أحداث الخميس 01 شباط 2018
موسكو تنصح المعارضة السورية بالتركيز على إصلاحات قد تمهّد لانهيار النظام
سوتشي، بيروت – سامر إلياس، «الحياة»
رفضت «هيئة التفاوض» المعارِضة أن يتقدّم بحث دستور سورية الجديد على عملية انتقال الحكم في البلاد، غداة الاتفاق في «مؤتمر الحوار السوري» في سوتشي على تأليف لجنة دستورية تسعى إلى «صياغة إصلاح دستوري يساهم في التسوية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة»، فيما أوضحت مصادر مطلعة أن موسكو «نصحت المعارضة بالتركيز على الدستور لأنه يفتح باب الإصلاح، ما يمهّد لانهيار النظام في حال قدم أي تنازلات».
وقال يحيى العريضي الناطق باسم «هيئة التفاوض» التي قاطعت مؤتمر «الحوار الوطني السوري» في سوتشي لـ «الحياة»، إن الموقف من نتائج المؤتمر مرتبط بمدى دعمه مسار جنيف ومساهمته في تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 2254، ورفض أن يتقدم البحث في الدستور على العملية الانتقالية. وشدد على أن «الأولوية هي لهيئة الحكم الانتقالي حتى تكون هناك فرصة للدستور».
في المقابل، أكدت مصادر في المعارضة السورية المشاركة في سوتشي لـ «الحياة»، أن وفد النظام غير مرتاح لنتائج المؤتمر، فيما غابت التصريحات الرسمية في دمشق عمّا توصل إليه الاجتماع الذي لم يشر بيانه الختامي إلى مصير الرئيس السوري بشار الأسد، مكتفياً بالإشارة إلى أن «الشعب السوري وحده يقرر مستقبله من طريق صناديق الاقتراع».
وكشفت المصادر أن «الروس قالوا في جلسات مغلقة إنهم لا يستطيعون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء»، وأوضحت أن «الطرف الروسي أكّد لنا أن التركيز على الدستور مفيد لأنه يفتح باب الإصلاح، ما يمهّد لانهيار النظام السوري في حال قدم أي تنازلات».
وأعربت المصادر عن ثقتها بأن «الروس يعملون على سحب البساط تدريجاً، عبر إقرار دستور جديد يمهّد لسقوط النظام لأنه غير قابل للإصلاح». وعلمت «الحياة» أن الجانب الروسي ضغط في اتجاه تشكيل لجنة دستورية تكون فيها حصة المعارضة بحدود «الثلث المعطل»، وأن القرارات في شأن فقرات الدستور ستتخذ بغالبية الثلثين.
وشدد مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا على أن اللجنة الدستورية ستكون ضمن مسار جنيف للسلام «وليس في أي مكان آخر»، محذراً من أن العملية تشكل تحدياً ليس سهلاً، فيما قال لـ «الحياة» فيتالي ناومكين المستشار الخاص لدي ميستورا والخبير في شؤون الشرق الأوسط إن بلاده نجحت في تنظيم مؤتمر سوتشي.
وأوضح ناومكين أن روسيا «وصلت إلى النتائج التي تريدها»، معتبراً أن أهم ما انبثق عن مؤتمر سوتشي هو «تشكيل اللجنة الدستورية»، معتبراً أن «المؤتمر اكتسب شرعية من خلال حضور فئات من المعارضة والحكومة وحضور دي ميستورا وانفتاحه على العمل مع اللجنة الدستورية والدول الضامنة مسار آستانة». وكشف ناومكين بصفته خبيراً متابعاً للوضع السوري، أن «الجانب الروسي يرغب في أن تتحول أولويات الجولات المقبلة من مفاوضات جنيف إلى التركيز على الدستور أولاً وتليها مسائل الحكم والمرحلة الانتقالية».
في غضون ذلك، أكد أحد أعضاء اللجنة الدستورية الـ168 لـ «الحياة»، أن اللجنة ستنتخب هيئة مصغرة من 25 شخصاً مهمتها صياغة الدستور. وأوضح عضو اللجنة الذي يعمل مدرّساً للقانون، أن «اللجنة مكلفة بصياغة دستور جديد وليس تعديلات على دستور 2012 الذي أقرّه النظام»، معرباً عن خيبة أمله من «عدم وجود خبراء في القانون ضمن وفود المعارضة».
في الوقت ذاته، رحّب الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان بنتائج المؤتمر، وشددا في محادثات عبر الهاتف على «إيجاد حل قائم على قرار لمجلس الأمن» في سورية، في حين تواصلت المعارك العنيفة التي تخوضها القوات التركية والفصائل السورية المعارضة من جهة مع المقاتلين الأكراد في منطقة عفرين شمال سورية من جهة أخرى وهي أوقعت مزيداً من الضحايا وتسببت في نزوح سكان القرى الحدودية هرباً من الغارات الكثيفة. وردّ رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي حذر أنقرة من تحويل عمليتها ضد الأكراد إلى «ذريعة لاحتلال» سورية، وقال يلدريم إن «عملية عفرين تهدف إلى تأمين أمن تركيا وحماية العرب والأكراد والتركمان من المنظمات الإرهابية».
تركيا تعتبر تصريحات فرنسا عن عمليتها في سوريا “إهانات”
أنقرة: قال وزير خارجية تركيا مولود تشاووش أوغلو الخميس، إن أنقرة تعتبر تصريحات فرنسا عن العملية التركية في منطقة عفرين في شمال سوريا “إهانات”.
كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حذر تركيا الأربعاء، من أن عملياتها ضد المسلحين الأكراد في شمال سوريا يجب ألا تصبح ذريعة لغزو سوريا وحث أنقرة أن تنسق خطواتها مع حلفائها.
وقال تشاووش أوغلو للصحافيين في أنقرة، إن الأمر يتطلب إحياء محادثات جنيف للسلام في سوريا وأن تبدأ حكومة دمشق في التفاوض بعد انعقاد مؤتمر بشأن السلام في سوريا بمنتجع سوتشي في روسيا هذا الأسبوع. (رويترز)
قذائف تستهدف مشاركين في مؤتمر «سوتشي» عند وصولهم إلى دمشق
طائرات تركية تدمر نصباً للزعيم الكردي أوجلان في عفرين
دمشق ـ إسطنبول ـ «القدس العربي» من هبة محمد وإسماعيل جمال وعبد الحميد صيام: يستعد الجيش التركي لدخول عملية «غصن الزيتون» مرحلة جديدة مع بدء المعارك في أول منطقة مدنية مأهولة بالسكان في عفرين، وذلك من خلال إعداد فرق من القوات الخاصة المُدربة على خوض حرب المدن، وتجنب وقوع أقل قدر ممكن من الخسائر في صفوف الجيش والمدنيين، بينما يعيش سكان ولايتي هاتاي وكليس التركيتين على الحدود السورية جحيم تواصل سقوط الصواريخ والقذائف العشوائية من طرف الوحدات الكردية على منازلهم وشوارعهم رغم دخول عملية «غصن الزيتون» يومها الثالث عشر.
ميدانياً سيطرت فصائل الجيش السوري الحر بدعم من الجيش التركي، أمس، على قمة جبل قورنة، وبلدة «باك أوباسيه» في ناحية بلبل شمالي عفرين في ريف حلب الشمالي، بعد مواجهات عنيفة مع قوات وحدات الحماية الكردية، ضمن عملية «غصن الزيتون» التي كانت قد أطلقتها أنقرة قبل 13 يوماً، وأجبرت خلالها الميليشيات الكردية على التراجع من 24 نقطة، من بينها 19 قرية و5 تلال استراتيجية في محيط منطقة عفرين. وردت المدفعية التركية عبر نقاط انتشارها من الحدود السورية التركية بقصف مجموعة من القرى المحيطة بمدينة عفرين، عقب استهداف الميليشيات الكردية بلدة الريحانية جنوبي تركيا بأربع قذائف، أسفرت عن مقتل شابة (17 عاما )، وجرح آخرين.
ومع نجاح الجيشين التركي و»السوري الحر» في السيطرة على جبل بورصايا الإستراتيجي وعدد من التلال الهامة، ومجموعة من القرى والبلدات في عفرين، بدأت المعارك تقترب تدريجياً من المناطق السكنية المأهولة، وهو ما دفع الجيش التركي لإعداد مجموعات من القوات الخاصة لخوض هذه المعارك.
وسقطت ثلاث قذائف صاروخية داخل مطار دمشق الدولي قرب طائرة تحمل دفعة من المشاركين في مؤتمر الحوار السوري في مدينة سوتشي الروسية أمس الأربعاء .
وقالت مصادر امنية سورية «إن ثلاث قذائف سقطت الأربعاء(أمس) داخل حرم مطار دمشق الدولي، قرب الطائرة التي أقلت دفعة من الوفد السوري، الذي شارك في مؤتمر سوتشي أمس دون أن يصاب أي من المشاركين أو الطائرة».
وقال عضو مجلس الشعب السوري فارس الجنديات، عضو الوفد العائد من سوتشي «لدى هبوط الطائرة على مدرج مطار دمشق سقطت القذيفة الأولى وخلال توقف الطائرة ونزول أعضاء الوفد سقطت قذيفتان ولم يصب أحد من أعضاء الوفد أو الطائرة».
وكانت شركة الطيران السورية الخاصة «أجنحة الشام « أعلنت اختيارها لنقل المشاركين إلى مدينة سوتشي الروسية للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني .
ويتعرض مطار دمشق الدولي، الذي يقع على أطراف غوطة دمشق، لسقوط متكرر من القذائف الصاروخية ، وتتهم السلطات السورية فصائل المعارضة المسلحة التي تسيطر على غوطة دمشق باستهداف المطار الذي تعرض ايضاً لقصف صاروخي إسرائيلي .
ودمرت طائرات بلا طيار تركية الصنع أمس، نصبًا تذكاريًا لعبد الله أوجلان زعيم منظمة «بي كا كا» المصنفة إرهابية في تركيا (المسجون مدى الحياة في تركيا) وذلك في منطقة عفرين السورية، في إطار عملية غصن الزيتون. وبحسب المعلومات فإن القوات المسلحة التركية رصدت خلال عمليات الاستطلاع التي أجرتها في المنطقة نصب أوجلان في السفح الجنوبي لجبل دارمق الواقع قبالة قرية غُل بابا في ولاية كليس جنوبي تركيا، أقامته عناصر تنظيم ب ي د/ بي كا كا.
الجيش التركي يستعد لحرب المدن وقوات «غصن الزيتون» تسيطر على قرى استراتيجية في عفرين
أهالي هاتاي وكليس التركيتين يعيشون جحيم صواريخ «الوحدات الكردية» العشوائية
هبة محمد وإسماعيل جمال
دمشق ـ إسطنبول ـ «القدس العربي»: بينما يستعد الجيش التركي لدخول عملية «غصن الزيتون» مرحلة جديدة مع بدء المعارك في أول منطقة مدنية مأهولة بالسكان في عفرين، وذلك من خلال إعداد فرق من القوات الخاصة المُدربة على خوض حرب المدن وتجنب وقوع أقل قدر ممكن من الخسائر في صفوف الجيش والمدنيين، يعيش سكان ولايتي هاتاي وكليس التركيتين على الحدود السورية جحيم تواصل سقوط الصواريخ والقذائف العشوائية على منازلهم وشوارعهم رغم دخول عملية «غصن الزيتون» يومها الثالث عشر وفشلها حتى الآن في وقف تحقيق أبرز أهدافها المتمثلة في شل قدرة الوحدات الكردية على ضرب المدن الحدودية التركية بالصواريخ.
ميدانياً سيطرت فصائل الجيش السوري الحر بدعم من الجيش التركي، أمس، على قمة جبل قورنة، وبلدة «باك أوباسيه» في ناحية بلبل شمالي عفرين في ريف حلب الشمالي، بعد مواجهات عنيفة مع قوات وحدات الحماية الكردية، ضمن عملية غصن الزيتون التي كانت قد أطلقتها أنقرة قبل 13 يوماً، وأجبرت خلالها الميليشيات الكردية على التراجع من 24 نقطة، من بينها 19 قرية و5 تلال استراتيجية في محيط منطقة عفرين.
وقصفت المدفعية التركية مواقع تابعة لوحدات حماية الشعب الكردية في مناطق عدة بريف عفرين، وشمل القصف مناطق راجو وجندريس، مترافقاً مع عشرات الغارات التي شنتها المقاتلات التركية على جبل دار ميك المطل على منطقة راجو شمال غربي عفرين، حيث كثف الطيران التركي من قصفه على الجبل الاستراتيجي بسبب ارتفاعه واشرافه على مناطق في ريف عفرين، مستهدفاً التحصينات والمواقع التي تتمركز فيها حدات الحماية الكردية، واتى ذلك عقب فرض القوات المهاجمة سيطرتها على بلدة الحانة والخليل غربي مدينة عفرين، وبلدة «صاتي شاغي» المحاذية لتلة السيرياتيل، بعد معارك طويلة مع الوحدات الكردية.
فيما تحاول القوات التركية انطلاقاً من جبل برصايا الاستراتيجي الواقع في محور مدينة أعزاز والذي يرصد مساحات واسعة من بلدات وقرى عفرين، من الانطلاق باتجاه قرى جديدة، عقب تمكن القوات المهاجمة من السيطرة عليه واستكمال عملياتها في تأمين الجبل ومطاردة قوات وحدات الحماية الكردية من المنطقة بهدف الدخول إلى عمق مدينة عفرين التي مازالت وحدات الحماية الكردية تسيطر عليه.
وردت المدفعية التركية عبر نقاط انتشارها من الحدود السورية التركية بقصف مجموعة من القرى المحيطة بمدينة عفرين، عقب استهداف الميليشيات الكردية بلدة الريحانية جنوبي تركيا بأربع قذائف، اسفرت عن مقتل شابة /17 عاماً/، وجرح آخرين.
الاستعداد لحرب المدن
وشنت وحدات الحماية الكردية من جهتها هجوماً على محور دارة عزة محاولة التقدم باتجاه خطوط النار مع فصائل الجيش الحر، ونقاط المراقبة التابعة للجيش التركي.
وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» ان صواريخ الكاتيوشا التي استهدفت حي الأشرفية داخل مدينة عفرين أسفرت عن سقوط جرحى، مشيرة إلى قيام فرق الهلال الأحمر بنقل الجرحى إلى مشفى آفرين حيث تم توثيق تسعة جرحى حسب المصدر.
ومع نجاح الجيشين التركي و»السوري الحر» في السيطرة على جبل بورصايا الإستراتيجي وعدد من التلال الهامة، ومجموعة من القرى والبلدات في عفرين، بدأت المعارك تقترب تدريجياً من المناطق السكانية المأهولة بالسكان وهو ما دفع الجيش التركي لإعداد مجموعات من القوات الخاصة لخوض هذه المعارك.
ويتوقع أن تكون أول هذه المناطق هي «بلدة راجو» التي تتمتع بكثافة بالمنازل والسكان، وحسب موقع «خبر 7» التركي فإن الجيش يُعد فرقاً من القوات الخاصة لبدء هذه المعارك منها «الوحدات الخاصة في قوات الدرك» (الجاندرما)، و»الوحدات الخاصة في قوات الشرطة»، التي قال إنها مدربة أكثر وتتمتع بقدرات أكبر على التعامل مع حرب الشوارع والمعارك داخل المناطق المسكونة.
أنفاق سرية
من جهة أخرى عثر الجيشان «التركي و»الحر» على شبكة أنفاق ومخابئ، تحت سطح الأرض بعمق أربعة أمتار، وذلك في قرية قسطل جندو المحررة، وذكرت وكالة الاناضول التركية ان «مسلحي»ب ي د/ بي كا كا» أنشأوا شبكة الأنفاق والمخابئ تحت الأرض، بهدف الاختباء من الغارات الجوية التي تنفذها المقاتلات التركية ضدّ مواقعهم، وتربط الممرات داخل الأنفاق بين العديد من مواقع الأسلحة ونقاط المراقبة».
ووفقاً للمصدر فإن أحد المخابئ كان يستخدم كغرفة قيادة من قِبل وحدات الحماية الكردية، وعثرت القوات المشاركة في غصن الزيتون داخل الأنفاق، على مذكرات مكتوبة باللغتين التركية والكردية، إضافة إلى العديد من الوثائق السياسية وصور عبد الله أوجلان زعيم منظمة «بي كا كا».
وزير الدفاع التركي، نور الدين جانيكلي اعلن أن عملية «غصن الزيتون» التي تشنها القوات التركية على منطقة عفرين، أسفرت عن مقتل 29 جندياً من القوات التركية، و649 من الميليشيات الكردية مؤكداً أن الأسلحة التي تستخدمها تركيا هي صناعة تركية.
وقال جانيكلي، في كلمة أمام البرلمان التركي «أؤكد لكم أنه لا توجد خسائر بشرية بين المدنيين خلال عملية عفرين، والعملية متواصلة بشكل جيد، وحصدنا خلالها أرواح 649 إرهابياً، وقتل 29 من قواتنا خلالها» مشيراً إلى ان عملية غصن الزيتون «تنتهي عندما يتم تطهير المنطقة تماماً من الإرهاب، فبعض مقاتلي «داعش» توجهوا إلى عفرين للاشتباك مع قواتنا».
صواريخ عشوائية
وأكد أن أنقرة على تواصل دائم مع موسكو بشأن العملية. وقال «نستمر بالاتصال الوثيق مع روسيا. إننا نشرح باستمرار أعمالنا المتصلة بعملية غصن الزيتون».
ووفقاً لمصادر إعلامية تركية فقد استهدفت الميليشيات الكردية ولايتي هاتاي وكليس جنوبي تركيا، بـ52 قذيفة صاروخية وقذيفة هاون، ما اسفر عن مقتل 5 مدنيين وإصابة 73 آخرين بينهم أطفال، منذ انطلاق عملية «غصن الزيتون».
ومع إطلاق عملية غصن الزيتون أكد كبار المسؤولين الأتراك على أن العملية تهدف بالدرجة الأولى إلى إنهاء خطر الصواريخ التي تطلقها وحدات حماية الشعب الكردية من داخل عفرين على المدن التركية الحدودية، ولكن مع دخول العملية يومها الثالث عشر تصاعدت حدة تساقط هذه القذائف.
وأمس الأربعاء، تعرضت ولاية هاتاي التركية لأربعة حوادث سقوط صواريخ على الأحياء المدنية المسكونة في المدينة، لا سيما قضاء الريحانية الذي لا يبعد سوى عدة كيلومترات عن الحدود مع مدينة عفرين، وأصابت القذاف عدة منازل مسكونة أدى أحدها إلى مقتل فتاة (17 عاماً) وإصابة آخرين.
ومنذ انطلاق العملية العسكرية التركية في عفرين، سُجل سقوط 52 قذيفة هاون وقذيفة صاروخية على ولايتي هاتاي وكليس، أدت في مجملها إلى مقتل 6 مدنيين وإصابة 75 آخرين، كان أبرزها سقوط قذيفة على مسجد في كليس أثناء أداء صلاة المغرب ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من المصلين.
ويعيش سكان هذه البلدات حالة من الخوف والرعب على مدار الساعة، لا سيما وأن الصواريخ التي تُطلق على المدينة بدائية وغير محدد الهدف، وذلك بغاية إثارة الخوف والرعب وعلى الرغم من أن الأغلبية المطلقة من سكان هذه البلدات الحدودية مع سوريا يبدون دعماً مطلقاً للحكومة التركية في عملية عفرين إلا أنهم ومع دخول العملية يومها الثالث عشر واستمرار سقوط القذائف باتوا يُظهرون حالة من التململ.
«وثيقة عميقة» غاصت في «المحاور»: إردوغان دخل «فخ الأكراد» بقرار وداوود أوغلو عائد… محور إيران «لا يُستهان به»
الأردن والسلطة لديهما «وعد روسي» ومُحرّض أوروبي… وإسرائيل إذا حاربت سيتم «تأديبها»
بسام البدارين
عمان- «القدس العربي»: تبدو ملحوظة مقرر لجنة فلسطين في مجلس الأعيان الأردني صخر دودين هادفة وعميقة، عندما يتعلق الأمر بتفاعله الشخصي، خلال مؤتمر طهران البرلماني لأجل القدس، مع الخطاب القائل: إن فلسطين من البحر إلى النهر وإن إسرائيل في الاستراتيجية الإيرانية لا مكان لها إلّا في عمق البحر المتوسط او الرحيل.
برأي دودين يستطيع المحور الإيراني برمته التحدث باسترخاء عن إلقاء إسرائيل في البحر، عن بعد 4000 كيلو متر، حيث جغرافية ممتدة فاصلة، ومناوشات عبر أحزاب وقوى عربية في لبنان او اليمن او في اي مكان آخر. دودين الذي تحدث مع «القدس العربي» حول مناقشاته مع برلمانيين إيرانيين ولبنانيين حاول تجاوز التفكير الرغائبي لمصلحة التفكير الواقعي، فعندما سأله الرئيس نبيه بري باستنكار «هل حزب الله أقوى من دولة مثل الأردن؟».
كانت عفوية دودين هي التي تجيب: مغامرة حزب الله انتهت بتدمير لبنان سيدي الرئيس وامتداد منظومة الأمن الإسرائيلي الحدودية إلى نهر الليطاني بسلسلة حروب أعادت الشعب اللبناني إلى الوراء.
في مثل هذا الحوار تحديدًا، يمكن اقتناص جوهر الحديث عن لعبة المحاور في المنطقة. وهي اللعبة التي أعاد انتاجها بشكل صارخ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عندما بدأ حملته الشهيرة باسم صفقة القرن، التي لم تظهر بعد، بحسم ملف القدس لمصلحة إسرائيل.
«القدس العربي» اطلعت على وثيقة تقويم استخباراتي حاولت تقديم قراءة لمصلحة منظمة الأمن والتعاون الأوروبية لقمتي اسطنبول وطهران. تلاحظ الوثيقة ما خفي في بعض الأسطر على أساس التحليل، فقد علقت القضية الفلسطينية اليوم ومعها مدينة القدس في عمق الاستقطاب الحاد بين المحاور، على أساس أن كبير إيران وزعيمها في لقاء طهران البرلماني خطب بالمجتمعين متحدثاً عن تحرير فلسطين من البحر إلى النهر.
أوراق إردوغان
إردوغان من جانبه وباسم الدولة التركية، وبعد قمة اسطنبول الإسلامية وعلى هامشها ذهب باتجاهين بتقدير الوثيقة الأوروبية نفسها، فقد قرر التصعيد في شمال سورية، وبدأ حربًا عسكرية تجتث الاحتمالات الكردية من أصلها، مستثمرا في شراكته مع روسيا بجدول أعمال برنامج قمة سوشي ومع إيران في القمع السريع الخاطف الشهير لاستفتاء كردستان قبل أشهر عدة.
إردوغان في المسار الثاني تنوع في خياراته الاستراتيجية العسكرية، فعدد قواته في قطر في عمق بحر العرب وصل إلى عشرات الآلاف، وجلس بعشرة آلاف عسكري في جزيرة مساكن وسط البحر الأحمر لمجاورة 3000 عسكري تركي موجودين أصلاً في الصومال، وأقام في الأثناء ثلاثة مصانع نسيج عملاقة في الجزائر، وبدأ يقايض أوروبا ويتواصل معها على أساس التعاون والمصالح مقابل دور تركيا في منع الإرهاب في العمق الأوروبي.
بهذا المعنى وفي اللعبة الإقليمية التي أعقبت وعد ترامب، التركي استراتيجياً موجود الآن في ثلاثة اتجاهات في المنطقة تحاصر إسرائيل ولديه جهاز الاستخبارات الأقوى والأكثر خبرة في شمالي سوريا وفي الداخل التركي بعد عملية التطهير التي أجراها إثر محاولة الانقلاب.
تشير الوثيقة نفسها إلى أن أوروبا الآن باتت تدرك أن اللعب مع تركيا إردوغان سلبًا يعني اللعب بالنار، فهو يسيطر على نسبة كبيرة من ملايين الأتراك في أوروبا ويستطيع إن أراد مراقبة واستخدام مجموعات الجهاد في عمق المدن الأوروبية او يستطيع بالمقابل التعاون مع هذه المدن للحيلولة دون وقوع عمليات إرهابية.
داوود أوغلو
وهي المقايضة التي تؤكد مصادر «القدس العربي» أنها تجري حالياً وقد ينتجها قريباً عودة لاعب مخضرم من وزن أحمد داوود أوغلو إلى رئاسة الحكومة التركية باعتباره وجهًا دبلوماسيًا مقبولًا لدى أوروبا وعلى أساس فكرة تنمو حالياً في عمق حزب إردوغان الحاكم. إردوغان ايضاً يستطيع من خلال وجوده العسكري في السودان والصومال تأديب الحوثيين إذا تجاوزوا حدودهم.
المحور المستجد بقيادة تركيا وإيران ومعهما عملياً تحت المظلة الروسية دول أخرى مهمة من بينها سوريا ولبنان والعراق واليمن «لم يعد من الممكن الاستهانة به» هذا ما خلص إليه دبلوماسي بريطاني استمعت إليه «القدس العربي» وهو يحاول شرح الأسباب التي تدفع أوروبا لدعم دول مثل الأردن والسلطة الفلسطينية في مواجهة قرار ترامب بشأن القدس». وهو دعم يعيده الوزير السابق والمسيس في الأردن وجيه العزايزة إلى تلك المناكفات الاعتراضية الأوروبية لمغامرات ترامب نفسه.
إسرائيل ضمن هذا الاحتكاك الإقليمي الحار تتحرش بقصف قواعد داخل سوريا، لأن مطبخها السياسي اليوم يعلم أن أزمتها الإقليمية لا تحل إلّا بحرب عسكرية، لكن من المهم الإشارة إلى أن الحرب التي تريدها إسرائيل سواء ضدَّ سوريا او لبنان او قطاع غزة، تسعى إليها بتوقيتها هي وليس بالضرورة بتوقيت يناسب الرئيس ترامب.
لا يُخفي دبلوماسيون أوروبيون قناعتهم بأن أي حرب تقررها إسرائيل وحيدة اليوم ستؤدي إلى تأديبها، وقد صدر عن أحد العريقين في الدبلوماسية الأوروبية ما يشير إلى ان إسرائيل تحتاج إلى حرب قبل 6 أشهر وإذا لم تحارب معها الولايات المتحدة ستتحول إلى «دولة تعتمد بالحماية على الآخرين». لذلك ينصح الأوروبيون تل أبيب بالعمل على تسوية سياسية منصفة وسريعة للفلسطينيين، حتى لا تخسر أوراقها الاستراتيجية قريبًا.
المحور الإيراني
فإذا حسم المحور الإيراني التركي السوري مواجهاته الحالية سواء في شمالي سوريا او في اليمن، فإن كل المعطيات ستغير في القضية الفلسطينية، الأمر الذي دفع فيما يبدو موسكو خلف الستارة إلى التهديد بالانسحاب من اي ترتيبات متفق عليها مع واشنطن إذا أصر الأمريكيون على إقامة قاعدة عسكرية متقدمة بدلاً من التنف شمالي سوريا. ولأن واشنطن تتعامل مع هذا التهديد بجدية أعادت إنتاج الدراما الكردية في الشمال السوري وبدأت تطالب بموقع عسكري متقدم لها تحت ستارة مكافحة الإرهاب شمالي سوريا.
تركيا بطبيعة الحال تعرف أن الهدف الأمريكي شمالي سوريا هو استنزافها وبرغم ذلك اختارت مطب المواجهة العسكرية بدلًا من مطب أعمق في حساباتها سيضعفها إذا صمتت.
ولدى الأتراك تجربة سابقة في إفشال إسرائيل وأمريكا معا بقضية الاستفتاء الكردستاني التي كانت قد شكلت العام الماضي نقطة وصل استراتيجية بين أنقرة وطهران، وما أبلغه إردوغان للأوروبيين هو استعداد تركيا لحرب شاملة من اجل كسر شوكة الممر الكردي.
روسيا بدورها مستعدة للعب دور السكرتاريا لمصلحة الولايات المتحدة وبدأت تتعامل مع واشنطن على أساس أنها حارس البوابة للملف السوري والطرف الذي ينبغي ان يتحدث إليه الأمريكيون اذا ما أرادوا اية مصلحة لهم في العمق السوري.
يلتقط الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالمقابل تلك الرسالة الروسية التي تقول «حسنا .. عندما نتفرغ من سورية سنلتحق بملف القضية الفلسطينية وهي رسالة تدفع عباس فيما يبدو لقواعد لعب على أساس كسب المزيد من الوقت ما تيسر ذلك … هذا تحديدا ما تضمنته وثائق التقويم الأوروبية.
الطيران التركي يقصف مواقع في محيط عفرين
جلال بكور
دخلت عملية “غصن الزيتون” التي يشنها الجيشان “السوري الحر” والتركي، يومها الثالث عشر، ضد مليشيا “وحدات حماية الشعب الكردية”، حيث تدور معارك، منذ فجر اليوم الخميس، في العديد من المحاور بناحية عفرين شمال البلاد، وسط قصف جوي تركي طاول أكثر من خمسة عشر موقعا.
وقالت مصادر من “الجيش السوري الحر”، لـ”العربي الجديد”، إن معارك عنيفة اندلعت، فجر اليوم، من جراء هجمات معاكسة من مليشيا “وحدات حماية الشعب” على مواقع “الجيش السوري الحر” والجيش التركي، التي سيطروا عليها مؤخرا في قرية شينكله بناحية راجو، في شمال غرب عفرين.
وتزامن ذلك مع معارك عنيفة على محاور قرى بيكه وعلي كاره، في ناحية بلبل شمال عفرين، وقرية خليل في ناحية شيه، سقط على إثرها قتلى وجرحى من المليشيا.
وفي الشأن ذاته، أعلن “الجيش السوري الحر” على حساب عملية “غصن الزيتون” عن سيطرته على قرية زعرة ومعسكر “الهام” في محور بلبل، موضحا أنه تمكن من قتل 14 عنصر من عناصر ميليشيا “وحدات حماية الشعب” ضمن عملية “غصن الزيتون”.
وفي غضون ذلك، قصف الطيران التركي مواقع لمليشيا “وحدات حماية الشعب” في قرى بوكي وعليكارو وأبيدان وجبل كر، في ناحية بلبل، ومركز ناحية جنديرس، وقرية خليل في ناحية شيا وقرى ميدانكي وبافليون ودكمداش وعرب ويران، في ناحية شران، وقرية برجك سليمان غرب ناحية شيراوا، وقريتي جقماق وعلمدار في راجو. كما طاول القصف الطريق الواصل بين قرية ترندا وحي الأشرفية في مدينة عفرين.
وأدت الغارات إلى وقوع انفجارات عنيفة في مواقع المليشيا الكردية، تلاها قصف بالمدفعية والصواريخ على ذات المحاور، فيما لم يتبين حجم الخسائر في صفوفها. وقصف الجيش التركي المتمركز في جبل سمعان غرب حلب، براجمات الصواريخ والمدفعية، مواقع في قرى ذوق، وباشمرا، وباصوفان، الواقعة جنوب مدينة عفرين.
وكان “الجيش السوري الحر” قد سيطر، أمس الأربعاء، بدعم من الطيران التركي، على قرية باك أوباسي ومنطقة جبال كورني “قورنة”، في ناحية بلبل، إثر معارك عنيفة مع عناصر مليشيا “وحدات حماية الشعب”.
واليوم الخميس، أعلنت رئاسة الأركان التركية، ارتفاع عدد قتلى المليشيات الكردية، خلال عملية “غصن الزيتون”، إلى 790 عنصراً.
وأكدت رئاسة الأركان، في بيان، أنّ “العملية تسير بحسب الخطة المرسومة، ووفق القوانين الدولية ذات الصلة، وفي إطار احترام وحدة الأراضي السورية”.
وشدّد البيان على أنّ “العملية تستهدف الإرهابيين فقط، والمخابئ والمواقع العسكرية، والأسلحة والمعدات التابعة لهم”، مؤكداً “إيلاء الاهتمام اللازم للحفاظ على أرواح المدنيين والممتلكات العامة”.
وأوضح البيان أنّ “المقاتلات التركية دمّرت، خلال غارتها، اليوم الخميس، 18 هدفاً عسكرياً، بينها مستودع أسلحة وتحصينات، لإرهابيي (ب ي د/بي كا كا) و(داعش)”.
وبدأت عملية “غصن الزيتون”، عصر السبت 20 يناير/كانون الثاني الماضي، وسيطرت على أكثر من خمس وعشرين قرية وجبلاً وموقعاً عسكرياً، بعد طرد مليشيا “وحدات حماية الشعب” الكردية منها.
نظام الأسد يمنح روسيا عقود الطاقة الكهربائية في سورية
جلال بكور
منح النظام السوري وزارتي الكهرباء والطاقة الروسية عقود إعادة تأهيل وتركيب محطات الكهرباء في محافظات حلب ودير الزور وحماة وريف دمشق وذلك بعد مدة من توقيع اتفاقيات منح الروس عقود الاستثمار وتهيئة حقول النفط والغاز السورية.
وتضمنت العقود الموقعة بين الطرفين أمس الأربعاء إعادة إعمار وتأهيل محطات توليد الطاقة الكهربائية، وهي المحطة الحرارية بمحافظة حلب ومحطة التوليد في منطقة التيم بريف دير الزور، ومحطة محردة في ريف حماة ومحطة تشرين في منطقة حران العواميد بريف دمشق الشمالي.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية “سانا” أن وزير الكهرباء في حكومة النظام السوري محمد زهير خربوطلي وقع مع وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك اتفاقية للتعاون في مجال الطاقة الكهربائية مع وزارتي الكهرباء والطاقة الروسية.
وقال نوفاك: “تم التوقيع على خريطة طريق لتشييد وإعادة تأهيل وتحديث مشروعات عدة لمحطات التوليد كما ننظر بالتعاون في مجال شبكات وخطوط نقل الطاقة الكهربائية ومجمل هذا القطاع بشكل عام في سورية”.
وقال الوزير السوري “توقيعنا اليوم على حزمة من المشاريع ما هو إلا دليل على إعادة دوران العجلة الاقتصادية وتفعيل القطاعات الصناعية والزراعية والصحية والخدمية والتعليمية والثقافية “.
اقــرأ أيضاً
حكومة بشار تمنح روسيا تسهيلات جمركية.. والتنفيذ خلال أيام
وأضاف أنّ “هذه المشروعات تندرج تحت تطوير المنظومة الكهربائية من خلال إعادة إعمار وتأهيل محطة حلب الحرارية وتركيب محطة توليد في دير الزور وأيضاً إعادة توسيع استطاعة محطتي محردة وتشرين”.
وكان وفد روسي وزاري قد زار دمشق في نهاية العام الماضي حيث تم توقيع العديد من العقود التي منحت روسيا الاستثمار وإعادة تأهيل منشآت النفط والغاز في سورية.
جميع حقوق النشر محفوظة 2018
هل تتقدم مليشيات النظام نحو سراقب؟/ خالد الخطيب
حققت مليشيات النظام تقدماً كبيراً شمالي وشمال غربي بلدة أبو ضهور في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، ليل الاربعاء/الخميس، وسيطرت على العديد من القرى والبلدات على جانبي الطريق الرئيسي؛ أبو ضهور-سراقب.
وسيطرت المليشيات على براغيثه وجديدة وطويل الحليب والذهبية والصالحية والسكرية و”كتيبة الدفاع الجوي” وتل خطرة وجلبان ومسعدة وبريس والحسينية وطواحينة وتل السلطان في ريف ادلب الجنوبي الشرقي، وكذلك على قرى وسيطة غربية ووسيطة شرقية وعطشانة وتويم في ريف حلب الجنوبي على جانبي سكة الحجاز شمالي أبو ضهور.
انهيار دفاعات المعارضة المسلحة و”تحرير الشام” في المناطق التي تقدمت فيها المليشيات بشكل متسارع، منذ فجر الأربعاء، جاء بسبب القصف المكثف الذي استهدف المنطقة بأكثر من 150 غارة جوية بالصواريخ الفراغية والعنقودية، وألقت مروحيات البراميل عشرات البراميل المتفجرة، بالإضافة إلى التغطية النارية المدفعية والصاروخية التي مهدت لتقدم المليشيات بشكل سريع وصولاً إلى بلدة تل السلطان الواقعة في منتصف الطريق إلى سراقب.
الطائرات الحربية ومروحيات البراميل قصفت معظم القرى والبلدات شرقي طريق حلب–دمشق الدولي في ريف حلب الجنوبي، واستهدفت الزيارة وتل علوش وحوير وزمار والشيخ أحمد بالقرب من العيس، وطلافح التي قتل فيها 7 مدنيين بالبراميل المتفجرة. الغارات الجوية بالنابالم الحارق والصواريخ والبراميل المتفجرة امتدت إلى سراقب وريفها، وريف معرة النعمان جنوب شرقي إدلب.
واستفادت مليشيات النظام من التعزيزات العسكرية التي وصلت، الثلاثاء، إلى منطقة أبو ضهور قادمة من “كتيبة المدرعات” شمال شرقي حماة، ومجموعات مسلحة تابعة لـ”درع القلمون”، ومليشيات عشائرية، ومليشيا “النمر” التابعة للعقيد سهيل الحسن. وتسلمت القوات الجديدة قيادة رأس الحربة المتقدم نحو تل السلطان، وهي آخر النقاط التي سيطرت عليها المليشيات شرقي سراقب. المليشيات حاولت التقدم أكثر في المنطقة، ليل الأربعاء/الخميس، واشتبكت مع المعارضة و”تحرير الشام” في محيط تل الطوقان وكفر عميم، ورصدت نارياً عدداً من القرى والبلدات في المنطقة، واستهدفتها بالمدفعية والصواريخ.
تقدم مليشيات النظام بهذه السرعة كان مفاجئاً بالنسبة للمعارضة و”تحرير الشام”، والتي لا تملك أي دفاعات أو تحصينات عسكرية تمكنها من التصدي للهجوم البري في تلك المناطق. كذلك ساهمت تضاريس المنطقة السهلية غربي أبو ضهور في سهولة تقدم المليشيات ورصدها مواقع المعارضة ونقاط تمركزها، وإجبار القوات المدافعة على الانسحاب أمام التمهيد الناري العنيف.
مليشيات النظام تمكنت من امتصاص هجمات معاكسة شنتها فصائل المعارضة، حاولت خلالها وقف زحف المليشيات واستعادت بعض المواقع التي خسرتها. وبرغم خسارة المليشيات لأكثر من 15 عنصراً في تفجير سيارة مفخخة قرب الحسينية إلا أنها واصلت عملياتها بذات الوتيرة. المعارضة و”تحرير الشام” خسرت خلال معارك الأربعاء أكثر من 20 عنصراً، قُتل معظمهم في الغارات الجوية والقصف المدفعي الذي طال مواقعهم خلف خطوط الاشتباك غربي أبو ضهور.
مليشيات النظام قالت عبر “الإعلام الحربي” إن عملياتها تهدف بالدرجة الأولى إلى تأمين محيط مطار أبو ضهور، من خلال توسيع طوق السيطرة المحيط به، من الشمال والغرب، وأكدت أن هجماتها هي ضربات استباقية في المنطقة، ولم تصرح بأنها تنوي التقدم نحو سراقب أو الطريق الدولي حلب–دمشق.
وبات يفصل مليشيات النظام المتمركزة في تل السلطان عن مدينة سراقب 13 كيلومتراً تقريباً، وليس أمامها سوى قريتي تل الطوقان وإسلامين للوصول إلى الطريق الدولي من هذا المحور، في حال تقدمت بموازاة الطريق الرئيسية أبو ضهور-سراقب. ولا تختلف طبيعة الأرض في المنطقة المتبقية للوصول إلى سراقب عن سابقتها غربي أبو ضهور، وفي الغالب هي أراضٍ سهلية لا يتخللها سوى بضع تلال أعلاها تل الطوقان، وفي حال سيطرت عليه المليشيات تكون قد رصدت منطقة واسعة في المحيط، ما يمكنها من توسيع محور تقدمها بشكل عرضي بكل سهولة.
التطورات الأخيرة في ريف ادلب الجنوبي الشرقي في منطقتي أبو ضهور وسراقب تسببت بموجة نزوح جديدة إلى الشريط الحدودي مع تركيا شمالي ادلب وإلى ريف حلب الغربي. أكثر من 50 ألف نازح غادروا منازلهم خلال الأيام القليلة الماضية من ريف أبو ضهور الغربي وريف سراقب الشرقي، وهناك الألاف يتابعون بقلق التطورات المتسارعة بالقرب منهم، وتزيد الشائعات من مخاوفهم عن قرب وصول المليشيات. وهؤلاء باتوا جاهزين للنزوح من قرى وبلدات ريف معرة النعمان الشرقي ومن مناطق ريف حلب الجنوبي شرقي الطريق الدولي.
تقدم المليشيات المفاجئ غربي أبو ضهور، قد يغريها فعلاً بمواصلة العمليات العسكرية وتحقيق مزيد من المكاسب. وقد تُشغل المليشيات محاور عمليات أخرى في ظل ارتباك المعارضة و”تحرير الشام”، التي تتبادل الاتهامات بمسؤولية الانهيارات الكبيرة في المنطقة. عمليات المليشيات على الأرض تبدو أسرع من أي جهد تركي، يرمي للإسراع في إنشاء قواعد عسكرية ونقاط مراقبة في المنطقة، تمنع انهيار المناطق لصالح المليشيات. حتى وإن نجحت تركيا بإقناع روسيا بالضغط على النظام وحلفائه لوقف العمليات، وتسهيل تمركز القوات التركية في العيس وجنوب شرقي إدلب، يبقى لدى مليشيات النظام أوراق كثيرة تستطيع من خلالها منع أي تجميد لخطوط القتال في المنطقة. فلدى المليشيات تنظيم “الدولة الإسلامية”، المارد المُحاصرُ في حضنها، شرقي سكة الحجاز، ينتظر الفرصة للسماح له بدخول إدلب ومواجهة المعارضة و”تحرير الشام” من جديد.
الحديث عن نية فصائل المعارضة المسلحة شن معركة ضد مليشيات النظام في ريف إدلب وجبهات ريف حماة الشمالي، لوقف زحفها، ما تزال في إطار الشائعات التي يتداولها أبناء المناطق المهددة بتقدم المليشيات. وما جرى بالفعل خلال الساعات الماضية هو حراك شعبي في منطقة سراقب بهدف حشد الدعم العسكري من مختف الفصائل للدفاع عن المنطقة وتشكيل غرفة عمليات تضم أبناء المنطقة من مختلف الفصائل. وقامت مجموعات قليلة بعمليات تحصين ورفع سواتر ترابية وتدشيم مواقع في ريف سراقب الشرقي. وإلى الآن لا تعرف الفصائل كيف ستتعامل مع المستجدات الميدانية، والرغبة المتنامية لدى المليشيات بنسف التفاهمات حول تجميد خطوط القتال. فصائل المعارضة اتهمت مجدداً “تحرير الشام” بالخيانة وانسحابها من المنطقة لصالح المليشيات.
الداعية الجهادي المعروف في ريف ادلب الشيخ عبدالرزاق المهدي، دعا إلى النفير العام للتصدي لمليشيات النظام، أما الشرعي السابق في “تحرير الشام” السعودي عبدالله المحيسني، فقد تحدث مطولاً عن التطورات الأخيرة ونوايا المليشيات، وعزا الانهيارات الميدانية التي حصلت إلى الاقتتال بين “تحرير الشام” وفصائل المعارضة، وحمّل بشكل صريح المسؤولية في ما يجري لـ”تحرير الشام”، قائلاً: “يا إخواني في هيئة تحرير الشام اتقوا الله وردوا حقوق إخوانكم الأحرار، قبل أن تذهب هذه الحقوق للنظام النصيري، فنعض جميعاً أصابع الندم ولات حين مندم، فو الله لا يسقط الجبهات ويحرم النصر شيئ كفرقة القلوب وتنازعها”، ووعد المحيسني بأنه سيحاول مرة أخرى التقريب بين “تحرير الشام” وفصائل المعارضة ودفع “الهيئة” كي ترد الحقوق، وذلك من أجل إنشاء غرفة عمليات تجمع كل الفصائل و”تحرير الشام”، لتدارك الموقف بحسب ما جاء في كلامه في “تلغرام”.
منشقون عن “تحرير الشام” وشخصيات جهادية هاجموا “تحرير الشام” وقائدها أبو محمد الجولاني، وحملوه مسؤولية الانهيارات غربي أبو ضهور. وأبرز من أشار إلى ذلك هو الداعية المنشق عن “تحرير الشام” علي العرجاني “أبو حسن الكويتي”، الذي قال في “تلغرام”: “الجولاني المجرم مستمر في تسليم المناطق للنظام الأسدي، والمرقعة المنافقون يخيطون له الطريق”. جهاديون آخرون علّقوا في نفس الاتجاه، ومن بينها الشيخ ماجد الراشد، وصالح الحموي “أس الصراع في الشام”. “تحرير الشام” ردت على الاتهامات التي طالتها، وقال أبو ماريا القحطاني، في “تلغرام”: “ألم يشفع ما قدمته الهيئة من مئات الشهداء، وما خسرته من عشرات الآليات والمعدات، ولا تزال، لكي يكون قربانا لشفاء حقد صدوركم وبدلا لحقوقكم، فإن لم يشفع كل ذلك فلتحرضكم نخوتكم، فالأرض أرضكم والأعراض أعراضكم”.
ويعتبر رد القحطاني بمثابة اعتراف رسمي بفشل “تحرير الشام” في الدفاع عن المنطقة. وهي تتحمل مسؤولية تأخير تمركز القوات التركية، كما لم تلتزم بتعهداتها بحماية القوات التركية التي تعرضت لتفجير سيارة مفخخة قبل يومين في ريف حلب الغربي. وربما ستطرأ تغييرات كبيرة على العلاقة وقنوات الاتصال بين “تحرير الشام” وتركيا خلال الأيام القليلة المقبلة.
أطماع المليشيات قد لا تتوقف عند سراقب، إذا ما بقيت الأوضاع على ما هي عليه، وقد يكون مطار تفتناز شمال غربي سراقب هو الهدف التالي، وقد يصبح الوصول إلى بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين أمراً قابلاً للتطبيق قريباً.
أردوغان وبوتين: لجنة تعديل الدستور أهم مقررات سوتشي
أكد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، على ضرورة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر “الحوار الوطني السوري”، الذي عقد، الثلاثاء، في مدينة سوتشي الروسية. وأعرب الرئيسان الروسي والتركي عن ارتياحهما لنتائج المؤتمر الذي قاطعه طيف واسع من المعارضة السورية.
وقالت وكالة “الأناضول”، إن أردوغان وبوتين اعتبرا، في إتصال هاتفي، نتيجة مؤتمر سوتشي مكسباً كبيراً رغم العقبات، كما أكدا أن الخطوات المتخذة بما يتعلق بتشكيل لجنة دستورية هي أهم نتيجة حققها المؤتمر.
وشدد الرئيسان على أن النتيجة التي تم تحقيقها في المؤتمر تشكل قيمة مضافة على مساري أستانة وجنيف، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. ودعا بوتين وأردوغان إلى ضرورة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، إضافة إلى مقررات أستانة، التي تشمل إقامة نقاط المراقبة والوضع الميداني والإنساني.
كما تطرق الجانبان إلى المسائل الأمنية التي تشهدها إدلب، المدرجة ضمن مناطق خفض التصعيد، واتفقا على تسريع تركيا لعملية تأسيس نقاط مراقبة في المحافظة الواقعة شمال غربي سوريا.
وقال بيان للكرملين، إن بوتين وأردوغان اتفقا على تنسيق الجهود في كل ما يخص الشأن السوري، بما فيها عملية “غصن الزيتون” التي تنفذها أنقرة في منطقة عفرين شمالي سوريا، وقد أخبر الرئيس التركي نظيره الروسي بمجريات هذه العملية.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حذر في وقت سابق، الأربعاء، من أن العملية التركية ضد المقاتلين الأكراد في شمال سوريا، ينبغي أن لا تصبح ذريعةً لغزو البلاد، وقال إنه يريد من أنقرة أن تنسق تحركاتها مع حلفائها.
وأضاف ماكرون، خلال مقابلة مع صحيفة “لو فيغارو”، أنه “إذا اتضح أن هذه العملية تتخذ منحى غير محاربة خطر الإرهاب المحتمل على الحدود التركية، وتتحول إلى عملية غزو فسيمثل هذا مشكلة حقيقية بالنسبة إلينا”.
ورداً على تصريحات الرئيس الفرنسي، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم “يمكنهم فهم ما نسعى لتحقيقه في عفرين بالنظر إلى ما تم إنجازه في المناطق المحررة بعملية درع الفرات”. وأضاف يلدريم خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره اللبناني سعد الحريري، في أنقرة، إنه “يجب أن يعلم العالم بأسره أن تركيا لا تتحرك إطلاقًا وفق منطق الاحتلال، ويمكننا التيقن من ذلك من خلال عملية درع الفرات”.
وجدد يلدريم التأكيد على أنّ عملية “غصن الزيتون”، لا تستهدف سوى أوكار الإرهابيين، وأنّ تركيا تحترم وحدة الأراضي السورية. وأوضح أن “الهدف من غصن الزيتون هو تطهير عفرين من التنظيمات الإرهابية، وحماية المواطنين الأتراك وممتلكاتهم من قذائف تلك التنظيمات”.
في السياق، بحث وزير الخارجية التركية مولود جاوش أوغلو عملية عفرين، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، كما تبادل وزيرا خارجية البلدين وجهات النظر بشأن الوضع في سوريا، ومؤتمر “الحوار الوطني السوري” في سوتشي، وقضايا أخرى تتعلق بالملف العراقي.
«محاصصة» روسية ـ تركية ـ إيرانية للدستور السوري
دمشق غاضبة من نتائج مؤتمر سوتشي… وأنقرة تواصل «غصن الزيتون»
لندن: إبراهيم حميدي
ينتظر المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا تسلّمه من روسيا وإيران وتركيا «الضامنين الثلاثة» لمؤتمر الحوار السوري في سوتشي، قائمة مرشحيهم للجنة الدستورية التي تضم 150 اسماً، وهو ما يشبه «محاصصة ثلاثية» للدستور السوري المستقبلي.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن مشاركة دمشق بوفد من نحو 1200 شخص ومقاطعة «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة لمؤتمر سوتشي لم تغيرا مطلقاً من نتائج المؤتمر، ذلك أن التفاوض الفعلي كان يجري في غرف وممرات جانبية بغياب السوريين، وأن الدول «الضامنة» الثلاث اتفقت مع الأمم المتحدة على صيغة البيان الختامي، وأن تقوم كل دولة بترشيح 50 عضواً إلى اللجنة الدستورية على أن يباركها زيادة أو نقصاناً دي ميستورا لتعمل وفق معايير وآليات تحددها الأمم المتحدة.
وإذ بدا أن موسكو نفذت ما وعدت الأمم المتحدة به وفرضته على دمشق وأنقرة وطهران، برز في العاصمة السورية «غضب» من نتائج المؤتمر، وكان أحد التجليات أن جميع وسائل الإعلام الرسمية وموالين لدمشق نشروا البيان الختامي من دون مقدمته وخلاصته السياسية وحرّفوا الوثيقة الرسمية المتفق عليها.
ولوحظ أن وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) و«وكالة الأنباء السورية الرسمية» (سانا) نشرتا أمس البيان الختامي لـ«سوتشي» وفق تفسيرهما، إذ إن البيان خلا من المقدمة والخلاصة التي تتحدث عن آلية تشكيل اللجنة الدستورية، إضافة إلى تغيير النقاط الـ12 المتعلقة بمبادئ الحل السياسي المعتمدة في البيان.
في المقابل، أعربت أنقرة عن الارتياح لنتائج المؤتمر عبر اتصال الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان. وتزامن ذلك مع استمرار الجيش التركي بعملية «غصن الزيتون» في عفرين مع بوادر تهدئة إزاء واشنطن لدى إعلان أنقرة عدم نيتها التوجه إلى منبج، حيث تنتشر قوات أميركية.
كما تزامن مع نشر مراقبين أتراك في إدلب وتقدم قوات الحكومة السورية من مطار أبو الضهور إلى سراقب، الأمر الذي يحدد خطوط التماس بموجب اتفاق «الضامنين الثلاثة» على «خفض التصعيد» في إدلب.
محاصصة «الضامنين» للدستور السوري… وغضب في دمشق من «سوتشي»/ إبراهيم حميدي
دي ميستورا ينتظر تقديم موسكو قائمة الـ150 مرشحاً
لم تغير مشاركة دمشق بوفد من نحو 1200 شخص ولا مقاطعة «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة لـ«الحوار الوطني السوري» في سوتشي من نتائج المؤتمر، ذلك أن التفاوض الفعلي كان يجري في غرف وممرات جانبية بغياب السوريين، إذ إن الدول «الضامنة» الثلاث، روسيا وإيران وتركيا، اتفقت مع الأمم المتحدة على صيغة البيان الختامي، وعلى أن تقوم كل دولة بترشيح 50 عضواً إلى اللجنة الدستورية على أن يباركها زيادة أو نقصاناً المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، الأمر الذي هو أشبه بـ«محاصصة ثلاثية» للدستور السوري المستقبلي.
دمشق التي لم تستطع تحمل مسؤولية إفشال «سوتشي» الذي رعاه الرئيس فلاديمير بوتين قبل انتخابات الرئاسة في 18 مارس (آذار) المقبل، «غاضبة» من نتائج المؤتمر، وكان أحد التجليات أن جميع وسائل الإعلام الرسمية وموالين لدمشق نشروا البيان الختامي من دون مقدمته وخلاصته السياسية وحرفوا الوثيقة الرسمية المتفق عليها بيان «الضامنين» الثلاثة.
بحسب المعلومات المتوفرة لـ«الشرق الأوسط»، فإن نتائج «سوتشي» أنجزت قبل بدء المؤتمر ذلك أن مفاوضات ماراثونية جرت بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش نهاية الأسبوع الماضي بعد قرار «هيئة المفاوضات» المعارضة مقاطعة المؤتمر، إذ إن الأمم المتحدة ربطت مشاركتها بسلسلة من الشروط بينها أن يقتصر المؤتمر على جلسة واحدة من دون تشكل لجان مؤسساتية وتكرار سيناريو «مسلسل اجتماعات آستانة»، وأن يقرر المبعوث الدولي مرجعية وأسماء وآليات عملية اللجنة الدستورية واختيار أعضائها من قائمة تقدمها الدول «الضامنة» الثلاث، إضافة إلى إقرار المبادئ السياسية الـ12 التي كان أعدها دي ميستورا، ورفض رئيس وفد الحكومة بشار الجعفري البحث فيها في الجولتين السابقتين من مفاوضات جنيف.
المفاجأة الإيجابية، كانت أن ما تم الاتفاق عليه بين الأمم المتحدة وموسكو تحقق. جرت محاولات لتغيير مسودة البيان المتفق عليه لكنها لم تنجح، خصوصاً عندما لوح دي ميستورا بالانسحاب صباح الافتتاح. بالتالي، لم تؤثر عملياً الاعتراضات والمطالبات من أعضاء الوفد القادمين من دمشق، ومقاطعة ممثلي الفصائل المسلحة وعودتهم من مطار سوتشي إلى أنقرة، إذ إن الوفد التركي تكلف الحديث باسم المعارضة، فيما تحدثت طهران وموسكو باسم دمشق.
لوحظ أن وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) و«وكالة الأنباء السورية الرسمية» (سانا) نشرتا أمس البيان الختامي لـ«سوتشي» وفق تفسيرهما، إذ إن البيان خلا من المقدمة والخلاصة التي تتحدث عن آلية تشكيل اللجنة الدستورية. وأفادت «سانا» بأنه «تم الاتفاق على أن تكون النسبة في لجنة مناقشة الدستور الحالي ثلثين تدعمهم الحكومة، وثلث للأطراف الأخرى، لمناقشة الدستور الحالي حيث تتكون اللجنة من 150 عضواً هم مندوبون لمؤتمر الحوار الوطني السوري – السوري، ويتم اختيار الرئيس ونائبه وأمين السر من تكوين اللجنة». وبحسب تفسير «سانا»، يتخذ أعضاء اللجنة «القرار بالأغلبية حول ضرورة المساعدة من خلال الخبراء بطريقة تقديم المشاورات إلى أعضاء اللجنة».
كما لوحظ أن «سانا» عدلت في البيان الختامي، إذ ذكرت أنه «شدد على أهمية المحافظة على الجيش والقوات المسلحة، وأن يقوم بواجبه وفقاً للدستور بما في ذلك حماية الحدود الوطنية والشعب من التهديدات الخارجية ومكافحة الإرهاب حماية للمواطنين، حيثما يتطلب ذلك. وإن تركز المؤسسات الأمنية والاستخباراتية على الحفاظ على الأمن الوطني وتعمل وفقاً للقانون»، علما أن وثيقة المؤتمر الرسمية لـ«سوتشي» نصت على «بناء جيش قوي يقوم على الكفاءة ويمارس بواجباته وفق الدستور»، وأن تعمل «أجهزة الاستخبارات والأمن القومي لحماية أمن البلاد وفق مبادئ سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان بحسب نصوص الدستور والقانون، ويجب أن يكون استخدام القوة مقتصراً على تفويض من مؤسسات الدولة ذات الصلة».
وعكس هذا الموقف «غضباً» في دمشق من نتائج المؤتمر الذي سعى مسؤولون إلى وضع «خطوط حمراء» له قبل سفر المشاركين من العاصمة السورية إلى المنتجع الروسي، مقابل صمت إيراني ونشر مجتزئ للبيان الختامي. وقال مسؤول غربي إن طهران «فاجأت الحاضرين بقبول البيان في سوتشي»، قبل أن يشير إلى نشر وسائل إعلام إيرانية تفسير دمشق للبيان.
كما أن مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية الخاصة حسين جابري أنصاري التقى شخصيات من المعارضة السورية في سوتشي وسط أنباء عن استعدادات إيرانية لعقد مؤتمر مماثل لـ«سوتشي» في طهران.
في المقابل، أعربت أنقرة عن الارتياح لنتائج المؤتمر عبر اتصال الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان. كما أن الخارجية التركية أصدرت بيانا بنتائجه و«الطريقة البناءة». وقال مسؤول تركي: «أهم نتائج المؤتمر الدعوة إلى إنشاء لجنة دستورية واختيار مجموعة تتألف من 150 مرشحاً لهذه اللجنة، إذ قدم الوفد التركي الذي منح تفويضاً بتمثيل جماعات المعارضة التي لم تحضر المؤتمر، قائمة تضم 50 مرشحاً بالتشاور مع المعارضة». ومن المقرر أن يشكل دي ميستورا اللجنة دستورية «تبحث عن التمثيل النسبي للمعارضة»، وأنقرة «سترصد عن كثب عملية إنشاء اللجنة الدستورية كضامن للمعارضة».
عليه، تترقب دول غربية شاركت كـ«مراقب» المرحلة المقبلة ومدى وفاء موسكو بنتائج المؤتمر وممارسة نفوذها على دمشق وطهران اللتين تريدان شراء الوقت إلى ما بعد انتخابات بوتين في 18 مارس، كي تقدم موسكو رسميا قائمة الـ150 مرشحاً إلى دي ميستورا كي يبدأ عمليه في اختيار 45 – 50 عضواً للجنة من قائمة «الضامنين» وخبراء وسياسيين من خارجها.
وبدأت عواصم غربية تبحث كيفية المواءمة بين «الوثيقة الخماسية» التي صاغتها واشنطن وحلفاؤها، وتضمنت تفاصيل المرجعية السياسية للعملية الدستورية، وصلاحيات الرئيس ورئيس الوزراء، وطابع النظام السياسي السوري من جهة، ووثيقة سوتشي التي رعتها موسكو و«الضامنين» التركي والإيراني من جهة ثانية، على أن تكون الورقة المبنية الجديدة من الوثيقتين مرجعية سياسية لعمل اللجنة الدستورية.
الشرق الأوسط