجموعة، استنادا الى ثوابث أهمها الوقف الفوري للنار والحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها ورفض أي تدخل خارجي فيها.

تشكيك فرنسي

وبعد تشكيك أميركي في جدوى “مجموعة الاتصال”، كما في مشاركة ايران فيها، اعتبرت باريس أن على ايران أن تحترم اولا واجباتها الدولية قبل القيام بأي دور في حل الازمة في سوريا.

 وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيليب لاليو في مؤتمر صحافي: “أحطنا علما (بهذا الاجتماع). لكن هناك الكثير من الدوائر والمنظمات التي تعنى بالملف السوري، ولتجنب البلبلة يجب ان يبقى الهدف الحفاظ على تنسيق جيد لجميع هذه الجهود”. وقال: “اذا أرادت ايران المساهمة في الاستقرار الاقليمي، فثمة عدد من الامور التي يجب ان تقوم بها… يجب ان تكشف بدقة طبيعة برنامجها النووي، كما يجب ان تحترم قرارات مجلس الامن وقرارات مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.

وعندما سئل عن رغبة موسكو في استصدار قرار في مجلس الامن يحدد مبادئ انتقال سياسي، ولكن من غير الدعوة الى تنحي الاسد، أجاب ان نصا “ضعيفا جدا” لن يكون “مقبولا”.

النازحون إلى دمشق: أين سنذهب مع اقتراب افتتاح المدارس؟

طارق العبد

في وسط دمشق حيث تقع حديقة الجلاء ثمة العشرات ممن يفترشون العشب أو يقيمون خيماً بدائية، ويلعب الأطفال حول الأشجار، فيما يجلس الأهالي يتحدثون حول أحوالهم.

مشهد يتكرر في حديقة السبكي وسط أسواق الشام، وكذلك في عدة حدائق في أحياء المزة والقصاع وركن الدين، بل على جزر العشب التي تستضيفها بعض الأرصفة.

لكن هؤلاء ليسوا مستمتعين بالخريف الدمشقي، ولا هم في الحدائق للتسلية وقضاء الوقت في أحضان الطبيعة. إنهم نازحون من محافظات تتذوق طعم الدم يومياً، فاحتضنتهم الشام، في شوارعها وحدائقها ومدارسها، هرباً من الموت الذي يحصد العشرات يوميا.

أصبح في سوريا أكثر من مليوني نازح، غادروا مدنهم وقراهم إلى مناطق أخرى قد تكون أكثر أمنا، فافترشوا الأرض والحدائق والشوارع والتحفوا السماء، وأصبحت المدرسة بالنسبة لمئات الآلاف من الأطفال بيتهم الأول، لا لطلب العلم بل لطلب الأمان وقضاء ليلة لا يسمعون فيها أصوات القذائف المتبادلة.

هو إذاً مشهد فرض نفسه على دمشق المثقلة أصلا بهموم أبنائها، ومن نزح إليها في الشتاء من أبناء الريف وحمص وحماه، لتشهد اليوم موجة النزوح التالية لقادمين من حلب ودير الزور وداريا ومناطق عدة في ريف دمشق، بل ومن أحياء دمشقية استهدفتها الاشتباكات المتواصلة، فتركها أهلها إلى مناطق أخرى في قلب العاصمة، فيما فضل غيرهم من أبناء المحافظات الأخرى اللجوء إلى بلدان أخرى، رغم إغلاق الأتراك حدودهم في الشمال وانسحاب ذلك على العراق (منفذ البوكمال مغلق)، فيما تبدو أوضاع اللاجئين في الأردن ولبنان مأساوية، هذا إن تمكنوا من الوصول بالأساس. هكذا تحول السوريون من مقيمين في بلداتهم إلى نازحين ولاجئين، محاولين تأمين حياتهم الجديدة بما يحفظ كرامتهم.

الدخول إلى أي من المدارس التي يقيم فيها النازحون ليس صعباً بالمطلق، وهم يتوزعون على عشرات المدارس في دمشق وبعض المناطق في الريف التي بقيت بعيدة نوعاً ما عن العمليات العسكرية للجيش النظامي أو المسلحين.

لكن إقامتهم هنا لن تدوم طويلاً، والسبب بالتأكيد لا يتعلق بهدوء المعارك في مناطقهم، فقد حان موعد بدء العام الدراسي الجديد، ما يعني ضرورة إخلاء المدارس من النازحين لاستقبال التلاميذ. ويأتي هذا رغم مناشدات الأهالي المتكررة لوزارة التربية بتأجيل بداية السنة الدراسية، وهو ما لا يبدو انه يلقى آذاناً صاغية، مع إصرار وزير التربية على استقبال المدارس لطلابها في الموعد المحدد، وهو ما فرض حالة قلق شديدة ترتسم على وجوه الآباء والأمهات.

أما الأطفال فمشغولون بعالم آخر، عالم يتوزع بين اللعب والرسم وأنشطة عديدة، تطبعت جميعاً بطابع الحرب التي تعيشها البلاد، فيما لا يتوقف نشطاء في مجال الإغاثة عن العمل المتواصل على تأمين احتياجات النازحين الغذائية والطبية، وتنظيم أنشطة يسعون من خلالها لإبعاد الأطفال عن أجواء المعارك التي ترسخ في أذهانهم.

سامر شاب ثلاثيني، يتحدر من منطقة كفربطنا في ريف دمشق، تعرض منزله إلى قصف متبادل بين الجيش النظامي و«الجيش الحر» فقرر التوجه إلى دمشق مع زوجته وأولاده الثلاثة، لينتهي به المطاف في مدرسة في احد أحياء العاصمة، في غرفة يتقاسمها مع عائلة أخرى نازحة، فيما خصصت غرفة أخرى كمطبخ يقوم عشرات النشطاء يومياً بتأمين المواد الغذائية اليومية للأهالي بالتعاون مع جمعيات خيرية.

ويقول العامل البسيط إنه لم يجد خياراً آخر سوى الاستقرار هنا، فمعظم أقاربه هم في مناطق صعبة من الناحية الأمنية، أما أسعار البيوت في العاصمة فهي ذات أرقام فلكية، هذا إن وجدناها بالأصل.

ويضيف سامر، بغضب، «لا اعرف أين سنذهب بعد أيام. لقد ابلغونا بضرورة مغادرة المدارس قريبا، ولم يخبرنا احد أين سنذهب وأين سيكون ملجأنا المقبل»، فيما يعتبر جاره أن الخيار الأقرب والأسوأ أيضاً هو العودة إلى الحدائق حيث كنت أقيم مع أسرتي، قبل إن ينجح احد الناشطين في تأمين مقر لهم في المدرسة، و«لكن ها نحن اليوم مضطرون للعودة إلى الحدائق من جديد».

أما محمود، وهو عامل من منطقة سبينة في ريف دمشق، فيقيم في مدرسة في حي برزة مع أكثر من 20 رجلا آخرين، فيما تجلس النساء في غرفة أخرى. فبحسب قوله «في البداية كانت الأعداد قليلة خصوصاً مع عودة الكثيرين إلى منازلهم، لكن الأسابيع الأخيرة شهدت زيادة كبرى دفعت إدارة المدرسة إلى فصل العائلات ليقيم الرجال لوحدهم والنساء في غرفة أخرى، رغم وجود حالات صعبة تستدعي رعاية من الأسرة نفسها.

ويكشف الرجل الأربعيني عن عائلات استأجرت بيوتاً لفترة، ثم لجأت إلى المدارس بعد أن قام أصحاب الشقق برفع أسعارها، أو بسبب نفاد ما لديهم، فكثر وفق قول (مختار المدرسة) كما يصفه رفاقه خرجوا فقط بثيابهم، ومنهم من لم يتمكن من حمل معظم أوراقه الثبوتية.

ويشكو عبد الله، وهو سائق سيارة أجرة، من ميل الأطفال الشديد للعنف بسبب انطباع حوادث القتل اليومية في أذهانهم، ورغم الجهد الذي يبذله ناشطون في مجال الدعم النفسي، إلا انه يبقى جهداً مؤقتاً، بحسب تعبيره.

في المقابل، يبدي وليد، الناشط في مجال الإغاثة، تخوفاً من المرحلة المقبلة، مع اقتراب فصل الشتاء من دون أي ملامح أو بارقة أمل لانتهاء الصراع، ما يعني تزايد أعداد القادمين إلى دمشق، من دون وجود مكان يستطيع استيعاب كثر لن يكونوا قادرين على استئجار بيوت في قلب العاصمة، في ظل الارتفاع الهستيري للأسعار من جهة وانتقال الصراع المسلح إلى بعض الأحياء الدمشقية، كالتضامن ومخيم اليرموك والزاهرة من جهة أخرى. ويترافق هذا مع أزمة الكهرباء والوقود الخانقة التي تضرب مختلف شرائح المجتمع السوري، ما يجعل السلطة أمام تحدي تأمين التدفئة والحياة الكريمة لمئات الآلاف، وهذا بالطبع لا يشمل دمشق وحدها.

بدوره، يعتبر المسؤول عن احد المدارس في أطراف الشام انه لا يمكن إطلاق العام الدراسي بهذه الحال، في ظل التوتر اليومي الذي تشهده العاصمة ولجوء عصابات مسلحة إلى الخطف وطلب فدية مالية كبرى، ما يجعل الأهالي في حالة من الحذر قد تمنعهم من إرسال أبنائهم إلى المدارس، فيما يتعذر على المدرسين والطلاب الحضور في مناطق أخرى، كحلب وحمص ودرعا، حيث مازالت العمليات العسكرية مستمرة.

وينقل المسؤول عن نازحين أتوا من مناطق ساخنة قولهم إن بعض المدارس تحولت إلى ثكنات لـ«الجيش الحر»، خصوصاً في القرى التي يسيطر عليها، وتمركز جنود من الجيش السوري النظامي في مدارس أخرى تؤمن لهم تغطية المنطقة عسكرياً، مضيفا إن هذا يعني أن الأولوية هي للسلاح، والمدارس لن تكون جاهزة لاستقبال التلاميذ سوى في مناطق قليلة، لكن كل هذا لم يلق أذانا صاغية لدى وزارة التربية التي مازالت مصممة على افتتاح المدارس في موعدها، حيث أشارت الوزارة إلى تعاونها مع جهات عدة لتأمين المدارس وإيجاد بدائل لإيواء النازحين، من دون أن توضح التفاصيل حول الأمكنة المقترحة للإيواء.

مود يحذر من دعم المعارضة السورية بالسلاح أو المال

اشتباكات في دمشق ومسلحو حلب يؤلفون «مجلساً عسكرياً»

تواصلت الاشتباكات بين القوات النظامية السورية ومسلحين في مناطق في دمشق وريفها وادلب، فيما استطاع الجيش السوري صد محاولة مسلحين استعادة حي الميدان وسط حلب، فيما أعلن «ضباط وقادة في الجيش السوري الحر» إنشاء «مجلس عسكري ثوري يضم كل التشكيلات والألوية والكتائب المقاتلة في محافظة حلب».

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيانات، «تسببت أعمال العنف بمقتل 72 شخصا، هم 47 مدنيا و17 عنصرا من القوات النظامية وثمانية مقاتلين معارضين».

وأضاف ان «اشتباكات وقعت بين الجيش النظامي والمقاتلين في حي برزة في شمال دمشق، وبلدة عرطوز في الريف». وتابع «وقعت اشتباكات وعمليات قصف في أحياء الحجر الأسود والتضامن والقابون ومخيم اليرموك». وأشار الى «حملة دهم نفذتها القوات النظامية في حي نهر عيشة رافقها إطلاق نار عشوائي».

ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر رسمي في محافظة دمشق قوله «تواصل وحدات من قواتنا ملاحقتها للمجموعات الإرهابية المسلحة في بلدة يلدا بريف دمشق وتكبدها خسائر فادحة». وأضاف «داهمت وحدة من قواتنا المسلحة، بالتعاون مع الأهالي، وكراً لمجموعة إرهابية مسلحة في مدينة جرمانا بريف دمشق، وتمكنت من إلقاء القبض على إرهابيين اثنين وضبطت بحوزتهما آلة لتزوير العملة ومبلغا من العملات الأجنبية المزورة».

وقال أحد سكان حلب إن «الثوار حاولوا اقتحام حي الميدان (في وسط المدينة) على مدى ثلاثة أيام»، مشيرا إلى أن «الجيش نفذ عملية الاثنين وصدهم إلى الشمال في اتجاه حب بستان الباشا». وعادت المياه إلى معظم أنحاء المدينة بعد تصليح القناة الرئيسية التي دمرت نهاية الأسبوع الماضي، وتبادل النظام والمعارضة الاتهامات بتدميرها.

وتابع المرصد «تدور في محافظة ادلب اشتباكات عنيفة عند مداخل بلدة سلقين بين القوات النظامية السورية ومقاتلين من الكتائب الثائرة. كما تعرضت بلدات وقرى جبل الزاوية وسرجة في الريف للقصف من القوات النظامية».

إلى ذلك، أعلن «ضباط وقادة في الجيش السوري الحر»، في شريط فيديو بث على «يوتيوب»، إنشاء «مجلس عسكري ثوري يضم كل التشكيلات والألوية والكتائب المقاتلة ضد قوات النظام في محافظة حلب».

وقال العقيد عبد الجبار العكيدي، أحد أعضاء «المجلس الرئاسي الثلاثي الذي سيقود المجلس العسكري الثوري»، في الشريط «تم بعون الله تشكيل المجلس العسكري الثوري لمحافظة حلب، الذي يضم جميع التشكيلات والالوية والكتائب في حلب».

وسيترأس المجلس العكيدي وعبد القادر الصالح ورضوان قرندل (مدنيان مقاتلان). وأوضح ضابط آخر، في شريط الفيديو، ان «الألوية التي ستتمثل في المجلس هي: التوحيد والفتح وصقور الشهباء والمعتصم بالله وأحرار سوريا ومحمد الفاتح وصقور الشام وحلب الشهباء والثورة الحلبية وتجمع كتائب أحفاد الرسول ودرع الأمة والحق».

ودان «المجلس الوطني»، في بيان، تنفيذ إعدام ميداني في حق أكثر من 20 جنديا نظاميا على أيدي المسلحين في حلب، مؤكدا ان هذا العمل جريمة «يقع منفذوها ومن أمر بها تحت طائلة القانون الجنائي السوري».

(«سانا»، ا ف ب، ا ب، رويترز)

سعد الحريري يدعو إلى التدخل عسكريا في سوريا وتزويد المعارضة بالسلاح

باريس- (يو بي اي): دعا رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري الأربعاء، المجتمع الدولي إلى التدخل عسكرياً في سوريا، وتزويد المعارضة السورية بالأسلحة لمساعدتها على الفوز في النزاع.

ونقلت صحيفة (لوموند) الفرنسية عن الحريري، قوله، في مقابله أجرتها معه، قوله إن “النظام السوري سيسقط في نهاية هذا النزاع، لا محالة”.

وشدد الحريري على أهمية “إيقاف أعمال الإبادة التي يمارسها الرئيس السوري بشّار الأسد ضد شعبه”.واعتبر أنه “كلما طال الوقت لسقوط الأسد، كلما ارتفع معدّل الأضرار، ما يصعّب إجراء مصالحة” بين طرفي النزاع في سوريا.

وقال الحريري أن “النظام فقد سيطرته على البلاد”، واصفاً سوريا بـ”الدولة الفاشلة”.

ودعا إلى “عدم الانخداع بالادعاءات التي يسوّقها النظام”، معتبراً أن “الشعب السوري هو الفائز في هذا النزاع”.

وقال “يجب بذل الجهود لتقليص عدد الضحايا الذين يسقطون” كل يوم في سوريا.

واعتبر الحريري أن “المجتمع الدولي لديه واجب أخلاقي للتدخل عسكريا في سوريا بهدف إيقاف سفك الدم”، داعياً إياه إلى تزويد المعارضة السورية بالأسلحة المتطورة لتتمكن من تحقيق الفوز في النزاع.

وتطرق الحريري الى المقابلة الأخيرة التي أجراها الأسد مع قناة “الدنيا” السورية، وقال “شعرت بالغثيان لدى مشاهدتها”.

وأضاف أن “الأسد يعامل الأطفال والشيوخ والنساء كإرهابيين، فقط لأنهم لا يشاركونه الرأي”، وتابع قائلا أن “رجلاً كهذا سيدفع ثمن أفعاله يوماً ما”.

واعتبر الحريري أن “فرنسا لديها دور هام تؤدّيه في سوريا”، ودعاها إلى “تشجيع حلفائها على تزويد المعارضة السورية بما تحتاجه، لتتمكّن هذه المعارضة من إنشاء مناطق عازلة” في البلاد.

ولفت إلى أن “لا مصلحة لأي طرف بحصول حرب أهلية في سوريا، ما عدا إيران التي تتمنى حصول اضطرابات في سوريا، كما في العراق، لتتمكّن من الحفاظ على سيطرتها هناك”.

وحول استفادة الإسلاميين من نشوب حرب أهلية في سوريا، اعتبر الحريري أن “الإسلاميين يحاولون في مصر وتونس طمأنة كل الفرقاء”، لافتاً إلى أنهم “قاموا بقطع وعود كثيرة، وفي حال لم يفوا بها، فسيخسرون الكثير”.

ومن جهة أخرى قال الحريري أنه ليس خائفاً من انتقال عدوى الحرب إلى لبنان، معتبراً أن “لا مصلحة لأي طرف لبناني في ذلك”. لكنه حذّر من أنه “كلما ازداد ضعف النظام السوري و(اقترب سقوطه)، كلما ازدادت محاولات دمشق لإسقاط لبنان معها”.

وتطرّق إلى مسألة توقيف الوزير اللبناني الأسبق ميشال سماحة، وقال إن “قضية سماحة هي عمل حربي” من الجانب السوري.

وكانت السلطات اللبنانية اعتقلت سماحة في آب/ أغسطس المنصرم بتهمة تهريب متفجرات من سوريا بهدف إحداث تفجيرات في مناطق في شمال لبنان.

ولفت الحريري إلى أن “أعمال العنف التي تنشب، من حين لآخر، بين الطائفتين العلوية والسنية في مدينة طرابلس شمال لبنان، هي من صنع حلفاء النظام السوري، أو عملائه”.

واعتبر أن “النظام السوري يحاول زرع الفتنة في لبنان، غير أنه أضاف أن “اللبنانيين يعرفون السبيل لمقاومة كل الاستفزازات”.

وأشار الحريري الى سياسة النأي بالنفس التي تعتمدها الحكومة اللبنانية الحالية التي يترأسها نجيب ميقاتي تجاه الأزمة السورية، وقال “من الجيد أن يكون المرء حكيماً، شرط ألا يكون خاضعاً”.

واعتبر أنه “لو اعتمدت هذه الحكومة موقفاً أكثر صراحة، لكان النظام السوري امتنع عن تفجير الوضع في شمال لبنان، كما في وادي خالد، ولما كانت هناك قضية سماحة”.

وقال الحريري أن “حزب الله اللبناني متورط بشتى الوسائل في قمع الثورة السورية”، معرباً عن اعتقاده بأن “حزب الله يرسل مقاتلين لبنانيين إلى سوريا، على الرغم من نفي الحزب لذلك”.

ولفت الحريري إلى أنه اختار البقاء خارج لبنان “لدواعي أمنية”، غير أنه قال أنه سيعود إلى بلاده من دون أدنى شك.

وقال أنه سيشارك في الانتخابات النيابية المقبلة، وسيفوز بها، “شرط ألا يتم التلاعب بنتائجها”.

وأضاف الحريري إن “كل من يراهن على انتهاء حياتي السياسية،هو على خطأ مبين”.

ويشار إلى أن الحريري يعيش خارج لبنان متنقلا بين فرنسا والسعودية منذ حزيران/ يونيو 2011، بعد أن غادر لبنان بسبب ما وصفه بمخاوف أمنية تتهدد حياته.

معارك قرب مطار حلب ومقتل 18 جنديا نظاميا في هجوم بسيارة مفخخة بادلب

حلب- بيروت- (ا ف ب): قتل 18 جنديا نظاميا على الأقل واصيب العشرات بجروح في هجوم شنه صباح الاربعاء مقاتلون معارضون بواسطة سيارة مفخخة استهدف تجمعا عسكريا في مدينة سراقب بمحافظة ادلب في شمال غرب سوريا، كما اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان.

وقال المرصد في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه “قتل ما لا يقل عن 18 من القوات النظامية واصيب العشرات بجراح، بعضهم بحالة خطرة، وذلك اثر الهجوم بسيارة مفخخة على تجمع عسكري قرب معمل لويس الواقع شمال غرب مدينة سراقب عند جسر افس تبعه هجوم من قبل مقاتلين من الكتائب الثائرة على التجمع العسكري الذي كان يضم ما بين 70 الى 100 عسكري نظامي”.

ومن جانب آخر، تدور معارك عنيفة بين مقاتلين وجنود الاربعاء قرب مطار حلب الدولي، المدينة الثانية في سوريا، حيث قتل ارمن كانوا عائدين من يريفان في القطاع نفسه، كما ذكرت منظمة سورية غير حكومية وسكان.

ودارت المعارك قرب مطار حلب الذي ما زال يعمل بصورة طبيعية، في قطاع النيرب، كما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يستند الى شبكة واسعة من الناشطين. وقصف الجيش السوري من جهة اخرى طوال الليل بضعة احياء في حلب خصوصا في شرقها.

وليل الثلاثاء الاربعاء، قتل أربعة سوريين ارمن كانوا عائدين من يريفان برصاص رجال مسلحين على طريق المطار، كما اكد ذووهم لوكالة فرانس برس. واصيب 13 شخصا على الاقل من المجموعة نفسها كما ذكر المصدر نفسه.

وتعرض مصنع للزجاج وقاعة احتفالات يستخدمهما مسلحون مكانا للتجمع للقصف ايضا خلال الليل في شمال المدينة، كما افاد شهود.

وصباح الاربعاء قصف الطيران السوري حي بستان الباشا (شمال) كما قال شهود ايضا.

من جهة اخرى، قتل صبي صغير وطفلة واصيب عشرات المدنيين في قصف قرية اللطامنة المتمردة في حماة (وسط) صباح الاربعاء.

وفي المنطقة نفسها، تسبب قصف الجيش النظامي باندلاع حرائق في بضعة مبان وفي المخبز الرئيسي في القسطون.

وفي شرق البلاد، تعرضت بضعة احياء في مدينة دير الزور للقصف ايضا. وتعرضت مدينة البوكمال في هذه المحافظة لغارات جوية ايضا اسفرت عن قتلى وجرحى كما ذكرت المنظمة غير الحكومية التي لم تحدد الحصيلة.

وفي ادلب (شمال غرب)، هاجم المتمردون بضعة حواجز في مدينة سراقب وسمعت اصداء انفجارات قوية في المنطقة. وذكر ناشطون في المنطقة ان اعمدة الدخان ترتفع من هذه الحواجز بعد الهجومات.

وقال رامي عبد الرحمن رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان ان “بضع كتائب شنت هجومات بالصواريخ على هذه الحواجز”. ولم يتحدث عن الحصيلة.

واسفرت اعمال العنف الثلاثاء عن 138 قتيلا هم 93 مدنيا و19 متمردا و26 جنديا في انحاء البلاد، كما ذكرت المنظمة غير الحكومية.

لافروف يحذر من عدم المبالاة بالأزمة السورية ومن التدخل الخارجي

أستانا- (د ب أ): أعلن وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف في اجتماع وزاري لمؤتمر “التفاعل وإجراءات بناء الثقة” في آسيا الاربعاء أن بلاده تعتبر النهج المتسم بعدم المبالاة تجاه الازمة الراهنة في سورية أمر غير مقبول لكنها تحذر من التدخل في الصراع بالانحياز لاحد طرفيه.

ونقلت وكالة (إنترفاكس) الروسية عن لافروف قوله إن الازمة في سورية أصبحت من المشكلات الدولية الاكثر إلحاحا. من غير المقبول النظر إلى تلك المأساة بعدم اكتراث أو الاشتراك في الصراع بالانحياز إلى أحد الطرفين”.

وتابع أن جميع اللاعبين الخارجيين بما في ذلك الدول الاعضاء في المؤتمر “يتعين أن يطالبوا جميع الاطراف المتصارعة بوقف حمام الدم على الفور والتأكد من أن السوريين أنفسهم – يقينا دون المرتزقة – يجلسون على طاولة المفاوضات بدون أي تدخل من الخارج ويبدأون بشكل مشترك البحث عن مصالحة وطنية على أساس يتم الاتفاق بشأنه بشكل جماعي مثل قرارات مجلس الامن الدولي وخطة كوفي عنان والبيان الختامي للاجتماع الوزاري لمجموعة العمل لسورية في جنيف”.

وأضاف أن موسكو تؤيد بشدة جهود مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية لسورية الاخضر الابراهيمي استنادا إلى تلك الوثائق.

وقال لافروف إن الازمة في سورية هي فقط جزء من الاحداث الدراماتيكية في منطقة الشرق الاوسط “التي تؤثر بالسلب على الاستقرار في الكثير من الدول والامر الخطير بشكل خاص هو أنه يجري استغلالهاالان في إثارة صدامات عرقية ودينية”.

جميل السيد يهاجم رئيسي الحكومة والجمهورية في لبنان ويدافع عن نفسه:

ممكن أنني كنت مع سماحة لكنني لم أعرف أنه ينقل المتفجرات من دمشق

بيروت – ‘القدس العربي’ ـ من سعد الياس: فيما واصل القضاء اللبناني استجواب الوزير السابق ميشال سماحة امس، عقد المدير العام السابق للأمن العام اللواء المتقاعد جميل السيّد مؤتمراً صحافياً للرد على ورود اسمه في سيارة سماحة لدى نقله المتفجرات من دمشق، فلفت إلى ان اسمه ورد في التسريبات الأولى للتحقيقات مع الوزير السابق ميشال سماحة، للتلميح من قبل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللوء أشرف ريفي ورئيس شعبة ‘المعلومات’ العميد وسام الحسن على أنه كان ينقل مع سماحة المتفجرات إلى لبنان.

وقال السيد ردا على الملف الّذي قدّمته شعبة ‘المعلومات’ عن وجوده مع ميشال سماحة خلال نقله المتفجرات إلى لبنان من دمشق: ‘أزور دمشق دائماً، وميشال سماحة ايضاً، فمن الممكن أنني كنت مع سماحة في سيارته ولكننّي لم أكن أعرف أنه كان يحمل المتفجرات، كما يمكنني ألا أكون في السيارة وعارف بما تحتويه، فكيف سيعرفون بأنني متورط في ذلك؟’.

واضاف: ‘قلت لإبني المحامي مالك السيد بعد توكيله محامياً لي ولسماحة أن يفصل في الوكالة بيني وبين سماحة للفصل في الاتهام، وإبني في النهاية سيشد بي وليس بسماحة، فطلب من القاضي رياض غيدا سؤال المتّهم سماحة عن مشاركتي في عملية نقل المتفجرات، ولكن سماحة نكر ذلك وانتهى الموضوع عندنا’.

وتابع: ‘سماحة طلب حضور المخبر ميلاد كفوري لمواجهته وتبيان ضلوع شعبة ‘المعلومات’ في استدراجه إلى هذه القضية، وفي تاريخ الدولة اللبنانية لم يتمّ تهريب شاهد أو مخبر كما تم اليوم في تهريب كفوري، إلا في قضية اغتيال رفيق الحريري التي فعلها الفريق السياسي نفسه مع شهود الزور وزهير الصّديق’.

وقال: ‘يجب أن يعجلوا في استدعاء ميلاد كفوري وتشكيل ملف قضائي لإحالة ريفي والحسن إلى القضاء بتهمة تسريب التحقيقات واعتبار التحقيق مع ميشال سماحة مدمَّراً في الشكل والمضمون، فطالما أنهم لم يستطيعوا أن يجلبوا كفوري، فليضعوا سماحة في الإقامة الجبرية ويمنعوه من السفر ولكن لا أن يتركوه مسجوناً إلا عندما يجلبون كفوري ويسجوننه معه’.

واعتبر السيد ‘اننا أبناء دولة وهم لم يستطيعوا استدراجنا سابقاً، وحتى في التسريبات الأولى لهذه القضية، وتسريب محاضر التحقيقات الذي جرى لصحيفة ‘الجمهورية’ لا دخل للصحيفة فيه لأن الملف عند أبو غيدا وريفي والحسن فقط، وبالتالي فمن مسؤولية الحكومة والقضاء استدعاء هؤلاء، علماً ان ريفي أصر على الحسن نشر محاضر التحقيق رغم اعتراض الأخير’.

وشدد على ان ‘التحقيقات والأمن والقانون لطالما كانوا ‘شغلتنا’ وليس كل تسجيل يجب أن تفرغه على ورقة… التصوير والتسجيل يجب أن يقترنا بمحضر ضبط فوري، والبارحة زادوا على تسريباتهم موقفاً رسمياً ان ‘المعلومات’ سلّم القاضي ملفاً عن الشخصية المتورطة مع سماحة، فيا وسام الحسن، تقول إن لديك تسجيلات، ولكن ان كانت مكالماتي مع سماحة ناقصة، فأنت وريفي ستدخلان السجن’.

واعتبر السيد ان ‘القانون شكل ومضمون ولا يمكن تركه سائباً في لعبة سياسية وإعلامية من دون أي دور، وهذا المؤتمر لإبراز دور السياسة والإعلام في اللعب بالأمن والقضاء’.

وعن موقف الرئيس ميشال سليمان من هذا الملف، قال السيّد ‘أنا رأيت الرئيس سليمان عندما استقبل ريفي والحسن وأشاد بهما، وأنا حزين منه وعليه، فهو قال لي في وقت سابق إنه لا يستطيع ان ينزع ريفي والحسن من منصبيهما، ولكنه أيضاً لا يستطيع محاسبتهما، فلماذا سارع إذا إلى تهنئتهما؟’، مضيفاً: ‘أنا معك يا فخامة الرئيس أن تهنئهما في إنجازاتهما ولكن أن تحاسبهما أيضاً في خطئهما، فأنت لم تستطع محاسبتهما عندما خالفا أمرك في وزارة الاتصالات يوم طلبت منهما إخلاءها من عناصر قوى الأمن الداخلي’.

وتابع: ‘أنا سمعت الرئيس يقول لمروان شربل انه لا يمكنه أن يستمر بالحسن وريفي و’أوعا تكذبني يا مروان شربل، بزعل منّك’، معتبراً ان ‘رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يلعب دور دولاب الاحتياط، والبارحة حزنت منه عندما قال ان الحكومة بـ’سبع رواح’ ولكن الحكومة لا يجب أن تكون ‘حكومة بسين’، وقال: ‘ميقاتي يعتبر نفسه ‘عياري’ ويريد ان يحفظ خطّ الرجعة مع الحريري علّه يعيد تعيينه في حكومة مقبلة، وأذكره يوم قال له الحريري ‘يكفيك لقب رئاسة الحكومة’، فحزن ميقاتي وأتى يخبرني ذلك شاكياً’.

أخيراً، كشف جميل السيّد عن أنه سيكون مرشحاً مستقلاً في الانتخابات النيابية المقبلة على لائحة تحالف أمل – حزب الله في البقاع الشمالي (مع العلم أنه من بلدة النبي ايلا التابعة لدائرة زحلة)، مبدياً عتبه على فريقه السياسي ‘لأنني طالبته منذ اليوم الأول بالدفاع عن ميشال سماحة ولو بالشكل، مذنباً كان أم بريئاً، وان لم يصمد بشار الأسد فنحن قادرون على الدفاع عن أنفسنا وألوم الحكومة بعدم تحريك عجلة الدولة لأنه يأخذ الإعتبارات الطائفية بالاعتبار فيبقي على الفاسدين فيها تلبية لرغبات تلك الطائفة أو تلك’.

وفي وقت لاحق، نفت وزارة الداخلية ما نسبه السيّد من حوار جرى بين الرئيس ميقاتي والوزير مروان شربل.

الاخوان المسلمون في سورية لن يسيطروا على الحكم

صحف عبرية

خطاب الرئيس المصري محمد مرسي أمام وزراء خارجية الجامعة العربية يوم الاربعاء الماضي عرض أخيرا موقفا مصريا لا لبس فيه: ‘هذا ليس الوقت المناسب للاصلاحات، بل للتغيير… لا تستمعوا الى الاصوات التي تدعوكم للبقاء في الحكم’، اقترح مرسي على بشار الاسد. وليس مثلما في خطابه في مؤتمر دول عدم الانحياز في طهران، والذي حمل فيه مسؤولية المذبحة في سوريا الى النظام، ووصفه بـ ‘النظام المجرم’، هذه المرة دعا الاسد الى الرحيل عن السلطة.

على مدى اشهر ترددت الجامعة العربية بين موقف الامين العام للجامعة، نبيل العربي وبين موقف السعودية، الكويت، قطر والبحرين. بين العقوبات التي ستلزم الاسد بتطبيق اصلاحات والشروع في حوار حقيقي مع المعارضة، وبين مطلب دول الخليج بتسليح وتمويل المعارضة المقاتلة. مصر، مثل الجامعة، ترددت حتى وقت أخير مضى بين هذين المفهومين.

مرسي حسن. وسيكون هذا هو الموقف الذي سيعرضه على مضيفيه في واشنطن، حيث سيصل بعد نحو عشرة أيام. موقفه الصلب، الذي غرس خنجرا مشحوذا في البطن الايرانية، وأجل حاليا احتمالات استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، وان كان شجع نشطاء المعارضة السورية الا أنه في نفس الوقت أثار في اوساط المثقفين السوريين في المنفى المخاوف من ‘الحلف بين الاخوان المسلمين’، الذي من شأنه أن يمنح ريح اسناد لحركة الاخوان في سوريا.

المداولات حول صورة سوريا بعد سقوط الاسد هي بالفعل سابقة لاوانها. فعندما تجد الدول الغربية صعوبة في مساعدة قوات الثوار لحسم المعركة العسكرية، وحين تضطر الميليشيات التي تقاتل في سوريا الى التوجه الى منظمات المافيا وتجار السلاح كي تشتري البنادق باسعار تصل الى الفي دولار للبندقية ودولارين للرصاصة، وحين تمنع الخلافات بين الميليشيات المقاتلة اقامة قيادة موحدة من الصعب التعاطي بجدية مع المحادثات لاقامة حكومة موحدة في المنفى او عن جدول زمني لاقامتها.

ولكن مثلما في مصر في عهد الثورة، هكذا أيضا في سوريا الجسم الاكبر والاكثر تنظيما هم الاخوان المسلمون. فهم لديهم ربع الـ 310 اعضاء في المجلس الوطني السوري جسم المعارضة السورية الاكبر الذي يعمل في المنفى. نائب رئيس المجلس هو محمد فاروق طيفور، المسؤول الكبير في حركة الاخوان. كما أن من كان المرشد العام للحركة، علي صدر الدين البيانوني، هو عضو نشط في المجلس. وهم مسؤولون عن قسم النقليات والمساعدة في المجلس كما يسيطرون على قسم كبير من الميزانية. وداخل سوريا يقيمون منظومة خدمات للمواطنين بل وسيطروا على سلطة حماية المواطنين وجعلوها مثابة الذراع العسكري لمنظمتهم. هذه السلطة غير الرسمية كانت حتى وقت اخير مضى تحت سيطرة منظمة عسكرية دينية تسمى ‘صقور سوريا’، قررت التخلي عن السلطة بعد أن سيطر عليها الاخوان.

للاخوان في سوريا توجد أيضا مصادر تمويل مستقلة بنيت على مدى عشرات السنين، وهي تسمح للحركة بتمويل النشاط العسكري أو المدني بشكل مستقل. ولكن خلافا لحركة الاخوان في مصر، فان قاعدة التأييد للشقيقة السورية محدودة اكثر بكثير. والسبب في ذلك يعود الى القمع العنيف بلا هوادة الذي اتبعه نظام الاسد الاب على مدى عشرات السنين ضد الحركة. الفرع السوري للاخوان، الذي أسسه في الاربعينيات، د. مصطفى السباعي، صديق وزميل لحسن البنا مؤسس الحركة في مصر، رأى في نظام حزب البعث العلماني الذي استولى على السلطة في سوريا في 1963 عدوا مريرا يبعد الدولة عن تحقيق حلم دولة الشريعة.

من تلك السنة، ومع أنه كان ممثلو الاخوان قبل ذلك شركاء في البرلمان السوري، بدأت حرب ابادة بين الاخوان والنظام. وكانت ذروتها في 1982 عندما قاد رفعت الاسد، شقيق الرئيس في حينه حافظ الاسد، حملة تصفية عشرات الاف الموالين للحركة من مدينة حماة. على مدى ثلاثة أسابيع قصف المدينة، اقتحم منازلها، أعدم دون تمييز ودمر الشبكة التنظيمية والمدنية للحركة. ولكن لهذه المذبحة، التي تركت أثرا شديدا في ذاكرة السوريين والعالم يوجد جانب آخر. فقد سبقها قتل المثقفين، الاطباء، المحامين والمواطنين البسطاء على أيدي الاخوان المسلمين. الارهاب الذي زرعه الاخوان في سوريا في السبعينيات دفع النظام الى ان يشرح في 1980 قانونا يفرض عقوبة الموت على كل من يدان بعضوية الحركة.

ليس النظام وحده رأى في الاخوان تهديدا. فمواطنو الدولة العلمانيون، المثقفون، اعضاء الاتحادات المهنية ورجال الاعمال، تعاطوا مع الاخوان كتهديد لطابع الدولة. ودليل على ذلك يمكن أن نراه في أن المذبحة في حماة، مثل الاغتيالات الفتاكة بين النظام والاخوان، لم تبعث حركة الاحتجاج القطرية في صالح الاخوان.

ومقارنة بالانظمة في مصر، التي كافحت الاخوان، ولكن رغم اعلانهم كحركة غير قانونية سمحت لهم بـ اقامة اجهزة ارشاد ووعي بل والمشاركة في الحياة السياسية، فان وضعهم في سوريا مختلف. فتدمير الشبكة التنظيمية للحركة هناك منعها من إقامة منظومة تجنيد ووعظ، وفر معظم زعمائها الى خارج البلاد وواصلوا إدارة شؤونها من بعيد.

حيال الاخوان المسلمين يعمل الان من جهة خصومهم من الحركات السلفية، الذين اقاموا كتائب مقاتلة في سوريا، ومن جهة اخرى القوى العلمانية التي تعارض تحويل سوريا الى دولة شريعة. الاخيرون ينتقدون ايضا المجلس الوطني السوري الذي برأيهم يسيطر عليه الاخوان ولهذا فانه لا يمكنه أن يمثل سوريا ‘الحقيقية’.

ولكن حتى دون هذه المعارضة، من الصعب الافتراض بان الاخوان المسلمين في سوريا سيسيطرون على الدولة مثلما فعل أعضاء الحركة في مصر. فنحو ثلث مواطني سوريا هم من الاقليات المسيحية والعلوية ممن لن يؤيدوا الحركة. كما أن قبائل البدو الاكراد ممن يشكلون معا قسما كبيرا من السكان بعيدون عن ايديولوجيا الحركة. يبدو أن من يخاف من ثورة اسلامية عموم عربية على خلفية التيارات الدينية في مصر وفي تونس، بانتظاره مفاجأة في سوريا.

تسفي برئيل

هآرتس 11/9/2012

فرنسا راغبة بعملية عسكرية وتحتاج للدعم الامريكي.. والدفاعات السورية يقظة

جهاديون يقومون بأعمال بشعة وتقارير عن تزايد اعدامات الجيش الحر في حلب

لندن ـ ‘القدس العربي’: حتى الآن اظهر الصف العلوي تماسكا وراء الرئيس السوري بشار الاسد، حيث يرى في مواجهة الرئيس الانتفاضة السورية حماية للطائفة التي ستواجه ما يراه اعضاؤها معركة حياة او موت ان سقط النظام.

وظل عدد من انشقوا عن التيار العام في الطائفة قليلا جدا، ومن اراد الانضمام للمقاتلين شعر بالخوف من موقف المقاتلين منه، حيث ذكرت صحيفة ‘التايمز’ نهاية الشهر الماضي ان معارضا علويا اراد الانضمام للمقاتلين في حلب فنصحه اصدقاؤه بعدم القيام بذلك خشية تعرضه للقتل، خاصة ان مقاتلين اظهروا غضبهم ومعارضتهم لشخص من الطائفة ان يقاتل الى جانبهم.

وظل العلويون مترددين بدعم الثورة لعدم وجود طرف قادر على تقديم ضمانات لهم. فقد قال مناف طلاس، الذي انشق عن النظام وهو ارفع جنرال في الجيش السوري ينشق، انه يعمل على اقناع العلويين التخلي عن الاسد والبحث عن طرف يقدم لهم ضمانات وحماية. وقد اعترف طلاس بانه خرج من سورية بمعونة من المخابرات الفرنسية.

وفي هذا الاتجاه قالت مجلة ‘تايم’ الامريكية ان عدد الذين يخرقون الصف العلوي في تزايد وسط القلق وعدم الارتياح من الممارسات الوحشية التي يقوم بها النظام ضد الانتفاضة، وقابلت المجلة نقيبا علويا في الثورة اسمه ‘عمر’ ويعتبر الاسد ‘جزارا’. وقال النقيب انه توقف عن تصديق دعاية النظام وقرر الانشقاق عن وحدته بعد ان بدأ النظام بضرب بلدته بالمدافع. واتهم عمر الاسد بالقيام بتأجيج المشاعر الطائفية حيث قال ‘يقول لنا الاسد ان السنة سيذبحوننا’.

وكان عمر يتحدث عبر ‘سكايب’ قائلا ان الاسد يقوم بعملية تخويف لهم ويدفعهم نحو الهاوية، و’لهذا السبب يقوم الجيش بقتل الناس في الشوارع لخوفهم من قيام السنة بذبحنا’. ويقول ان ما دفعه هو استمرار القصف اليومي للمناطق المدنية حيث قال انه لم يستطع تحمل رؤية موت السوريين بشكل يومي. ومع ذلك لم يكشف عمر عن عدد الضباط العلويين الذين انشقوا عن النظام لكن اشار ان العدد ليس قليلا.

والدها من الامن

وحالة عمر ليست الوحيدة من بين العلويين الذين يديرون ظهرهم للنظام فابنة مسؤول كبير في ميليشيا النظام المعروفة بالشبيحة التي تستهدف المدنيين، قررت ترك البلاد بعد ان عاشت معركة اخلاقية مع نفسها. وتعمل الآن من اسطنبول مع المعارضة حيث تتهم النظام باستخدام المعتقدات العلوية لاغراض سياسية، وقالت ان العلويين يقتلون السوريين بدون سبب.

مثقفون

ومنذ بداية الثورة اعلن عدد من المثقفين السوريين العلويين انضمامهم للانتفاضة ودعمهم لها ومن بينهم الشاعرة رشا عمران التي شاركت في عدد من المهرجانات الشعرية، وقالت للمجلة ان نظام الاسد نظام ديكتاتوري، وكيف يمكنها دعم نظام يقتل شعبه. وينظر المثقفون العلويون الى انفسهم كسوريين اولا وكأبناء طائفة من طوائف المجتمع السوري ثانيا. ومنذ بداية الثورة يقوم النظام باستخدام الورقة الطائفية وتقديم نفسه على انه القادر على حماية الاقليات.

وقالت عمران انها كانت تفضل البقاء في سورية من اجل مواجهة النظام لكن انتقاداتها سببت احراجا له ولانها بنت عائلة معروفة، فقد خشي النظام من ردة فعل داخل الطائفة وتعرضت لضغوط وزيارات من الامن للخروج من البلد حيث قررت في النهاية مغادرة سورية بداية العام الحالي.

حراك

وعن التحركات العلوية المؤيدة للانتفاضة ذكرت تقارير ان العلويين شاركوا في الانتفاضة فقد تم الحديث عن تمرد بعض الشخصيات والافراد في دوبرا بعبدا القريبة من القرداحة والشيخ بدر بلدة الشيخ صالح العلي احد قادة الثورة ضد الفرنسيين، كما شارك علويون في تظاهرات عدة جرت في طرطوس واللاذقية وحمص.

ومن قرر المشاركة عادة هم من العلمانيين الذين لا يهمهم البعد الطائفي، ووقع الكثير منهم على بيان من اجل المواطنة وكذلك بيان من اهالي حمص والمناطق الساحلية التي يسكن فيها العلويون لادانة جرائم النظام في حمص. ويقال ان الجيش الحر انشأ سرية علوية بقيادة النقيب صالح الصالح، وقد قتل احد مقاتلي الجيش الحر العلويين في حمص على يد الشبيحة في حزيران (يونيو) الماضي.

كما تعاطف ناشطون في طرطوس مع اهالي ضحايا مجزرة الحولة التي ارتكبها النظام في آيار (مايو) الماضي. وقالت تقارير ان جنودا علويين في الجيش السوري تعاطفوا مع الثورة وقدموا معونات للمقاتلين.

فرنسا رغبة في التدخل

في تقرير اخر عن الموقف الفرنسي من الانتفاضة، حيث تراجع الرئيس فرانسوا هولاند عن دعوته لاقامة منطقة عازلة في شمال سورية، وقرر بدلا من ذلك قيادة جهود دعم المعارضة في الداخل سواء بالاتصال مع المجالس العسكرية او بالاتصال مع ممثلين يمكن الثقة بهم من الجيش الحر، خاصة ان باريس فقدت املها في معارضة الخارج وقدرتها على تشكيل جبهة موحدة يمكن ان تشكل بديلا عن الاسد.

ومع ذلك فالرغبة الفرنسية بالتدخل حاضرة خاصة ان الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الذي قاد الحملة لاسقاط نظام القذافي يوجه انتقادات حادة لهولاند بسبب غياب السياسة الحاسمة فيما يتعلق بالملف السوري. فقد هاجم ساركوزي هولاند بقوله انه يقضي عطلته على الشاطىء في الوقت الذي يقتل فيه المقاتلون السوريون على يد قوات الاسد، وقد انضم معسكر ساركوزي للجوقة واتهموا هولاند بقلة الخبرة في مجال السياسة الدولية. وما يمنع فرنسا وغيرها من الدول الاوروبية من فعل شيء انها ليست قادرة على القيام بحملة عسكرية شاملة بالاعتماد على حلف الناتو دون دعم عسكري قوي من امريكا، فالحملة على ليبيا لم تكن لتتم لولا القصف الامريكي الدقيق لمواقع النظام العسكرية. وهناك امر اخر يعزز الرغبة بالتدخل وتنبع من كون فكرة ‘حق التدخل’ لانقاذ حياة المدنيين ولدت وتطورت الى فكرة ‘واجب التدخل’. وترى ‘واشنطن بوست’ ان بعض قادة الرأي الفرنسيين المحبطين من الموقف الامريكي والاتحاد الاوروبي يأملون بقيام هولاند بالضغط على باراك اوباما للتدخل في سورية، او ان تقود فرنسا تحالفا يتدخل في سورية بالتعاون مع تركيا.

ليفي مرة اخرى

واضافة لساركوزي عبر برنارد هنري ليفي، المعلق والذي يقدم نفسه على انه فيلسوف عن خيبة امله من هولاند. ويريد ليفي تكرار الدرس الليبي الذي لعب فيه دورا فاعلا في دعم المقاتلين الليبيين حيث قابلهم وحضر اجتماعاتهم واحرجهم فيما بعد حول العلاقة مع اسرائيل. وقال ليفي ان هولاند وقادة اوروبا يبالغون بالحديث عن معوقات التدخل. واضاف ليفي ان ‘كل واحد يعرف انه لم تعد هناك حاجة لانهاء الحكومة وكل ما نريده طيار يقود طائرة’. ودعوة ليفي وغيره تنبع من ان حرب فرنسا في ليبيا كانت نظيفة ولم تخسرفيها اي طيار على الرغم من ان الطيران الفرنسي انجز 25 بالمئة من الطلعات الجوية.

ومن هنا يرى هذا الطرف ان دروس حملة الناتو تشجع على القيام بعملية في سورية. لكن الصحيفة تذكر ان الناتو وحملته ‘النظيفة’ لم تكن لتتم لولا امريكا التي دمرت في الساعات الاولى من الضربة دفاعات ليبيا الجوية وشوشت نظام الاتصالات. ويعترف ضابط في الناتو بهذا حيث قال ان بريطانيا وفرنسا ليست لديهما القدرة على القيام بهذا ـ فامريكا هي الدولة الوحيدة التي تملك تلك القوة الجوية المضادة.

نظام دفاعي يقظ

واشارت الصحيفة الى انه يجب اخذ الدفاعات السورية بعين الاعتبار فلديها نظام صاروخي نفذته روسيا، وبحسب مسؤول في الناتو فقدرة سورية على اسقاط طائرة فانتوم ـ اف-4 التركية تعني ان الدفاع الجوي السوري يقظ. ويبدو ان هذا سبب عدم تشجع القوى على اقامة منطقة حظر جوي او معابر آمنة على الحدود التركية لانها حسب هيلاري كلينتون تعني تدخلا عسكريا.

ويرى محللون انه ان كان الغرض من اقامة معابر لحماية اللاجئين وليس اسقاط النظام فانه يمكن حمايتها من الطيران السوري بوضع مضادات للطائرات على الجانب التركي كتحذير للنظام السوري، وفي النهاية فان اي تحرك عسكري لن يكون ناجحا الا بدعم امريكي. ولعل المعوق الرئيسي للتدخل هو طبيعة القتال التي تدور في كل انحاء سورية وليس مناطق محددة كما ان المقاتلين لا مناطق آمنة يسيطرون عليها ويضاف الى ذلك توزع وتعدد فصائل المعارضة واختلافها ايديولوجيا وسياسيا.

وفي الوقت الذي يتناقش المجتمع الدولي حول ما يمكن فعله لسورية، وحديث المبعوث الدولي لسورية، الاخضر الابراهيمي عن صعوبة مهمته وما يمكن فهمه من الرسالة التي نقلتها روسيا عن الرئيس الاسد انه لن يتخلى عن السلطة الا بانتخابات، فالموقف على الارض لم يتغير من استمرار المواجهات في حلب ومناطق، وسط اتهامات للطرفين بارتكاب انتهاكات وعمليات قتل جماعية.

انتهاكات

فقد حذرت نافي بيلاي مفوضة الامم المتحدة لحقوق الانسان من اثر استخدام الجيش السوري للاسلحة الثقيلة في المناطق المدنية ومن ممارسات المقاتلين المعارضين لنظام الاسد الذين يمارسون عمليات اعدام جماعية وقتل بدون محاكمة وتعذيب. وجاء حديثها في ضوء الاعدام الجماعي الذي قامت به كتيبة من كتائب المقاتلين لجنود سوريين في منطقة هنانو، مما يؤكد عدم سيطرة الجيش الحر على مقاتليه، خاصة انه اصدر امرا بعد مذبحة عشيرة بري في شهر تموز (يوليو) ان ممارسات هذه لن تتكرر.

ونقلت صحيفة ‘ديلي تلغراف’ عن باحث في منظمة ‘افاز’ التي توثق جرائم الجيش السوري وسجلت مئات الحوادث ان التقارير التي تتلقاها المنظمة تتزايد عن ممارسات المقاتلين وعن ‘قيام الجيش الحر باعدام اشخاص في حلب’ خاصة الجنود الذين يعتقلهم او من يقول انهم من عصابات الشبيحة. وقال الباحث ان ما يحدث ‘بشع وان الجيش الحر يقوم باعمال رهيبة هناك، ومعظمهم من الجهاديين’. فيما طالب ناشطون في مجال حقوق الانسان بالتروي قبل اطلاق الاتهامات قائلين انهم لم يسمعوا باسم الكتيبة ‘سلمان الفارسي’ التي نفذت المجزرة من قبل. ولكن تعبير بيلاي عن مخاوفها تشير الى ان الطرفين يرتكبان مجازر بشعة، وكانت منظمة ‘هيومان رايتس ووتش’ قد سجلت حوادث قام بها الجيش الحر باعدامات وتعذيب لمن يعتقلهم من الجانب الاخر.

ومع ان كتيبة ‘سلمان الفارسي’ التي قامت بالعملية لا يعرف من يقودها الا ان تقارير تقول انها قامت بالمجزرة بالتعاون مع جبهة النصرة الجهادية المرتبطة بالقاعدة. ويخشى مراقبون ان هذه الجماعات الجهادية التي بدأت تشكل حضورا في الانتفاضة السورية ان تقودها في اتجاه اكثر راديكالية بحيث يعيد ممارسات القاعدة في العراق. وحتى الان تقلل المعارضة من اهمية العناصر الجهادية خاصة الاجنبية في الثورة والتي تقول انها لا تزيد عن عشرة بالمئة من حجم المقاتلين.

مسؤول تركي: سورية تتحدث عن حرب طائفية لتخفي صراعا على السلطة

اسطنبول ـ رويترز: قال مستشار كبير لرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان إن تركيا تعتقد أن دمشق تصور الأزمة السورية الآن على أنها صراع بين السنة والشيعة لتغطي على فقدان الرئيس السوري بشار الأسد للسلطة السياسية في البلاد.

وقال المستشار إبراهيم قالين لرويترز إن هذا التصور الطائفي الجديد يهدف إلى حشد السوريين الشيعة إلى جانب الأسد واعطاء سبب لمعارضة الدول ذات الاغلبية السنية في المنطقة له.

وأضاف قالين في مؤتمر لزعماء دينيين مسلمين ومسيحيين في الشرق الأوسط مطلع هذا الأسبوع أن السنة والعلويين الذين ينتمي إليهم الأسد ليسوا كتلتين محددتين وأن تركيا لا ترى الأزمة في سورية في إطار طائفي.

وقال ‘يحاول نظام الأسد – لأنه فقد شرعيته السياسية- تقديم هذا على أنه صراع طائفي.. يزعمون أن من يعارضون نظام الأسد يعارضونه لأنهم سنة ويكرهون الشيعة’.

وأضاف ‘لكن الشيء الجيد هو أن الأغلبية العظمى من السنة والشيعة لا ينطلي عليهم هذا الرأي ويدركون أنها قرارات سياسية وليس صراعا طائفيا’.

ووصف قالين التأكيد المتنامي على الهويات الدينية في الشرق الأوسط بالطائفية الجديدة لكنه قال إن هذه الاتجاهات ورغم كونها اتجاهات حقيقية إلا أنها ما زالت ثانوية في الأغلب بعد الصراعات السياسية التي تحرك الأحداث في المنطقة.

ويضم المجتمع السوري أطيافا من الاعراق والاديان. ويمثل العلويون الذين يتولون معظم المناصب في المؤسسة الحاكمة في سورية نسبة تصل إلى 12 في المئة من السكان بينما يمثل السنة 75 في المئة.

وتصل نسبة المسيحيين في سورية إلى عشرة في المئة والأكراد ثمانية في المئة والدروز أقل من ثلاثة في المئة. وظل المسيحيون على الحياد في الصراع في سورية. واستغل السوريون الأكراد ضعف الأسد للسيطرة على بعض المناطق الشمالية بالبلاد.

وترى أنقرة أن دعم إيران القوي للأسد يأتي لأسباب من بينها التضامن الطائفي لكنه يستند بشكل أكبر إلى افتراضات سياسية خاطئة.

وقال قالين ‘تعتبر إيران سورية مجالا للنفوذ وجزءا من جبهة ضد الاحتلال الاسرائيلي في المنطقة.. وحساباتهم هي أنه إذا تمت الاطاحة بنظام الاسد فإن النظام الجديد في سورية لن يبقى على موقفه من السياسات الاسرائيلية وهذا أمر خاطئ ببساطة’.

وقال إن الحكومات المنتخبة حديثا في تونس ومصر وليبيا أثبتت اهتمامها الشديد بالقضية الفلسطينية وتعبر الان عن معارضتها للاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية بتأييد ديمقراطي كامل. وأضاف ‘أيا كان من سيأتي للسلطة في سورية فإنه سيستند إلى الإرادة الشعبية للناس. إن الأغلبية العظمى من الشعب السوري مثل باقي الشرق الأوسط ضد الاحتلال الإسرائيلي’.

وقالين أستاذ سابق في الفلسفة الإسلامية ويدعو إلى تفاهم أكبر بين المسلمين والمسيحيين. وذكر أن الأغلبية السنية والاقلية الشيعية شهدتا فترات من العلاقات الهادئة والمتأزمة عبر تاريخ الإسلام. وأشار إلى أن انقسامات وقعت أيضا داخل صفوف الطائفتين كما كانت هناك تجارب للعيش معا في دول مختلفة.

وقال ‘من الناحية التاريخية والمذهبية سيكون خطأ كبيرا أن يعامل السنة ككتلة والشيعة ككتلة.. لا يوجد مؤشر واحد يمكن أن يحدد بالفعل الهوية ككل’.

وقال قالين إن السعودية وقطر اللتان أيدتا تحركات سنية محافظة في انتفاضات سابقة بالعالم العربي تضعان السياسة قبل الدين في سورية.

وأضاف ‘إنهما تدعمان المعارضة السورية ضد نظام وحشي.. وهذا هو بيت القصيد’.

واستشهد اردوغان وهو سني خلال اجتماع الزعماء الدينيين في اسطنبول بمقتل الامام الحسين في كربلاء العراق لشجب إراقة الدماء في سورية.

وقال اردوغان يوم الجمعة في مقارنة بين الشعب السوري والامام الحسين ‘إن ما يحدث اليوم في سورية هو نفسه ما حدث في كربلاء قبل 1332 عاما’.

وقال قالين ‘هذه ليست مسألة سنة وشيعة وإنما مسألة عدالة وقمع’. وذكر أن الطائفية الجديدة تتضح أيضا في التيار السلفي وأشار إلى تدمير سلفيين لعدة أضرحة صوفية في ليبيا.

تطبيق الشريعة في بلدة يسيطر عليها المعارضون شمال سورية

الباب (سورية) ـ ا ف ب: يستمع القاضي محمود عقيد بتعاطف الى شكوى مستأجر على خلاف مع مالك المنزل الذي يقيم فيه قبل ان يلجأ الى الشريعة لاصدار حكم في هذه البلدة التي يسيطر عليها الثوار في شمال سورية.

وعقيد هو عضو مع 12 قاضيا اخرين ومحاميين اثنين في لجنة قضائية منتخبة تتولى مهمة الحفاظ على السلم في الباب، الى جانب مؤسسات اخرى اقامتها المعارضة للنظام حتى عودة حكم القانون الى سورية.

ومن على منضدة بسيطة في المحكمة الاسلامية المؤقتة في المدينة، يصغي القاضي عقيد للمستاجر عبد الله وهو يتوعد بعدم تسديد قيمة الايجار لاربعة اشهر ما لم يوافق المالك على اصلاح باب نخرته الشظايا.

ويتوعد هذا الرجل الملتحي البالغ من العمر 54 عاما ويرتدي قمبازا مقلما ‘حتى لو قتلني لن اغادر المنزل’.

ويحاول القاضي عقيد البالغ 30 عاما بسرعة معرفة المبلغ الذي يمكن للمستاجر ان يدفعه ويقارن ذلك بكلفة تغيير الباب الذي خلع من مفصلاته اثر انفجار الحق ايضا اضرارا بمدخل المنزل. وهكذا يبدأ البحث عن حل وسط عادل.

ويقول عقيد ‘في الصباح استمع للشكاوى وليلا نجلس سوية لمراجعة القضايا’ مع اعضاء آخرين في اللجنة القضائية المنتخبة التي تستلهم احكامها من الشريعة.

في تموز (يوليو) الماضي سيطر الثوار على بلدة الباب التي تبعد 30 كلم شمال شرق حلب حيث تدور معارك عنيفة واخرجوا القوات الموالية للرئيس بشار الاسد بعد اشتباكات شرسة. وفي الايام التي اعقبت الاحتفالات بالانتصار، بدأ الاهالي والثوار يعملون على انتخاب مجلس مدني واخر عسكري وتطبيق الشريعة في هذه البلدة التي كانت تضم 80 الف نسمة قبل النزاع.

ويقول ابو عمر (52 عاما) رئيس المجلس المدني ان هذه المؤسسات انشئت ‘للامساك بزمام الامور حتى انتهاء الفوضى’ في سورية.

ولقيت المحكمة الاسلامية بحسب ابو عمر ‘استقبالا جيدا لان الجميع في الباب من المسلمين السنة’.

وسورية متعددة الديانات، يشكل المسلمون السنة غالبية سكانها وينتمي رئيسها الى الاقلية العلوية.

ويلجأ سكان بلدة الباب لتسوية خلافاتهم الى المحكمة الشرعية المسؤولة ايضا عن الزام الثوار المقاتلين الذين يستخدمون البلدة قاعدة خلفية، باحترام القانون.

وبعد النظر في قضية عبد الله المدنية، يتحول القاضي الى مقاتل من الثوار يتهمه السكان بالفظاظة واطلاق السباب عندما حاول تنظيم طابور من الناس امام مخبز.

ويستنتج عقيد بعد استجواب المقاتل ‘كان يكثر من الصراخ’. قبل اقامة المحكمة الشرعية كانت بلدة الباب تعتمد على ثمانية قضاة عينهم النظام بموجب قوانين مدنية وجنائية وتجارية متوارثة عن الانتداب الفرنسي.

وهناك قاض واحد فقط من القضاة السابقين مختص بالشريعة التي حددت نطاق حكمه بامور مثل الزواج والطلاق وحضانة الاطفال.

لكن حاليا في الباب تتعامل المحكمة الاسلامية مع قضايا اخرى وبحسب مسؤولين تسعى الى النأي بنفسها عن ممارسات الفساد السابقة.

وقال فوزي صياح رئيس اللجنة القضائية ‘المحاكم كانت في السابق فاسدة والاحكام رهن بما يمكن ان يدفعه كل شخص’.

واضاف ‘توقف كثيرون عن ملاحقة قضاياهم لانهم وجدوا الاجراءات طويلة جدا ومخيبة ومكلفة’.

والان، يقول صياح، تعرض ما بين 5 و10 قضايا يوميا امام المحكمة الاسلامية.

ويشرح ‘الان نحاول ان نستمع لشهود عيان ونجمع الادلة في جلسة واحد وحل المسألة خلال ايام قليلة’.

ابو النجار احد محاميين اثنين في اللجنة القضائية يقول انه يحاول ‘التوفيق بين الشريعة والتشريع القائم’ ويصر على ان الشريعة يمكن ان تكون اكثر رحمة في بعض الحالات.

ولاثبات رايه يستشهد بقضية رجل دين بالقتل غير المتعمد حكم عليه بالسجن وبدفع تعويض لاسرة الضحية. بنهاية الامر، سامحته الاسرة واطلق سراحه من السجن.

ويشدد صياح وزملاؤه على ان المحكمة الاسلامية اجراء مؤقت باق حتى يصبح لدى الشعب السوري الفرصة لاختيار حكومته ونظامه القانوني.

غير ان صياح يقول ‘نسعى لان نصبح نموذجا’ ويفتخر في ان الهيئة القضائية تمكنت في جلسة واحدة من حل قضايا كانت عالقة في النظام القضائي لسنوات عدة.

وفي سجن في اسفل المبنى معزول عن القاعة الجليلة التي يكثر فيها الكلام، يؤدي ستة سجناء الصلاة.

احدهم قائد عسكري من الثوار سجن لان رجاله سرقوا ساعات ذهبية خلال مداهمة لمنزل يشتبه بانه لاحد عناصر الميليشيات الموالية للنظام والمعروفين بالشبيحة.

والساعات كانت مهرا وبسرقتها يكون رجاله ‘ارتكبوا خطأ وخالفوا الشريعة’.

ولم يتمكن المقاتلون من مقاومة اغراء تلك الساعات الذهبية فهم يشترون الرصاص من مالهم الخاص.

الاعلان عن مجلس عسكري ‘ثوري’ موحد في حلب

الجيش السوري الحر يدعم المنشقين عن الجيش النظامي

بيروت ـ حلب ـ ا ف ب: اعلن ضباط وقادة في الجيش السوري الحر انشاء ‘مجلس عسكري ثوري’ يضم كل التشكيلات والالوية والكتائب المقاتلة ضد قوات نظام الرئيس السوري بشار الاسد في محافظة حلب، بحسب ما جاء في شريط فيديو نشر الثلاثاء على موقع يوتيوب الالكتروني.

وقال العقيد عبد الجبار العكيدي، احد اعضاء المجلس الرئاسي الثلاثي الذي سيقود المجلس العسكري الثوري، في الشريط ‘تم بعون الله تشكيل المجلس العسكري الثوري لمحافظة حلب الذي يضم جميع التشكيلات والالوية والكتائب في محافظة حلب’.

وسيتراس المجلس العكيدي (ضابط منشق) وعبد القادر الصالح ورضوان قرندل (مدنيان مقاتلان).

واوضح ضابط آخر في شريط الفيديو ان الالوية التي ستتمثل في المجلس هي: التوحيد والفتح وصقور الشهباء والمعتصم بالله واحرار سورية ومحمد الفاتح وصقور الشام وحلب الشهباء والثورة الحلبية وتجمع كتائب احفاد الرسول ودرع الامة والحق.

ورحب المجلس الوطني السوري المعارض في بيان اصدره الثلاثاء ب’تشكيل المجلس العسكري الثوري في حلب وتوحيد الكتائب المقاتلة المنضوية تحت لواء الجيش السوري الحر في محافظة حلب’.

وقال المجلس انه تلقى هذا النبأ ‘بارتياح كبير’، معلنا دعمه ل’هذه الخطوة التوحيدية’، داعيا الى ‘تبنيها على مستوى المحافظات السورية، وعلى المستوى الوطني، باعتبارها ضرورة ملحة وحاجة ماسة لتتويج الثورة السورية العظيمة بنصر يزيح عن كاهل السوريين هذا النظام المجرم’.

ويسيطر المقاتلون المعارضون على الجزء الاكبر من ريف حلب، ويقولون انهم يسيطرون ايضا على اكثر من 60 في المئة من المدينة.

ورغم كل المحاولات لتوحيد صفوفه، لا يزال الجيش الحر يفتقر الى التنسيق الفعال بين مجموعاته المختلفة والى قيادة موحدة وهيكلية واضحة.

من جهة اخرى البعض ينتظر هبوط الليل لتسلق الأسيجة والزحف تحت الاسلاك الشائكة. والبعض الآخر يتواعد مع العدو. هؤلاء جنود سوريون يسعون الى الانشقاق والكثير منهم ينجح في ذلك.

وفيما تعلن دمشق ارتياحها لانها ‘تتخلص من الارهابيين’، فان احتمال ارتفاع عدد الانشقاقات الى حد النزيف ولا سيما بين الجنود السنة الذين يشكلون الاكثرية في الجيش، سيضع النظام السوري امام مشكلة بالغة في التعقيد.

‘ابو انس’ (رفض الكشف عن اسمه الحقيقي) الذي وصل مساء السبت يبلغ 23 عاما ومكث ثمانية اشهر في قاعدة الشعلة للرادار قرب حلب في انتظار اللحظة المؤاتية.

وروى الشاب النحيل الذي يضع نظارات في لقاء معه في قاعدة للمعارضين المسلحين قرب حلب ‘مع حلول الليل استفدت من تبديل الحرس للاقتراب من جدار، حاملا بندقيتي الكلاشنيكوف وببزتي العسكرية. لم يكن الجدار مرتفعا’. وتابع ‘ثم زحفت تحت الاسلاك الشائكة وفررت راكضا عبر ممر مظلم بين شعاعي كشافين’.

انضم الى كتيبة للجيش السوري الحر التي تجري تدقيقات بشأنه قبل اعادة سلاحه اليه. ويؤكد انه يريد القتال. لكن هذه ليست حال جميع المنشقين الذين يفضلون في كثير من الاحيان الانضمام الى عائلاتهم او مغادرة البلاد.

في حلب، جلس ‘القائد خطاب’ (رفض الكشف عن اسمه) البالغ 36 عاما على كرسي بلاستيكي تحت احدى القناطر الحجرية في المدينة القديمة واوضح انه عند انشقاق احدهم ‘ان كان الشخص معروفا لدى جنود سبق ان انضموا الينا فلا مشكلة. هنا الجميع يعرفون بعضهم. لكن ان لم يضمنه احد فسيمثل امام جهاز امن الجيش السوري الحر. ويمضي بعهدته اسبوعين الى ان نجري الاستعلامات اللازمة’.

كجميع قادة الثوار في المنطقة اكد خطاب ان الساعين الى الانشقاق كثر في صفوف الجيش النظامي وانه اعتمد اجراءات لمساعدتهم.

وقال ‘البعض يطلعوننا عبر اصدقاء او اقارب، فنعطيهم موعدا ليليا في عدة مواقع على الجبهة. وفي اثناء حراستهم يخرجون رافعين بندقيتهم’.

واكد قائد اخر عرف عن نفسه باسم ‘ابو عبيدة’ في حي سيف الدولة شرقا عن تنظيم هجمات زائفة لتسهيل ظروف الهرب. وقال ‘انهم يرسلون الينا اشارة عبر مصابيح صغيرة في هواتفهم فنطلق النار خلفهم لتغطيتهم. في بعض القواعد يكفي الاقتراب من الجدران الخارجية من دون اذن للتعرض لاطلاق نار في الظهر’.

ويؤكد الثوار تكرارا تمركز عناصر من حزب الله اللبناني او ايرانيين في ثكنات الجيش واسلحتهم موجهة الى الداخل، من دون القدرة على اثبات ذلك.

واكد قائد كتيبة للثوار في حي باب نصر (وسط) احمد الامام (35 عاما) ان ‘الضباط العلويين لا يقاتلون، انهم يراقبون الجنود السنة ويطلقون النار عليهم ان رفضوا القتال او اقتربوا من البوابات’.

على غرار ‘ابو انس’ اكد عدد من الجنود المنشقين السنة الذين انضموا الى الجيش السوري الحر انهم عزلوا في الثكنات وصودرت هواتفهم واقتصرت مشاهدتهم للتلفزيون على قنوات النظام والغيت مأذونياتهم وروقبت احاديثهم ومنعوا من ارتداء ملابس مدنية.

وقال ‘امضيت ثمانية اشهر متواصلة داخل القاعدة’. وتابع ‘زعم الضباط ان +الطرقات غير آمنة+. آخر الجنود الذين غادروا الى عائلاتهم لم يعودوا. قيل لنا انهم قتلوا. لكننا كنا نعلم ان ذلك غير صحيح’.

واضاف ان ‘حوالي 15 من اصدقائي ينتظرون ليفعلوا مثلي. لكنهم يخشون الانتقام من عائلاتهم’.

وتابع ‘كنت اشاهد على شاشات الرادار جميع تحركات الطائرات والمروحيات التي تقصف حلب ومحيطها. عبر استخدام طائرات مقاتلة لقصف الاحياء والمدنيين من الصعب عليهم ان يقنعوا الاخرين بانهم يواجهون ارهابيين..’.

انجلينا جولي تبكي وهي تستمع لروايات اللاجئين السوريين المروعة

مخيم الزعتري (الاردن) ـ (رويترز) – اغرورقت عينا نجمة السينما ومبعوثة الامم المتحدة الخاصة انجلينا جولي وهي تستمع للاجئين سوريين عالقين في مخيم بالاردن وهم يروون تفاصيل مروعة عن مقتل المدنيين في الحرب الاهلية الدائرة في بلادهم.

وقالت جولي للصحافيين بعد زيارة استمرت يومين لمخيم الزعتري في الاردن “حين سئل أطفال صغار عما رأوا أخذوا يتحدثون عن جثث مقطعة واناس محترقين تتقطع أوصالهم لدى انتشالها كما الدجاج. قالت هذا طفلة عمرها تسعة أعوام”.

واستطردت بعد ان حاولت التماسك “انها تجربة ثقيلة جدا لانك في الكثير من الاحيان تأتي الى هذه المخيمات… ونادرا ما تلتقي بهم وهم يعبرون الحدود وتتعرف على اناس في اللحظة التي يتحولون فيها الى لاجئين”.

وتابعت “انهم يقولون.. مع مرور شهر وراء شهر لن يبقى منا شيء.. ذهبت بيوتنا وذهبت اسرنا”.

وهربا من حملة عسكرية متصاعدة لقوات الرئيس السوري بشار الاسد يتجمع لاجئون في مخيم لم يكتمل بناؤه حيث تكافح وكالات الاغاثة والسلطات الاردنية لتوفير المأوى والاحتياجات الاساسية.

وفي مخيم الزعتري يعيش 28 ألفا بخدمات محدودة وسط أجواء الصيف الحارة والرياح المحملة بالاتربة.

وقال موسى عواضات وهو أب لستة “العالم يرقبنا وكأنه يتعمد اذلال الشعب السوري. نشعر اننا في مركز احتجاز كبير او في حديقة حيوان محاطة بأسوار حيث يأتي الجميع ليستغل معاناتنا. لم نفر من سوريا لنجيء الى سجن اخر هنا”.

وقال انطونيو جوتيريس مفوض الامم المتحدة لشؤون اللاجئين الذي زار المخيم مع جولي برفقة وزير الخارجية الاردني ناصر جودة ان هذه الزيارة هي رسالة للعالم “ليساعدنا ويساعد الحكومة الاردنية على العمل بقوة على تحسين معيشة اللاجئين في هذا المخيم”.

وسافرت جولي الى سورية عام 2007 ومرة اخرى عام 2009 للالتقاء بلاجئين عراقيين مع صديقها الممثل براد بيت. وخلال احدى الزيارتين التقيا مع الاسد وزوجته أسماء.

وقالت جولي التي كانت ترتدي قميصا قطنيا اسود وتشد شعرها الى الخلف ان كل النداءات التي وجهت من اجل التمويل الدولي لازمة اللاجئين ذهبت سدى. وتقول جماعات المعارضة ان اكثر من 27 الفا قتلوا في الانتفاضة.

وقال ادريان ادواردز المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في افادة صحافية في جنيف الثلاثاء “مع فرار 100 الف الى دول الجوار خلال شهر اغسطس وحده فإن يعد تصعيدا غير مسبوق للازمة”.

وقال ان نحو 200 ألف سوري عبروا الى الاردن وان لم يسجل كلهم كلاجئين.

وفي ابريل نيسان الماضي رفعت مكانة جولي من سفيرة للنوايا الحسنة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين الى مبعوثة خاصة.

سوريا أشد عنفًا من العراق في اسوأ أيامه

عبدالاله مجيد

يرى محللون أن العنف في سوريا أشد دموية من أسوأ السنوات التي شهدها العراق خلال الحرب. لكن هذه المقارنة ليست سوى تذكير بالثمن البشري الفادح للثورة ولا تهم السوريين بشيء فهم لا يحتاجون للاحصاءات ليعرفوا حجم معاناتهم.

صُدم الشرق الأوسط بالحرب الأهلية في العراق كما لم يصدمه حدث آخر في العقد الماضي. ويرى محللون أن تلك الحرب دمرت نسيج العراق السياسي والاجتماعي وأسهمت في استقطاب العالم العربي على أساس طائفي وفرضت على الولايات المتحدة أن تصرف النظر عن مشاريعها لأعادة تشكيل المنطقة سياسيًا.

ولكن النزاع المستعر في سوريا اليوم يبدو بأرقام الضحايا أشد دموية من اسوأ السنوات التي عرفتها حرب العراق.

ويقول مركز توثيق العنف في سوريا، وهو موقع الكتروني يتابع اعداد القتلى في النزاع، ان 5037 شخصا قُتلوا في آب (اغسطس) فكان الأشد دموية بين شهور الحرب. إذ قُتل في تموز (يوليو) 3761 شخصا وفي حزيران (يونيو) 2204 شخصا.

وبحسب مؤشر العراق في معهد بروكنز الذي تابع حجم الخسائر بالأرواح بين المدنيين والعسكريين منذ بداية الحرب فان 34500 مدني عراقي و2091 عسكريا عراقيا، من الجنود وعناصر الشرطة، قُتلوا في عام 2006، أو ما مجموعه 3049 عراقيا كانوا يُقتلون كل شهر.

وهناك عامل آخر يجعل سفك الدماء في سوريا حتى اسوأ منه في العراق هو ان سوريا اصغر سكانا بكثير من العراق. وتبين ارقام البنك الدولي ان عدد سكان العراق يبلغ نحو 33 مليون نسمة بالمقارنة مع 21 مليونا هم عدد سكان سوريا. وبالتالي حتى إذا اقترب حجم الخسائر من حجمها في العراق فان ذلك يعني ان سوريا تبقى بالنسبة للمواطن السوري الاعتيادي مكانا اخطر بكثير من العراق.

إذ يبلغ عدد سكان سوريا 64 في المئة من سكان العراق وإذا تكررت اعمال العنف التي شهدتها سوريا في آب (اغسطس) في انحاء بلد بسكان العراق فان 7915 شخصا سيُقتلون كل شهر.

 وهناك عدد من الاشتراطات والاستدراكات في هذ الأرقام اهمها التحفظات في مقارنة الأرقام من منظمة مثل مركز توثيق العنف في سوريا الذي يجمع ارقام الضحايا من لجان التنسيق المحلية المناهضة للنظام في انحاء سوريا، مع مؤشر العراق التابع لمعهد بروكنز.

وترى مجلة فورين بولسي الاميركية ان لدى لجان التنسيق المحلية ما يدعوها الى تقديم ارقام عالية لعدد الضحايا في محاولة لدفع المجتمع الدولي الى التحرك ضد النظام السوري. وكان مؤشر العراق، من الجهة الأخرى، يجمع معلوماته خلال اسوأ سنوات الحرب من الحكومة الاميركية التي كان لديها ما يدعوها الى التقليل من اعداد الضحايا.

ومع ذلك فان ارقام مؤشر العراق لعدد الضحايا المدنيين تقترب واحيانا تزيد على ارقام جهات ثالثة مستقلة. وعلى سبيل المثال ان منظمة “ودي كاونت” غير الحكومية التي تحصي عدد القتلى العراقيين من التقارير الصحفية تقول ان 28806 مدنيين قُتلوا في العراق عام 2006 وهو رقم يقل 6000 قتيل عن حسابات مؤشر العراق. ومنذ بداية الحرب حتى اليوم يقدر مؤشر العراق ان 116400 مدني قُتلوا وهو رقم يتفق مع حسابات منظمة بودي كاونت.

وفي نهاية المطاف لا تعني هذه المقارنة أي شيء. فان سفك الدماء في العراق لا يصبح مطاقا لأن سوريا تعيش فجيعة أشد مرارة وان السوريين لا يحتاجون الى مثل هذه الاحصاءات ليعرفوا حجم معاناتهم. ولكنها تذكير صارخ بالثمن البشري الفادح للثورة السورية التي ستحدد شكل الحقبة التالية من سياسة الشرق الأوسط مثلما اعاد العراق تحديدها المرة الماضية، بحسب مجلة فورين بولسي.

 http://www.elaph.com/Web/news/2012/9/761259.html

حرب ضروس قرب مطار حلب وقتلى أرمن

أ. ف. ب.

أدى انفجار سيارة مفخخة اليوم في إدلب شمال سوريا إلى مقتل 18 جنديًا نظاميًا، في وقت تصاعدت حدة المعارك بين المعارضة والجيش قرب مطار حلب الدولي، حيث قتل أرمن سوريون كانوا عائدين من يريفان.

بيروت:  قتل 18 جنديا نظاميا على الاقل واصيب العشرات بجروح في هجوم شنه صباح الاربعاء مقاتلون معارضون بواسطة سيارة مفخخة استهدف تجمعا عسكريا في مدينة سراقب بمحافظة ادلب في شمال غرب سوريا، كما اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان.

وقال المرصد في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه “قتل ما لا يقل عن 18 من القوات النظامية واصيب العشرات بجراح، بعضهم بحالة خطرة، وذلك اثر الهجوم بسيارة مفخخة على تجمع عسكري قرب معمل لويس الواقع شمال غرب مدينة سراقب عند جسر افس تبعه هجوم من قبل مقاتلين من الكتائب الثائرة على التجمع العسكري الذي كان يضم ما بين 70 الى 100 عسكري نظامي”.

واكد المرصد ان الحاجز “دمر بشكل كامل”، واضاف نقلا عن نشطاء في المنطقة ان “نحو 20 عسكريا تمكنوا من الفرار، ولا تزال الاشتباكات العنيفة مستمرة في المنطقة منذ الصباح ويحاصر مقاتلون من الكتائب الثائرة المقاتلة مركزين للقوات النظامية في معمل الزيت والاذاعة قرب سراقب”.

وتدور معارك عنيفة بين متمردين وجنود الاربعاء قرب مطار حلب الدولي، المدينة الثانية في سوريا، حيث قتل ارمن كانوا عائدين من يريفان في القطاع نفسه، كما ذكرت منظمة سورية غير حكومية وسكان.

ودارت المعارك قرب مطار حلب الذي ما زال يعمل بصورة طبيعية، في قطاع النيرب، كما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يستند الى شبكة واسعة من الناشطين. وقصف الجيش السوري من جهة اخرى طوال الليل بضعة احياء في حلب خصوصا في شرقها.

وليل الثلاثاء الاربعاء، قتل اربعة سوريين ارمن كانوا عائدين من يريفان برصاص رجال مسلحين على طريق المطار، كما اكد ذووهم لوكالة فرانس برس. واصيب 13 شخصا على الاقل من المجموعة نفسها كما ذكر المصدر نفسه.

وتعرض مصنع للزجاج وقاعة احتفالات يستخدمهما مسلحون مكانا للتجمع للقصف ايضا خلال الليل في شمال المدينة، كما افاد شهود.

وصباح الاربعاء قصف الطيران السوري حي بستان الباشا (شمال) كما قال شهود ايضا.

من جهة اخرى، قتل صبي صغير وطفلة واصيب عشرات المدنيين في قصف قرية اللطامنة المتمردة في حماة (وسط) صباح الاربعاء.

القتال في مطار حلب أسقط قتلى أرمن

وفي المنطقة نفسها، تسبب قصف الجيش النظامي باندلاع حرائق في بضعة مبان وفي المخبز الرئيسي في القسطون.

وفي شرق البلاد، تعرضت بضعة احياء في مدينة دير الزور للقصف ايضا. وتعرضت مدينة البوكمال في هذه المحافظة لغارات جوية ايضا اسفرت عن قتلى وجرحى كما ذكرت المنظمة غير الحكومية التي لم تحدد الحصيلة.

وفي ادلب (شمال غرب)، هاجم المتمردون بضعة حواجز في مدينة سراقب وسمعت اصداء انفجارات قوية في المنطقة. وذكر ناشطون في المنطقة ان اعمدة الدخان ترتفع من هذه الحواجز بعد الهجومات.

وقال رامي عبد الرحمن رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان ان “بضع كتائب شنت هجومات بالصواريخ على هذه الحواجز”. ولم يتحدث عن الحصيلة.

واسفرت اعمال العنف الثلاثاء عن 138 قتيلا هم 93 مدنيا و19 متمردا و26 جنديا في انحاء البلاد، كما ذكرت المنظمة غير الحكومية.

http://www.elaph.com/Web/news/2012/9/761253.html

مقاتلون سوريون: نقتل أشقاءنا إن كانوا مع الأسد

عبدالاله مجيد

أكد مقاتلون في الجيش السوري الحر أن إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد أهم من العلاقات العائلية ومن صلة الرحم. فهم مستعدون لقتل الأشقاء والأقارب إذا اختاروا الوقوف مع النظام.

يعتبر المقاتلون السوريون المعارضون للنظام السوري أن تحرير سوريا من بشار الأسد أهم من صلات الرحم وأنهم مستعدون لمحاربة أقرب الأقارب إذا كانوا مع الرئيس السوري.

يتبدى مثل هذا الموقف في حالة المقاتل أبو صدام الذي لم يتحدث منذ نحو شهر مع شقيقه الذي يقاتل الى جانب النظام في القوات الخاصة المتمركزة في العاصمة دمشق. ويخشى الشقيقان ان تكون مكالماتهما الهاتفية مراقَبة فتحدثا بشفرة متفق عليها عندما حاول ابو صدام أن يستطلع ما إذا كان شقيقه مستعدا للانشقاق والانضمام اليه في صفوف الجيش السوري الحر.

 ولاحظ ابو صدام أن شقيقه بدا مستعدا وقت المكالمة ولكنه بعد شهر ما زال مواليا للحكم. وأقسم بأنه سيقتل شقيقه إذا لم ينشق عن الجيش. وقال ابو صدام لصحيفة كريستيان ساينس مونتر طالبا استخدام هذا الاسم المستعار لأسباب أمنية “نحن نقاتل أشخاصا يحاربون مذهبنا السني ويدعمون نظاما مجرما لا يميز بين المقاتلين والنساء والأطفال”.

ويتحدث ابو صدام، مثله مثل العديد من مقاتلي الجيش السوري الحر على خطوط الجبهة، عن إسقاط نظام الأسد بوصفه هدفا أهم من الارتباطات العائلية وخاصة بعد ان تحولت الانتفاضة الى حرب اهلية تضع الأخ في مواجهة أخيه وتقسم العائلات والجماعات بطريقة قد تترك آثارها وتداعياتها لفترة طويلة بعد انتهاء القتال، كما يحذر محللون.

وظلت مدينة حلب مثلا التي كانت طيلة شطر كبير من الانتفاضة معقلا لمؤيدي الأسد، هادئة نسبيا. ولكن عندما اندلع القتال في اواخر تموز/يوليو اصبحت حلب بؤرة النزاع متسببة بانقسام العائلة الواحدة. وفي المدينة القديمة، قال ابو محمد الذي يقود وحدة محلية للجيش السوري الحر ان رجاله يقاتلون في الغالب شبيحة النظام. وإن كثيرين في وحدة “احفاد صلاح الدين” التي يقودها نشأوا في المدينة ويقولون ان لديهم اصدقاء واقارب ما زالوا موالين للنظام.

واضاف ابو محمد “ان أهم شيء الآن هو القضية، فهي أهم من العائلة”. ومؤخرا علم محمد زكريا حداد، احد رجال ابو محمد، ان ابن عمه الشبيح قُتل في معركة مع الجيش السوري الحر. وأوضح حداد انه لم يكن ذات يوم قريبا من ابن عمه الذي كان يعتدي على المحتجين بوصفه شبيحا خلال الانتفاضة. وعندما وصل حداد الى الشارع الذي قُتل فيه ابن عمه كانت المعركة ما زالت مستمرة ولم يتمكن من رؤية الجثة إلا بالناظور.

ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن حداد قوله “كنتُ سعيدا جدا عندما رأيتُ جثته. واتصلت بشبيح آخر كان لدي رقمه وقلت له ان محمد ابن عمي قُتل وإذا واصل القتال من اجل الأسد سيكون هو التالي”. واضاف حداد ان موت ابن عمه “يعني ان الأشرار نقصوا واحدا”.

في هذه الأثناء، يبدو ان الانقسامات الطائفية في سوريا تزداد عمقا. وفي حين ان الجيش السوري الحر يضم مقاتلين من غالبية الطوائف السورية فان كثيرا من المقاتلين السنة في صفوفه يقولون انهم يناضلون من اجل حماية مذهبهم ضد العلويين الذين ينتمي الأسد وغالبية اركان نظامه الى طائفتهم.

ورغم انشقاق علويين عن النظام وانضمامهم الى المعارضة، فإن عبدو ابو محمد وهو مقاتل سني في المعارضة قال لصحيفة كريستيان ساينس مونتر “ان من المستحيل ان يكون شيعي معنا”. واضاف مشيرا الى حزب الله اللبناني “ان كل من هو شيعي هو مع حزب الله وحزب الله مع الأسد. وبالنسبة لنا نحن السنة ليست هناك مشكلة مع الشيعة او أي مذاهب أخرى ولكن الشيعة يقولون “إذا قتلتَ سنيا تذهب الى الجنة””.

في غضون ذلك اعترفت كتيبة تعمل في حلب بالمسؤولية عن أسوأ عملية قتل جماعي ترتكبها قوات المعارضة منذ اندلاع الانتفاضة في وقت اتهمتها مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الانسان بارتكاب اعمال قتل وإعدامات خارج اطار القانون وممارسة التعذيب. وأظهر شريط فيديو على يوتيوب صفا من 20 رجلا بملابس عسكرية ممددين على الرصيف، وكانوا جميعهم معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي وراء الظهر.

 ويبدو ان الرجال أُوقفوا في صف واحد وقُتلوا رميا بالرصاص. واشار التعليق الى أن كتيبة مقاتلي المعارضة هي كتيبة سلمان الفارسي من بلدة الباب شمال شرقي حلب وان القتلى هم من عناصر قوى أمن النظام.

 ويأتي ارتكاب المجزرة الجديدة رغم الاتفاق الذي توصلت اليه ألوية المعارضة الرئيسة على عدم تكرار جريمة القتل الجماعية التي راح ضحيتها اربعة ممن يسمون شبيحة آل بري أُلقي القبض عليهم في حلب وأُعدموا رميا بالرصاص على مرأى من الجميع في ساحة مدرسة في تموز/يوليو الماضي.

وافادت تقارير ان الجنود الذين قُتلوا في الفيديو الجديد وقعوا في قبضة المعارضة المسلحة خلال القتال من أجل السيطرة على حي مساكن هنانو وسط حلب حيث اعلن مقاتلو المعارضة سقوط قاعدة عسكرية كبيرة بأيديهم.

وقال باحث في منظمة “آفاز” لحقوق الانسان التي وثقت مئات من انتهاكات نظام الأسد ان مقاتلي المعارضة يعترفون بصورة متزايدة باعدام جنود أسرى وخاصة الشبيحة. واضاف الباحث ان منظمة آفاز تتلقى تقارير كثيرة جدا عن اعدامات ينفذها الجيش السوري الحر في حلب. ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن الباحث “انها بشاعة والجيش السوري الحر يقترف اشياء فظيعة هناك، والكثير من عناصره جهاديون”.

ودعت منظمات حقوقية اخرى الى الحذر قائلة انها لم تسمع باسم كتيبة سلمان الفارسي رغم انها تعمل في منطقة موالية للجيش السوري الحر. وقال مصعب عزاوي من الشبكة السورية لحقوق الانسان ان مصادر الشبكة على الأرض تقول ان هذه هي المرة الأولى التي سمعوا فيها بهذا الاسم. واضاف “ان الجيش السوري الحر كتنظيم نفى مسؤوليته”.

واعلنت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الانسان نافي بيلاي ان القتال يؤدي الى انتهاكات يرتكبها الطرفان. وقالت ان استمرار النظام في استخدام الأسلحة الثقيلة وقصفه مناطق مأهولة أسفر عن خسائر كبيرة بين المدنيين وتهجيرات جماعية داخل البلد وخارجه وعن “ازمة انسانية مدمرة”. ولكنها اضافت قائلة انها تشعر “بالقدر نفسه من القلق إزاء انتهاكات القوات المناوئة للحكم، بما في ذلك القتل والاعدامات خارج اطار القانون والتعذيب فضلا عن الاستخدام المتزايد مؤخرا للعبوات الناسفة”.

 ورغم ان الهوية الايديولوجية لكتيبة سلمان الفارسي ليست معروفة فان تقارير افادت بأنها نفذت العملية مع جماعة جبهة النصرة الجهادية المتهمة بالارتباط بتنظيم القاعدة. وقالت مؤسسة كيليام للأبحاث التي تتابع الأنشطة الجهادية ان مثل هذه الجماعات تقوم بدور أكبر في النزاع وتدفعه نحو “مرحلة جديدة وأكثر راديكالية” رغم ان المؤسسة تقدر ان الجهاديين والمتطرفين يشكلون اقل من 10 في المئة من اجمالي قوات المعارضة المسلحة.

http://www.elaph.com/Web/news/2012/9/761246.html

العاملون والحكومة في سوريا.. في أزمة مشتركة

البطالة تصل إلى 75% نتيجة الانفلات الأمني والنزوح

لندن: «الشرق الأوسط» *

وجدت غيداء نفسها أمام مشكلة جديدة عندما اتصل بها مديرها في العمل، وأبلغها بضرورة الالتحاق بالدوام الرسمي.

غيداء أرملة سقط زوجها برصاص قناص منذ عشرة أشهر في ريف حمص، وترك لها ثلاثة أطفال أحدهم كان لا يزال جنينا حين قتل والده. وكانت تعمل في إحدى الدوائر الحكومية، لكن بسبب الأوضاع الأمنية توقف العمل في تلك الدائرة منذ ستة أشهر. وتم نقل أعمال تلك الدائرة، مع عدد قليل من العاملين بها، إلى منطقة القلمون.

لم تكن غيداء واحدة من العاملين المنقولين، رغم أنها ما زالت تتقاضى راتبها الشهري كغيرها من العاملين في الدولة في المناطق الساخنة؛ إما عن طريق الصراف الآلي في العاصمة أو من خلال توكيل لأحد المعارف. ونزحت غيداء إلى دمشق حيث يعيش أهلها، وبينما ينشغل تفكيرها بتسجيل ولدها في مدرسة قريبة آمنة اتصل بها مديرها في العمل وأبلغها بأنه تم افتتاح مقر للدائرة في ريف طرطوس وعليها الالتحاق بالعمل خلال فترة قليلة. تقول غيداء «ربما لن أجد حلا سوى تأجيل المشكلة بالحصول على إجازة شهرين بلا راتب؛ ريثما أجد حلا أفضل، مع أني بحاجة ماسة للراتب».

غالبية العاملين في الدولة في المناطق الساخنة يعانون من مشكلات كثيرة جراء الانفلات الأمني، ويكاد يكون هؤلاء هم الفئة الوحيدة من العاملين في البلاد ممن ما زالوا يتقاضون رواتبهم رغم عدم التحاقهم بالعمل بسبب الانفلات الأمني، في حين أن نسبة كبيرة من العاملين في القطاع الخاص فقدوا وظائفهم ورواتبهم. وتشير الأرقام الرسمية إلى توقف العديد من المنشآت الصناعية والخدمية، وانتقال عدد منها إلى البلدان المجاورة، لأسباب عدة.. أولها انعدام الأمان ونقص الوقود والكهرباء، حيث تم تسجيل توقف نحو 621 معملا في المدينة الصناعية في حلب ودير الزور وحدهما.

جاء ذلك في تقرير عن الواقع الاقتصادي ناقشه المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري الموحد مطلع الشهر الحالي، ونشرته جريدة الحزب (النور). وبحسب التقرير تقدر العمالة المتوقفة في مدينتي حلب ودير الزور الصناعيتين بأكثر من 40 ألف عامل. كما قامت الحكومة بإصدار قرارات إغلاق بحق أكثر من 187 منشأة من القطاع الخاص أو إيقاف العمل جزئيا فيها، نتيجة الأوضاع السائدة.

وحسب أرقام اتحاد الغرف الصناعية في سوريا فإن نحو 75 في المائة من المعامل في محافظة حلب مغلقة بسبب الأوضاع الأمنية، وإن 50 في المائة من الصناعيين الحلبيين الذين أغلقوا منشآتهم ينتظرون الفرج، وإن نسبة 25 في المائة منهم أيضا سافروا للبحث عن استثمار وتشغيل أموالهم، وإن نسبة 90 في المائة من هؤلاء توجهوا إلى مصر. كما أعلنت غرفة تجارة إسطنبول مؤخرا أن الشركات السورية العاملة في المدينة التركية ازدادت بنسبة 218 في المائة خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2012، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

الانفلات الأمني وصعوبة وصول العاملين إلى مقرات عملهم كانا على أول سلم المشكلات التي ناقشها اجتماع وزارة الصناعة بدمشق، الذي عقد مؤخرا بحضور الوزير عدنان السخني، حيث تم وضع مقترحات توفير الحماية للصناعيين وتسهيل وصول العمال إلى أماكن عملهم، وضرورة تفعيل الشحن الجوي بين دمشق وحلب.

ويمكن القول إن صعوبة الوصول إلى المعامل والمزارع، وكذلك الوصول إلى بعض المدن والأحياء، أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة على نحو مرعب، نتيجة فقدان عشرات الآلاف لأعمالهم، حيث تجاوزت النسبة 75 في المائة؛ بحسب مديرية دعم القرار في رئاسة مجلس الوزراء. كما كشفت مصادر المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أن عدد العمال المتضررين خلال الفترة من 1 مارس (آذار) 2011 إلى 1 مارس 2012 بلغ 85.552 عاملا.

وتوقع تقرير الحزب الشيوعي تسريح أضعاف هؤلاء أو خفض أجورهم وتحولهم إلى جيش من العاطلين الباحثين عن أي دخل أو عمل، إضافة إلى إغلاق وتوقف العديد من المنشآت الصناعية، خاصة الصغيرة منها كليا أو جزئيا، وكذلك نزوح الخبرات والكفاءات الاقتصادية والعلمية إلى خارج سوريا. وقال إن هناك معلومات عن دخول أكثر من 100 ألف سوري إلى دولة الإمارات خلال عام ونصف عام من الأزمة في سوريا.

عمار (45 عاما)، وهو أب لأربعة أطفال، فقد منشأته الصغيرة في ريف حماة، وأرسل أوراقه إلى قريب له يعيش في الإمارات بانتظار الحصول على فيزا عمل. ويقول إنه فعل ذلك «ريثما يأتي الرد بالموافقة»، التي ينتظرها منذ نحو عام، فلقد نزح مع عائلته إلى ريف دمشق وفتح محلا لبيع الخضار ليتمكن من الاستمرار في العيش.

أما زوجته (40 عاما)، والتي كانت تعمل معلمة مدرسية، فهي لم تذهب للعمل منذ عام أيضا، وتتقاضى راتبها عبر الصراف الآلي. وتقول إن لديها «عشر بطاقات لزملاء لها في منطقتها وتسحب لهم رواتبهم»، وتضيف «كل شهر أموت من الرعب وأنا أحمل رواتبهم أمانة كي أرسلها إليهم.. حيث أخشى من التعرض للسرقة أو الخطف. لذا لا أقوم بذلك مرة واحدة بل على مدار أسبوع، ومع ذلك أخاف كثيرا». وتروي أن «زميلة لها قدمت من الضيعة وحملت رواتب لخمسة أشخاص.. وعلى الطريق بين حمص وحماه تعرضت للاختطاف وعادت بعد نحو أسبوع وقد سلب منها المال ودفع أهلها للخاطفين فدية 200 ألف ليرة».

يشكل الانفلات الأمني العامل الرئيسي وراء النزوح وتعطل العمل وفقدان مورد العيش، فقد زادت حالات النزوح من المدن والقرى والأحياء المشتعلة إلى المناطق الأخرى الآمنة نسبيا، ليتجاوز عددها نحو مليون وربع مليون مواطن، نصفهم حسب منظمة اليونيسيف دون 18 عاما. وهناك تقديرات للمنظمات الدولية بأن أكثر من مليونين ونصف مليون سوري بحاجة إلى المساعدة الإنسانية.

حالة النزوح الجماعي خلقت ارتباكا كبيرا في تسيير معاملات السكان لدى الدوائر الحكومية، فمن يريد تسجيل ابنه في مدرسة آمنة لمتابعة تعليمه سيواجه صعوبة في إحضار أوراقه من مدرسته الأولى في المنطقة الساخنة؛ هذا إذا تبقت مدرسة وأوراق. وكذلك الأمر بالنسبة لكثير من الإجراءات الروتينية البيروقراطية، فاستخراج جواز سفر بات يتطلب شهرا بسبب الضغط الكبير على المناطق الهادئة نسبيا، بعد أن كان يتطلب يومين أو ثلاثة على أبعد تقدير، وكذلك شهادات الوفاة والزواج وحصر الإرث وغيرها من الأعمال الخدمية الكثيرة. أما المؤسسات الصناعية والتجارية الحكومية فأغلبها متوقف في المناطق الساخنة، ومؤخرا بدأت الحكومة في افتتاح فروع جديدة لمؤسساتها لحل مشكلة نقل أعمال الفروع في المناطق الساخنة إلى فروع أخرى في مناطق هادئة. وأعلن قريبا عن افتتاح فرع ثالث للمصرف التجاري في مدينة حمص في حي هادئ نسبيا، وذلك بعد ستة أشهر من توقف كل فروع المصرف التجاري في حمص. وقال مدير المصرف أحمد دياب، في تصريح لإحدى الصحف المحلية «افتتاح هذا الفرع من شأنه التخفيف على المواطنين، لجهة أن المصرف كان قبل افتتاح الفرع يطلب إلى زبائنه ومتعامليه التوجه إلى محافظات أخرى مثل دمشق وطرطوس، مما يحمّل المواطنين المزيد من الأعباء خاصة الموظفين والمتقاعدين منهم، ممن يرغبون في قبض رواتبهم». ومع أن ذلك قد يخفف الضغط على الفروع في المناطق الأخرى لكنه لا يحل المشكلة، فالأحياء الهادئة في حمص هي الأحياء الموالية؛ والتي لا يجرؤ سكان الأحياء الساخنة على دخولها. كما أن المشكلة لا تنحصر في المناطق الساخنة فغالبية الطرق في سوريا باتت طرقا خطيرة.

بتول، المهندسة الزراعية التي تعمل في مركز أبحاث في ريف دمشق، لا تزال مستمرة في الذهاب من دمشق إلى مكان عملها في دوما. وتشير إلى أنها عندما تكون الأوضاع متوترة في دوما يصعب وصولها إلى العمل، هذا عدا عن التوقف عند الحواجز.. فالطريق التي كانت تستغرق ثلث ساعة من بيتها إلى دوما باتت تستغرق ساعة وأحيانا ساعة ونصف الساعة. وعما إذا كانت تفكر في التخلي عن العمل، تؤكد «لا خيار آخر لدي ولا دخل آخر لي.. مجبرة على الذهاب إلى عملي تحت أي ظرف كان». ومع أن الموظفين والعاملين في الدولة ما زالوا يرتادون أماكن عملهم، فإنه لا يمكن القول إنهم يعملون حقا. شاكر (50 عاما)، مهندس في شركة قطاع مشترك في دمشق، يقول «سابقا كان العمل يبدأ في الثامنة باجتماع لمجلس الإدارة وينتهي عند الرابعة بعد الظهر، منذ عدة أشهر وحجم العمل يتراجع حتى بتنا نذهب إلى مكاتبنا لمجرد الذهاب وتسجيل حضور والمغادرة بعد ساعات قليلة؛ نقضيها في النمائم».

استمرار الدولة في دفع الراوتب – مع تجمد الوضع الاقتصادي – خلق أزمة كبيرة تعجز الحكومة أمامها فتعمد لإصدار قرارات وتوجيهات ثانوية لتخفيف ثقل الإنفاق، ومؤخرا أصدرت توجيهات إلى كل الوزارات والجهات التابعة لها بضرورة ترشيد الإنفاق الجاري وخفض النفقات وضبطها، وشددت على عدم منح مكافآت للعاملين إلا لمستحقيها وفق أسس محددة، في سعي لتحقيق تخفيض الإنفاق الإداري وضبطه بنسبة 25 في المائة من إنفاق مختلف الجهات العامة. إلا أن هذا الإجراء في ظل التردي الاقتصادي يخلق بيئة مناسبة لتبرير المحسوبيات في تحديد من يستحق المكافأة من أصحاب الولاء للنظام، ومن يجب معاقبته بحرمانه منها، وعدا ذلك يعطي سببا إضافيا لاستفحال الفساد والرشوة في مجتمع العمل الحكومي والذي سجل استشراء كبيرا جدا خلال الأزمة.

ويلحظ ذلك بوضوح في المطارات والمنافذ الحدودية والبنوك، وحتى المساعدات، وتنشر الصحف المحلية يوميا أخبارا عن أضرار أحد محتاجي المساعدات لدفع 500 ليرة لموزع الإعانات للحصول على حصته، وأخبارا أخرى عن تقاضي موظفي البنوك رشاوى لتسهيل سحب العاملين في الدولة رواتبهم من فروع المصرف التجاري.. حيث ذكرت صحيفة «الوطن» المحلية أن أحد مراجعي المصرف التجاري السوري في دمشق «دفع إكراميات تصل إلى 300 ليرة لثلاثة موظفين لقاء قبض راتب أحد معارفه وتقليل كمية الفراطات (الفكة) من فئة 50 و100 ليرة». ونقلت «الوطن» عن ذلك المراجع قوله إنه يدفع في العادة ما يصل إلى أكثر من 300 ليرة، وإن موظفي البنك اعتادوا منه على دفع الإكراميات حتى صار هذا الأمر بمثابة اتفاق ضمني بينه وبين الموظفين.. فهو يعلم أن الزبون لا يكون مدللا ما لم يدفع.

* تتحفظ «الشرق الأوسط» على ذكر اسم مراسلها في سوريا حفاظا على أمنه الشخصي

طلبة سوريون يفتتحون العام الدراسي على أراض جديدة

مصر تقرر معاملتهم كأبنائها * الأردن يستوعبهم بخطة مسبقة * ولبنان يمنحهم «المجانية»

القاهرة: محمد عبد الرءوف بيروت: كارولين عاكوم عمان: محمد الدعمة لندن: «الشرق الأوسط»

لا تقتصر آلام اللاجئين السوريين على هجرة وطنهم، أو البحث في أماكن وجودهم الجديدة عن متطلبات المعيشة الرئيسية من مسكن وغذاء وعلاج.. إنما تمتد لتشمل نواحي أخرى مثل تعليم الأبناء وبخاصة مع بدء العام الدراسي الجديد.

وأعنت عدة جهات دولية أن حجم النازحين السوريين بلغ أكثر من 200 ألف شخص في دول الجوار الأربع، تركيا والأردن ولبنان والعراق.. لكن تقارير أخرى – غير رسمية – تشير إلى أن ذلك العدد يكاد يكون نصف العدد الحقيقي للنازحين، إن لم يكن أقل. إذ إن كثيرا من اللاجئين دخلوا إلى دول الجوار بصورة غير رسمية، كما أن هناك عددا كبيرا من هؤلاء توجهوا إلى دول أكثر بعدا عن حدودهم الإقليمية المباشرة، سواء عربية أو غربية.

وسعت عدد من الدول لمحاولة حل أزمة أبناء هؤلاء اللاجئين التعليمية، وفي مصر أعلن الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي في كلمته الأسبوع الماضي أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب بمقر جامعة الدول العربية أنه أصدر قرارا بمعاملة الطلاب السوريين في مصر هذا العام بنفس معاملة الطلاب المصريين.

وقال الدكتور ياسر علي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية إنه سيتم أيضا التواصل مع الجانب التركي لمده بما يحتاج إليه من المعلمين المصريين للتدريس للسوريين النازحين في الأراضي التركية.

من جانبه، قال مصدر مطلع بوزارة التربية والتعليم المصرية إن الوزارة ستستقبل خلال الأيام المقبلة طلبات اللاجئين السوريين الراغبين في إلحاق أبنائهم بالمدارس المصرية، على أن يبدأ الالتحاق خلال العام الدراسي الذي سيبدأ يوم 15 سبتمبر (أيلول) الجاري.

وأشار المصدر إلى أن مصر سبق أن سمحت باستقبال أطفال اللاجئين الكويتيين في المدارس المصرية، إبان الغزو العراقي للكويت في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، وقال «هذا هو دور مصر الشقيقة الكبرى لكل العرب».

وكان ممثلون عن اتحاد الثورة المصرية، وممثلون عن اللاجئين السوريين بالقاهرة قد التقوا الأسبوع قبل الماضي بمسؤولين في وزارة التربية والتعليم المصرية للبحث عن حل لأزمة التحاق أبناء اللاجئين بالمدارس المصرية، بسبب ما تتطلبه من أوراق تثبت الصفوف الدراسية الموجودين بها، وأوراق إقامة من السفارة السورية، وهو أمر صعب تحقيقه بسبب تبعية السفارة السورية بالقاهرة لنظام بشار الأسد.

من جهته، يؤكّد وزير التربية اللبنانية حسان دياب أنّ الوزارة تتعامل مع التلاميذ السوريين في لبنان كما تتعامل مع مواطنيها في كل المراحل وكل الصفوف، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «ما قمنا به السنة الماضية لن يتغيّر لناحية تعليمهم مجانا في المدارس الرسمية، لكننا ننتظر حتى آخر الشهر الحالي إلى أن يتم الانتهاء من التسجيل ومعرفة عدد هؤلاء، لا سيما أننا نتوقّع زيادة ملحوظة عن السنة الماضية حين استقبلنا 700 تلميذ، وعلى ضوء هذه النتيجة سيتم توزيعهم على المدارس اللبنانية». وفي حين لفت دياب إلى أنّ هناك مشكلات أكاديمية يواجهها التلاميذ السوريون في لبنان، خاصة لجهة اللغة الأجنبية وتغيّر المنهج، أكّد العمل على معالجتها جارٍ بقدر الإمكان.

وعن المدارس التي يقيم بها النازحون السوريون في لبنان، لا سيما مع بدء العام الدراسي، أشار دياب إلى أنّه كان هناك مدرستان فقط في البقاع الغربي لجأت إليهما عائلات سورية، لكن تمّ إخلاؤهما وقمنا بإعطاء وزير الشؤون الاجتماعية اللبنانية وائل أبو فاعور لائحة بنحو 60 مدرسة مقفلة في مختلف المحافظات اللبنانية، واضعين إياها بتصرّف الوزارة، على أن يتم تحديد بعضها لتجهيزها كي تستقبل العائلات التي تحتاج إلى مأوى.

وكان دياب قد أعلن أنه في لبنان 25 ألف سوري و51 في المائة منهم تحت سن 18 عاما، أي إنهم بحاجة إلى متابعة دراستهم في المدارس، لافتا إلى وجود بعض المشكلات التي تواجه الوزارة في هذا الإطار وتحاول أن تعالجها قدر الإمكان.

ومن جانبه، قال وزير التربية والتعليم الأردني فايز السعودي إن عدد الطلبة السوريين في بلاده يبلغ نحو 17 ألف طالب، ويشترط لقبولهم في المدارس الحكومية حمل وثيقة «نازح». وكشف السعودي عن وجود خطة واضحة لاستيعاب هؤلاء الطلبة دون أي تأثير على قبول الطلبة الأردنيين، موضحا أن الوزارة لديها الكثير من الخيارات لتحقيق ذلك سواء بتوفير التعليم المسائي أو المدارس المتنقلة في مخيمات اللاجئين السوريين أو حتى المدارس الخاصة.

وقدرت الحكومة الأردنية، التي تقول المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إنها تستضيف ثاني أكبر عدد من اللاجئين السوريين بعد تركيا، تكلفة تعليم الطلبة من الأسر السورية والفلسطينية اللاجئة نتيجة الأحداث الدائرة في سوريا بنحو 100 مليون دولار سنويا. وكان صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) خصص 4.2 مليون دولار لدعم الأطفال السوريين اللاجئين إلى الأردن.

وقالت ممثلة اليونيسيف في الأردن، دومينيك هايد، إن 1.6 مليون دولار تغطي نفقات 7000 طفل سوري في المدارس الحكومية، بما فيها الرسوم المدرسية والكتب المقررة والمدارس المستأجرة ودروس تعويضية وتقوية لتكيفهم مع المنهاج الأردني. وأوضحت أن باقي المبلغ يتوزع على تقديم السند والدعم النفسي والاجتماعي للأطفال السوريين، إلى جانب تقديم الإرشادات للأمهات في سن الإنجاب، وتوفير خدمات المياه والصرف الصحي والرعاية الصحية للأطفال، فضلا عن مستلزمات العناية الشخصية لمن هم دون سن الثانية.

وأضافت أن «اليونيسيف» تقدر عدد الأطفال السوريين في الأردن بنحو 10 آلاف طفل، في إشارة إلى المسجلين لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالأردن، موضحة أن عدد الأطفال السوريين المفترض التحاقهم بالمدارس في مخيم الزعتري يبلغ 5500 طفل، تتراوح أعمارهم بين 6 و18 عاما.

وحول ما إذا كانت «اليونيسيف» ستجدد الاتفاقية التي وقعتها مع الحكومة الأردنية، يوم الثلاثاء الماضي بعمان، بعد انتهاء الفصل الدراسي الثاني، قالت هايد إن «ذلك سيعتمد على الوضع على أرض الواقع، من حيث عدد التلاميذ السوريين في المدارس، وتكلفتهم على الحكومة الأردنية»، مقدرة في الوقت ذاته «استضافة الحكومة للتلاميذ السوريين في مدارسها على الرغم من الضغط الكبير على الخدمات والاقتصاد الأردني».

على صعيد متصل جرت الأحد الماضي بعمان، مباحثات بين أمين عام وزارة التربية والتعليم الأردنية، صطام عواد، وأمين عام المؤسسة الخيرية الملكية في مملكة البحرين، مصطفى السيد، تركزت على سبل تنفيذ منحة بحرينية لبناء مجمع تعليمي للاجئين السوريين بمخيم «الزعتري» في محافظة المفرق (شمال شرق) بقيمة مليونا دولار أميركي.

وبحث المسؤولان آلية تنسيق تقديم الخدمة التعليمية للطلبة السوريين داخل مخيم الزعتري، موضحة أن هذه المنحة تأتي ثمرة للزيارة التي قام بها مؤخرا ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة إلى الأردن. ونقلت عن المسؤول البحريني قوله إن هذا المجمع العلمي يستوعب أربعة آلاف طالب سوري، ويشمل أربع مدارس متنقلة في مختلف مناطق المخيم، بحيث تستوعب كل مدرسة ألف طالب. وأوضح أن إنشاء المجمع العلمي يعتبر المرحلة الأولى من الدعم البحريني للطلبة السوريين داخل مخيم «الزعتري»، مشيرا إلى أن هناك مرحلة ثانية سيتم الإعلان عنها لاحقا.

من جهته، قال أمين عام وزارة التربية والتعليم الأردنية، إن هذه المدارس ستشرف عليها الوزارة بالتعاون مع الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، مؤكدا أنها ستكون أيضا خاضعة لمواصفات الوزارة.

مصر وبريطانيا: إيجاد مناطق عازلة خيار مطروح.. ونظام الأسد سوف ينتهي

ممثلو «الاجتماع الرباعي» طرحوا مواقف متضادة بشأن الأزمة السورية.. وإيران طلبت إضافة دولتين

القاهرة: محمد عبد الرازق وصلاح جمعة

بينما قالت مصر وبريطانيا أمس إنهما اتفقتا على أن إيجاد مناطق عازلة في سوريا «خيار مطروح»، وأن نظام الرئيس السوري بشار الأسد «سوف ينتهي»، اختتمت بالقاهرة الاجتماعات الرباعية المصرية السعودية التركية الإيرانية التي عقدت على مستوى مساعدي وزراء خارجية الدول الأربع بالقاهرة لبحث سبل حل الأزمة السورية.

وقال محمد كامل عمرو وزير الخارجية المصري عن الاجتماع الرباعي إن عقده مؤشر إيجابي، وتم تبادل الآراء بصورة مبدئية وعامة، وكل طرف طرح رؤيته لكيفية التحرك خلال المرحلة المقبلة، التي ستكون على مستوى وزراء الخارجية في الدول الأربع.

وكان الوزير يتحدث في مؤتمر صحافي مشترك مع ويليام هيغ وزير خارجية بريطانيا عقب استقبال الرئيس المصري لهيغ أمس. وقال عمرو ردا على سؤال حول وجود سيناريو لإيجاد مناطق حظر جوي وملاذ آمن في سوريا، إن الأفكار المطروحة كثيرة من مختلف الأطراف، مشيرا إلى أن «هناك الكثير من الرؤى.. وكل ذلك يتم بحثه حاليا، وعلى سبيل المثال عندما نتحدث عن ملاذ آمن في سوريا وإيجاد مناطق حظر جوي فلا بد من توفير قوة عسكرية».

وأكدت مصر وبريطانيا أن نظام الأسد سوف ينتهي، ولا بد من مساعدة المعارضة السورية من أجل التوافق على رؤية موحدة للمرحلة الانتقالية والعمل مع الأمم المتحدة بشكل أكثر فاعلية. وقال هيغ في المؤتمر الصحافي إن كلا الطرفين (بريطانيا ومصر) أكدا أن نظام الأسد سوف ينتهي، ولا بد من مساعدة المعارضة السورية. وأضاف هيغ أنه يتفق مع نظيره المصري على أن «إيجاد مناطق عازلة وملاذ آمن للسوريين هو خيار مطروح الآن في سوريا، ولم ننح أي حل أو فكرة مطروحة، ولا بد من حماية وتأمين المواطنين السوريين أولا وبحث كيفية تحقيق ذلك». وقال هيغ: «لقد تحدثت مع الرئيس مرسي عن الوضع البشع في سوريا، وأبدينا ترحيبنا بخطابه في طهران خلال قمة عدم الانحياز حول الوضع في سوريا». وأضاف: «إننا نرغب في ممارسة المزيد من الضغط على الأسد وحث المعارضة على الاتحاد والعمل مع الأمم المتحدة بشكل أكثر فاعلية».

وفي غضون ذلك، قالت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى وثيقة الصلة بالاجتماع الرباعي لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الاجتماع الذي عقد الليلة قبل الماضية كان «مجرد بداية»، وأضافت أنه على الرغم من المواقف المتضادة للدول المشاركة، فإن المناقشات الموضوعية المستفيضة التي جرت بين كبار المسؤولين في الدول الأربع كانت «خالية من الحدة والتوتر والانفعال».

وأوضحت المصادر أن الدعوة المصرية لكبار المسؤولين في الدول الأربع لعقد الاجتماع كانت بهدف تضييق الهوة في مواقف ووجهات نظر الدول المشاركة بخصوص الأزمة السورية، والسعي لإيجاد حلول سياسية لهذا الصراع مع عدم خروجه وامتداده من سوريا إلى دول الجوار.

وأكدت المصادر نفسها أن كل طرف تمسك بوجهة نظر بلاده تجاه الأزمة، قائلة إن هذا أمر طبيعي لكونه اجتماعا تمهيديا للاجتماع الوزاري لوزراء خارجية الدول الأربع الذي سيعقد قريبا وسيتم تحديده خلال الأيام المقبلة، وفقا لارتباطات مواعيد وزراء الدول الأربع. وأشارت المصادر إلى أن كبار المسؤولين في الدول الأربع غير مخولين لتقديم تنازلات في مواقف دولهم وعليهم الرجوع لعواصمهم.

وكانت تقارير إيرانية أشارت أمس إلى أن وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي قال، في مؤتمر صحافي بمحافظة أذربيجان الشرقية، إن الرئيس المصري اقترح أن تعقد مشاورات بين أربع دول لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية، ومن ثم اقترح الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إضافة دولتين ليصبح العدد ست دول، من بينها العراق؛ دون أن يكشف عن اسم الدولة الثانية بسبب ما سماه وجود بعض القضايا. وقالت وكالة فارس للأنباء أن الدولتان هما العراق وفنزويلا.

وذكر صالحي، بحسب وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء، أنه كان من المقرر أن تعقد الاجتماعات التشاورية على مستوى وزراء خارجية الدول الست، لكن بسبب وجود بعض القضايا والملابسات تقرر أن يعقد الاجتماع الأول على مستوى الخبراء.

وأضافت المصادر الدبلوماسية أن عقد الاجتماع في حد ذاته أمر طيب لكونه أول تعاون بين هذه الأطراف الإقليمية الأربعة الفاعلة والمؤثرة، وهذا أول مسعى يجمعها للتوصل لرؤية متناسقة أو تفاهم حول المسألة السورية، من شأنه أن ينعكس بشكل إيجابي على الأوضاع في سوريا.

وقالت المصادر إن هذا الاجتماع كان لجلسة واحدة على مستوى كبار المسؤولين امتدت على مأدبة عشاء أقامها السفير شوقي إسماعيل مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية وسفير مصر السابق لدى سوريا ورئيس الوفد المصري في الاجتماع الرباعي الذي عقد لأول مرة تفعيلا للمبادرة التي أطلقها الرئيس المصري محمد مرسي في قمة مكة الإسلامية الشهر الماضي.

وعلى صعيد متصل أعلنت جامعة الدول العربية أمس أن اجتماعا ثلاثيا بشأن الأزمة السورية سيعقد اليوم (الأربعاء) بمقر الأمانة العامة للجامعة يضم الدكتور نبيل العربي الأمين لجامعة الدول العربية والأخضر الإبراهيمي الممثل المشترك للأمين العام للجامعة والأمم المتحدة والشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس اللجنة الوزارية العربية المعنية بالوضع في سوريا.

وقال السفير أحمد بن حلي، نائب الأمين العام للجامعة العربية، إنه من المقرر أن يبحث الاجتماع أبعاد مهمة الإبراهيمي والتصور الجديد الذي ستنطلق منه هذه المهمة في ظل المستجدات والتطورات التي تشهدها الأزمة السورية حاليا. وكان الإبراهيمي وصل إلى القاهرة يوم الاثنين الماضي وأجرى محادثات مع الأمين العام للجامعة حول مهمته الجديدة التي يخلف فيها كوفي أنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة. وأضاف أن مجلس الجامعة كان قد طلب من بن جاسم ومن العربي متابعة الاتصالات مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والإبراهيمي، لبلورة تصور جديد لمهمة المبعوث الجديد لسوريا في ضوء ما استجد من متغيرات لا بد من أخذها بعين الاعتبار، واستنادا إلى ورقة العناصر المرجعية لمهمة الممثل المشترك الجديد التي اتفق عليها في اجتماع وزراء الخارجية العرب التشاوري في جدة يوم 12 من الشهر الماضي. وفي سياق ذي صلة، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في مؤتمر صحافي في العاصمة السويسرية بيرن أمس، إن الإبراهيمي سيلتقي الرئيس السوري بشار الأسد خلال زيارته المقبلة لسوريا.

لجنة مشتركة لمتابعة ومراقبة إيصال المساعدات السعودية للشعب السوري

لديها مكاتب في الأردن ولبنان وتركيا

الرياض: فتح الرحمن يوسف

كشفت مصادر سعودية رسمية لـ«الشرق الأوسط» أنه تم استكمال الترتيبات الإدارية والتنفيذية، لافتتاح مكاتب للحملة الوطنية السعودية لمساعدة الشعب السوري في الأردن ولبنان وتركيا، وتعيين مديرين لتلك المكاتب في هذه الدول وكوادر ميدانية وإدارية للإشراف على تقديم أعمال الحملة هناك، كما تم التنسيق والتواصل مع المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية ذات العلاقة في تلك الدول للتعاون معها في تقديم الأعمال الإغاثية للحملة.

وأضافت تلك المصادر أن الحملة الوطنية السعودية لمساعدة الشعب السوري التي تم تكوينها بتوجيه من القيادة السعودية جمعت أكثر من 150 مليون دولار (562.5 مليون ريال)، وباشرت الحملة بإرسال طواقمها لكل من الأردن ولبنان وتركيا، طبقا لآليات عمل تضمن وصولها لمستحقيها في تلك الدول، حيث تم استكمال الترتيبات التنسيقية مع السفارات السعودية في الأردن ولبنان وتركيا في تسهيل عمل الحملة في هذه الدول.

ووفقا للمعلومات فإنه تم توزيع الدفعة الأولى والثانية من السلال الغذائية والصحية بالأردن بواقع 3 آلاف سلة من كل نوع بإجمالي 18 ألف سلة، وتركيب العيادات الطبية في مخيم الزعتري بالأردن وتأمين الكوادر الطبية والاستشاريين السعوديين لتقديم الرعاية الطبية للاجئين بالمخيم، وتم افتتاحها يوم 5 سبتمبر (أيلول) الجاري. وتم البدء في إجراءات تنفيذ عمليات البنية التحتية لمخيم الحملة الوطنية بالأردن تمهيدا لوضع الوحدات السكنية في الموقع وتأمين كافة الخدمات، كما تم إرسال الوفد الإعلامي الثاني لتغطية الجهود الإنسانية في الميدان بالأردن ولبنان وتركيا، بالإضافة إلى الانتهاء من تجهيز محتويات الجسر الجوي الإغاثي من الخيام والمواد الغذائية والإغاثية وإصدار شهادات المنشأ والشهادات الصحية. كما بدأت إجراءات توزيع المراحل الأولى من السلال الغذائية في لبنان وتركيا ابتداء من يوم 8 سبتمبر، وتم تسلم عدد 3 آلاف خيمة من مستودعات وزارة المالية في مكة المكرمة وتم ترحيلها لمستودعات الحملة بالرياض تمهيدا لنقلها بالجسر الجوي، بلغت إجمالي التبرعات النقدية، التي تلقتها الحملة حتى الآن، مبلغا وقدره 149.3 مليون دولار (560.2 مليون ريال)، في حين بلغت القيمة النقدية التقديرية للتبرعات العينية مبلغا وقدره 15.2 ألف دولار (57.7 ألف ريال).

وكان قد صدر توجيه سام بتقديم مساعدات عاجلة للشعب السوري، ولذا قامت الحملة الوطنية السعودية لنصرتهم، بمتابعة مباشرة من الأمير أحمد بن عبد العزيز وزير الداخلية المشرف العام على الحملة، ومتابعة من الدكتور ساعد العرابي الحارثي مستشار الوزير رئيس الحملة.

إلى ذلك، قال تيسير الكوجك عضو اللجنة السعودية السورية المشتركة لريف سوريا لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك اجتماعا عقد في الرياض مؤخرا بين مسؤولين سعوديين وإخوانهم السوريين، وقف على آخر المستجدات الإنسانية في سوريا، كما أطلع على تفاصيل التبرعات السعودية».

وأكد الكوجك أن حرص السعودية على إيصال المساعدات بشكل دقيق ومتابع يهدف لإغاثة أفراد الشعب السوري المنكوبين والمكتوين بأعمال العنف التي يرتكبها النظام السوري بشكل بشع يوميا.

باريس ليست متحمسة للمبادرة المصرية الرباعية.. وتؤكد مساعدتها عسكريين للانشقاق عن النظام السوري

باريس: ميشال أبو نجم

سيكون الملف السوري وانعكاساته على دول الجوار وخصوصا على الأردن ولبنان على رأس لائحة المواضيع التي سيبحثها وزير الدفاع الفرنسي جان أيف لودريان في عمان وبيروت في زيارته الأولى إلى المنطقة.

وقالت مصادر وزارة الدفاع إن أهمية الزيارة تكمن في أن المنطقة «تجتاز ظروفا بالغة الصعوبة وتريد باريس أن تظهر تضامنها» مع البلدين المذكورين، اللذين «يتأثران بتطور الأوضاع في سوريا». وسبق لوزير الخارجية لوران فابيوس أن زار عمان وبيروت قبل أيام.

وتريد باريس، وفق مصادرها، إلى جانب بحث تطوير العلاقات الثنائية الدفاعية والعسكرية والسياسية، توفير أوجه الدعم والتعاون مع الأردن ولبنان سعيا لـ«تحاشي امتداد العدوى السورية» إليهما. وفي هذا السياق، شددت المصادر الفرنسية على أن «رسالتها» للجانب اللبناني هي دعوة المسؤولين اللبنانيين للعمل معا من أجل «تفادي استجلاب الأزمة السورية وتشعباتها ونتائجها إلى الأراضي اللبنانية»، بالنظر لهشاشة الوضع اللبناني.

وبحسب مسؤولين كبار في وزارة الدفاع، فإن المساعدة التي تقدمها فرنسا للجيش اللبناني تندرج في باب المساعي الفرنسية لدعم القوات الشرعية اللبنانية التي ترى فيها «ضمانة» لتحاشي تمدد الأزمة السورية عبر الحدود والمحافظة على استقرار وأمن واستقلال لبنان. وتريد باريس من الزيارة أن تكون «فرصة لتفحص الحاجات العسكرية اللبنانية من غير مواقف مسبقة»، بما في ذلك النظر إلى حاجات لبنان لتأهيل طوافاته من طراز غازيل فرنسية الصنع وتسليحها بصواريخ «هوت» جو – سطح. وسبق لهذه المسألة أن كانت موضع أخذ ورد بين بيروت وباريس. وسيتناول لودريان مع المسؤولين في بيروت خطة لبنان التي تبلغ قيمته 1.6 مليار دولار لتسليح وتأهيل الجيش اللبناني.

وتأتي زيارة الوزير الفرنسي على خلفية تكاثر المبادرات الدبلوماسية والسياسية «الجديدة» ومنها من جهة، المساعي المصرية لإطلاق مجموعة عمل إقليمية رباعية تضم إلى جانبها، السعودية وتركيا وإيران، ومن جهة أخرى المساعي الروسية لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي «يكرس» ورقة جنيف للحل في سوريا، التي أسفر عنها اجتماع مجموعة العمل نهاية يونيو (حزيران) الماضي، التي شكلها الوسيط الدولي السابق كوفي أنان.

وبالنسبة للنقطة الأولى، سارعت باريس لإطلاق النار على المبادرة المصرية بسبب وجود إيران من بين أعضائها. ووضعت الخارجية أمس مجموعة شروط لمشاركة طهران. ووفق تعبير مصادر دبلوماسية فرنسية، فإن باريس «لا يمكن أن تقبل بأن تسعى طهران للحصول على عذرية جديدة بأبخس الأثمان». ومن الشروط الفرنسية الجديدة – القديمة أن تسوي إيران مسألة برنامجها النووي مع الوكالة الدولية للطاقة النووية ومجلس الأمن الدولي ومجموعة الست «الدول الخمس دائمة العضوية وألمانيا»، وأن «تضع حدا نهائيا لانتهاكات حقوق الإنسان على أراضيها»؛ عندها ستكون إيران «مرحبا بها من أجل توفير الاستقرار في المنطقة».

وترى باريس أن إيران «جزء من المشكلة (لأنها تقدم الدعم غير المحدود للنظام السوري)، وبالتالي لا يمكن أن تكون جزءا من الحل». وعارضت الدول الغربية انضمام إيران إلى مجموعة العمل التي عقدت اجتماعا يتيما في جنيف، بينما اعتبر أنان ثم المبعوث الدولي الحالي الأخضر الإبراهيمي أن مشاركة طهران في الحل ضرورية بسبب تأثيرها على النظام السوري. وقال الناطق باسم الخارجية فيليب لاليون إنه من المهم «تحاشي تضارب الأصوات والحرص على التنسيق بين كافة الجهود». ولكن يبدو واضحا أن باريس غير مقتنعة بالمبادرة المصرية.

وبالقدر عينه، فإن فرنسا «غير متحمسة» – وفق تعبير أحد مصادرها – لرغبة موسكو باستصدار قرار من مجلس الأمن نهاية الشهر الحالي يؤكد على ورقة جنيف. وكان نائب وزير الخارجية الروسي بوغدانوف قد أجرى محادثات أول من أمس في باريس مع المدير السياسي للخارجية جاك أوديبير حول الأزمة السورية كما التقى عددا من المعارضين السوريين.

كما عبرت وزيرة الخارجية الأميركية قبل أيام عن تحفظات واشنطن إزاء المشروع الروسي، كذلك فإن باريس رفضت القبول به «بأي ثمن»، وهي تشترط للسير به «ألا يكون ضعيفا». ورغم أن الخارجية الفرنسية لم تفصل ما تعنيه، إلا أن مصادر فرنسية قالت إنها لا تريد نصا يوفر للنظام السوري مزيدا من الوقت للاستمرار في قمعه، كما أنها ترفض نصا «من غير أسنان» مما يعني الحاجة إلى أن ينص على عقوبات في حال لم يلتزم نظام الأسد بمضمونه.

وفي أي حال، يبدو المشروع الروسي صعب المنال لأن خلافا جوهريا اندلع بين موسكو وبين العواصم الغربية على تفسير النص، إذ يؤكد الغربيون أنه يعني تنحي الأسد بينما يرى الروس أنه لا يدعو لرحيل النظام السوري.

وفيما بدأت المساعدات الفرنسية بالتدفق على ما تسميه فرنسا «المناطق المحررة» الثلاث في شرق وشمال سوريا، بدأت تظهر بوادر تحول في الموقف الفرنسي لجهة المساهمة في تسليح الجيش السوري الحر. وحتى الآن، تقول المصادر الفرنسية إن باريس ملتزمة بالقرار الأوروبي بحجب الأسلحة عن سوريا نظاما ومعارضة. غير أن المصادر الفرنسية تقول إن باريس «تعمل جديا» على موضوع تسليح المعارضة وأن اتخاذ قررا بهذا الشأن «يحتاج لوقت».

وتجد باريس نفسها والعواصم الغربية معها «محشورة» من جهة بين سندان الحاجة لمساعدة المعارضة السورية المسلحة لأن من غير هذه المساعدة لن تتمكن من التخلص من نظام الأسد، وبين مطرقة الخوف من وقوع أسلحة متطورة بيد جهاديين سلفيين. ولذا، فإن التركيز ينصب اليوم على توحيد صفوف الجيش السوري الحر ليكون المحاور الرئيسي للغرب، وعلى الدفع باتجاه تشكيل حكومة انتقالية تضم غالبية الفرقاء، بحيث تحظى باعتراف دولي بشرعيتها. ولكن بانتظار تحقيق هذين الهدفين، تركز باريس على المساعدات الإنسانية بانتظار توافر الظروف للقيام بالمزيد لدعم المعارضة السورية التي تعاني بالدرجة الأولى من التشتيت. إلى ذلك، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس، إن فرنسا ساعدت عددا من الشخصيات العسكرية السورية على الانشقاق عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وقال فابيوس في جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية، إن فرنسا «ساهمت في عدد من عمليات الانشقاق. إن أجهزتنا تعمل بنشاط».

وأكد أن الأجهزة الفرنسية ساعدت في خروج العميد المنشق مناف طلاس من سوريا في يوليو (تموز) الماضي، موضحا أن طلاس «أعرب عن الرغبة بالمغادرة إلى فرنسا وقد ساعدناه في ذلك»، لافتا إلى أنه التقى العميد المنشق. وأضاف «حين يرغب أناس يريدون النضال ضد بشار الأسد في مغادرة سوريا، فإننا نسعى إلى مساعدتهم».

المفوضية العليا: عدد اللاجئين السوريين تجاوز 250 ألفا

أنجلينا جولي من مخيم الزعتري: سمعت روايات تقطع نياط القلب

عمان: محمد الدعمة

في زيارة مشتركة مع أنطونيو غوتيريس المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ووزير الخارجية الأردني ناصر جودة، إلى مخيم الزعتري للاجئين السوريين بالأردن أمس، أبدت الممثلة الأميركية أنجلينا جولي قلقها الشديد على أحوال اللاجئين، مؤكدة أنها سمعت روايات «مرعبة تقطع نياط القلب» من الفارين من الأزمة.. في الوقت الذي أعلن فيه من جنيف أن إجمالي عدد اللاجئين السوريين تجاوز 250 ألفا.

وأكد أدريان إدواردز، المتحدث باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، أمس من جنيف، أن «الأرقام الأخيرة تظهر أن أكثر من ربع مليون لاجئ سوري (253 ألفا و106 أشخاص) مسجلون أو ينتظرون التسجيل في المنطقة». وأحصت المفوضية 85 ألفا و197 لاجئا في الأردن؛ بينهم 35 ألفا و961 ينتظرون التسجيل.

وأمام تلك الأوضاع، قررت المفوضية إيفاد غوتيريس وأنجلينا جولي، سفيرة النوايا الحسنة والمبعوثة الخاصة للمفوضية، وزارت جولي مخيم الزعتري أمس، الذي يستضيف نحو 29 ألف لاجئ.

وقالت جولي، بينما تكاد تبكي، إنها سمعت روايات «مرعبة تقطع نياط القلب» من لاجئين سوريين فارين من الأزمة في بلادهم لجأوا إلى معسكر عبر الحدود، والتقت نجمة هوليوود لاجئات سوريات، وقامت بجولات في المخيم المترامي الأطراف. وقالت جولي أثناء زيارتها التي سلطت عليها الأضواء، والرامية إلى لفت انتباه المجتمع الدولي إلى مأساة اللاجئين السوريين وجمع مزيد من التبرعات لهم: «أنا قلقة للغاية، والعالم قلق للغاية.. ما يكسر القلب هو عندما يسألك سوريون عن السبب الذي تعتقد أنه وراء عدم تمكن أي أحد من التوصل إلى حل لهم حتى الآن».

وأضافت: «ما وصفوا حدوثه على الأرض وما سمعته منهم مرعب للغاية»، مؤكدة أن ما رواه الأطفال أثر فيها بشكل خاص. وقالت: «عندما تلتقي هذا العدد من الأبرياء والمدنيين.. شعب سوريا الذي يسأل عمن يقف في صفهم (قائلين): من سيمد لنا يد العون والأشهر تمر؟». وقالت أيضا إن بعض اللاجئين أعربوا عن مخاوفهم من «أن لا يبقى الكثير منهم في سوريا»، مع استمرار إراقة الدماء في البلاد.

وعبرت جولي عن تقديرها لدور الأردن الإيجابي في الحد من المعاناة الإنسانية للشعب السوري، داعية المجتمع الدولي إلى حشد جهوده لدعم اللاجئين السوريين في الدول التي فتحت حدودها لاستقبالهم، حتى يتمكنوا من العودة إلى بلادهم يوما ما. وأضافت أن هناك حاجات كثيرة لم يتم تأمينها للاجئين، واعتمادات مالية يتعين جمعها لدعمهم، و«هذا ما نطلبه من المجتمع الدولي».

من جهته، قال غوتيريس إن «المخيم بحاجة لتمويل دولي ضخم» وإن «الأوضاع به لا تزال غير مقبولة».

ونقل بيان صحافي للخارجية الأردنية عن غوتيريس تأكيده خلال لقائه الوزير جودة، بحضور جولي، أنه «بات أمرا حيويا وضروريا مساعدة المجتمع الدولي للأردن، لا سيما أن الأردن يعتبر من الأعمدة الأساسية في أمن واستقرار المنطقة».

وأوضح البيان، أن غوتيريس أعرب عن تقديره لجهود الأردن الكبيرة في استقبال المواطنين السوريين وإيوائهم وتقديم الخدمات لهم. كما أكد حرص المفوضية على التعاون مع الأردن ودعمه، داعيا المجتمع الدولي إلى المساعدة في هذا المجال.

من جهته، عرض جودة خلال اللقاء الخدمات التي تقدمها بلاده للسوريين الذين لجأوا إليها، بسبب الأحداث في سوريا، مشيرا إلى أن الأردن بحاجة إلى دعم المجتمع الدولي بهذا الخصوص. وثمن جودة ما قدمته الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية لدعم الأردن، مؤكدا استمرار بلاده في تقديم الخدمات للسوريين وفتح الأبواب لهم، رغم محدودية موارده، خاصة المياه والطاقة.

كما جدد التأكيد على أهمية إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا، ووقف نزف الدماء، وأهمية أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه تداعيات استمرار هذه الأزمة على الأردن ودول المنطقة.

يذكر أن أنجلينا جولي قامت بزيارة الرئيس السوري بشار الأسد، برفقة زوجها النجم الأميركي براد بيت، في عام 2009. وفي شهر فبراير (شباط) الماضي، شددت جولي على عدم ندمها على تلك الزيارة، لافتة إلى أنها كانت ذات طابع إنساني ومتصلة بطبيعة منصبها سفيرة للنوايا الحسنة لشؤون اللاجئين لدى الأمم المتحدة.

وكانت مجلة «فوغ» الفرنسية وصحيفة الـ«غارديان» البريطانية قد سلطتا الأضواء على تلك الزيارة، وعلى ما بدا خلالها من علاقة تبدو شديدة الخصوصية بين عائلة الرئيس السوري وزوجته أسماء الأسد وعائلة جولي وبيت.

الجيش اللبناني يحرر المخطوفين السوريين

بيروت: كارولين عاكوم

ضمن العملية الأمنية التي بدأها الجيش اللبناني نهاية الأسبوع الماضي في الضاحية الجنوبية لبيروت، التي تستهدف مطلوبين للعدالة على خلفية خطف أشخاص وقطع طرقات وإطلاق نار، نجح صباح أمس، في تحرير 4 سوريين كانوا قد خطفوا على أيدي عشيرة آل المقداد منتصف شهر أغسطس (آب) الماضي، بينما لا تزال المعلومات غير واضحة حول مصير المواطن التركي طوفات تيكين، الذي اختطف في الوقت ذاته ردا على اختطاف ابن العائلة حسان المقداد في سوريا على أيدي عناصر قالوا إنهم من الجيش السوري الحر.

في المقابل، وفي حين أعلن، أمين سر رابطة آل المقداد، ماهر المقداد، أن «وضع المخطوف التركي مأساوي وأصيب إما في صدره أو في كتفه نتيجة عملية الدهم التي قام بها الجيش وهو يعالج في أحد منازل الضاحية ولم ينقل إلى البقاع»، أكد مصدر أمني لبناني لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يتم إطلاق النار خلال عملية المداهمة، لافتا إلى أن المعلومات التي لديهم تؤكد أن المخطوف التركي بخير، وهو لا يزال محتجزا لدى آل المقداد الذين يحاولون الضغط على الجيش اللبناني من خلال إشاعة خبر إصابته وذلك بهدف مقايضته مع ابنهم حسان».

من جهته، قال المقداد لـ«الشرق الأوسط»: «الاتصالات بيننا وبين الجهة الخاطفة انقطعت بعد المداهمة التي نفذها الجيش لأحياء في الضاحية، وفي آخر اتصال معهم قالوا لنا إنه أصيب ولا تفاصيل أكثر لدينا عن وضعه الصحي أو مصيره»، ولفت إلى أن «مفاوضات تجري بين حاتم المقداد (شقيق حسان) ومدير عام الأمن العام عباس إبراهيم، وقد تظهر نتائج إيجابية حول مصير المخطوف التركي وحسان في الساعات القليلة المقبلة».

يذكر أن المخطوفين السوريين الأربعة، وهم، إبراهيم يحيى الأحمد ومحمد عبد اللطيف موسى وماهر حسن ربيع ومحمد رجا، قالوا في مقابلة مع قناة «إم تي في» اللبنانية، بعد تحريرهم، إنهم تعرضوا للضرب والتعذيب أثناء التحقيق معهم وقد أجبروا تحت التهديد، على الإدلاء بتصريحات لا صحة لها حول انتمائهم للجيش السوري الحر وأكد أحدهم بأنه تعرض للتعذيب لمدة 15 يوما بالصعقات الكهربائية، وتم «كسر رجله».

وقد أعلنت قيادة الجيش اللبناني – مديرية التوجيه، في بيان لها أنه «بناء على توجيهات قائد الجيش جان قهوجي، استكملت وحدات الجيش إجراءاتها الميدانية الصارمة لتوقيف المطلوبين للعدالة على خلفية خطف أشخاص من جنسيات مختلفة وقطع طرق وإطلاق نار، حيث تمكنت قوة من مديرية المخابرات بمؤازرة وحدة من الجيش بعيد منتصف ليل أمس، من تحرير 4 مخطوفين سوريين بعد دهم مكان وجودهم في محلة حي السلم، إثر عملية رصد ومتابعة منها بالإضافة إلى توقيف شخصين في المكان نفسه يشتبه بضلوعهما في عملية الخطف وذلك من دون مقاومة تذكر».

وذكرت أن «المحررين خضعوا لفحوصات طبية فور تحريرهم وسيصار إلى تسليمهم إلى القضاء المختص لاتخاذ الإجراءات اللازمة وإعادتهم إلى ذويهم». وفي الإطار نفسه، لفتت القيادة إلى أن «قوة مشتركة من مديرية المخابرات ووحدة من الجيش قامت ليل أمس بدهم أماكن مطلوبين للعدالة في محلة حارة حريك وأوقفت عددا من الأشخاص الذين يشتبه بضلوعهم في عملية الخطف، وقد بوشر التحقيق معهم». وأعلنت قيادة الجيش عزمها «على مواصلة حملات الدهم وفرض هيبة القانون»، وأكدت أنها «لن تتراجع عن تلك الإجراءات، وستستمر في ملاحقة المتورطين أينما كانوا حتى توقيفهم وتحرير المخطوفين كافة».

القضاء يستكمل استجواب سماحة في قضية إدخال متفجرات من سوريا إلى لبنان

مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»: السيد سيستدعى للتحقيق.. ولا أحد فوق القانون

بيروت: يوسف دياب

دخلت قضية النائب والوزير السابق ميشال سماحة مرحلة جديدة بالغة الدقة، بعد تزويد شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي القضاء العسكري بملف جديد، يثبت أن المدير العام السابق للأمن العام اللواء المتقاعد جميل السيد، كان يرافق سماحة أثناء نقله المتفجرات من سوريا إلى لبنان.

وقد استكمل قاضي التحقيق العسكري القاضي رياض أبو غيدا على مدى ساعتين ونصف الساعة استجواب سماحة أمس، في حضور وكيله المحامي صخر الهاشم، بعد أن أحضر سماحة من مكان توقيفه في سجن الشرطة العسكرية في الريحانية، وأدخل إلى مكتب القاضي أبو غيدا وهو مكبل اليدين، وكان يبدو على وجهه الشحوب والتعب. وعلم أن التحقيق جاء استكمالا للجلستين السابقتين اللتين عقدتا مع سماحة، وأفادت المعلومات بأن التحقيق «تطرق إلى العامل الجديد المتمثل بكشف علاقة جميل السيد به من دون أن تعلن عما إذا كان سماحة اعترف بهذا الأمر أم لا».

وأفادت مصادر قضائية «الشرق الأوسط» بأن القاضي أبو غيدا «سيستكمل في الساعات المقبلة دراسة الملف الملحق العائد لجميل السيد، وسيستدعيه إلى التحقيق في جلسة يحددها بموعد قريب جدا، لأنه لا أحد فوق القانون». وأوضحت المصادر، أن «موضوع السيد لم يأت أحد على ذكره في التحقيقات الأولية التي أجريت مع سماحة، وأن هذا الأمر عرف به لاحقا بناء على معطيات معينة، ولذلك لم يسأل سماحة عن هذا الأمر في المرحلة السابقة»، مشيرة إلى أن «معطيات عدة تقاطعت وأثبتت هذا الأمر، ومنها فحوص الحمض النووي (دي إن إيه) التي أجريت على مقاعد سيارة سماحة وهي من نوع (أودي S8)، أهداه إياها الرئيس السوري بشار الأسد، والتي جاءت نتائجها إيجابية».

وشددت المصادر على أنه «بعد الانتهاء من استجواب سماحة فإن القاضي أبو غيدا سيتخذ قرارا باستدعاء مدير مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي مملوك والعقيد في مكتبه عدنان، المدعى عليهما بالتورط في هذا الملف، وفي حال تمنعهما عن الحضور سيصدر مذكرات توقيف بحقهما وبحق كل من يظهره التحقيق».

إلى ذلك، أفاد مصدر أمني بأن «سيارة سماحة لم تكن تخضع للتفتيش أثناء ذهابه من لبنان إلى سوريا وعودته منها، لأن سماحة كان لديه كتاب تسهيل مرور من الرئيس بشار الأسد يبرزه عندما يصل إلى نقطة الأمن العام السوري، كما لديه إذن تسهيل مرور من مرجعية أمنية لبنانية يستعملها عند الأمن اللبناني على الحدود».

وكشف المصدر الأمني لـ«الشرق الأوسط» عن أن «هناك معطيات عدة تقاطعت، وأوصلت التحقيق إلى إثبات الشبهات على السيد، وهي بدأت مع إعطاء شهود عيان معلومات عن رؤيتهم السيد برفقة سماحة بسيارة الأخير في اليوم الذي أدخل فيه المتفجرات من سوريا إلى لبنان، واستكملت بإجراء فحوص الحمض النووي على مقاعد سيارة سماحة ومراقبة بعض الاتصالات، وربط هذه الأمور بوصول جميل السيد بسرعة قياسية إلى منزل سماحة فور توقيفه، وظهوره بحالة انفعال شديدة».

إلى ذلك، قال اللواء جميل السيد في مؤتمر صحافي عقده أمس: «لم أطلع في أي وقت من الأوقات ولا في أي مكان، على أي تفصيلات تتعلق بقضيته، بما فيها نقل المتفجرات، والقول إنني كنت مع سماحة بالسيارة عند نقل المتفجرات يعني أن لي دورا ما بنقل المتفجرات».

ولفت إلى أنه «بالنظر لسوابق فرع المعلومات، والتصريحات العنيفة التي كان يطلقها سماحة ضد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، ورئيس فرع المعلومات وسام الحسن، قلت إنه لا يجوز أن يكون عدو سماحة هو من يحقق معه، واعترضت على الشكل لا المضمون؛ لأن المضمون لم يكن واضحا حينها».

وأضاف: «هناك اتصالات كان يجريها سماحة تدل على حرصه على عدم معرفتي بالمتفجرات، وأن وسام الحسن لديه هذه التسجيلات ويجب أن تكون عند القاضي، وإذا كانت ناقصة فسيدخل مع ريفي إلى السجن»، لافتا إلى أن «الأسلوب نفسه الذي استعمل بقضية رفيق الحريري يستعمل اليوم، وكأن المطلوب من ريفي والحسن إقناع الجمهور لا القاضي».

مطالبا بـ«إجراء التحقيق مباشرة مع ريفي والحسن في موضوع التسريبات، وتشكيل ملف قضائي بكل معنى الكلمة، وإحالتهما للقضاء بجرم تسريب التحقيق الأولي إلى وسيلة إعلام وعدم ملاحقة جريدة (الجمهورية)»، معتبرا أنه «بانتظار القيام بذلك، فالتحقيق مدمر في الشكل والمضمون، وطالما هم غير قادرين على جلب ميلاد كفوري (المخبر الذي كشف سماحة) فليضعوا سماحة في الإقامة الجبرية، ولا أقول بأن يطلقوا سراحه». وردا على سؤال، أكد السيد أنه «إذا جرت الانتخابات بموعدها، سأكون مرشحا مستقلا على لائحة أمل وحزب الله في البقاع الشمالي».

متى كنا في حرب أهلية؟

ميشيل كيلو

لا أعرف كيف يمكن لسوري أن يظن أو يتوهم أن النظام يحميه من بقية السوريين، مهما كان عديم المعرفة بالتاريخ. يكفي أن يسأل السوري، إلى أي جهة انتمى، أحدا من شيوخ أسرته وكبار السن فيها عن معايشاته، ليتأكد أن ذاكرة شيخه أو كبير أسرته تخلو من أي أحداث تشير ولو من بعيد إلى مشكلات جسيمة أو إلى مذابح وتجاوزات واعتداءات وقعت بين السوريين، أو إلى انفلات ما مارسه قطاع من الشعب ضد قطاع أو قطاعات أخرى.

وليس في تاريخ سوريا أحداث ذات خلفيات دينية أو مذهبية تشبه ولو من بعيد ما عرفه تاريخ أوروبا من مآس سببتها الانقسامات الدينية في الصف المسيحي الواحد. ومن المعلوم أنه بعد دخول الإسلام إلى سوريا بقرنين كاملين كان معظم سكانها على دينهم المسيحي، وأن أحدا منهم لم يجبر على اعتناق الدين المقبل من جزيرة العرب، وأنهم فتحوا أبواب مدنهم كي يسهلوا دخول أبناء عمومتهم إليها ويطردوا البيزنطيين منها، مع أنهم مسيحيون مثلهم.

وقعت الحادثة الطائفية الوحيدة التي عرفتها سوريا عام 1860، حين حدثت صدامات وهجمات دموية ضد أحياء مسيحية في دمشق، بتأثير أحداث مماثلة كانت تقع منذ بعض الوقت في لبنان المجاور، وتدخلات القوى الأوروبية في الشؤون المشرقية وصراعاتها الاستعمارية الضارية من خلال ما عرف بسياسة حماية الأقليات، التي قامت على تحريض كل واحدة منها ضد غيرها، وتقاسم المجال السكاني السوري طائفيا وأقلويا (نسبة إلى الأقليات)، بحجة انقسام المجتمع إلى فئات متعادية يجب أن تتمتع كل واحدة منها برعاية قوة أجنبية ما، الأمر الذي شحن المجال السوري الداخلي بخلافات دول استعمارية شرعت تتلاعب بوحدة السكان وتستخدمهم لمآرب لا تمت إليهم بصلة. لكن صدامات عام 1860 انتهت خلال أيام معدودة وكان عدد ضحاياها محدودا بدوره، بفضل وساطة وحماية الأمير عبد القادر الجزائري، المقبل حديثا من الجزائر، بعد أن قضى الفرنسيون على ثورة نظمها ضدهم في الريف، لكنه كان على قدر من عظمة النفس وسماحة الروح دفعه إلى حماية المسيحيين باعتبارهم عربا لا تنطبق عليهم معايير الصراع ضد مسيحية أوروبا، وليسوا طرفا فيه.

ولأن المسيحيين في دمشق يعيشون في أحياء تتداخل مع أحياء المسلمين واليهود، وكذلك هو حالهم في بقية مدن وقرى سوريا، فإنهم لم يعتبروا أنفسهم في أي يوم طائفة خاصة ولم يكن لهم أبدا مؤسسات تمثيلية خاصة بهم، ولم يعدموا وجود تمثيل مدني لهم حل تدريجيا محل تمثيلهم المذهبي، الذي كان مفروضا عليهم بواسطة نظام الملل العثماني، فليس مسيحيو سوريا تابعين سياسيا لأي كنيسة أو مؤسسة دينية خاصة بهم، بل هم أعضاء أو مؤسسون في الأحزاب التاريخية الكبرى التي عرفها المشرق كالحزب الشيوعي والقومي السوري الاجتماعي وحزب البعث، وليس لدى مسيحيي سوريا مدارس أو نواد أو مؤسسات اجتماعية أو مستشفيات تقتصر على أبنائهم وبناتهم، ولا تعرف سوريا جنازة مسيحية لم يحضرها شيخ مسلم أو جنازة إسلامية لم يحضرها رجل دين مسيحي، كما أن معارك الاستقلال كانت مشتركة بين المسلمين والمسيحيين إلى الحد الذي جعل الأخيرين يشاركون في وفود التفاوض مع فرنسا أو يلعبون دورا وازنا ومفتاحيا فيها، بل ويصيرون رؤساء وزارات وبرلمانات وحتى وزراء أوقاف إسلامية، ويكون منهم قادة كبار في الجيش لطالما تسلموا شعب الأركان العامة وخاضوا معارك الوطن واستشهد كثيرون منهم في الحروب مع فرنسا وفي فلسطين. ومن المعروف أن مسلمين سوريين كثرا يضعون في بيوتهم شجيرات عيد الميلاد ورأس السنة، ويحضرون مع أطفالهم إلى الكنائس للاحتفال بعيد الشعانين، الذي هو عيد أطفال بامتياز، كما أن هناك تزاوجا غير نادر بين مسلمين ومسيحيات، فلا عجب أن رأيت طفلا اسمه محمد مع والدته المسيحية في الكنيسة، وليس من النادر أن تبقى المسيحية على دينها بموافقة زوجها المسلم، وأن تكون محبوبة أهله وأقربائه، إكراما لها واحتراما لخيارها بالزواج من ابنهم.

إذا كان تاريخ سوريا يخلو من الصراعات الطائفية، وخاصة منها الدموية، ما الذي يجعل «الأقليات» تخاف التغيير والثورة؟ هل صحيح أن الإسلاميين سينتقمون من الذين أخذوا موقفا ملتبسا من الحراك والمقاومة، وأنهم سيسيطرون في المستقبل على البلاد؟

لا مفر من الإقرار بأن النظام راهن طيلة أربعين عاما، منذ الحركة الأسدية عام 1970، على بناء تحالف أقليات يواجه من خلاله الأغلبية. ولا شك في أن ما فعله النظام لم يكن تحالفا، بل كان إلحاقا للأقليات بالسلطة، التي ضمت أيضا عناصر من الأغلبية انتفعوا من النظام واعتبروا أقلية بين الأقليات الأخرى. لكن التحالف المطلوب لم يقم بصورة فاعلة، لأن الأقليات لم تعتبر نفسها طوائف أو كيانات خاصة تعيش وسط أغلبية مناوئة لها. لهذا السبب، انتهج النظام سبيل التخويف من الصعود الإسلامي، الذي لا يمكن أن يكون في دعايته غير أصولي وعدواني، ومن المحال أن تتعايش الأقليات معه بل ستكون من ضحاياه. هذا الخطاب تابع ما جرى للمسيحيين في العراق بعد سقوط نظامه ومصر بعد الناصرية، وركز على أن ما حدث هناك سيحدث في كل مكان إن سقط النظام، الذي يحمي الأقليات ويتحالف معها ويتخذ مواقف معادية من التيارات الإسلامية.

ومع أن هذا الخطاب يتناقض مع خبرة الأقليات، فإن سياسات بعض الإسلاميين أسهمت في إضفاء شيء من الصدقية عليه، وأقنعت قطاعات من الأقليات بأنها ستكون مهددة بدورها بالجرائم التي ارتكبت ضد مسيحيي العراق، الذين لم يجدوا مكانا يلجأون إليه داخل وطنهم غير المنطقة الكردية، حيث تسود أقلية إثنية. لم تفعل تيارات الإسلام السياسي شيئا يذكر غير تقديم التطمينات ردا على هذا الواقع، بينما أكد بعضها ما حاول النظام زرعه في العقول والنفوس من خوف، عندما بدأ يهدد من سماهم «النصارى والنصيرية» ويتوعدهم بالويل والثبور وعظائم الأمور.

بدل إقامة مؤسسات شراكة وطنية ومجتمعية تضم مواطنين ينتمون إلى مختلف التيارات السياسية والاجتماعية والدينية، يلعبون فيها دورا موحدا يحقق أهدافا موحدة عبر نضالات مشتركة وتضحيات متقاربة، تم تقديم «ضمانات» لا يضمن أحد أن من قدمها سيلتزم بها، تثير الشك في نوايا مقدميها الذين لا يكفي أن يتعهدوا بعدم إيقاع الأذى بالأقليات، بل عليهم إشراكها في مؤسسات تشعرها بالاطمئنان إلى قدرتها على حمايتها. في غياب هذا العمل المشترك ومؤسساته الجامعة، والاكتفاء بالتطمينات الكلامية، تتوهم قطاعات من الأقليات أنها ستكون مكشوفة، إن زال النظام وحل الإسلاميون محله. ومع أن خبرتهم التاريخية لا تتضمن ما يؤكد مخاوفهم، فإن من الضروري دحض الحجة التي تقول: إن التيارات السياسية الإسلامية لم تكن في الماضي على هذا القدر من التطرف والأصولية الذي هي عليه اليوم، وبالتالي فإن ما صلح إلى اليوم لن يصلح بعد سقوط النظام.

لم تعرف سوريا في تاريخها ما يمكنه إثارة مخاوف الأقليات، لكن هذه موجودة اليوم ولا بد من فعل شيء عملي لإزالتها، سواء لدى الأقليات الدينية أو الإثنية منها. لو كانت هذه النقطة قد عولجت بصدق وعمق منذ بداية انتفاضة الحرية، لكانت الثورة اليوم قطعت مسافة أكبر من طريقها نحو الانتصار. هل فات الوقت لذلك؟ بالعكس: نحن في الزمن الصحيح، ولا بد أن نفيد منه، خاصة أن الثورة تحتاج اليوم إلى زج طاقات جديدة إلى جانبها، بدل أن تكون محيدة أو أن تقف إلى جانب النظام!

قصف عنيف في دمشق والجيش الحر يهاجم مطار حماة العسكري

الأمم المتحدة: نظام الأسد يستهدف الأطفال بالقتل والتشويه

                                            أعلنت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة أمس، أن القوات المسلحة السورية أضيفت إلى قائمة الأطراف التي تقوم بقتل الأطفال وتشويهم.

دولياً وفي حين اعتبر الاتحاد الأوروبي أن الصراع في سوريا وصل إلى “مأزق خطير للغاية” حسبما عبرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد كاثرين آشتون، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس إن فرنسا ساعدت عدداً من الشخصيات العسكرية السورية على الانشقاق عن نظام بشار الاسد.

وفي القاهرة بحث وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ مع الرئيس المصري محمد مرسي “الوضع المرعب الذي يسود سوريا” حسب تعبير الوزير البريطاني.

ميدانياً، قامت كتائب الأسد بقصف عنيف لأحياء في العاصمة دمشق منها حي الحجر الأسود في وقت لا تزال المدن والقرى التي يتمركز فيها الجيش السوري الحر الذي هاجم مطار حماة العسكري أمس، تتعرض لقصف قوات النظام السوري الذي أوقع امس 115 شهيداً بينهم أربعون شهيداً في حلب وثلاثة وعشرون شهيداً في حماه منهم من سقط في مجزرتين في كفرزيتا وحلفايا.

وفي جنيف قالت ليلى زروقي الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة، أمس إن القوات المسلحة السورية أضيفت إلى قائمة الأطراف التي تقوم بقتل وتشويه الأطفال.

وذكرت زروقي أثناء تقديم تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف، أن هناك أدلة تفيد بأن القوات السورية بما في ذلك الميليشيا المعروفة بالشبيحة تستهدف الأطفال عشوائياً.

وقالت زروقي “لا نشك في ارتكاب عنف ضد المدنيين والأطفال في سوريا، ونود أن نتمكن من الوصول بشكل أكبر لنقيم الظروف التي ترتكب في ظلها تلك الانتهاكات لنقرر ما إذا كانت تصل إلى حد الوصف بأنها أصبحت أداة للحرب تستخدم لاستهداف الأطفال بشكل محدد، أو أن تلك الانتهاكات ناجمة عن استخدام عشوائي للعنف يؤثر على المدنيين ومنهم الأطفال”.

وقالت زروقي إن مكتبها تلقى تقارير لم يتم التحقق منها، تفيد بقيام قوات المعارضة في سوريا بتجنيد الأطفال وقتلهم خارج إطار القانون.

ورفض السفير السوري فيصل الحموي “الاتهامات والادعاءات المضللة” في تقرير الممثلة الخاصة”.

وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إن الصراع في سوريا وصل إلى “مأزق خطير للغاية”.

ودعت خلال اجتماعها مع أعضاء البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية أمس، المجتمع الدولي والمعارضة على السواء لإظهار وحدتهم إزاء تأزم الأوضاع في سوريا.

وقالت أشتون “إننا نواجه مأزقا خطيرا للغاية حيث يبدو أن كلا الجانبين مقتنع بأن الحرب يمكن أن تتحول لمصلحته.. والمجتمع الدولي يعاني حال جمود.. وهذا المأزق يمكن أن يستمر”.

وفي باريس قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس، ان فرنسا ساعدت عددا من الشخصيات العسكرية السورية على الانشقاق عن النظام السوري.

وقال فابيوس ان فرنسا “ساهمت في عدد من عمليات الانشقاق، ان اجهزتنا تعمل بنشاط” وذلك غداة اعلان العميد مناف طلاس وهو اعلى ضباط ينشق عن الجيش السوري، ان اجهزة الاستخبارات الفرنسية تولت اخراجه من سوريا.

وفي معرض حديثه عن المساعدة الفرنسية للمعارضة السورية اكد فابيوس من جديد ان باريس لا تقدم اسلحة. وقال “بشأن مسألة التسليح علينا ان نكون واضحين تماما، لقد طلب منا تقديم اسلحة قادرة على تدمير الطائرات. وقلنا اننا نحترم الحظر (الاوروبي) على الاسلحة”.

وأشار الوزير الفرنسي الى المخاوف من استخدام هذه الاسلحة في غير الوجهة التي اعطيت لاجلها. وقال “الامور في هذا الصدد مشوشة بحيث انه من الصعب جدا التأكد من ان شخصاً امامك يمكن ان تسلمه هذه الاسلحة، وانك لن تجد بعد ثلاثة اشهر او ثلاثة اسابيع طائرة فرنسية تدمر بهذه الاسلحة نفسها”.

واضاف “في المقابل هناك معدات اتصال مشفرة اضافة الى نظارات مكبرة تتيح الرؤية ليلاً وايضا سلسلة من المعدات التي قدمت بالفعل او التي يمكن ان تقدم”.

ورحب وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أمس بمواقف الرئيس المصري محمد مرسي ضد النظام السوري.

وأجرى هيغ الذي وصل مساء الاثنين الى القاهرة، محادثات أمس مع مرسي ووزير خارجيته محمد كامل عمرو.

وقال الوزير البريطاني في بيان اثر هذين الاجتماعين ان لندن والقاهرة “تعملان في شكل وثيق على قضايا رئيسية في السياسة الدولية مثل الوضع المرعب الذي يسود سوريا”.

وقال ديبلوماسي رفيع اليوم أمس، إن مصر والسعودية وتركيا وإيران ستواصل مشاوراتها للوصول إلى حل للأزمة في سوريا بعد محادثات في القاهرة.

وذكرت وكالة أنباء “فارس” الإيرانية أن إيران اقترحت توسيع الرباعية لتضم دولتين أخريين هما العراق وفنزويلا.

ميدانياً، أفاد ناشطون سوريون أن اشتباكات مسلحة دارت أمس بين قوات الأسد وقوات الجيش الحر في مطار حماه العسكري. ونقلت قناة “العربية” مساء عن ناشطين أن هناك انشقاقات جديدة داخل نظام الأسد.

وأفاد نشطاء سوريون أن العديد من المباني أصيبت بنيران المدفعية وطائرات المروحية في حي الحجر الاسود في العاصمة دمشق.

وقال الناشط عبدالله جولان من مركز دمشق الاعلامي المعارض إن حي الحجر الاسود تعرض أمس لأعنف قصف منذ شهرين. وأضاف نشطاء آخرون أن حي التضامن الذي انسحب منه مسلحو الجيش الحر في جنوب دمشق تعرض للقصف وكذلك ضاحية يلدا في جنوبها. (التفاصيل ص 14)

وارتفع عدد شهداء سوريا أمس إلى 115 بينهم ثلاثون شهيدا في القصف الجوي، اربعون شهيدا في حلب, خمسة وعشرون شهيدا في دمشق وريفها، ثلاثة وعشرون شهيدا في حماه بينهم شهداء في مجزرتي كفرزيتا وحلفايا، احد عشر شهيدا في دير الزور بينهم اربعة شهداء في قصف الشحيل، واربعة في قصف البوكمال، ستة شهداء في درعا، خمسة شهداء في ادلب، شهيدان في اللاذقية، شهيدان في بانياس وشهيد في حمص.

 (ا ف ب، رويترز، يو بي أي، قنا، ا ش ا، لجان التنسيق المحلية)

السفير كريستنسن يدعو لبنان للتهيؤ لاحتمال تدفق مئة ألف لاجئ

الدنمارك تحذر من التدهور السريع للأزمة الإنسانية في سوريا

                                            قال رئيس دائرة العمل الانساني والمجتمع المدني في وزارة الخارجية الدنماركي إينار جينسن، إن الأزمة الإنسانية تتفاقم داخل سوريا وخارجها وتزداد سوءا بسرعة.

وأوضح خلال لقاء صحافي في السفارة الدنماركية في بيروت، شاركت “المستقبل” فيه، أن عدد النازحين داخل سوريا بلغ 1,2 مليون شخص بينما أصبح عدد المحتاجين الى مساعدة إنسانية فيها الى 2,5 مليوني شخص، فيما بلغ عدد اللاجئين إلى الدول المجاورة لسوريا نحو 250000 شخص الى الدول المجاورة، 65000 منهم الآن في لبنان.

وشدد جنسين، على أن “الشعب السوري يواجه وضعا مأساويا صعبا جدا”. وقال “إن الدنمارك تحض السلطات السورية على القيام فورا بخطوات توقف أعمال العنف، كما ان الدنمارك تنظر بقلق عميق الى مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين الذين لا يستطيعون الخروج من مناطق النزاع في سوريا. خصوصا وانهم من الفئات الضعيفة والمعرضة، ويجب ألا تنسى”.

وأوضح جينسن أنه زار الأحد برفقة وزير التنمية والتعاون الدانماركي كريستيان باخ فريس، مخيم الزعتري للاجئين الواقع شمال الأردن، بالقرب من الحدود السورية.

وأشار الى ان الوضع الإنساني في المخيم صعب للغاية، خصوصا أن موقع المخيم هو في منطقة صحراوية شديدة الحرارة والرياح، وأن الوضع سيفاقم في فصل الشتاء ما لم يتم التوصل الى حل ما. أضاف: “من المحزن جدا أن نسمع القصص المأساوية من اللاجئين السوريين وهم يشعرون بالخوف والإحباط والقلق العميق حيال أسرهم واصدقائهم داخل سوريا. الحاجة ماسة للمساعدة”.

وتابع المسؤول الدنماركي قائلا: “قررت الحكومة الدنماركية زيادة مساهمتنا الإنسانية بـ 4,4 مليون دولار تضاف الى مجموع المساهمة الدنماركية والبالغ أكثر من 17 مليون دولار أميركي (نحو 100 مليون كورونا دنماركية) والتي قدمت عبر الامم المتحدة من خلال منظمات دولية للمجتمع المدني والمناضلة في سبيل تقديم الإغاثة الإنسانية”.

واشار الى ان “الدنمارك تدعو كل شركائها في البلدان والمنظمات لدعم جهود الأمم المتحدة لحشد وتنسيق المساعدة الإنسانية للشعب السوري. العدد المتزايد والكبير للفارين السوريين من بلادهم يحتم على المجتمع الدولي ان يتحمل نصيبه من العبء اذ لا يستطيع ولا ينبغي لجيران سوريا تحمل هذا العبء بمفردهم”، مشيرا إلى أن عدة منظمات غير حكومية دانماركية تعمل بنشاط داخل سوريا ولبنان والاردن.

السفير الدانماركي في لبنان يان توب كريستنسن أثنى على سياسة الباب المفتوح التي تتبعها الحكومة اللبنانية إزاء اللاجئين السوريين. وقال: “من المهم أيضا احترام مبدأ القانون الدولي للاجئين فيما يختص بالإعادة القسرية وعدم إعادتهم الى سوريا حيث المستقبل المجهول”.

وحذر كريستنسن من أن لبنان يواجه “تحديات أخرى خلال الأشهر المقبلة عندما يزداد على الأرجح عدد اللاجئين فيه. ربما يصل عددهم الى اكثر من 100000 لاجئ سوري قبل نهاية العام. علينا ايضا ان نتذكر المجتمعات والعائلات اللبنانية التي قامت باستضافة هؤلاء اللاجئين. هم ايضا يستحقون التعويضات. لذلك فإنه من المهم ان تقوم الحكومة اللبنانية بالتنسيق في التفاصيل مع المجتمع الدولي لضمان وضع استراتيجية تعالج المشاكل المتوقعة، منها: كيفية سكن وايواء العديد من القادمين الجدد، كيفية ضمان التعليم للعديد من الأطفال والشباب الذين قد يبقون هنا لفترة أطول، وكيفية ضمان وجود مرافق صحية كافية ومناسبة”.

وختم كريستنسن قائلا إن “القرارات يجب ان تؤخذ قريبا جدا لتجنب الفوضى التي قد تلحق في اواخر هذا العام”.

يذكر أن الدنمارك وبقية دول الاتحاد الأوروبي هي أكبر الجهات المانحة للأزمة الإنسانية السورية، ويبلغ مجموع الهبات التي قدمتها 250 مليون دولار اميركي تقريبا.

(“المستقبل”)

قافلة إغاثة أوروبية للسوريين

عشرات القتلى ومعارك بحلب وإدلب

                                            أفادت الهيئة العامة للثورة السورية بسقوط 76 قتيلا على الأقل بنيران قوات النظام معظمهم في حلب وحماة، وبينما أعلن ثوار في إدلب إسقاط مروحية تدور معارك عنيفة بين قوات النظام وكتائب من الجيش الحر قرب مطار حلب الدولي وسراقب بإدلب، في حين تواصل قوات النظام قصفها المدفعي والجوي لأحياء بالعاصمة دمشق وريفها وحمص ودير الزور ودرعا متسببة بوقوع قتلى وتدمير منازل وأبنية.

وطبقا للهيئة العامة سقط 39 قتيلا في حلب وحدها اليوم من بينهم 25 مدنيا أعدموا ميدانيا في مجزرة بحي الأعظمية وعثر على جثثهم مكبلة الأيدي، كما عثر على جثث ستة أشخاص آخرين قرب حاجز لقوات النظام عند مدخل جمعية الزهراء الغربي وعليهم آثر تعذيب.

وتسبب القصف بالبراميل المتفجرة الملقاة من الطائرة بسقوط عشرات الجرحى في حي الميسر بحلب بعد تدمير مبنيين بالكامل، كما شمل القصف حيي السكري والقاطرجي ومناطق من ريف حلب وفق الهيئة العامة للثورة.

في هذه الأثناء قال المرصد السوري لحقوق الإنسان -مقره بريطانيا- إن معارك عنيفة تدور قرب مطار حلب الدولي وجاء ذلك بعد ليل من القصف العنيف الذي استهدف عددا من أحياء المدينة التي تعتبر العاصمة الاقتصادية للبلاد. كما قتل الليلة الماضية أربعة سوريين أرمن وأصيب 13 آخرون بجروح على طريق المطار، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ذويهم.

وفي إدلب المجاورة قتل صباح اليوم 18 جنديا من قوات النظام على الأقل وأصيب العشرات بجروح في عملية نفذتها كتائب من الثوار بواسطة سيارة مفخخة استهدفت تجمعا عسكريا في سراقب وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأشار نفس المصدر إلى أن الاشتباكات العنيفة مستمرة في المنطقة منذ الصباح حيث يحاصر مقاتلون من الثوار مركزين آخرين لقوات النظام، في حين أعلن لواء شهداء سوريا أنه أسقط مروحية في سراقب. فيما واصل طيران النظام قصف تفتناز بنفس المحافظة بالبراميل المتفجرة مما أوقع دمارا هائلا في المدينة.

وفي محافظة إدلب أعلنت مجموعة من الكتائب والألوية المقاتلة في الأراضي السورية عن انضوائها تحت جبهة واحدة أطلق عليها “جبهة تحرير سوريا”. وتضم الجبهة تجمع أنصار الإسلام في دمشق وريفها، وكتائب الفاروق ولواء صقور الشام ولواء عمرو بن العاص ومجلس ثوار دير الزور وغيرها. ودعت الجبهة بقية الألوية إلى الانضمام إليها.

في غضون ذلك تسبب قصف قوات النظام بحرائق في عدد من الأبنية في بلدة قسطون بريف حماة، كما ارتكبت قوات النظام مجزرة -وفق ناشطين- في بلدة حلفايا راح ضحيتها 13 مزارعا أعدموا ميدانيا.

قصف ودهم

وفي دير الزور شرقا سقط تسعة قتلى جراء قصف طيران النظام من طراز ميغ مدرسة يقيم فيها نازحون في قرية السويعة وأدى القصف لمقتل عائلتين كاملتين بينهم نساء وأطفال وتعرضت أحياء في دير الزور والبوكمال للقصف أيضا، وفق ناشطين.

كما أعدم عشرة مجندين عند حاجز للأمن العسكري في حي الشدادي بمدينة الحسكة أثناء محاولتهم الانشقاق وفق نفس المصدر.

وفي دمشق واصلت قوات النظام والشبيحة قصف الأحياء الجنوبية للعاصمة وشمل أحياء الحجر الأسود والقدم والتضامن تلا ذلك عمليات هدم للمنازل بالجرافات مدعومة بقوات من النظام والشبيحة في حي القابون.

وفي ريف دمشق أعدم خمسة أشخاص ميدانيا في الذيابية على يد قوات النظام والشبيحة بعد اقتحام البلدة بالدبابات، في وقت شنت قوات أخرى حملة دهم وتكسير واعتقالات في السيدة زينب، كما قصفت المليحة وكناكر وشنت في الأخيرة مداهمات.

وتعرضت أحياء بحمص ومدينتي الحولة وتلبيسة بريفها لقصف من قوات النظام أسفر عن تهدم العديد من المنازل، كذلك حدث في قرى اللاذقية، وعتمان وبصرى الشام في ريف درعا وحيي طريق السد والمخيم في درعا موقعا إصابات.

قافلة إغاثة

وفي تطورات الوضع الإنساني أفاد موفد الجزيرة نت إلى حلب أحمد نور بأن متطوعين مسلمين من السويد والدانمارك اختتموا رحلة إغاثية استغرقت أسبوعا في محافظتي إدلب وحلب شمالي سوريا، حيث طالبوا العرب والمسلمين بتسيير قوافل مماثلة عبر الحدود التركية، مؤكدين سهولة وصولها للمستحقين في ظل سيطرة الجيش الحر على المعابر ومعظم الطرق بشمالي البلاد.

وقال المسؤول الاجتماعي في الوقف الإسكندنافي بالدانمارك فارس الجهيم إن متطوعين في الوقف الدانماركي وفي مركز سلسبيل الثقافي بالسويد نظموا القافلة المكونة من ثلاث سيارات إسعاف وشاحنة مليئة بالمساعدات لتخفيف معاناة المتضررين في إدلب وحلب.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن مئات الصناديق وزعت على اللاجئين عند معبر باب السلامة الحدودي، وهي تتضمن حليبا للأطفال ومواد غذائية، بينما وزعت سيارات الإسعاف المجهزة على إدلب وحلب وريفها.

وطالب الجهيم جميع السوريين المقيمين في الخارج وغيرهم من العرب والمسلمين بالمبادرة إلى تسيير قوافل إغاثية مماثلة.

ومن جهته، تساءل محمود كردي -وهو أحد أعضاء الوقف الدانماركي- عن سبب غياب الكثير من الأطباء والمثقفين والعكسرين المنشقين الذين لجؤوا إلى الخارج، مشيرا إلى ضرورة تواجدهم داخل البلاد ومساعدة الأهالي على تجاوز محنتهم.

 من إعزاز لحلب.. مسيرة النزوح والدمار

                                            أحمد نور-حلب

ما إن تجاوزنا معبر باب السلامة حتى بدا أننا على مشارف عالم مختلف، إذ تبدلت صورة المعالم السياحية والمزارع الخصبة في لواء الإسكندرون بجنوب تركيا لتتحول إلى مخيمات لجوء وطرق وعرة وبساتين جافة في شمال محافظة حلب، ولنفاجأ ببقايا أول دبابة مدمرة على بعد كيلومترين من الحدود، كمقدمة لآثار المعركة الحامية التي خسر فيها جيش النظام السوري بلدة إعزاز وكامل الشريط الحدودي.

وعند مدخل البلدة، لا تزال “مقبرة الدبابات” تستقطب صحفيي ومصوري العالم، إذ تقبع الدبابات المدمرة أمام ركام المسجد الكبير الذي أراد الأهالي أن يجعلوا منه رمزا لبلدتهم قبل أن يصبح رمزا لحرب طاحنة لا تزال تعصف بالبلاد.

قرى متهالكة

يشير مرشدنا إلى ثكنة عسكرية متفحمة كتب على جدرانها شعارات “الأسد أو نحرق البلد”، بينما تحمل جدران مجاورة شعارات الجيش السوري الحر الذي حوّل مواقع قوات النظام إلى ركام، ويقول إن الطريق الرئيسي لم يجرؤ أحد على عبوره قرابة العام بسبب عشرات القناصين الذين كانوا يتوزعون على مآذن المساجد لقتل كل من يعبره.

وبينما نستمع إلى أنشودة بصوت مرشدنا عن “مجزرة إعزاز”، يقودنا بسيارته إلى موقع رمزي آخر، حيث سقطت أربع قنابل -حسب ناشطين- لتحول عشرات المنازل إلى مقابر لأصحابها، في حين يحاول بعض الأهالي ترميم جدران المنازل المحيطة التي لم تدمر بالكامل.

وتبدو البلدة شبه خالية من السكان، حيث لا تزال قذائف المدفعية والطائرات تسقط بين حين وآخر لوجودها بالقرب من مطار منغ العسكري، وهو الموقع الوحيد في شمال حلب الذين لم يسقط بعد بأيدي الثوار، بينما تزدحم قرى أخرى على جانبي الطريق المؤدي إلى حلب بآلاف اللاجئين الذين فروا من نيران المعارك في المدينة.

وأينما التفّت بنا السيارة في الطرق الرئيسية أو الجانبية الوعرة، تقع أعيننا على الشعارات الثورية التي تملأ الجدران في كل قرية، وخصوصا على جدران المؤسسات الحكومية وواجهات المحلات المقفلة.

جبهة حلب

ومع وصولنا إلى مدينة حلب، تتبدى مظاهر السيطرة الكاملة للجيش الحر على مناطق واسعة، فالحواجز العسكرية تنتشر عند مداخل معظم الأحياء الشمالية والشرقية، بينما تلوح مظاهر الدمار في كل الأحياء التي خرجت عن سيطرة النظام.

ويتوجه بنا السائق إلى حي الحيدرية، حيث ما زال الأهالي يعملون بجد على إخراج أربعة مفقودين من تحت أنقاض أحد المباني بأيديهم المجردة.

يقول أحدهم إن طائرة مقاتلة أسقطت قنبلة على الحي مساء أمس، فاخترقت الطابق الأخير لبناء من ستة طوابق، ثم استقرت في بناء متواضع مكون من طابقين لتنفجر بعد دقائق، مضيفا وهو ينفخ دخان سيجارته “انتشلنا زوجة عمي وطفلتها، ولا نزال نبحث عن البقية”.

وبينما يصرخ بنا الرجال المفجوعون مطالبين بتدخل العالم عبر وسائل الإعلام، تصل جرافة تحمل شعار لواء التوحيد لتسريع انتشال الضحايا، بينما يدوي أزيز طائرة أخرى، ويشير الجميع إليها وهي تهوي بسرعة فائقة لترمي حمولتها قبل أن تعاود الصعود.

وعلى الفور يصرخ أحد الشباب “لا تتجمهروا.. تفرقوا سريعا”، وبعد دقائق يتصاعد الدخان في حي الصاخور المجاور.

وعلى بعد أمتار قليلة، نرى عشرات الأهالي يصطفون أمام مخبز صغير، وهو المتجر الوحيد الذي يفتح أبوابه في الحي منذ نحو شهرين كما يقول البعض.

ويحدثنا شاب اسمه محمد طاهر عن إدراك الجميع لخطورة التجمع أمام المخابز التي باتت هدفا لطائرات النظام، لكن حاجة الناس لإطعام أطفالهم قد تدفعهم لهذه التضحية كل صباح.

النائب الكويتي الطبطبائي يدخل إدلب دعماً للسوريين

رافقه زميله الحربش والرحلة كشفت له الحالة النفسية المتفائلة عن الشعب

كشف النائب الكويتي، الدكتور وليد الطبطبائي، عن تفاصيل رحلته إلى سوريا وانخراطه في التظاهرة الشعبية في إدلب. وقال إن الهدف كان للدعم المعنوي، وإثبات أن هناك أرضاً محررة فعلاً.

واستبشر الطبطبائي في حديثه لنشرة الرابعة على “العربية” بأن هذه الرحلة كشفت له الحالة النفسية المتفائلة للسوريين ودعمهم للجيش الحر، مشيراً إلى أنه كان بصحبة زميله النائب جمعان الحربش.

وقال إنه من المهم أن يزيد الدعم للشعب السوري في ناحية الأدوية والمعونات، حيث إن الجهات التي تنتج الأدوية متوقفة عن العمل مع الأحداث، والناس بحاجة إلى المعونات في هذا التوقيت.

وأضاف الطبطبائي أنه دخل سوريا يوم الجمعة الماضي، وصلى هناك، وشاهد بلدات ريف إدلب وآثار المعارك مع النظام الأسدي، وحجم الدمار الإجرامي الذي أصاب بلدات إدلب بقنبلة رمتها طائرة وزنها 250 و500 كجم حولت عدداً من البيوت إلى ركام.

ووفقاً لمصادر متفرقة فقد وصف الطبطبائي “في أثناء مرورنا ببلدات الريف بإدلب شاهدنا عائلات سكنت الخيام للاحتماء من قصف طائرات ومدفعية النظام وحالتها يرثى لها، وحضرت صلاة الجمعة بمسجد سرمدا، وبعد صلاة الجمعة خرجت مظاهرة باتجاه ساحة بلدة سرمدا وكانت الأهازيج والأناشيد جميلة وحماسية”.

الإبراهيمي يتوجه إلى دمشق.. ويلتقي بشار الجمعة

النظام السوري يصعد عملياته في دمشق وإدلب وحماه

العربية.نت

أكد دبلوماسي عربي، اليوم الأربعاء، أن المبعوث الأممي والعربي إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، سيتوجه إلى سوريا غداً الخميس، ومن المقرر أن يلتقي بعد غد الجمعة الرئيس السوري بشار الأسد.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد أعلن أن الإبراهيمي سيلتقي قريباً بالرئيس السوري، خلال زيارته المرتقبة إلى دمشق.

وميدانياً، أفادت شبكة “شام” الإخبارية، بسقوط طفلين أخوين في القصف العنيف والعشوائي على مدينة اللطامنة في ريف حماه منذ الصباح، فيما أفاد المركز الإعلامي السوري أن قصفاً على قرية السويعية في البوكمال أسفر عن مقتل 6 أشخاص، إضافة إلى إصابة عدد آخر من المدنيين.

كما قامت قوات النظام بقصف حي الشيخ ياسين وأحياء أخرى في دير الزور بالمدفعية الثقيلة.

وفي إدلب، قامت قوات النظام بقصف مدينة سراقب بالطيران المروحي.

أما في حماه، فقد استهدفت قوات النظام في قرية قسطون مخبز المدينة والعديد من المنازل. كما تجدد القصف المدفعي من قبل قوات النظام في دمشق، وتحديداً في حي التضامن، وسمعت أصوات انفجارات قوية في معضمية الشام هزت المدينة نتيجة القصف بالمدفعية والدبابات.

لقاء الإبراهيمي والأسد

وتأتي أعمال العنف هذه التي باتت يومية، بعيد استضافة مصر اجتماعاً رباعياً يضم السعودية وتركيا وإيران لحل الأزمة السورية وسط امتعاض فرنسي من مشاركة طهران.

وفي إطار الجهود الدبلوماسية الجديدة اعتبر وزير الخارجية المصري أن اللقاء الرباعي الذي عقد في القاهرة وضم تركيا والسعودية وإيران ومصر هو بحد ذاته مؤشر إيجابي، مشيراً إلى إمكانية تطبيق بعض الإجراءات رغم إبداء عدد من الأطراف تشاؤماً إزاء التوصل لأي اتفاق نظراً إلى تباعد المواقف، لا سيما بين طهران من جهة وأنقرة والرياض والقاهرة من جهة أخرى.

140 شخصاً قتلوا في أعمال عنف متفرقة بسوريا

المرصد السوري: ارتفاع عدد الشهداء المدنيين إلى 112

العربية. نت

ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أكثر من 140 شخصا قتلوا في أعمال عنف متفرقة بسوريا أمس الثلاثاء، بينهم 112 مدنيا.

وقال المرصد “ارتفع عدد الشهداء المدنيين الذين انضموا يوم أمس الثلاثاء إلى قافلة شهداء الثورة السورية إلى 112”.

وأوضح المرصد في بيان اليوم الأربعاء، أن 26 مواطنا قتلوا في محافظة ريف دمشق، إلى جانب 23 في حماة و22 في حلب و17 في دمشق. كما لقي تسعة آخرون حتفهم في محافظة دير الزور، فيما قتل ستة في إدلب وأربعة في حمص وأربعة في درعا وآخر في اللاذقية.

وأضاف المرصد أن جنديا منشقا لقي حتفه خلال اشتباكات مع القوات النظامية في ريف دمشق، فيما قتل ما لا يقل عن 26 من القوات النظامية خلال اشتباكات في محافظات دير الزور ودرعا وإدلب وحمص ودمشق وريفها وحلب.

وأشار إلى أنه تم العثور على ثلاث جثث لمواطنين مجهولي الهوية في حي القابون قتلوا بالرصاص.

تدمير أكثر من 150 منزلا في درعا السورية جراء القصف

مجزرتان في الشحيل والبوكمال في دير الزور راح ضحيتهما العشرات

العربية.نت

عمدت قوات النظام السوري إلى قصف بلدات ومدن عدة بالمدفعية والطيران الحربي، ما رفع حصيلة القتلى في سوريا حتى اللحظة إلى ستة وثمانين قتيلاً، بحسب لجان التنسيق المحلية، في تصعيد لحملتها العسكرية على المناطق السورية المنتفضة التي أصبح للجيش الحر سيطرة فيها.

وسقط قتلى وجرحى في قصف استهدف موكباً للمشيعين في كرناز وقرية معركبة في ريف الشحيل والبوكمال، فيما شهدت منطقة دير الزور مجزرة مماثلة راح ضحيتهما العشرات نتيجة القصف العشوائي على المناطق السكنية في المنطقتين، كما شهدت البوكمال اشتباكات عنيفة قرب مطار الحمدان العسكري.

ولم تغب عن العاصمة وريفها فوهات المدافع التي شهدت قصفاً عنيفاً بمعظم مناطقها بينها حي التضامن ونهر عيشة والحجر الأسود التي لا تزال تشهد معارك طاحنة بين الجيش الحر وجيش النظام.

وفي القابون قامت دبابات جيش النظام باقتحام الحي من جهة أوتوستراد بردى، أما في الريف فسقط قتلى وجرحى في قصف على المعضمية وبابيلا وكذلك الزبداني والسيدة زينب.

وفي حلب حيث لم يكن المشهد مغايراً للصورة العامة في سوريا، حيث تم اكتشاف جثث لأشخاص أعدموا ميدانياً في ظل تواصل القصف على عرقوب وحي الشعار وكذلك بلدات دارة عزة ودير حافر والأتارب في ريف حلب.

الإفراج عن مخرج سوري معارض

أبوظبي – سكاي نيوز عربية

قال أصدقاء ومقربون للمخرج السوري عروة نيربية المعتقل لدى الأمن السوري إنه تم إطلاق سراحه ظهر يوم الأربعاء وإنه بطريقه إلى المنزل الآن.

وكان عروة اعتقل في مطار العاصمة دمشق أثناء توجهه إلى القاهرة للمشاركة في أحد المهرجانات.

وتضامن مع المخرج السوري، مؤسس مهرجان “دوكس بوكس” للأفلام التسجيلية إلى جانب زوجته المخرجة ديانا الجيرودي عام 2002، الممثل الأميركي روبرت دينيرو من خلال مقطع فيديو تم بثه على يوتيوب قال فيه “الحرية لعروة”.

كما طالب مدير مهرجان البندقية الدولي بإطلاق سراح نيربية، إلى جانب مطالبات عدة من قبل مخرجين سوريين من بينهم أحمد ملص.

وكان أصدقاء لعروة أرجعوا سبب اعتقاله، في 23 أغسطس الماضي، إلى مساعدته للنازحين من كافة المدن بسبب أعمال العنف التي تشهدها البلاد منذ منتصف مارس 2011.

اليونان وأبعاد دعوة الأسد للرحيل

شادي الأيوبي- أثينا – سكاي نيوز عربية

دعا وزير الخارجية اليوناني ذيميتريس أفراموبولوس إلى رحيل نظام الرئيس السوري بشار الأسد عن سوريا وحقن دماء المدنيين، وهي أول دعوة يونانية صريحة وإن كانت سبقتها دعوات أخرى، لكنها هذه المرة كانت مدعمة بموقف أوروبي واضح.

اليونان كانت تأخرت في الاعتراف بالثورة الليبية، ويبدو أنها لا تريد تكرار نفس الأمر مع احتجاجات سوريا، لا سيما أن غريمتها تركيا تضطلع بدور رئيس في الأزمة السورية من ناحية، كما تلوح بوادر اعتذار إسرائيلي لها بسبب حادثة “مافي مرمرة”، ما قد يعني إعادة العلاقات الإسرائيلية التركية إلى عهدها القديم، وربما تراجع العلاقات اليونانية الإسرائيلية، ما يثير قلق أثينا.

دعوة أثينا لا تعني أشياء كثيرة عمليا، فأثينا ليست مجاورة جغرافيا لسوريا لتدعم ثورتها أو تؤوي لاجئيها، كما أن اقتصادها المنهار لا يسمح لها عمليا بتقديم أي دعم لتلك الاحتجاجات، لكنها تعني اعترافا آخر بتلك المعارضة وسحب الشرعية عن نظام الأسد.

وقد كانت أثينا من آخر الدول الأوروبية التي أغلقت سفارتها في دمشق، ولم تزل مسرحا للمظاهرات الأقوى أوروبيا المعارضة للأسد.

عارف العبيد أستاذ العلوم السياسية في جامعة أثينا اعتبر في تصريحات لسكاي نيوز العربية أن المعطيات الجيوبوليتيكية الأخيرة على الساحة السورية أدت إلى تحول جذري في السياسة الخارجية اليونانية التي التزمت الصمت لمده 15 شهرا حيال الأحداث في سورية.

وقد وضع أفراموبولوس النقاط على الحروف باتخاذ موقف رسمي من نظام الأسد لأول مرة منذ انطلاق الثورة السورية. واعتبر العبيد أن هذا الموقف اليوناني ملتزم تماما بالموقف الأوروبي بأنه ليس ثمة حل للأزمة السورية إلا برحيل النظام حزب البعث وإحلال نظام ديمقراطي مكانه.

الموقف اليوناني بدأ بالتغيير منذ 5 أشهر تقريباً، يضيف العبيد، بطريقة غير مباشرة وغير رسمية وبصمت، من خلال استقبال أثينا وفداً من معارضة الداخل السوري بقيادة هيثم مناع ومن ثم مشاركة اليونان في مؤتمر أصدقاء سورية وإدانة “المذابح المرتكبة من قبل النظام” وخصوصا “مذبحة الحولة”.

ويعتبر العبيد أنّ لليونان حكومةً وشعبا مصالح استراتيجية كثيرة مع سورية منها موضوع الأقليات المسيحية وموضوع ترسيم الحزام الاقتصادي لقبرص الذي يعتبر من المواضيع الحساسة وخاصة مع انخراط العنصر التركي المنافس لدرجة كبيرة في الأزمة السورية، بالإضافة إلى القضية القبرصية، وأخيرا مسألة الغاز المكتشف في منطقة شرق البحر المتوسط وحاجة أثينا إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي مع دول المنطقة لتكون أحد المنافذ للخروج من أزمتها الاقتصادية الخانقة، فنظام الأسد يعتبر الآن عامل اضطراب يعوق مشاريع أثينا.

مصالح اليونان

ما العميد المتقاعد والمحلل الاستراتيجي فاسيليس ياناكوبولوس فيعتبر، في تصريحه لسكاي نيوز العربية، أن القرب الجغرافي لليونان من المنطقة يخلق لها ولقبرص مخاوف عميقة، وذلك لأسباب مثل احتمال تطور الصراع السوري إلى صراع إقليمي، ما يعني اشتراكها في العمليات العسكرية ضمن الناتو، واستعمال القواعد البريطانية في قبرص.

كما يرى ياناكوبولوس أن مضاعفات الأزمة السورية قد تؤثر على لبنان المجاور ما يعني احتمال اندلاع الصراع من جديد بين إسرائيل وحزب الله. إضافة إلى احتمال نزوح أعداد كبيرة من السوريين باتجاه أوروبا ووصولهم إلى اليونان وقبرص.

وأضاف أن ثمة قلقا حيال مصير مليوني سوري مسيحي يحتفظ أغلبهم بعلاقات جيدة مع النظام، معتبرا أنه في حال سقوط نظام الأسد فليس مستبعدا أن يشارك الأسطول اليوناني في إخلاء المسيحيين السوريين.

ويرى ياناكوبولوس أن أزمة سوريا لا تشكل أولوية للحكومة اليونانية الائتلافية التي تهددها الأزمة الاقتصادية والاحتجاجات الشعبية، فيما تنتظر أن تكون مواجهة الأزمة في سوريا في نطاق أوسع مثل الناتو والاتحاد الأوروبي.

وعن موقف الأحزاب اليونانية من الأزمة أوضح أن مناصري الأحزاب اليسارية يتعاطفون مع اللاجئين المنتمين للمذهب السني، فيما يؤيدون النظام ومواقف موسكو والصين لصالحه. بينما تتخوف الأحزاب اليمينية المتطرفة من دخول اللاجئين السوريين إلى اليونان، فيما يستقي المواطن اليوناني العادي معلومات عامة وضحلة عن الوضع في الشرق الأوسط عن طريق الإعلام والشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي.

سوريون يدقون ناقوس الخطر لإنقاذ آثار سورية من الضياع

روما (12 أيلول/ سبتمبر) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء

حذر خبراء من مخاطر تدمير الكنوز الأثرية في سورية، بما فيها من آثار آرامية ويونانية ورومانية وإسلامية، وطالبوا المنظمات الدولية المعنية حماية الآثار التي أكّدوا أن قوات النظام السوري تستهدفها، بما فيها من قلاع صليبية ومساجد وكنائس قديمة وآثار يونانية ورومانية نادرة، فضلاً عن الإهمال الحكومي لعشرات المتاحف المليئة بالآثار

وقام خبراء آثار سوريين وأجانب بتوثيق بعض الانتهاكات والتخريب لتكوين وثيقة تؤسس لتقصي الحقائق في مجال الآثار بهدف تقديمها للهيئات العالمية، وأكّدوا أنه تم الحفر العميق في بعض التلال الأثرية لصُنع ملاجئ للدبابات العسكرية، كما أشاروا إلى تمركز الدبابات وناقلات الجند وسط المواقع الأثرية، وتم تحويل العديد من القلاع القديمة إلى مناطق عسكرية ومتاريس للقناصة وتم تشويه العديد من خصائصها المعمارية

تقول المعارضة السورية إن النظام السوري يدمر التراث الإنساني خلال عملياته العسكرية الحربية، من خلال قصفه لمساجد وكنائس وقلاع وحتى منازل تاريخية، هي جزء لا يتجزأ من تراث حضاري يمتد عمره أكثر من ستة آلاف سنة

وتتهم السلطات السورية وبعض وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية المعارضة السورية بأنها تقوم بنهب وتخريب الآثار، حتى أن بعضها يلقي بالاتهام على المعارضة المسلحة بأنها تقصف المواقع الأثرية وتقوم بتهريبها بشكل منظّم

منظمة المغتربين السوريين (SEO) سلّطت الضوء على الدمار الذي لحق بالمواقع الأثرية السورية نتيجة الصراع المستمر منذ أكثر من عام ونصف، ونبّهت من تحصّن الجيش السوري ضمن مواقع سورية أثرية وتحويلها إلى قواعد عسكرية، وناشدت (اليونيسكو) لإصدار بيان يدين تدمير المواقع الأثرية السورية ويحمّل السلطة مسؤولية فشلها في حماية هذه المواقع الأثرية في غالبية المناطق السورية

وقبل أشهر، أصدر مثقفون وكتّاب وصحفيون وفنانون سوريون بياناً ناشدوا فيه المجتمع الدولي ومختلف مؤسساته والدول المجاورة لسورية العمل على حماية المواقع الأثرية السورية ومنع تهريبها عبر أراضيها، والوقوف بحزم في وجه تخريب الإرث الحضاري الإنساني الذي تقوم به الآلة العسكرية السورية أو مافيا تهريب الآثار التي جزموا أنها “مشكَّلة من رجالاته”، وأشاروا إلى أن تراث سورية وأثارها المحفوظة في المتاحف تعاني من خطر النهب المنظم بسبب ضعف الرقابة التي أدت إلى سرقة عدد من الآثار من داخل المتاحف الأثرية في وضح النهار، إضافة إلى عمليات الحفر السري في المواقع والتلال الأثرية وتهريب كنوز سورية التاريخية

ناشدت المعارضة السورية المجتمع الدولي لـ “تحمّل مسؤوليته بتأمين الحماية اللازمة للمواقع والمباني والمتاحف التي تشكل تراثاً إنسانياً عالمياً وسورياً يمس الهوية الوطنية”، كما ناشدت المنظمات العالمية ممثلة بـ (اليونسكو) واتحاد الآثاريين العرب، (الدرع الأزرق)، (الإيكروم)، المتاحف العربية والعالمية، والجامعات العربية والعالمية ومعاهدها الأثرية، لـ “الوقوف بحزم بوجه الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الإرث الحضاري السوري من خلال إيجاد آليات ردع للسلطات السورية ووقف التعديات السافرة من قصف المواقع والمباني التاريخية وحفر بالآليات الثقيلة وتحويل القلاع إلى ثكنات عسكرية”

في أبريل الماضي، تعرّضت قلعة المضيق الواقعة قرب مدينة حماة (وسط سورية) إلى دمار كبير، وهي واحدة من القلاع الأكثر قدماً في المشرق، وأظهرت لقطات فيديو للقلعة التي يعود تاريخها إلى القرن الرابع قبل الميلاد وهي تتعرض للقصف

مدينة تدمر الأثرية، قبلة السياحة في سورية، والمصنفة من قبل منظمة اليونيسكو كموقع من مواقع التراث العالمي منذ عام 1980، تعرضت بدورها للقصف بالمدفعية كما أكّد ناشطون سوريون أن منطقة أفاميا الأثرية المسجلة على لائحة التراث العالمي في اليونسكو منذ عام 1999 تعرّضت لعمليات حفر سري عشوائي ونهب منظم في وضح النهار، وتم نهب الفسيفساء الرومانية الرائعة فيها، واستخدم اللصوص آليات ثقيلة لإنجاز عملهم، كما أكّد آثاريون أن جدران المعبد الآشوري في تلّ شيخ حمد في دير الزور قد تم تدميره تدميراً واسع النطاق، وهو يعود للعصر البرونزي

متحف حمص لم ينجُ من النهب وفقاً لتجار الآثار الذين أشاروا إلى أنه تمّ إغراق الأسواق في الأردن وتركيا بالقطع الأثرية الآتية منه، وتعرضت مدينة إيبلا الأثرية الواقعة في محافظة إدلب للنهب، وهي المدينة الآرامية التي عثر فيها على خمسة آلاف مخطوط حجري مكتوب بالخط المسماري

بالأسابيع الأخيرة طال القصف والتخريب قلعة حلب الأيوبية الشهيرة التي تعتبر تحفة فنية بين قلاع العالم، وكذلك آثار بصرى الرومانية والإسلامية، وتم تدمير بوابة دير الراهب بحيرا الذي له مكانة مميزة إسلامياً ومسيحياً على حد سواء

وتعرّضت دور العبادة القديمة، من جوامع وكنائس، في حمص ودرعا وحلب وريف دمشق لتدمير كبير نتيجة استهدافها بالمدفعية والطيران الحربي، فيما تعرّض قسم كبير من الأحياء والأسواق الأثرية القديمة في حمص وحماة وحلب للقصف المباشر

سعى بعض الثوار المسلحين من المعارضة للاحتماء وراء جدران القلاع القديمة هرباً من نيران الجيش الذي لم يتردد في قصفها للإجهاز عليهم، كما استخدم بعض الناشطين المساجد القديمة لإنشاء مشافي ميدانية واستُهدفت هذه المشافي الميدانية بأسلحة ثقيلة

في قلعة الحصن التي وصفها لورانس العرب بأنها أفضل قلعة في العالم، والتي لم يستطع صلاح الدين الأيوبي أن يستردها من الصليبيين، تحصّن بعض الثوار هرباً من ملاحقة القوات الأمنية والعسكرية، فقصفها الجيش بالمدفعية، ولحقت أضرار كبيرة بالكنيسة الصليبية داخلها

تم تدمير الجامع العمري في درعا مركز انطلاق الثورة السورية بعد أن حوّله الناشطون إلى مشفى ميداني، وهو الجامع الذي يعود إلى الفترات الإسلامية الأولى زمن الخليفة عمر بن الخطاب، ويُعتبر من روائع الآثار الإسلامية القديمة والمحتفظة بتفاصيلها المعمارية وهيكلها الأصلي

بسبب الوضع الأمني المتردي حالياً في سورية، هناك قلق فيما يتعلق بمستوى أمان وسلامة المتاحف السورية، والتي تحوي العديد من التحف والقطع الأثرية القيّمة، وهناك مخاوف من أن يتم استهدافها بالمدفعية السورية ـ خطأ أو عمداً ـ أو سرقتها من قبل لصوص يمكن أن يستغلوا هذا الوضع، ومن المعروف أن عمليات الجرد والتوثيق للآثار السورية وللمتاحف غير دقيقة، ما يعاني استحالة تتبع أثر هذه المقتنيات في حال تعرضت للسرقة، وستخسر سورية ستة آلاف عام من الحضارة والتاريخ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى