أحداث الجمعة، 5 تشرين الأول 2012
قوات المعارضة تتحدى حرس الأسد وتقتل «نخبة» من عناصره
دمشق، بيروت، ستراسبورغ – «الحياة»، أ ف ب، رويترز
في عملية تُظهر حجم اختراق قوات المعارضة السورية معاقلَ النظام السوري الأمنية وفي رسالة ثانية تحدّت فيها المعارضة القوات النظامية، قُتل 21 عنصراً على الأقل من «نخبة» الحرس الجمهوري السوري في تفجير أعقبه إطلاق نار في قدسيا غرب دمشق، وفق ما أكد ناشطون وشهود والمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وهذه أكبر خسارة في صفوف قوات الحرس الجمهوري منذ بدء الحركة الاحتجاجية في البلاد. كما أن عملية أمس هي العملية النوعية الثانية خلال 48 ساعة التي تتعرض فيها القوات النظامية لهجمات خطيرة في معاقلها، إذ قتل 48 عنصراً نظامياً أول من أمس في سلسلة تفجيرات قرب نادي الضباط وسط حلب.
وكان لافتاً أن العمليتين جاءتا مباشرة في أعقاب إعلان النظام تجهيز آلاف الجنود مدعومين بالآليات لشن هجمات حاسمة في حلب لاستعادة السيطرة عليها، وأخرى مماثلة في ريف دمشق لإنهاء وجود تنظيمات المعارضة فيه.
وقال المرصد السوري في بيان «ارتفع إلى 21 عدد عناصر الحرس الجمهوري الذين قتلوا إثر إطلاق رصاص واستهداف حافلة صغيرة واشتباكات في منطقة قدسيا».
ونقل المرصد عن مصدر طبي وشهود، أن عدد القتلى «مرشح للارتفاع، وأن سيارات الإسعاف تتوافد على مساكن الحرس الجمهوري في قدسيا».
وأفاد المرصد أن غالبية من سقطوا «قتلت في التفجير»، بينما قضى آخرون في اشتباكات مع مقاتلي المعارضة في قدسيا «التي تتعرض بعض مناطقها للقصف من قبل القوات النظامية التي تحاول السيطرة على المنطقة».
وقوات الحرس الجمهوري من قوات النخبة في سورية، وهي متمركزة في المناطق الحساسة والمهمة وتخضع لسيطرة مباشرة من كبار القيادات الأمنية في طليعتهم ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري.
وشهدت مناطق عدة في ريف دمشق أمس، قصفاً واشتباكات بين المقاتلين المعارضين والقوات النظامية التي «تحاول أن تحسم الوضع على الأرض والسيطرة على المنطقة، لكنها لا تنجح في ذلك» وفق المرصد السوري.
وفي حلب، أفاد المرصد أمس عن تعرض أحياء عدة، منها صلاح الدين وباب النصر والصاخور للقصف. كما قتل «ما لا يقل عن ستة من القوات النظامية إثر هجوم نفذه مقاتلون من الكتائب الثائرة المقاتلة على حاجزهم في حي صلاح الدين».
ودعت سورية مجلس الأمن الدولي إلى إدانة «الأحداث الإرهابية» التي شهدتها حلب، وذلك في رسالة بعثت بها إلى رئيس المجلس والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وذلك غداة تبني «جبهة النصرة الإسلامية» هجمات حلب الانتحارية. وكانت جبهة النصرة أعلنت في بيان نشرته مواقع جهادية، مسؤوليتها عن استهداف مراكز أمنية في ساحة سعدالله الجابري بوسط حلب، في عملية أطلقت عليها اسم «غزوة نسف الأوكار».
وأدت أعمال العنف في مناطق سورية مختلفة إلى سقوط 63 قتيلاً أمس غالبيتهم في ريف دمشق، وهم 24 مدنياً وثمانية مقاتلين معارضين و31 جندياً نظامياً، وفق المرصد.
إلى ذلك، نددت الجمعية البرلمانية في مجلس أوروبا في ستراسبورغ بـ «الجرائم ضد الإنسانية» التي ترتكب في سورية، داعية أوروبا إلى «بذل المزيد لمساعدة ضحايا النزاع». وأوصى النواب الأوروبيون الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بـ «اتخاذ التدابير لإقامة منطقة حظر جوي بهدف الحؤول دون قصف السكان المدنيين».
أنقرة تكتفي بـ«رسالة ردع» والمواجهة «عند الضرورة»
نيويورك – راغدة درغام؛ أنقرة – يوسف الشريف؛ اسطنبول، موسكو – رويترز، أ ف ب
انعكست أجواء المواجهة المتصاعدة بين سورية وتركيا في أعقاب قصف الجيش السوري قريةً حدودية تركية على أجواء السياسة الداخلية التركية، وأبرزت الخلاف القائم بين الحكومة وفريق من المعارضة في شأن حدود تدخل أنقرة في الأزمة السورية. واكتفت أنقرة بـ «رسالة ردع»ما يعني أن المواجهة ستحصل «عند الضرورة».
وعقد البرلمان التركي جلسة عاصفة أمس لمناقشة الطلب الذي قدمته حكومة رجب طيب أردوغان لمنحها تفويضاً موسعاً مدته عام يسمح للجيش بشن عمليات عسكرية خارج الحدود، على غرار ما يقوم به في شمال العراق. ووافق البرلمان على الطلب بغالبية 320 نائباً ضموا نواب الحكومة وحزب المعارضة القومي فيما رفض الطلب 129 نائباً من حزب السلام والديموقراطية الكردي وحزب الشعب الجمهوري اليساري. وشن هذا الحزب، الذي يدين بالولاء لأفكار أتاتورك، هجوماً لاذعاً على وزير الخارجية أحمد داود أوغلو قائلاً إن مغامراته الخارجية «تعود بالموت والخراب على تركيا» معتبراً أن سياسة العمق الاستراتيجي التي يبشر بها داود أوغلو قد أفلست. واتهم الحكومة بالسعي للزج بتركيا في حرب إقليميه لا مصلحة لها فيها. واضطرت الشرطة لاستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق تظاهرة شارك فيها مئات اليساريين على باب البرلمان للتعبير عن رفضهم منح الحكومة تفويضاً لاستخدام الجيش في عمليات خارجية تستهدف سورية، ورفعوا لافتات منددة بالحرب ومؤيدة للشعب السوري.
وبموافقة البرلمان على التفويض اعتبر وزير الخارجية أن «الرسالة وصلت إلى صاحبها» في إشارة إلى نية الحكومة الاكتفاء بقرار البرلمان الذي اعتبره داود أوغلو رادعاً قوياً لدمشق، فيما شدد نائب رئيس الوزراء بشير أتالاي على أن الضوء الأخضر الذي أعطاه البرلمان ليس تفويضاً بشن حرب و «أنه سيكون بمثابة رادع». وأكد مسؤولون في حزب العدالة والتنمية أن هذا التفويض لا يعني إعلان الحرب على سورية، خصوصاً في ظل وجود بعض التململ داخل الحزب الحاكم تجاه سياسة الحكومة فيما يتعلق بالملف السوري، إذ قال وزير الخارجية الأسبق وعضو حزب العدالة والتنمية الحاكم يشار ياكش إنه من الواضح أن القصف السوري على قرية أكتشه قالا لم يكن متعمداً وأن دعم حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي موقفَ تركيا لا يعطيها الحق في إعلان الحرب على سورية أو استخدام الجيش التركي للتدخل في النزاع الداخلي القائم هناك.
وكان نائب رئيس الوزراء التركي بشير أتالاي أكد أمس أن سورية اعتذرت عبر الأمم المتحدة عن الهجوم، الذي أسفر عن مقتل خمسة مدنيين في جنوب شرقي تركيا وقالت إن مثل هذا الحادث لن يتكرر. وقال أتالاي «أقرت سورية بما فعلت واعتذرت. قالوا إن مثل هذا الحادث لن يتكرر ثانية. هذا أمر جيد. توسطت الأمم المتحدة وتحدثت إلى سورية في المساء».
وفي نيويورك عطلت روسيا حتى مساء أمس تحرك مجلس الأمن لإصدار بيان يدين قصف الجيش السوري تركيا فيما ارتفعت وتيرة التحذيرات من تهديد النزاع في سورية للأمن والسلم الدوليين. وحذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من «ازدياد أخطار انتشار الأزمة السورية إلى الدول المجاورة وتفاقمها» لتشكل «تهديداً للأمن والسلم الدوليين». مشيراً إلى أن «الوضع داخل سورية بما فيه الهجوم الإرهابي الأخير في حلب يعزز أخطار النزاع الإقليمي». وقال في بيان إن الممثل الخاص المشترك الموفد إلى سورية الأخضر الإبراهيمي يجري اتصالات مع المسؤولين في تركيا وسورية «للتشجيع على خفض التوتر».
وأكدت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سوزان رايس أن تركيا «حليف رئيس للولايات المتحدة» وأن «القصف السوري عبر الحدود يجب أن يتوقف». وقالت إن تبعات عدم قدرة مجلس الأمن على التحرك «تزيد الوضع تدهوراً ليس فقط داخل سورية بل بالنسبة إلى الدول المجاورة لها أيضاً، بعدما تكرر الأمر نفسه مع لبنان والأردن وتركيا». وأضافت أن عمل مجلس الأمن «عطل ثلاث مرات بالفيتو» مشيرة إلى أن الولايات المتحدة «ستواصل تكثيف الضغط على نظام الأسد، والدعم المادي والسياسي للمعارضة، والعمل على جمع الأدلة على الجرائم تمهيداً لمحاسبة مرتكبيها».
وعن التحرك داخل مجلس الأمن قالت رايس إن مشروع البيان الذي وزع مساء الأربعاء «يعكس النقاط التي يجب أن يتضمنها» أي موقف لمجلس الأمن وفق «ما تتوقعه الحكومة التركية». وقالت إن التعديلات الروسية على نص مشروع البيان «غير مقبولة من الكثير من أعضاء المجلس» مشددة على ضرورة تحرك المجلس بسرعة حيال إصدار البيان.
وكانت أذربيجان وزعت مشروع بيان مساء الأربعاء يدين بموجبه مجلس الأمن (في حال تبنيه) «بأقسى العبارات قصف القوات المسلحة السورية القرية التركية ما أدى إلى مقتل خمسة مدنيين هم امرأة وأطفالها، وجرح آخرين». ووفق مشروع البيان «القصف يمثل شكلاً من أشكال انتشار الأزمة السورية إلى الدول المجاورة إلى درجة مخيفة» وزاد أن «مثل هذه الانتهاكات للقانون الدولي تعد تهديداً جدياً للأمن والسلم الدوليين، ويطلب أعضاء مجلس الأمن أن تتوقف فوراً».
ووفق النص نفسه يدعو مجلس الأمن «الحكومة السورية إلى الاحترام الكامل لسيادة الدول المجاورة وسلامة أراضيها». ويتطلب تبني مشروع البيان إجماعاً في مجلس الأمن وهو ما عطلته روسيا باقتراح مضاد تضمن تعديلات جوهرية في مشروع البيان بحيث وصف القصف بأنه «انطلق من الأراضي السورية» من دون الإشارة إلى الجيش السوري، كما أسقط عبارات «انتهاك القانون الدولي» و «تهديد الأمن والسلم الدوليين». وتابعت روسيا عبارة يدعو بموجبها مجلس الأمن «الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب الاشتباكات العسكرية التي قد تؤدي إلى تصعيد إضافي على الحدود السورية – التركية».
ووفق ديبلوماسي غربي فإن روسيا «أرادت نزع أي فعالية لبيان مجلس الأمن وقطع الطريق على أي متابعة إجرائية له من خلال إسقاط الإشارة إلى التهديد للأمن والسلم الدوليين». وتوقع أن تكون «المفاوضات طويلة وشاقة قبل التوصل إلى تسوية حول مشروع بيان يصدر عن المجلس».
وكانت تركيا دعت مجلس الأمن في رسالة رسمية إلى «اتخاذ الإجراءات المناسبة لإنهاء الأعمال العدائية» من «القوات المسلحة السورية» وللتأكد من أن سورية «تحترم سيادة تركيا وسلامة أراضيها وأمنها». واعتبرت أن «الأعمال العدائية المرتكبة من سورية ضد تركيا تعد انتهاكاً للقانون الدولي وخرقاً للأمن والسلم الدوليين».
وردت الحكومة السورية برسالة إلى مجلس الأمن أمس دعت فيها تركيا إلى «الحكمة والعقلانية واحترام السيادة الوطنية وعلاقات حسن الجوار والتعاون في ضبط الحدود المشتركة ومنع تسلل المسلحين الإرهابيين بين البلدين».
وقال بشار الجعفري السفير السوري في الأمم المتحدة في الرسالة التي سلم نسخة منها إلى الأمانة العامة، إن القوات التركية قصفت أراضيَ سورية على امتداد الليلة الفائتة «ما أدى إلى إصابة ضابطين سوريين، وإن القوات السورية مارست ضبط النفس ولم ترد على القصف التركي».
وقال إن «الجهات المعنية في سورية تدقق في شكل جدّي في مصدر النيران التي أدت إلى استشهاد مواطنة تركية وأولادها» مشيراً إلى أن ثمة «حالة دقيقة خاصة على الحدود لناحية وجود مجموعات إرهابية مسلحة غير منضبطة ولها أجندات وهويات مختلفة، تشكل خطراً على أمن سورية والأمن الإقليمي لدول المنطقة».
ودعا دول الجوار إلى «احترام السيادة الوطنية لسورية والتعاون في ضبط الحدود ومنع تسلل المسلحين والإرهابيين وفق ما تفعله سورية دائماً».
في المقابل بدا الانزعاج واضحاً على أهالي قرية أكتشه قالا أثناء زيارة وزير العمل التركي فاروق شيليك الذي قوبل بتظاهرة غاضبة وتساؤلات من المواطنين حول سبب الاهتمام الكبير باللاجئين السوريين مقابل إهمال وضع المواطنين الأتراك على الحدود مشيرين إلى تعرض قريتهم للقصف أكثر من مرة خلال الأيام العشرة الأخيرة من دون أن يدفع ذلك الحكومة لاتخاذ أية تدابير أمنية.
نازحون سوريون يشكون إغاثة هزيلة: الثورة ستستمر ولو أكلنا التراب
عرسال (شرق لبنان) – منال أبو عبس
بين آذار (مارس) الماضي وتشرين الأول (أكتوبر) الجاري تغيرّت عرسال كثيراً. البلدة الواقعة على الحدود الشرقية للبنان والمتاخمة لسورية، إذ تحدها محافظتا حمص وريف دمشق، صارت كأنها قرية من الريف السوري. خرجت عن هدوئها ورتابة عيشها، واكتظت منازلها التي لم يكتمل بناؤها كما دور العبادة فيها بالأطفال السوريين والنسوة، وقلة من الرجال العجّز والمرضى. عدد النازحين ارتفع خلال 7 أشهر من 327 عائلة إلى 1470 عائلة هرب أفرادها من دوامة العنف والقتل. 270 من هذه العائلات النازحة من سورية لبنانية، عاش أفرادها حياتهم سوريين في العلم والعمل، ونزحوا هرباً من آلة القتل إلى بلد آبائهم وأجدادهم، فما أخذهم البلد بالأحضان، ولا اعترفت المنظمات التابعة للأمم المتحدة بهم لاجئين، على قاعدة أن لا لاجئ في بلده. هؤلاء تركوا لمصيرهم ولمعاناة جعلت بينهم من يتمنى، حتى في هذه الظروف، لو كان سورياً!
«الحياة» جالت في عرسال ومحيطها للمرة الثانية منذ بدء حركة النزوح من سورية إلى البلدات اللبنانية القريبة من الحدود، ورصدت تغيراً في يوميات البلدة وأهلها والنازحين إليها، بدءاً من «استياء» الأهالي من تصوير بلدتهم مصدراً لـ «المقاتلين التكفيريين»، وموئلاً للمسلحين، وصولاً إلى ارتفاع حدة الخطاب الطائفي بين صفوف النازحين أنفسهم، إذ بات التصنيف المذهبي أكثر حضوراً، وأصبح من يومياتهم كما الأهالي رصد الجنازات التي يتكرر على ألسنة عدد منهم أنها يومية في القرى الشيعية المجاورة، لعناصر من «حزب الله» يقولون إنهم قضوا في القتال في سورية.
مزاحمة على الفقر
«لا طاقة لعرسال على تحمل المزيد»، تقول الحاجة الجالسة أمام دكان صغير في ساحة البلدة. تقصد النازحين السوريين الذين يتوافدون يومياً ويقطن معظمهم بيوتاً قيد الإنشاء موزعة بطريقة غير منتظمة في الأراضي الجردية الشاسعة. وتتحدث الحاجة عن مزاحمة السوريين لشباب البلدة الفقيرة في مصادر رزقهم القليلة، وإن كانت تبدي تعاطفاً إنسانياً كبيراً مع «مَن تركوا وراءهم بيوتهم وأرزاقهم هرباً من الموت».
في واحد من تلك البيوت غير المنجزة تعيش ثلاث عائلات سورية: 20 سورياً، بينهم 15 طفلاً. عدا عن الأرض والجدران يفتقر البيت إلى كل مسلتزمات السكن، لا أبواب ولا نوافذ ولا حتى إمدادات صرف صحي ومياه. يتراشق الأطفال بالحصى، ويرشقون صبياً يبدو أكبر سناً. الصبي يدعى محمد، عمره 14 سنة ولا يكف عن الضحك.
على فراش رقيق تجلس ثلاث نسوة نزحن وعائلاتهن قبل عشرة أيام من منطقة النظارية في ريف حمص. إحداهن من آل المصري تروي حكاية النزوح الشهيرة: «دخلنا إلى لبنان تهريب. مشينا لأيام على طرق وعرة حتى وصلنا إلى مشاريع القاع، ومنها إلى هنا». الرجال عادوا إلى سورية بعدما اطمأنوا إلى أوضاع عائلاتهم.
في عرسال تقول السيدة: «اهتموا بنا. الطبابة مؤمنة ومجانية»، أما الغذاء، فـ «الحصول عليه أكثر صعوبة. حين وصلنا أعطونا صندوق إعاشة واحد. وما فيه لا يكفي ولكن ما بيدنا حيلة. ليس بيننا شبان قادرون على العمل».
تشارك نازحة أخرى في الحديث، وتبدو أكثر استياء من ضآلة المساعدات. «اعطونا شيكات (كوبونات) لنصرفها ماء وطعاماً. لكننا نقتصد في صرفها كي تكفينا الكمية شهراً. حتى الخبز لم يصلنا منذ عشرة أيام حين وزعوا علينا ثلاث ربطات لتكفي عشرة أنفار».
يدور محمد في الغرفة ويضحك، فيما والدته التي تقيم في عرسال منذ أكثر من شهر، تجـــلس قبالته من دون أن تكف عن البكاء. والدة محمد زوجة ضابط في الجيش السوري من آل الصياصنة، من درعا. نسألها عن سبب بكائها، فتحتار من أين تبدأ.
تشير إلى ابنها الضاحك، وتسأل: «ما ذنب هذا الطفل ليفقدوه عقله»؟. محمد اقتادته القوات السورية من الصف السابع في المدرسة إلى المعتقل، بعد انشقاق والده عن الجيش. أودع الولد في السجن شهراً، تعرض خلاله للتعذيب ووالدته للابتزاز، للضغط على الوالد كي يسلّم نفسه.
يعيد محمد عبارات متقطعة عما حصل معه: «قال لي العساكر خلي أبوك يسلم حاله، أحسن ما نقوصك. جابوا عساكر دعسوا علي. قالوا لي إذا بدك تطلع على بيتك تلعب، قول وين أبوك. قلتـــلهم أبــوي ميت. جابوا صــورته وحــطوها قدامي. قلت هذا لا أعرفه. فضربوني وقالوا أنت واحد ابن ستين كلب». ويخرج محمد ليتراشق بالحصى مع الصغار.
تقول الوالدة إن ابنها «جنّ بعدما صعقوه بالكهرباء في رأسه مرات. اتصلوا بي وأسمعوني صوته وطلبوا أن أرشدهم إلى مكان والده، فرفضت. قلت لهم إن عندي تسعة أولاد آخرين وليس لي إلا زوج واحد. بعد شهر انشق أحد العناصر وهرّب معه محمد الذي هرّبته وأخوته إلى لبنان، وبعدها هرّب الشباب زوجي الذي صار مقعداً نتيجة إصابته».
ترفض الحديث عن إصابة زوجها، وتكتفي بالقول إنه «صاحب دين» أي أنه ينتمي إلى جماعة «الإخوان المسلمين». وتضيف: «ما الذي سأخاف عليه بعد هذا، عندي واحد جننوه والثاني أقعدوه… «الله ينتقم ممن ظلمنا، ويحرق قلبه جزاء ما فعله بنا… الآن نعيش في مسجد في رأس الجبل، تنقصنا الماء والكهرباء والتدفئة». ولكن، هل يدفعهم هذا الوضع لإعادة التفكير في الثورة؟ تجيب: «أبداً. ثورتنا لن نتراجع عنها. بشار ووالده ظلمونا 40 سنة، ولن نهدأ قبل أن يرحل». تروي كيف انطلقت الثورة من درعا «بعد اعتقال أطفال كتبوا على حائط إجاك الدور يا دكتور… لم يترك لنا ما نخاف عليه. أحلى شبابنا سقطوا شهداء، لكن الله سيعوضنا، ويقال إن كل شهيد يشفع لـ40 فرداً من عائلته. سنظل نحارب حتى يرحل. سنة وسنتين وثلاثاً، حتى لو أكلنا التراب».
نقص المياه مشكلة يتقاسمها النازحون مع الأهالي في عرسال، لكن غياب الإمدادات عن البيوت التي تؤوي النازحين يفاقم المشكلة، وتشكو أم حمزة من صاحب صهريج نقل المياه الذي «رفض الاعتراف ببطاقة الإعاشة، وطالب بأجرته نقداً».
إلى المياه، يتحسب النازحون لموسم الشتاء وهو قاسٍ في عرسال، والبيوت تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الصمود، من أبواب وشبابيك استعاض عنها الأهالي بقطع قماش، فضلاً عن الشكوى من عدم تأمين الكمية الكافية من الفرش والبطانيات «فيما الأطفال يرتجفون ليلاً من البرد والخوف».
لا مساعدات لبنانية لنازحي البقاع
الشكوى من عدم كفاية المساعدات لا تقتصر على النازحين، فمن خارج مبنى بلدية عرسال يمكن سماع النقاش الدائر في الداخل بين نائب رئيس البلدية أحمد الفليطي وناشطين في جمعيات أهلية ودولية، حول النواقص من أغطية شتوية وأغذية ومستلزمات الأطفال ووسائل تدفئة قبل حلول الشتاء.
يعرض الفليطي ملفاً دونت عليه عبارة: «مستعجل إنساني مأهول»، وفيه طلبات من مالكي 300 مبنى يقطنها نازحون، إلى المجلس النروجي لدعم اللاجئين الذي يتولى «تأهيل» المنزل بما يجعله صالحاً للسكن الاضطراري شرط قبول المالكين إسكان النازحين مدة لا تقل عن سنة من دون مقابل.
إلى المجلس النروجي تعمل جمعيات لدعم النازحين في عرسال، وليست بينها أي جمعية أو جهة حكومية لبنانية. المجلس الدنماركي لدعم اللاجئين يقدم مواد غذائية وحليباً للأطفال وحفاضات وأغطية وفرش. الهلال الأحمر الإماراتي ومؤسسة خليفة بن زايد يقدمان خبزاً ومواد غذائية.
اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي تساعد في نقل الجرحى السوريين وتأمين أغطية وفرش. «أطباء بلا حدود» والمنظمة الطبية الدولية تقدمان مساعدات صحية، وتغطيان 85 في المئة من كلفة العلاج والنسبة الباقية يغطيها أزهر البقاع، فيما تعمل منظمة «ACF» لتأمين مساعدات مائية وإيجاد حلول لأزمة غياب الصرف الصحي التي يُتوقع أن تؤدي إلى مشاكل صحية وبيئية.
تلك المنظمات تؤمن جزءاً كبيراً من حاجات النازحــين الســـوريين، وإن كانت ثمة شكاوى من عدم التنسيق بينها، ما يؤدي إلى فائــض في مواد معينة وغياب في أخرى أساسية. لكن هذا الأمر يكشف مشكلة أخرى، هي مشكلة اللبنانيين النازحين من ســـورية. فأولئك بحسب الجمعيات الدولية ليســـوا لاجئين بل لبنانيون، بالتالي لا يحق لهم الاستفادة مما يُقَدم للاجئين السوريين. وبالنسبة إلى الحكومة اللبنانية هم نازحون شأنهم في ذلك شأن السوريين في البقاع أي التجاهل التام.
هذه المشكلة يتحايل عليها المعنيون بأمر النازحين في عرسال بأن يحصلوا على تقديمات من جمعيات لا تتبع معايير الأمم المتحدة في تصنيف اللاجئين، كالهلال الأحمر الإماراتي ومؤسسة خليفة بن زايد ومؤســـسات أخرى لا تعمل بالتعاون مع البلدية، مثل مؤسسة «قطر الخيرية» التي تنشط عبر جمعية «الإرشاد والإصلاح» و«الجماعة الإسلامية» وغيرهم. ولكن، يبقى وضع اللبنانيين أكثر صعوبة من أوضاع النازحين السوريين.
ليس بيننا مسلحون
يبدي أهالي عرسال تخوفاً من زج بلدتهم في الصراع السياسي على الأزمة في سورية. ويكثر بينهم من يحمّل المسؤولية للسلطات اللبنانية الغائبة عن ضبط الحدود، على رغم عدم وجود نقاط خلاف بين لبنان وسورية على طول الحدود في عرسال. مع ذلك يؤكد عدد من أبناء البلدة أنهم لم يشاهدوا مسلحين بين النازحين إلى البلدة ومحيطها، وإن كانت الأنباء عامة عن نقل جرحى عبر مشاريع القاع إلى عرسال، ومنها إلى المستشفيات لتلقي العلاج. هؤلاء وفق تأكيد البلدية يعودون إلى بلادهم، ولكن خمسة منهم ماتوا جراء الإصابة ودفنوا في عرسال بسبب عدم القدرة على نقل جثثهم إلى سورية.
كما دفنت في البلدة امرأتان واحدة مسنة وأخرى كانت مصابة بمرض السرطان في حين أعيد آخرون إلى سورية بعد تقديم رشوة إلى حرس الحدود.
لبنانيون يتمنون لو كانوا سوريين!
في الطبقة الثانية من منزل يملكه عضو في البلدية، تقطن عائلة لبنانية نزحت هرباً من القصف في بلدة جوسية السورية. العائلة مؤلفة من أب وأم وسبعة أطفال. يعمل الأب راعي ماشية يملكها أحد أبناء عرسال مقابل 300 ألف ليرة لبنانية (200 دولار) شهرياً، بينما يعمل ثلاثة من الأولاد في ورشة لبيع قطع السيارات المستعملة في البلدة.
تغيّب الأولاد عن المدرسة لعامين بسبب الأحداث في سورية. وعلى رغم قبول المدارس الرسمية تسجيل النازحين فيها، فإن كلفة الكتب وحدها لا طاقة للأهل على تحمّلها، فكيف إذا أضيف إليها بدل النقل (60 ألف ليرة لكل تلميذ).
تتحدث السيدة عن وضع عائلتها في سورية: «لم نكن من ذوي الأملاك، لكننا خسرنا بيتنا وعملنا وهربنا إلى عرسال، لنبدأ من الصفر». تحمل عتباً على البلد الذي تحمل هويته، وتقول: «دولتنا لم تنظر إلينا. والجمعيات تهتم بأمور السوريين فقط»، مشيرة إلى أن في سورية كثيرين من أصل لبناني عاشوا حياتهم سوريين واحتفظوا بالجنسية اللبنانية، فقط للتهرب من الخدمة العسكرية التي تصل في سورية إلى ثلاث سنوات ونصف السنة بينما لا تتعدى في لبنان السنة.
اللبنانيون الذين «تهجروا من سورية كما السوريون» متروكون لمصيرهم، فإن كانت المساعدات المقدمة إلى السوريين من مأوى إلى مأكل ومشرب ومدارس وطبابة، لا تكفي، فكيف حال مَن لم يُقدَّم إليهم شيء، سواء من مؤسسات بلدهم، أو من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التي تقدم شهرياً لكل فرد سوري (معدل أفراد العائلة هو 5) 46500 ليرة لبنانية. «لا أحد ينظر في وضعنا، وإذا قصدنا المستوصف للعلاج، يكون ذلك على نفقتنا»، تضيف السيدة.
الجيش السوري النظامي يعلن سيطرته على دوار الصاخور في حلب
دمشق- يو بي أي
أعلن الجيش السوري النظامي، سيطرته على منطقة دوار الصاخور في حلب.
وتشهد حلب معارك بين الجيش السوري والمجموعات المسلحة منذ حوالي الشهرين وقد شهدت المدينة تفجيرات سيارة مفخخة أدت إلى مقتل 35 وجرح 122 شخصا.
عرض قوة تركي في وجه سوريا لا يرقى إلى شنّ حرب
واشنطن مرتاحة إلى الردّ “الملائم” ومجلس الأمن يندّد بالقصف
نيويورك – علي بردى / العواصم – الوكالات
أردوغان استقبل نائب الرئيس الايراني وحذّر من اختبار صبر تركيا
دمشق عزّت أنقرة بضحايا أكجاكالي ونفت تقديمها اعتذاراً
وجهت تركيا الى سوريا رسالة واضحة تضمنت عرضاً للقوة بقصف متواصل للجيش التركي استمر ساعات لمواقع الجيش السوري التي يعتقد ان قذيفة الهاون التي سقطت في قرية أكجاكالي التركية قد انطلقت منها الاربعاء، وبالتفويض الذي حصلت عليه الحكومة لشن عمليات عسكرية داخل الاراضي السورية “عند الاقتضاء”. لكن أنقرة حرصت على عدم الذهاب الى النهاية في تصعيد ردها، إذ أوضحت ان تفويض مجلس النواب لا يشمل شن حرب. وفيما اعلن الجانب التركي انه تلقى اعتذاراً من السلطات السورية، قالت دمشق انها لم تقدم اعتذاراً وانما قدمت تعازي بالضحايا الخمس التي سقطت في اكجاكالي في انتظار استكمال التحقيق الذي تجريه.
وعلى رغم التوتر الحدودي بين سوريا وتركيا، تجلى التناقض في المواقف الدولية مجدداً في تعطيل روسيا صدور بيان من مجلس الامن يندد بالقصف السوري. وأبدت واشنطن ارتياحها الى الرد التركي الذي رأت انه كان ملائماً ومتناسباً.
أردوغان
وصرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نائب الرئيس الايراني محمد رضا رحيمي الذي وصل الى انقرة في مسعى للتهدئة، ان “كل ما نريده في هذه المنطقة هو السلام والامن. تلك هي نيتنا. لا ننوي خوض حرب مع سوريا”. واضاف ان “احدى افضل الوسائل لمنع الحرب هو الردع الفاعل”، موضحاً ان تصويت مجلس النواب التركي يهدف الى تحقيق هذا الردع.
لكنه حذر دمشق من مغبة اختبار صبر تركيا. وقال: “ان الجمهورية التركية دولة قادرة على حماية مواطنيها وحدودها، فلا يخطرن ببال احد ان يختبر عزيمتنا في هذا الشأن”. وذكَر بان تركيا تعرضت سبع مرات تواليا لاطلاق نيران من سوريا قبل ان يقع الحادث الدامي الاربعاء، ولم ترد حتى الآن.
وفيما كان مجلس النواب التركي منعقدا في أنقرة، تظاهر العشرات من المواطنين الاتراك رافعين لافتات ترفض الحرب مع سوريا. ومساء، تظاهر مئات الاتراك في ساحة تقسيم باسطنبول بدعوة من احزاب يسارية، رفضا لاحتمال اندلاع حرب مع سوريا. وكتب في لافتة عملاقة رفعها المتظاهرون: “لا للحرب”.
ووصفت الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نيولاند رد تركيا على اطلاق قذائف سورية على أراضيها بأنه “ملائم” و”متكافىء”، داعية مع ذلك الى تفادي التصعيد بين الدولتين، مشيرة الى ان انقرة حذرت مراراً من انها سترد على اي انتهاك لأراضيها.
مجلس الأمن
وفي نيويورك، أصدر مجلس الأمن بياناً صحافياً ندد فيه بالقصف السوري ودعا دمشق إلى احترام القانون الدولي. وكانت روسيا أدخلت تعديلات على نص مشروع البيان غير الملزم المندد بالقصف السوري في اتجاه الأراضي التركية.
وينطوي البيان الصحافي غير الملزم الذي قدمته أذربيجان، على “التنديد بأشد العبارات” بالقصف الذي قامت به القوات السورية لبلدة اكجاكالي، مما أدى الى مقتل خمسة مدنيين، جميعهم من النساء والأطفال، وجرح آخرين. وإذ عبر عن تعازيه للحكومة التركية وشعبها وذوي الضحايا، رأى أن هذا الحادث “يقدم برهاناً على امتداد الأزمة في سوريا الى الدول المجاورة بدرجه مقلقة”. وأوضح أن “هذه الانتهاكات للقانون الدولي تشكل تهديداً خطيراً للأمن والسلم الدوليين”، مطالباً “بوقف هذه الإنتهاكات فوراً”. ودعا الحكومة السورية الى “احترام كامل لسيادة الدول المجاورة وسلامة أراضيها”.
وقال المندوب البريطاني الدائم لدى الأمم المتحدة السير مارك ليال غرانت لـ”النهار” إن “روسيا طلبت تعديلات غير مقبولة، منها مثلاً أن يبقى مصدر القصف في اتجاه تركيا مجهولاً، علماً أن سوريا اعترفت بمسؤوليتها”. وأضاف أن “روسيا أبدت تحفظاً عن عبارة أن هذه الانتهاكات تشكل تهديداً خطيراً للأمن والسلم الدوليين، واقترحت تعديلات من شأنها إضعاف النص”.
كذلك أفادت نظيرته الأميركية سوزان رايس أن أعضاء مجلس الأمن لم يرحبوا بالتعديلات الروسية، قائلة إن “غالبية هذه التعديلات، بشكلها الأولي، لا تعتبر مقبولة”. وأضافت أن “المنسقين السياسيين يتفاوضون، ويعملون على النص”، وأنه “من المهم جداً أن يتكلم المجلس بوضوح وسرعة للتنديد بهذا القصف”، لأنه “يبعث على القلق الشديد”.
وبناء على تعليمات من حكومته، وجه المندوب السوري الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري رسالة في نسختين متطابقتين الى رئيس مجلس الأمن للشهر الجاري المندوب الغواتيمالي غيرت روزنتال والأمين العام للمنظمة الدولية بان كي – مون، جاء فيها أن السلطات في دمشق “تدقق بشكل جدي في مصادر النيران التي أدت الى استشهاد مواطنة تركية وأولادها”، موضحاً أن الحكومة السورية قدمت “التعازي الحارة الى عائلة الشهداء والى الشعب التركي الصديق والشقيق”. وإذ أشار الى رد القوات التركية الذي أدى الى “اصابة ضابطين سوريين”، دعا الى “تعاون الحكومة التركية بضبط الحدود لما فيه مصلحة الطرفين”.
وأبلغ الجعفري الصحافيين لاحقاً أن الرسالة لم تتضمن اعتذاراً لأن التحقيق لا يزال مستمراً.
ووجهت وزارة الخارجية السورية أيضاً رسالتين متطابقتين الى رئيس مجلس الامن والأمين العام للأمم المتحدة عن الانفجارات التي تعرضت لها مدينة حلب. وقالت إنها “تتطلع الى ادانة مجلس الأمن الأحداث الإرهابية التي ضربت مدينة حلب… بشكل صريح وواضح وإدانة من يقف خلفها”، معتبرة أن “الاستمرار في ممارسة سياسة المعايير المزدوجة التي ميزت سلوك الولايات المتحدة وفرنسا والمانيا والمملكة المتحدة وحلفائها (يمثل) تأكيداً جديداً للمدى البعيد الذي ذهب اليه بعض الأطراف الاقليميين والدوليين في تورطهم بما تشهده سوريا”.
ورفضت غالبية أعضاء مجلس الأمن الاستجابة لمشروع قرار روسي للتنديد بانفجارات حلب.
بان كي – مون
وصرّح الناطق بإسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون بإنه “قلق من تصاعد التوتر على طول الحدود السورية – التركية”، وأنه “يخشى امتداد الأزمة السورية الى البلدان المجاورة”، كما حصل مع تركيا. وقال إنه مع “زيادة تدهور الوضع داخل سوريا، بما في ذلك التفجيرات الإرهابية الشنيعة في حلب هذا الاسبوع والتي قتل فيها عشرات الأشخاص، بينهم مدنيون، تتزايد أيضاً الأخطار من حصول صراعات اقليمية تهديدات للسلم والأمن الدوليين”. وأكد أن الممثل الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في سوريا الأخضر الإبرهيمي، على اتصال مع مسؤولين من تركيا وسوريا “لتشجيع تخفيف التوتر”.
ودعا الاطراف الى ضبط النفس.
إجماع دولي يمنع تمدّد شرارة حرب سوريا إلى الخارج
تراجعت احتمالات انتشار شرارة القصف التركي ـ السوري، بعدما انهالت دعوات التهدئة وضبط النفس من حلف شمال الأطلسي إلى الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا وإيران والصين بالاضافة الى الامم المتحدة، بينما بدا ان الحرب السورية محكومة بضوابط الجغرافيا السورية، وممنوعة من التمدد الى دول الجوار.
هكذا يمكن اختصار الساعات الـ24 الماضية، التي تلت سقوط القذيفة السورية اليتيمة، والقصف الذي شنه الجيش التركي على مواقع سورية. وبعدما سارعت دمشق الى تقديم العزاء بالقتلى الاتراك الخمسة واعلنت فتح تحقيق في الحادث، فان انقرة التي صعدت لهجتها، وتبنى برلمانها مذكرة تجيز لحكومة رجب طيب اردوغان، شن عمليات داخل الاراضي السورية، حرصت على التوضيح مباشرة ان المذكرة لا تعني قرارا بشن حرب. وبينما كان نائب الرئيس الايراني محمد رضا رحيمي يلتقي اردوغان، كانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون تجري اتصالا بنظيرها التركي احمد داود اوغلو، بينما اعتبرت واشنطن ان الرد التركي كاف.
وفي بيان صدر فجر اليوم، دان مجلس الأمن الدولي «بأقسى العبارات القذائف التي أطلقتها القوات السورية»، لكنه دعا من جهة ثانية، إلى «ضبط النفس».
وقال أعضاء في عدة بعثات في الأمم المتحدة إن مجلس الأمن توصل إلى توافق حول نص البيان، الذي جاء وسطاً بين مشروع تسانده القوى الغربية ونسخة مخففة وزعتها روسيا.
وتضاربت التصريحات السورية والتركية حول ما إذا كانت دمشق «اعتذرت» لأنقرة حول مقتل المدنيين الخمسة بقذيفة أمس الأول. ونفى مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري أن تكون بلاده اعتذرت عن سقوط القتلى، مشيرا الى ان التحقيق في الحادث ما زال مستمرا، موضحا أن «وزير الإعلام عمران الزعبي قدم التعازي باسم الحكومة للشعب التركي، وهو لم يقل إن سوريا تعتذر ولم يقدم أي اعتذار»، مجدداً تقديم التعازي للشعب التركي «الشقيق».
وقال الجعفري، في نيويورك، إن سوريا «لا تسعى وراء التصعيد مع أي من جيرانها، بما في ذلك تركيا»، مضيفا إن «الحكومة السورية لها مصلحة حاسمة في المحافظة على علاقات حسن الجوار مع تركيا». وتابع «في حال وقوع حادث حدودي بين دولتين، يجب أن تتحرك الحكومتان بطريقة حكيمة وعقلانية».
ودعا تركيا إلى «التعاون من اجل مراقبة الحدود» المشتركة بهدف منع «تسلل مجموعات مسلحة»، متهما بعض هذه المجموعات بتنفيذ اعتداءات في سوريا. وأوضح أن القصف التركي على مواقع سورية من الجانب الآخر من الحدود «جرح مسؤولين عسكريين سوريين اثنين».
وأكد الجعفري أن الحكومة السورية قدمت «اصدق تعازيها» وفتحت «تحقيقا جديا حول مصدر» إطلاقها، مضيفا إن «التحقيق لم ينته بعد». وأعلن انه سلم رئيس مجلس الأمن الدولي لهذا الشهر سفير غواتيمالا غيرت روزنتال رسالة توضح الموقف السوري إضافة إلى رسالة أخرى تطلب من مجلس الأمن إدانة التفجيرات الإرهابية في سوريا.
تركيا
وأكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، في مؤتمر صحافي مشترك مع نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي في أنقرة، أن بلاده «لا تنوي خوض حرب مع سوريا». وقال «كل ما نريده في هذه المنطقة هو السلام والأمن. تلك هي نيتنا. لا ننوي خوض حرب مع سوريا»، لكنه حذر دمشق من مغبة اختبار صبر تركيا. وقال إن «الجمهورية التركية دولة قادرة على حماية مواطنيها وحدودها، فلا يخطرن ببال احد أن يختبر عزيمتنا في هذا الشأن». وذكرت وكالة «ارنا» ان رحيمي عقد اجتماعا مغلقا مع وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو.
ووافق البرلمان التركي، في جلسة طارئة، على طلب الحكومة منح الجيش إذنا لشن عمليات في سوريا «اذا اقتضى الامر» بأكثرية 320 نائبا في مقابل 129 (من اصل 550 نائبا). وسارع نائب رئيس الحكومة بشير اتالاي الى التأكيد ان هذا التفويض «ليس تفويضا بشن حرب»، بل سيكون بمثابة «رادع» لعدم تكرار هذا الحادث الحدودي. وأضاف ان «الجانب السوري اعترف بما فعل واعتذر»، ووعد بان «هذه الحادثة لن تتكرر» وذلك بعد وساطة من الأمم المتحدة بين أنقرة ودمشق (تفاصيل ص 15 ).
مواقف دولية
وصدرت سلسلة مواقف دولية تدعو إلى ضبط النفس، أبرزها من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي اعرب عن «قلقه حيال تصعيد التوتر على الحدود»، وطالب «كافة الاطراف المعنية بالتحلي بأقصى درجات ضبط النفس».
وقال مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية حسين أمير عبد اللهيان إن «إيران تطالب الطرفين بضبط النفس والتحقيق في الحادثة، واخذ أهداف الأعداء في المنطقة في الحسبان»، بينما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف «لقد اتصلنا بواسطة سفيرنا بالسلطات السورية التي أكدت لنا، وكذلك للمبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي، أن ما جرى على الحدود مع تركيا هو حادث مأساوي وانه لن يتكرر أبدا»، مضيفا «نعتبر انه من الضروري أن تعلن دمشق هذا رسميا». وأعلن انه «يرى ضرورة أن تسوي السلطات السورية والتركية المشاكل من خلال اتصالات مباشرة بين الجانبين».
وقالت وزارة الخارجية الصينية، في بيان، «نناشد كل الأطراف المعنية بما في ذلك تركيا وسوريا التحلي بضبط النفس والامتناع عن أي تحرك يؤدي إلى تصعيد التوتر بغية الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة».
وبعدما أبدت الولايات المتحدة على لسان وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون، امس الاول، «غضبها» ازاء الحادث الذي يشكل «مثالا جديدا على السلوك المارق» للنظام السوري، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند ان واشنطن تعتــبر أن رد تركيا على سقوط القذيــفة على أراضيها كان ملائما ومتناســبا ويهــدف لردع أي انتهاكات أخرى لسـيادتها.
وقال المتحدث باسم البنتاغون جورج ليتل «نأمل ألا يتطور ذلك الى نزاع اكبر». واضاف «نحن مستاؤون مما يرتكبه النظام السوري على طول الحدود مع تركيا ونقف الى جانب حلفائنا الاتراك»، مشددا على اهمية «احترام الحق في الدفاع عن النفس الذي مارسته تركيا».
وفي حين دعت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل انقرة الى «الاعتدال» في ردها، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن إطلاق القذائف من سوريا على الاراضي التركية «يطرح تهديدا جديا على السلام والامن الدوليين»، بينما اكد نظيره البريطاني وليام هيغ ان الاستهداف السوري لتركيا هو امر «غير مقبول».
وقال هيغ لوكالة «رويترز» إن الرد التركي «مفهوم»، لكنه حذر من أي تصعيد.
وحذر الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي «من مغبة هذا التطور الخطير للأحداث على الحدود التركية – السورية، وما يحمله ذلك من تهديد خطير للسلم والأمن في المنطقة والأمن العالمي»، بينما دعا وزير خارجية مصر محمد كامل عمرو «الحكومة السورية لضمان عدم الاعتداء على حدود الدول المجاورة».
وكان حلف شمال الأطلسي طالب سوريا بالوقف الفوري «للأعمال العدوانية» في حق تركيا. وقال سفراء الحلف في بيان ان القصف «يمثل سببا لأكبر القلق للحلفاء الذين يدينونه بقوة».
واعتبر نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي دان ميريدور، في باريس، انه يجب اعتبار إطلاق قذيفة هاون من سوريا على بلدة تركية «هجوما على عضو في الأطلسي». وقال «على المرء أن يقول ان هذا وفقا لمعاهدة حلف شمال الأطلسي كان هجوما على عضو في الحلف، وهذا يعني (على) فرنسا».
ميدانياً
اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان، في بيانات، «مقتل 97 شخصا، هم 36 مدنيا و40 جنديا نظاميا و21 مقاتلا معارضا»، مشيرا الى مقتل «21 عنصرا من الحرس الجمهوري في تفجير اعقبه اطلاق نار في قدسيا بريف العاصمة».
وذكر التلفزيون السوري ان «قواتنا المسلحة تعلن منطقة سليمان الحلبي بحلب منطقة آمنة بعد تطهيرها من المجموعات الارهابية المسلحة».
(«السفير»، ا ف ب، ا ب،
رويترز، ا ش ا)
إفلاس السياسة التركية في سوريا: «مذكرة حرب» مؤجلة!
محمد نور الدين
لا يعتبر الحادث الذي أسفر عن مقتل خمسة أشخاص أتراك داخل الأراضي التركية بقذيفة سورية، خطيرا من أي زاوية نُظر إليه. فسقوط قذائف سورية داخل تركيا ليس بالأمر الجديد وهو يتكرر دائما، وغالبا ما لا يعلن عنه.
والحادث أكثر من طبيعي في سياق المعارك بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة. وهو شبيه جدا بما يحدث على الحدود السورية ـ اللبنانية، وأحيانا مع الأردن. لكن أحدا لا يمكنه اعتبار الحادثة سببا لتوتر شديد وربما للحرب. فهذا يحدث في كل حالات النزاعات العسكرية.
لكن المشكلة باتت معروفة، وهي أن القلوب ملآنة في الجانب التركي، وحكومة حزب العدالة والتنمية تشعر بخطورة استمرار المأزق الذي أوقعت نفسها فيه من جراء تورطها في الصراع الداخلي في سوريا، وتريد الخروج منه بالمزيد من التوتير وصولا إلى الحرب. لكن هل تنجح في ذلك؟
1 ـ ليس واضحا مصدر القذيفة، هل من الجيش النظامي أم «السوري الحر». ولو افترضنا أنها من الجيش النظامي، فهذا لا يجعل الحادثة خطيرة في سياق المعارك الدائرة. بل إن رئيس حزب السلام والديموقراطية الكردي صلاح الدين ديميرطاش كانت لديه الجرأة ليقول إن الحادثة كانت عبارة عن مجزرة مدبرة لتمرير المذكرة في البرلمان، ولأن أردوغان من اجل أنانياته الشخصية ليكون رئيسا للجمهورية مستعد لفعل أي شيء هو الذي ادخل تركيا في مناخ حرب فعلية حتى قبل استصدار المذكرة بأشهر.
2 ـ إن تركيا تحصد نتائج تورطها العسكري في الشأن السوري. إذ ما دام «الجيش السوري الحر» يتحرك بحرية من داخل تركيا إلى سوريا وبالعكس، فمن طبيعة الأمور أن تنشأ مثل هذه الحوادث. ولو أن تركيا لم تسمح وتشجع نشوء هذا الوضع على حدودها، لما كانت تسمع طلقة رصاص واحدة ولا وجود لاجئ واحد، ولا خسارة ليرة واحدة اقتصاديا.
3 ـ من المستهجن والمستغرب أن تبادر حكومة حزب العدالة والتنمية إلى أن تطلب من البرلمان التركي السماح للحكومة أن تستخدم القوة العسكرية في الأراضي السورية، على غرار المذكرة التي أجازها لها البرلمان بالنسبة للتوغل داخل الأراضي العراقية. إذ أن سوريا لم تعتدِ على الأراضي التركية ولا على الجيش التركي، وسقوط قذيفة عرضية لا يستدعي هذا التدبير.
إن إجازة البرلمان التركي، امس، استخدام القوة داخل سوريا هو تصعيد خطير، ليس الآن بل عندما ترى أنقرة أن الظروف مناسبة لاستخدام هذه الورقة. وأعتقد أن مثل هذه المذكرة التي تعارضها المعارضة التركية هي بمثابة إعلان حرب على سوريا، بل عدوان، لأن القوات السورية لم تهدد يوما السيادة التركية. وماذا لو فعل البرلمان السوري الأمر نفسه، واتخذ قرارا يعتبر أن من حق القوات السورية ملاحقة المسلحين الذين يهددون أمنها داخل الأراضي التركية؟ أوليس دعم تركيا للمعارضة السورية المسلحة واستخدام هؤلاء للأراضي التركية يبرر مثل هذا القرار عن البرلمان السوري؟.
4 ـ حبذا لو أن رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان، الذي استشهد بالسلطان محمد الفاتح والسلطان ألب ارسلان، تمثل بسيرتهم (ولا سيما ألب ارسلان الذي أعلن استعداده للشهادة بوجه الروم البيزنطيين عام 1071 ميلادية)، وأعلن النفير العام دفاعا عن الأتراك التسعة الذين سقطوا على يد الجنود الإسرائيليين في حادثة «أسطول الحرية» في نهاية أيار العام 2010. حينها لم يقطع اردوغان علاقاته الديبلوماسية مع إسرائيل، بل ازدادت تجارة تركيا معها كل سنة بنسبة 35 في المئة. ولم يدفع البرلمان التركي لاستصدار مذكرة تجيز للحكومة استخدام القوة تجاه أي تهديد إسرائيلي. وفي ذلك تطبق حكومة اردوغان سياسة «رحماء على الأعداء وأشداء على الأقرباء».
5 ـ لقد قلنا سابقا إن بضع رصاصات أو قذائف كانت كافية لكي تستنجد تركيا بحلف شمال الأطلسي، وهو النموذج الذي جعلنا نعترض على تنصيب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل تركيا الأطلسية زعيمة للعالم الإسلامي. فيما كان الأحرى بأردوغان أن يستنجد بالأطلسي ليرد عدوان إسرائيل على سفينة «مرمرة».
لكن القاصي والداني بات يعرف أن تركيا تتبع سياسة حافة الهاوية، أملا في استدراج الغرب والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إلى الموقف التركي والعدوان على سوريا. تركيا وحدها لن تتجرأ على الهجوم على سوريا بمفردها، حيث أن من 60 إلى 90 في المئة من الرأي العام التركي هم ضد التدخل العسكري في سوريا.
لكن الحركة التركية في تضخيم حادثة القذيفة في اكجاكالي لن تلقى آذانا صاغية لا في واشنطن ولا في بروكسل (مقر الأطلسي). فقد اعلن الحلف أكثر من مرة انه لن يتدخل في سوريا، وواشنطن ليست في وارد التدخل ايضا، لا قبل الانتخابات الرئاسية ولا بعدها، لأن هناك عامل روسيا وايران في الوضع السوري. لذلك تبدو الحركة التركية التضخيمية لما جرى في غير محلها ولن تصل الى أية نتيجة.
6 ـ وإذا كان من وظيفة لمذكرة الحرب التي أقرها البرلمان التركي بغالبية عارضها حزب الشعب الجمهوري وحزب السلام والديموقراطية، ولم يحضرها العديد من نواب حزب العدالة والتنمية، فهي وظيفة آنية تتصل بظروف المعركة على حلب، ولا سيما أن استصدار المذكرة جاء بعد ظهور أنباء أن النظام في سوريا سيرسل 30 ألف جندي إلى حلب مع دبابات ومدافع، وهو ما قد يحسم معركة حلب نهائيا لصالح النظام وما يستتبعه من تمدد قوات النظام إلى الحدود التركية، ما يعتبر فشلا ذريعا لـ«الجيش السوري الحر» ويفقده تركيا كقاعدة إمداد، كما يفقد تركيا اية ركائز مادية على الأرض لتحويل مناطق من شمال سوريا الى مناطق عازلة او الى بنغازي جديدة. من هنا فإن استصدار هذه المذكرة هو لتشتيت تركيز الجيش السوري على معركة حلب ومحاولة انقاذ «الجيش الحر» من خسارة حلب نهائيا ومن بعدها كل الأراضي المحاذية للحدود التركية وجعل الجيش السوري ينشغل بالتهديدات التركية ويشتت تركيزه على أكثر من جبهة.
سيجد المسؤولون الأتراك انفسهم بعد أيام، وليس أسابيع، انهم لا يزالون غارقين في حفرة المأزق ذاتها، وأن الخروج منها يحتاج الى مراجعة جذرية لكل سياساتهم السورية والشرق اوسطية والابتعاد عن أوهام هيمنة العثمنة والسلجقة، والاعتراف بأن الماضي بات من الماضي وبأن شعوب الإمبراطورية لم تعد رعايا بل مستقلة وحرة. وكل ما تفعله تركيا الآن انها تراكم ما تعتبره ملفا أمنيا وعسكريا لاتخاذه ذريعة للتدخل العسكري اذا اختمرت ظروف هذا التدخل، وهو ما يعتبر «إعلان سوء نوايا» مستقبلية تجاه سوريا، فيما مذكرة البرلمان هي «اعلان حرب» مؤجلة.
موسكو تطالب أنقرة ودمشق بفتح قناة اتصال مباشرة بينهما
القاهرة و«الجامعة العربية» تحذران من توسع النزاع السوري
رصت الدول الغربية صفوفها خلف تركيا، أمس، غداة مقتل 5 أتراك بقذيفة سورية، غير انه من غير المرجح أن يؤدي هذا التصعيد إلى تدخل عسكري لأعضاء حلف شمال الأطلسي، وفي طليعتهم الولايات المتحدة.
وفي حين انتقدت القاهرة والجامعة العربية القصف السوري للأراضي التركية وتحذيرهما من توسع النزاع، طلبت موسكو من أنقرة ودمشق فتح قناة اتصال مباشرة بينهما لحل أي خلاف، بينما حثت طهران الدولتين على ضبط النفس.
وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، في بيان، «عن قلقه البالغ إزاء الاعتداء الذي تعرضت له بلدة أكجاكالي التركية على الحدود مع سوريا». وحذر «من مغبة هذا التطور الخطير للأحداث على الحدود التركية ـ السورية، وما يحمله ذلك من تهديد خطير للسلم والأمن في المنطقة والأمن العالمي».
وقال وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، في بيان، إن «سوريا يجب أن توقف إراقة الدماء على أرضها». ودعا «الحكومة السورية لضمان عدم الاعتداء على حدود الدول المجاورة»، محذرا «من المخاطر الجمة التي تحدق بالمنطقة بأسرها جراء احتمالات اتساع نطاق الأزمة السورية».
وأكد عمرو «استمرار مساعي مصر لوقف نزف الدم في سوريا، وذلك من خلال الاتصالات العاجلة التي تجريها مع جميع القوى الإقليمية والدولية في هذا الشأن»، مشددا على «مسؤولية الحكومة السورية عن وقف إراقة الدماء ووقف دائرة العنف، والحيلولة دون اتساعها».
طهران وموسكو
وقال مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية حسين أمير عبد اللهيان ان «إيران تطالب الطرفين بضبط النفس والتحقيق في الحادثة، واخذ أهداف الأعداء في المنطقة في الحسبان». وأضاف «على الطرفين اخذ المتطرفين المسلحين والمجموعات الإرهابية في المنطقة في الاعتبار. امن المنطقة يعتمد على تعزيز ضبط الحدود السورية». وأضاف إن «صون سيادة الأراضي التركية والسورية وضبط النفس، هما الضرورة الأولى لدعم وتعزيز إرساء الأمن والاستقرار».
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في إسلام آباد، «لقد اتصلنا بواسطة سفيرنا بالسلطات السورية التي أكدت لنا، وكذلك للمبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي، أن ما جرى على الحدود مع تركيا هو حادث مأساوي وانه لن يتكرر أبدا»، مضيفا «نعتبر انه من الضروري أن تعلن دمشق هذا رسميا».
وأعلن لافروف انه «يرى ضرورة أن تسوي السلطات السورية والتركية المشاكل من خلال اتصالات مباشرة بين الجانبين»، مشيرا إلى أن «حوادث من هذا النوع، وكذلك التفجيرات التي هزت حلب، تزيد الوضع السوري سوءا، وتدفع بالنزاع السوري إلى زاوية يصعب الخروج منها». وأكد قلقه من امتناع الدول الغربية عن إدانة «العمليات الإرهابية» في سوريا.
وفي موسكو، دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الكسندر لوكاشيفيتش إلى «ضبط النفس واحترام السيادة». وقال «نعتبر انه من المهم ان تكون هناك مقاربة معتدلة في مجلس الامن ومن قبل الجهات الرئيسية المعنية (بالازمة السورية) دوليا وإقليميا، تقوم على الوقائع الفعلية».
ألمانيا وفرنسا
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في ندوة صحافية لمناسبة زيارة الرئيس اليمني عبد ربه منصــور هادي لبرلين، «أظن أن الأهم في الوقــت الراهــن هو اعتماد الاعتدال». ودانت «باشد الحزم الهجمات السورية على تركيا» لكنــها دعت في «الوقت ذاته كل الاطراف الى ابداء قدر كبير من الاعتدال». واضافت «اننا نقف الى جانب تركيا».
ودعا وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيله، الذي اتصل بنظيره التركي احمد داود اوغلو، إلى «رد معقول في هذا الوضع المتدهور»، مؤكدا انه «يجب نزع الفتيل الآن». وقال ان هذه الاحداث «تدل على تعاظم خطر الاشتعال بسبب النزاع الأهلي المستمر في سوريا، وذلك يفرض على المجتمع الدولي التحرك».
واعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ان اطلاق قذائف من سوريا على الاراضــي التركية «يطرح تهديدا جديا على السلام والامن الدوليين، ولا يمكن للاسرة الدولية ان تقبل بان يواصل النظام السوري ممارسة اعمال العنف سواء داخل حدوده او خارجها. يجب وضع حد لذلك في اقرب فرصة». واوضــح ان «فرنسا كسائر حلفائها تقف الى جانب تركيا».
واكد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ «تفــهمه» للــرد التركي، مضيفا انه من المهم ان تتأكد انقرة من ادانة شديدة للمجتمع الدولي للقصف السوري وتأكيده ضرورة الا يتكرر حادث كهذا.
ودعت وزيرة الخارجية الاوروبية كاثرين اشتون واليونان «جميع الاطراف الى ضبط النفس».
(«السفير»، ا ف ب،
ا ب، رويترز، ا ش ا)
أكجاكالي التركية: أصلها سوري
شيعت قرية اكجاكالي التركية، التي لا تبعد اكثر من 500 متر عن الحدود السورية، أمس، القتلى الخمسة الذين سقــطوا بقذيفة هاون اطلقت من الاراضــي السورية.
وسكان اكجاكالي، وغالبيتهم من أصل سوري، غاضبون بسبب الحرب التي تدور عند أبوابهم. وبين هؤلاء عبد القادر غوفينج، المولود في تركيا مثل والده، الذي أوضح «في الماضي كنا نعيش كلنا معا، سوريون في سوريا. لكن بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، تم تقسيم المدينة التي كانت سورية إلى قسمين: شمالي يتبع تركيا وجنوبي يتبع سوريا. وأصبح جداي تركيي الجنسية». وأضاف «لا نريد المزيد من الخسائر البشرية بين المدنيين، ولا نريد حربا بيننا».
ويرتدي غالبية الرجال في المنطقة الجلباب العربي التقليدي والأوشحة ذات اللونين الأحمر والأبيض. (ا ف ب، رويترز)
قصف بالطيران الحربي للمرة الاولى على حمص واشتباكات في مناطق سورية عدة
بيروت- (ا ف ب): استخدمت القوات النظامية السورية الطيران الحربي للمرة الاولى في استهداف مدينة حمص (وسط) التي تشهد قصفا هو الاعنف منذ خمسة اشهر، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال المرصد في بيان صباح الجمعة “يتعرض حي الخالدية بمدينة حمص لقصف هو الاعنف منذ خمسة اشهر حيث شاركت طائرة حربية لاول مرة باستهداف الحي”، تزامنا مع قصف بالمدفعية وقذائف الهاون “وقدوم تعزيزات الى محيط الحي”.
كذلك افادت “الهيئة العامة للثورة السورية” ان حي الخالدية يتعرض لقصف عنيف “بقذائف الهاون والمدفعية ومن قبل الطيران الحربي (الميغ) التابع لقوات الأمن وجيش النظام، بالتزامن مع انفجارات هائلة تهز الحي وتصاعد أعمدة الدخان في سماء المدينة”.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال مع وكالة فرانس برس “يبدو ان (مجال) استخدام الطيران الحربي ليس مفتوحا، لذا يحاول النظام ان يحقق مكاسب قدر الامكان”.
واضاف “النظام يريد ان يحسم في حمص، والقوات النظامية هي التي تحاول فتح محاور جديدة”، لا سيما في وسط المدينة.
وقال ناشط في حمص عرف عن نفسه باسم “ابو رامي” لوكالة فرانس برس عبر سكايب، ان الايام القليلة الماضية شهدت “عدة محاولات من النظام ان يقتحم احياء حمص القديمة وحدثت العديد من الاشتباكات”، مشيرا الى تعرض احياء عدة للقصف الجمعة لا سيما الحميدية وباب هود وجورة الشياح والقصور والخالدية.
واوضح عبد الرحمن ان غالبية احياء حمص القديمة لا سيما جورة الشياح والخالدية “هي تحت سيطرة الثوار”.
وكان المرصد افاد ليلا ان القوات النظامية استهدفت مدينة الرستن في حمص “واشتبكت مع مقاتلين من الكتائب الثائرة لدى محاولتها اقتحام (هذه) المدينة الخارجة عن سيطرة النظام منذ شهر شباط/ فبراير الفائت”.
وتعتبر حمص ثالث كبرى مدن سوريا، معقلا اساسيا للمقاتلين المعارضين، وشهدت معارك عنيفة استمرت اشهرا، ولا تزال مناطق فيها تحت الحصار وتخضع للقصف.
وفي حلب كبرى مدن الشمال، يتعرض حي الصاخور (شرق) لقصف عنيف “بالتزامن مع اشتباكات عنيفة تدور بين القوات النظامية السورية ومقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة قرب دوار الصاخور”، بحسب المرصد.
وفي ريف دمشق قصفت القوات النظامية مدينة حرستا وضاحية قدسيا، بعد يوم من مقتل 21 عنصرا على الاقل من قوات الحرس الجمهوري في تفجير واطلاق نار، مع تشديد حملتها على مناطق عزز المقاتلون المعارضون وجودهم فيها.
وفي محافظة الرقة (شمال)، افاد المرصد عن اشتباكات في بلدة معدان بريف الرقة، في حين نفذت القوات النظامية حملة اعتقالات في مدينة الرقة.
وتقع هذه المنطقة على مسافة 50 كيلومترا الى الجنوب من تل ابيض ورسم الغزال اللتين تعرضتا لقصف تركي الخميس ردا على قصف من الجانب السوري على قرية حدودية تركية ادى الى مقتل خمسة اشخاص.
وشهدت مناطق عدة في درعا (جنوب) وادلب (شمال غرب) ودير الزور (شرق) قصفا واشتباكات، بحسب المرصد.
وحصدت اعمال العنف في مناطق سورية مختلفة الخميس 170 قتيلا هم 74 مدنيا و48 مقاتلا معارضا و48 جنديا نظاميا بحسب المرصد، الذي احصى سقوط اكثر من 30 الف شخص في النزاع المستمر منذ اكثر من 18 شهرا.
أردوغان يؤكد أن تركيا لا تريد حربا مع سوريا ومجلس الأمن يدين القذائف السورية
انقرة- (ا ف ب): اكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الخميس ان بلاده “لا تنوي خوض حرب مع سوريا”، وذلك بعدما اذن البرلمان التركي للحكومة بتنفيذ عمليات عسكرية في سوريا ردا على سقوط قذائف سورية الاربعاء في بلدة تركية حدودية أدت إلى مقتل مدنيين.
وقال أردوغان في مؤتمر صحافي مشترك في انقرة مع نائب الرئيس الايراني محمد رضا رحيمي “كل ما نريده في هذه المنطقة هو السلام والامن. تلك هي نيتنا. لا ننوي خوض حرب مع سوريا”.
واضاف ان “احدى افضل الوسائل لمنع الحرب هو الردع الفاعل”، موضحا ان تصويت البرلمان التركي يهدف الى تحقيق هذا الردع.
ولكن اردوغان حذر دمشق من مغبة اختبار صبر تركيا. وقال “ان الجمهورية التركية دولة قادرة على حماية مواطنيها وحدودها، فلا يخطرن ببال احد ان يختبر عزيمتنا في هذا الشأن”.
واعتبرت الولايات المتحدة الخميس ان رد تركيا على اطلاق قذائف سورية على اراضيها “ملائم” و”متكافىء”، داعية مع ذلك الى تفادي التصعيد بين الدولتين.
واعلنت المتحدثة باسم الخارجية الامريكية فكتوريا نولاند “من وجهة نظرنا، الرد التركي ملائم”، مشيرة الى ان انقرة حذرت مرات عدة من انها سترد على اي انتهاك لاراضيها.
وكانت تركيا اوقفت في وقت سابق الخميس قصف مواقع عسكرية سورية، فيما اعلن نائب رئيس الوزراء التركي ان موافقة البرلمان على تفويض الحكومة شن عمليات داخل سوريا “لا يعني الحرب”.
تزامنا، استمرت النقاشات في مجلس الامن حول الحادث الحدودي بعدما حال التحفظ الروسي دون اصدار بيان في شأنه، فيما حملت مواقف الدولية سوريا الخميس مسؤولية التوتر، داعية الطرفين في الوقت عينه الى تجنب التصعيد.
فقد ابلغ مصدر امني تركي وكالة فرانس برس بعد الظهر توقف القصف المدفعي التركي لمواقع تابعة للجيش السوري، ردا على سقوط خمسة مدنيين اتراك الاربعاء بقذائف اطلقت من سوريا وسقطت في قرية اكجاكالي الحدودية التركية.
وقال المصدر الذي رفض كشف اسمه انه بعد الرد التركي الاول في الساعات التي اعقبت سقوط القذائف السورية الاربعاء، استانف الجيش التركي رده فجر الخميس وواصل القصف حتى الساعة 6,00 ت غ.
واكد سكان في اكجكالي لفرانس برس ان المدافع التركية المنتشرة على طول الحدود مع سوريا اوقفت القصف صباحا، بعدما تأكيد مسؤول تركي ان القصف “لن يكون متواصلا. لقد حصل وسيحصل وفق الضرورة”.
واستهدف الجيش التركي منطقة معبر تل ابيض الحدودي لا سيما مواقع القوات النظامية السورية في رسم الغزال، ما ادى الى مقتل “العديد من الجنود السوريين” بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وكان نائب رئيس الوزراء التركي بشير اتالاي اعلن ان دمشق اقرت الخميس بمسؤوليتها عن سقوط القذائف، مقدمة اعتذارا لانقرة عن سقوط ضحايا اتراك.
واتت تصريحات اتالاي بعد موافقة البرلمان التركي في جلسة طارئة الخميس على طلب الحكومة منح الجيش اذنا لشن عمليات في سوريا “اذا اقتضى الامر” بأكثرية 320 نائبا في مقابل 129 (من اصل 550 نائبا).
وسارع اتالاي الى التأكيد ان هذا التفويض “ليس تفويضا بشن حرب”، بل سيكون بمثابة “رادع” لعدم تكرار هذا الحادث الحدودي.
في هذا الوقت، تظاهر مئات الاتراك في ساحة تقسيم في اسطنبول بدعوة من احزاب يسارية، رفضا لاحتمال اندلاع حرب مع سوريا. وكتب على لافتة عملاقة رفعها المتظاهرون “لا للحرب”.
وكانت الحكومة التركية طلبت من البرلمان منحها هذا التفويض بعد جلسة استثنائية عقدتها مساء الاربعاء اثر وقوع الحادث الحدودي.
وفي موازاة ذلك، اكد الحلف الاطلسي دعم تركيا، الدولة العضو فيه، بعد اجتماع طارىء في بروكسل ليل الاربعاء.
وتتعرض قرية اكجكالي والمناطق المحيطة بها منذ اسابيع لنيران عشوائية من الجانب السوري، لا سيما بعد سيطرة المقاتلين المعارضين على معبر تل ابيض الحدودي ومحاولة النظام استعادة السيطرة عليه.
والحادث هو الاخطر بين البلدين منذ اسقاط الدفاعات الجوية السورية مقاتلة تركية دخلت فترة وجيزة المجال الجوي السوري في حزيران/ يونيو الماضي، ما ادى الى مقتل طياريها.
في نيويورك، دان مجلس الامن الدولي في بيان تبناه الخميس “باقسى العبارات القذائف التي اطلقتها القوات السورية” على بلدة حدودية تركية وادت الى مقتل خمسة مدنيين الاربعاء.
وطلب اعضاء مجلس الامن ال15 في بيانهم “وقف مثل هذه الانتهاكات للقوانين الدولية فورا وعدم تكرارها”.
كما طالب البيان “الحكومة السورية بالاحترام الكامل لسيادة جيرانها وسلامة اراضيهم” داعيا الى “ضبط النفس”.
وردا على سؤال حول هذه النقطة، اوضح سفير غواتيمالا غيرت روزنتال الذي تترأس بلاده مجلس الامن لشهر تشرين الاول/ اكتوبر انه طلب “موجه الى البلدين”.
واوضح ان “هذا الحادث يجسد الاثر الخطير للازمة في سوريا على امن جيرانها والاستقرار والسلام في المنطقة”.
واكد السفير السوري لدى الامم المتحدة بشار الجعفري للصحافيين ان سوريا “لا تسعى وراء التصعيد مع اي من جيرانها بما في ذلك تركيا”.
واضاف الجعفري “في حال وقوع حادث حدودي بين دولتين، يجب ان تتحرك الحكومتان بطريقة حكيمة وعقلانية”.
وصدرت سلسلة مواقف دولية تدعو الى ضبط النفس، ابرزها من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي اعرب عن “قلقه حيال تصعيد التوتر على الحدود”، وطالب “كافة الاطراف المعنية (…) بالتحلي باقصى درجات ضبط النفس”، كما اعلن المتحدث باسمه مارتن نيسيركي الخميس.
في هذا الوقت استمرت اعمال العنف في انحاء مختلفة من سوريا، وادت الى مقتل حوالى 140 شخصا الخميس بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، هم 87 مدنيا و46 جنديا نظاميا وسبعة مقاتلين معارضين.
وتركزت اعمال العنف الخميس في ريف دمشق حيث تحاول القوات النظامية السيطرة على مناطق عزز المقاتلون المعارضون وجودهم فيها، لكنها فقدت 21 عنصرا من الحرس الجمهوري على الاقل قتلوا في تفجير اعقبه اطلاق نار في قدسيا بريف العاصمة، بحسب المرصد.
واشار المرصد الى ان غالبية الجنود “قتلوا في التفجير”، بينما قضى آخرون في اشتباكات مع مقاتلي المعارضة في قدسيا “التي تتعرض بعض مناطقها للقصف من قبل القوات النظامية التي تحاول السيطرة على المنطقة”.
وشهدت مناطق عدة في ريف دمشق قصفا واشتباكات مع محاولة القوات النظامية التي تحاول “ان تحسم الوضع على الارض وتسيطر على المنطقة”، بحسب ما قال لفرانس برس مدير المرصد رامي عبد الرحمن.
وشهدت بلدة زاكية في ريف دمشق قصفا واشتباكات عنيفة ادت بحسب المرصد الى مقتل 17 شخصا بين مدنيين ومقاتلين معارضين، وثمانية من القوات النظامية.
وافاد المرصد عن تعرض مناطق عدة منها مدينتا دوما وحرستا وبلدتا سقبا الزبداني والمزارع المحيطة ببلدة عرطوز ومنطقة الغوطة الشرقية للقصف، بعدما كثفت القوات النظامية في الاسابيع الماضية حملتها ضد المقاتلين المعارضين في ريف دمشق، علما ان صحيفة البعث الحكومية اكدت قبل يومين “قرب انتهاء العمليات الامنية في كامل” الريف.
وفي حلب كبرى مدن شمال سوريا حيث قضى الاربعاء 48 شخصا غالبيتهم من الجنود النظاميين جراء تفجيرات انتحارية في ساحة سعد الله الجابري، افاد المرصد الخميس عن تعرض احياء عدة منها صلاح الدين (غرب) وباب النصر (وسط) والصاخور (شرق) للقصف.
كما وقعت اشتباكات في عدد من احياء المدينة منها حلب القديمة والميدان والعامرية والسريان وسيف الدولة والصاخور والعرقوب، ادت الى مقتل 10 مقاتلين معارضين، بحسب المرصد.
وليلا افاد التلفزيون الرسمي السوري ان “قواتنا المسلحة تعلن منطقة سليمان الحلبي بحلب منطقة آمنة بعد تطهيرها من المجموعات الارهابية المسلحة”.
وفي محافظة القنيطرة (جنوب غرب) قتل خمسة من القوات النظامية على الاقل واصيب نحو 16 بجروح “اثر تفجير عبوات ناسفة عن بعد بحاجز للقوات النظامية في قرية اوفانية”، بحسب المرصد.
كما تعرضت مناطق في محافظات إدلب (شمال غرب) ودير الزور (شرق) وحماة (وسط) للقصف.
وفي ستراسبورغ، نددت الجمعية البرلمانية في مجلس اوروبا الخميس ب”الجرائم ضد الانسانية” التي ترتكب في سوريا، داعية اوروبا الى “بذل المزيد لمساعدة ضحايا النزاع”.
وادى النزاع السوري المستمر منذ اكثر من 18 شهرا الى سقوط اكثر من 30 الف شخص، بحسب المرصد، اضافة الى تهجير مئات الآلاف من السوريين.
حاكم مصرف سوريا المركزي ينفي أن تكون بلاده تتلقى أموالاً من إيران
لندن- (يو بي اي): نفى حاكم مصرف سوريا المركزي أديب ميّالة، أن تكون حكومة بلاده تتلقى أموالاً من إيران أو مصادر أخرى، مؤكداً أن لديها ما يكفي من الأموال لمواصلة قتال المسلحين.
وقال ميّالة في مقابلة مع صحيفة (فايننشال تايمز) الجمعة، إن الأزمة الدائرة منذ 18 شهراً في سوريا “تلتهم احتياطيات النقد الأجنبي، لكن لا يزال هناك الكثير منها لمواصلة القتال ضد المتمردين بفضل خفض الإنفاق والمخزون الاحتياطي، مما مكّن الحكومة من مواجهة تأثيرات الأزمة والعقوبات ونقص السلع”.
وأضاف أن الدول الغربية التي تقف وراء العقوبات “تريد إركاعنا، لكنها لم تنجح حتى الآن، وانخفض احتياطي العملات الصعبة ولكن بنسبة صغيرة ونحن لم نستخدم حتى 10% منه”.
ورفض ميّالة، الذي يشغل منصب حاكم مصرف سوريا المركزي منذ عام 2005، الاقتراحات بأن حكومة بلاده حصلت على تمويل من دول أجنبية أو من الطبقة الثرية المتنفذة الموالية للنظام، وقال إن الحكومة “ادخرت المال من خلال إلغاء مشاريع البنية التحتية وخفض الإنفاق على المواد الفاخرة مثل السيارات”.
كما قلّل أيضاً من المخاوف بشأن وضع الليرة السورية بعد أن فقدت أكثر من ثلث قيمتها منذ اندلاع الأزمة قبل 18 شهراً، نافياً أن تكون الحكومة السورية تعمل على دعمها بقوة.
وفيما اعترف ميّالة بأن النقص وتقلبات الأسعار يؤثران على السلع الأساسية مثل الأدوية، بعد تضرر الواردات والإنتاج بشدة من جرّاء القتال بالقرب من المصانع حول مدن كبرى مثل حلب وحمص، أصرّ على أن خطط الحكومة تهدف إلى عزل الناس عن أسوأ آثار الأزمة، والحفاظ على مخزونات الطوارئ الأساسية مثل القمح والسلع.
وقالت (فايننشال تايمز) إن أرقام المصرف المركزي السوري أظهرت أن احتياطي العملات الصعبة تراجع بنسبة 13% ومن 17.4 مليار دولار في أيار/ مايو من العام الماضي إلى 15.1 مليار دولار بنهاية آب/ أغسطس من هذا العام، لكن العديد من المراقبين المستقلين شككوا في هذه الأرقام نظراً للأعباء الثقيلة التي تواجه النظام وعلى رأسها العقوبات.
وأضافت الصحيفة أن وحدة المعلومات الاقتصادية في بريطانيا تقّدر أن احتياطات سوريا من العملات الأجنبية ستنخفض إلى 4.8 مليار دولار هذا العام.
روسيا تضعف بيانا لمجلس الأمن بشأن الأزمة
البرلمان التركي يجيز شن عمليات في سوريةوسط مخاوف من الانزلاق الى حرب شاملة
أكاكالي (تركيا) ـ انقرة ـ حلب ـ بيروت ـ وكالات: صعدت تركيا من هجماتها بالمدفعية على بلدة سورية حدودية الخميس مما أسفر عن مقتل عدة جنود سوريين، بينما وافق البرلمان التركي على المزيد من التحرك العسكري في حال تجاوز الصراع السوري الحدود مجددا.
ورحب أتراك كثيرون امس الخميس بالرد السريع لجيشهم على نيران المدفعية السورية التي اطلقت على تركيا لكنهم عبروا عن القلق من انزلاق بلادهم الى حرب شاملة يمكن ان تمتد آثارها عبر الحدود.
وبعد ان قتلت قذائف أطلقت من سورية خمسة اشخاص في بلدة حدودية تركية يوم الاربعاء سمح البرلمان للحكومة بالقيام بعمل عسكري في سورية ردا على أي أعمال عنف أخرى.
لكن رغم إعلان الاتراك عن دعم واسع النطاق للرد العسكري الانتقامي الذي قتل خمسة جنود سوريين إلا أن مخاوفهم تزايدت من تورط عسكري أكبر في الحرب في سورية.
واكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الخميس ان بلاده ‘لا تنوي شن حرب على سورية’.
وقال اردوغان في مؤتمر صحافي مشترك مع نائب الرئيس الايراني محمد رضا رحيمي ‘كل ما نريده في هذه المنطقة هو السلام والامن. تلك هي نيتنا. لا ننوي شن حرب على سورية’.
وبحسب قنوات التلفزيون التركية فقد صادق البرلمان على الطلب الحكومي بأكثرية 320 نائبا مقابل 129 (من اصل 550 نائبا) في البرلمان الذي عقد جلسة طارئة مغلقة لهذا الغرض.
ولكن انقرة سارعت الى التأكيد بأن هذا التفويض ليس اعلان حرب على دمشق.
وشدد نائب رئيس الوزراء التركي بشير اتالاي بحسب ما نقل عنه التلفزيون على ان الضوء الاخضر الذي اعطاه البرلمان ليس تفويضا بشن حرب.
وقال إن دمشق اعتذرت عبر الأمم المتحدة عن القصف الذي أودى بحياة خمسة مدنيين في جنوب شرق تركيا الأربعاء وقالت إن مثل هذا الحادث لن يتكرر في مسعى لتخفيف حدة أخطر تصعيد عبر الحدود خلال حملة الحكومة السورية لقمع الانتفاضة المندلعة منذ 18 شهرا.
وقالت روسيا الحليف القوي لسورية إنها تلقت تأكيدا من دمشق على أن هجوم المورتر كان حادثا مأساويا.
غير أن الحكومة التركية قالت إن ‘العمل العدواني’ من جانب الجيش السوري ضد أراضيها صار يمثل تهديدا خطيرا على أمنها القومي، فيما وافق البرلمان على نشر قوات تركية خارج الحدود إذا اقتضت الضرورة ذلك.
وقال إبراهيم كالين أحد كبار مستشاري رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان على حسابه بموقع تويتر ‘تركيا ليس لها مصلحة في خوض حرب مع سورية. ولكن تركيا قادرة على حماية حدودها وسترد عندما تقتضي الضرورة ذلك’. وأضاف ‘ستستمر المبادرات السياسية والدبلوماسية’.
وجاء الهجوم التركي ردا على ما سمتها ‘القشة الأخيرة’ عندما ضربت قذيفة المورتر بلدة أكاكالي مما أسفر عن مقتل امرأة وثلاثة أبناء لها وإحدى قريباتها.
وقال أتالاي إن تركيا مارست حقها في الرد، مشيرا إلى أن تفويض البرلمان بنشر قوات عسكرية خارج البلاد ليس ‘مذكرة حرب’.
واضاف للصحافيين ‘انه إجراء رادع اتخذ بما يتناسب مع مصالح تركيا لاستخدامه في حالة الضرورة لحماية نفسها’.
وتمركزت ثلاث ناقلات جند مدرعة عند الطرف الجنوبي لبلدة أكاكالي ووجهت فوهات مدافعها إلى بلدة تل أبيض السورية على مسافة بضعة أميال عبر الحدود.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لوقف مجموعة يتراوح عددها بين 25 و30 متظاهرا مناوئا للحرب يرددون هتافات مثل ‘لا نريد الحرب’ و’السوريون أشقاؤنا’ ومنعتهم من الاقتراب من البرلمان أثناء مناقشة النواب للاقتراح.
وفي الامم المتحدة اشتكى دبلوماسيون غربيون من أن مقترحات روسيا في حالة قبولها ستضعف البيان إلى درجة لا يمكن قبولها.
وجاء في البيان الذي اقترحته روسيا وحصلت عليه رويترز ‘دعا أعضاء مجلس الأمن الطرفين إلى التحلي بضبط النفس وتجنب الاشتباكات العسكرية التي يمكن أن تؤدي إلى تصعيد أكبر للوضع في المنطقة الحدودية بين سورية وتركيا’.
ويدعو البيان غير الملزم في حالة الموافقة عليه الجارتين إلى ‘تقليص التوتر وإيجاد سبيل لحل سلمي للأزمة السورية’.
وتبقي المسودة الروسية على جزء من النص الأصلي الذي أعدته أذربيجان وتحث الحكومة السورية على التحقيق في الهجوم.
وقال دبلوماسي غربي إن الولايات المتحدة اقترحت تعديلات ‘لتقوية’ النص الأصلي.
وتندد المسودة الأصلية التي وزعت أمس على أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر ‘بأشد العبارات’ قصف الجيش السوري لبلدة في تركيا وتطالب بإنهاء الانتهاكات للأراضي التركية.
وجاء في المسودتين ‘يظهر هذا امتداد الأزمة في سورية إلى دول مجاورة بدرجة مقلقة’.
غير أن الروس اقترحوا حذف الجملة التالية ‘مثل هذه الانتهاكات للقانون الدولي تشكل تهديدا خطيرا للسلم والأمن الدوليين’.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان وهو جماعة معارضة إن ثلاثة جنود سوريين قتلوا في قصف تركي لموقع عسكري قريب. وقال مصدر أمني تركي لرويترز ‘نعلم أنهم تكبدوا خسائر’ دون أن يكشف عن مزيد من التفاصيل.
وقال المرصد أيضا إن اشتباكات وقعت بين معارضين سوريين والجيش السوري عند الموقع العسكري. واضاف أن المعارضين قتلوا 21 من قوات الحرس الجمهوري الخميس في كمين نصب لحافلة صغيرة تابعة للجيش في ضاحية شمال غرب دمشق.
وأدت اعمال العنف في مناطق سورية مختلفة الى سقوط 63 قتيلا الخميس غالبيتهم في ريف دمشق، وهم 24 مدنيا وثمانية مقاتلين معارضين و31 جنديا نظاميا، بحسب المرصد.
وقال المرصد ‘ارتفع الى 21 عدد عناصر الحرس الجمهوري الذين قتلوا اثر اطلاق رصاص واستهداف حافلة صغيرة واشتباكات في منطقة قدسيا’. ونقل المرصد عن مصدر طبي وشهود ان عدد القتلى ‘مرشح للارتفاع وان سيارات الاسعاف تتوافد على مساكن الحرس الجمهوري في قدسيا’.
صواريخ ‘الكورنيت’ قد تصل إلى الـ ‘بي كي كي’ وتقوّض خيارات أنقرة ضد دمشق
دمشق ـ ‘القدس العربي’ ـ من كامل صقر: قالت مصادر سورية مطلعة ان أنقرة متخوفة جداً من إمكانية ارتفاع منسوب التوتر العسكري الحدودي مع سورية، إلى مرحلة قد تقدِم فيها دمشق على فتح بعض مخازنها العسكرية أمام مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذي يحارب الجيش التركي جنوبي البلاد، وإعطائهم صواريخ مضادة للدروع والدبابات من طراز كورنيت (Kornet) التي يمتلك منها الجيش السوري كميات كبيرة، ما يعني حسب خبراء عسكريين تطوراً خطيراً على مستوى المجابهة بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني لصالح الأخير، كما أن امتلاك مقاتلي الـ بي كي كي لصواريخ الكورنيت سيجعل الدبابات والمدرعات التركية المنتشرة في جنوبي تركيا هدفاً سهلاً للمقاتلين الأكراد.
المصادر أوضحت في شأن متصل أن تراجع الحكومة التركية عن تسليم شحنة الأسلحة الليبية التي وصلت من طرابلس الغرب إلى ميناء اسكندرون لمقاتلي الجيش الحر في الداخل السوري ناجم عن تخوف القيادة العسكرية التركية من إمكانية تزويد دمشق صواريخ الكورنيت الخطيرة والفتاكة لمقاتلي الـ ‘بي كي كي’.
ويعرَف عن صاروخ الكورنيت أنها قذائف تعمل بنظام التوجيه الليزري وهي تحمل رأسين متفجرين حيث ينفجر الرأس الاول محدثا ضررا في جسم الدبابة أو المركبة المستهدفة ثم ينفجر الاخر داخل الدبابة محدثاً الضرر الاكبر. الصاروخ كورنيت روسي الصنع وجرى تصنيعه أيضاً من قبل إيران.
وتعتبر حرب لبنان العام 2006 أفضل تجربة قتالية لهذا الصاروخ، حيث شكلت صواريخ حزب الله من طراز الكورنيت المضادة للدروع والتي تلقاها من مستودعات الجيش السوري صدمة قوية للجيش الإسرائيلي وتحديداً لدبابات الميركافا MERKAVA التي تشكل فخر الصناعة العسكرية الإسرائيلية.
وكانت صحيفة ‘التايمز’ البريطانية كشفت في وقت سابق من أيلول (سيبتمبر) الماضي عن رسو سفينة ليبية باسم ‘انتصار’ في لواء اسكندرون التركي تحمل شحنة من الأسلحة يصل وزنها إلى 400 طن، تتضمن صواريخ سام 7 أرض جو مضادة للطائرات، وقواذف آر بي جي، لكن أنقرة أعلنت بدورها وحسب تقارير إعلامية عدم تزويد المعارضة السورية بأسلحة متطورة بحجة أن تلك المعارضة غير موحدة.
اوجلان لاكراد سورية: كونوا الطرف الثالث لا مع الاسد او المعارضة واعدوا 15 الف جندي لحماية الوطن الام
رسالة تركية لدمشق.. وانقرة غير راغبة بحرب دون دعم شعبي ومن الناتو
لندن ـ ‘القدس العربي’: هل دخلت تركيا وسورية في حرب فعلية تهدد بجر قوى اقليمية اخرى لها وتتخذ منها تركيا ذريعة لدفع دول حلف الناتو للتدخل العسكري، وبذا يتحقق حلم المعارضة السورية التي تطالب بمساعدة دولية لانهاء اربعين او اكثر من حكم الطائفة العلوية لسورية.
وقد تكون عمليات القصف والقصف المتبادل ردود فعل انتقامية محلية الطابع، لكن مجرد خروج القنابل من حدود البلدين، يظهر المدى الذي تطورت اليه العلاقات بين البلدين. وبدا ذلك واضحا في الهجوم المصاغ جيدا على رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل والرئيس المصري محمد مرسي حيث وصفا بانهما جزء من فرقة ‘الطبالة’ لمشاركتهما في مؤتمر حزب العدالة والتنمية وشجبهما النظام السوري.
قرصة اذن
ومع ان الحكومة التركية اتصلت بالناتو للتشاور حول المناوشات الحدودية التي ادت لمقتل سوريين وخمسة اتراك الا ان الامين العام لحلف الناتو اندريه فوغ راسموسين اكد في مقابلة يوم الاثنين مع صحيفة ‘الغارديان’ ان التدخل العسكري ليس في وارد الحلف واصفا الوضع السوري بـ ‘المعقد المعقد المعقد جدا’، مضيفا ان ‘التدخل الاجنبي ستكون له اثار واسعة’. في الحادثة الاخيرة اكتفى الحلف بالشجب وتحميل سورية المسؤولية. واصبح شمال سورية منطقة توتر وعنف بين المعارضة المسلحة والقوات السورية حيث يتقاتل الطرفان للسيطرة على مدينة حلب التي لم يحسم اي من الطرفين المعركة فيها على الرغم من مرور ثلاثة اشهر. وفي اتجاه اخر تخشى تركيا من العامل الكردي حيث اشارت تقارير صحافية وبريطانية من انهم بدأوا يحضرون للحياة فيما بعد الاسد وبعيدا عنه.
وفي تبريره للرد على قصف بلدة اكجاكالي في جنوب شرق تركيا بانه اعتداء على الوطن التركي. وتعتبر المناوشات واحدة من اثار الدعم السوري للمعارضة المسلحة وقد فهمت التطورات الاخيرة من نقل الجيش الحر مقر قيادته من جنوب تركيا لداخل الاراضي السورية ‘المحررة’ والتقييد على حركة اللاجئين في انطاكية، واشتراط دخول الاسلحة بتشكيل مجلس عسكري على انها شعور من القيادة التركية من اثار سياستها. ووصف باحث نقلت عنه صحيفة ‘واشنطن بوست’ القصف التركي بانه رسالة وليست حربا ـ مؤكدا ان ‘تركيا لا تريد حربا ولا تريد الذهاب لوحدها ولا دعم شعبي للحرب’. ويقول اندرو تابلر ان الحادث الاخير دليل على تدهور الوضع، مضيفا ان الحرب لا تؤثر على تركيا فقط بل بدأت تؤثر على الاردن ولبنان.
اساليب شيطانية
وحتى الآن لم تنجح قيادة الجيش الحر بتشكيل جيش قادر على قيادة حركة للتخلص من بشار الاسد، ولا تزال جماعات المقاتلين تتكون من متطوعين ومنشقين عن الجيش النظامي والذين كان يأمل الجيش الحر باستمرار وصولهم وهروبهم حتى تتشكل بنية الجيش القوي بدلا من الاعتماد على فصائل متنوعة لا تجمعها قيادة مركزية ومتعددة الولاءات ويخترقها الجهاديون الذين اعلنوا مسؤوليتهم عن التفجير الكبير في ساحة سعد الله الجابري في قلب المدينة المتنازع عليها، حلب.
ويلحظ ان الجيش الحر توقف في الفترة الاخيرة عن الحديث وبشكل اعلامي واسع عن عمليات انشقاق عسكريين او سياسيين فبعد مناف طلاس ونواف الفارس ورئيس الوزراء المنشق رياض حجاب لم تحدث انشقاقات واسعة مع ان تقارير تقول الاردن يستضيف عددا كبيرا من العسكريين المنشقين.
ومرد هذا التوقف هو قلة عدد المنشقين، ففي الماضي كان كل يوم يجلب معه اعدادا من الجنود الذين يتركون معسكراتهم ويهربون باسلحتهم. وبسبب توقف حركة الانتقال هذه فان عددا من قيادات الجيش الحر يئسوا من محاولات دعوة وتشجيع الجنود للتخلي عن النظام فيما بدأ اخرون باستخدام اساليب اخرى مثل المداهنة والخداع والتهديد بل وتخدير الجنود واختطافهم واجبارهم على تغيير مواقعهم او على الاقل اقناعهم بالوقوف جانبا. ويقول القادة انه بدون عمليات انشقاق واسعة في داخل الجيش فلن يكونوا بقادرين على الانتصار على النظام. ونقلت صحيفة ‘نيويورك تايمز’ عن قيادي في شمال سورية انشق عن الحرس الجمهوري قوله ‘نستخدم طرقا لا يستخدمها الا الشيطان’.
ولكن النظام الواعي لعمليات الانشقاق وكونها مصدرا مهما لتطور الجيش الحر قام بتغيير استراتيجيته، حيث يقوم بقصف المدن والبلدات عن بعد، ويحافظ بهذه الطريقة على الجنود الذين يبعدون عن المعارك وحتى عن اقاربهم وعائلاتهم خشية تعرضهم لتشجيع منهم على ترك الجيش. وتقول الصحيفة ان بعض القادة يعبرون عن غيظهم الآن من ان من انشق قد انشق وبقي مع النظام الجنود الموالون له. ويتحدث اخرون عن مصاعب في الاتصال مع الجنود حيث يقول العقيد قاسم سعد الدين، رئيس مجلس حمص العسكري في مقابلة جرت في تركيا ان المراقبة الشديدة التي تقوم بها الحكومة على نقاط التفتيش جعلت من التواصل مع الضباط امرا صعبا، واضاف انه صار من الصعب توفير الحماية لعائلات الجنود المنشقين واقاربهم مما يجعل من يدفعهم للتردد.
ومن هنا بدأ الجيش الحر باعتقال من يستطيع ويعطيهم فرصة لتغيير موقفه، فمنهم من يقتنع بقضية المعارضة بعد اسبوع اما من يظل على ولائه فيسجن ويواجه محاكمة.
واتهم المقاتلون في تقارير لجماعات حقوق انسان بقتلهم الموالين للنظام بدون محاكمات وتعذيبهم. ويرى محلل انه كلما قل عدد المنشقين كلما قلت رغبة المعارضة المسلحة بمحاولة جذبهم بدلا من مواجهتهم’، واضاف قائلا انه كلما عامل المقاتلون الجنود المعتقلين بقسوة كلما قل عدد من يترك الجيش النظامي منهم. وتشير الصحيفة الى بعض الوسائل التي يستخدمها المقاتلون لاجبار او اقناع الجنود، من مثل ارسال اشخاص عاديين لنقاط التفتيش للحديث مع الجنود نيابة عنهم، فاحدهم قال انه ارسل حلاقا قدم خدماته للجنود على نقطة تفتيش مجانا واخذ يداهنهم ويسألهم عن السبب الذين يمنعهم من الانشقاق. وهناك وسائل اخرى، ارسال رعاة او تجار.
ويرى القادة ان اللحظة المهمة تأتي عندما تقوم كتيبة من كتائب الجيش النظام بالانشقاق فعندها سيتغير ميزان القوة وبدون ذلك فهم يعملون من اجل تعزيز عمليات الانشقاق مثل اختطاف الجنود باسلحتهم وهم نائمون، حيث يقوم بعضهم بارسال تجار يقومون بتوزيع المواد الغذائية على الجنود ويقومون بوضع حبوب منومة في الطعام مما يجعل من اختطاف الجنود واسلحتهم سهلا. وهناك من يقومون بالاتصال هاتفيا مع الضباط ويصدرون تهديدات لهم ان لم يتخلوا عن النظام.
ومع ان بعض الجنود يقولون انهم ليسوا بحاجة لاقناع حيث يشاهدون عن كثب فظائع النظام ضد المدنيين وبعضهم ممن انشق لاحقا تحدثوا عن حمايتهم للمدنيين والتظاهرات. وفي احيان اخرى يجبر جنود على الهرب مع من يهربون خوفا على حياتهم مع انه لا رغبة لهم بالانشقاق، لانهم ان بقوا فسيقتلون من زملائهم.
بعيدا عن سورية والثورة
في الموضوع التركي، اشارت صحيفتا ‘الفايننشال تايمز’ و’واشنطن بوست’ يوم الثلاثاء الى ان الاكراد يحضرون لمرحلة ما بعد الاسد، فقد كتب لوفدي موريس من الحسكة عن عمليات تدريب وفتح مدرسة لتدريب مقاتلين في بلدة كيغرلنيجي.
واشار التقرير الى ان الاكراد الذين عارضوا النظام السوري ولعقود وشهدت مناطقهم مظاهرات منذ بدء الثورة الا انهم امتنعوا عن المشاركة المسلحة فيها. ومع تطور الازمة في سورية من احتجاجات سلمية الى حرب اهلية فان الاكراد الموزعين في شمال ـ شرق سورية يقومون باتخاذ اجراءات لتحقيق استقلاليتهم في محاولة منهم لتكرار ما فعله اخوانهم الاكراد في شمال العراق، حيث فتحوا مراكز شرطة ومحاكم ومجالس محلية. ويقول التقرير ان انتشار العلم الكردي في مناطقهم يعطي حسا ان المنطقة تحررت.
ويضيف التقرير ان التطورات هذه تحدث على الرغم من تواجد الجيش السوري في مناطق متعددة من الاقليم الا انها تغض الطرف عنها على الاقل في الوقت الحالي، ولا يعمل الشرطة التابعون للحكومة اي شيء سوى لعب الورق حسب ناشط.
ويقول التقرير ان عدم اتخاذ الحكومة اي اجراءات ربما جاء لتجنب فتح جبهة جديدة تضاف الى الجبهات التي يقاتل عليها في الشمال والغرب او كما يقول البعض لمنح المتمردين الاكراد في تركيا قوة كي يقوموا باشغال الحكومة التركية كرد على دعمها للمقاتلين السوريي.
ولاحظ التقرير انتشار صور الزعيم الكردي السجين في تركيا والذي كان سيفجر حربا بين البلدين، عبدالله اوجلان في اماكن عدة وتزين جدران الاماكن العامة، او حيث يصطف المواطنون للحصول على مساعدات جاءت من شمال العراق او لحل خلافاتهم.
ونقل التقرير عن دهام علي من بلد ديرك والعضو في اللجنة المحلية قوله ان اوجلان ‘بطل كل الاكراد’. وعلى الرغم من ذلك فتقول احزاب منافسة ان حزب العمال الكردستاني لا دعم له كبير في المنطقة ويتهمونه بالعمل مع الاسد، واتهم قائد الحزب الكردستاني الديمقراطي محمد اسماعيل الحزب بقوله ‘مدرسة اوجلان لا تعمل الا من خلال القمع والدعاية لدفع الشباب كي يحملوا السلاح’.
وتختم الصحيفة برسالة لاوجلان يطالب فيها الاكراد بان يكونوا الطرف الثالث، لا مع الاسد او المعارضة ‘وعليكم اعداد 15 الف كردي لحماية المناطق الكردية، وان لم تتبنوا هذه الاستراتيجية فسيتم سحقكم، على كل الشباب الكردي تحضر نفسهم للانضمام وحماية وطنهم الام’.
ماذا يحصل في سورية: ثورة ام حرب أهلية؟
أكاديميون غربيون يجيبون على السؤال
إعداد وترجمة عدي الزعبي: في هذا الوقت، حيث التغيير هو الظاهرة الأبرزفي العالم العربي، نريد أن نبني جسوراً. نريد أن ننصت إلى الآخرين، وأن نسمع ما الذي يراه الأكاديميون الغربيون في الثورة السورية والربيع العربي. لذلك سوف نلتقي مع ثلاثة أكاديميين مهتمين بالأحداث الجارية في العالم العربي. سوف نلتقي بروبرت ريد، أستاذ الفلسفة في جامعة إيست أنجليا، وتوما بيرييه، المحاضر في الإسلام المعاصر في جامعة إدنبرة، و باول روجرز، بروفيسور دراسات السلام في جامعة بردفورد.
– كيف تصف ما يجري في سورية، حرب أهلية، حرب طائفية، أم ثورة؟
روبرت ريد: بشكل واضح، سعى هذا النظام المهترئ إلى إشعال حرب أهلية طائفية، بتزكية مخاوف الأقليات المختلفة من نوايا الثوار. لقد نجح جزئياً، فقط جزئياً. إلى الآن، ومع الاستخدام الخسيس للآلة العسكرية ضد الشعب السوري، ما زالت المظاهرات و الأشكال الأخرى من الاحتجاج المدني مستمرة، يشارك فيها العديد من أبناء الأقليات (بمن فيهم بعض العلويين والأكراد بالطبع).
من يقرر ماذا سندعو الأحداث الجارية في سورية؟ متخصصو علم السياسة سيقولون أنهم وحدهم من يملك المعرفة والإجابة. ولكنني متشكك في العلوم السياسية- الامبريالية، لذا أفضل أن أثق بالناس أنفسهم اللذين يقومون بالثورة. إذا كان ما يجري يشبه الثورات، ودعاها الناس أنفسهم بالثورة، فهذا كاف بالنسبة لي: أنا مع الثورة.
توما بيرييه: ما يجري هو الاثنان معاً، هذه ثورة، ولكن أيضاً و بشكل متزايد، حرب أهلية طائفية. لا يوجد تناقض هنا: بسبب طبيعة وسياسات النظام الطائفية ، فإن إسقاط النظام يعني حكماً الدخول في فترة حرب أهلية. هذا الأمر لا يجعلني أقل دعماً للثورة: أنا أرى أن النظام هو المسبب الرئيسي للحرب الأهلية، لذلك يجب إسقاطه. ربما لن يكون الوضع في سوريا ما بعد الأسد وردياً، ولكن مما لا شك فيه أنه لا يوجد أية إمكانية للسلام في سوريا ما دام هذا النظام في السلطة.
باول روجرز: ما يجري مركّب من العناصر الثلاث. ابتدأت الأحداث كانتفاضة شعبية لا-عنفية تمت مواجهتها بقمع شديد. الآن نجد مقاومة مسلحة تتطور إلى حرب أهلية. الأمور تتعقّد أكثر بفعل عاملين:
الأول هو الحضور المتزايد للمسلحين الإسلاميين الراديكاليين، بعضهم سوريون ولكن البعض من خارج سوريا، و يشاركون في الثورة ضد نظام الأسد.
أما العامل الثاني فهو أن الحرب فيها عوامل تجعلها تبدو كحرب بالوكالة بين دول الخليح الداعمة للغرب، خصوصاً السعودية التي تدعم الثوار، وإيران التي تدعم النظام. هناك بعد آخر للحرب بالوكالة يتضمن الصراع بين أمريكا وروسيا.
– كيف تعتقد أن الغرب يستطيع أن يساعد في الحالة السورية؟
روبرت ريد: يجب إظهار تضامننا مع الثورة. وذلك بما يلي: سؤال السوريين المقيمين هنا ما هي المساعدة التي يريدونها، وتوفيرها للثورة، الضغط لتوفير المساعدة للاجئين، الطلب من الصحفيين تغطية الثورة بشكل مناسب، كتابة مقالات تدعم الثورة و تعارض من يعارضونها. للأسف، الكثير ممن يسمون أنفسهم ‘يساريين’ فشلوا في تقديم أي من هذه الأشياء. لذا فالثوار السوريين الفائقي الشجاعة يتعرضون للقتل والتعذيب، بسهولة أكبر بكثير مما لو كانت أصوات اليساريين معارضة لنظام الأسد الفاشي، كما كانت هذه الأصوات معارضة لفرانكو، قبل ثلاثة أجيال.
توما بيرييه: أولاً و قبل كل شيء، إذا لم يتغير الموقف الروسي، فعلى الدول الغربية أن تسحب أي دعم لمبادرات الأمم المتحدة، لأن هذه المبادرات سوف تفشل و تعطي الأسد المزيد من الوقت. ثانياً، يجب تزويد المعارضة بالأسلحة كي يدافعوا عن انفسهم في مواجهة الهيلكوبترات و الطائرات الحربية والدبابات. ثالثاً، بالرغم من قناعتي بأن هذا لن يحصل، يجب فرض حظر طيران على البلد.
باول روجرز: بشكل أساسي على مستويين. الأول هو بتوفير مساعدات إنسانية شاملة ومتكاملة إلى الداخل السوري إن أمكن ولدول الجوار حيث يتواجد اللاجئين السوريين. أما المستوى الثاني فبدعم الابراهيمي ومحاولة إقناع روسيا و إيران والسعودية لوقف الحرب بالوكالة التي يشجعونها.
كيف ترى المستقبل بين الغرب والعرب بعد الربيع العربي؟
روبرت ريد: لقد اظهر الربيع العربي أن عالماً مختلفاً ما زال في متناولنا. الآن ما نحن بحاجة إليه هو ربيع أوروبي. الحكم الفاسد للبنوك و السياسيين-الدمى بأيدي البنوك يجب أن يتنهي بانتفاضة لا-عنفية في أوروبا.من خلال صناديق الاقتراع و في الشوارع، على الأوروبيين أن يعيدوا تحرير أنفسهم، كما يفعل إخوتنا و أخواتنا العرب. إنه الوقت المناسب، أن نظهر نحن أكثرية الأوروبيين، احترامنا لأولئك الذين انتفضوا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بأصدق طريقة ممكنة: أن نقلّدهم.
توما بيرييه: أرى تغييرات صغيرة في حالات محددة، كاقتراب ليبيا من الغرب نتيجة للمساعدة في التخلص من القذافي. في مصر، سنرى تظاماً يتبنى مواقف أكثر وطنية ( إلى الحد الذي يسمح به استقلالها الاقتصادي) نتيجة وجود حكومة تمثّل المصريين. بشكل عام، أرى أن الدعم الغربي لإسرائيل سوف يبقى مشكلة جدية. التغيير الوحيد المستمر الذي أراه هو أن الغرب سوف يفقد تأثيره في المنطقة تدريحياً بسب التراجع الاقتصادي في الغرب. انعدام التأثير في الأزمة السورية ربما يكون مؤشراً على ذلك. إن زمن التدخلات الأجنبية في المنطقة لم ينته، لكنه سيصبح أكثر انتقائية.
باول روجرز: ليس سهلاً، إلا أن التخلص من أنظمة قمعية مرحب به، بالرغم من أنه يترك مشاكل سياسية و اقتصادية واجتماعية ضخمة للحكومات القادمة. سوف يحتاجون للدعم و المساعدة، ولكن ليس إلى تدخل مباشر في شؤونهم. هناك تراث من المرارة اتجاه الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، بسبب ما فعلوه في العراق وبسبب دعمهم لبعض الأنظمة الأوتوقراطية في المنطقة، خصوصاً في الخليج، وبسبب دعمهم لإسرائيل.
أردوغان «لا ينوي شنّ حرب»… والجعفري ينفي الاعتذار
سوريا ــ تركيا: احتواء التصعيد
بعد موجة التصعيد السياسي والميداني بين سوريا وتركيا، والتي أوحت بأن حرباً تلوح في الأفق، انتهى النهار على احتواء للتوتّر بعد تدخلات عدة، إقليمة ودولية، صبّت كلها في خانة منع أي حرب من الاندلاع بين الجارتين
ما ساد من أجواء تصعيدية بين سوريا وتركيا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، تبدّد مع تقدّم ساعات نهار أمس، إثر اتصالات ولقاءات وزيارات أسفرت عن احتواء، ولو مؤقت، للأزمة الحدودية بين البلدين، والتي نتجت من قصف سوري لقرية تركية، ردّت عليه أنقرة بالمثل.
فبعد المساعي التركية للإيحاء بأنها في طريقها للتدخل العسكري المباشر في سوريا، ولا سيما عبر استصدار موافقة من البرلمان في هذا الشأن، عاد رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان إلى التأكيد أن بلاده لا تنوي شنّ حرب على سوريا، وذلك بعد لقاء نائب الرئيس الإيراني، محمد رضا رحيمي، الذي حطّ في أنقرة أمس في إطار مساعي الاحتواء. المساعي الإيرانية كانت سبقتها أخرى روسيّة، تلاها إعلان الحكومة التركية تلقي اعتذار من نظيرتها السوريّة، غير أن المندوب السوري في الأمم المتحدة، بشّار الجعفري، نفى أن تكون بلاده قد وجهت رسالة اعتذار إلى تركيا، مطالباً تركيا بالمقابل بالاعتذار.
اليوم السوري التركي الطويل بدأ بانعقاد البرلمان التركي الذي وافق على طلب للحكومة بمنح الجيش إذناً لشنّ عمليات عسكرية في سوريا «إذا اقتضى الأمر». ولكن أنقرة سارعت إلى التأكيد أنّ هذا التفويض ليس إعلان حرب على دمشق. وشدّد نائب رئيس الوزراء التركي، بشير اتالاي، أنّ «هذا التفويض ليس تفويضاً بشنّ حرب»، موضحاً أنّه سيكون بمثابة «رادع»، فيما أكّد أنّ سوريا أقرّت بمسؤوليتها عن القصف وقدّمت لأنقرة اعتذارها عن ذلك.
هذه التأكيد التركي عززه أردوغان مساءً حين أعلن أن بلاده «لا تنوي شن حرب على سوريا». وقال، في مؤتمر صحافي مشترك مع رحيمي، «كل ما نريده في هذه المنطقة هو السلام والأمن. تلك هي نيتنا. لا ننوي شنّ حرب على سوريا».
وكان أردوغان قد أعلن، في ختام اجتماع طارئ جمع مستشاريه عقب القصف السوري، أنّه «لن تسمح تركيا أبداً للنظام السوري بالقيام بمثل هذه الاستفزازت من دون عقاب، والتي تهدّد أمننا القومي ضمن احترام القانون الدولي وقواعد التدخل».
غير أن الحديث عن الاعتذار السوري الذي راج خلال النهار، بدّده مساءً المندوب السوري في الأمم المتحدة، الذي قال إن الحكومة السورية لم تقدم أيّ رسالة اعتذار إلى الحكومة التركية، ولن تقدم أي اعتذار لها. وشدّد على أنّ «الحكومة السورية بصدد التحقيق في الحادثة وليس الاعتذار».
ولفت الجعفري إلى أنّ «حديث وزير الاعلام السوري عمران الزعبي هو موقف الحكومة الرسمي، وهو لم يقل إنّ سوريا تعتذر». وأشار إلى أنّنا «انتظرنا منذ سنة و8 أشهر الحكومة التركية لتعتذر عما كانت تفعله هي لنا. إنه تطور مأسوي أنّ المرأة التركية قتلت مع أطفالها، ونتعاطف مع ذلك بكل ما يمكن، لأنها مواطنة مدنية تركية بريئة ونحن لا نعرف من أطلق القذيفة حتى الآن، لأن هناك الكثير من المجموعات في تلك المنطقة، وكلّ هذه المجموعات تريد افتعال مشكلة بين سوريا وتركيا، لذا على من يحلّل وينظر إلى ما حصل أن يكون حذراً».
وكان الزعبي أعلن، في وقت متأخر أول من أمس، فتح تحقيق لمعرفة مصادر النيران، و«قدّم التعازي باسم سوريا» إلى الشعب التركي «الصديق».
حديث الاعتذار كان لمّح إليه وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي دخل أمس أيضاً على خط الوساطات، إذ أعلن أنّ السلطات السورية أكّدت لموسكو أنّ القصف الذي استهدف الأراضي التركية هو «حادث مأسوي»، مشدداً على وجوب أن تعلن دمشق ذلك رسمياً.
لكن روسيا، في المقابل، أبقت على حماية دمشق من الإدانة الدولية بعدما اجتمع أعضاء مجلس الأمن الدولي، بطلب تركيّ، للتشاور في شأن إصدار بيان تعليقاً على الحادث الحدودي، إذ أبدت موسكو تحفظات على مشروع البيان، قبل أن تدخل تعديلات عليه تطلب بموجبها من الطرفين ممارسة ضبط النفس وتفادي الاشتباكات العسكرية التي قد تؤدي إلى المزيد من التصعيد في المنطقة، فضلاً عن تخفيف التوتر والخروج بمسار نحو حلّ سلمي للأزمة السورية.
ونصّ البيان على إدانة القصف السوري الذي أدى إلى مقتل خمسة أشخاص جميعهم نساء وأطفال، حسب النص الذي حصلت «الأخبار» على نسخة منه. ورأى أن ما جرى يظهر أن النزاع في سوريا بدأ يتفشى إلى الدول المتاخمة «إلى مستوى مثير للقلق»، وبالتالي يرى المجلس أن خرقاً كهذا للقانون الدولي «يشكل تهديداً جدياً للسلم والأمن الدوليين». وطلب المجلس وقف الخروق المشابهة فوراً، كما طلب من الحكومة السورية احترام سيادة الدول المجاورة ووحدتها.
وفي ردود الفعل، أبدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون غضبها بعد إطلاق قذيفة مورتر من داخل سوريا على بلدة في تركيا، وقالت إن واشنطن ستبحث مع أنقرة الخطوة التالية. ووصفت امتداد العنف إلى خارج الحدود السورية بأنه «وضع خطير جداً».
من جهتها، حثّت طهران كلاً من دمشق وأنقرة على ضبط النفس. ونقلت وكالة «فارس» تصريحاً لمساعد وزير الخارجية للشؤون العربية، حسين أمير عبداللهيان، «على الطرفين أخذ المتطرفين المسلحين والمجموعات الإرهابية في المنطقة في الاعتبار. أمن المنطقة يعتمد على تعزيز ضبط الحدود السورية».
من ناحيتها، دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنقرة إلى «الاعتدال» في ردّها على القصف السوري. وقالت «أظنّ أنّ الأهم في الوقت الراهن هو اعتماد الاعتدال». وأدانت «بأشد الحزم الهجمات السورية على تركيا». وأضافت «إنّنا نقف إلى جانب تركيا».
في موازاة ذلك، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن فرنسا تقف إلى جانب تركيا. وأضاف «أريد وأتمنى أن يقرّ المجتمع الدولي بأكمله رسالة واضحة وسريعة تدين السلطات السورية بقوة». كذلك قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إنّ الردّ العسكري التركي على الهجوم السوري يمكن تفهمه، لكن يجب تفادي تصعيد الموقف. وأضاف «الردّ التركي مفهوم، فقد حدث عمل شائن. وبالتالي نعبّر عن تضامننا الشديد مع تركيا، لكننا لا نريد أن نشهد تصعيداً مستمراً لهذه الحادثة».
أما وزير الخارجية الإيطالي، جوليو تيرسي، فرأى أن المجتمع الدولي «عاجز» ومجلس الأمن «مصاب بالشلل» إزاء التعامل مع الأزمة في سوريا. وقال إن «مجلس الأمن مصاب بالشلل من الناحية الأمنية. وبالتالي فإن المجتمع الدولي يقف عاجزاً في ما يتعلق بإمكانية نشر قوة، نأمل دائماً نحن الايطاليون أن تكون فعالة حقاً وحازمة لوضع حدّ للعنف».
وأدان الاتحاد الأوروبي بشدّة القصف السوري، وحثّ «جميع الأطراف» على ضبط النفس. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، إنّ «الحادث يظهر بوضوح النتائج المأسوية لانعكاس الأزمة السورية على الدول المجاورة».
عربياً، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، إن الاعتداء الذي تعرضت له البلدة التركية يمثّل تهديداً للأمن والسلم. وفي بيان أصدرته الجامعة العربية، حذّر الأمين العام من مغبة هذا التطور الخطير للأحداث على الحدود التركية السورية، وما يحمله ذلك من تهديد خطير للسلم والأمن في المنطقة والأمن العالمي.
بدورها، دعت مصر الحكومة السورية إلى عدم الاعتداء على حدود الدول المجاورة. وفي بيان، طالب وزير الخارجية المصري، محمد كامل عمرو، سوريا «بأن توقف إراقة الدماء على أرضها، وحذّر من المخاطر التي تحدق بالمنطقة بأسرها جرّاء احتمالات اتساع نطاق الأزمة السورية».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)
أنقرة تبحث عن الذرائع لإسقاط النظام
أظهر الردّ التركي العسكري داخل الأراضي السورية على نوايا حكومة أنقرة تجاه النظام السوري، إذ يعمل رجب طيّب أردوغان وحكومته على زعزعة أركان الحكم في دمشق، حتى تحقيق هدف إسقاط النظام
حسني محلي
إسطنبول | كان واضحاً منذ اليوم الأول لاستضافة تركيا اجتماع المعارضة السورية في مدينة أنطاليا، في شهر آب من العام الماضي، أن أنقرة قد اتخذت قرارها حيال الأزمة السورية. ويمكن تلخيص هذا القرار بالتخلص من الرئيس بشار الأسد مهما كلّف ذلك مادياًَ ومعنوياً. وجاء قرار أنقرة باستضافة قادة «الجيش السوري الحر»، وتقديم كافة أنواع الدعم المادي والعسكري إليهم ليثبت للجميع أنّ القضية السورية قد تحوّلت إلى موضوع شخصي لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، ووزير خارجيته أحمد داوود أوغلو، لأنّ بقاء الأسد سيعني في نهاية المطاف افلاس سياساتهما في سوريا، والمنطقة عموماً، لأنّ أردوغان يسعى لأن يكون زعيماً إسلامياً لها بتشجيع أميركي وغربي. وجاء الحادث الأخير في بلدة أكجاقلعة ليثبت للجميع نوايا أنقرة للتدخل المباشر في سوريا. فقد فشلت أنقرة في اقناع العواصم الغربية منذ البداية بمساعدتها على إقامة حزام أمني تركي داخل الأراضي السورية بحجّة استقبال موجة النازحين السوريين، بعدما بالغت في الموضوع، وقالت إنّها تتوقع وصول 300 ألف منهم آنذاك. واستفزت أنقرة البعض منهم للمجيء إلى المخيّمات عبر دعايات المعارضة السورية والجيش الحر. وهو الحال بالنسبة إلى المجلس الوطني السوري، الذي تأسّس في إسطنبول. ويفسّر ذلك كثافة العمليات المسلحة للجيش الحر في سوريا على طول الحدود مع تركيا، حيث سيطر على البوابات الحدودية بدعم مباشر من حكومة أنقرة. ويذكر الجميع كيف أرادت تركيا في شهر حزيران الماضي استغلال إصابة شرطي تركي بجراح خلال اشتباكات وقعت بين الجيش السوري ومسلحي الجيش الحر، الذين تسللوا عبر الحدود واشتبكوا مع الجنود السوريين الذين لاحقوهم حتى دخولهم الأراضي التركية. ورأت الحكومة التركية أن اختراق الرصاص السوري لأراضيها حجّة ومبرّر للردّ العسكري المباشر، وطلبت من الحلف «الأطلسي» عقد اجتماع طارئ، فيما رفض الحلف آنذاك الطلب، كما رفض طلباً مماثلاً من أنقرة، عندما أسقطت طائرة استطلاع تركية بعد اختراقها المجال الجوي السوري. وعبّأت حينها حكومة أردوغان، بدعم من وسائل الإعلام الموالية لها، الشارع الشعبي ضد سوريا، كما استمرت في البحث عن أيّ سبب ومبرّر للتدخل المباشر، بعدما فشلت في مشروعها لإسقاط النظام عبر «الجيش الحر» والمجموعات المسلحة بما فيها «القاعدة»، حسب تعبير قادة حزب «الشعب الجمهوري» المعارض، والمعلومات الصحافية التي تحدثت عن تسلّل المسلحين من مختلف الدول العربية وأفغانستان عبر الأراضي التركية إلى الداخل السوري للقتال ضد النظام. واكتسبت التطورات الأخيرة في التوتر التركي – السوري أهمية إضافية لتوقيتها الزمني، حيث بدأ الجيش السوري أكبر عملية عسكرية نوعية ضد المجموعات المسلحة في حلب، باعتبار أنه بحسم موضوع حلب سيُحسم الملف بأكمله لما لهذه المدينة من أهمية استراتيجية، فهي تبعد عن تركيا حوالى 60 كيلومتراً، وتمثل الامتداد الاستراتيجي للشمال السوري، حيث ينشط «الجيش الحر» بفضل الدعم التركي غير المحدود في جميع المجالات.
وعلى سبيل المثال، تقوم طائرات التجسس بدون طيار وكذلك طائرات الاستطلاع والرادارات التركية برصد وتصوير ما يدور ويتحرك في المنطقة وابلاغ مقاتلي المعارضة بها. وهذا ما ساعد مسلحي الجيش الحر على السيطرة على البوابة الحدودية في تل أبيض، التي تقع ضمن المنطقة الكردية دون أي مواجهة مع الميليشات الكردية الموجودة في المدينة. وتقع على النقطة الصفر على الحدود التركية، التي تسلّل عبرها المسلحون واستولوا على البوابة. في الوقت الذي يعرف فيه الجميع أن أنقرة في مأزق جدّي بسبب فشل المعارضة في السيطرة على حلب وحمص وحماة، كما وعد بذلك الأتراك منذ بداية الأزمة. وفشلت أنقرة، ومعها دول وقوى إقليمية أخرى، في اقناع «الأغلبية السنية» بالانتفاض على «النظام العلوي» ومؤيديه من «شيعة إيران والعراق ولبنان». لذا لم يتبق لأنقرة سوى الرهان على توتير الأزمة مع سوريا للحصول على المزيد من الدعم الأميركي والأوروبي، بعدما انتقد أردوغان هذه الدول لأنها لم تعد تهتم بالملف السوري. وهدفت أنقرة من خلال هذا التوتير إلى رفع معنويات الجماعات المسلحة التي منيت، خلال الفترة القصيرة الماضية، بهزائم جدية تفسّر العمليات الانتحارية والسيارات المفخخة في الساحات العامة. ويبقى الرهان الأخير على الشعب التركي، الذي أثبتت جميع استطلاعات الرأي أن أكثر من 80% منه ضد سياسات الحكومة في سوريا، وهو ما يزعج أردوغان، الذي يسعى إلى استغلال الأزمة الأخيرة لتغيير قناعات الشعب التركي، لينحاز إلى جانب سياساته العسكرية ضد «الديكتاتور الذي يقتل مواطنين أتراكاً»، كما حاول في السابق استغلال موضوع سقوط الطائرة التركية في الأجواء السورية، بحجة أن ذلك قضية وطنية، ويجب أن ينتقم الأتراك لها، وخاصة في هذه المرحلة التي يعتقد أردوغان ووزير خارجيته داوود أوغلو فيها أنهما يمثلان تاريخ وثقافة الإمبراطوية العثمانية العظيمة، التي حكمت هذه المنطقة لمدة 400 عام.
دمشق لإدانة دولية لتفجيرات حلب والاشتباكات تتواصل في ريف دمشق
دعت سوريا مجلس الأمن الدولي إلى إدانة «الأحداث الإرهابية» التي شهدتها مدينة حلب، أول من أمس. وأرسلت وزارة الخارجية السورية رسالتين متطابقتين إلى كلّ من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وسفير غواتيمالا غيرت روزنتال، الذي تترأس بلاده مجلس الأمن.
وقالت وزارة الخارجية السورية في رسالتها «نتطلع إلى إدانة مجلس الأمن بشكل صريح وواضح الأحداث الإرهابية التي ضربت حلب، وإدانة من يقف خلفها». وأضافت أنّ «العمل الإرهابي الجبان الذي اعترفت بتنفيذه جبهة النصرة، إحدى أذرع تنظيم القاعدة، هو حلقة من سلسلة التفجيرات المماثلة التي شهدتها المحافظات السورية على أيدي عصابات الإرهاب الذين يفرون إلى سوريا ويتلقون دعماً بالمال والسلاح والتدريب والإيواء من قبل بلدان في المنطقة وخارجها».
في السياق، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي مع نظيرته الباكستانية هينا رباني خار، «لا يمكنني إلا أن أتذكر مجدداً ذلك الحدث المحزن بأنه منذ عدة أشهر يرفض زملاؤنا الغربيون في مجلس الأمن الإعلان عن إدانة الأعمال الإرهابية على الأراضي السورية».
ميدانياً، شهدت مناطق عدة في ريف دمشق قصفاً واشتباكات بين المقاتلين المعارضين والقوات النظامية، التي تحاول أن تحسم الوضع على الأرض والسيطرة على المنطقة. وشهدت بلدة زاكية، في ريف دمشق، مقتل خمسة مدنيين بنتيجة قصف للقوات النظامية في اشتباكات مع مقاتلين معارضين في البلدة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
في المقابل، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» بأنّه في بلدة زاكية «اشتبكت وحدة من قواتنا المسلحة، بعد مناشدات من المواطنين، مع مجموعات إرهابية مسلحة روعت الأهالي، وقامت بأعمال خطف وسلب وسرقة وتخريب وقطع للطرق».
وذكر مصدر عسكري لـ«سانا» أن عملية ملاحقة أفراد المجموعات الإرهابية في محيط القرية أدّت إلى مقتل عدد كبير منهم، وإلقاء القبض على العشرات ومصادرة أسلحتهم. وفي قدسيا، أفادت «سانا» عن «مصادرة وحدة من قواتنا المسلحة بنادق آلية وقناصات وأسلحة متنوعة، والقضاء على عدد من الإرهابيين خلال مداهمتها وكراً للمجموعات الإرهابية المرتزقة في شارع الثورة».
في السياق، قتل 21 عنصراً من الحرس الجمهوري السوري في تفجير أعقبه إطلاق نار في قدسيا، بحسب ما أكد المرصد السوري لحقوق الانسان.
كما أفاد المرصد عن مقتل ثلاثة أشخاص في قصف للقوات النظامية بقذائف الهاون على بلدة سقبا في ريف دمشق، بينما تعرضت مناطق عدة، منها مدينتا دوما، وحرستا، وبلدة الزبداني، والمزارع المحيطة ببلدة عرطوز ومنطقة الغوطة الشرقية للقصف. كذلك أشار المرصد إلى وقوع اشتباكات بين المقاتلين المعارضين والقوات النظامية في محيط منطقة الهامة «مع انتشار عناصر القناصة في المنطقة».
وفي حلب، أفاد المرصد عن تعرّض أحياء عدة، منها صلاح الدين، وباب النصر والصاخور للقصف، كما دارت اشتباكات في عدد من أحياء المدينة، منها حلب القديمة، والميدان، والعامرية، والسريان، وسيف الدولة، والصاخور والعرقوب، أدّت إلى «تدمير دبابة وخسائر في صفوف القوات النظامية»، وسقوط ستة من المقاتلين المعارضين، بحسب المرصد.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)
شلّح: الحلّ السياسي هو الطريق الأوحد
قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، رمضان شلح، في كلمة ألقاها في ذكرى انطلاق حركة الجهاد الاسلامي في غزة، إنّ «هناك جانباً سلبياً وجانباً إيجابياً للربيع العربي. السلبي فيه إنّه يشغل الشعوب والأنظمة العربية عن قضية فلسطين، ويجعلها تُشغل بقضاياها الداخلية. والأمر الإيجابي هو وجود نافذة أمل لثورات الشعوب لدعم قضية فلسطين، لكن يبقى السؤال إلى كم من الزمن تحتاج الشعوب والأنظمة لكي تنتبه إلى فلسطين؟». وأضاف «قضية فلسطين مؤجلة الآن، ولا نطالب أحداً بشن الحرب على إسرائيل، لكننا نقول إنّ بإمكانهم خوض معركة من أجل القدس والأقصى». وحول ما يجري في سوريا، قال «ما يحدث في سوريا يدمي القلب، ويؤكد أنّ الحلّ السياسي هو الطريق الأوحد من أجل اعطاء الشعب السوري حريته، وضمان تأييد سوريا للمقاومة وفلسطين».
(الأخبار)
إسرائيل: الجولان يتحوّل إلى منطقة «جبهة»
قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، الجنرال أفيف كوخافي، إن توقعات وحدته بشأن «تحوّل الجولان إلى منطقة جبهة مع مستوى هشّ من الحكم آخذة في التحقق». ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن كوخافي قوله، خلال جولة قام بها أول من أمس على الحدود، «إن المعارك السورية على بعد أميال قليلة من إسرائيل»، مضيفاً «إن القتال بين الجيش النظامي السوري والثوار يقترب شيئًا فشيئًا من الخط الحدودي». ورأى كوخافي أنّ عدم سيطرة النظام السوري على الحدود، وتسلل المزيد من عناصر النظام الجهاد العالمي، خلقا أوضاعاً جديدة تهدّد النظام الأمني لدى إسرائيل.
ودعا كوخافي الاستخبارات العسكرية والجيش الإسرائيلي للعمل على الاستعداد الجيّد من أجل مواجهة هذه التحديات والمهمات، التي هي من مهمة الاستخبارات.
(الأخبار)
تركيا جادة في تهديد سوريا… لكن تفضل إضعافها ضربة تلو أخرى
عبدالاله مجيد
ردّت تركيا على قذيفة سورية سقطت في إحدى قراها الحدودية، فكان الرد عنيفًا عسكريًا وسياسيًا بدعوة الحلف الأطلسي للاجتماع وبإجازة البرلمان للحكومة عملًا عسكريًا خارج الحدود. لكن الخبراء يستبعدون حربًا سورية – تركية الآن.
قصفت تركيا يوم الأربعاء موقعًا عسكريًا سوريًا عبر الحدود، بعد مقتل خمسة مدنيين على الأقل بقذيفة هاون أُطلقت من سوريا على قرية أكجاكالي.
ويؤشر القصف التركي، الذي استمر يوم الخميس، على أول عمل عسكري تقوم به دولة أجنبية في سوريا منذ اندلاع الانتفاضة ضد نظام الرئيس بشار الأسد في ربيع العام الماضي. وكانت قوات النظام السوري ضربت عددًا من الأهداف التركية خلال النزاع السوري الداخلي، الذي تقدم فيه تركيا دعمًا متزايدًا لقوى المعارضة التي تقاتل من اجل إسقاط النظام الحاكم في دمشق.
في ضوء نفي رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان نية بلاده خوض حرب مع سوريا، يستبعد محللون تطور الحادث الحدودي إلى حرب شاملة، إلا إذا ردّت دمشق ردًا أهوج على القصف التركي، الأمر الذي لا يبدو مرجحًا إزاء ضعف النظام السوري في الداخل، الذي يزيده التصعيد الأخير ضعفًا وعزلة.
لعبة الأطلسي
تطالب تركيا الآن بالتزامات حازمة من حلفائها في حلف شمالي الأطلسي ضد النظام السوري. وفي أعقاب الاجتماع الطارئ الذي عقدته دول الحلف الثماني والعشرون ليل الأربعاء في بروكسل، صدر بيان يدين خرق النظام السوري الصارخ للقانون الدولي، ويطالب بالوقف الفوري لمثل هذه الأعمال العدوانية ضد دولة حليفة.
ويمكن ان تؤدي الاجتماعات اللاحقة، في حال استمر النظام السوري في اعماله الاستفزازية، إلى استحضار المادة الخامسة من ميثاق الحلف، التي تنص على دفاع الحلف عن أي دولة عضو تتعرض للهجوم.
لكن يبدو أن انقرة تراهن على أن الأسد لن يقامر بشن هجمات اخرى على الأراضي التركية إذا وصلته رسالة حلف شمال الأطلسي الواضحة بوقوفه بحزم إلى جانب تركيا. كما يعلم الاتراك حاجتهم إلى توظيف ورقة الانتخابات الرئاسية الأميركية لكي ي ضمنوا التزام حلف شمال الأطلسي. فإذا امتنع البيت الأبيض عن توجيه إشارات قوية بدعم تركيا، سيعرض الرئيس أوباما نفسه لاتهامات بالتواني عن الوقوف إلى جانب دولة أطلسية حليفة في وقت الحاجة.
من هذا المنطلق، يرجح مراقبون أن تصغي الادارة الاميركية إلى الدعوات التي تطالب اوباما بتقديم الدعم الثابت للقيادة التركية.
وإذا خذل الحلف الطلسي تركيا الآن ، لن تتردد تركيا في إنهاء التزاماتها تجاه الحلف. وآخر ما تحتاجه واشنطن الآن هو خسارة الحليف المسلم الوحيد النافذ في الشرق الأوسط، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال.
قوة التخويف
وبالرغم من استراتيجية تركيا المحسوبة لنيل دعم الولايات المتحدة والحلف الأطلسي، فإنها لا تترك شيئًا للصدفة في مساعيها لحماية اراضيها ضد تجاوزات الأسد. فقد أجاز البرلمان التركي الخميس تنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية “إذا اقتضى الأمر”.
وتحدثت وسائل إعلام تركية عن حشود للجيش التركي على الحدود السورية. ويعيد الموقف إلى الأذهان ما حدث عام 1998 عندما اسفر استعراض تركيا قوتها على الحدود عن تغيير الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، والد بشار، سياسته في ايواء مقاتلي حزب العمال الكردستاني وقادته. وقد كان استعراض القوة ذاك مثالًا على ما يمكن أن يحققه التهديد بالاجتياح من نتائج.
رد متأخر
وإزاء قوة الموقف التركي، من المستبعد أن يرد الأسد على القصف التركي لمواقع جيشه. لكن يبدو أن صبر تركيا يكاد ينفد منذ حزيران (يونيو) الماضي، أي منذ أسقطت دفاعات الأسد الجوية طائرة حربية تركية فوق البحر المتوسط.
وبعد مناوشات اليومين الماضيين، فان الدولتين تشتبكان على نحو متزايد في شكل من أشكال الحرب التي تختمر ببطء، على حد تعبير وول ستريت جورنال.
وفي الواقع، كان القصف التركي ردًا متأخرًا على حادث إسقاط الطائرة، إذا ما علمنا أن قذيفة الهاون السورية سقطت على البلدة التركية من طريق الخطأ، عندما كانت قوات النظام تقصف مواقع للمعارضة المسلحة على الجانب السوري من الحدود.
وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال، هذه كانت طريقة الاتراك في قولهم للأسد: “سنجعلك تدفع الثمن ولكن في توقيت لا تتوقعه”.
ومن شأن الرد التركي بقصف مواقع لقوات النظام السوري أن يقوي معنويات الثوار السوريين بدرجة كبيرة. فنظام الأسد ازداد ضعفًا هذا الاسبوع، وسيكون أضعف مع قيام تركيا بتمهيد الطريق لملاحقة نظامه، ضربة تلو الأخرى.
http://www.elaph.com/Web/news/2012/10/766054.html
بين الشظايا واستراتيجيات البقاء في شارع اسماعيل باشا في حلب
أ. ف. ب.
أبو احمد كان خياطًا قبل الحرب، لكنه اليوم بات على غرار الكثير من سكان حلب المنكوبة جراء اكثر من شهرين من المعارك همه الاول البقاء.
حلب: على بعد مئة متر من الجبهة خلا شارع اسماعيل باشا المؤدي الى الاسواق التي تدور حولها المعارك بين المعارضة وقوات النظام من سكانه، لكن بعض التجار ما زالوا يحاولون كسب حفنة ليرات يوميًا مع تغيير بضائعهم.
ويدير بكري وناصر كشك والدهما الصغير لبيع البن وحب الهال.
السوريون يطورون قدراتهم من اجل البقاء
لكن الا يخشى الفتيان البالغان الثامنة والعاشرة من العمر تبادل اطلاق النار المستمر بين المقاتلين. “بلى، انا اخاف. من لا يخاف؟” أكد البكر مبتسمًا.
بجوارهما كان اللحام يرمي بقايا كبيرة من لحم الغنم الى القطط الرابضة تحت هيكل سيارة متفحم بمواجهة متجره. ثم بدأ يغسل عتبة ملحمته بكميات كبيرة من المياه.
ووصل بائع السجائر بقميص ممزق عارضًا علب الغولواز بلوند والمارلبورو المهربة. وقال: “هذا عملي منذ اسبوع، انا في الاصل بائع ملابس لكن لم يعد لدي زبائن”.
ثم يمر بائع الخضار تكرارًا فيعرض الخس والبقدونس والفجل. ثم بائع الذرة المسلوقة الذي غير مهنته هو ايضًا منذ ثلاثة اشهر.
ويقول زكريا انه يعمل من الثامنة صباحا الى 11 ليلاً.
كل صباح يشتري 100 عرنوس ذرة بعشر ليرات ونصف للواحد ويبيعها بـ15 ليرة.
في هذه اللحظة تحلق طائرة تابعة للجيش فوق المنطقة وتعبر مرتين ذهابًا وايابًا، فيتابعها السكان بانظارهم صامتين.
ابو احمد الذي فضل عدم الكشف عن هويته كاملة كان خياطًا قبل اندلاع النزاع لكن “لم يعد هناك عمل”.
ويقيم الرجل البالغ 53 عامًا في الشارع نفسه في المدينة القديمة منذ 22 عاماً، وليس لديه اي مكان يذهب اليه ولا يريد أن يضاف الى دفق النازحين واللاجئين في الدول المجاورة.
ويقول “اريد البقاء هنا. اعيش هنا أو اموت”.
ودعا بدوره كغيره من المتحدثين الآخرين المدنيين والمقاتلين “الشعب الفرنسي الى الضغط على حكومته لتوقف مقتل المدنيين”.
وقال “فرنسا استعمرت سوريا، انها تعرفنا جيدًا، وهي اول دولة ينبغي أن تساعدنا. يمكنها فعل ذلك في السر، عبر شحنات فعلية من السلاح”.
لا أحد من السكان يجرؤ على التحرك ليلا
بانتظار نهاية النزاع المستمر منذ 18 شهرًا ينبغي البقاء وادارة نقص المال.
التقط بائع السجائر باقة بقدونس وقال: “كل شيء يرتفع ثمنه، كان سعرها ليرة (0,013 دولار) واليوم باتت ب25 ليرة” (0,32 دولار).
وبدأ يعدد السلع التي تتزايد اسعارها بحدة. فسعر البيضة ارتفع من ليرتين (0,02 دولار) الى 12 (0,15 دولار)، وعشرة ارغفة من الخبز من 25 ليرة الى 50 وعبوة الغاز من 275 ليرة الى 4000.
مع انتهاء النهار يخلي السكان شارع اسماعيل باشا. وقال ابو احمد: “لم نعد نجرؤ على امضاء الوقت خارجًا بعد حلول الليل”.
http://www.elaph.com/Web/news/2012/10/765995.html
نظام الأسد يكابد لتوسيع نطاق الأزمة و”ضبط النفس” التركي يُعيقه
وكالة الأناضول للأنباء
يسعى نظام الرئيس السوري بشار الأسد حسب محللين الى توسيع نطاق الازمة التي وقع فيها، ويحاول حاليًا تصديرها الى خارج حدوده، لكن استفزاز الجارة تركيا لم يفِ بعد بالغرض.
القاهرة: اعتبر خبراء عرب سياسيون وعسكريون أن ضبط النفس للحكومة التركية بعد هجوم نظام بشار الأسد على قرية تركية يُفشل مخططات النظام السوري لتوسيع نطاق الأزمة.
وقال الكاتب والمحلل السياسي السوري نبيل شبيب، المقيم في ألمانيا، إن “الاعتداء السوري يدخل في إطار استفزاز نظام الأسد لتركيا، الذي أخذ مؤخرًا عدة أشكال منها إسقاط الطائرة التركية، والضربات الجوية المتكررة القريبة من الحدود، والتصريحات العدائية لانقرة التي صدرت من قبل عدد من مسؤولي نظام الأسد”.
جنود أتراك على الحدود مع سوريا
ورغم أن شبيب الذي يكتب بعدد من الدوريات السياسية، قال في تصريحات لمراسل الأناضول عبر الهاتف “حان الآن وقت التدخل التركي للرد على هذه الاستفزازات”، إلا أنه لا يحبذ “التدخل العسكري المباشر”، معتبرًا أن “أفضل رد تركي على الهجوم الأخير هو إمداد الثوار السوريين بالسلاح، والمساعدة في حماية الشعب السوري من القصف الجوي لجيش النظام”.
واعتبر اللواء سامح أبو هشيمة، الأستاذ في أكاديمية ناصر العسكرية العليا في مصر، في تصريحات لمراسل الأناضول أن “نظام الأسد يحاول جر أنقرة نحو التدخل العسكري في بلاده”.
في الاتجاه نفسه، رأى جواد الحمد، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن، في تصريح للأناضول أن “ما قام به النظام السوري محاولة لاستفزاز تركيا”، فيما قال اللواء علاء عز الدين، مدير مركز الدراسات الإستراتيجية بالقوات المسلحة المصرية سابقًا، أنه “ليس من مصلحة نظام الأسد استعداء تركيا في هذا التوقيت”.
وأضاف: “نظام الأسد يظن أن الوقت في صالحه طالما لا يوجد تدخل دولي في الأزمة الراهنة؛ فبمرور الوقت هو يظن أن بمقدوره القضاء على المعارضة والجيش السوري الحر، فكيف سيعمل هذا النظام على استعداء تركيا بإعطائها، وحلف الناتو الذي تنتمي إليه، المبرر للتدخل العسكري بأراضيه”.
ورأى عز الدين أن الاعتذار الذي صدر من نظام الأسد عما حدث يكشف إدراكه لهذه الأبعاد وأن خطأ ما قد حدث.
لكن الخبير المصري لم يمانع ما طالب به البعض من مساعدة أنقرة للجيش السوري الحر، معتبرًا أن ذلك “له ما يبرره بغض النظر عن الاعتداء الأخير على السيادة التركية”.
وكانت قذيفة أطلقتها قوات نظام الأسد الأربعاء على بلدة “أقتشه قلعة” التركية أدت إلى قتل سيدة تركية وأطفالها الأربعة، إضافة إلى وقوع عدة إصابات، وهو ما ردت عليه المدفعية التركية بقصف أهداف لقوات الأسد.
http://www.elaph.com/Web/news/2012/10/765952.html
البرلمان التركي يمنح الجيش «حق التوغل» في سوريا.. ودمشق تعتذر
مسؤول تركي لـ«الشرق الأوسط»: أنقرة والحلف الأطلسي لن يسكتا عن أي اعتداء مستقبلي
لندن : ثائر عباس
أعادت تركيا أمس قصف مواقع سورية انتقاما لمقتل 5 أتراك في قصف سوري أول من أمس، رغم اعتذار رسمي سوري عن القصف ووعد «بالتحقيق في ملابساته»، محذرة من أنها «لن تسكت بعد اليوم عن أي تحرش سوري»، متسلحة بتفويض من البرلمان، نالته بأغلبية كبيرة، يسمح لها بالقيام بعمليات عسكرية داخل سوريا إذا تكررت الخروقات السورية.
وأوضحت مصادر رسمية تركية لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش التركي بقصفه المراكز السورية، التي أطلقت النار باتجاه الأراضي التركي، لم يكن بحاجة إلى هذا التفويض، لأن العمليات الدفاعية «تلقائية»، ويمكن للقيادة العسكرية اتخاذها بموجب قواعد الاشتباك التي غيرتها تركيا. وأضافت المصادر أن التفويض يتعلق بالقيام بعمليات عسكرية داخل الأراضي السورية، لأن المادة 92 من الدستور تمنع إرسال القوات خارج الحدود إلا بإذن من البرلمان، يجدد كل سنة على غرار ما هو حاصل في العراق.
وقال كبير مستشاري الرئيس التركي، إرشاد هورموزلو، لـ«الشرق الأوسط»، إن على الحكومة السورية توقع «رد فوري على أي خروقات وأعمال عدائية من قبل الجانب السوري»، مشيرا إلى أن «التفويض المعطى للحكومة التركية لا يعني أن تركيا سوف تهاجم سوريا اليوم أو غدا، فهي لا تريد الانجرار إلى صراعات وحروب، وتأمل تجنيب المنطقة مثل هذه الأوضاع». وأضاف: هورموزلو: «على الحكومة السورية أن تدرك أن أي اعتداء على الحدود التركية هو اعتداء على الحدود الجنوبية لحلف شمال الأطلسي»، مشيرا إلى أنه «إذا لم تكرر سوريا هذه الخروقات فلن يكون هناك تصعيد، لكن إذا تكررت فلدينا التفويض، وتركيا وحلف شمال الأطلسي لن يسكتا عن أي اعتداءات أخرى».
وبدوره، لوح الناطق بلسان الخارجية التركية، سلجوق أونال، برد قاس إذا تكررت العمليات السورية، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن «القصف التركي الجديد استمرار للرد الذي قررته الحكومة على ما ارتكبه النظام السوري»، موضحا أن تركيا أوقفت عملياتها بعد الاعتذار السوري، لكنها سوف تستأنف هذه العمليات إذا ما حصل أي خرق.
وكان نائب رئيس الوزراء التركي، بشير أتالاي، أعلن، أمس، أن القيادة السورية نقلت اعتذارا سوريا عبر الأمم المتحدة. وأكدت الرسالة السورية أن «مثل هذا الحادث لن يتكرر من الآن فصاعدا». وقال وزير الإعلام السوري، عمران الزعبي، إن بلاده «تحقق في مصدر القذيفة». وقدم الزعبي تعازيه للشعب التركي، وقال إن بلاده تحترم سيادة الدول المجاورة لها. وأشار إلى أن على الدول المجاورة وقف دخول المسلحين إلى سوريا، معتبرا أن «الحدود السورية – التركية طويلة وتستخدم في تهريب السلاح والإرهابيين إلى سوريا لارتكاب جرائم»، داعيا «الدول والحكومات للتصرف بحكمة ومسؤولية، لأن هناك وضعا خاصا على الحدود، والجماعات الإرهابية منتشرة على امتدادها، وتشكل خطرا، ليس فقط على الأمن الوطني السوري، بل على أمن المنطقة كلها».
وفي أنقرة، صدق البرلمان التركي على مذكرة التفويض الخاصة بمنح الحكومة التركية صلاحية استصدار قرار بإجراء عمليات عسكرية في سوريا إذا اقتضى الأمر، ولمدة عام واحد. وصوت لصالح مذكرة التفويض 320 نائبا من نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، وحزب «الحركة القومية» الذي يعد ثاني أكبر حزب برلماني معارض، مقابل 129 نائبا صوتوا ضده، بينهم نواب حزب «الشعب الجمهوري» المعارض الأم، وحزب «السلام والديمقراطية» الكردي. وكان حزب «الشعب الجمهوري» عقد صباحا اجتماعا عاجلا لكتلته البرلمانية لبحث المذكرة الحكومية، وقرر الحزب ومعه حزب «الحركة القومية» (يميني) التصويت ضد المذكرة الحكومية. وشهدت الجلسة المغلقة نقاشات اتسمت بالحدة، بعد معارضة نواب من المعارضة للمذكرة. فدعا نائب رئيس كتلة حزب «العدالة والتنمية»، نور الدين جانيكلي، نواب المعارضة إلى تحديد موقفهم فيما إذا كانوا إلى جانب تركيا أم الأسد، فأجابه نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب «الشعب الجمهوري» المعارض: «ليذهب الأسد إلى الجحيم. نحن نقف إلى جانب الجمهورية التركية المستقلة». وتعليقا على هذا التفويض، قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، إن المذكرة أوصلت رسالة تركيا إلى العناوين المعنية.
وكان كبير مستشاري رئيس الوزراء التركي، إبراهيم كالين، أكد في تصريحات، أدلى بها على حسابه في «توتير»، أن بلاده لا تعتزم شن حرب على سوريا أو الدخول في نزاع مسلح عند الحدود الدولية المشتركة بين البلدين، موضحا أن الإجراء الحكومي يهدف إلى حفظ سلامة الأراضي التركية.
«فرتينا».. العاصفة التركية: صناعة وطنية من تصميم «سامسونغ»
المدفع يستطيع إسقاط 3 قذائف في المكان والتوقيت نفسه
سرب الجيش التركي، أمس، معلومات عن المدفعية التي استخدمت خلال اليومين الماضيين في قصف أهداف سورية، كاشفا أنه استخدم مدفعية ميدان منقولة على عربات، طورت تصميماتها شركة «سامسونغ» الكورية لصالح الجيش الكوري الجنوبي، واشترت تركيا رخصة تصنيعها محليا.
فقد استخدم الجيش التركي في قصف أهدافه بسوريا، مدافع «فرتينا»، أي «العاصفة»، التي تعتبر أكثر أسلحته فعالية، بعد طائرات «إف – 16». وتتمتع هذه المدافع بقدرة فائقة على المناورة، حتى في الأراضي الوعرة، وذلك بفضل نظام الاهتزاز المتطور المزودة به، ويمكنها أيضا، وهي في وضع متحرك، الاستعداد لقصف أهدافها خلال 30 ثانية. وتستطيع أن ترمي ست قذائف في الدقيقة، مع إمكانية تغيير موقعها خلال ثلاثين ثانية بعد القصف، مما يقلل من خطر تعرضها لنيران العدو إلى أدنى حد. وأهم ما يميز نظام التحكم في القذف في مدافع «العاصفة»، المطور من قبل مؤسسة الصناعات العسكرية الإلكترونية، هو قدرتها على لعب دور ثلاثة مدافع من خلال وصول ثلاث قذائف، أطلقت على التوالي من زوايا مختلفة على بعد 8 – 25 كم، إلى الهدف في الوقت نفسه.
وكانت تركيا أبرمت في عام 2004 صفقة مع كوريا الجنوبية، اشترت بموجبها حقوق تصنيع هذه العربات بمبلغ مليار دولار، وقد أنتج منها في كوريا 8 مدافع، بينما صنع منها حتى الآن في تركيا نحو 300، من أصل 350 مدفعا تنوي تركيا ضمها إلى قوتها.
وقد أدخلت الصناعات العسكرية التركية تحديثات عدة على هذه المدافع، وزودتها بمحركات ديزل ألمانية التصميم تصنع في تركيا، وهي تعطي العربات إمكانية السير بسرعة 66 كيلومترا في الساعة.
فابيوس يطالب مجلس الأمن بـ«توجيه رسالة سريعة وواضحة لدمشق»
دعم وتضامن فرنسي مع تركيا وتأكيد الوقوف إلى جانبها
باريس: ميشال أبو نجم
التزمت باريس موقفا متشددا من حادث إطلاق النار على قرية تركية، والذي أوقع مساء الأربعاء خمسة قتلى وعددا من الجرحى. وهاتف وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس نظيره التركي أحمد داود أوغلو الذي التقاه مؤخرا في نيويورك مباشرة بعد الحادث ليعبر له عن «دعم وتضامن فرنسا» مع تركيا وللتأكيد أن باريس «تقف إلى جانب أنقرة»، مطالبا الأسرة الدولية، وتحديدا مجلس الأمن الدولي بـ«توجيه رسالة سريعة وواضحة لدمشق تتضمن إدانة للحادث وتتسم بالصرامة الشديدة إزاء السلطات السورية». ووصف الوزير فابيوس، في بيان صدر عنه، أن ما حصل «انتهاك للقانون الدولي» كما أنه يشكل «تهديدا جديا للسلام والأمن العالميين»، حيث إن فرنسا لم تعد تعتبر منذ زمن طويل أن ما يجري في سوريا «شأن داخلي» وفق الموقف الذي يدافع عنه الجانب الروسي في المناقشات التي تجرى في المحافل الدولية. وتذهب باريس إلى اعتباره دليلا على المخاطر التي تحملها الأزمة السورية لدول الجوار السوري مركزة بشكل خاص على لبنان. وبحسب فرنسا، فإن الأسرة الدولية «لا يمكن أن تتقبل استمرار النظام السوري في الاستمرار بممارسة العنف في الداخل والخارج»، داعية إلى وضع حد «فوري» لهذه الممارسات. ووصف الناطق باسم الخارجية الفرنسية أمس تركيا بأنها «بلد حليف»، متخطيا بذلك كليا مراحل التوتر في العلاقات الفرنسية – التركية التي نشأت العام الماضي بسبب موضوع إبادة الأرمن وتحديدا بسبب مشروع القانون الذي قدم إلى البرلمان بـ«تجريم» إنكار مقتلة الأرمن الأمر الذي ألغاه لاحقا المجلس الدستوري. ومنذ اندلاع الأزمة السورية، سعت باريس إلى العمل مع أنقره متجاوزة الخلافات الثنائية. ويصف المسؤولون الفرنسيون حاليا العلاقات مع تركيا بأنها عادت «طبيعية». وعلى صعيد متصل، كشفت مصادر دبلوماسية فرنسية عن أن عددا من الدول الأوروبية والعربية والأميركية «تتواصل» مع فرنسا إما للعمل معها وللقيام بشيء مشابه في دعمها لما تسميه «المناطق المحررة». وبحسب هذه المصادر، فإن باريس تسعى إلى تحقيق ثلاثة أهداف متداخلة من عملها مع المجالس المدنية المحلية أو المختلطة «مع العناصر المسلحة» أولها تقوية دور المدنيين في هذه المجالس «اليوم وغدا» في مواجهة العناصر المسلحة والتحضير لسوريا ما بعد سقوط الرئيس بشار الأسد وثانيها دعم «أقطاب الاستقرار» لتحاشي الفراغ والفوضى في المرحلة اللاحقة، وأخيرا لقيام بما لا تستطيعه المنظمات غير الحكومية من توفير المساعدة عبر إيجاد الآليات المناسبة. وشرحت هذه المصادر طبيعة البرنامج الذي ترغب فرنسا في تطبيقه في ثلاث مناطق سوريا تقع شمال وشرق البلاد. وحتى الآن، فإنها تتعامل معه عشرة مجالس محلية. وتكمن وراء العمل الإنساني والاجتماعي أهداف سياسية واضحة أهمها مساعدة المعارضة وتحضير مرحلة ما بعد انهيار النظام الحالي.
وتراهن فرنسا التي تقدر أن «الفتور» الذي لقيته مبادرتها الداعية إلى الإسراع في تشكيل حكومة انتقالية والتعجيل بالاعتراف بشرعيتها «من قبل أطراف منها الولايات المتحدة الأميركية وغيرها»، قد تراجع، وأن هناك «تفهما» اليوم لضرورة قيامها بسرعة، على الاجتماع الموسع المنتظر للمعارضة السورية أواسط أشهر الحالي في الدوحة. وسيعقب الاجتماع المذكور مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في مدينة مراكش المغربية أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. ويقوم التشاور في الوقت الحاضر على كيفية إيجاد صيغة أوسع مما يمثلها لمجلس الوطني السوري الذي كانت باريس أول من دعت إليه واحتضنته. وينصب البحث حاليا على كيفية الجمع بين معارضة الخارج والداخل والتوفيق بين التيارات والاتجاهات وتمثيل اللجان الثورية والمدنية المحلية.
اعتراضات روسيا تمنع مجلس الأمن من إصدار بيان إدانة ضد سوريا
واشنطن تصف التوتر بين دمشق وأنقرة بـ «خطير للغاية» وتؤكد دعمها
واشنطن: هبة القدسي
نددت الولايات المتحدة الأميركية القصف السوري عبر الحدود مع تركيا، وشددت على وقوفها بجوار حليفها التركي. وأصدر البيت الأبيض بيانا مساء الأربعاء أعلن خلاله تأييده لتركيا العضو في حلف شمال الأطلسي. وقال تومي فيتور المتحدث باسم البيت الأبيض: «نقف مع حليفنا التركي، ونواصل التشاور عن كثب بشأن الطريق الذي سنمضي فيه».
فيما عبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عن غضبها ووصفت امتداد العنف إلى خارج الحدود السورية بأنه «خطير للغاية» وأكدت أن واشنطن ستبحث مع أنقرة الخطوات التي يجب اتخاذها. وقالت كلينتون في مؤتمر صحافي مع وزير خارجية كازاخستان: «نحن نشعر بالغضب من أن سوريا تطلق النار إلى خارج حدودها، ونأسف للغاية بشأن الخسائر في الأرواح التي وقعت على الجانب التركي». وأضافت: «على كل الدول مسؤولية الوقوف صفا واحدا لإقناع نظام الأسد بوقف إطلاق النار، وإنهاء الاعتداء على شعبه، والبدء في عملية انتقال سياسي». وأشارت كلينتون إلى اتصالات تجريها مع نظيرها التركي أحمد داود أوغلو للتشاور معه حول الخطوات التي سيتم اتباعها بعد ذلك.
وهاجمت كلينتون النظام السوري وقالت: «إن حرص النظام السوري على البقاء في السلطة كلف شعبه ما لا يمكن وصفه، أو التعبير عنه بكلمات».
وقال جورج ليتل المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية: «هذا مثال آخر على السلوك المنحط للنظام السوري ودليل على ضرورة رحيل نظام الأسد». وأضاف: «نأسف للخسائر في الأرواح في تركيا وهي حليف قوي ونستمر في مراقبة الوضع عن كثب».
حالت اعتراضات روسيا دون إصدار بيان من مجلس الأمن لإدانة سوريا في قصفها بقذائف الهاون لجنوب تركيا، حيث يتطلب الأمر موافقة كافة الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن. وطالبت روسيا مجلس الأمن بإجراء مزيد من المشاورات، واقترحت تعديلا في البيان بحيث يدعو إلى ضبط النفس على الحدود، دون أي إشارة إلى انتهاكات للقانون الدولي.
وقال السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة مارك ليال غرانت، للصحافيين، الخميس، إن روسيا اعترضت على صيغة البيان وطالبت بتعديل النص، وأشار إلى أن مجلس الأمن سيواصل التفاوض على النص. وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس: «المجلس يحتاج إلى إدانة هذا الهجوم بوضوح ودون مواربة، ونحث على وضع حد لمثل هذه الأعمال»، وأضافت رايس: «إن الهجوم على تركيا يعمل على زعزعة الاستقرار ويجب أن يتوقف»، وانتقدت محاولات واقتراحات روسيا لتعديل النص.
وأشار مسؤول دبلوماسي إلى أن روسيا تعترض على كلمة «قصف»، معتبرة أن سقوط قذيفة واحدة على منزل في قرية بجنوب تركيا لا يعد قصفا. كما تعترض روسيا على عدم إشارة نص البيان إلى قيام تركيا بالقصف المدفعي لأهداف في سوريا، وقال المندوب الروسي: «إنه إذا تغاضي مجلس الأمن عن قيام أنقرة بضرب أهداف في سوريا، فإنه بذلك يجازف في إظهار المجلس أنه يتعامل مع الأمور بمكيالين».
واقترحت روسيا صيغة تقول: «إن أعضاء مجلس الأمن يدعون الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس وتجنب الاشتباكات العسكرية التي يمكن أن تؤدي إلى مزيد من تصعيد الوضع في المناطق الحدودية بين سوريا وتركيا، وتدعو البلدين إلى تخفيف حدة التوتر والتوصل إلى طريق للتوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية».
من جانبه، قال مارتن نيسيركي، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، في المؤتمر الصحافي، أمس، إن الأخضر الإبراهيمي يقوم بمحادثات مع المسؤولين الأتراك والسوريين، وأوضح أن الأمين العام قلق من تصاعد التوتر على طول الحدود السورية – التركية ويشعر بالقلق من خطر نشوب صراع إقليمي واسع.
مصر والجامعة العربية تحذران من اتساع نطاق الأزمة السورية
كامل عمرو والعربي دعيا دمشق لعدم التعدي على حدود الدول المجاورة
القاهرة: سوسن أبو حسين
حذرت مصر من اتساع نطاق الأزمة السورية بعد الاشتعال الذي شهدته الحدود السورية التركية بعد سقوط قذائف سورية على قرية حدودية تركية، مما أدى إلى خسائر بشرية على الجانب التركي.
ودعا محمد عمرو وزير الخارجية المصري، الحكومة السورية إلى عدم التعدي على حدود الدول المجاورة، محذرا من المخاطر الجمة التي تحدق بالمنطقة بأسرها جراء احتمالات اتساع نطاق الأزمة السورية، كما أعرب عن تعازي مصر للشعب التركي في مقتل سيدة تركية وأطفالها الأربعة الليلة قبل الماضية جراء سقوط القذائف السورية.
وأكد عمرو استمرار مساعي مصر لوقف نزيف الدم في سوريا، من خلال الاتصالات العاجلة التي تجريها مصر مع جميع القوى الإقليمية والدولية في هذا الشأن، مؤكدا في الوقت ذاته مسؤولية الحكومة السورية عن وقف إراقة الدماء ووقف دائرة العنف والحيلولة دون اتساعها.
وعلى صعيد متصل، أعرب الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية عن قلقه البالغ إزاء الاعتداء الذي تعرضت له بلدة أكجاكالي التركية على الحدود مع سوريا، والذي أدى إلى مقتل سيدة تركية وأطفالها الأربعة وعدد آخر من الجرحى الأتراك، وذلك من جراء سقوط قذائف أطلقتها القوات السورية ليلة الأربعاء الماضي.
وحذر الأمين العام من مغبة هذا التطور الخطير للأحداث على الحدود التركية السورية، وما يحمله ذلك من تهديد خطير للسلم والأمن في المنطقة، والأمن العالمي، معربا عن خالص تعازيه لأهالي الضحايا الأتراك الأبرياء والشعب التركي وحكومته على هذا الحادث الأليم.
لافروف: دمشق أكدت أن قصف الأراضي التركية «حادث مأساوي»
سفينة إنزال روسية في طريقها إلى المياه السورية
موسكو: سامي عمارة
أعلن سيرغي لافروف أن السلطات السورية أكدت لموسكو أن القصف الذي استهدف الأراضي التركية انطلاقا من الأراضي السورية هو «حادث مأساوي»، مشددا على وجوب أن تعلن دمشق ذلك رسميا.
وقال لافروف «لقد اتصلنا بواسطة سفيرنا بالسلطات السورية التي أكدت لنا، وكذلك للمبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي، أن ما جرى على الحدود مع تركيا هو حادث مأساوي وأنه لن يتكرر أبدا»، مضيفا «نعتبر أنه من الضروري أن تعلن دمشق هذا رسميا».
كما أعلنت موسكو رسميا أمس عن ضرورة سرعة إقامة قناة اتصال مباشرة بين دمشق والسلطات التركية بغية تسوية أي قضايا طارئة بين البلدين. وفيما ناشدت وزارة الخارجية الروسية الجانبين ضبط النفس في أعقاب الهجوم الذي أسفر عن مقتل خمسة من المواطنين الأتراك أول من أمس، قال سيرغي لافروف في أعقاب لقائه مع نظيرته الباكستانية حنا رباني في إسلام آباد إن السلطتين السورية والتركية مدعوتان إلى إقامة قناة للاتصال المباشر فيما بينهما تحسبا للتوتر القائم على حدود البلدين. وقال لافروف إن «السوريين أبلغوا موسكو عن طريق المندوب الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية في سوريا الأخضر الإبراهيمي أن قصف الأراضي التركية كان حادثا عرضيا محزنا، وأنها ستتخذ كل ما في وسعها لعدم تكرار ذلك في المستقبل». وأضاف: «نعتبر أنه من المهم أن تعلن دمشق رسميا عن ذلك، وعن أنها لن تسمح بحدوث مثل ذلك مستقبلا».
وفي موسكو دعا المتحدث ب وكانت صحيفة «إزفيستيا» نقلت أمس عن المتحدث الرسمي باسم البحرية الروسية ما قاله حول إرسال سفينة الإنزال «نوفوتشيركاسك» التابعة لأسطول البحر الأسود في مهمة بحرية إلى مياه البحر الأبيض المتوسط. وأضافت مصادر البحرية الروسية أن «السفينة نوفوتشيركاسك مدعوة إلى تنفيذ مهمة استطلاع الموقف بالقرب من السواحل الجنوبية والشرقية للبحر الأبيض المتوسط، وإمكانية وصول السفن الروسية إلى موارد الطاقة على السواحل السورية بالإضافة إلى تفاصيل أخرى تتعلق بالتخطيط لتنفيذ عمليات عسكرية». وأشارت الصحيفة الروسية إلى ما قاله المتحدث باسم البحرية الروسية حول أن «المنطقة القريبة من سوريا تشهد اضطرابات كثيرة» في إشارة إلى إحدى المهام الرئيسية التي يجب على البارجة الروسية «نوفوتشيركاسك» الاضطلاع بها بما تحمله على متنها من عناصر قوات المهمات الخاصة البحرية، القادرة على المشاركة في إخلاء القاعدة الروسية في طرطوس في حال تصاعد الأوضاع في سوريا. وأعادت الصحيفة إلى الأذهان ما سبق وقامت به السفينة في أغسطس (آب) الماضي حين تولت نقل الخبراء الروس من قاعدة طرطوس إلى ورشة الإصلاح العائمة المرابطة بالقرب من السواحل السورية.
حثت طهران أمس كلا من دمشق وأنقرة على ضبط النفس غداة مقتل خمسة مدنيين أتراك في قصف من الجانب السوري من الحدود رد عليه الجيش التركي بقصف أهداف داخل سوريا، كما أفادت وكالة «فارس» للأنباء.
هجوم يستهدف الحرس الجمهوري السوري.. وأعنف الاشتباكات في دير الزور
انشقاق مجموعة من الفرقة السابعة.. والنظام يعتمد استراتيجية تدمير مناطق خط التماس في حلب
بيروت: كارولين عاكوم
وصل عدد قتلى أمس في سوريا إلى 72 بحسب الحصيلة الأولية التي أعلنتها لجان التنسيق المحلية، بينهم 23 قتيلا في حلب و6 في حمص، في حين نجح الجيش الحر في استهداف الحرس الجمهوري السوري موقعا في صفوفهم 21 عنصرا إثر استهدافه حافلة تابعة لهم واشتباكات بين الطرفين في منطقة «قدسيا» في ريف دمشق.
ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مصدر طبي سوري قوله، إن عدد قتلى الحرس الجمهوري مرشح للارتفاع، وإن سيارات الإسعاف توافدت على مساكن الحرس الجمهوري بقدسيا. وأوضح المرصد أن المهاجمين استخدموا عبوة ناسفة صغيرة لكنهم وضعوها قرب مساكن الحرس في المنطقة، بينما ذكرت لجان التنسيق المحلية في ريف دمشق أن مجموعة عناصر من الجيش النظامي انشقت بعدتها وعتادها من الفرقة السابعة في مدينة زاكية واشتبكت غربا مع قوات الأسد وسجل استخدام لكافة الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.
كذلك، كان المرصد قد أفاد بأن مناطق في ضاحية «قدسيا» بمحافظة ريف دمشق تعرضت للقصف من القوات النظامية السورية، ترافق مع إطلاق رصاص كثيف. وأكد كل من المرصد و«فرانس برس» أن الجيش السوري النظامي شن هجوما واسعا على قدسيا يوم الأربعاء ونشر عددا كبيرا من الجنود الذين يحاولون فرض سيطرتهم على الضاحية التي تقع فيها مساكن قوات الحرس الجمهوري.
وذكر أن مدينتي الزبداني وحرستا والمزارع المحيطة ببلدة عرطوز ومنطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق تعرضت للقصف من قبل القوات النظامية وشوهد تصاعد أعمدة الدخان من مناطق القصف في الغوطة الشرقية.
وفي ريف دمشق أيضا اقتحمت القوات النظامية ضاحية الفردوس بأعداد كبيرة من الجنود والآليات وطوقت المنطقة بشكل كامل.
وذكرت لجان التنسيق المحلية أن عشرات الجرحى لا يزالون تحت الأنقاض في حي العب في دوما نتيجة قصف عنيف من البراميل المتفجرة والهاون، لافتة إلى أن بلدة عرطوز تعرضت لقصف عنيف وتحديدا على حي الضهرة، حيث سقط خلال ساعات قبل الظهر أكثر من عشرين قذيفة، كما تعرضت «حمورية» إلى قصف عنيف من قبل قوات النظام على المدينة بقذائف المدفعية والهاون وطائرات «الميغ»، بينما يعيش الأهالي حالة رعب وخوف.
وأعلن اتحاد التنسيقيات أن كتائب الأسد اقتحمت حي القابون ونفذت عمليات دهم واعتقال وتكسير للمنازل والمحال التجارية في البعلة.
وفي دمشق، لم ينف المصدر أن المعركة صعبة بالنسبة إلى الجيش الحر، لكنه أكد في الوقت عينه أن هذا الواقع لا يعني إيقاف القتال، بل إن العمل مستمر لإيجاد وسائل مناسبة للمواجهة وهذا ما سيظهر جليا في المرحلة المقبلة.
وفي ميدان معركة حلب المستمرة، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن القوات النظامية قصفت أحياء النيرب وصلاح الدين والمشهد وكرم حومد وباب النصر والصاخور، لافتا إلى أن اشتباكات عنيفة دارت بين الجيشين النظامي والحر في أحياء العامرية والسريان وسيف الدولة والصاخور بحلب مما أدى إلى تدمير دبابة وخسائر في صفوف القوات النظامية.
وأكد مصدر قيادي في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» أن هناك توازنا في معركة حلب حيث يسجل الجيش الحر تقدما في مناطق عدة، بينما يعمل النظام على تدمير تلك الواقعة على خط التماس بين طرفي النزاع، على غرار ما حصل في حي صلاح الدين الذي سوي بالأرض.
الوضع لم يختلف كثيرا في إدلب، حيث ذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن قصفا عنيفا بصواريخ الطائرات الحربية والبراميل المتفجرة استهدف قرى مليار وعين لاروز في جبل الزاوية.
وفي بلدة دركوش قصف الطيران الحربي منطقة جبل الوسطاني، وترافق ذلك مع إطلاق نار من قبل قوات الأمن والشبيحة. ولفت المصدر القيادي إلى أن تمكن عناصر الجيش الحر ليل أمس، في المنطقة الحدودية الواقعة بين اللاذقية وإدلب وتحديدا بين جسر الشغور ومنطقة التركمان القريبة من الساحل، من تحرير مواقع مهمة كانت قوات النظام تسيطر عليها منذ بدء الثورة إضافة إلى تدمير حاجزين، بينما المحاولات والاشتباكات مستمرة للسيطرة على مواقع إضافية.
وفي دير الزور، حيث وقعت اشتباكات وصفت بالأعنف بين الجيش الحر وقوات النظام في المدينة، ذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن بلدة الموحسن بريف دير الزور وأحياء الحميدية والعرفي والجبيلة والموظفين بالمدينة تعرضت لقصف عنيف من المدفعية الثقيلة والطيران الحربي، وسط اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وجيش النظام في أحياء الرشدية والعمال.
كما تعرضت مدينة البوكمال لقصف عنيف بالطائرات المروحية وراجمات الصواريخ من جهة مطار حمدان العسكري، بينما يعيش أبناؤها أوضاعا إنسانية صعبة في ظل النقص الحاد في المواد الطبية والغذائية منذ ثلاثة أشهر.
وفي حمص قصفت قوات النظام بالمدفعية والطيران الحربي مدن الرستن وتلبيسة والحولة. كما استهدف القصف بلدة قلعة الحصن وأحياء عدة بحمص، مما أدى لسقوط جرحى وهدم الكثير من المنازل. كما قصفت القوات النظامية بلدات الحولة والرستن والخالدية بحمص بقذائف الهاون وراجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة.
ما ذكر اتحاد تنسيقيات الثورة أنه تم إطلاق قنابل صوتية فوق المدارس في حي الإنشاءات، معلنا كذلك، عن اعتقال الناشط الإعلامي المهندس فارس المعمو الملقب بفارس محمد، وهو من أبناء حي الربيع العربي في حمص ويبلغ من العمر نحو 25 عاما، وكان من أوائل الإعلاميين الذين خرجوا ضد النظام وكان يتولى مهمة نقل البث المباشر من حي ديربعلبة والربيع العربي، وقد تم القبض عليه وهو يحاول الخروج عبر أحد الأنفاق من حي الخالدية مع مجموعة من أصدقائه بعدما نصب لهم كمين في وسط النفق وتم اعتقالهم.
وفي حماه، أفادت لجان التنسيق بقصف قوات النظام لمدينة السقيليبية من الحواجز المتمركزة في المدينة مما أدى إلى تهدم منزلين ونزوح عدد كبير من الأهالي.
وفي الغوطة الشرقية، ذكر اتحاد التنسيقيات أن دخانا كثيفا غطى سماء الغوطة الشرقية نتيجة القصف المستمر بالمدفعية والهاون الكثيف على بلداتها منذ ساعات الصباح الأولى من يوم أمس.
افتتاح أول مدرسة في مخيم الزعتري للاجئين السوريين
1700 طالب وطالبة والعدد في تزايد
عمان: محمد الدعمه
جرى أمس الخميس افتتاح أول مدرسة في مخيم الزعتري للاجئين السوريين بدعم من الاتحاد الأوروبي لمساندة جهود الأردن الإغاثية لهؤلاء اللاجئين.
وقالت ممثلة اليونيسيف في الأردن دومينيك هايد للصحافيين خلال حفل الافتتاح الذي حضره أمين عام وزارة التربية والتعليم الأردنية سطام عواد والسفيرة الفرنسية في عمان كورين بروزيه وممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أندرو هاربر وممثلون عن الاتحاد الأوروبي والهيئة الأردنية الخيرية الهاشمية وجمعية إنقاذ الطفل إن مخيم الزعتري للاجئين السوريين يشهد افتتاح أول مدرسة بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم والاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن المدرسة جاءت كمنحة مقدمة من الاتحاد لمساندة الجهود الإغاثية للاجئين السوريين في الأردن.
وثمنت هايد جهود الحكومة الأردنية والمجتمع المحلي في تقديم أشكال المساعدة للاجئين السوريين، مشيرة إلى أن الخطة المستقبلية للمدرسة تستند إلى شمول جميع الطلبة السوريين في المخيم، إلا أنها ستبدأ بنحو 2500 طالب كمرحلة أولى وبكوادر تدريسية تضم 120 معلما ومعلمة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم الأردنية.
وبينت أن المدرسة تشمل 28 صفا مدرسيا للإناث و26 للذكور وتقدم خدماتها بقدرة استيعابية حتى 3200 طالب وطالبة.
من جهته ثمن أمين عام وزارة التربية والتعليم الأردنية جهود اليونيسيف والحكومة الفرنسية والهيئات الإغاثية المهتمة وحرصها على مواصلة المسيرة التعليمية للطلبة السوريين اللاجئين مع ذويهم في المخيم، لافتا إلى أنه سيتم التركيز من قبل الهيئات التدريسية على الجوانب الإنسانية للطلبة وإحاطتهم بالرعاية اللازمة ومراعاة ظروفهم النفسية والصحية والعمل على إدماجهم في العملية التعليمية وتقديم كافة التسهيلات والخدمات التربوية لهم. وأكد حرص الوزارة على توفير الكتب المدرسية وتوزيعها على الطلبة إلى جانب تأمين كافة سبل الراحة والخدمات للهيئات التدريسية، مشيرا إلى أنه سيتم تأمين وسائل النقل اللازمة للمعلمين ليتسنى لهم القيام بواجبهم تجاه الطلبة السوريين على أكمل وجه.
وبين أن المدارس في مخيم الزعتري الذي يقيم فيه 35 ألف لاجئ باشرت عملها اعتبارا من الأول من الشهر الجاري، مشيرا إلى أن استقبال الطلبة السوريين الذين بلغ عددهم حتى الآن 1700 طالب وطالبة في تزايد مستمر.
وأوضح أنه وفقا للاتفاقات ستكون اليونيسيف المسؤول المباشر عن تقديم التجهيزات والاستعدادات اللوجستية للمدارس وسيكون واجب التدريس والإشراف العلمي والتربوي منوطا بوزارة التربية والتعليم، مبينا أن تدريس الطلبة السوريين سيكون وفقا للمناهج الأردنية.
يشار إلى أن وزارة التربية والتعليم الأردنية قدرت أعداد الطلبة السوريين بنحو 17 ألف طالب وطالبة في مختلف المناطق الأردنية.
اعتقال محامي الدفاع عن «معتقلي الرأي والضمير» في سوريا
«المجلس الوطني»: خطف معتوق وعبد العزيز الخير بأسلوب وحشي انتهاك لحقوق الإنسان
بيروت: ليال أبو رحال
دعت منظمة العفو الدولية أمس إلى الكشف عن مصير «محامي حقوق الإنسان» السوري خليل معتوق بعد اختفائه مع صديق له، وإخلاء سبيلهما فورا إذا كانا محتجزين من قبل قوات الأمن السورية، فيما اعتبر «المجلس الوطني السوري» أن «حادثة خطف معتوق تتشابه في أسلوبها ودلالاتها مع حادثة خطف الدكتور عبد العزيز الخير (هيئة التنسيق السورية) المعارض والسياسي المعروف، والتي ثبت أنها حالة اعتقال تم ارتكابها بأحد أكثر أساليب القمع وحشية وانتهاكا للحقوق الأساسية للإنسان».
ويعرف معتوق في الأوساط السورية بصفته محاميا وناشطا حقوقيا يتطوع للدفاع عن العشرات من «معتقلي الرأي والضمير» في سوريا، منهم المدونة والناشطة رزان غزاوي ورئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير الزميل مازن درويش وكل من عامر عثمان وعامر مطر (صحافيان)، وريم غزي ونضال حسن (مخرجان)، وغيفارا نمر (مصورة ومنتجة)، وكمال شيخو (ناشط وصحافي)، وشادي أبو الفخر (منتج). وفي حديث سابق في 11 ديسمبر (كانون الأول) الفائت، قال معتوق لـ«الشرق الأوسط» إن النظام السوري يوجه «تهما جاهزة إلى درجة باتت فيها أشبه بالكليشيهات على غرار (النيل من هيبة الدولة)، و(نشر أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة)، و(الانتساب لمجموعة محظورة من أجل قلب النظام)، و(التظاهر)، و(الانتساب إلى جمعية ذات طابع دولي)».
وشدد المجلس الوطني على أن «خطف معتوق يستدعي من المنظمات الحقوقية الدولية الإدانة الواضحة والعمل الجدي والسريع لإطلاق سراحه»، مذكرة بإصابته «بمرض عضال يجعله بحاجة ماسة للعناية الدائمة». وقال: إن استمرار اعتقال الخير «يفرض على الصين وروسيا، اللتين تطلبان من السوريين الحوار مع النظام القاتل، مسؤولية خاصة للضغط على نظام الطاغية لإطلاق سراح الدكتور الخير ورفيقيه الأستاذ إياس عياش والأستاذ ماهر طحان».
حلب… الحرية ثمنها التاريخ
النظام يربط مصيره بها لأهميتها التاريخية.. وطرفا النزاع تخليا عن حماية آثارها
بيروت: «الشرق الأوسط»
منذ انطلاقة الثورة في سوريا، كان معظم السوريين يتساءلون: أين حلب.. لماذا لا تثور؟ لماذا تخلى أهلها أكثر عن المطالبة بالحرية والانعتاق، والديمقراطية؟ وعندما ثارت بكوا كثيرا.. فالحرب فيها دمرت كل شيء.. حتى تاريخها الضارب في القدم.
ومنذ أكثر من شهرين، يعمل النظام آلته العسكرية، من قصف بالطيران، والمدفعية الثقيلة غير آبه بمبانيها العتيقة، مستهدفا أسواق المدينة بطلقات حارقة دمرت ما يزيد على 1500 محل تجاري أثري، لا تقل قيمة المحل الواحد عن مليوني دولار أميركي، رغم أن القيمة التاريخية لا تقدر بثمن. ولم تكتف الحرائق والدمار بالأسواق فحسب، بل قضت على معظم أحياء المدينة التاريخية، التي بات من الصعب إعادة ترميم عدد كبير منها، كما يؤكد ناشطون وخبراء.
وتشكل حلب، ثاني مدن سوريا إداريا وأولها اقتصاديا، علامة فارقة في الحرب الدائرة في سوريا بين نظامها وثوارها. لكن هذه العلامة هي من جانب واحد، هو جانب النظام الذي سيفقد بخسارتها الكثير، بينما هي بالنسبة إلى الثوار «ضربة قاتلة» يسددونها للنظام إن فازوا بها، ومجرد مدينة إن هم خسروها لصالح قوة عسكرية كبيرة، يضغط عليهم بها النظام منذ أكثر من شهرين من دون فائدة ترجى.
غير أن أخطر ما في هذه المعركة، هو أن طرفيها تخليا – مضطرين – عن حماية تاريخ هذه المدينة العريقة الممتدة في قدمها إلى عصور سحيقة، فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ولا شيء يسمو في نظر الثوار عن الحرية، ولا في نظر النظام عن السلطة التي يمثلها بالنسبة إليه تمسكه بحاضرتي سوريا، حلب ودمشق. وحلب تدفع اليوم ثمن القتال فيها من اقتصادها وتاريخها. ومع هذا، فثمة من يقول إن حلب استبيحت مرات كثيرة في التاريخ، ثم ما لبثت أن نهضت من تحت ركامها لتعود أقوى مما كانت وأكثر ازدهارا.
ويرى الثوار أن سيطرتهم على حلب ستصيب عصفورين بحجر واحد، إذ إنها ستفتح المجال أمام إنشاء عاصمة للثورة تشبه إلى حد ما «بنغازي» في التجربة الليبية، كما ستفقد النظام إحدى الحاضرتين السنيتين الكبيرتين. فحلب شكلت مع دمشق «الدعامة السنية» لحكم آل الأسد، وخضوعهما له يعطيه «الشرعية» التي يبحث عنها، وسط تخلي الشارع السني الكبير عنه.
وتتأتى أهمية حلب بالنسبة إلى الثوار، من كونها تتميز بموقع استراتيجي مهم. فهي قريبة من الحدود التركية حيث خطوط الإمداد المفترضة، وهي تربط بين ثلاث مناطق حيوية، هي منطقة الجزيرة وعاصمتها دير الزور، والمنطقة الشرقية الكردية التي يسيطر عليها المجلس الوطني الكردي، والمنطقة الوسطى الممتدة من إدلب إلى حماه وحمص، فإذا سقطت حلب في يد الثوار بات النظام محشورا بين الساحل السوري ودمشق.
ويشن النظام السوري حاليا حملة غير مسبوقة سعيا لاسترجاعها بعد أكثر من شهرين من خروج أجزاء مهمة منها عن سيطرته. ولعل أبرز دلالة على أهميتها بالنسبة إليه، هو قيامه بإخلاء مناطق استراتيجية مهمة جدا في جبل الزاوية وإدلب من قواته لنقلها إلى حلب، التي بات يوجد فيها أيضا الحرس الجمهوري ووحدات النخبة.
ويجزم أبو ياسين، أحد قادة كتائب «الجيش الحر» في حلب، بأن «(الجيش الحر) لا يزال يسيطر على أكثر من 70% من أحياء المدينة، بالإضافة إلى قدرته على اختراق الأحياء التي لا يزال يسيطر عليها النظام نظريا، وهذا ما بينته التفجيرات التي ضربت عمق ساحة سعد الله الجابري التي كان قد حولها النظام لثكنة عسكرية حقيقية»، متحدثا في الوقت عينه عن كم هائل من الدمار في معظم الأحياء، مقدرا أن يكون 15% من مدينة حلب مدمرا بالكامل.
ويعدد أبو ياسين لـ«الشرق الأوسط» الأحياء التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، فيقول: «إلى جانب سيطرتنا مؤخرا على الأحياء القديمة والتاريخية، نسيطر على الأحياء الواقعة أقصى غرب المدينة، وهي أحياء صلاح الدين وسيف الدولة والإذاعة، مرورا بالسكري وبستان القصر والفردوس، وانتهاء بالصاخور والشعار وطريق الباب». ويلفت أبو ياسين إلى أن «عناصر (الجيش الحر) تمكنوا في اليومين الماضيين من السيطرة على أحياء تل الزرازير وسليمان الحلبي والعرقوب والشيخ مقصود».
بالمقابل، يشير القيادي الميداني إلى أن «النظام لا يسيطر إلا على 8 أحياء فقط من مدينة حلب، وهي: الجميلية والسليمانية والعزيزية وحلب الجديدة والفرقان وشارع النيل والحمدانية، وسط غياب تام عن الريف الحلبي الذي بات أقرب إلى منطقة عازلة يسيطر عليها الثوار».
وأرجع رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، العميد الركن المتقاعد هشام جابر، طول أمد المعارك في حلب إلى اكتظاظ أحيائها بالسكان، علما بأن عدد القاطنين فيها يفوق الـ3 ملايين نسمة، نزح منهم مليون شخص، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «النظام كان قد أعلن عند اندلاع المعارك في حلب أنه سيستعيد السيطرة على المدينة خلال أسبوعين، لكنه أيقن أنه غير قادر على ذلك إلا إذا استخدم كل الأسلحة التي يملكها عشوائيا، مما قد يؤدي إلى مقتل ما يزيد على 50 ألف شخص».
ولفت جابر إلى أنه ليس من مصلحة النظام في سوريا أن يستلم حلب مدمرة بالكامل أو أرضا محروقة باعتبارها العاصمة الاقتصادية والثقافية لسوريا، فلذلك يسعى للسيطرة على حي بعد الآخر، علما بأن قوات المعارضة تنتهج سياسة الكر والفر وهو التكتيك المثالي لحرب العصابات. وأضاف: «أما الأهمية الاستراتيجية لحلب، فتكمن في كونها مفترق طرق لكل الشمال السوري؛ فهي أولا الطريق لتركيا كما للعراق، والأهم أنها الطريق للساحل السوري المعروف ببلاد العلويين»، مشيرا إلى أن لا إمكانية على الإطلاق لأن يرضخ النظام ليسلم قوات المعارضة المنطقة كاملة.
وتوقع جابر أن تطول معارك حلب، باعتبار أن طرفي الصراع لن يستسلما بسهولة، وسيستخدمان كل الأوراق التي بحوزتهما سعيا لفرض سيطرتهم النهائية، وأضاف: «لا يمكن القول حاليا إن الريف الحلبي أصبح بيد المعارضة، لأن النظام قادر على قصفه في أي لحظة، ولكن في المقابل يمكن الجزم بأن الثوار يمسكون بالحدود السورية – التركية بالكامل».
تأخرت حلب كثيرا في الانضمام إلى الثورة، فقد لعبت عدة عوامل دورها في هذا الأمر؛ أولها: التحالف الذي أرساه النظام مع طبقة التجار والسلطة الدينية فيها منذ أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي كان أول من أدرك أهمية حلب الاستراتيجية. وحلب لم تكن يوما بهذه الوداعة، فقد شهدت تدبير أول انقلابين في تاريخ سوريا الحديثة، انقلاب العقيد حسني الزعيم في أبريل (نيسان) 1949. وانقلاب العقيد سامي الحناوي بعده بأربعة أشهر. ولذلك، عندما استولى الأسد على السلطة في ما سمي آنذاك «الثورة التصحيحية» عام 1970، عمل على كسب ولاء تجار حلب، والسلطة الدينية السنية في المدينة.
في بداية الثورة، خرجت أول مظاهرة في «جمعة العزة» بتاريخ 25 مارس (آذار) 2011، لكن الانتفاضة الحقيقية كانت في 30 يونيو (حزيران) 2011 عندما خرجت المظاهرات في أكثر من عشر مناطق في المدينة، وحصلت محاولات للاعتصام في ساحة سعد الله الجابري التي شهدت التفجيرات الأخيرة.
وفي 12 أغسطس (آب) 2011، خرجت مظاهرات ضخمة في المدينة، هي الأولى من نوعها، تحت شعار «جمعة لن نركع إلا لله»، غير أن الأمن أطلق النار على المتظاهرين فسقط 3 قتلى. وفي 6 سبتمبر (أيلول)، خرجت مظاهرة كبيرة ضد النظام من الجامع الأموي في تشييع مفتي حلب إبراهيم السلقيني، الذي يقول المعارضون إن المخابرات السورية قتلته، بسبب موقفه المؤيد للثورة.
ومنذ بداية عام 2012، أصبحت المظاهرات ضد النظام شبه يومية في حلب، خصوصا في أحياء صلاح الدين والسكري وبستان القصر والجامعة. وفي 20 يوليو (تموز) 2012، هاجم نحو 16 ألف مقاتل من «الجيش الحر» المدينة من كل الجهات وسيطروا على أحياء عدة منها.
وتعتبر حلب من أقدم المدن على وجه الأرض، فقد تجاوز عمرها المعروف الـ10 آلاف سنة، وقد أدرجتها منظمة اليونيسكو على لائحة مواقع التراث العالمي. وتدل الدراسات على أن مدينة حلب مأهولة منذ عام 5000 قبل الميلاد. وفي عام 3000، كانت حلب مملكة مستقلة، وكان الأكاديون يسمونها مدينة آرمان. وقد نالت حلب اسمها أيام الحضارة البابلية، حيث سميت حلبا وكانت حينها عاصمة لسلالة العموريين، وقد تم تدميرها على يد الحثيين في القرن الـ16 قبل الميلاد، إلا أنها استعادت ازدهارها بعدما خف النفوذ الحثي في المنطقة. ولاحقا، أصبحت حلب جزءا من إحدى الممالك الآرامية، وعاصمة لها. وفي نهايات القرن 9 قبل الميلاد، أصبحت حلب قسما من الإمبراطورية الآشورية الثانية، قبل أن تسقط في يد المملكة البابلية الثانية، والإمبراطورية الأخمينيية الفارسية.
استولى الإسكندر المقدوني على المدينة عام 333 قبل الميلاد، وقد استمرت تحت حكم السلوقيين مدة 300 عام لتصبح جزءا من مقاطعة سوريا الرومانية لثلاثة قرون أخرى. ثم فتح المسلمون بقيادة خالد بن الوليد حلب عام 637 ميلادية، لتشكل جزءا من الدولة الأموية ومن بعدها العباسية، وفي عام 944 غدت عاصمة الدولة الحمدانية تحت حكم سيف الدولة الحمداني. وتمت محاصرة حلب مرتين أثناء الحروب الصليبية عامي 1098 و1124، إلا أن الجيوش الصليبية لم تتمكن من احتلالها.
في عام 1138، تعرضت حلب لزلزال مدمر، صنفته هيئة المسح الجيولوجي الأميركية كرابع أخطر زلزال في التاريخ. وقد بلغ عدد الضحايا الذين سقطوا 230 ألف قتيل، وقدرت شدة الزلزال بـ8.5 على مقياس ريختر.
تم احتلال المدينة من قبل المغول تحت قيادة هولاكو، بالتعاون مع حاكم أنطاكية بوهيموند السادس عام 1260، لكن المماليك استعادوها في العام نفسه. وفي عام 1271، هاجم المغول مرة أخرى حلب، ونجحوا في احتلالها، لكن الظاهر بيبرس تمكن من إجبار المغول عن الجلاء عن حلب ليستولي المغول مجددا على المدينة في 20 أكتوبر (تشرين الأول) 1280، ليقوم القائد المملوكي سيف الدين قلاوون باستعادتها.
وفي عام 1400، اجتاح القائد المنغولي تيمورلنك المدينة، ورغم تراجعه عنها لاحقا، فإن المدينة كانت تعرضت لمذبحة بشعة ذهب ضحيتها نحو 20 ألفا من سكانها، شكل تيمورلنك من جماجمهم هرما كبيرا.
في العهد العثماني، كانت حلب جزءا من الإمبراطورية العثمانية، وكانت المدينة الثانية بعد القسطنطينية. وبعد انهيار الإمبراطورية مع نهاية الحرب العالمية الأولى، حددت معاهدة سيفر مقاطعة حلب كجزء من سوريا، بينما تم وعد الأرمن بتحقيق استقلال هضبة أرمينيا من قبل فرنسا في المعاهدة الفرنسية – الأرمنية المبرمة عام 1916. لكن مصطفى كمال أتاتورك رفض هذه المعاهدة واستمر في ضم حلب والأناضول وأرمينيا إلى تركيا وخاض حروبا لاستقلال التراب التركي، واستطاع عبر معاهدة لوزان انتزاع معظم مقاطعة حلب باستثناء حلب نفسها ولواء الأسكندرونة، وهكذا تم سلخ حلب عن الأناضول ومدنه التي كانت تضمها علاقات تجارية مكثفة. ثم أتت معاهدة سايكس – بيكو التي سلخت لواء الأسكندرونة، حارمة حلب من مينائها الرئيسي.
وبعد إعلان الجنرال الفرنسي هنري غورو في سبتمبر عام 1920 الانتداب الفرنسي على سوريا، أقام غورو ولاية حلب لتعزيز التنافس التجاري بين كل من حلب ودمشق، فقام بدعم الامتيازات الاقتصادية في حلب ليزعج الدمشقيين وأعلن دمشق عاصمة ليستفز الحلبيين، ليتم في النهاية تشكيل سوريا من الولايات الثلاث، حلب ودمشق واللاذقية، وقد تم تحديد حلب كعاصمة بداية، ثم ما لبثت أن أعيدت إلى دمشق.
* آثار حلب تحت وطأة الحرب
* تحتضن المدينة بعضا من أهم الشواهد المعمارية التاريخية، العائدة إلى حضارات كثيرة، بدءا من عصور ما قبل الميلاد إلى العصور الإسلامية. ففي حلب نحو 150 معلما أثريا من «الطراز الأول»، مما يجعلها من أكثر مدن العالم احتواء على الشواهد التاريخية.
وفي عام 1986، أدرجت «اليونيسكو» مدينة حلب على لائحة مواقع التراث العالمي، ووضعت إشارات على صحائفها العقارية تثبيتا لعدم جواز هدمها أو تغيير معالمها أو مواصفاتها حتى من قبل بلديتها إلا بعد أخذ موافقة الجهات الأثرية العالمية وسجلت على لائحة التراث العالمي.
ومن أبرز هذه الشواهد، قلعة حلب التي تعد أضخم وأقدم قلعة في المنطقة، إذ يعود تاريخها إلى نحو 1000 سنة قبل الميلاد.
وتحتضن مدينة حلب مجموعة من الأسواق الأثرية، تتجمع في أكبر سوق مسقوف في العالم بطول نحو 16 كيلومترا، وهي السوق التي تعرضت للحريق إثر الاشتباكات التي حصلت فيها الأسبوع الماضي. كما تحتوي حلب على أثر إسلامي كبير هو الجامع الأموي الكبير الذي بني في عام 715 ميلادية، ويتميز باحتوائه على 4 واجهات مختلفة في الشكل والتصميم، كما تحتوي على أثر مسيحي مهم هو كنيسة الشيباني التي بنيت في القرن الـ12.
الحرب الدائرة في حلب أصابت «باب أنطاكية» في أسواق حلب، وكذلك «باب القناة»، ومآذن جوامع حلب العتيقة التي دمرت مثل مئذنة جامع «الأطروش»، وجامع «الحاج سليمان»، وجامع «الميداني»، كذلك أصيب البرج الأول الأمامي لقلعة حلب جراء القصف، وأيضا «باب القلعة»، كما أن الكتابة التي تعلو باب البرج الأول من قلعة حلب تعرضت للتشويه.
ومن ضمن المواقع التي تعرضت للتخريب جراء القصف المدرسة الكلتاوية، وكذلك الجامع الأموي الذي تعرض للقصف كما ذكرت مصادر، لكن لا صور له إلى الآن، كذلك دمرت مئذنة جامع المهمندار التاريخي.
120 قتيلا بسوريا ومهلة لمحتجزي إيران
قالت لجان التنسيق المحلية إن 120 شخصا قتلوا أمس الخميس في سوريا، معظمهم في حمص وحلب ودمشق، بينما أكد المجلس الثوري العسكري في الغوطة بريف دمشق أن المفاوضات لإطلاق سراح المحتجزين الإيرانيين مقابل إطلاق سراح معتقلين سوريين لدى النظام السوري باءت بالفشل، وأمهل طهران ودمشق 48 ساعة ابتداء من يوم الخميس قبل البدء بتصفيتهم.
في غضون ذلك أعلن لواء شهداء دوما التابع للجيش السوري الحر أنه تمكن من وضع اليد على رؤوس حربية لصواريخ شديدة الانفجار، بعدما سيطر على مقر كتيبة للدفاع الجوي في الغوطة الشرقية، وهي الكتيبة التي تضم غرفة عمليات عسكرية للجيش النظامي.
وحسب ناشطين، فقد تعرضت الغوطة الشرقية لقصف عنيف بالطيران والمدفعية الثقيلة، كما قالت لجان التنسيق المحلية إن الهامة وقدسيا -وهما أيضا من بلدات ريف دمشق- تتعرضان لحملة قصف واقتحام وإعدامات ميدانية لليوم الرابع على التوالي.
قتلى تحت الأنقاض
وبحسب الأهالي فإن الأمن السوري والشبيحة اقتحموا قدسيا والهامة وأخرجوا بعض الشباب والأطفال من بيوتهم ثم أعدموهم ميدانيا.
وأفاد الناشطون بأن القصف على المنطقة أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، كثير منهم تحت الأنقاض.
كما قتل 21 عنصرا من الحرس الجمهوري السوري إثر إطلاق رصاص واستهداف حافلة صغيرة واشتباكات في منطقة قدسيا بريف دمشق.
وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن المهاجمين استخدموا عبوة ناسفة صغيرة، لكنهم وضعوها قرب مساكن الحرس في المنطقة.
في ذات السياق، أفاد المرصد بأن القوات النظامية قصفت أحياء النيرب وصلاح الدين والمشهد وكرم حومد وباب النصر والصاخور.
وأوضح أن اشتباكات عنيفة دارت بين الجيشين النظامي والحر في أحياء العامرية والسريان وسيف الدولة والصاخور بحلب، مما أدى إلى تدمير دبابة وخسائر في صفوف القوات النظامية.
وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن بلدة الموحسن بريف دير الزور وأحياء الحميدية والعرفي والجبيلة والموظفين بالمدينة، تعرضت لقصف عنيف من المدفعية الثقيلة والطيران الحربي، وسط اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وجيش النظام في أحياء الرشدية والعمال.
كما تعرضت مدينة البوكمال بدير الزور لقصف عنيف من جهة مطار حمدان العسكري، مما فاقم الوضع الإنساني فيها، خصوصا أن المدينة تعاني من نقص حاد في المواد الطبية والغذائية منذ ثلاثة أشهر.
وفي حمص قصفت قوات النظام بالمدفعية والطيران الحربي مدن الرستن وتلبيسة والحولة. واستهدف القصف أيضا بلدة قلعة الحصن وأحياء عدة بحمص، مما أدى إلى سقوط جرحى وهدم العديد من المنازل.
كما قصفت القوات النظامية بلدة الحولة في حمص بقذائف الهاون والمدفعية الثقيلة. وذكرت الهيئة العامة أن قصفا عنيفا بصواريخ الطائرات الحربية والبراميل المتفجرة استهدف قرى بليون وعين لاروز في جبل الزاوية بإدلب.
وفي تطور آخر أكد المجلس الثوري العسكري في الغوطة بريف دمشق أن المفاوضات لإطلاق سراح المحتجزين الإيرانيين باءت بالفشل، وأمهل طهران ودمشق 48 ساعة بدءا من الخميس قبل البدء بتصفيتهم.
يشار إلى أن الجيش الحر أعلن قبل نحو شهرين احتجازه لـ 48 إيرانيا قال إن من بينهم “ضباطا بالحرس الثوري الإيراني كان هدفهم استطلاع الأوضاع في دمشق.
مجلس الأمن يدين القصف السوري لتركيا
دان مجلس الأمن الدولي بأقوى العبارات الليلة ما وصفه بالقصف غير المبرر من قبل القوات السورية علي بلدة تركية، وطلب وقف مثل هذه الانتهاكات للقانون الدولي فورا وألا تتكرر.
وقال جيرت روزنتال سفير غواتيمالا ورئيس مجلس الأمن الدوري إن ما جرى يمثل انتهاكا للقانون الدولي وتهديدا خطيرا للأمن والسلم في المنطقة.
من جهته نفى مندوب سوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري أن تكون بلاده قد اعتذرت لتركيا عن القصف الذي طال يوم الأربعاء بلدة تركية وأسفر عن مقتل خمسة مدنيين، في حين أكدت أنقرة أنها لا تنوي الدخول في حرب مع دمشق، وسط دعوات دولية بالتهدئة وضبط النفس.
وقال الجعفري في تصريحات صحفية إن السلطات السورية “تقوم بتحقيق دقيق لمعرفة مصدر إطلاق القذيفة التي سقطت في الجانب التركي وأدت إلى سقوط ضحايا”.
وأضاف أن التحقيق الرسمي “لم ينته حتى الآن”، وأن “الحكومة السورية على لسان السيد وزير الإعلام عبرت عن تعازيها للضحايا ولعائلة السيدة التي استشهدت في القصف وللشعب التركي، لكن هذا لم يكن اعتذارا، هذا كان تعبيرا عن التضامن مع المدنيين”.
وأكد الجعفري أن بلاده لا تريد التصعيد مع تركيا وتحرص على الحفاظ على “علاقات جوار جيدة”، ودعا المسؤولين الأتراك إلى أن يتصرفوا بشكل “واع وعقلاني ومسؤول”، وأن يمنعوا “تسلل الإرهابيين والمتمردين” وتهريب السلاح إلى الأراضي السورية.
لا حرب
وفي الجانب الآخر صرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أنه ليس لدى بلاده أي نية لخوض حرب مع سوريا، وقال الخميس في مؤتمر صحفي مشترك مع محمد رحيمي النائب الأول للرئيس الإيراني في أنقرة، إن تركيا تريد فقط إحلال السلام والأمن في المنطقة.
وتابع أردوغان -حسب ما نقلته وكالة أبناء الأناضول التركية- أن “هذا الحادث لم يكن الهجوم الأول من جانب سوريا ضد تركيا.. كانت هناك سبع هجمات سورية ضد تركيا في الآونة الأخيرة.. نريد فقط السلام والأمن في منطقتنا، هذا ما نهتم به، ليس لدينا أي نية لخوض حرب”.
وكان بشير أتلاي نائب رئيس الوزراء التركي قال في وقت سابق الخميس إن موافقة البرلمان على السماح للحكومة بشن عمليات خارج الحدود، لا يعني تفويضا بالحرب ولا إعلان حرب من جانب تركيا.
وأضاف أن قرار البرلمان يهدف إلى الردع، وأن أنقرة ستنسق مواقفها دوليا بشأن الرد على القصف السوري، مشيرا إلى أن السلطات السورية اعتذرت عن القذائف التي سقطت الأربعاء في بلدة أكشاكالا الحدودية وقتلت خمسة مدنيين أتراك.
وقال أتلاي في تصريحات صحفية إن “هذه المذكرة ليست مذكرة حرب، هي بين أيدينا لنستعملها في حال الحاجة إليها في التطورات المحتملة في الفترة المقبلة لحماية مصلحة تركيا”. وكشف أن الأمم المتحدة هي التي تحدثت مع الجانب السوري ودفعته للاعتذار، غير أن مراسل الجزيرة قال إن مندوب سوريا بالأمم المتحدة نفى تقديم بلاده اعتذارا لأنقرة على القصف الحدودي.
وتأتي هذه التصريحات بعد سقوط قذيفة سورية في بلدة أكشاكالا جنوب شرقي تركيا الأربعاء، وهو ما أسفر عن مقتل خمسة مدنيين وإصابة ثمانية آخرين، بينهم عناصر من الشرطة.
وردت القوات المسلحة التركية على الهجوم، مما أسفر عن مقتل خمسة جنود سوريين وإصابة أكثر من 15 آخرين، في حين وافق البرلمان التركي على طلب من الحكومة بالسماح لها بالأمر بعملية عسكرية في الأراضي السورية إذا لزم الأمر “لحماية أمنها القومي”.
ضبط النفس
وفي ردود الفعل الدولية قالت الولايات المتحدة الخميس إنه يتعين على مجلس الأمن الدولي أن يتحدث “بوضوح وسريعا.. وبصوت واحد” بشأن الوضع بين سوريا وتركيا.
وصرحت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند أن رد أنقرة على القصف السوري “كان ملائما ومتناسبا، ويهدف إلى ردع أي انتهاكات أخرى لسيادتها”.
أما الصين فحثت تركيا وسوريا على “التحلي بضبط النفس، والامتناع عن أي تحرك يؤدي إلى تصعيد التوتر بغية الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة”.
وفي السياق ذاته رفضت روسيا مسودة بيان في مجلس الأمن تندد بالقصف السوري على الأراضي التركية، واقترحت صيغة أخرى تدعو إلى “ضبط النفس وتجنب الاشتباكات العسكرية التي يمكن أن تؤدي إلى تصعيد أكبر للوضع في المنطقة الحدودية بين سوريا وتركيا”.
قلق وإدانة
وبدوره عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون -حسب ما نقله عنه المتحدث باسمه مارتن نسيركي- عن انزعاجه من التوتر بين أنقرة ودمشق، وحذر من أن تتورط المنطقة كلها في الصراع الدائر بسوريا.
وفي العاصمة الفرنسية باريس قال دان ميريدور نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن القصف السوري على الأراضي التركية “هجوم على عضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو)”.
وقال ميريدور إنه لا يريد الخوض في تفاصيل الحادث، لكنه أضاف أنه “يجب وقف أعمال القتل في سوريا”، معبرا عن قلقه من التحالف السوري مع إيران وحزب الله اللبناني.
وفي سياق الردود أيضا، أدان الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة سقوط قذائف سورية في الأراضي التركية.
وأدانت الدول الأعضاء بالناتو القصف السوري للأراضي التركية، واعتبرته انتهاكا فاضحا للقانون الدولي وتهديدا لأمن إحدى الدول الأعضاء، مشددة على دعمها التام لتركيا.
لواء البراء بالجيش الحر يهدد بتصفية رهائن إيران
أصدر بياناً مصوراً يمهل نظام بشار الأسد 48 ساعة قبل بدء التعامل مع المختطفين
دبي – قناة العربية
أمهل لواء البراء التابع للجيش السوري الحر، في بيان مصوّر، النظام السوري 48 ساعة قبل أن يبدأ في تصفية الرهائن الإيرانيين المعتقلين لديه منذ شهرين، بحسب تقرير لقناة “العربية”، الجمعة.
ويواجه المحتجزون الإيرانيون نهاية قد تكون مأساوية إذا انقضت المدة التى منحها لواء البراء للنظام السوري ومن ورائه الإيراني، وذلك بعد نحو شهرين من إلقاء القبض عليهم داخل الأراضي السورية.
وبدأت مهلة الـ 48 ساعة التي أعلها لواء البراء، منذ لحظة بث البيان المذكور.
وتعود قصة الرهائن الإيرانيين إلى أوائل شهر أغسطس/آب الماضي، عندما أعلن لواء البراء القبض على 48 إيرانيا في أحد أحياء دمشق. وقال إن التحقيقات معهم أثبتت أنهم من العناصر التي قدمت إلى سوريا لدعم نظام الأسد، مدللا على ذلك بالعثور على بطاقة عسكرية لضابط في الحرس الثوري الإيراني مع أحد المحتجزين.
وبعد اعتقالهم بأيام، خرج لواء البراء ليعلن عن مقتل 3 من أفراد المجموعة جراء القصف الذي تعرضت له بعض أحياء دمشق.
ومن ناحيته، برر الجانب الإيراني تواجد تلك المجموعة على الأراضي السورية في وسط هذه الظروف، بأنهم كانوا في زيارة دينية لدمشق، قبل أن يقر وزير الخارجية الإيراني، علي أكبر صالحي، أن من بين المجموعة المعتقلة عدد من عناصر الحرس الثوري الإيراني المتقاعدين.
وتعمل إيران عبر عدة قنوات دبلوماسية من أجل التفاوض مع الخاطفين على إطلاق سراح الرهائن، ولكن يبدو أن تلك الجهود وصلت إلى طريق مسدود.
قيادي: 60 مليار دولار كلفة إعمار سوريا بعد بشار
أكد أن الاقتصاد متدهور بشدة وخسائره تقدر بـ 50 مليار دولار
القاهرة – وكالة الأناضول
قال أحمد غنام عضو غرفة الصناعة بدمشق والقيادي السوري، إن مجلس رجال الأعمال السوريين قرر عدم السماح لأى شركات عربية أو أجنبية تنتمي لدول اتخذت موقفا معادياً من الثورة السورية بالمشاركة في الاستثمار في مرحلة إعادة إعمار سوريا.
وأضاف غنام، وهو قيادي سوري معارض لنظام الأسد، أنه على رأس قائمة الدول التي لن نقبل استثمارات شركاتها في مرحلة إعمار سوريا بعد سقوط الأسد دولتا روسيا والصين.
وكشف عضو غرفة الصناعة بدمشق أن الوضع الاقتصادي السوري تدهور بشدة خلال الفترة الماضية، وحقق خسائر تقدر بنحو 50 مليار دولار، موضحاً أن تكاليف إعمار سوريا بعد سقوط نظام الأسد قد تتجاوز 60 مليار دولار، وهي ميزانية لا تستطيع سوريا وحدها أن توفرها.
وأضاف أن هذا الأمر قد يتطلب إنشاء صندوق لدعم سوريا بمساهمة من بعض دول الخليج العربي وبعض الدول العربية والاتحاد الأوربي والولايات المتحدة.
وأوضح غنام أن عمليات القذف العشوائي التي تقوم بها القوى النظامية التابعة لنظام الأسد في سوريا أدت إلى تدمير معظم البنى التحتية والأساسية وعدد كبير من المصانع، ما أدى إلى توقف الحركة الاقتصادية تقريبا، مشيرا إلى عدم وجود طاقة كهربائية لتشغيل المصانع، وأن العمال لا يستطيعون الوصول إلى أماكن أعمالهم.
وأكد غنام تدمير المدينة الصناعية بحلب ومنطقة الليرمون التي يتركز فيها عدد كبير من المصانع، على يد قوات الجيش النظامي.
وأوضح أن مجلس الأعمال السوري وضع مخططا لإعادة إعمار سوريا وإعادة النشاط الاقتصادي، بعد سقوط نظام الأسد، والذى سيبدأ بمساعدة بعض الدول والمغتربين السوريين من رجال أعمال ومستثمرين.
وكان مجلس الأعمال السوري قد أعلن مؤخرا في قطر دعم الجيش السوري الحر ودعا المستثمرين السوريين والتجار إلى الاستمرار في سوريا لدعم الثوار.
سليماني للأسد: أرسلنا خبراء “الكيماوي” للميدان
قائد فيلق القدس يبلغ الرئيس السوري بجاهزية الدفعة الأولى من الصواريخ
دبي – العربية الحدث
تناولت وثيقة سرية أخرى من الوثائق السورية المسرّبة والتي بثتها “العربية الحدث”، الخميس، تعاون النظام السوري مع إيران وإسرائيل، فبعنوان “سليماني مع بشار” وثيقة أرسلها قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني إلى الرئيس بشار الأسد “باللغتين الفارسية والإنكليزية” وتحمل شعار فيلق القدس وجاء فيها: “إلى السيد بشار الأسد، أبلغكم أنه وبعد توصيات القيادة المشتركة قمنا بإرسال الضباط والخبراء في مجال تجهيز وتركيب الرؤوس الحربية الكيميائية والبيولوجية إلى الميدان.. وأن الدفعة الأولى من هذه الصواريخ جاهزة للنقل إلى الأماكن المخصصة لها”.
بعد ذلك تأتي رسالة المعاتبة الروسية والتي تتضح في الوثيقة المرسلة من القيادة المشتركة من العاصمة الروسية موسكو إلى سوريا وتنص على “جمهورية روسيا الاتحادية
في الظروف الراهنة، وبالاتفاق مع القيادة المشتركة في إيران، كان يجب أن لا تستخدم تطبيقات الأسلحة الكيماوية ضد أي تدخل أجنبي في سوريا.
ولكنك في نفس الوقت أعطيت أوامرك للانتقال إلى الموقع 943 على الحدود الأردنية -الاسرائيلية- السورية فوراً.
ووثيقة أخرى من “مقر القيادة المشتركة روسيا الاتحادية” تنطوي على “أنه لم يكن على بشار الأسد بعد الاتفاق مع القيادة المشتركة مع إيران أن يهدد باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد أي تدخل خارجي في سوريا.. وفي نفس الوثيقة يأمر بشار الأسد بتحريك الأسلحة الكيميائية إلى الموقع 943 على الحدود الأردنية -الاسرائيلية- السورية فوراً”.
وبالحديث عن إسرائيل عرضت “العربية الحدث” وثيقة شديدة الخطورة مؤرخة في الثالث من أبريل/نيسان 2011 وكلف فيها رئيس جهاز المخابرات الجوية السوري صقر منون المدعو سهيل حسن، ويحمل رتبة عقيد بالتوجه إلى الحدود السورية الإسرائيلية لتأمين حمايتها خصوصاً المنطقة التي تحيط بسد الوحدة والمناطق المحيطة بها على أن يتم هذا التأمين بالتعاون مع دولة إسرائيل.
وتكشف الوثائق أيضاً تفاصيل عن القيادة المشتركة التي تدير أدق التفاصيل في التعامل مع الأزمة السورية، وكيفية تجهيز سوريا لرؤوس حربية تحمل قنابل كيماوية وبيولوجية دون إشراف أو مساعدة من أحد، بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه كل من روسيا وإيران لمساعدة نظام بشار الأسد على استخدام الأسلحة المحرمة دولياً.
ففي وثيقة بعنوان “خرق المخابرات الخارجية بالتنسيق مع الروس – الملف: إيران 10” أرسل مدير مكتب الأمن في المخابرات الخارجية السورية أمراً إدارياً جاء فيه: إن التقارير الواردة من القيادة المشتركة والسفارة السورية في موسكو بوجود خطأ في جهاز المخابرات الخارجية وتحديداً في فرع العمليات.
وفي النقطة الأولى من الوثيقة أمر من رئيس الجمهورية بشار الأسد بمنع جميع ضباط جهاز المخابرات الخارجية بوضع أي تاريخ أو رقم لمستند يخص جهاز المخابرات الخارجية.
أما النقطة الثانية فتوضح أمراً من الأسد باعتماد إيصال الأوامر الصادرة عن القيادة المشتركة والمخابرات الخارجية باليد حصراً وليس بأي وسيلة أخرى.
أما النقطة الثالثة من نفس الوثيقة فيبدو فيها أن النظام السوري استشعر خطر تسريب المعلومات التي تثبت أن القيادة المشتركة هي من يدير الأزمة السورية فأمر بإتلاف وإحراق كافة الأوامر الصادرة عن القيادة العليا في كافة السفارات والبعثات الدبلوماسية التابعة للنظام السوري حول العالم.
أما النقطة الرابعة فتظهر أمراً من الرئيس السوري لجميع عملاء جهاز المخابرات السورية بمراجعة حسن عبدالرحمن الذي يرأس فرع العمليات في المخابرات الخارجية.
أما في النقطة الخامسة من الوثيقة فيخول الأسد حسن عبدالرحمن بتنفيذ الأمر 23/8 أي الإعدام بحق كل من يتورط في هذه الأخطاء.
سوري يتعرض للتعذيب في فترة النقاهة من 4 عمليات
أصيب في حمص بقذيفة هاون واعتقل خلال عودته من رحلة العلاج
دمشق – جفرا بهاء
أبدت جمعيات أهلية ومنظمات حقوقية دولية، قلقها على مصير الشاب السوري أسامة الهبالي الذي اعتقل يوم 18-08-2012 على الحدود السورية اللبنانية أثناء عودته إلى سوريا من رحلة علاج في لبنان وتركيا، وتم تسليمه إلى فرع الأمن العسكري في حمص.
وأفادت معلومات موثوقة بتعرضه لتعذيب شديد من دون مراعاة وضعه الصحي الحرج، الأمر الذي يهدد حياته بالخطر.
أسامة ذو الـ24 عاماً أصيب بإصابات بالغة جراء تعرضه وهو في سيارته في طريق العودة إلى منزله في الخالدية بمدينة حمص إلى قذيفة هاون كادت تودي بحياته، خضع إثرها لأربع عمليات جراحية معقدة، خاصة أن إحدى الشظايا التي استقرت في رقبته كانت قريبة جداً من الشريان السباتي، إضافة إلى شظية في الرأس وشظايا في قدميه تسببت بكسور في عظم الشظية والظمبوب في الساقين، وشظايا في كلتا يديه تسببت بكسور في عدة أصابع وهددتها بالبتر بسبب نقص التروية، ولم تزل بعض هذه الشظايا مغروسة في جسده معيقة حركة يده اليمنى ورقبته، إضافة إلى كونها تهدد بعض أصابعه وقدمه اليمنى بالشلل.
أطلق أصدقاؤه ومعارفه والعديد من الشباب السوريين حملة لمساندته تحت عنوان “أطلقوا سراح أسامة.. دعوه يكمل علاجه”.
النظام السوري يشن حملة غير مسبوقة على قدسيا
تسببت بمجازر وتهديم وحرق للممتلكات وسط حديث عن بدء حملة ضخمة تستهدف الغوطة الغربية
واشنطن – محمد زيد مستو
شرعت قوات النظام السوري، منذ صباح أمس الأربعاء، في حملة عسكرية “غير مسبوقة” على مدينة قدسيا والهامة في ريف دمشق، وسط حديث عن بدء حملة ضخمة تستهدف الغوطة الغربية بدءاً من تلك المناطق، في وقت تحدث فيه الإعلام السوري عن قيامه بعمليات “تطهير” في قدسيا.
وقدر الأهالي عدد القذائف التي سقطت على مدينة قدسيا والهامة خلال اليومين بأكثر من 400 قذيفة هاون ومدفعية وراجمات صواريخ، في وقت تواصل فيه قوات النظام محاولة دخول المدينة من الأطراف، ما أدى إلى مقتل عشرين مدنياً أمس بينهم خمسة أعدموا ميدانياً، في حين سقط عشرات الجرحى، وسط أنباء عن مقتل عشرات آخرين لم يتمكن الأهالي من معرفتهم جراء استمرار الاشتباكات والقصف وانتشار القناصة، كما قتل العشرات من الجانب الآخر.
وأكد سكان في قدسيا لـ”العربية.نت”، اختفاء العشرات من القاطنين على أطراف المدينة أمس، مبدين قلقهم من تعرضهم للذبح، كما جرى لآخرين قبل أيام، في وقت شهدت فيه قدسيا والهامة نزوحاً جماعياً.
وقال آخرون إن القصف الذي سبب حالة هلع شديدة، خلف دماراً هائلاً في الأبنية السكنية والمشافي الميدانية والمتاجر، فيما قطعت الكهرباء طوال اليومين، تزامناً مع قطع جزئي في الاتصالات الأرضية والخلوية.
وقالت شاهدة عيان في المدينة، إن أعمدة الدخان تصاعدت بشكل كبير جراء حرق منازل على الأطراف.
ورصدت عدسات أهالي المناطق المحيطة، أعداداً هائلة من الجنود والشبيحة قدر عددهم بثلاثة آلاف، توجهوا صباح الأربعاء إلى دمر والهامة وقدسيا التي حاصرها العدد الأكبر من القوات، مصحوباً برشاشات ثقيلة ودبابات وراجمات صواريخ، في حين تحدثت المصادر عن قدوم تعزيزات ضخمة من الآليات العسكرية اليوم.
تخوف من مجازر
من جهته، قال مصدر في الجيش السوري الحر بالمدينة، إنهم تصدوا للحملة العسكرية، وتسببوا بمقتل عدد من جنود قوات النظام قدر عددها بالعشرات، لكنه أبدى تخوفه من تمكنهم من اقتحامها وارتكاب مجازر فيها بسبب التعزيزات الهائلة التي استقدمتها قوات الأسد.
أما في الهامة فقد أعقب القصف المدفعي والصاروخي، قصف من المروحيات التي استهدفت منازل سكنية ومدارس ومساجد، حسبما أظهرته صور بثتها التنسيقيات على الإنترنت.
وأبدى سكان تلك المناطق تخوفهم من مجازر جديدة ترتكبها قوات النظام، وذلك بسبب محاذاتها لأحياء موالية، في وقت لاتزال فيه قوات الرئيس السوري بشار الأسد تحاول اقتحام تلك المناطق منذ صباح اليوم.
ولقي 8 أشخاص مطلع الأسبوع الجاري مصرعهم في قدسيا بعد ذبحهم من قبل شبيحة “حي الورود” الموالي للنظام السوري، والذي تمركزت فيه راجمات الصواريخ ومدافع الهاون أمس، كما قتل 12 آخرون في اليوم الموالي ذبحاً.
أما في دمر التي تبعد بضعة كيلومترات عن القصر الجمهوري، فقد تعرضت أيضاً لقصف استمر لساعات، قبل أن يقتحم الجنود والشبيحة الأحياء ويعتقلوا عدداً كبيراً من الأهالي قدر بالمئات.
حملة
وتعرضت الزبداني بدورها لقصف “عنيف جداً” من قبل الحواجز المتمركزة حول المدينة على الجبال الشرقية والغربية ومن المدفعيات المتمركزة في منطقة الحوش، حيث دكت دبابات الأسد ومدفعياته مناطق اللجوء والحارات المأهولة بالسكان، والتي لجأ إليها سكان الحارة الغربية والمحطة هرباً من القصف، ما أدى إلى حدوث مجزرة راح ضحيتها أكثر من عشرة أشخاص بينهم أطفال، إضافة إلى جرحى بعضهم في حالات خطرة.
خطف فتيات في مسقط رأس الأسد
أبوظبي – سكاي نيوز عربية- لارا حسن
تطورت الاحتجاجات والاشتباكات في مدينة القرداحة، مسقط رأس الرئيس السوري بشار الأسد، لتصل حد خطف 3 فتيات من عائلة الخيّر من قبل من وصفوا بـ”شبيحة” آل الأسد الذين قالوا إنهم “سيربون القرداحة بهؤلاء الفتيات”، حسب ما أفادت إحدى الناشطات العلويات.
وأضافت الناشطة لسكاي نيوز عربية “قالوا إنهم سيربون القرداحة بالفتيات المخطوفات كما قالوا من قبل إنهم سيربون درعا بأطفالها المعتقلين.. وهذا ما لن يحدث”.
وأوضحت أن “حادثة الخطف ليست بجديدة على العائلات العلوية التي طالما عانت من تشبيح عائلة الأسد وأعاونهم، لكنها وللمرة الأولى يكون هذا الاختطاف على خلفية الاختلاف بالآراء السياسية”.
وتداولت مصادر مختلفة أن الرئيس السوري على اطلاع مباشر على ما يحدث في مدينته القرداحة ويبدي قلقا حيال الأحداث فيها، فيما يدور الحديث عن عرض قدمه الأسد لعائلتي الخيّر وعثمان بمغادرة القرداحة مقابل معاقبة من قتل لهم أفرادا من أسرتهم.
كما قام “الشبيحة” بإحراق محال عائلات الخيّر وعبود وإسماعيل في القرداحة، وانتشرت الحواجز الأمنية في المدينة في تطور جديد للأحداث هناك، وفقا لأحد الناشطين في مدينة القرداحة على فيسبوك.
وقال الشيخ عدنان العرعور، أحد أهم الشيوخ السنة المؤيدين للثورة السورية وله أتباعه ومريدوه في الداخل السوري، على حسابه في تويتر إن “ماحدث في القرداحة من بغي آل الأسد على عوائلها لدليل على إصرار العصابة الأسدية بالبغي على الجميع للتفرد بالحكم، فهبوا ياشرفاء الطائفة مع ثورتنا”.
وعانت مدن اللاذقية وجبلة والقرداحة وطرطوس وأغلب قرى الساحل السوري من قمع وتشبيح الشبيحة التابعين لعائلة الأسد وأقاربهم على مر سنوات طويلة قبيل الثورة السورية، منذ أواخر 1975، وعمل بشار الأسد على ضبطهم وكبحهم ما بين عامي 2002 و 2003، وفقا لمعارضون علويون.
يشار إلى أن تسمية “شبيح” تعود إلى السيارة الأكثر استخداما لدى تلك المجموعات وهي “الميرسيدس – الشبح”، أو إلى تشبيه ممارساتهم الإجرامية بما تفعله الأشباح.
وكان 8 أشخاص، من عائلات الخيّر وعثمان وعبود، قتلوا الأحد الماضي في اشتباكات مع شبيحة آل الأسد على خلفية الاختلاف بالرأي السياسي إزاء ما تشهده البلاد.
وتعتبر عائلة الخيّر من أكبر عائلات القرداحة، ولها مكانة ثقافية ودينية لدى الطائفة العلوية، وقد امتنع أبناؤها عن حمل السلاح لرفضهم العنف المنتشر في البلاد.
ظهور جديد لأسماء الأسد.. مع “متفوقين“
أبوظبي – سكاي نيوز عربية
عرض التلفزيون الرسمي السوري صورا لزوجة الرئيس بشار الأسد خلال استقبالها بدمشق عددا من الطلاب المتفوقين في الدراسة.
وذكر التلفزيون أن أسماء الأسد تقدمت بالشكر إلى الطلبة الذين قالوا إنهم قدموا من درعا ودمشق وريفها وحمص ومدن أخرى.
وقالت زوجة الأسد للتلفزيون السوري إن هؤلاء الطلبة أثبتوا أن هناك من يريد بناء سوريا في وقت يريد أخرون تدميرها على حد تعبيرها.
وكانت أسماء الأسد قد خطفت الأضواء في يونيو الماضي بعد ارتدائها “تي شيرت” أسود كتب عليه “حلوة يا بلدي”، ما أثار جدلاً كبيراً بين الجاليات السورية في العالم، وقد اعتبره البعض لامبالاة من السيدة الأولى بما يحدث في بلادها، لاسيما بعد سقوط نحو 30 ألف قتيل جراء حملة القمع التي يمارسها النظام الحاكم في سوريا، حسب منظمات حقوقية.
وعلق آخرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالقول: “هل سوريا في ظل كل هذا الدم حلوة في نظر حرم الرئيس”، في حين اعتبره البعض الآخر استفزازاً للشعب السوري.
يذكر أن صحيفة “الغارديان” البريطانية سبق وأن رفعت النقاب عن حياة الترف التي تعيشها أسماء الاسد، إذ أن السيدة الاولى كانت تنفق أموالاً طائلة على التسوق من ماركات عالمية رغم الاضطرابات السياسية التي تعيشها البلاد.
دعم أوروبا لتركيا في معالجة الأزمة مع سورية مرتبط بعدم التصعيد
بروكسل (4 تشرين الأول/أكتوبر) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء
رفض مصدر أوروبي مطلع التكهن بمدى قدرة أوروبا على الإستمرار في تقديم الدعم لتركيا في تعاملها مع الأزمة السورية، خاصة بعد تصاعد التوتر على الحدود جراء تبادل القصف بين جيشي البلدين
وأوضح المصدر في تصريح لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء الخميس، أن أوروبا مستمرة في تقديم الدعم والمساندة لتركيا وإدانة الإنتهاكات السورية لأراضيها، وقال “عندما نتحدث عن دعم أنقرة، نصر على ربط ذلك بعدم التصعيد والتزام ضبط النفس”، حسب تعبيره
ولكن المصدر أشار إلى أن الإتحاد الأوروبي قد لا يدعم تركيا بشكل لا محدود، حيث “لا نعرف بالضبط ما ستفعله تركيا في المستقبل، ولذلك يجب الحذر عند الحديث عن هذا الموضوع، أعتقد أننا لن نستطيع دعم أنقرة في حالة قررت الذهاب بعيداً في الطريق العسكري”، على حد تعبيره
ونوه بأن الإتحاد الأوروبي يرى أن مزيداً من العسكرة لن يؤدي إلا إلى زيادة معاناة الشعب السوري وكذلك معاناة الشعب التركي وباقي شعوب الدول المجاورة لسورية
ويذكر أن مايكل مان، المتحدث باسم الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، كان أعلن أن اتصالاً هاتفياً سيجري اليوم بين المسؤولة الأوروبية ووزيرالخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، لـ”مناقشة تطورات الوضع السوري بالطبع”، دون أن يعطي المزيد من التفاصيل
وأعاد مان إلى الأذهان مضمون البيان الذي صدر صباح الخميس عن المجلس الوزاري الأوروبي بشأن قيام القوات السورية بقصف مناطق تركية على الحدود بين البلدين، من حيث إدانة التصرف السوري وحث الطرفين على ضبط النفس
وأشار المتحدث إلى أن الإتحاد الأوروبي سيطلب من تركيا عدم الرد بالمثل على ما تقوم به سورية، مع مطالبة سلطات دمشق بإحترام سيادة أراضي تركيا وكذلك كافة الدول المجاورة
مشاورات روسية أوروبية غير معلنة حول الأزمة السورية
باريس (5 تشرين الأول/أكتوبر) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء
أشار مصدر دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى إلى وجود مشاورات جديدة بين روسيا وأوروبا بشأن الأزمة السورية ربما تُفضي إلى توافق بين روسيا والغرب ينهي الصراع داخل سورية أو يسرّع في التحول الديمقراطي، وأكّد على أن كل الأفكار مطروحة في هذه المشاورات بما فيها موضوع تنحي الرئيس السوري
وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه “قام مسؤولون روس من مستوى رفيع بزيارة إلى فرسنا الأسبوع الماضي لبحث أفكار جديدة تخص الأزمة السورية”، وأضاف “هناك تغيّر في الموقف الروسي، وأصبح هناك قواسم مشتركة، خاصة حول مسألة حتمية تغيير النظام في سورية” وفق تعبيره
وأضاف المصدر لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء “كذلك سيقوم مسؤول روسي هام بزيارة إلى فرنسا الأسبوع المقبل للقاء عدد من كبار المسؤولين الفرنسيين، وسيناقش الجانبان الأزمة السورية، ومن المرجح وفق المعلومات الأولية أن يوافق الروس على مقترحات أوروبية ـ أمريكية لها علاقة بتغيير النظام السوري، الأشخاص المراحل والأفكار، وغالباً سيتم بحث تنحي الأسد والضمانات التي ترافق ذلك” حسب تقديره
مجلس الأمن يدين هجوما سوريا على بلدة حدودية بتركيا
الأمم المتحدة (رويترز) – أدان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الخميس هجوما سوريا بقذيفة مورتر على بلدة حدودية تركية أودى بحياة خمسة مدنيين وطلب “وقف مثل هذه الانتهاكات للقانون الدولي فورا وعدم تكرارها.”
وفي اتفاق نادر جاء البيان الصادر عن المجلس ليندد بالهجوم “بأقوى عبارات” بعد ان رفضت روسيا نصا أوليا عن الحادث الذي وقع يوم الأربعاء وطرحت نسخة مخففة تدعو تركيا وسوريا كلتيهما إلى التحلي بضبط النفس.
واعترض الأعضاء الغربيون في مجلس الأمن على النص الذي اقترحته موسكو لكنهم عدلوا المشروع المبدئي للبيان ليراعي بعض تحفظات روسيا.
والتوصل إلى اجماع على أي أمر متصل بسوريا أمر غير عادي وكان المجلس قد وصل الى طريق مسدود بسبب الخلافات بشأن الصراع الدائر في سوريا منذ 18 شهرا. وكانت روسيا والصين ترفضان الدعوات إلى فرض عقوبات على حكومة دمشق.
ودعا نص البيان النهائي لمجلس الامن المؤلف من 15 دولة “الحكومة السورية إلى ان تراعي تماما سيادة جيرانها وسلامة أراضيهم.” وطالب “أن تتوقف على الفور كل الانتهاكات للقانون الدولي وعدم تكرارها.”
وقال المجلس في بيانه “شدد أعضاء مجلس الأمن على أن هذا الحادث أبرز العواقب الوخيمة للأزمة في سوريا على أمن جيرانها وعلى السلام والاستقرار الإقليميين.”
وقع الهجوم السوري يوم الاربعاء وردت تركيا في وقت لاحق من اليوم ويوم الخميس بضرب اهداف في سوريا.
وبدلا من دعوة تركيا وسوريا صراحة إلى التحلي بضبط النفس نصت الجملة الأخيرة من البيان على ان “اعضاء مجلس الأمن يدعون الى التحلي بضبط النفس.”
وكانت روسيا اصرت على حذف جملة في مشروع البيان الأصلي تصف الهجوم السوري بأنه “خطر شديد على السلام والأمن الإقليميين.” واشار البيان التوافقي بدلا من ذلك الى “المخاوف فيما يتعلق بأثر الأزمة في سوريا على جيرانها وعلى السلام والاستقرار الإقليميين.”
واستخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد ثلاثة قرارات سابقة تندد بحكومة الرئيس السوري بشار الاسد ويقول دبلوماسيون إن من المرجح ان يتخذ مجلس الامن الدولي اجراء آخر ضد سوريا في الوقت الراهن.
ويقول نشطاء المعارضة إن نحو 30 الف شخص قتلوا في انحاء سوريا في الصراع الذي تتصاعد وتيرته بين قوات الاسد والمعارضة التي تسعى للاطاحة به.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة مارتن نسيركي يوم الاربعاء ان الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون “يشعر بالانزعاج من تصاعد التوترات على الحدود بين سوريا وتركيا” محذرا من تزايد خطر نشوب صراع إقليمي أوسع.
وقال بشار الجعفري السفير السوري لدى الامم المتحدة إن حكومة بلاده طالبت مجلس الامن الدولي ان يتضمن اي بيان بشأن الهجمات الحدودية رد الفعل على “هجمات انتحارية ارهابية وقعت في مدينة حلب” يوم الاربعاء الماضي.
ووصف بان التفجيرات التي شهدتها مدينة حلب بشمال سوريا والتي راح ضحيتها 48 شخصا بانها “تفجيرات ارهابية بشعة” فيما اتهم الجعفري بعض الدول الاعضاء في مجلس الامن بانها عارضت للمرة الثالثة استنكار هجمات “ارهابية” في سوريا.
وقال الجعفري للصحفيين إن الحكومة السورية لا تسعى الى اي تصعيد للصراع مع اي من جيرانها بما في ذلك تركيا مكررا دعوة دمشق لحكومة تركيا لمساعدة سوريا في السيطرة على منطقة الحدود المشتركة بين البلدين ومنع الجماعات المسلحة من التسلل عبرها.
واتهمت سوريا كلا من تركيا والولايات المتحدة وفرنسا وقطر والسعودية بدعم “الارهاب” من خلال ارسال اسلحة واموال ومقاتلين اجانب الى المعارضة السورية. وتقول واشنطن وباريس انهما تقدمان دعما “غير فتاك” وليس اسلحة.
جاء بيان مجلس الامن الدولي بناء على طلب من تركيا التي طلبت من اعضاء المجلس اتخاذ الاجراءات الضرورية لوقف العدوان السوري وان تكفل مراعاة حكومة دمشق لسلامة التراب التركي.
ورفعت سوريا مذكرة الى المجلس تضمنت تعازيها في القتلى المدنيين الاتراك ودعوتها الى ضبط النفس وتحكيم العقل.
(إعداد محمد هميمي للنشرة العربية – تحرير دينا عادل)
من لويس شاربونو
الاتراك على الحدود مع سوريا خائفون رغم الرد التركي
أكاكالي (تركيا) (رويترز) – أبدى سكان بلدة حدودية تركية قصفتها القوات السورية تشككهم يوم الجمعة في قدرة الرد العسكري والسياسي التركي على ردع أي هجمات دامية أخرى من الجانب السوري.
وقصفت المدفعية التركية اهدافا عسكرية سورية لليوم الثاني على التوالي يوم الخميس ردا على قذيفة المورتر التي قتلت خمسة اشخاص في اليوم السابق في بلدة أكاكالي بجنوب شرق تركيا.
وأسفر القصف التركي عن مقتل عدة جنود سوريين وسمح البرلمان التركي للحكومة بالقيام بعمل عسكري خارج الحدود حال حدوث أي عدوان جديد.
وفي نيويورك ندد مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة يوم الخميس بقوة بالهجوم السوري وطالب “أن تتوقف على الفور كل الانتهاكات للقانون الدولي وعدم تكرارها.”
وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ان بلاده لا تسعى اطلاقا لبدء حرب وان موافقة البرلمان على نشر قوات في الخارج كانت بهدف الردع لكن سكان المنطقة لا يزال يساورهم الخوف.
وقال ابراهيم جيلدن (33 عاما) وهو حارس امن في أكاكالي “نحن محاصرون في المنتصف… اذا كنا سنخوض الحرب فلنذهب الى الحرب .. لكن الان فاننا نجلس هنا كالاهداف.”
ويقع منزل ابراهيم على بعد امتار قليلة من المنزل الذي اصابته قذيفة المورتر يوم الاربعاء في جنوب البلدة قرب السياج الحدودي. واصبحت المنطقة اشبه ببلدة الاشباح وتعاني من اثار القذائف السورية وقذائف المورتر والرصاصات التي تضل طريقها عبر الحدود في الاسابيع القليلة الماضية.
وقالت روسيا حليف سوريا انها تلقت تأكيدات من دمشق بأن قذيفة المورتر كانت حادثا مأساويا وقع بينما كانت قوات الحكومة السورية تحارب قوات المعارضين الذين يسعون للاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد.
وتوقف القصف التركي في وقت متأخر يوم الخميس لكن مارتن نسيركي المتحدث باسم الامم المتحدة قال ان الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون “منزعج من التوتر المتزايد على الحدود السورية التركية” ويشعر بالقلق ازاء خطر اندلاع صراع اقليمي اوسع نطاقا.
لكن وزارة الخارجية الامريكية قالت انها ترى أن رد تركيا على إطلاق قذيفة مورتر من سوريا على أراضيها كان ملائما ومتناسبا ويهدف لردع أي انتهاكات أخرى لسيادتها.
وفي اسطنبول خرج حوالي خمسة آلاف شخص الى شوارع قلب المدينة مساء الخميس في مظاهرة احتجاج سلمي مناهض للحرب تحول كذلك الى مظاهرة ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وهتفت الحشود تحت سمع وبصر الشرطة “العدالة والتنمية يريد الحرب.. الشعب يريد السلام.”
وندد مجلس الامن بالهجوم السوري. وجاءت هذه الخطوة بعد يومين من التفاوض على نص اولي رفضته روسيا.
والوصول إلى اجماع على أي شيء متصل بسوريا داخل مجلس الامن أمر غير عادي وكان المجلس قد وصل الى طريق مسدود بسبب الخلافات بشأن الصراع الدائر في سوريا منذ 18 شهرا اذ كانت روسيا والصين ترفضان الدعوات إلى فرض عقوبات على حكومة دمشق.
ووزعت موسكو نصها المقترح الذي كان يدعو كلا من تركيا وسوريا الى التحلي بضبط النفس. واعترض الأعضاء الغربيون في مجلس الأمن على النص الذي اقترحته موسكو لكنهم عدلوا المشروع المبدئي.
ودعا نص البيان النهائي لمجلس الامن المؤلف من 15 دولة وهو بيان غير ملزم “شدد أعضاء مجلس الأمن على أن هذا الحادث أبرز العواقب الوخيمة للأزمة في سوريا على أمن جيرانها وعلى السلام والاستقرار الإقليميين.”
وتؤوي تركيا اكثر من 90 الف لاجئ سوري وتخشى من تدفق هائل كما حدث عندما تدفق نصف مليون عراقي كردي على تركيا بعد حرب الخليج عام 1991.
(إعداد محمود رضا مراد للنشرة العربية – تحرير محمد هميمي)
من جوناثان بيرتش