أحداث وتقارير اخبارية

أحداث الجمعة 08 كانون الثاني 2016

المفاوضات السورية: سيناريوهات ولاءات

عبسي سميسم، ريان محمد

يبدو أن الدول الفاعلة في القضية السورية لا تزال مصرّة على السير قدماً لتحقيق تقدّم على طريق الحل السياسي، من دون الأخذ بعين الاعتبار المناخات التي قد تعرقل ما تم وسيتم التوافق عليه، من استمرار العدوان الروسي واستمرار النظام بالقتل، بالإضافة إلى وجود فصائل ضمن مناطق المعارضة قد تعيق تطبيق أي اتفاق.

وقد أثارت الوثيقة المسربة حول خطة أميركية للحل السياسي في سورية، والتي نشرتها وكالة “أسوشييتد برس”، يوم الأربعاء الكثير من الجدل، وخصوصاً أن الوثيقة تتضمن جدولاً زمنياً للعملية السياسية تفضي إلى رحيل رئيس النظام بشار الأسد في مارس/آذار 2017 في أفضل الأحوال، ضمن فترة انتقالية تمتد لـ18 شهراً. وسارعت وزارة الخارجية الأميركية إلى التقليل من شأن الوثيقة المسربة، على لسان المتحدث باسم خارجيتها جون كيربي، الذي قال إن الوثيقة هي وثيقة تمهيدية ولم يُتخذ أي قرار بشأنها. وشدد على أنها لا تمثّل السياسة الرسمية الأميركية، وقد أعدّها موظف في الخارجية كوسيلة محتملة للمضي قدماً في العملية السياسية في سورية.

وحول موقف الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة من الوثيقة ومن العملية السياسية في سورية، يقول الأمين العام للائتلاف يحيى مكتبي، في تصريح إلى “العربي الجديد”: “نحن في الائتلاف نرى أن هناك نقطة إيجابية سواء بورقة فيينا الثانية أو قرار مجلس الأمن الدولي الأخير، وهي بوجود إطار زمني للمفاوضات والمرحلة الانتقالية، وتشكيل هيئة حكم انتقالي”. ويشير مكتبي إلى أن “الائتلاف والطيف الأكبر من المعارضة يرى ألا يكون للأسد أي دور، لا في المرحلة الانتقالية، ولا في مستقبل سورية”.

أما بالنسبة للوثيقة التي سرّبتها وسائل الإعلام، فيلفت مكتبي إلى أنه “لم يصلنا أي كلام رسمي من واشنطن، على الرغم من وجود قنوات اتصال دائمة، ومن الصعب أن نتخذ موقفاً، كونه لا كلام رسمياً في هذا الشأن، ولكن في حال عُرض الأمر بشكل رسمي، سيكون هناك اجتماع لبحث هذا الموضوع واتخاذ قرارات تناسب مصلحة الثورة”.

ويقول مكتبي “إن موضوع مصير الأسد هو عقدة المنشار، وبعض الدول تتذرع بأن بديل الأسد هو الفوضى، والائتلاف موقفه واضح أن الأسد هو سبب كل الفوضى”، موضحاً “أننا اليوم على المستوى السياسي والقانوني والأخلاقي، إذا كان المجتمع الدولي لديه الإرادة الحقيقية للمضي في طريق الحل السياسي عليه أن يساهم في وقف مجازر الأسد بحق المدنيين”.

وحول ما يتم طرحه من أن تكون المفاوضات متعددة الأطراف، يشير إلى أن “هناك هيئة عليا للتفاوض، وقرار إضافة أسماء لوفد التفاوض بالنسبة للمعارضة يعود للهيئة العليا التي تقرر من تضيف، وإذا أراد الروس أن يضموا أحداً للمفاوضات، فلتكن هذه الأطراف من ضمن وفد الأسد”.

أما عن اجتماعات المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، مع المعارضة، فيلفت مكتبي إلى أنه “منذ يومين حصل لقاء بين دي ميستورا والهيئة العليا للتفاوض، التي أبلغته وجهة النظر التي تبنّاها الائتلاف والفصائل العسكرية، والتي تقوم على رفض أي دور للأسد في المرحلة الانتقالية ومستقبل سورية، وقد وجد دي ميستورا لغة حاسمة من قبل هيئة التفاوض بهذا الخصوص”، فيما أجرى المبعوث الأممي مشاورات أمس الخميس في تركيا.

ويرى مكتبي “أن التصعيد الإجرامي من النظام وموسكو وطهران، يعطي مؤشراً إلى أن هذا الثلاثي مستمر في القتل والمجازر، وهذا لا يدل على أن هناك أجواء إيجابية تهيئ المناخ للمفاوضات، فيما كان قرار مجلس الأمن قد أكد ضرورة توفر الظروف الملائمة لإطلاق العملية السياسية (وقف إطلاق النار) وبوادر حسن نية”.

وفي سياق متصل، تؤكد مصادر من المعارضة المحسوبة على ما يسمى “المعارضة الداخلية”، لـ”العربي الجديد”، أن “قوى معارضة سورية تدفع لتكون المفاوضات المتوقع عقدها الشهر الحالي، مفاوضات متعددة الأطراف، تُنتج حكومة تشاركية تقود المرحلة الانتقالية”، لافتة إلى أن “هذا التوجّه مقبول من قبل الأطراف الدولية الفاعلة في الصراع السوري، من الروس إلى الأميركيين إضافة إلى عدد من الدول الأوروبية”.

وعلى حد قول هذه المصادر، فإن “آليات ودعوات لقاء المعارضة الموسّع، الذي عقد في الرياض الشهر الماضي، شهدت انتقائية في اختيار القوى والفصائل المشاركة، مع استثناء فصائل وقوى أخرى موجودة على الأرض، ولها تحالفاتها الدولية، وعلى رأسها قوى الإدارة الذاتية، وقوات سورية الديمقراطية التي شُكلت قبل لقاء الرياض بفترة وجيزة”.

وتضيف المصادر أن “المجتمع الأوروبي ينظر إلى سورية اليوم على أنها منطقة صراع متعددة الأطراف، بينها الجماعات الإسلامية التكفيرية، والجهادية، والمعتدلة، والعلمانية، ولم يعد يرى الحرب السورية على أنها صراع بين معارضة ونظام”، معتبرة أن “غياب التوافق الدولي حول ممثلي المعارضة وأسس تشكيل وفد المعارضة المفاوض، دفع إلى قبول قطبي الصراع في سورية بالمفاوضات متعددة الأطراف، وهذا قد يشكل انعكاسا أفضل للمحاصصة”، على حد قولها.

وتعتبر المصادر أن “قوى مجلس سورية الديمقراطية، هي الجهة الأساسية الداعمة لفكرة مفاوضات متعددة الأطراف، وهذا ظهر جلياً في رسالة الرئيس المشترك لمجلس سورية هيثم مناع إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، قبل يومين”.

من جهته، يعتبر عضو الهيئة العليا للتفاوض، القيادي في هيئة التنسيق أحمد العسراوي، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “فكرة التفاوض متعدد الأطراف محبطة من حيث المبدأ، وتدمير للموقف الوطني”. وعلى الرغم من ترجيحه احتمال مشاركته “مجلس سورية الديمقراطية”، و”مؤتمر القاهرة”، في مباحثات جنيف المقبلة، إلا أنه يشير إلى أنه “لا يوجد تواصل إلى اليوم بين هيئة التفاوض العليا ومجلس سورية الديمقراطية أو مؤتمر القاهرة”.

وفي السياق، علمت “العربي الجديد” من مصادر مطلعة، أن هناك سعياً من بعض السياسيين والناشطين، لتشكيل لجان مراقبة، من ممثلي القوى والفصائل السورية غير الممثلة في هيئة التفاوض العليا أو “مجلس سورية الديمقراطية” أو “مؤتمر القاهرة”، لحضور المفاوضات كمراقبين. وبحسب المصادر، ففي حال لم تنجح مساعيهم، سينظمون نشاطات في ذات السياق في جنيف خلال انعقاد المشاورات والمفاوضات.

 

الطيران الروسي يوسّع دائرة غاراته

بـيـروت، دمـشق، لنـدن – «الحيـاة»، رويتــرز، أ ف ب

بعد مرور مئة يوم على بدء الحملة العسكرية الروسية في سورية، وسّع الطيران الروسي دائرة غاراته، وامتدت المناطق المستهدفة من ريف درعا وغوطة دمشق جنوب البلاد إلى أرياف حلب وإدلب واللاذقية في شمال البلاد وشمالها الغربي، مع استمرار مروحيات النظام في إلقاء عشرات من «البراميل» على جنوب غربي العاصمة. وأعلنت الأمم المتحدة أن الحكومة السورية وافقت على إدخال مساعدات إنسانية إلى مناطق محاصرة، بينها مضايا شمال غربي دمشق، من دون تحديد مواعيد. في الوقت ذاته، أكدت مصادر في المعارضة السورية أن الهيئة العليا للمفاوضات أبلغت المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا تمسُّكها بوجوب بدء المفاوضات مع وفد الحكومة نهاية الشهر ببحث تشكيل هيئة حكم انتقالية، والبدء بإدخال المساعدات الإنسانية ووقف القصف قبل المفاوضات (للمزيد).

وأورد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس أن «عدد البراميل المتفجّرة التي ألقاها الطيران المروحي على مناطق في مدينة داريا ارتفع إلى 48، فيما جدّد قصفه بـ8 براميل مناطق في مدينة معضمية الشام بالغوطة الغربية».

وفي سياق توسيع دائرة القصف الروسي، أفاد «المرصد» بمقتل «عشرة أشخاص بينهم 3 أطفال وإصابة عشرات آخرين نتيجة القصف من طائرات حربية يُرجَّح أنها روسية والقصف المكثّف من جانب قوات النظام، والذي تتعرض له مدينة زملكا بالغوطة الشرقية». وزاد أن: «عدد الشهداء مرشّح للارتفاع»، لافتاً إلى أن قاذفات روسية شنت ١٢ غارة على مناطق في بلدة الشيخ مسكين في ريف درعا بين دمشق والأردن، وتسعى قوات النظام منذ أسبوعين لاستعادة البلدة.

كما وفّر الطيران الروسي غطاءً جوياً لقوات النظام وأنصاره في معارك في ريف اللاذقية، بالتزامن مع شنّه غارات على أريحا في ريف إدلب، ومع تأكيد «المرصد» مقتل «ثمانية أشخاص بينهم مواطنات وأطفال نتيجة قصف من طائرات حربية يعتقد بأنها روسية على مناطق في بلدة بزاعة بريف حلب الشرقي».

وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في بيان، أن المنظمة الدولية «ترحب بالموافقة التي تلقتها (أمس) من الحكومة السورية في شأن إيصال المساعدات الإنسانية إلى مضايا والفوعة وكفريا (شمال غرب) وتعمل لتحضير القوافل لانطلاقها في أقرب فرصة». لكن معارضين في مضايا قالوا أن المساعدات لم تصل مساء أمس، مشيرين إلى أن ذلك سيحصل الثلثاء المقبل.

ونقلت الأمم المتحدة عن «تقارير موثوقة» أن «الناس يموتون من الجوع ويتعرضون للقتل أثناء محاولتهم مغادرة مضايا التي يعيش فيها حوالى 42 ألف شخص»، مشيرة إلى أن آخر قافلة دخلت المنطقة في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

وتحاصر قوات النظام والمسلحون الموالون لها قرى في ريف دمشق منذ أكثر من سنتين، لكن الحصار على مضايا تم تشديده قبل نحو ستة أشهر.

وكان ذلك أحد المواضيع التي ناقشتها الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة مع دي ميستورا في الرياض أول من أمس، قبل توجُّهه إلى طهران. وقال المنسق العام للمعارضة رياض حجاب في بيان أنه أكد للمبعوث الدولي أن «تدخُّل بعض القوى الدولية لشن الهجمات الجوية والقتال نيابة عن النظام، يفرض على المجتمع الدولي أعباء إضافية تتمثل في التوصل مع الأطراف الإقليمية والدولية إلى اتفاق لوقف النار وإدخال المساعدات إلى المناطق المتضررة، حيث يقيم خمسة ملايين سوري لاجئين في دول الجوار و6 ملايين آخرون في مناطق لا تتبع لسيطرة النظام». وشدّد على تطبيق المادتين ١٢ و١٣ في القرار الدولي ٢٢٥٤ وإدخال مساعدات إنسانية إلى المناطق المحاصرة ووقف القصف العشوائي.

 

أحلام بوتين بـ «النصر» السريع تتبدّد

موسكو – رائد جبر

مئة يوم على الحملة العسكرية الروسية في سورية، والنتائج كما يلخصها بعضهم: تنظيم «داعش» إلى انحسار، لكن الحرب «باقية… وتتمدد»!

تكاد المناسبة أن تمر بصمت، ومن دون إجراء مراجعة كاملة للإنجازات والإخفاقات، على رغم أن كثيرين من الروس كانوا يعوّلون على «تحقيق النصر» في غضون ثلاثة أشهر. يكفي استرجاع اللهجة الواثقة لرئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما أليكسي بوشكوف، المقرب من الكرملين عندما قال منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الماضي: «الضربات ستتكثّف، ونتحدث عن عملية تستغرق 3 – 4 أشهر».

و «السقف الزمني» الذي حدده بوشكوف وأغضب الكرملين بسبب تسرُّعه في كشف ما يدور داخل مطبخ صنع القرار الروسي، لم يكن خطاً أحمر بالمعنى العسكري للكلمة، فالرجل استبق عبارته بتحذير من أن «ثمة خطراً دائماً للسقوط في مستنقع يصعب الخروج منه، لكن عمليتنا محدودة الزمن».

تفسِّر هذه العبارة حرص الكرملين في كل مناسبة على تأكيد بقاء العملية في إطار زمني محدد. لكن ذلك استمر حتى وقت قصير سبق نهاية العام الماضي، حين تأكّد الرئيس فلاديمير بوتين من أن فترة مئة يوم لن تكون كافية لإحراز نصر يغيظ أعداء روسيا الذين يراقبون تصرفاتها بدقة، وربما يرجون لها أن تخرج ذليلة. عندها قال الرئيس الروسي عبارته التي حددت إطاراً زمنياً مختلفاً: وزارة الدفاع تنفق من موازنة التدريبات، على حملتها العسكرية، ولن نجد أفضل من هذه الظروف لتدريب قواتنا. باختصار، ترك بوتين المساحة مفتوحة أمام العسكر الروس، مهما احتاجوا من فترات لاختبار قدراتهم وتجريب أسلحتهم الحديثة.

لم تعد «المهلة» مقدسة إذاً، لكن السؤال الذي يطرحه الروس هو: ماذا حققنا في مئة يوم؟

الناطق العسكري الروسي يحرص على تقديم تقريره إلى وسائل الإعلام وكأنه يؤدي التحية أمام قائده، فتغدو «الانتصارات» في حديثه مرتبطة بعدد الغارات الذي تجاوز 5500 منذ بدء الحملة العسكرية الروسية، وتضيع الأخطاء في لفظ أسماء المدن السورية عندما ينطقها، بين تفاصيل كثيرة بينها أن في سورية كما تبيّن للحملة «آلاف المراكز لتدريب المقاتلين الأجانب وعشرات الآلاف من مصانع القنابل ومئات من غرف القيادة الميدانية» لتنظيم «داعش»، وكلها دُمِّرت بـ «دقة كاملة».

بعيداً من هذا الخطاب، توجز موسكو نتائج الحملة حتى الآن، بانحسار نفوذ «داعش» بدليل تقدُّم القوات الحكومية السورية في عشرات المناطق. وتضع صحيفة «النجمة الحمراء» الناطقة باسم الجيش الروسي على رأس صفحتها الأولى، عبارة تختصر الحدث: «ثلاثة أشهر بمثابة كابوس لداعش».

وبين الأدلّة على «الكابوس» تفاخر الصحيفة بأن «قوات التحالف الدولي في أفغانستان خسرت 21 جندياً خلال تشرين الثاني (نوفمبر)، بينما خسائر روسيا لم تزد على طيار وجندي من قوات المشاة «قتلا بسبب الخيانة التركية وليس بسبب جسارة العدو».

لا تهتم الصحافة الروسية كثيراً بدرس خريطة «انحسار داعش»، بل تولي الاهتمام الأكبر لـ «تقدُّم القوات الحكومية (السورية) بفضل ضرباتنا».

وقد يكون الإنجاز الأهم في رأي مطبخ صنع القرار، هو الذي رسم ملامحه المعلّق السياسي لوكالة «نوفوستي» الحكومية قبل أيام قائلاً: انتصار القوات الحكومية السورية بفضل تدخلنا سيدمّر نهائياً خطط واشنطن وحلفائها في المنطقة، ويمكن إدارة (الرئيس الأميركي باراك) أوباما أن تُطلِق علينا ما شاءت صفة «قوة إقليمية»، لكن دخولنا إلى سورية أجبر العالم على الاعتراف بأننا قوة عظمى، ومحرّك أساسي لصنع السياسة الدولية».

وأمس، أكد «الائتلاف الوطني السوري» المعارض في بيان، أن الغارات الروسية قتلت خلال مئة يوم «١٧٣٠ شخصاً، بينهم ١٣٥ طفلاً و١١٥ سيدة، ودمّرت ٢٩ مشفى ومركزاً طبياً، وعشرات المدارس ودور العبادة ومؤسسات البنى التحتية». وأشار إلى إن الطيران الروسي «شن ١٢ ألف غارة استخدم فيها القنابل العنقودية والفوسفورية والصواريخ الفراغية، واستهدفت ٩٤ في المئة من الهجمات مواقع مدنية وأخرى تابعة للجيش السوري الحرّ، بالتزامن مع حملات أدت إلى تهجير حوالى نصف مليون سوري من ديارهم في أرياف اللاذقية وحمص وحماة وحلب».

ومع تحذير خبراء بارزين من أن روسيا غدت أقرب إلى الانزلاق نحو «المستنقع»، جاء اعتراف بوتين أخيراً بوجود «وحدات تنفّذ مهمات خاصة» في سورية ليزيد الاقتناع بأن «الأيام المئة المقبلة ستكون أسوأ» كما كتب معلّق، معتبراً أن شعار «داعش» غدا أوسع، فالمأساة السورية بعد مئة يوم تبدو «باقية وتتمدّد».

 

جنيف السوري يواجه تعقيدات كبيرة خطة أميركية: الأسد إلى ما بعد 2017

جنيف – موسى عاصي

لن يكون للاتفاق على ادخال مواد الاغاثة في وقت متزامن الى بلدة مضايا التي تحاصرها قوات الحكومة السورية وحلفائها، والى بلدتي كفريا والفوعة اللتين تحاصرهما مجموعات المعارضة المسلحة، تأثير كبير على التحضير المتواصل لانعقاد الحوار المقرر في 25 كانون الثاني الجاري في جنيف بين فريقي الصراع السوريين.

وتواجه الأمور تعقيدات كبيرة وتتجه الى مزيد من التوتر مع اقتراب الموعد المحدد من دون إحراز أي تقدم حتى الآن، الأمر الذي دفع مسؤولاً أميركياً بارزاً في جنيف الى التعبير عما آلت اليه التحضيرات بقوله: “ليس باستطاعتنا إلا الأمل بانعقاد الجولة، فنحن نخطو خطوة الى الامام ثم نعود الى الوراء خطوتين”.

ولم تنفع التصريحات التي رافقت جولة المبعوث الخاص للامم المتحدة الى سوريا ستافان دو ميستورا في المنطقة، والتي حاولت الفصل بين الملف السوري وتطورات العلاقة بين الرياض وطهران أثر اعدام رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر، اذ قالت اوساط غربية متابعة للملف السوري وأخرى اممية في جنيف إن التوتر المستجد بين العاصمتين لا يساعد إطلاقاً في حلحلة التعقيدات التي كانت موجودة اصلاً، “بل على العكس وما نسمعه من تصريحات ايجابية لكلا الطرفين لا يعكس الواقع”. واستبعدت أوساط أممية أن تعقد الجولة في موعدها المقرر.

وفيما يواصل دو ميستورا جولته في المنطقة، تعمل الامم المتحدة على أساس أن الحوار السوري سينطلق في موعده، فقد بدأت خلال اليومين الاخيرين في جنيف فرق أممية لوجستية تحضيراتها لاستقبال الوفود وحجز الفنادق وتجهيز قاعات التفاوض. وفي الوقت عينه، يعمل ديبلوماسيو روسيا والولايات المتحدة في جنيف أيضاً على اساس انطلاق المحادثات في موعدها. وعلمت “النهار” أن اجتماعا لمجموعة الدول الراعية لحل الازمة السورية (مجموعة فيينا) سيعقد في مكان لم يحدد بعد، قبل اجتماع الطرفين السوريين. واشارت الى أنه في حال نجاح المبعوث الاممي في جولته الحالية في تثبيت الموعد في وقته لجمع الطرفين السوريين، فإن ديبلوماسيين اميركيين وروساً سيشاركون الى جانب فريق الامم المتحدة في الجلسات الاولى للحوار السوري- السوري.

 

العقد على حالها

ولم يحرز أي تقدم بعد مرور ثلاثة أسابيع على اجتماع المجموعة الدولية في نيويورك في 18 كانون الاول الماضي، في البنود التي تم التوافق عليها. وعلى رغم التقدم “البسيط” الذي حصل بين واشنطن وموسكو حول لوائح الارهاب الموكول تحضيرها الى الجانب الاردني، فإن هذا التقدم لم يصل بعد الى مرحلة الترجمة الايجابية. ولا يزال الخلاف على مستوى التوصيفات بين طهران والرياض التي عادت للتلويح بنيتها وضع “حزب الله” اللبناني على هذه اللائحة الى جانب الحرس الثوري الايراني “الباسدران” و”كتائب أبي فضل العباس”، ولا ترفض الرياض اعتبار “جيش الاسلام” و”أحرار الشام” مجموعات ارهابية، وهو أمر تصر موسكو عليه.

وتبقى هذه الخلافات بالنسبة الى واشنطن “ثانوية” استناداً الى مسؤول اميركي، “فأساس الخلاف بيينا وبين الروس هو على مصير (الرئيس السوري) بشار الاسد”. لكن الجدل حول مصير الرئيس السوري لا يمنع التواصل والتنسيق على مستويات رفيعة ومكثفة بين الديبلوماسيين الروس والاميركيين في جنيف، ويعمل الطرفان جدياً على تحضير “ورقة طريق” للمضي في تطبيق التفاهمات في الازمة السورية ومحاولة منع تأثير التطورات على ما تم التوافق عليه في بيان فيينا الأخير.

 

خريطة طريق أميركية

ولا يتوقع السيناريو الاكثر تفاؤلا للادارة الاميركية في شأن انتقال سياسي في سوريا، تنحي الاسد قبل آذار 2017، أي بعد انتهاء ولاية الرئيس باراك أوباما بشهرين على الاقل.

وتشكل وثيقة حصلت عليها “الاسوشيتد برس” خريطة طريق للعملية السياسية في سوريا، تتضمن برنامجا زمنياً للخطوات خلال الاشهر الـ١٩ المقبلة، وتحدد اذار 2017 موعداً لتنحي الاسد ورحيل “الحلقة الضيقة”، أي بعد خمس سنوات من مطالبة أوباما الرئيس السوري بالرحيل المرة الاولى.

وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية جون كيربي بأن هذا الجدول الزمني أعد العام الماضي كدليل لوزير الخارجية جون كيري وديبلوماسيين آخرين يعملون على الانتقال السياسي لسوريا. ووصف الوثيقة بأنها “رأي في مستوى الموظفين” وهي “مبدئية ” و”موقف غير رسمي”. وأضاف أنها “ليست عرضاً دقيقاً لخطط المجتمع الدولي للتأُثير في عملية انتقال سياسي في سوريا”.

ومع ذلك، ينسجم أكثر النقاط الواردة في المسودة مع الخطة التي تدعمها الامم المتحدة والتي اعتمدت في مؤتمر فيينا في تشرين الثاني والتي تنص على اجراء انتخابات رئاسية ونيابية في آب 2017، أي بعد 19 شهراً، على أن تتولى هيئة انتقالية الحكم في سوريا فترة موقتة.

كذلك، قال مسؤولون أميركيون إن المسودة تعكس بدقة أفكار الادارة الاميركية. وأفاد مسؤول طلب عدم ذكر اسمه أن الموعد لرحيل الاسد في آذار 2017 قد ينزلق أكثر.

واستنادا الى المسودة الاميركية، تشكّل في نيسان 2016 لجنة أمنية من النظام والمعارضة ويمكن أن يرافقها عفو عام واطلاق معتقلين، الى تأليف هيئة حكم انتقالية.

وفي ايار يحلّ مجلس الشعب ويعيّن مجلس شعب موقت، ويعترف مجلس الامن بالهيئة الانتقالية. ويعقد مؤتمر للمصالحة والاعمار.

وبين حزيران و كانون الاول ٢٠١٦، وهي الفترة التي يتخللها انتخاب رئيس أميركي جديد خلفاً لباراك أوباما، يصاغ دستور جديد لسوريا يعرض على استفتاء شعبي في كانون الثاني 2017.

وفي آذار يتخلى الاسد عن سلطته وتغادر “الحلقة الضيقة” مناصبها، وتبدأ الهيئة الانتقالية ممارسة صلاحيات تنفيذية كاملة.

وفي آب 2017 تجرى انتخابات نيابية ورئاسية. وتؤلف حكومة جديدة.

وواضح أن عوائق كثيرة لا تزال تعترض تنفيذ مسودة هذه الخطة ليس أقلها الخلاف المستفحل بين الرياض وطهران اللتين يدعم كل منهما طرفاً من طرفي الازمة.

واذا تمكن الجانبان من تجاوز الازمة بينهما، وإذا مضت المحادثات بين النظام والمعارضة كما هو مقرر في 25 كانون الثاني، وإذا نجحت هذه اللقاءات، يكون التحدي الكبير للجدول الزمني الاميركي هو انتزاع الموافقة على التفاصيل ، وخصوصا تلك المتعلقة برحيل الاسد.

 

موسكو

وتعليقاً على الخطة الاميركية، قال نائب وزير الخارجية الروسي المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ميخائيل بوغدانوف: “ربما كانت لهم خططهم وترتيباتهم، لكن ذلك لم يطرح في فيينا، وطرحه أمر مستبعد”.

وأفاد أن موقف موسكو المبدئي في شأن التسوية السورية يتمثل في أن “مسألة مستقبل سوريا، بما في ذلك الرئاسة، يقرره الشعب السوري.. وهذا وارد في اتفاقات فيينا”.

 

ارتباك في أوساط «حزب الله» بعد الحملة الإعلامية المضيئة على مأساة «مضايا»

بيروت – «القدس العربي»: يبدو أن «حزب الله» شعر بالإرباك تجاه الحملة الإعلامية المتزايدة التي أضاءت على مأساة مضايا البلدة السورية المحاصرة، فاضطر إلى توضيح الأمور ليس ببيان رسمي، إنما من خلال قناة « المنار» في نشرتها الإخبارية مساء أمس، حيث أوردت القناة تعليقاً على ما سمّتها الحملة الإعلامية المبرمجة ضد المقاومة بشأن بلدة مضايا في ريف دمشق، فنقلت عن مصادر «أن بعض وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة المعروفة التوجه طالعتنا بحملة افتراءات واسعة ضد المقاومة، متهمة إياها «بتجويع المدنيين في مضايا بسبب حصار حزب الله»، وهي «حملة مبرمجة بهدف تشويه صورة المقاومة، إذ لا يتحمل مسؤولية ما يجري في البلدة سوى الجماعات المسلحة التي تتخذ من مضايا رهينة لها ولداعمي المسلحين من جهات خارجية»، مشيرة إلى «أننا لم نشهد مثل هذه الحملة في بلدات سورية أخرى محاصرة منذ سنوات من قبل الجماعات المسلحة الإرهابية مثل كفريا والفوعة في ريف إدلب ونبل والزهراء في ريف حلب ودير الزور ومناطق أخرى حيث يقتل فيها الأطفال الرضع بسبب النقص بالحليب والمواد الأولية وانتشار الأمراض بسبب انعدام وجود المواد الطبية».

ولفتت «المنار» الى أنه «أولاً، تم إدخال عشرات الشاحنات محملة بالمواد الغذائية والطبية في 18 تشرين الأول 2015 إلى مضايا وسرغايا وبقين والتي تكفي لأشهر عدة بالتزامن مع إدخال الكمية نفسها الى كفريا والفوعة. ومن المقرر بحسب اتفاق «الزبداني كفريا والفوعة» ان تدخل مساعدات غذائية في الأيام القليلة المقبلة بعدما تم تنفيذ بند إخراج الجرحى المسلحين من الزبداني. ثانياً، تتحكم في بلدة مضايا مجموعات مسلحة حيث يبلغ عدد المسلحين أكثر من 600 مسلح يتوزعون 60 في المئة من «حركة أحرار الشام» و30 في المئة من «جبهة النصرة» و10 في المئة من «الجيش الحر». وباتت تعتبر البلدة رهينة للجماعات المسلحة منذ أشهر عندما اشتدت المعركة في الزبداني وبعد أن قاموا بعمليات ذبح عدة ضد حواجز الجيش السوري عند مدخل مضايا. ثالثاً، تتحكم قادة الجماعات المسلحة بالمساعدات الغذائية التي توزع وتوضع في مستودعات تابعة لهم في وسط البلدة ويتم ابتزاز السكان فيها وبيعها للمدنيين لمن يستطيع شراءها.

رابعاً، لم تدخل مضايا في الصراع والحصار فعلياً إلا عند اشتداد المعركة في مدينة الزبداني المجاورة حيث استخدم المسلحون مضايا مركزاً لشن العمليات ضد الجيش السوري والمقاومة في الزبداني بهدف تغيير مسار المعركة.

خامساً، تستخدم الجماعات المسلحة الإرهابية السكان الذين لا يتجاوز عددهم 23 ألف نسمة كدروع بشرية وورقة سياسية يستغلونها الآن في حملة إعلامية كاذبة مثيلة بسابقاتها في مناطق أخرى، ولا يوجد حتى الآن حالات وفاة كما تدعي وسائل الإعلام وبعض الجهات التابعة للمسلحين الذين يتحملون ما يجري في مضايا.

سادساً، هناك محاولات عدة من قبل عدد كبير من السكان للخروج من مضايا غير أن قادة الجماعات المسلحة ترفض ذلك.

سابعاً، هناك مفاوضات لتسليم 300 مسلح أنفسهم إلى السلطات والخروج من مضايا مقابل رفض مسلحين آخرين للموضوع بسبب قرار سياسي خارجي.

ثامناً، عند تطبيق اتفاق الزبداني توقف موكب خروج جرحى المسلحين من الزبداني بسبب تهديد المسلحين في مضايا بالتعرض لهم وقصف الحافلات لرفضهم الاتفاق.

تاسعاً واخيراً، «باتت هذه الحملات معروفة الأهداف ومن خلفها بهدف تشويه صورة المقاومة واستغلال المدنيين في ورقة سياسية خاسرة».

 

مقتل 11 مدنيا بينهم ثمانية أطفال بغارات للتحالف الدولي في شمال سوريا

بيروت- (أ ف ب): قتل 11 مدنيا، بينهم ثمانية أطفال، في قصف لطائرات التحالف الدولي بقيادة واشنطن استهدف الريف الشمالي لمدينة الرقة (شمال)، معقل تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان الجمعة.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “قتل 11 مدنيا بينهم ثمانية أطفال وثلاث مواطنات جراء قصف للتحالف الدولي على قرية خزيمة في الريف الشمالي لمدينة الرقة، حيث تدور اشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية وتنظيم الدولة الاسلامية منذ 30 كانون الاول/ ديسمبر”.

وبحسب حصيلة للمرصد السوري اوردها في 23 كانون الاول/ ديسمبر، قتل في غارات التحالف الدولي في سوريا منذ انطلاقه في صيف 2014 299 مدنيا بينهم 81 طفلا، فضلا عن 3712 عنصرا من تنظيم الدولة الاسلامية.

ويشن الائتلاف الدولي منذ ايلول/ سبتمبر 2014 غارات جوية تستهدف مواقع الجهاديين وتحركاتهم في سوريا والعراق.

وكان تنظيم الدولة الاسلامية شن هجوما ضد قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف لفصائل كردية وعربية، في ريف الرقة الشمالي جنوب مدينة عين عيسى. وتستمر منذ ذلك الحين اشتباكات وعمليات كر وفر بين الطرفين. ونجحت قوات سوريا الديموقراطية في استعادة عدد من القرى كان استولى عليها التنظيم المتطرف اثر هجومه.

واصدرت قوات سوريا الديمقراطية مساء الخميس بيانا اشارت فيه الى “اشتباكات عنيفة” جنوب عين عيسى ضد تنظيم الدولة الاسلامية استمرت حتى فجر الجمعة وانتهت بصد الجهاديين اثناء محاولتهم “التسلل” الى تلة جنوب المدينة.

وتقع مدينة عين عيسى على بعد اكثر من خمسين كيلومترا عن مدينة الرقة. وتمكن مقاتلون اكراد من استعادة السيطرة عليها في تموز/ يوليو الماضي بعد 48 ساعة من سيطرة الجهاديين عليها.

ومنذ تأسيسها في تشرين الاول/ اكتوبر، تخوض قوات سوريا الديموقراطية التي تحظى بدعم اميركي، مواجهات على الخطوط الامامية ضد تنظيم الدولة الاسلامية في شمال وشمال شرق سوريا.

وشكلت سيطرة هذه القوات في شهر كانون الاول/ ديسمبر على سد تشرين الاستراتيجي وضفته الشرقية على نهر الفرات، والذي يولد الكهرباء لمناطق واسعة في محافظة حلب (شمال)، الانجاز الثاني الابرز لها، بعد سيطرتها في تشرين الثاني/ نوفمبر على عشرات القرى والبلدات والمزارع في ريف الحسكة الجنوبي (شمال شرق) اثر معارك عنيفة ضد التنظيم.

وتشهد سوريا نزاعا داميا تسبب منذ مارس/ اذار 2011 بمقتل اكثر من 260 الف شخص، وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

 

تركيا تفرض تأشيرات دخول على السوريين الراغبين في دخول أراضيها بحرا أو جوا

اسطنبول- (د ب أ): قررت حكومة أنقرة فرض تأشيرة دخول على السوريين الراغبين في دخول تركيا جوا أو بحرا اليوم الجمعة، وذلك من أجل وقف تدفق المهاجرين من البلد الذي مزقته الحرب.

وذكرت وزارة الخارجية التركية أن القواعد الجديدة تهدف إلى الحد من عدد السوريين الذين يصلون بشكل غير مباشر من بلدان أخرى مثل لبنان أو مصر.

ويحاول الكثير من اللاجئين دخول تركيا من هذه البلدان من أجل الذهاب إلى الاتحاد الأوروبي. وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن 800 ألف شخص عبروا البحر إلى اليونان من تركيا عام 2015، معظمهم من السوريين.

وما زال السوريون الذين يدخلون تركيا برا بشكل مباشر من سورية حيث يتم استقبالهم كلاجئين، حسبما أفادت متحدثة باسم وزارة الخارجية التركية لوكالة الأنباء الألمانية، مشددة على أن البلاد ستظل ملتزمة بـ”سياسة الباب المفتوح”.

ويشتكي نشطاء حقوق إنساء ونشطاء سوريون من أن الواقع على الأرض مختلف للغاية حيث يقولون إن حرس الحدود التركي يقوم بإرسال اللاجئين إلى سورية مجددا.

وسجلت تركيا دخول نحو 2،2 مليون لاجئ سوري منذ أن بدأ الصراع وتوفر لهم المأوى في 25 مخيما.

 

كيري: إيران والسعودية ملتزمتان بخطة السلام في سورية

واشنطن- (د ب أ): صرح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأن مفاوضات السلام بشأن سورية والمقرر عقدها في الخامس والعشرين من كانون ثان/ يناير الجاري في جنيف لن تتأثر بالخلاف الذي نشب مؤخرا بين إيران والسعودية.

وقال كيري الخميس في واشنطن: “كلا الجانبين يؤكدان أن نزاعهما لن يؤثر سلبا على المفاوضات”.

وكانت وزارة الخارجية الأمريكية بذلت جهودا دبلوماسية لدى كلا الجانبين لتثبيت ذلك الالتزام من جانبيهما.

وتعتبر كل من السعودية وإيران اللتين تتنافسان على موقع الصدارة في الشرق الأوسط من الدول الرئيسية في بذل المساعي من أجل إقرار السلام بديلا عن الحرب الأهلية الدائرة في سورية.

وتؤيد طهران الحكومة في دمشق وتدعمها بينما تؤيد الرياض المتمردين وتدعمهم.

وكانت السعودية قطعت العلاقات الدبلوماسية مع إيران بعد أن قامت حشود غاضبة باقتحام السفارة السعودية في طهران، للإعراب عن احتجاجهم على إعدام المملكة العربية السعودية التي تتبع المذهب السني رجل دين شيعي معارض.

 

قوات برية أمريكية تسيطر على منطقة داخل سوريا

روسيا تنفي طرح مسألة تخلي الأسد عن الحكم في 2017 في فيينا

دمشق ـ د ب أ: قالت لجان التنسيق المحلية في سورية «إن القوات التي تسيطر حالياً على سد تشرين القائم على نهر الفرات شمال سوريا، هي القوات الأمريكية، وقد اتخذت من المدينة السكنية للسد الواقعة غربي نهر الفرات مقراً لها».

وأضافت لجان التنسيق المعارضة في بيان لها أمس، أن هذه القوات «تنتظر حاليا معركة السيطرة على مدينة منبج الواقعة غربي نهر الفرات شمال مدينة حلب».

وأضافت هذه اللجان أن وجود القوات الأمريكية هو ما «يفسر تأكيد السلطات التركية في وقت سابق أن قوات الحماية الكردية لم تعبر إلى الجانب الغربي لنهر الفرات».

وكانت لجان التنسيق قد نشرت سابقاً خبر وصول مجموعة من الجنود والضباط الأمريكيين إلى مدينة عين العرب (كوباني) على الحدود السورية التركية شمال سورية بتاريخ 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2015. وأكدت مصادر لجان التنسيق تشكيل القوات الأمريكية غرفة عمليات مشتركة مع «قوات سوريا الديمقراطية» مقرها بلدة مصرين في ريف حلب الشمالي بتاريخ 22 كانون الأول/ ديسمبر 2015 تمهيداً للسيطرة على سد تشرين.

وقامت طائرات التحالف الدولي باستهداف المدينة السكنية في سد تشرين والقرى المحيطة للسد كغطاء جوي للقوات البرية التي خاضت معركة استمرت أسبوعا مع تنظيم «الدولة الإسلامية» حتى تمكنت من السيطرة على السد.

وتفيد مصادر متطابقة للجان التنسيق المحلية وتقارير إخبارية عديدة أن» تنظيم الدولة يقوم حالياً بنقل آلياته وأسلحته الثقيلة من مدينة منبج، كما قام أيضاً بنقل السجناء من المدينة، بما يوحي تسليمه بالأمر الواقع، والانسحاب من منبج لصالح قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل قوات الحماية الكردية عمودها الفقري»

وتأتي هذه الأنباء بعد الحديث عن»(مخاوف) من تفجير السد وإغراق كل المناطق التي تحيط به ما قد يسبب كارثة إنسانية وبيئية واقتصادية ضخمة».

ونفى ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط، أمس الخميس، أن تكون مسألة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن سدة الحكم في آذار/ مارس 2017 قد طرحت في إطار اجتماعات أعضاء المجموعة الدولية لدعم سوريا في فيينا.

وكانت وثيقة أمريكية مسربة نشرتها وسائل إعلام قد ذكرت أن الإدارة الأمريكية تتوقع رحيل الأسد، في آذار/ مارس 2017.

وقال بوغدانوف «ربما تكون لهم خططهم وترتيباتهم (الجانب الأمريكي)، لكن ذلك لم يطرح في فيينا، وطرحه أمر مستبعد»، بحسب قناة «روسيا اليوم».

ويعتبر بوغدانوف أن موقف موسكو المبدئي بشأن التسوية السورية يتمثل في أن «مسألة مستقبل سوريا، بما في ذلك الرئاسة، يقرره الشعب السوري… وهذا مقرر في اتفاقات فيينا».

وتشير الوثيقة إلى أن مغادرة الأسد سوف تتولاها انتخابات لاختيار برلمان ورئيس جديدين، في العام نفسه. ومن المقرر أن تبدأ المعارضة والحكومة السورية، مفاوضات بشأن تحول سياسي في 25 كانون الثاني/ يناير الحالي، على أن يبدأ التحول السياسي في شباط/ فبراير المقبل، بحسب ما أعلنه المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي مستورا.

وخلف الصراع السوري الذي يدخل عامه السادس في آذار/ مارس المقبل أكثر من 250 ألف قتيل، ونزوح 6.6 مليون داخلياً، بالإضافة إلى نزوح أربعة ملايين إلى مناطق مختلفة من العالم، طبقاً لإحصاءات الأمم المتحدة.

 

شاه إيران كان قلقاً من عروبة دمشق… وثورة المستضعفين تحالفت مع البعث العلماني وليس الإخوان

الحجاج الإيرانيون زوار المقامات أسهموا في خلق انطباعات سلبية لدى السوريين

إبراهيم درويش

لندن «القدس العربي»: في ورقة نوقشت عام 2009 بالمؤتمر الأمني السنوي الذي يعقد في مدينة هرتسيليا الإسرائيلية تحدث فيها معدها عن مسألة التشيع في سوريا. وقال إن نسبة الشيعة في سوريا لا تتعدى 1% من بين 18 مليون نسمة. وتظل الأرقام غير دقيقة نظرا لعدم توفر الإحصائيات حول هذه الظاهرة. وأضاف أن شيعة سوريا هم في الأغلب من سكان البلاد مع نسبة قليلة من العراقيين والإيرانيين.

ولاحظت الدراسة أن الإيرانيين يقومون بأعمال «تبشيرية» ويملكون مؤسسات ثقافية عدة. وتتركز نشاطاتهم حول مقام السيدة زينب، جنوب العاصمة دمشق ومقام السيدة سكينة في داريا ومسجد النقطة في حلب. ورأت الدراسة التي أعدها خالد السنداوي بإشراف من شموئيل بار أن وصول بشار الأسد إلى السلطة عام 2000 عزز من النشاطات الشيعية وأدى لتجنيس عدد من الإيرانيين والعراقيين وزاد من نشاطات التشيع في البلاد خاصة بين العلويين الذين يريدون الإنتماء حسب الدراسة لطائفة أكبر. كما أشار الباحث للدور الذي لعبته السفارة الإيرانية في دمشق والمحلقية الثقافية التابعة لها في نشر الفكر الشيعي في كل مناطق سوريا. وتم هذا عبر الدعم المالي والمنح الدراسية إلى إيران والعلاج الصحي.

وتعبر الدراسة التي تمت قبل الثورة السورية التي اندلعت عام 2011 عن مدى التأثير الإيراني في سوريا والذي تمظهر أيضاً بالإضافة للعلاقات السياسية والاقتصادية والمالية من خلال السياحة الدينية والعلاقات الثقافية. ولعل دخول الميليشيات الشيعية خاصة حزب الله إلى سوريا والمشاركة في الحرب ضد المعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد تم تبريره في البداية عبر ذريعة حماية مقام السيدة زينب. وهذه النقطة بدت واضحة في تحليل قدمه الباحث فيليب سميث «الجهاد الشيعي في سوريا وآثاره الإقليمية» (2015) الصادرة عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى. فقد دخل المقاتلون أو معظمهم تحت شعار «لبيك يا زينب» ومنه تطورت ظاهرة معقدة للتعاون السوري – الإيراني والميليشيات التي جاء أفرادها من لبنان والعراق وأفغانستان وباكستان. ويمثل دخول المقاتلين الشيعة صورة عن تعقيدات الحرب السورية التي تجاوزتهم الآن وتبدو صراعاً دولياً دخلت فيه روسيا في العام الماضي وأًصبح الحضور العسكري الإيراني أكثر وضوحاً من ذي قبل.

منظومة علاقات

ومن أجل فهم دور الشيعة في سوريا لا بد من فهم منظومة العلاقات الثقافية التي لعبت دورا في بناء صور ونمطيات حول البلدين. وهذه المنظومة تسميها باحثة بالدبلوماسية الثقافية التي بدأت في منتصف القرن الماضي وتعززت أكثر بعد الثورة الإسلامية الإيرانية. والتي لم تنجح في تغيير مواقف الشعبين من بعضهما البعض. وهذا يعود للطريقة التي أدارت بها إيران الإسلامية منظومة العلاقات التي لم تكن ثقافية بحتة بل ودعائية. وهو ما دفع غاريث سميث من مكتب صحيفة «الغارديان» في طهران للتساؤل: هل فشلت الدبلوماسية الثقافية الإيرانية في سوريا؟ وطرح الفكرة على ناديا مولتزان الباحثة في العلاقات السورية – الإيرانية وجهود كل من البلدين في تحسين علاقاتهما الثقافية. وناديا مولتزان هي ابنة دبلوماسي ألماني ولدت في دمشق ونشأت وكبرت في الجزائر وبون ولندن ولكنها لم تنس مكان ولادتها.

ومن هنا سافرت إلى دمشق ولأول مرة عندما كانت طالبة تدرس اللغة العربية في جامعة كامبريدج وقضت فيها الفترة الدراسية ما بين 2003- 2004 حيث سكنت في المدينة القديمة. وعبرت مولتزان عن حبها للمدينة «أحببتها وشعرت منذ البداية أنني في بيتي». وقابل سميث مولتزان في بيروت حيث تعمل الآن باحثة في معهد الشرق. وتقول مولتزان إنها كانت تسكن قريبا من مقام السيدة رقية الواقع خلف الجامع الأموي «في كل يوم عندما كنت أشاهد الكثير من الإيرانيين في طريقي لدروس الفرنسية». وقادتها الظروف كما يقول سميث إلى دراسة العلاقة بين سوريا وإيران حيث عين والدها بول مولتزان سفيرا في طهران عام 2003 ولهذا انتهزت الفرصة لزيارة والديها هناك.

أما الفرصة الثانية التي دفعتها لدراسة العلاقات السورية – الإيرانية فكانت في حوار لها مع إيراني كان على الطائرة زار دمشق من أجل تقديم أوراق هجرة إلى السفارة الكندية هناك «كنا نتحدث فقط وسألته عن رأيه في دمشق، فرد «آه أنا ذهبت إلى هناك لتقديم أوراقي، ومشكلة العرب إنهم بدون ثقافة» كيف يقول هذا بعد زيارته لأقدم مدينة في العالم؟ دمشق المليئة بالثقافة».وكانت

إجابة المسافر الإيراني بمثابة الصدمة لها حيث تساءلت عن الطريقة التي طورت فيها إيران وسوريا علاقات قوية بينهما في الوقت الذي بقي فهمهما الثقافي لبعضهما البعض فقير. والمهم في الحوار أنه كان مفتاحا لموضوع الدكتوراه الذي تقدمت به إلى جامعة أوكسفورد وكتابها «المحور السوري – الإيراني: الدبلوماسية الثقافية الفاشلة والعلاقات الدولية في الشرق الأوسط» والصادر عام 2013.

وتقول فون مولتزان إن «فكرة العرب المتخلفين (بدون ثقافة) منتشرة بشكل واسع في إيران». ولكن للأخيرة صورة مماثلة في سوريا، فكل ما يراه السوريون هم حجاج محافظون في مهمة دينية لزيارة المقامات. ويعني كل هذا بناء نمطية لا تمثل بالضرورة كل الإيرانيين. ولهذا السبب تقول الباحثة «كنت مهتمة بالطريقة التي تعمل فيها الدولتان على بناء صورة عن نفسيهما». وفي كتابها عرفت فون مولتزان الثقافة بالطريقة نفسها التي قدمها الباحث السياسي الأمريكي جوزي ني بأنها «أداة تستخدمها الحكومات من أجل تعبئة المصادر التي تنبع من قيم البلد ويعبر عنها ثقافيا- والتواصل وجذب الرأي العام في الدول الأخرى».

تاريخ العلاقات

وفي هذا السياق تعود علاقة الصداقة بين سوريا وإيران إلى عام 1953 حيث وقعتا معاهدة صداقة، أي بعد سبع سنوات من استقلال سوريا عن فرنسا. واعتمد تحسين العلاقات الثقافية مع ذلك على «أفراد متحسمين» لم تلق جهودهم دعما بسبب القلق الذي أبداه الشاه حيال اهتمام سوريا بالقومية العربية. وتعلق فون مولتزان في كتابها على الفترة التي مرت فيها سوريا من عام 1946 – 1972 أي العام الذي تولى فيه حافظ الأسد الرئاسة قائلة إنها شهدت تقلبات سياسية وتغيراً مستمراً للرؤوساء. وتعتبر هذه المرحلة ذروة صعود القومية العربية ولهذا فقد كانت سوريا معنية في هذه المرحلة بالقضايا المحلية والتعامل مع الدول الكبرى ومواقفها من النظام السياسي. وبهذه المثابة لم تكن السياسة الخارجية معنية بنشر القيم والأفكار. وتقول فون مولتزان إن الجانب السوري «وافق نظريا على توسيع العلاقات الثقافية ولكنه لم يقم بالمزيد لتقديم ثقافته لإيران».

وبعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 دعا النظام الجديد المستضعفين في العالم للثورة ضد المستكبرين وأعلن عن ثورة إسلامية عالمية. لكن العلاقات الإيرانية- السورية لم تقم منذ البداية على توطيد الصلات مع الجماعة السنية الكبيرة حينئذ في سوريا وهي جماعة الإخوان المسلمين بل مع الدولة، أي نظام البعث العلماني الحاكم. وتشارك طهران مع نظام دمشق في عداء نظام الرئيس العراقي صدام حسين والذي كان يقود حزبا علمانيا حاكما في العراق وهو البعث. واتفق الجانب السوري مع الإيراني في ملمح آخر وهو دعم القضية الفلسطينية ولهذا أطلق على المحور السوري- الإيراني محور المقاومة. ويشير التقرير إلى أن هذه العوامل تظل أهم من العلاقات بين شيعة إيران والطائفة العلوية التي تشكل نسبة 12% من سكان سوريا وينتمي إليها الرئيس الحالي ووالده من قبل. وكان الإمام الشيعي اللبناني موسى الصدر قد أصدر فتوى عام 1973 اعتبرت العلويين طائفة شيعية وهو ما أضاف بعداً جديداً للعلاقات بين سوريا وإيران.

استراتيجية

وترى الباحثة مولتزان أن الإيرانيين لديهم استراتيجية في علاقتهم الخارجية والتي تشمل ملامح ثقافية. فهي «لا تقوم بشكل كلي على الإيديولوجية، فأنت ترى كم هم براغماتيون. ومن المثير الطريقة التي يفكرون فيها بعلاقتهم مع الدول الأخرى». ويلاحظ أن إيران اهتمت كثيرا بنشر ثقافتها في سوريا من خلال المراكز الثقافية التي بدأت تظهر هناك منذ عام 1983. وظهرت أولاً بالمزة، المنطقة التي يعيش فيها الأغنياء والقريبة من السفارة الإيرانية. وفي فترة لاحقة أخذت المراكز الثقافية تظهر في مناطق تقع بقلب العاصمة دمشق قريباً من ساحة الشهداء التي لا تبعد إلا مسافة قصيرة عن مقام السيدة رقية والجامع الأموي. ولهذا فموقع المراكز الثقافية المركزي جعلها متاحة للجميع كما تقول فون مولتزان. وكان القصد من المراكز هذه هو توسيع مجال العلاقات الثقافية والدينية والفنية بين البلدين وتقديم المنجز الثقافي الإسلامي الإيراني والتأكيد على الوحدة الإسلامية والترويج للغة الفارسية وآدابها وتعزيز العلاقات الأكاديمية والتبادل التعليمي بين جامعات البلدين. ومن هنا فالهدف الرئيسي كما تكتب فون مولتزان في كتابها هو بناء علاقات دائمة بين الشعبين وتقديم الثقافة الإسلامية الإيرانية للشعب السوري. وفي بحثها عن الطريقة التي نشرت فيها إيران ثقافتها في سوريا درست من ضمن ما درست المقالات التي نشرت في مجلة المركز الربع السنوية «الثقافة الإسلامية» في الفترة ما بين 1985-2006 ولاحظت تركيزها على الموضوعات الإسلامية – الفقه والفلسفة وسيرة النبي محمد بالإضافة للأدب والشعر وشؤون المرأة والأسرة. ودرست فون مولتزان الأسابيع الثقافية والمهرجانات السينمائية والمؤتمرات وعدد الطلاب الإيرانيين في سوريا.

من الأدب إلى الدعاية

عملت إيران على نشر وتعليم اللغة الفارسية في مراكزها الثقافية وبالتعاون مع جامعات الدولة في دمشق وحلب واللاذقية وحمص. ومن ضمن دراستها للأثر الفارسي التقت مع محمد التونجي والذي يعد رائداً في مجال الدراسات الفارسية. ودرس التونجي في طهران في الستينات من القرن الماضي وظل يدرس العربية والفارسية في حلب ودمشق حتى تقاعده في العقد الأخير من القرن العشرين. وتقول فون مولتزان إنه كان من أوائل الطلاب الذين درسوا في إيران وأحبها ولغتها وأدبها من خلال دراساته. وكان له دور مهم في تطور تعليم اللغة الفارسية في سوريا والجسر الحقيقي بين الثقافتين. ولكن التونجي فقد حماسته بعد عام 1979. والسبب هو اهتمام إيران الإسلامية بتعليم اللغة الفارسية ليس لمن يحبون الأدب ولكن لمن لديهم ميول نحو التشيع. وتنقل فون مولتزان عن التونجي قوله إن الإيرانيين لم يعودوا يدرسون الآداب الفارسية الحقيقية ولكن دعاية الثورة الإسلامية.

القوة الناعمة

وفي دراستها للدبلوماسية الثقافية قدمت فون مولتزان وبشكل موجز علاقتها مع «القوة الناعمة» حيث طورت الدول الأوروبية برامج جيدة في فترة الحربين العالميتين الأولى والثانية وهو ما اتبعته الصين في المرحلة الأخيرة. وفي العالم العربي لم تظهر هذه الممارسة إلا بعد ظهور الفضائيات. ومن هنا فمقارنة مع الجهود الإيرانية في الدبلوماسية الثقافية لم تظهر سوريا رغبة بنشر ثقافتها في الخارج خاصة أن الإيرانيين يدرسون العربية ويعرفون عن سوريا الأسد. وترى الباحثة أن القومية العربية كانت تعتبر جذر السياسة السورية وفي قلبها أيديولوجية البعث. ولأن نشر الثقافة القطرية سيكون ضد الرؤية القومية العربية ركز النظام على فكرة المقاومة ومواجهة الإمبريالية. ولم تفتتح سوريا مركزها الثقافي قرب شارع الأردن في طهران إلا عام 2005. ولم يكن مديره الأول ولا خليفته يعرفان الفارسية وكانا متخصصين في الاقتصاد ولكنه أصبح معروفاً لدى الطلاب الذين يريدون تقوية مهاراتهم باللغة العربية. وتعتقد فون مولتزان أن الدبلوماسية الثقافية تعمل بشكل جيد حالة تمت بشغف ورقة. وتضرب مثلاً بمعهد غوتة الذي تموله وزارة الخارجية الألمانية ويدعم الفنانين الشباب ويدير 98 مركزاً حول العالم من ضمنها سوريا وإيران. وترى الباحثة ان سر نجاح المعهد أنه لا يتم عبر أجندة معينة أو تقديم دعاية.

السياحة الدينية

من أهم ملامح الدبلوماسية الثقافية بين إيران وسوريا هي السياحة الدينية التي لاحظتها فون مولتزان عندما كانت طالبة في دمشق. ويعتبر مقام السيدة زينب من أكثر الأماكن التي يزورها الشيعة في سوريا بالإضافة لمقامات أخرى للصحابة في دمشق وحماة وحلب وحمص. وتقول الباحثة إن الدبلوماسية الثقافية شجعت على السياحة الدينية في الثمانينيات من القرن الماضي خاصة أن المزارات الدينية في سوريا أصبحت بديلاً لشيعة إيران عن المزارات في العراق التي لم يكونوا يستطيعون السفر إليه بسبب الحرب.

ولكن زيادة السياحة من هذا النوع لا تخدم العلاقات الثقافية إلا بالقدر اليسير فمن بين 360.000 إيراني زاروا سوريا في عام 2008 كان منهم 333.000 سائح مما يعني أن مساحة التفاعل بينهم وبين السوريين تظل قليلة نظرا للهدف من الزيارة و «رغم مساهمة الحجاج الإيرانيين بتقديم السوريين للتقاليد الإيرانية إلا أنهم لم يكونوا قادرين على ردم الإنقسام بين الشعبين، بل وعلى العكس فقد خلقت إنطباعا بين السوريين من أن كل الإيرانيين هم من المحافظين وهو ما لم يدفع الكثير من السوريين لزيارة إيران. وتظل السياحة غير الدينية غير موجودة بين البلدين. بل وأكد الإيرانيون على أهمية السياحة الدينية من خلال مساهمتهم في إعمار مزارات مثل السيدة زينب ورقية اللتين يمكن تمييزهما بسبب الطابع المعماري الإيراني. وأسهم الإيرانيون في إعمار مقامات أخرى مثل ضريح الصحابي عمار بن ياسر والتابعي أويس القرني في الرقة التي تعتبر اليوم معقل ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية.

وترى فون مولتزان أن التدخل وفرض الطابع المعماري الإيراني أبعد السكان المحليين عن هذه المزارات وهم الذين كانوا يستخدمونها في مناسباتهم الدينية. وتحولت المقامات هذه كرمز للتعاون السوري – الإيراني «فبالنسبة لسوريا فهي رمز سياسي عن العلاقة الوثيقة مع إيران. وبالنسبة لطهران فهي تمثل مظهراً من مظاهر الوجود الشيعي في سوريا». ويعلق سميث إن هذه الرموز لا يرحب بها وتم تدميرها من قبل تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014 وحولتها لأنقاض، وهو ما يطرح أسئلة تتعلق بفشل الدبلوماسية الثقافية بين البلدين بسبب الطبيعة الطائفية للحرب السورية والتي تدعم فيها إيران النظام العلوي ضد المعارضة السنية. وربما اقترح البعض أن العلاقات السياسية والثقافية بين البلدين أسهمت في تدهور العلاقات الطائفية وفي اشتعال الحرب.

ومع أن فون مولتزان أنهت كتابها عام 2012 ولا تزال أكاديمية محايدة إلا أنها تظل معنية بمصير البلد الذي ولدت فيه وتتحدث لغته وتزوجت واحداً من أبنائه. ويشير سميث في هذا السياق لزيارة قامت بها عام 2010 إلى المركز الثقافي الإيراني بمدينة اللاذقية معقل الطائفة العلوية ولاحظت دراسة أعدتها منظمة العلاقات والثقافة الإسلامية التابعة للحكومة الإيرانية أن السوريين الذين يعيشون في الساحل والمناطق الجبلية المحيطة به والذين ينتمون للطائفة العلوية هم أكثر تقبلاً للجهود الثقافية الإيرانية من بقية السوريين. وهو ما يفسر تركيز إيران الكم الأكبر من نشاطاتها على هذه المناطق. «ونظرا لعدم وجود مصلحة لتأكيد العلاقة الإيرانية العلوية القوية فقد أنكر مديره في ذلك الحين علي الحسيني أن يكون العلويون هم من يترددون عليه : «كل السوريين يأتون إلى هنا» بل وحتى المسيحيون يأتون إلى هنا».

 

الأمم المتحدة تعلن عن موافقة نظام الأسد على إدخال المساعدات لـ «مضايا» المحاصرة في القلمون

بسمة يوسف

دمشق – «القدس العربي» : وافقت حكومة بشار الأسد أمس على السماح لدخول المواد الغذائية والمساعدات إلى بلدة مضايا في منطقة القلمون المتاخمة للحدود الللبنانية، التي تخضع لحصار قوات النظام ومليشيات حزب الله اللبناني منذ 200 يوم.

وارتبط ادخال المساعدات لمضايا بادخاله لبلدتي والفوعة وكفريا الشيعيتين المحاصرتين في ريف إدلب.

وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في بيان أمس تلقيه موافقة من الحكومة السورية لإدخال المساعدات الإنسانية في اقرب وقت إلى ثلاث بلدات سورية بينها مضايا.

وجاء في البيان «ترحب الأمم المتحدة بالموافقة التي تلقتها اليوم من الحكومة السورية بشـأن إيصال المسـاعدات الإنسـانية إلى مضـايا وتـعمل عـلى تحـضير القـوافل لانطـلاقها في أقـرب فرصـة».

إلى ذلك وثق ناشطون من مضايا سقوط 44 قتيلاً خلال فترة الحصار المستمرة عدا عن حالات إغماء جراء الجوع وسوء التغذية تصل للمشفى ويصل عددها في بعض الاحيان لما يقارب 150 في اليوم.

وقال ناشط طلب عدم ذكر لـ «القدس العربي» إن قوات النظام بدأت بعرض التطوع في صفوف الجيش النظامي على الشباب مقابل إخراج عائلاتهم من الحصار. واوضح أن بعض الشباب تطوعوا لإنقاذ حياة عائلاتهم، وبعد شهر تم إخراج عائلات البعض منهم فقط.

وبين المصدر أن «السكان يحاولون التغلب على الحصار كل بطريقته فإلى جانب التطوع في جيش النظام، حاول آخرون التسلل إلى خارج البلدة رغم حقول الألغام المحاطة بها، لتأمين بعض الغذاء حتى وان كانت أوراق شجر. وقتل جراء هذه الألغام كثير من أهالي البلدة بسبب الألغام، وإصيب آخرون بينهم أطفال.

ودفع الجوع والخوف على عائلاتهم بعض المقاتلين لا يزيد عددهم عن 20 لتسليم سلاحهم مقابل بضع علب من «البسكويت» في محاولة لإنقاذ بعض المدنيين من الموت.

من جهة أخرى بين المصدر أن المقاتلين الموجودين في المنطقة حاولوا عدة مرات فك الحصار دون جدوى في ظل نقص العتاد والغذاء اللازم، كانت آخرها محاولة تمت مساء يوم الأحد الماضي نفذها عدد من المقاتلين فأسفرت عن مقتل شخص وإصابة آخر وأسر مقاتل إثر كمين نصبه حزب الله.

ويذكر أن أغلب الرجال والمقاتلين في مضايا بدأوا بأكل لحم «القطط والكلاب» بعد نفاد أوراق الاشجار، في ظل ارتفاع جنوني لأسعار السلع الغذائية التي لا يتوافر معظمها. ويبلغ سعر كيلوغرام الرز الواحد إن توفر 40 ألف ليرة سورية تقريبا.

 

المعارضة تسترد مواقع سيطر عليها النظام في «الشيخ مسكين» وترد هجوماً آخر في القنيطرة

مهند الحوراني

درعا – «القدس العربي» : تستمر المواجهات العنيفة على أشدها بين قوات النظام المدعومة بالميليشيات الشيعية ضد الجيش الحر داخل مدينة الشيخ مسكين وسط درعا. وتدور المواجهات التي تعد الأعنف في أزقة المدينة وشوارعها منذ سيطرة الحر عليها في نفس التاريخ من العام الماضي.

وكانت قوات النظام قد استطاعت التقدم مع أول أيام الحملة والسيطرة على اللواء 82 وكتيبة النيران، والتوغل في قلب المدينة وصولاً إلى الدوار وجامع الجر، إلا انها عادت لتنكفئ إثر هجوم معاكس للجيش الحر طردها من النقاط والأبنية التي احتلتها بالقرب من المساكن العسكرية.

وقال أبو شيماء الناطق الإعلامي باسم حركة المثنى الإسلامية، في حديث لـ «القدس العربي»: حاول الجيش التقدم إلى دوار الشيخ فتم صده، ولكن لا يزال النظام موجوداً في اللواء 82 وكتيبة النيران وجزء من المساكن العسكرية. ويحاول التقدم من الجهة الشرقية من الدوار الرئيسي ومن المساكن العسكرية، والجهة الشمالية من جهة استراد درعا دمشق القديم ومن الجهة الشمالية الغربية من اللواء 82.

ومنيت قوات النظام، بحسب أبو شيماء، بخسائر وهي «إعطاب دبابتين واغتنام شيلكا، وقتل عدد من جنوده بينهم ضباط أعلنت عنهم صفحات موالية للنظام».

وأوضح أبو شيماء أن سبب تراجع المعارضة في بداية الحملة هي الشائعات التي روجت حول سقوط الشيخ مسكين، «والاستخفاف بالرباط من قبل الفصائل، والتقدم من أكثر من جهة من قبل النظام والذي رافق قصفاً مكثفاً من الطيران الروسي، إضافة للتعزيزات التي أتت من الميليشيات اللبنانيه والإيرانية ناهيك عن الاستخدام الكثيف جدا لراجمات صواريخ الفيل والدبابات الحديثة».

ولم تكن جبهة الشيخ الوحيدة المشتعلة إلا أنها صاحبة الثقل الأساسي، فقد حاولت قوات النظام التقدم في بلدات الصمدانية الغربية والحمدية بريف القنيطرة الشمال لتشتيت قوات المعارضة بين درعا والقنيطرة، هجوم فشل خلال ساعاته الأولى حيث استطاعت المعارضة امتصاص الصدمة ورد قوات النظام.

وقال صهيب الرحيل الناطق باسم ألوية الفرقان لـ «القدس العربي»: يفرض الآن الثوار سيطرتهم على بلدتي الحميدية والصمدانية بالرغم من الحملة التي شنتها ميليشيات النظام وقوات تتبع لحزب الله اللبناني وعصابات الدفاع الوطني عليها في ظل قصف عنيف، حيث استغلت تلك القوات الأجواء الضبابية الكثيفة.

وكانت قوات النظام قد شنت هجومها على الصمدانية الغربية من الصمدانية الشرقية التي تسيطر عليها قوات النظام ومن خان أرنبة وعلى الحميدية من مدينة البعث التي تقع بالجهة الشرقية للبلدة.

واقتصرت خسائر النظام، بحسب الرحيل، على الأرواح البشرية حيث اعتمد على اقتحام المشاة بعد تسلل ليلي وبتغطية مدفعية صاروخية كثيفة. وعزا الرحيل هذا الهجوم لأهمية قرية الحميدية التي تقع على الشريط الحدودي مع الجولان المحتل، وإن سيطر نظام الأسد على الصمدانية الغربية سيقطع طريق بلدة الحميدية، كما لو سيطر على الأخيرة سيقطع طريق جباتا الخشب وهي الطريق الوحيد المتبقي إلى القرية، ولو قُطع فستصبح محاصرة بشكل كامل.

ويرى ناشطون أن هدف قوات النظام من هذه الحملات هو تشتيت قوى المعارضة وإضعاف معنوياتها، من خلال شن هجمات خاطفة على مواقع وجبهات حساسة كما جرى أيضا بالقرب من الجمرك القديم بحي المنشية بدرعا البلد وذلك بهدف إبقاء المعارضة في حال استنفار وانهاكها على عدة جبهات، الأمر الذي فشلت قوات النظام بتحقيقه حتى اللحظة.

 

لواء شهداء اليرموك «يُطبق الشريعة» وينفي أي بيعة سرية لتنظيم «الدولة»

عبدالله العمري

إسطنبول – القدس العربي» : نفى محمد الدرعاوي، المقرّب من لواء شهداء اليرموك، صحة الانباء المتداولة في وسائل إعلامية مختلفة عن «بيعة» اللواء لتنظيم الدولة الإسلامية، وأكد مصداقية بيان اللواء الذي نفى «البيعة» متهما جبهة النصرة بإثارة الأمر في وسائل الاعلام لتحاشي ردود الأفعال في الوسط الاجتماعي على قتال اللواء.

وقال لــ «القدس العربي»: «ليس هناك من ذريعة لدى تلك الفصائل لقتال لواء شهداء اليرموك الا اتهامه بمبايعة تنظيم الدولة»، موضحاً أن التصعيد ضد اللواء «جاء بعد مجيء أبو ماريا القحطاني، أحد شرعيي جبهة النصرة، إلى مناطق درعا بعد عزله».

وأضاف ان جهودا كبيرة بذلتها «قيادة اللواء، والامير السابق ابو علي البريدي المعروف بالخال، لتبيين الوضع لوجهاء حوران وإنه جاهز للشرع الا أن العمل الاستفزازي بدأ من قبل جبهة النصرة تحديدا وبقيادة ابو ماريا القحطاني عندما تم اغتيال الشيخ ابو محمد المسالمة في درعا البلد، مع مرافقيه، ثم اغتيال شقيقين هما المهندس سامي الرفاعي وشقيقه الصيدلي احمد الرفاعي، بتهمة مبايعة الدولة على الطريق بين منطقتي صيدا والغاريا، ثم اغتيال شاب بنفس التهمة اعقبها اغتيال ثلاثة اعلاميين مستقلين في بلدة ابطع دون اي رد من لواء شهداء اليرموك»، حسـب قوله. ويضيف «كن اعتقال خلية اغتيالات من الشعيطات في منطقة جملة كانت تخطط لاغتيال امير اللواء بتوجيهات من ابو ماريا القحطاني، كشف عن نية مبيتة لقتال اللواء، وأن أي جهود لتهدئة الموقف لا يمكن لها النجاح»، حسب قول المصدر المقرّب من لواء شهداء اليرموك.

ونفى أن يكون بيان اللواء على صلة بما يجري من تصعيد ضد اللواء، محذرا من «احتمالات قتال اللواء في أي وقت استجابة لأوامر خارجية قررت استئصاله لرفضه التبعية لأحد، كما أنه يصر على اتباع وتطبيق الشريعة الإسلامية في أي منطقة يسيطر عليها، وهو امر مقبول من عموم سكان المناطق»، كما يقول. وأوضح، أن لواء شهداء اليرموك مُنذُ تأسيسه، «يسعى لتحكيم الشريعة وقد طبق حدودها في حوض اليرموك مؤخرا، بعد ان اصبح الوضع ملائما ولقي ترحيبا كبيرا من السكان».

لكن جبهة النصرة واحرار الشام وغرفة فتح الشام، يرون في «تطبيق الشريعة وانشاء محاكم وشرطة إسلامية وغيرها دليلاً على ارتباط اللواء بتنظيم الدولة»، حسب تعبيره.

وأكد الدرعاوي، «أن التهم التي أعقبت بيان نفي البيعة، تمحورت حول بيعة سرية، وهي تهمة باطلة أيضا»، وأشار إلى ان من بين أهم أسباب استهداف لواء شهداء اليرموك، موقفه المعلن ضد «ما يسمى دار العدل الذي ارادت قيادات في النصرة واحرار الشام اخضاع الجميع لأوامرهم ليكون لهم الرأي في الجنوب السوري». وختم قائلاً، «إن العمليات القتالية ضد قوات النظام أصبحت شبه معدومة مُنذُ وصول فرع الشرقية التابع لجبهة النصرة إلى مناطق درعا، ومع هذا يختلقون حول الأسباب التي تُشغل لواء شهداء اليرموك عن قتال النظام»، على حد زعمه.

 

أمين عام الائتلاف لـ «القدس العربي»: نطالب السعودية بأسلحة نوعية لإجبار إيران والأسد على القبول بالحل السياسي

إسماعيل جمال

اسطنبول – «القدس العربي» : طالب يحيى مكتبي أمين عام الائتلاف السوري المعارض، المملكة العربية السعودية بتقديم مزيد من الدعم العسكري والأسلحة النوعية للثوار في سوريا، من أجل إجبار إيران ونظام الأسد على القبول بالحل السلمي بعد تغيير الموازين على الأرض.

وقال في تصريحات لـ»القدس العربي»: «تغيير المعطيات على الأرض هو أكبر العوامل التي تؤثر في الحل السياسي. والنظام السوري ومن خلفه إيران أثبتوا أنهم لا يرضخون للحل السياسي إلا إذا تغيرت الوقائع على الأرض».

وأضاف مكتبي «لذلك نطلب من الأشقاء في المملكة العربية السعودية التي نشهد جميعا بمواقفها المتقدمة من الثورة السورية بتقديم دعم عسكري أكبر من خلال تزويد الثوار وكتائب الجيش الحر بأسلحة نوعية تمكنهم من تغيير الموازين على الأرض ومواجهة المحور الثلاثي للعدوان المتمثل في روسيا وإيران والأسد والذي يقوم بحرب إبادة ضد الشعب السوري يستخدم فيها كافة أنواع الأسلحة».

وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قد أكد في تصريحات صحافية، الثلاثاء الماضي أن بلاده ستواصل دعم الشعب السوري سياسياً وعسكرياً، قائلاً: «السعودية ملتزمة بدعم الشعب السوري لنيل حقوقه، وحريته وجلب التغيير الذي يطمح إليه في بلده»، وشدد على أن السعودية ستواصل تقديم أشكال الدعم العسكري، والسياسي، والاقتصادي للسوريين، وستعمل مع الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية.

وعن إمكانية تأثير الأزمة الأخيرة بين السعودية وإيران على فرص الحل السياسي في سوريا، قال مكتبي: «إيران منذ سنوات تدعم الأسد في إبادة الشعب السوري. وليس الفصل الأخير من تدخلات إيران ما حصل مع السعودية لكنه فصل مهم ويشير بوضوح للتدخل السافر الذي تمارسه إيران تجاه دول المنطقة».

وأضاف: «الأمر مرتبط بإرادة الأطراف الدولية فإذا كان هناك إرادة دولية حقيقية لن تستطيع إيران أن تُفشل المحادثات والأيام المقبلة ستكشف عن مدى توفر هذه الإرادة.

وكانت السعودية قد رعت مؤتمر الرياض للفصائل السياسية والعسكرية السورية المعارضة، نتج عنه تشكيل «الهيئة العليا للتفاوض» من أجل البدء بمفاوضات مع النظام السوري برعاية الأمم المتحدة.

 

اليونسكو تدين مقتل ثلاثة صحافيين سوريين

عبد الحميد صيام

نيويورك ـ «القدس العربي» : أدانت المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا، قتل الإعلامي السوري ناجي جرف، بطلق ناري في الرأس في 27 كانون الأول/ديسمبر في مدينة غازي عنتاب التركية. كما أدانت مقتل الصحافيين السوريين زكريا إبراهيم وبتول المخلص الورار، اللذين لم يتم تأكيد مقتلهما إلا في الآونة الأخيرة علماً أن أخبار مقتلهما إنتشرت في وقت سابق من تشرين الثاني نوفمبر وكانون الأول ديسمبر الماضيين .

وفي البيان الصادر عن اليونسكو مساء أول من أمس حول مقتل الصحافيين الثلاثة، أعربت بوكوفا عن ثقتها في أن التحقيق في اغتيال ناجي جرف في الأراضي التركية سيؤتي ثماره وأنه سيتم تقديم المسؤولين عن هذه الجريمة إلى العدالة ومحاكمتهم. وذكّرت بوكوفا، أنه وتمشيا مع اتفاقيات جنيف، «يجب أن يعامل الصحافيون كمدنيين في أوقات النزاع، وأن أولئك الذين يستهدفون الصحافيين مثل زكريا إبراهيم وبتول المخلص الورار، سيضطرون لمواجهة العدالة في سوريا».

وكان ناجي جرف قد أسس جريدة «حنطة» وظل يشغل منصب رئيس التحرير للصحيفة الألكترونية والمعنية بجمع أخبار النزاع السوري وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا. كما قدم العديد من الأفلام الوثائقية حول النزاع السوري. وكان يقيم في تركيا منذ أواخر عام 2012.

أما زكريا إبراهيم، فقتل في الأول من كانون الاول ديسمبر 2015 في بلدة تَلدو في محافظة حمص السورية، حيث كان يصور القتال المسلح لقناة الجزيرة. فيما قتلت بتول المخلص الورار، وهي مراسلة لتلفزيون وراديو نور الشام بدمشق، في قصف بقذائف الهاون في دمشق في 3 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

 

التعاطف مع مضايا يتحوّل إلى حملات شعبية

بيروت- عبد الرحمن عرابي

تفاعل اللبنانيون، مثل آخرين، مع صور الحصار الآتية من بلدة مضايا في ريف دمشق، وتناقل الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً وتسجيلات تُظهر حالات الجوع الشديد التي أصابت أهالي البلدة المُحاصرة من قبل قوات النظام السوري وحزب الله.

 

وبعد أيام من التفاعل الافتراضي بادر عدد من الناشطين والهيئات والأحزاب إلى نقل التفاعل من العالم الافتراضي إلى أرض الواقع من خلال إطلاق حملات تضامن وتبرّعات. ووجّهت الناشطة في مجال إغاثة اللاجئين السوريين، نوال مدللي، دعوة لجمع التبرعات المالية تحت عنوان “التفاتة صغيرة تنقذ حياة طفل”، من أجل إيصالها للمعنيين بتأمين مواد غذائية للمُحاصرين في مضايا. كما عبّر مُصمّمون ورسّامون عن تضامنهم من خلال نشر رسوم عن معاناة المدنيين في مضايا. فرسم أحد الناشطين أدوات الطعام من عظام بشرية وقربها صحنا فارغا مكتوبا عليه “مضايا”، وكتب آخر اسم البلدة بملعقة خشبية فارغة.

 

كما أعلنت هيئة العلماء المُسلمين في لبنان عن تنظيم حملة لجمع التبرعات المادية، إلى جانب اعتصام عند نقطة المصنع الحدودية بعد صلاة الجمعة، للمطالبة بإدخال المواد الغذائية إلى مضايا القريبة من الحدود اللبنانية ــ السورية. وتضمنت الدعوة التي تناقلها الناشطون “الالتزام برفع رغيف الخبز فقط، دون أي راية رفضاً لآلة القتل والتجويع”.

 

وقال مدير مكتب بيروت في الهيئة، الشيخ إبراهيم بيضون، إن الهدف من استقبال التبرعات المادية فقط هو “استحالة توصيل مساعدات عينية في الوقت الحالي، وسنقوم بإرسال هذه الأموال إلى البلدات المجاورة لمضايا ومنها سيتم نقل المواد الغذائية إلى داخل البلدة”.

 

وتميّزت الدعوات بكونها مفتوحة للتبرّع بمبالغ رمزية (دولار أميركي واحد) لإيصال المساعدات. كما تميزت بتنوع الداعين إليها بين ناشطين في المجتمع المدني، وحقوقيين، وجمعيات. وأتت دعوة “الجماعة الإسلامية” (الجناح اللبناني للإخوان المسلمين) لتنفيذ وقفة رمزية أمام مقر بعثة الصليب الأحمر الدولي في بيروت في هذا الإطار.

 

كما يشارك ناشطون لبنانيون في “يوم الغضب العالمي لرفع حصار الجوع عن سورية” في 16 يناير/ كانون الثاني. وقد بدأت الحملة بتوحيد الصور الشخصية عبر مواقع التواصل، تمهيداً لتنفيذ وقفات أمام مقرات الأمم المتحدة في البلدان المُشاركة.

 

التعرّف على أحد المشتبهين بقتل الجرف من شعره وحذائه

أنس الكردي

أكدت السلطات التركية، مساء الخميس، أنه تم القبض على أحد المشتبهين في مقتل الصحافي السوري ناجي الجرف، بالاعتماد على شعره وحذائه، في وقت دعت عائلة الفقيد كل من يملك معلومات مهمة قد تفيد في كشف القتلة إلى تقديمها للجهات التي تتولى التحقيق.

وذكر بيان صحافي رسمي حول مقتل ناجي الجرف، أن “عملية قتل الجرف تمت عن طريق هجوم بالسلاح الناري بتاريخ السابع والعشرين من الشهر الماضي، في منطقة الشهيد كامل في حي انجيليبنار، جادة نائل بيلان”.

وأوضح البيان المذيل باسم مدير الإعلام والعلاقات العامة في ولاية غازي عينتاب، أنه كـ “نتيجة للعمل المكثف لوحدات الأمن في المدينة، تمّ اكتشاف أن من قام بهذا الفعل هما شخصان”، مبيّناً أن “ذلك تمّ من خلال تحليل 337 تسجيلاً من كاميرات المراقبة على الطريق الذي سلكه المشتبهان بهما، واللذان قاما بتغيير ملابسهما لاحقاً إلى أن خرجا عن مدى تغطية كاميرات المراقبة”.

وأضافت السلطات التركية، أنه “عن طريق أجهزة تحديد المواقع الموصولة على سيارات الأجرة في المدينة، تمّ تحديد سيارات الأجرة التي مرّت من النقطة التي اختفى فيها المشتبهان بهما عن الكاميرات في ذلك الوقت، ثمّ من خلال الحديث مع سائقي الأجرة تمّ التعرف على السيارة التي أقلتهما”.

وتابع البيان أن “المشتبهين نزلا من سيارة الأجرة في منطقة شاهين بيه، حي أونور، وبعد التحقيق في الحي، تمّ القبض على أحد المشتبهين بالاعتماد على شعره وحذائه”، مضيفاً أنه تمّ بعدها “تفتيش مكان إقامته، وتمّ العثور على الملابس التي خلعها بينما كان يهرب، بالإضافة إلى 4 أجهزة تفجير أحدها يحتوي على مؤقت زمني، مسدس عيار 9 ملم مجهول المصدر، كاتم صوت واحد، 3 أجهزة مؤقت زمني، 15 رصاصة من عيار 9 ملم، 5 صواعق، ومخزن سلاح واحد”.

وقال محمد الجرف أحد أقارب الفقيد، “نحن عائلة ناجي نتمنى من كل المهتمين والحريصين على قضية ناجي، والذين يعتقدون أنّ لديهم معلومات مهمة قد تُفيد في كشف القتلة، أن يتقدموا بتلك المعلومات إلى الجهات التي تتولى التحقيق في القضية بدلاً من نشرها على وسائل التواصل”.

اقرأ أيضاً: 2015 عام دموي على الصحافيين: مقتل 71 وسجن 199

وكان مصدر حقوقي مقرّب من عائلة الجرف، فضّل عدم الكشف عن اسمه، قال لـ “العربي الجديد”، في وقت سابق أمس إن “السلطات التركية ألقت بالفعل القبض على سبعة أشخاص سوريين، وجارٍ التحقيق معهم لمعرفة ملابسات عملية الاغتيال، التي قام بها ثلاثة أشخاص بشكل مباشر”.

والصحافي ناجي الجرف (38 عاماً)، والمتحدّر من مدينة سلمية (شرق حماة)، مؤسس ورئيس تحرير مجلة “حنطة” السورية الشهرية التي تصدرها شبكة حنطة للدراسات والنشر، كما أنه أسس منذ أشهر قليلة مجلة “حنطاوي” التي تعنى باليافعين، ودرّب عشرات الناشطين الإعلاميين السوريين على العمل الصحافي في عدة دورات تدريبية، وكان يعتزم السفر إلى فرنسا قبل أن يتم اغتياله.

 

يوم دامٍ بالغوطة والغارات الروسية مستمرة في درعا

أحمد حمزة

عرفت بعض بلدات غوطة دمشق الشرقية، أمس الخميس، يوماً آخر من المجازر، التي سقط فيها قتلى وجرحى من المدنيين، نتيجة الغارات الجوية في زملكا تحديداً، واستهداف النظام السوري بالصواريخ والمدفعية لمدينة دوما، وبلداتٍ أخرى قريبة منها. كما شهدت محافظة درعا مزيداً من الهجمات الجوية الروسية، وسط تواصل المعارك بين النظام والمعارضة بمدينة الشيخ مسكين.

 

في ريف دمشق، يكشف مدير المكتب الإعلامي في “اتحاد تنسيقيات الثورة” يوسف البستاني، سقوط “أربعة شهداء كحصيلة أولية، وأكثر من 50 جريحاً”. ويضيف أن “هناك أشخاصا تحت الأنقاض، بقصف الطيران الحربي، ومدفعية النظام، لأحياء سكنية في زملكا”، الواقعة على بعد سبعة كيلومترات، شرق وسط العاصمة دمشق.

وتفيد مصادر أخرى بغوطة دمشق الشرقية لـ”العربي الجديد”، بأن “من بين القتلى في زملكا ثلاثة أطفال، وأن حصيلة الضحايا ارتفعت بعد ساعات الظهر، بينما كانت فرق الإسعاف تواصل محاولات إنقاذ العالقين تحت الأنقاض، وسط حالة هلع كبير بين السكان بسبب ضراوة القصف وكثافته”.

 

وليس بعيداً عن زملكا التي عاشت يوماً دامياً، تعرّضت مدينة دوما الواقعة شمالها، بنحو 7 كيلومترات، لقصفٍ من قبل قوات النظام المتمركزة في منطقة الدريج، التي جددت استهدافها لوسط دوما صباحاً بستة صواريخ، أدت لسقوط قتلى وجرحى بينهم أطفال.

 

في عربين، القريبة أيضاً، جنوب دوما شمال زملكا، يكشف الناشط الإعلامي كريم زبدين لـ”العربي الجديد”، أن “الطيران الحربي شنّ ظهراً خمس غارات، بالتزامن مع قصفٍ بالهاون استهدف وسط المدينة، فيما طاولت غارات عدة منطقة المرج وبلدة دير العصافير”.

 

ويأتي كل هذا، بعد ساعات الليل التي هدأ فيها القصف، وتمكن الناشطون في الغوطة الشرقية، من توثيق أعداد ضحايا يوم الأربعاء، إذ قُتل في دوما سبعة مدنيين على الأقل، وجُرح العشرات بقصفٍ صاروخي. كما قُتل 13 شخصاً، بغارةٍ استهدفت الطريق الواصل بين بلدتي حزة وزملكا المجاورتين، ولقي ثلاثة آخرون حتفهم بقصفٍ جوي، استهدفت بلدة مسرابا، الواقعة إلى الجنوب من دوما بنحو ثلاثة كيلومترات.

أما في الغوطة الغربية، فقد استمرت المواجهات العنيفة على أطراف مدينة داريا، بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة السورية، بعد يومٍ شهد إلقاء المروحيات لأكثر من 58 برميلاً متفجراً، إضافة إلى قصف المدينة بعدد من صواريخ أرض ـ أرض، تجاوز عددها الـ21 صاروخاً، حسبما وثّق “المركز الإعلامي لمدينة داريا”، الذي يديره ناشطون محليون.

 

وكان “لواء شهداء الإسلام”، قد تمكن في وقتٍ سابق من استرجاع نقطة تقدمت إليها قوات النظام بالجبهة الغربية لداريا، التي تشرف أطرافها الغربية على مطار المزة العسكري، وتبعد نحو ستة كيلومترات عن وسط دمشق.

 

في درعا، جددت الطائرات الحربية الروسية، أمس، قصفها العنيف لمدينة الشيخ مسكين ومحيطها، ويؤكد الناشط الإعلامي أحمد المسالمة لـ”العربي الجديد”، أن “المدينة تعرّضت لأكثر من عشرة غارات روسية، وسط تواصل المعارك وتبادل القصف بين مليشيات النظام والجيش الحر”.

” ويشهد محيط المدينة، منذ 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي، مواجهات عنيفة، بفعل محاولات قوات النظام والمليشيات الأجنبية والمحلية المتحالفة معها، التقدم هناك، بغطاءٍ جوي روسي مكثّف، تجاوز حتى اليوم الـ150 غارة. وذلك لتشكيل ضغط إضافي على مقاتلي المعارضة، الذين خسروا بعض المواقع، شمالي الشيخ مسكين الأسبوع الماضي، فيما لا زالوا يسيطرون على وسط المدينة، ذات الموقع الاستراتيجي الهام، لإشرافها على عقدة طُرق، جنوبي البلاد.

 

وأتمّت المعارضة السورية سيطرتها على كامل الشيخ مسكين ومحيطها، في يناير/كانون الثاني 2015، وقد شنّ النظام لاحقاً هجمات عدة في محاولة لاستردادها. ورفع مستوى هجماته في الشهرين الأخيرين، مع تصعيد واسع على مختلف جبهات المنطقة، قبل أن تبدأ الحملة الأشرس من نوعها منذ عشرة أيام.

 

هذا وشهدت جبهات ريف اللاذقية الشمالي، يوم أمس، مواجهات على محاور عدة، إذ أكدت مصادر محلية هناك لـ”العربي الجديد”، أن “فصائل المعارضة صدّت محاولات تقدم قوات النظام والمليشيات المتحالفة معها على محاور دغدغان والدره في جبل التركمان”، المتاخم للحدود السورية التركية.

 

#مضايا_تموت_جوعاً .. و”فايسبوك” يفقد تأثيره

مضى أسبوعان على بثّ أول صورة خرجت من مضايا المحاصرة. تكاد العظام تخرج من جسد نحيل، يتضوّر جوعاً، ويلتف حول نفسه، في محاولة لتجنّب نوبات ألم بطنه. الرجل – الشيخ، لم يحرّك أياً من المنظمات الدولية، ولا إنسانية سجّانه… تتالت الصور منذ ليلة عيد الميلاد الماضي، واجتاحت مواقع التواصل الإجتماعي، من غير أن تحرّك اي ساكن. ذلك، إن مواقع التواصل، فقدت قدرتها على التأثير، في ظل الضخ، والضخ المقابل.

 

حوصرت جلبة الصورة في الموقع الازرق، كما ملتقطيها، وآلاف الاجساد التي تنتظر الموت جوعاً. وحوصرت معها، مئات المحاولات لإظهار بؤس المشهد، وبؤس الانسانية جمعاء.

 

ذُبحت القطط، وظهرت في الموقع الازرق أيضاً، وطهيت أوراق الشجر. فاحت رائحتها الى ما وراء الشاشات الصغيرة. إكتفى مشاهدوها بالتأسّف. تألموا، بالتزامن مع احساسهم بحريق ناتج عن حساء ساخن كانوا يحتسونه في ليلة العاصفة الثلجية الاخيرة. وواصلوا الإعراب عن أسفهم، حتى إكتمل المشهد، وباتت الصورة المكسّرة، مادة تلفزيونية لا يمكن تجاهلها.

 

تحرّكت الأمم بعد عرض الصور في التلفزيون، فضغطت على النظام السوري، وانتزعت منه موافقة على إدخال المساعدات الانسانية اليوم. قبله، أثبتت الحملات الإلكترونية عجزها عن التأثير. فقدت مصداقيتها، وانتاب روادها ومتابعيها الشك في ما تقدمه. حتى الصور التي تُعرض، ما عادت أكثر من وسيلة للتسلية. تحشد “لايك” المتفاعلين، و”شير” الواثقين، وتعليق المتعالين والمشككين.

 

لم تعد صورة “فايسبوك” و”تويتر”، إلا ذريعة للنكران. وأعادت تداعياتها التأثير، الى ما قبل العام 2010. الى زمن الإعلام التقليدي. الى التلفزيون الذي يبثّ، فيُصدّق، وينقل فيحرّك الأمم.

 

كلنا مسؤول عن إفقاد حساباتنا الشخصية، مصداقيتها. إدعينا زوراً بوصول الذئب لتهديدنا مرة ومرتين وثلاثة.. وحين وصل الذئب فعلاً الى مضايا، كنا ننكر، لأن تجربتنا مع حكايته، محبطة.

 

14 يوماً من النكران والتجاهل، قضت على العشرات من سكان البلدة المحاصرة، جوعاً. لا تنفع التبريرات اليوم. كلنا مسؤول عن إبقاء الموت في البلدة متقداً، إلى حين بثه في التلفزيون. مسؤولون، كما جميع الاطراف المعنية بالحصار. النظام وحلفاؤه الذين أرادوا مساومة الموت هنا، بتوسيع فعالية إتفاقية الزبداني – كفريا والفوعة الى مضايا. الامم المتحدة مسؤولة أيضاً عن عدم رمي المساعدات من الطائرات، كما في كوسوفو وأوغندا التسعينيات. فصائل المعارضة تتحمل جزءاً من مسؤولية عدم المبادرة الى سبيل، أي سبيل سياسي أو عسكري أو دبلوماسي، لرد الجوع عن المحاصرين. المتفرجون أيضاً مسؤولون، والمتألمون أيضاً، والمتفاعلون من بعيد، والداخلون في حرب إفتراضية عبثية، على وقع الإنقسام السني – الشيعي في المنطقة.

 

الصورة فقدت تأثيرها. تجربة مضايا منذ 24 كانون الاول الماضي، تثبت ذلك. فهي تخفي تحليلات، وتترك مجالاً للمناقشة، لم ينجرّ التلفزيون اليها. وبعد إتقاد المشهد، استطاعت الشاشة الفضية أن تحرّك خلال 24 ساعة، ما عجزنا جميعاً عن تحريكه عبر #مضايا_تموت_جوعاً أو أي من الوسوم المرافقة.

 

صرخة ضد حرب التجويع التي ينتهجها الأسد  

طالبت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة أمس الخميس بدخول عاجل إلى بلدة مضايا السورية التي تحاصرها قوات الأسد منذ نحو ستة شهور حيث يعاني 42 ألف شخص خطر الموت جوعا.

 

ووُصفت الظروف الكارثية للسكان الذين وصل الحال بهم إلى أكل الكلاب والقطط وورق الشجر والعشب، وما زاد الظروف سوءا أن الثلج المتساقط بلغ ارتفاعه نصف المتر بالأيام الأخيرة مما اضطرهم لحرق أثاثهم للتدفئة وفق ما نقلته صحيفة تايمز عن شهود عيان.

 

وقال مكتب المنظمة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن “الأمم المتحدة تلقت تقارير موثوقة لأناس يموتون جوعا وتعرضهم للقتل إذا ما حاولوا ترك البلدة”. ونبهت إلى أن سياسة التجويع كسلاح ضد المدنيين محظورة بموجب اتفاقات جنيف.

 

وتعليقا على “حرب التجويع” هذه، كتبت نفس الصحيفة بافتتاحيتها أنه يجب على الأسد أن ينبذ هذه الإستراتيجية الوحشية لتجويع المدنيين السوريين.

 

ونبهت إلى أن دخول الشتاء بهذه البلدة الجبلية سيزيد الأمر سوءا وقسوة على أهلها. وقالت إن المدافعين عن “الدكتاتور” بشار الأسد الذين يروجون له بأنه جزء من الحل لهذه الأزمة التي تشكلت ينبغي عليهم أن ينظروا عن كثب إلى ما ألحقته قوات الأسد، بالتعاون مع مليشيات حزب الله اللبناني، بالنساء والأطفال والمسنين.

وشككت الصحيفة فيما أعلنته الأمم المتحدة عن استعداد الأسد لرفع هذا الحصار الشديد بأن السماح بدخول قوافل الإغاثة لاسترضاء الرأي الغربي، ولو لفترة قليلة، شيء وإستراتيجيته الشاملة بالتجويع القسري للبلدات التي يستخدمها الثوار شيء آخر تماما.

 

وختمت بأن روسيا تشكل عامل تعقيد في الحرب الحالية، لأنها غير مهتمة بإضعاف “دكتاتورها العميل”. لكن يجب عليها أن تعي أفضل من أي دولة مقاتلة أنه لا يمكن خوض الحروب الحديثة وكسبها على أساس التجويع، خاصة وأن مواطنيها مروا بهذه التجربة لمدة تسعمئة يوم إبان محاصرة ألمانيا لمدينة ليننغراد، وقالت الصحيفة إن خلاصة القول أن الأسد “مجرم حرب وعائق سياسي”.

 

دعوات إسلامية عاجلة لنصرة أهالي مضايا  

دعت رابطة علماء المسلمين الدول الإسلامية حكومات وشعوبا إلى الإسراع بنصرة وإغاثة أهالي مضايا، وهي ذات الدعوة التي توجهت بها الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء المسلمين في السعودية، في وقت طالبت ألمانيا من مجلس الأمن الضغط على النظام السوري لإدخال المساعدات الإنسانية إلى البلدة المنكوبة.

 

ويتهدد الموت جوعا عشرات الآلاف من المدنيين في مضايا بفعل الحصار الذي تفرضه عليها قوات النظام السوري وحزب الله اللبناني منذ نحو سبعة أشهر.

 

وقالت الرابطة في بيان “إن ما يتعرض له أهلنا في سوريا عامة، وبلدة مضايا خاصة جريمة عظمى ونازلة كبرى توجب على عموم المسلمين حكومات وشعوباً، مؤسسات وأفرادا، المبادرة لنصرتهم وكشف ما نزل بهم من ضر”.

 

وناشدت الرابطة المنظمات الإغاثية وعموم تجار المسلمين إلى المبادرة لإغاثة أهالي مضايا بشكل خاص، مطالبة المؤسسات والروابط الدعوية وكافة العلماء والدعاة بالقيام بالواجب في حث عامة المسلمين على التبرع لسكان البلدة وبيان جواز تعجيل دفع الزكاة لهم نظراً لما حل بهم من بلاء شديد وضر كبير.

 

كما ناشدت كافة الفصائل المسلحة، وعموم أطياف المعارضة السورية، العمل على توحيد صفوفهم وإمكاناتهم لفك الحصار عن بلدة مضايا وكافة المناطق المحاصرة، والتعجيل بذلك بكافة الوسائل العسكرية والسياسية والحقوقية والإغاثية.

 

“علماء المسلمين بالسعودية”

من جهتها، دعت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء المسلمين في السعودية إلى التسريع بإغاثة أهالي بلدة مضايا، معتبرة في بيان لها أن الصمت العالمي على تلك الجريمة عار يلطخ جبين المجتمع الدولي بمؤسساته ومنظماته الحقوقية والإنسانية.

 

وأوضح البيان أن الحصار الظالم الذي هو حرب تجويع وجريمة بشعة هدفها إبادة مدنيين عزل أغلبهم من النساء والأطفال.

 

وأضاف أن الحصار والتجويع جريمة تضاف إلى جرائم هذا النظام البائد وحلفائه، الذي يمارس أساليب كثيرة لقمع الشعب السوري المنكوب، دون أن يتخذ بحقه رادع في ظل ازدواج المعايير التي تتصف بها السياسة الدولية.

 

ضغط دولي

من جهته، دعا مسؤول بارز بالحكومة الألمانية الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي للضغط على النظام السوري لتأمين ممر إنساني لإدخال المساعدات الإنسانية للسكان بمضايا.

 

ونقل مراسل الجزيرة نت في برلين خالد شمت عن كريستوف شتراسر مفوض حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية بحكومة المستشارة أنجيلا ميركل تنديده بالحصار المفروض على مضايا، داعيا إلى إنهائه وإنقاذ أرواح عشرات الآلاف من سكان مضايا.

 

واعتبر المسؤول الألماني أن منع وصول الأغذية والمساعدات للمدنيين يمثل خرقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2139، مشيرا إلى أن القرار الأممي رقم 2254 يدعو لإيصال سريع وآمن للأغذية وضمان ممر إنساني بلا معوقات للمناطق السورية المحاصرة.

 

وكانت الخارجية الفرنسية نددت بشدة أمس بالحصار الذي تتعرض له مضايا، داعية بدورها إلى رفع هذا الحصار فورا، وإدخال المساعدات العاجلة لكل المناطق المحاصرة في سوريا وفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي.

 

وكان الائتلاف السوري المعارض طالب بتحرك دولي عاجل من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإدخال مساعدات إغاثية فورية إلى مضايا، وإنقاذ ضحايا الحصار ومعظمهم من الأطفال الرضع والمسنين.

 

وكشفت تسجيلات مروعة بثها نشطاء وحقوقيون عن حجم المأساة التي يعانيها سكان مضايا، ولا سيما بعد العاصفة الثلجية التي فاقمت معاناتهم في ظل غياب مواد التدفئة والغذاء والدواء.

 

منظمات دولية تعلن استعدادها لإغاثة مضايا  

علي سعد-بيروت

 

مع موافقة الحكومة السورية على إدخال المساعدات إلى مدينة مضايا السورية في ريف دمشق الغربي بعد وفاة أكثر من عشرين شخصا هناك من الجوع، سيبدأ المجتمع الدولي بغسل عار مجاعة جديدة ستسجل في تاريخ الإنسانية الحافل بمثل هذه المآسي.

وبعد ترك أربعين ألفا بينهم نساء وأطفال وشيوخ لمصيرهم لشهور طويلة يأكلون القطط والكلاب وأوراق الشجر فيما لا تستطع النسوة إرضاع أطفالهن بسبب الجوع، يفترض أن تصل الأيام القليلة القادمة مساعدات غذائية لداخل المدينة المحاصرة التي تدفع ثمن معركة الزبداني القريبة منها.

 

وربما تتكشف فصول مأساة مضايا مع دخول المساعدات إليها، وعندها ستخرج صور وتسجيلات مصورة تكشف فظاعات أكبر يندى لها جبين الإنسانية, ولن يستطيع أحد تكذيبها, كما يقول أحد السكان العالقين بالداخل للجزيرة نت.

 

مفاوضات معقدة

وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالشرق الأوسط ديبة فخر إن الحكومة السورية وافقت على إرسال المساعدات إلى مضايا. لكنها أوضحت أن الأمر معقد جدا حيث يحتاج لتنسيق مع أطراف كثيرة فاعلة ميدانيا هناك.

 

وقالت المتحدثة- للجزيرة نت عبر الهاتف من سويسرا- إن الصليب الأحمر يتفاوض مع جهات عديدة لإيصال المساعدات، مشيرة إلى أن الوصول لنتائج يتطلب جهدا كبيرا وإجراءات وضمانات أمنية, ولا يقتصر على مجرد إذن للذهاب. لكنها شددت على أن فرق الإغاثة التابعة لمنظمتها مستعدة للتوجه في أي وقت إلى المناطق التي تحتاج مساعدات, بشرط السماح لها.

 

وأضافت أنه جرى في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إدخال مساعدات مع منظمات أخرى لمضايا, وقالت إن ذلك سمح بمعاينة الوضع المأساوي بالمدينة وحاجة السكان للغذاء والمياه والكهرباء. وقالت أيضا إن موظفي المنظمة رأوا حينها اليأس والجوع في عيون الناس, مشيرة إلى أن الأمهات بمضايا كن لا يستطعن الإرضاع بسبب الجوع، وكان هناك أطفال بلا حليب ولا أكل.

 

وأكدت المتحدثة باسم الصليب الأحمر أن مضايا شاهد على ما يحصل بمناطق سورية منها الزبداني (ريف دمشق) وكفريا والفوعة (ريف إدلب) ومناطق أخرى في حلب (شمال) وريف دمشق, وسابقا في المعضمية (ريف دمشق الغربي) ومخيم اليرموك جنوب دمشق.

 

وقالت ديبة فخر إن هناك مليونا ونصف مليون سوري يوجدون في أماكن محاصرة أو يصعب الوصول إليها. وقالت أيضا “نطلب أن يُسمح لنا بالذهاب إلى مضايا والزبداني وكفريا والفوعة لإيصال المواد الغذائية, وهذا جزء من الاتفاق الأساسي الذي أنهى معركة الزبداني “وحان وقت تنفيذه”.

 

نتائج الحصار

بدورها أكدت منظمة أطباء بلا حدود أن الحصار الذي تفرضه قوات النظام السوري وحزب الله اللبناني على مضايا أدى إلى وفاة 23 مريضا من الجوع في المركز الصحي المدعوم من قبل المنظمة منذ اليوم الأول من الشهر الماضي.

 

وقالت في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه إن ستة من المتوفين أعمارهم تقل عن عام, وإن الوفيات نتيجة طبيعية للحصار المفروض على مضايا منذ نحو سبعة شهور.

 

وعبرت المنظمة عن خشيتها على مصير المرضى الذين يتلقون العلاج حاليا, وشددت على ضرورة إيصال الأدوية للمحاصرين فورا, والسماح للمرضى بالإخلاء الطبي الطارئ إلى أماكن آمنة، خاصة مع نفاد الأدوية الموجودة لدى أطباء المنظمة في الداخل.

 

ودعت منظمة أطباء بلا حدود إلى السماح بدخول فوري للإمدادات الأساسية المطلوبة لإنقاذ حياة المدنيين في مضايا، وأكدت وجوب دخول المساعدات للمدينة بشكل متواصل لأن وجبة واحدة من المساعدات لن تحل المشكلة.

 

وتضامنا مع أهالي مضايا، قال مصدر في هيئة العلماء المسلمين في لبنان للجزيرة نت إن الهيئة أطلقت حملة إغاثية لمساعدة أهالي مضايا, وكلفت مكاتبها في كل المناطق اللبنانية باستقبال التبرعات لإرسالها للمدينة فوار عندما يمكنها ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى