أحداث السبت، 16 أذار 2013
«خلاف عميق» بين باريس وموسكو وراء قرار تسليح المعارضة
باريس – رندة تقي الدين ؛ واشنطن – جويس كرم
لندن، بيروت، عمان، بروكسيل، نيويورك – «الحياة»، أ ف ب، رويترز، أ ب – كانت مسألة تسليح المعارضة السورية البند الاساسي في مناقشات قادة الاتحاد الاوروبي خلال القمة التي عقدوها امس في بروكسيل. وذكرت مصادر فرنسية مطلعة لـ «الحياة» ان قرار الرئيس فرنسوا هولاند تسليح المعارضة، ولو بشكل منفرد، سببه «الخلاف العميق» مع الرئيس فلاديمير بوتين على تسوية الازمة السورية خلال لقائهما الاخير في موسكو.
وفي تأكيد حكومي سوري للفتوى التي اصدرها مجلس الافتاء في سورية الاسبوع الماضي، ودعا فيها الى «النفير العام»، حض امس وزير الاوقاف محمد عبد الستار السيد مديري الاوقاف وخطباء المساجد في البلاد الى «اعلان النفير العام» وتطبيق «الفتوى الشرعية» ودعوة الناس الى «الالتحاق الكثيف» في صفوف الجيش.
وقال الرئيس الفرنسي في ختام القمة الاوروبية إنه تلقى تأكيدات من المعارضة السورية بأن أي أسلحة سترسل الى مقاتليها لمساعدتها في سعيها لإسقاط الرئيس بشار الأسد ستصل الى الأيدي الصحيحة. وشدد على «أن اطار الحل يتمثل في اتفاق يقود الى التخلص من بشار الأسد وماهر الأسد وحافظ ورامي مخلوف وجميل الحسن… والزمرة المحيطة بالأسد».
وقالت لـ «الحياة» مصادر فرنسية مطلعة على موقفي هولاند ووزير خارجيته لوران فابيوس «ان قرار تسليح الثوار تم اتخاذه بعدما قررت الجامعة العربية منح الائتلاف السوري المعارض مقعد سورية وبعد لقاء هولاند بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو الذي اتسم بخلاف عميق حول سورية»، كما جاء بعد لقاء الرئيس الفرنسي مع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل.
واشارت الى ان فرنسا تريد حلاً سياسياً وان قرار تسليح المعارضة يهدف للضغط على الاسد كي يرحل ويفاوض على رحيله.
من جهة اخرى قال مسؤول اميركي رفيع المستوى لـ «الحياة» أن واشنطن بدأت «التعامل مباشرة مع قيادة الجيش الحر» وسترسل لها مساعدات «غير قاتلة». وأكد أن واشنطن لا تزال تدعم الحل السياسي، وترى «أن الحل العسكري ممكن انما سيعني المزيد من آلاف الضحايا». ورأى أن الحل السياسي يتمثل في «رحيل بشار الأسد والرموز حوله»، لكن «بشار لا يريد ذلك». وأمل «من الذين أيدوا بشار أن يختاروا طريق التفاوض لأن الوضع سيكون أسوأ بالنسبة اليهم كلما طالت الأمور ولا يمكن تصور سيناريو بحيث يبقى بشار ويتوقف القتال».
وعن دور روسيا في الحل قال المسؤول الاميركي: «لن نصل الى الحل بسبب روسيا بل لأن النظام بات يفهم أنه سيتعرض للتدمير بالكامل اذا واصل القتال، وبأن عائلاته وبيوته ومجتمعه ستدمر… والمخرج هو في التفاوض في شأن حل سياسي يمكن أن يتعايش معه الجميع».
ميدانيا، أعلنت مجموعة من الكتائب المعارضة المسلحة السيطرة على مستودعات للذخيرة في خان طومان في ريف حلب في شمال سورية بعد حصار زهاء ثلاثة اشهر. ووزع «لواء حطين» شريط فيديو تضمن عرضا للذخيرة التي تمت السيطرة عليها، شملت صواريخ وقذائف وصناديق ذخيرة. وقال احد المعلقين، خلال تصوير الفيديو، ان بين الاسلحة «ذخائر وصواريخ مصدرها ايران»، وقال آخر «من شارك في المعركة، يأخذ سلاحاً». وأضاف: «الله اكبر والعزة لله. بات لدينا كميات كافية، ولا داعي للسلاح» من خارج سورية. وكان لافتا ان «لواء الحق» عرض فيديو يتضمن دخول عناصر على ظهر مدرعتين الى الموقع.
في المقابل، قال مصدر امني سوري لوكالة «فرانس برس» امس ان السلطات السورية تشتبه في أن الاردن بدأ منذ فترة السماح بتسلل جهاديين وتهريب اسلحة الى جنوب سورية. وأضاف المصدر ان السلطات «تستنكر التغيير الحاصل في موقف الاردن الذي فتح منذ نحو عشرة ايام حدوده وسمح بمرور جهاديين واسلحة كرواتية».
وتزامن يوم الجمعة امس مع الذكرى الثانية للثورة السورية. واظهرت التظاهرات المناهضة للنظام استمرار الاصرار لدى السوريين على التغيير. وتحت شعار «عامان من الكفاح، ونصر ثورتنا قد لاح»، خرج سوريون بالالاف في مناطق سورية عدة.
وقال رئيس اركان «الجيش الحر» اللواء سليم ادريس في كلمة في المناسبة الذكرى الثانية انه «متأكد من سقوط النظام» في سورية. وطالب «العالم الحر بدعمنا بالسلاح والذخائر»، متعهدا بـ»متابعة القتال لتحقيق النصر واقامة بلد حر وديموقراطي لكل السوريين». وحذر رئيس «المجلس الوطني» جورج صبرا من إدخال الثورة في «بازارت سياسية». وقال ان «النظام يتراجع ويتقهقر» وان لا شرعية لأي حل سياسي «ما لم يكن ملتزماً خط الثورة وفي خدمة أهدافها»، مؤكدا ان قوى الثورة على الأرض هي «صاحبة القول الفصل في مسار الثورة ومصير النظام ومواجهة الاستحقاقات المقبلة».
وفي نيويورك علمت «الحياة» ان عدداً من الدول المساهمة في قوة «أندوف» المكلفة تنفيذ اتفاق فك الاشتباك بين سورية وإسرائيل في الجولان تتجه نحو سحب جنودها، فيما تجري الأمم المتحدة اتصالات مع دول أخرى للمساهمة في البعثة التي ستعيد انتشارها في مرتفعات الجولان وستتبنى تغييرات جذرية في قواعد تحركها. ويعد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون جملة توصيات سيرفعها الى مجلس الأمن في تقرير مرتقب الثلثاء المقبل على أن يناقشه المجلس في جلسة خاصة في ٢٦ الشهر الحالي.
وقال ديبلوماسي في مجلس الأمن شارك في جلسات النقاش المعنية بمستقبل «أندوف» إن كرواتيا «أعلنت أنها ستسحب جنودها من البعثة، وثمة احتمال قائم بأن تقرر النمسا انسحاباً مماثلاً، ما يجعل البعثة مقتصرة على الوحدات الهندية والفيليبينية فقط». ويتألف عديد «أندوف» الآن من ١٠١١ جندياً إضافة الى ١٤٣ موظفاً مدنياً بينهم ٤٠ من جنسيات أجنبية. وأوضحت مصادر في الأمم المتحدة أن رئيس قسم عمليات حفظ السلام إيرفيه لادسوس بحث مع الدول الأربع المساهمة في البعثة ومع أعضاء مجلس الأمن إجراءات «إعادة انتشار للجنود الدوليين نحو مناطق أكثر أمناً في نطاق انتشارهم مما يعني أنهم سيركزون نقاطهم الثابتة في القسم الشمالي من منطقة فك الاشتباك بالتزامن مع انسحاب من معظم نقاط القطاع الجنوبي ووقف الدوريات الليلية بالكامل وتقليل التحركات الميدانية بشكل عام».
واشنطن: حرب الاستنزاف في مصلحة المعارضة السورية
واشنطن – جويس كرم
في الذكرى الثانية لانطلاق الثورة السورية تبدو الادارة الأميركية أكثر ثقة بقوة المعارضة وأكثر اندفاعاً لتقديم الدعم لها. وأكد مسؤول أميركي رفيع المستوى لـ»الحياة» أن «نظام الأسد انتهى» ودخل «حرب استنزاف التوازن فيها لمصلحة المعارضة»، لافتاً الى أن الرئيس السوري بشار الأسد يتخذ شخصياً قرارات الحملة الأمنية وأن واشنطن بدأت «التعامل مباشرة مع قيادة الجيش الحر» وسترسل لها مساعدات «غير قاتلة».
وقال المسؤول لـ «الحياة» أن الذكرى الثانية للثورة هي «ادانة فظيعة لنظام حرصه الأول هو الامساك في السلطة بدل إيجاد مخرج». وشدد على أن النظام «لم يعاقب حتى اليوم عاطف نجيب» الذي شغل منصب رئيس القوى الأمنية في درعا في آذار (مارس) ٢٠١١.
وأكد المسؤول أن واشنطن لا تزال تدعم الحل السياسي، وترى «أن الحل العسكري ممكن انما سيعني المزيد من آلاف الضحايا». ورأى أن الحل السياسي يتمثل في «رحيل بشار الأسد والرموز حوله» وقال «بشار لا يريد ذلك».
واعتبر المسؤول أن «التوازن على الأرض هو لصالح المعارضة»، ولفت الى تحولات ميدانية سريعة مثل سقوط الرقة في يد الثوار. ورأى أن ذلك «يعكس السرعة التي يمكن أن تمضي فيها الأمور» وامكان سقوط مراكز محافظات أخرى في دير الزور وادلب والحسكة.
وقال: «ان الادارة الأميركية تتابع عن كثب وقائع المعارك الميدانية واقترابها من وسط دمشق واستئنافها في درعا وحمص واستمرارها في حلب».
وأبدى المسؤول ثقة بأن النظام سيخسر والمسألة ترتبط بعامل الوقت وعدد القتلى وحجم المأساة عندها. ومن هنا تُعطي واشنطن الأفضلية للحل السياسي على رغم أنه «غير مقبول من النظام اليوم الذي صعد العنف، من التهديد والاعتقالات، الى القذائف والمدفعيات، ثم الى الطائرات وصواريخ سكود».
وأشار المسؤول الى «ان الكثيرين ممن أيدوا بشار يريدون أن تنتهي الأمور ويعتبر الكثير من السوريين أن النظام انتهى». كما أبدى اعتقاده أن «النظام انتهى… انما لا أعلم كم ستستمر الأمور بعدما دخل النظام حرب استنزاف وأن مؤيدي النظام لا يمكنهم الفوز ضد ١٥ مليون سوري، وانه لا يمكن للإيرانيين ولا حزب الله ولا الميليشيات العراقية ان تساعد النظام أو يمكنها تغيير النتيجة وأن النهاية حتمية».
وأمل «من الذين أيدوا بشار بأن يختاروا طريق التفاوض لأن الأمور ستكون أسوأ بالنسبة اليهم كلما طالت الأمور ولا يمكن تصور سيناريو بحيث يبقى بشار ويتوقف القتال».
وقال المسؤول: «ان الثورة أقوى من أي وقت كانت عليه وأن الناس تريد العيش في سورية من دون هاجس ان الاستخبارات ستأتي وتعتقلهم ليلاً».
وعن تعقيدات الوضع اليوم وبروز ميليشيات بينها «جبهة النصرة» التي أدرجتها واشنطن على لائحة الارهاب في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، رأى المسؤول أن النصرة «هي نتاج عنف النظام» و»لم نسمع بالنصرة في بداية الثورة” انما «بعدما تم ارسال الدبابات وقصف الأحياء السكنية والمدن».
وأضاف: «أنا متفائل أكثر في امكان احتواء التطرف اذا وصلنا سريعاً الى حل سياسي».
وكانت بعض المناطق السورية مثل أطمة والميادين وداريا وريف دمشق شهدت تظاهرات ضد «النصرة» في الأسابيع الأخيرة.
وشدد المسؤول أن «السوريين الذين رفضوا تطرف النظام، سيرفضون تطرف النصرة «.
وعن الحل السياسي والدور الروسي في ذلك، قال المسؤول الأميركي أن هكذا دور «يساعد من دون شك انما ليس الزامياً» للوصول الى حل. واضاف: «لن نصل الى الحل بسبب روسيا بل لأن النظام بات يفهم بأنه سيتعرض للتدمير بالكامل اذا واصل القتال، وبأن عائلاته وبيوته ومجتمعه ستُدمر… والمخرج هو في التفاوض في شأن حل سياسي يمكن أن يتعايش معه الجميع».
وشدد على «أن اطار هذا الحل يتمثل في اتفاق يقود الى التخلص من بشار الأسد وماهر الأسد وحافظ ورامي مخلوف وجميل الحسن… والزمرة المحيطة بالأسد».
ورداً على سؤال اذا ما كانت هناك شخصيات في النظام مستعدة للتفاوض في هذا الاتجاه، قال المسؤول: «هناك بعض شخصيات في النظام قالوا أن لا حل عسكرياً و (نائب الرئيس فاروق) الشرع ليس وحده في ذلك».
واكد المسؤول أن «بشار الأسد لم يصل الى هذه القناعة ولا يزال يعتقد أن الحل العسكري ممكن» ولهذا «من المهم تغيير حسابات بشار تحديداً».
وعن تغيير الحسابات اشار المسؤول الى أن «التوازن على الأرض ليس لصالح النظام انما يسير بشكل تدرجي، ويجب أن نسرعه لاقناع مجموعة الأسد بأن الأمور وصلت الى نهايتها».
وعن قرارات دول أوروبية مثل فرنسا وبريطانيا، بالدعوة لرفع حظر ارسال أسلحة الى سورية، قال انه «قرار أوروبي ولدول ذات سيادة».
وفي تحول في الموقف الأميركي أشار المسؤول الى أن واشنطن ستمنح مساعدات غير قاتلة «مباشرة الى الجيش السوري الحر وقيادته العسكرية».
وتتألف المساعدات من أغذية ومواد طبية، وتكمن أهميتها باعطائها مباشرة الى الجيش الحر الذي تتعامل واشنطن مباشرة مع قيادته. وقال المسؤول: «اتخذنا قرارا بالعمل مباشرة مع الجنرال سليم ادريس وسنتعامل مع الجيش الحر كما باقي الدول».
وكانت واشنطن فتحت قناة مساعدات مباشرة أيضاً للائتلاف الوطني بقيادة معاذ الخطيب ولتوزيع المساعدات عبر المجالس المحلية. وقال المسؤول: «نريدهم أن يكونوا مستعدين لادارة الأمور اذا لم يتم التوصل الى حل سياسي».
وعن استمرار واشنطن رفض تسليح المعارضة، اعتبر المسؤول أن ادارة باراك أوباما «لم تلغي نهائياً فكرة التسليح لكنها لا ترسل أسلحة الآن». وشدد على أن الرئيس(أوباما) «أبقى كل الخيارات مفتوحة».
وقال: «نفهم أن الكثير من السوريين محبطون من أن أميركا لم تسلح المعارضة أو تتحرك عسكرياً». وشدد على أن الولايات المتحدة ومنذ البداية اهتمت «بالعمل للوصول الى حل سياسي ولحفظ النسيج الاجتماعي السوري وليس النظام الذي يدمر هذا النسيج».
وعن الموقف العراقي مما يجري في سورية، لفت المسؤول الى أنه خلال زيارة مستشار الأمن القومي العراقي فالح الفياض الى واشنطن منذ حوالى أسبوعين «قلنا له أنه في ما يتعلق بسورية نريد أن نرى علاقة جيدة بين الحكومة السورية المقبلة والحكومة العراقية ولتشمل الطاقة والتبادل التجاري».
وتضمنت الرسالة الأميركية للوفد العراقي، ما مفاده أن «السياسة العراقية التي تنسق مع ايران لارسال مساعدات أمنية الى سورية عبر العراق لن تغير التوازن ضد المعارضة وهي فقط تطيل المعركة وتغضب المعارضة، وأن اطالة المعركة تساعد «النصرة» واذا كانت السياسة العراقية هي لكبح التطرف فهي تسير في الاتجاه الخاطئ».
ونوّه المسؤول بكلام المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني واشارته الى «أن ما يفعله حزب الله في سورية يضر بالشيعة». وقال المسؤول: «الايرانيون مستعدون للقتال حتى آخر سوري وعراقي انما هل هذا في مصلحة العراق؟».
صحيفة أميركية: السي آي ايه قد تستهدف مقاتلين سوريين بطائرات من دون طيار
لوس انجليس – ا ف ب
ذكرت صحيفة “لوس انجليس تايمز” الجمعة ان “وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) تجمع معلومات حول الاسلاميين المتطرفين في سورية، لامكانية توجيه ضربات اليهم بطائرات بدون طيار في مرحلة لاحقة”.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين اميركيين حاليين وسابقين ان “الرئيس الاميركي باراك اوباما لم يسمح بتوجيه اي ضربات في سورية، والامر ليس مطروحاً”.
لكن “السي آي ايه”، التي تدير برامج الطائرات بدون طيار التي تستهدف الناشطين في باكستان واليمن، قامت بـ”تغييرات في صفوف الضباط المسؤولين عن توجيه الضربات، لتحسين جمع المعلومات حول الناشطين في سورية”.
وشكل هؤلاء الضباط وحدات مع زملاء لهم كانوا يطاردون ناشطو القاعدة في العراق.
وقالت الصحيفة ان “الناشطين القدامى في العراق انتقلوا على الارجح الى سورية، والتحقوا بالميليشيات التي تقاتل الحكومة في هذا البلد.
ويتمركز الضباط المكلفين التركيز على سورية في مقر وكالة الاستخبارات المركزية في لانغلي في ولاية فرجينيا، كما قالت الصحيفة.
واوضحت الصحيفة ان “هذه الاستعدادات تأتي مع تزايد انتصارات المقاتلين الاسلاميين المتطرفين في سورية”.
واكدت ان “وزارة الخارجية الاميركية تعتقد ان واحدة من اقوى ميليشيات المعارضة السورية وهي جبهة النصرة، هي منظمة ارهابية لا يمكن تمييزها عن تنظيم القاعدة في العراق”.
دمشق توظّف تهديدها لأبعاد تتجاوز لبنان
برّي وميقاتي إلى الفاتيكان لحضور التنصيب
طغى تهديد النظام السوري للبنان بقصف مناطقه الحدودية مع سوريا بذريعة تسلل “مجموعات ارهابية” اليها على المشهد السياسي والامني امس، خصوصا انه اقترن بتعرض المناطق الحدودية في عكار لاعتداءات من الجانب السوري.
وفيما لم يتخذ المسؤولون بعد أي اجراء او موقف عملي ردا على المذكرة التي أرسلتها وزارة الخارجية السورية الى الخارجية اللبنانية في هذا الصدد، توافرت معطيات لـ”النهار” من أوساط معنية تشير الى ان دمشق اعتمدت التضخيم الاعلامي والديبلوماسي في اثارة هذا التهديد لأسباب لا تتعلق حصرا بالوضع على الحدود اللبنانية – السورية بل لأهداف اقليمية ودولية أبعد منه. وقالت هذه الاوساط إن ما يثبت ذلك هو أن الرسالة السورية تلقتها وزارة الخارجية اللبنانية الثلثاء الماضي وليس في الساعات الاخيرة كما أفادت الوكالة العربية السورية للأنباء “سانا” الرسمية مساء الخميس. كما ان مضمون الرسالة لا يعكس النبرة الحادة التي برزت في الاعلام السوري الرسمي وإن تكن الرسالة تلمح الى انذار بأن القوات السورية قد تقصف المتسللين الى الاراضي السورية.
أما العامل الاهم من ذلك، استنادا الى الاوساط نفسها، فيتمثل في ان الجهات العسكرية والامنية اللبنانية لم ترصد في الساعات الثماني والاربعين الاخيرة أو حتى قبلها أي أمر غير اعتيادي على الحدود او تحركات بالحجم الذي تحدث عنه الاعلام السوري الرسمي. وقالت ان ثمة معالجة جارية على المستوى الديبلوماسي للأزمة الحدودية الناشئة ضمن تأكيد سياسة “النأي بالنفس” الحكومية مع التشديد على صلاحيات الجيش في اتخاذ التدابير المناسبة على الحدود.
وشدد رئيس الجمهورية ميشال سليمان من أبيدجان التي شكلت المحطة الثانية في جولته الافريقية، على تمسك لبنان باعتماد سياسة النأي بالنفس عن الاحداث السورية، وقال: “لبنان بحسب اعلان بعبدا لن يسمح بأن يكون ممرا للسلاح والمسلحين عبر حدوده ولا اقامة قواعد عسكرية او بؤر أمنية للمسلحين على أرضه من كل الاتجاهات”. وأوضح ان “الجيش اللبناني يقع على عاتقه منع كل هذه المظاهر ونحن معنيون ومسؤولون عن منع تسلل السلاح والمسلحين عبر الحدود بين البلدين”.
أما على الصعيد الميداني، فسجل مساء أمس اطلاق نار كثيف عند مجرى النهر الكبير تبعه اطلاق قذائف صاروخية ورشقات من اسلحة ثقيلة مصدرها الجانب السوري، مما أدى الى اصابة عدد من المنازل اللبنانية ومنها مدرسة يشغلها النازحون السوريون. وأفيد عن اصابة مواطن وطفل بجروح. كما سجل نزوح عدد من سكان القرى الحدودية وسط مخاوف من تطور الاوضاع الامنية.
غياب الرؤساء
وسط هذه التطورات سيشكل غياب الرؤساء الثلاثة عن البلاد مؤشرا واضحا لاستبعاد أي تطور ايجابي في شأن كسر أزمة قانون الانتخاب.
ذلك أنه فيما يستكمل الرئيس سليمان جولته الافريقية حتى 21 آذار الجاري، علمت “النهار” مساء أمس أن رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي سيتوجهان مساء اليوم الى الفاتيكان لحضور تنصيب البابا فرنسيس الذي سيقام الثلثاء المقبل وتهنئة البابا بانتخابه. وسيرافقهما الوزير ناظم الخوري.
اجتماع الحازمية
ولم يكسر الجمود السياسي أمس سوى اجتماع عقده النواب والشخصيات المسيحية المستقلة في قوى 14 آذار و”كتلة المستقبل” في مكتب النائب بطرس حرب في الحازمية عرضت خلاله الملفات المطروحة وفي مقدمها ملف قانون الانتخاب والوضع على الحدود اللبنانية – السورية.
واعلن الرئيس فؤاد السنيورة اتفاق المجتمعين على “مواصلة العمل مع جميع الافرقاء للتوصل الى صيغة عادلة وقابلة للتطبيق يمكن ان تجرى على أساسها الانتخابات”. كما اكد النائب حرب “اننا وتيار المستقبل والكتائب والقوات اللبنانية ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط عدلنا موقفنا في اتجاه تسهيل الاتفاق على قانون الانتخاب لجهة القبول بنظام مختلط”، لكنه أسف لصدور مواقف من الطرف الآخر تؤكد اقتناعنا بان هناك طرفاً لا يريد الانتخابات”.
وأبلغت اوساط النواب المستقلين “النهار” انه جرى عرض لـ”القواعد والمسلمات التي تحقق التقارب بين افرقاء 14 آذار، لكن المشكلة تكمن في موقف افرقاء 8 آذار وتحديداً النائب ميشال عون و”حزب الله” اللذين يرفضان حتى مشروع الرئيس بري القائم على 50 في المئة لكل من الاكثري والنسبي، مما دفع الاخير الى اعلان تخليه عنه”. واعتبرت ان تهديدات النظام السوري التي كانت على طاولة البحث تهدف الى “قطع الطريق على اجراء الانتخابات وهي في الوقت نفسه رد على البيان التحذيري الصادر عن دول مجلس التعاون الخليجي والذي ابلغ الى لبنان”.
وقالت أوساط الرئيس السنيورة بدورها لـ”النهار” ان اللقاء هو استكمال للقاءات شملت قيادات في 14 آذار اضافة الى النائب جنبلاط. وقد جاء توقيت اللقاء عشية مهرجان 14 آذار في “البيال” الاحد من أجل “عرض المرحلة السابقة والتطلع الى الامام”. واضافت: “ان 14 آذار قطعت مرحلة وهي تستعد لمرحلة حساسة جداً ابتداء من منتصف الشهر الجاري وانتهاء بنيسان المقبل من أجل ايجاد مخرج يتيح اجراء الانتخابات التي يبدو ان الطرف الآخر المتمثل بالعماد عون “وحزب الله” لا يريد اجراءها”. ولفتت الى ان تهديدات النظام السوري للبنان تسعى الى “تحويل الانظار عن القمة العربية في الدوحة وتعديل جدول اعمالها المؤازر للثورة السورية، وقت ينكشف تورط حزب الله في الصراع السوري بالتزامن مع رفض اقتراح قانون تمديد عمل القيادات الامنية مما يولد مخاطر في حال عدم تدارك الفراغ في هذه المؤسسات”.
الى ذلك، قالت مصادر كتلة “المستقبل” أمس لـ”النهار” ان الكتلة شارفت اعداد كتاب يرد على كتاب “تكتل التغيير والاصلاح” الذي يحمل عنوان “الابراء المستحيل” وأوضحت ان الكتاب “يفند كل الشائعات والاكاذيب والتلفيقات والاتهامات التي تضمنها الكتاب الاول والذي قصد تشويه مشروع الرئيس رفيق الحريري وايضا تشويه برنامج وانجازات كتلة المستقبل”.
انجاز تمويل السلسلة
وعلى صعيد ملف سلسلة الرتب والرواتب، سجل تطور بارز أمس اذ انهت اللجنة الوزارية في اجتماعها برئاسة الرئيس ميقاتي درس المشروع الكامل للسلسلة وناقشت مصادر التمويل المتوافرة التي ستؤمن تغطية كاملة بعد حسم جزء صغير بنسبة 5 في المئة من قيمتها وتقسيط الدرجات الاستثنائية الممنوحة للاساتذة في التعليم الرسمي.
وعلمت “النهار” ان اللجنة بحثت تفصيلاً في كل الاصلاحات المقترحة والتي ستعرض على الحكومة في سلة متكاملة في جلسة 21 آذار الجاري في القصر الجمهوري في بعبدا، علما ان مصادر وزارية اكدت لـ”النهار” ان مجلس الوزراء لن يحيل السلسلة الا بعد رفع اضراب هيئة التنسيق النقابية. وفي ابرز الاصلاحات، خفض العطلة القضائية من شهرين الى شهر أو شهر ونصف شهر، وزيادة ساعات العمل في القطاع العام والتعطيل ايام السبت، واصلاحات جذرية في قطاع التعليم تتعلق بالساعات، اضافة الى وقف التوظيف في الادارات العامة وعدم قبول التوظيف الا بعد الموافقة على هيكلية الادارة طالبة التوظيف.
واشنطن تسمح بأموال لمقاتلي المعارضة السورية
وأوروبا تبحث في تسليحهم الاسبوع المقبل
واشنطن – هشام ملحم
العواصم – الوكالات:
أحيت المعارضة السورية الذكرى الثانية للانتفاضة على نظام الرئيس بشار الاسد بتظاهرات اكثر نشاطا وكثافة واملا “في النصر” ايا تكن الصعوبات، استنادا الى اشرطة فيديو بثها ناشطون في موقع يوتيوب على الانترنت. واعتبر “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” أن السوريين حققوا طوال سنتين من ثورتهم إنجازات مهمة. وتعهد قائد “المجلس العسكري الاعلى” لـ”الجيش السوري الحر” العميد سليم ادريس المضي في القتال الى حين اسقاط النظام. وانقسم الزعماء الاوروبيون في قمتهم ببروكسيل حيال رفع الحظر على ارسال السلاح الى سوريا كما تطالب فرنسا وبريطانيا، وارجأ الاتحاد الى الاسبوع المقبل قراراً في هذا الشأن. (راجع العرب والعالم)
وقال “الإئتلاف الوطني” في بيان أصدره من القاهرة، إنه “لم يكن هنالك شكٌ بعد انطلاق شرارة الربيع العربي في أن يثور السوريون على نظام الاستبداد الذي حكمهم بالحديد والنار طوال عقود، وأن ثورتهم ستكون واسطة العقد في ذلك الربيع كله”. وأوضح أن “السوريين كانوا يعلمون أن الطريق لن يكون سهلاً، وأن حافزهم الأكبر الذي يجدِّد العزم ويشد الهمم كان هو الإيمان الكامل بأنهم سيحققون ما خرجوا من أجله كاملاً غير منقوص”. وأضاف: “لقد مر السوريون خلال عامين كاملين بتحديات هائلة، لكنهم حققوا إنجازات هامة على الصعيد السياسي والمدني والعسكري والإغاثي، ولا تزال أمامهم مهمات كبرى لن تزداد معها العزائم إلا إصراراً على إسقاط النظام وإقامة سوريا الجديدة”.
وقال ادريس في رسالة وجهها عبر شريط مسجل: “اعلم ان معركتنا ليست سهلة. علينا ان نقاتل الطائرات والدبابات والصواريخ الضخمة … لكن ارادتنا ستبقى قوية جداً. لن نتوقف حتى يذهب هذا النظام المجرم”.
وفي المناسبة عززت القوات النظامية الاجراءات الامنية بعدما دعت جماعات المعارضة الى شن هجمات على القوات الحكومية ومؤسسات الدولة.
وفي واشنطن، اصدرت وزارة الخزانة الاميركية ترخيصاً يسمح بتوفير مساعدات اضافية للائتلاف السوري. ويسمح الترخيص للافراد والشركات والمؤسسات المالية بتوفير الدعم المالي للائتلاف لتمويل مختلف انواع النشاطات بما فيها جهود اعادة الاعمار والتنظيم السياسي. وكان القرار الذي اتخذته واشنطن في آب 2011 بتجميد عائدات سوريا يمنع أي تحويلات مالية كهذه. ويعني القرار انه سيكون في امكان افراد الجالية السورية – الاميركية ومن يدعمها من افراد ومؤسسات تقديم المعونات المالية لـ”الائتلاف الوطني” مباشرة.
واشنطن
وصرح ناطق باسم وزارة الخزانة: “ان الولايات المتحدة ملتزمة دعم تطلعات الشعب السوري للسير في عملية انتقالية سورية وبقيادة سورية الى مستقبل ديموقراطي ومسالم يشمل الجميع”. واشار الى ان “الحكومة السورية قد ضحت بشرعيتها بسبب محاولاتها العنيفة للتمسك بالسلطة، وسوف تواصل وزارة الخزانة ضغوطها الاقتصادية على النظام السوري من خلال سلة واسعة من العقوبات الموجهة ضد الشريان المالي لنظام الاسد، اضافة الى اعضاء الحكومة السورية والذين يدعمونهم داخل سوريا وفي العالم”.
ومن المتوقع خلال الزيارة التي سيقوم بها رئيس الائتلاف احمد معاذ الخطيب لواشنطن، خلال الاسبوع الاخير من نيسان المقبل، وفقا لمصادرالمعارضة، ان تفتتح مكاتب الائتلاف في واشنطن وفي نيويورك. وبدأ مكتب واشنطن اعماله بصفة غير رسمية، وسيبدأ مكتب نيويورك اعماله في غضون اسبوعين. ويسمح قرار وزارة الخزانة بتمويل نفقات المكتب عبر تحويلات مالية من الائتلاف اومن مصادراخرى.
ويعقد “الائتلاف الوطني” اجتماعا في اسطنبول الاثنين والثلثاء المقبلين لاختيار اسم رئيس الحكومة التي يعتزم الائتلاف تشكيلها والتي ستضم تسعة الى 10 وزراء. ومع ان الولايات المتحدة تقول انها ستؤيد الحكومة السورية المعارضة، الا انها تنصح المعارضة بالتأني وعدم الاسراع في تشكيلها قبل ان تنضج الظروف السياسية.
لكن المعارضة، التي تتعرض لضغوط من الداخل وخصوصاً من المناطق التي تخضع لسيطرة الفصائل المسلحة، تدرك ان عليها الاسراع في تأليف الحكومة لادارة هذه المناطق المحررة بالتعاون مع المجالس المحلية. ويعود التردد الاميركي في دعم حكومة سورية معارضة تنشط في المناطق الشمالية المحررة الى رغبتها في تفادي اتخاذ قرارات سياسية وقانونية قد ترغمها على التدخل اكثر فأكثر في الحرب السورية. وعلى سبيل المثال اذا اعترفت واشنطن بالحكومة السورية الموقتة والعاملة فوق الاراضي السورية، عندها يمكن ان يطرح موضوع حماية هذه الحكومة المعترف بها من أي هجمات يشنها نظام الاسد على مؤسساتها ونشاطاتها.
درعا: ظمأ الأرض والفلاح
سلام السعدي
تتربّع مدينة درعا على عرش إنتاج الخضار والمحاصيل الصيفية في سوريا، بمردود إقتصادي يقارب 2,7 مليار ليرة سورية، لتشكّل بذلك خزاناً غذائياً يزود مختلف مدن سوريا بحاجاتها، ما يسهم، بالنتيجة، في تشغيل اليد العاملة الزراعية وتحسين مستويات المعيشة. هكذا نشأت حاجة متزايدة لحفر الآبار الارتوازية من قبل المزارعين، قابلها محافظ درعا السابق فيصل كلثوم بقرار يمنع حفر الآبار إلا برخصة نظامية، لا يمكن أحداً أن يحظى بها إلا بسبل غير نظامية.
من المعلوم أنه ينبغي الحصول على ترخيص لحفر بئر نظامية. وما دامت الطرق “النظامية” للحصول على الترخيص مسدودة كلها، يجد المزارع السوري نفسه مضطراً الى أن يسلك كل الطرق غير المشروعة من أجل ذلك. وتقدّر كلفة حفر بئر نظامي بنحو 1000 ليرة سورية للمتر الواحد، مع العلم أن عمق الحفرة اللازم لخروج الماء يتراوح ما بين 125-250 متراً، وقبل ذلك يجب دفع مبلغاً طائلاً على شكل رشاوى قد يصل إلى نحو مليون ونصف المليون ليرة سورية لتأمين الترخيص.
مع ذلك تبقى عملية “شراء” ترخيص معقدة وصعبة، ما أفسح في المجال لظهور “مافيا الآبار” كما يسميها أهالي درعا. والأخيرة لا يستطيع المزارع الحصول على الترخيص ومباشرة الحفر من دون التواصل معها والاذعان لمطالبها، كونها تقيم صلات وثيقة مع محافظ درعا ومدير فرع الأمن السياسي عاطف نجيب.
وفي حال كان طالب الترخيص من “عامة الفلاحين” الذين لا ظهر حامياً لهم، فإنه لن يجد بدّاً من اللجوء الى “التهريب”، أي الحفر بدون ترخيص. وينتشر هذا النوع من الآبار على نحو واسع خصوصاً في المناطق البعيدة عن الرقابة النظامية. وتتراوح كلفة حفر البئر المخالف بين 3000-5000 ليرة سورية للمتر الواحد، بفعل مخاطرها الكبيرة، وما قد يترتب عليها من مخالفة لصاحب الحفارة ومصادرة حفارته في حال فضح الأمر.
إمّا الردم أو دفع الأتاوة
الحال أن محافظ درعا كان شكّل في العام 2007 لجنة خاصة، قامت بحصر أعداد الآبار الارتوازية المخالفة في المحافظة، متوصلة إلى أن هنالك 1235 بئراً مخالفاً تستنزف المياه الجوفية، وعليه باشرت ردمها. واعلنت اللجنة لاحقاً أنها أنهت معالجة وضعها كلها، مبررة ذلك بمخاطر وقوع المحافظة بعجز مائي بسبب الحفر العشوائي للآبار ما لم تضع الجهات المعنية حدّاً لهذه «الجريمة». المضحك المبكي أن تلك الجهات نفسها هي المسؤولة على نحو مباشر عن استفحال ظاهرة الآبار غير الشرعية، كونها كانت الراعية لها والمستفيدة منها على السواء.
وبرغم الصرامة التي إدعتها اللجنة في عمليات ردم الآبار، تبيّن أن الردم لا يتم إلا نادراً ولمن تخلف عن دفع «أتاوة» تفادي الردم. فالهدف الفعلي للردم ليس الأمن المائي على ما يقال، وإنما مساومة المزارعين على آبارهم. حتى الآبار المرخصة باتت عرضة للمساومة، حيث تأتي لجنة حكومية غير تلك التي رخصت البئر في المرة الأولى، باحثة عن أي خلل تتذرع به لتهديد صاحب البئر بسحب الترخيص والردم. أمّا القاعدة العامة لتفادي الردم فهي دفع «المعلوم»، هكذا تعود اللجنة من حيث أتت، وهكذا تمت معالجة مخالفات الـ 1235 بئراً.
لا شك في وجود تناقض ما قائم بين الحاجة للآبار، وضرورة حماية المياه الجوفية. لكن، وبعيداً من فساد الـ”حلول” الحكومية، لا يمكن حل هذا التناقض إلا باعتماد طرق حديثة في الري، بما يفضي الى توفير كميات كبيرة من المياه.
رئيس مافيا الآبار
لدى اندلاع الاحتجاجات في مدينة درعا، طالبت جموع المحتجين بإقالة محافظ درعا رئيس مافيا الآبار فيصل كلثوم، بالتوازي مع المطالبة بالحرية. فعبر عقود طويلة، إنتهكت جميع الحريات والحقوق بذريعة «حماية الوطن»، وها هو الأمن الغذائي للسوريين ينتهك، وصار الفلاح يلاحق في رزقه وعيشه بذريعة حماية الموارد المائية. في سوريا السابقة على الثورة تجثم القضايا الكبرى بثقلها على أبسط حقوق المواطن، بحيث غدت القضايا كلها أقرب الى حق يراد به باطل.
معاناة مزدوجة: سيارات مفخخة.. وشماتة ريفية
طارق العبد
قليلة للغاية هي تلك المدن التي اختصرت الدنيا بشوارعها، وعلى رأس هذه المدن تأتي دمشق. هي اليوم متعبة من أزيز الرصاص والقذائف التي تتساقط على كل الأحياء، ومع ذلك تفتح ذراعيها لمئات النازحين إلى قلب الفيحاء علهم يجدون فيها مكاناً آمناً نوعاً ما من جنون الحرب في باقي المناطق. لكن لعنات الموت تلحقهم إلى قلب العاصمة فيصبحون هدفاً للتفجيرات والاشتباكات وكأن أعداء الحياة يسعون لخنق كل متنفس أو مساحة للسوريين أينما حلوا.
برغم كل هذا ما زالت دمشق تحاول جاهدة الصمود، وما زالت الشوارع تضج بالسكان الغارقين في همّ البحث عن الخبز والوقود والسلع التي أصبح الحصول عليها عملية شاقة، تستغرق ساعات طويلة، وقد لا تحقّق نتيجة.
لا يوجد مكان آمن في دمشق. تلك باتت قناعة يسير وفقها مختلف القاطنين في المدينة، فالسيارات المفخّخة تنتقل من حي لآخر والاشتباكات لا تستثني منطقة بعينها. وتحولت مناطق أخرى إلى أشبه بمربعات أمنية شديدة الحساسية، وخاصة في ساحة الأمويين حيث مبنى الأركان ووزارة الدفاع، أو في حي كفرسوسة حيث مجلس الوزراء ووزارتا الداخلية والخارجية، وهو ما تسبّب بإغلاق العديد من الطرق المحيطة بها. وهذا يعني ازدحاماً خانقاً يزيده انتشار كثيف للحواجز الأمنية وتدقيق بالغ على السيارات القادمة والمغادرة لأي منطقة خوفاً من أي سيارة مفخخة ستكون مشروع انفجار جديد.
في المقابل، تتلاشى حالة الازدحام كلياً مع غروب الشمس، لتتحول العاصمة إلى شبه منطقة حظر تجوّل، وخاصة مع اندلاع الاشتباكات التي تستهدف الحواجز عند مداخل العاصمة أو عمليات الاغتيال لمن تعتبرهم المعارضة «شبّيحة» لدى النظام.
وفي أفضل الأحوال، يكون الخطف هو الحدث المسيطر ليلاً، بينما أصبحت أحياء العاصمة الشرقية والجنوبية مسرح عمليات متواصلة بين الجيش النظامي والمعارضة المسلحة، من القابون إلى جوبر والحجر الأسود والتضامن والقدم والعسالي ونهر عيشة، وصولاً إلى مخيم اليرموك ومخيم فلسطين اللذين تتم إدارتهما من الفصائل الفلسطينية، وإن كان المسلحون يدخلونه بين الحين والآخر لتدور معارك كر وفرّ ينسحبون على إثرها. أما أحياء المزّة وكفرسوسة، فأصبحت على خطّ تماس قريب من جبهة داريا والمعضميّة في ريف دمشق مع أنها ما زالت آمنة أكثر من غيرها.
في دمشق، أصبح مشهد الوقوف بطوابير طويلة أمام محطات الوقود أو الأفران أمراً مألوفاً، لكن معاناة من نوع آخر تعيشها دمشق مع حالة من التعاطي السلبي مع المدينة من قبل باقي المناطق. وهي حالة لا يجد ناشطو الشام المعارضون أي تفسير لها.
وبينما تسود حالة من الترقب لمعركة دمشق الكبرى التي تحشد لها المعارضة المسلحة للمرة الرابعة، يشتكي الناشطون الدمشقيون مثل سامر الذي يعمل في مجال الإغاثة من منظور مغلوط يرى أن هؤلاء الناشطين لم يقوموا بواجبهم في هذه «الثورة»، إذ يحاولون قدر الإمكان النأي بنفسهم عن الأحداث ..فأولادهم ما زالوا يتجهون إلى المدارس فيما الكهرباء والماء متوفرة بشكل أفضل من باقي المحافظات، وأغلب أحياء الداخل الدمشقي صامتة تماماً كما أن الأسواق تعمل.
ويوضح سامر قائلاً «لقد ازداد كره الريف الدمشقي لأهل دمشق بسبب ارتفاع تكاليف السكن فيها واستغلال البعض لحالة النزوح التي حدثت من الريف للمدينة»، مضيفاً «يرى البعض أن أغلب مقاتلي الجيش الحر هم من أهل الريف الذين يقاتلون من أجل حرية سوريا بكاملها بينما أهل المدينة مشغولون بحياتهم الطبيعية».
وقد خرجت هذه الظاهرة بوضوح بعد التفجير الأخير في دمشق، حيث شمت البعض بأهل ذلك الحي وسخروا من معاناتهم، مع العلم أن الظاهرة لا تزال محدودة وفي بعض الأحيان يتم تضخيمها.
على صعيد آخر، يستبعد الناشط العشريني حصول معركة حاسمة في دمشق. ويشرح «لا أعتقد أنها قريبة، لا سيما إذا كان المقصود هو معركة السيطرة على دمشق وإسقاط النظام فيها». أما الأسباب فهي أن «الجيش الحر لم يسيطر حتى الآن على مناطق عسكرية مهمة جداً على تخوم دمشق كإدارة المركبات وإدارة الدفاع الجوي، كما لم يهاجم معسكرات الحرس الجمهوري أو الفرقة الرابعة التي تقع على تخوم دمشق وفي الجبال المحيطة لها. ووفقاً لسامر، ما زال «الجيش الحرّ» يفتقد إلى الأسلحة النوعية والثقيلة التي تمكنه من السيطرة على دمشق بالكامل، ولا أظن أن أحدا يتمنى أن يحدث لدمشق ما حدث لحلب، وهذا وارد لأن دخوله دمشق من دون السيطرة على هذه المراكز يعني تكرار سيناريو الدمار والمجازر. وعليه، قد تشهد المرحلة الحالية اشتباكات كبيرة ومعارك بين الجيشين ولكنها ستبقى محدودة الأهداف.
بدوره، يفسّر الناشط الإعلامي عثمان ظاهرة الاستياء من دمشق بأن من نزح إلى العاصمة قد وجد أهلها يعيشون حياة طبيعية، فيما تحولت مدنهم لركام، معتبراً في المقابل أن الحديث عن كون النظام يعاقب دمشق هو مجرّد وهم. برأيه، النظام لا يمكن أن يعاقب الشام ولن يفعل ذلك، فجزء من جمهوره فيها والفئة الصامتة المحايدة أغلبها في العاصمة. وهؤلاء من غير المرجح انضمامهم إلى صفوف «الثورة»، يُضاف إلى ذلك عامل البرجوازية الدمشقية التاريخية ومصالحها، على حدّ تعبيره.
أما سامي بيتنجانة، وهو عضو المكتب السياسي لـ«التيار الثالث لأجل سوريا» فيبدي تخوفاً أكثر من الانزلاق إلى حرب طائفية بعد التفكك الذي أصاب النسيج الاجتماعي. ويشير إلى أنه وبعد عامين من الأزمة والحرب الحاصلة وقبلها غياب للحياة السياسية وآثار أحداث الثمانينات وغيرها من الأسباب زاد التطرف، وباتت هوية الدولة والمجتمع مهدّدة باستبدال الانتماء القومي بانتماءات طائفية وعرقية وقبلية ضيقة لا تجمع السوريين بل تفرقهم. وبالنتيجة، هناك تسابق بين الحلّ السياسي والانزلاق أكثر تجاه الحرب الطائفية، و«بكل الأحوال نحن بحاجة إلى مصالحة وطنية شاملة فالكل تلطخت أيديهم بالدماء». ويراهن سامي هنا على دور المجتمع المدني، قائلاً «الانقسام السياسي الذي حصل في سوريا لم يمنع البعض من القيام بأعمال إغاثية من دون تمييز، كان لها أثر كبير، وإن كانوا قلائل أما من عمل في المجال السياسي بشكل فاعل فهم أقل، لقد أثر انعدام الحياة السياسية في البلاد بشكل سلبي على إيمان الناس بقدرتهم على الفعل، وانحصر تفكير الناس بالخلاص الفردي والحاجات اليومية بدل العمل الجماعي في سبيل المجتمع لهذا نحتاج في المستقبل إلى تعميق فكر المواطنة من جديد في النفوس». ويختم قائلاً «الخوف كان عاملاً مهما في عدم الإقدام على أي فعل بدأ الخوف من النظام، وتحول ليصبح خوفاً من عدة أطراف. لكن هناك كتلة شعبية كبيرة باتت ضد العنف وأصبحت مهيأة لتكون كتلة ضغط على أطراف الصراع».
واشنطن تترقب 3 سيناريوهات بشأن سوريا
تجربتا أفغانستان والعراق تحكمان التردد الأميركي
حتى الساعة على الأقل، لا أحد في واشنطن يعرف مخرج الأزمة السورية. والاتجاه يبقى في احتواء التداعيات إلى درجة التأقلم معها بالتزامن مع تحسين شروط تفاوض المعارضة السورية بانتظار واحد من ثلاثة سيناريوهات: تسوية غير معروفة الأفق مع موسكو، أو اختراق ميداني يغير موازين القوى، أو سقوط مفاجئ لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
على مدى عامين تفاعلت واشنطن مع الحدث السوري أكثر مما أثرت فيه أو تأثرت به، ويبدو الآن أنها قررت السير على خطين موازيين: الأول بأخذ المبادرة في مسألة تسليح وتدريب المعارضة السورية، لكن من دون إيصال مساعدات عسكرية أميركية مباشرة، بهدف ضبط إيقاع التسليح وضمان عدم وصوله إلى المجموعات المتشددة، وبالتالي تعزيز نفوذ واشنطن داخل هذه المعارضة وإعطائها أدوات الدفاع عن النفس والقتال. والخط الثاني هو مواصلة الحوار مع موسكو وبلورة إجماع داخل المعارضة السورية للقبول بالتواصل مع النظام السوري.
هناك نوع من التهكم إلى حد ما في واشنطن حيال حجم الدعم الأميركي للمعارضة السورية. فقد كشف موقع «فورين بوليسي» أن الخارجية الأميركية أبلغت لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس أنها تحاول حالياً إيصال عبر الجو حوالي 200,000 «وجبة حلال جاهزة للأكل» قبل انتهاء مدة صلاحيتها في حزيران المقبل، لكنها قلقة ألا يكون «الجيش السوري الحر» قادر على توزيعها. لكن المعطيات تشير إلى دور أميركي متقدم على حدود دول الجوار مع سوريا. فالإعلام الأميركي يتحدث عن انتهاء البنتاغون مؤخراً من تدريب حوالي 300 عنصر من «الجيش السوري الحر» في الأردن على استخدام الأسلحة المضادة للدبابات والطائرات، وقد عادت هذه العناصر إلى جنوب سوريا الآن لاستكمال القتال. هذا تدريب بدأته واشنطن منذ أشهر بشكل سري، وطلبت من قيادة «الجيش الحر» ترشيح العناصر التي يمكن تدريبها. وهناك محاولات الآن لإقناع الحكومة التركية بإقامة مراكز تدريب مشابهة لعناصر المعارضة في شمال سوريا.
بالإضافة إلى ذلك، عناصر وكالة الاستخبارات المركزية منتشرة على حدود الدول المجاورة لسوريا. صحيفة «وول ستريت جورنال» كشفت هذا الأسبوع أن الوكالة توسع دورها في العراق منذ العام 2011 للتعامل مع تهديد المجموعات المتشددة التي تعبر إلى داخل سوريا. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أن الوكالة تدعم في هذا السياق جهود مكافحة الإرهاب التي تتولاها وحدات عراقية خاصة مدربة أميركياً، وترفع تقاريرها مباشرة إلى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. وفي شهر حزيران الماضي، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» أن عناصر وكالة الاستخبارات المركزية منتشرين على الحدود جنوب تركيا لإيصال الأسلحة إلى المعارضة المسلحة المعتدلة. وهناك تقارير أيضاً أن عناصر الوكالة متواجدين على الحدود الأردنية منذ الصيف الماضي لتحديد موقع وحماية الأسلحة الكيمائية. هناك قلق في الاستخــبارات الأمــيركية من امتدادات «جبهة النــصرة» بين العراق وســوريا، وأنها بعد سقوط النظام في سوريا قد تصــوب تركيــزها على العراق.
لكن حتى مع هذه المعطيات يبدو كأن باريس ولندن أكثر تقدماً من واشنطن حيال قرار تسليح المعارضة المعتدلة لتعزيز قوتها ميدانياً بوجه المجموعات الأكثر تشدداً، أو هناك إدراك أميركي أن السلاح يصل بأي حال والأجدر إدارة هذا الموضوع والحرص ألا يصل إلى «جبهة النصرة» التي يزداد نفوذها في شمال سوريا. الخطوة الأولى بدأت هذا الأسبوع مع سعي لندن وباريس لرفع حظر الاتحاد الأوروبي على إيصال الأسلحة إلى المعارضة، في وقت أكدت فيه المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند أن واشنطن لا تعترض على هذه الخطوة، لكن قرار اتخاذها يعود إلى الأوروبيين.
على الخط السياسي، تحدث وزير الخارجية جون كيري للمرة الأولى من أوسلو عن مبادرة واشنطن الخجولة حيال سوريا، وهي إدخال المعارضة والنظام في مفاوضات حول حكومة انتقالية ضمن الإطار المتفق عليه في جنيف. لكن حتى المساعدات الطبية والمواد الغذائية التي أعلن عنها كيري مؤخراً من روما بقيمة 60 مليون دولار لم تترجم بعد، والخارجية الأميركية لا تزال في محادثات مع «الجيش السوري الحر» لهذه الغاية، على أن يتم شحن هذه المساعدات من مخازن البنتاغون. لكن بعد جولة كيري في أوروبا والمنطقة حصل ما يشبه الانكفاء الأميركي أو ربما إدراك لضرورة العمل وراء الكواليس بعد الأضواء على اجتماع روما مع المعارضة السورية. المحاولة الأميركية لا تزال قائمة لبلورة إجماع حول التفاوض مع النظام وسط الجمود الميداني في المواجهات العسكرية خلال الفترة الأخيرة.
المقاربة الأميركية في سوريا تتفاعل في ظلال تجربتين أميركيتين في التاريخ الحديث، وهما أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي والعراق العام 2003. في أفغانستان، قامت واشنطن بتسليح «المجاهدين» الذين يقاتلون القوات السوفياتية، ما أدى في نهاية المطاف إلى صعود حركة «طالبان» وتنظيم «القاعدة». هذا السيناريو يقلق الأميركيين في سوريا الآن. والتجربة العراقية تجعل صناع القرار في واشنطن متمهلين حيال سوريا، وحتى يكتفي الصقور في العاصمة الأميركية بالحديث عن إمداد السلاح وفرض منطقة حظر جوي، وليس خيار التدخل العسكري بوجه نظام بعثي آخر في دمشق. مهندس حرب العراق، بول وولفويتز، كتب مقالاً في صحيفة «وول ستريت جورنال» في كانون الثاني الماضي، جاء فيه «من المفهوم تماماً لماذا لا تريد إدارة أوباما أي شيء من شأنه تكرار غزو العراق»، ويضيف «لكن لا احد يجادل بشيء من هذا القبيل».
في المحصلة، تبقى واشنطن أسيرة ضوابطها الاقتصادية الداخلية وقلقها من انتشار تنظيم «القاعدة» في المنطقة وهواجس إسرائيل على الحدود السورية، والأهم من ذلك أن خلاصة تجربتها في العراق تجعلها مترددة في التعامل مع التعقيدات السورية.
فـي العـام الثـالث.. قـل إنّ الصـراع مسـتمر
زياد حيدر
نسختان لشريط فيديو واحد، تختصران وجع سوريا. أيام الألم اللاحقة، مقارعة الحق بالباطل، والعكس، في وجه الأفق المسدود. نسختان تدخلان سوريا في التيه. تيه المستقبل، الطموحات والخيبات التي تتوالدها الأيام.
بين الصوت (مفتعلاً كان أم لا) الذي يحشر المذهبية في تظاهرة دمشق الأولى، 15 آذار، والصوت «الغائب» في الثاني (محذوفا كان أم لا) تظهر سوريا على حقيقتها الراهنة. مقصد الجهاديين الباحثين عن إمارة الظلام. فخ الشباب اليائس الجاهل من أصقاع الأرض، لنصرة عرش بائد أو الاحتفال بوهم الخلود بين ناعمات الملمس. إلى الطامح بالأمل، ولا يجده. الذين ضيعوا ثورتهم، وخسروا سلميتهم، وباتوا تحت رحمة الممولين والسياسيين وتوفر الدعم اللوجستي أو انعدامه، فاعتقل مقاتلو الرايات رجالهم، وتفوقوا عليهم… أو المرابطون في معركة «وجود» لا يبيح خيال ولا ذكرى تاريخية فيها الفرصة لأية خسارة. و بين هؤلاء يقف من تبقى من الشعب المسكين.
يبيح الصوت لنفسه أن يدعي تمثيل طائفة بعينها، بينما يتبع رهط من الشباب والشابات، افتتحوا عن قصد أو لا الطريق إلى حرية ستمشي على حافة الهاوية. يفتح الصوت بلهجة مفتعلة لا تمت للطائفة بصدق، أعين المذهبية على الحراك، أو يظن أنه يقفلها؟ أما النسخة الثانية فتخلو من الصوت خجلاً، لا طائفية ولا من يحزنون، أو هكذا تحب أن توهم نفسها والآخرين؟
هذا الشعب المنقسم إلى ما سبق، في ما عدا حاملب التأشيرات التركية والمصروف الخليجي في طريقهم إلى جنة جهنمية. هذا الشعب، الذي يدفع الكلفة الأكبر، هو الذي يبقي ذكرى سوريا واقعاً معيشاً في أذهان محبيها. وهو الذي لا يملك مقدوراً على الرحيل.
ترفض أم فراس، التسعينية، مغادرة حمص، لأنها قلقة على ورود الشرفة من الظمأ. نيبال لا تسمع ولا ترى ما يجري في دمشق. جمال شام الياسمين يعميها بالحب والأمل. وغيرهما ممن لا يقدرون على ترك شجرات زيتونه للحرائق في إدلب، أو محل القصابة لديه في ريف حلب. بين هؤلاء من يعتقد أن «النصر» قادم. أي نصر. نصر سوريا على الظلم. الظلم التاريخي والظلم الآني. سوريا التي ستخرج من رمادها يوماً ما، يوماً ما، لتحصد نتيجة الدم المتشرب لأحلام ونقيضها. خلاصة العذاب المر، ساكناً كان قبل سنوات، أم فاجراً دموياً الآن. هؤلاء السوريون… على مستوى السلطة السياسية، يعيشون بين كتل ثلاث.
ثلاثة مواقف تعبر عن نفسها بوضوح. الأول من كتلة «لا حوار لا تفاوض ولا مهادنة»، وهي تستند إلى قطاع شعبي خاص بها، لم توفر له دعاية السلطة كما أخطاء المعارضة المرئية والمسموعة، سوى درب القتال حتى النهاية، وهذه الكتلة ترفض حتى جهود المصالحة الوطنية التي تجري على مستوى محلي، رغم ما تؤمنه من إمكانية لحصار امتداد الأزمة، وإنقاذ أرواح أبرياء أو غير ذلك. تعتبر الكتلة الساعين إلى حلول موقتة، كما جرى في حمص وتلكلخ وبعض مناطق حلب، بمن فيهم مسؤولو الدولة، «خونة « أو على أقل تقدير «جبناء».
الكتلة الثانية هي التي يعكسها الإعلام المحلي، وهي ذات قاعدة شعبية خاصة بها أيضاً. وهذه الكتلة تروج لحوار وطني وتفاوض وطاولة مستديرة و«حل سوري بأيدي السوريين» . لكنها تعاني تناقضاً صارخاً في مفهومها للحوار والمعركة على حد سواء.
هذا ينعكس أحيانا في تصريحات المسؤولين السوريين، التي تدرجت من لا حوار مع من في الخارج نزولاً درجات السلم حتى الحوار مع المسلحين شرط إلقائهم للسلاح. يعتقد المنضوون في إطار هذه الفكرة، أن هذا المنظور هو «الأريح» وربما الأكثر تصالحاً مع الذات. فهو يوحي بالقوة ويدعو إلى التسامح. لكنه بروباغندا في الواقع، أكثر منه سياسة مدروسة. والأدلة صارخة في أي نشرة أخبار محلية، حيث تتدرج الأخبار من جلسات الحوار الوطني التي تقام في المحافظات تحت شعار لنتحاور، حيث لا يمثل المتحاورون الأطراف المؤثرة فعلياً في القضية السورية، مروراً بجثث القتلى الإرهابيين التي تعرض مرمية في الطرقات، والحدائق العامة، وذلك تحت مسمى «الإرهابيين المرتزقة» أو «إرهابيو جبهة النصرة».
أما الكتلة الثالثة، فتعمل فعلياً في الظل. وتستخدم المسطرة والآلة الحاسبة، لقياس التقدم الميداني، الخسائر والمكاسب. تقيس الرياح الدولية واتجاهاتها، وتعمل على تمتين موقعها وتقدير مساحة الوقت، أحد عوامل «القوة» التقليدية لدى السلطة في الأزمة.
وهذه الكتلة تعرف تمام المعرفة أن لا حل إلا بتوافق أميركي – روسي، يحسب حساب مصالح إيران وتركيا في أية تسوية. اللاعبان الإقليميان أساسيان، فالأول يمثل شريان استمرار حياة الدولة (وليس النظام فقط) في سوريا، والثاني يحتاج إلى إغراءات تقنعه بالتراجع عن سياسته المتهورة في فتح المعابر والوديان للجهاديين المتدفقين إلى سوريا. الصراع صراعٌ على سلطة في منظورها، يخفي ورائه أجندات إقليمية مشبوهة.
تدرك الكتلة الأخيرة، وهي صاحبة القرار الفعلي، أنه باستثناء عامل الوقت، لن يكون بالإمكان استثناء المعارضة التي طالما اتهمتها السلطة بالعمالة للخارج، وهي معارضة بات معروفاً أنها تتبع لكل من قطر وتركيا وتمتلك أجندة إسلامية. وما يعيد الأمور إلى مربع الأزمة، في الأول في آذار العام 2011، حين طلب وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو من القيادة السورية، بتكرار ملح، فتح أفق بلادهم السياسي لحركة «الإخوان المسلمين».
أما حاضنة المعارضة الاجتماعية، الموزعة بين مناطق الصراع، فحالها أصعب وأكثر تعقيداً. هي مضطرة إلى عيش العمل العسكري بكل أوجهه، بدءاً بحرب «التحرير» وصولاً إلى حرب «الدفاع»، ومروراً بحروب داخلية متفرقة بين فصائل المعارضة المسلحة نفسها.
عدا عن ذلك، تبقى لأصحاب الميدان حساباتهم الخاصة. تقدم وتراجع، خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الوراء. بينما يتكبد الاقتصاد السوري خسائر كارثية، تفوق كلفة إصلاحها 80 مليار دولار، وتعتمد الدولة في سدها على المساعدات، في ظل دمار ممنهج للصناعة، برمجه الأتراك في حلب منذ العام الأول، وصولاً إلى نزف الإرث الحضاري لسوريا، بما يفوق 2 مليار دولار من المسروقات، إلى البطالة (قاربت 30 في المئة) التي تجر وراءها الخلل الاجتماعي، وذلك دون الإشارة لما هو أهم، وهو تفسخ اللحمة الوطنية التي لطالما تغنت بها سوريا، واعتبرتها تعبيرا عن تجربة التعايش المشترك بين فئات وشرائح المجتمع الواحد، على اختلافها.
تحدي العام الثالث، هو مجدداً تحدي بقاء الدولة في سوريا. أيا كانت الصيغة المحتملة أو المخرج الممكن. عكس ذلك، يعني أن الشرق لن يقوم قيامة مبهجة لأجيال.
ميركل تحذر من هشاشة لبنان .. ومشاورات في دبلن الجمعة المقبل
أوروبا تتصدى لمغامرة التسليح الفرنسية
وسيم ابراهيم
فرضت فرنسا وبريطانيا على القمة الأوروبية نقاش تسليح المعارضة السورية. ووسط الخلافات الكبيرة التي طبعت سابقاً هذا النقاش، كان من الطبيعي ألا تلقى تجاوباً مطالبتهما برفع حظر توريد الأسلحة عن سوريا. أقصى ما أمكن الإجماع حوله، أمس، هو وضع نقاش الحظر في مقدمة أولويات وزراء خارجية دول الاتحاد، في اجتماع تشاوري قريب. ثمة دول رافضة تماماً للفكرة، وعلى رأسها ألمانيا، ودول مترددة، وقلة لا تمانع في استكشاف ما يحققه خيار التسليح، مع تشديد على ضرورة التحرك ضمن «موقف مشترك».
الرئيس الفرنسي أثار عاصفة النقاش في القمة. حالما وطئت قدماه بروكسل، سارع للإعلان عن دعمه تسليح المعارضة لتمكينها من إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وتسريع الانتقال السياسي الذي لا يريده الأخير، وهو رأس النظام السوري كما قال.
ولكن إعلان الاتحاد الأوروبي بالإجماع تسليح المعارضة يبدو مستحيلاً. لذلك، بادرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى التأكيد أن «الأمور لا تسير بهذه الطريقة» داخل الاتحاد، وأن رغبة دولتين في تبني قرار لا تعني أن يتبعهما الآخرون. ألمانيا تشكك بأن تسليح المعارضة سيصعّد الصراع، ومستشارتها «مقتنعة» بحجة أن روسيا وايران «تنتظران إشارة صغيرة» لجعل الأسلحة تتدفق ليس فقط إلى النظام السوري. لقد قالت، خلال مؤتمر صحافي، إنه ينبغي التفكير «بالوضع الهش في لبنان وما يعنيه تسليح حزب الله».
مثل ألمانيا، وافقت الدول الأوروبية على «إعادة فحص» حظر الأسلحة، لتحديد نطاق جديد ربما للتسوية. تسوية من الصعب، وفقاً للمعلن، أن تصل حدّ رفع الحظر. فأي قرار أوروبي مشترك يجب أن يُتخذ بالإجماع، وهو أمر لطالما جعل بيت القرارات الأوروبية قائماً على أعمدة التسويات. هذا ما قاله رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي، معقباً على الخلافات القائمة حول الحظر «ليس أمراً خارقاً للطبيعة على الإطلاق أن هناك حساسيات ووجهات نظر مختلفة، ولهذا هناك فن التسوية للوصول إلى أرضية مشتركة وإلى موقف مشترك».
أن تعلن دولة واحدة رفضها يعني هذا تعطيل قرار على المستوى الأوروبي. هذا ما جعل، مثلا، نقاشات الموازنة الأوروبية على المدى الطويل تدوم أشهراً، بسبب تهديد بريطانيا باستخدام «الفيتو».
ليست ألمانيا وحيدة في رفضها قرار التسليح، بل معظم الدول الأوروبية تراوح بين الرفض والتردد. مستشار النمسا فرنز فايمان، أعلن رفضه التام
لمبدأ التسليح من أساسه، بغض النظر عن معارضة أو نظام. موقف بلده هو الخشية على المجتمع السوري، بنسيجه وأقلياته. الأسباب المعلنة عموماً هي حزمة واحدة: السلاح سيتدفق والصراع سيتصاعد، إضافة إلى الخوف من وصوله إلى «الأيدي الخطأ».
نقاش رفع الحظر سيكون العنوان الرئيس في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، غير الرسمي، في دبلن يوم الجمعة المقبل. لكن اجتماعات تشاورية كهذه لا يمكن خلالها اتخاذ قرارات رسمية. والاجتماع الرسمي المقبل لوزراء الخارجية في أواخر نيسان. لكن هذا آخر ما يشغل بال فرنسا، كما قال مصدر أوروبي متابع للملف. المصدر قال لـ«السفير» إن الإمكانية التي تناور فيها باريس هي «الوصول إلى تسوية جديدة عبر قرار سياسي»، موضحاً أن ذلك إذا حصل سيكون «كافياً للتحرك» بمقتضى الاتفاق. رفع الحظر غير متوقع، لكن لا يمكن استبعاد إمكانية إيجاد صيغة «متعددة الاستخدام»، تسمح لكل دولة راغبة بمساعدة المعارضة كما ترى مناسباً. في الأصل، الصيغة الحالية التي تسمح بـ«المعدات غير الفتاكة» أوجدت لغرض مشابه، وكل من شاء ترجمته ما دام لا يرسل ذخيرة وما يطلقها.
ثمة إصرار أوروبي في عدم السماح بخطوة تخرق اتفاقاً مشتركاً حول الحظر، بشكل معلن، حتى لو كانت من بريطانيا وفرنسا. رئيس وزراء لوكسبمورغ جان كلود يونكر، قال لـ«السفير» حول هذه القضية، إن «عدم اتخاذ قرار مشترك خطير إلى حد ما، بما أننا نعطي الانطباع أننا نبتعد عن السياسة الخارجية المشتركة»، مضيفاً «ما هو مطلوب، هو قرار مشترك من الاتحاد الأوروبي».
رئيس المجلس الأوروبي كرّر ذلك بطريقة مختلفة، معتبراً ألا شيء يبرّر الذهاب في قرارات منفردة، فـ«هناك شعور متزايد بالإحباط إزاء الحالة الإنسانية في سوريا. وهناك شعور متزايد بالإحباط إزاء عدم إحراز تقدم على الجبهة السياسية»، مضيفاً «لكن، مرة أخرى، نعمل في إطار سياسة خارجية ودفاعية مشتركة، ونيتنا هي الاستمرار في العمل في هذا النوع من الإطار».
أما رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، فيبدو أنه تراجع خطوة عن الاندفاعة السابقة، ولا يمكن هنا إغفال ما قالته الخارجية الأميركية على لسان الناطقة باسمها، من تأييدها دعم الأوروبيين للمعارضة بـ«معدات غير فتاكة». كاميرون قال في القمة إن بلاده ستضغط لتسريع الانتقال السياسي، ولم يذكر إمداد المعارضة بالأسلحة بل العمل معها «للتأكد من أنهم يفعلون الصواب»، أما هذا العمل فمجاله لا يتضمن التسلح كما أوضح «بالمساعدة الفنية نستطيع القيام بذلك».
الرئيس الفرنسي أكد أن لديه ضمانات بألا تصل الأسلحة إلى «الأيدي الخطأ»، لكنه خفّف من وعد وزير خارجيته الذي تحدث عن قرار حول رفع الحظر خلال شهر آذار الحالي، إذ تحدث عن بذل كل جهده للاتفاق «بحلول نهاية أيار على أقصى تقدير».
سـلـيـمـان يطـمـئــن دمشـق: لـن نكـون ممـراً حـدوديـاً للسـلاح والمسـلحـين
واشنطن لانتخابات في موعدها .. «مهما كانت النتائج»
بقي التهديد السوري بالرد العسكري اذا لم تقم السلطات اللبنانية بواجباتها بضبط الحدود الشمالية والشرقية، محور درس وتدقيق رسمي وسياسي لبناني، وكذلك من جانب السفراء وبعض عواصم الدول الكبرى، التي بعثت إحداها إشارات بوجوب أخذ التهديد السوري على محمل الجد «الآن.. أو مستقبلا».
هذا التهديد كان المحور الأبرز في اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ولو أن الأول أصر على أن البحث «تركز على قضية سلسلة الرتب والرواتب»، نافياً أن يكون موضوع الانتخاب قد أثير في الجلسة.
واذ لوحظ أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تفادى التعليق على البيان السوري، رحب بالبيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن، أمس الأول، ووصفه بأنه «بنّاء»، اكتفى رئيس الجمهورية ميشال سليمان من رحلته الأفريقية بالقول ان بيان الخارجية السورية قيد الدرس «ونحن بصدد تحديد الموقف المناسب حياله».
وأكد سليمان أن لبنان لا يسمح بأن يكون ممراً للسلاح والمسلحين عبر حدوده ولا لإقامة قواعد عسكرية أو بؤر أمنية للمسلحين على أرضه من كل الاتجاهات.
ودعا وزير الخارجية عدنان منصور الى تدارك التوتر عند الحدود الشمالية والشرقية، منبّهاً الى أن هناك من يريد أن يجعل من لبنان «تورا بورا» ثانية. وقال لـ«السفير» ان مهمة القوى العسكرية والأمنية ضبط الحدود بصرامة حفاظاً على أمن لبنان وسلامته واستقراره.
وقال السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي لـ«السفير» «ان المطلوب من الدولة اللبنانية أن تقوم بواجبها على الحدود مع سوريا»، وكرر «أن لا مصلحة لنا على الإطلاق في أن نوتر العلاقة مع لبنان، ولكننا في الوقت نفسه لا نستطيع أبداً أن نتنازل عن أمن سوريا وسيادتها، نحن نتعرض للاعتداء، ولم نعد مستعدين لأن نقبل بهذا الأمر أبدا».
«الستين» مطلوب أميركياً
وفيما يراوح الملف الانتخابي في دائرة السلبية، تجاوزت مدينة صيدا «جمعة فك الحصار» التي دعا اليها الشيخ أحمد الأسير، أمس، في ظل قرار الجيش اللبناني المفاجئ بتخفيف الإجراءات حول «المربع الأمني» للأسير.
وتزامن ذلك مع دخول قائد الجيش العماد جان قهوجي مباشرة على خط تخفيف التوتر في عاصمة الشمال، حيث طلب من مسؤول العلاقات السياسية في «الحزب العربي الديموقراطي» رفعت عيد، أمس، العمل على تهدئة الموقف. وأكد أن «الجيش سيعمل كل ما بوسعه لتوفير الأمن والحفاظ على السلم الأهلي في المدينة وهو لن يتوانى عن التصدي لكل المحاولات الرامية لإحداث فتنة، سواء في طرابلس أو في أي منطقة من لبنان».
وفي انتظار نيسان الموعود انتخابياً، قالت مصادر أميركية معنية بالملف اللبناني في واشنطن لـ«السفير» ان الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي، وخاصة فرنسا وبريطانيا «لا يريدون لقانون «الستين» النافذ حالياً أن يتغيّر». وأضافت أن الوقت «لم يعد كافياً» (لوضع قانون جديد) وموعد الانتخابات قد تحدّد في التاسع من حزيران المقبل. «ولذلك، نحن ندفع باتجاه إجراء الانتخابات في موعدها، مهما كانت النتائج».
وردا على سؤال قالت المصادر إن السعوديين والقطريين «يسيرون معنا على السكة نفسها».
السلسلة ومصادر تمويلها
نقابياً، نفذت «هيئة التنسيق النقابية»، امس، اعتصاماً حاشداً أمام مطار بيروت الدولي، فيما انعقدت في السرايا، بعد ظهر امس، اللجنة الوزارية المعنية بدرس سلسلة الرتب والرواتب برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي.
وعلمت «السفير» أن اللجنة قد أنهت مناقشة مصادر تمويل السلسلة تمهيداً لإحالتها إلى المجلس النيابي في 21 الجاري، أو قبل ذلك إذا تم توجيه الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء برئاسة ميقاتي. كما تقرر أن تدرج السلسلة في مقدمة جدول أعمال مجلس الوزراء تلافياً لأي تعطيل محتمل في حال طرح أمور أخرى في جدول الأعمال وخاصة موضوع هيئة الإشراف على الانتخابات.
وقالت مصادر وزارية لـ«السفير» إن البحث تركز على مصادر التمويل السابقة المتعلقة بموضوع زيادة عامل الاستثمار وزيادة الرسوم على رخص البناء وزيادة ضريبة القيمة المضافة على الكماليات من مشروبات روحية و«كافيار» و«سلمون» وبعض السلع التي لا تطال الفقراء، وذلك بنسبة تتراوح من 10 إلى 15 في المئة، وكذلك تعديل الرسوم التي لا تؤثر على القطاعات الإنتاجية.
وأشارت المصادر الى أن العائــدات على رسوم الكماليات تقدر بنحو 350 مليار ليرة، كما تم التوافق على فرض رسوم على إعادة التقييم العــقاري بواقع حوالي 3 الى 4 في المئة (العائدات مقدرة بحوالى 300 مليار ليرة).
وقدرت مصادر اللجنة الوزارية هذه العائدات كلها بنحو 3000 مليار ليرة ويمكن أن تأتي أقل من ذلك تبعاً لحجم الطلب المالي لتغطية السلسلة، والجزء المتبقي يذهب لتمويل جزء من احتياجات الموازنة العامة.
وسبق انعقاد اللجنة الوزارية لقاء بين ميقاتي وبري الذي قال لـ«السفير» ردا على سؤال عن احتمال إقرار السلسلة في 21 آذار: «ان شاء الله خيرا».
إتهامات دمشق للأردن: إيجابية الأسد تغيب فجأة واللهجة حادة وغموض شديد على الحدود
عمان- القدس العربي- بسام البدارين: قد لا تكون المعلومات التي تحدثت عن إجراءات إحتياط أردنية مفاجئة ذات عمق عسكري فجر السبت أكثر من (تسريبات) تعكس واقع الحال بعد التطور الحاد في اللغة السورية الرسمية تجاه الأردن مساء الجمعة.
خلال الساعات القليلة الماضية تبددت مؤشرات (الإطمئنان) في الشارع الأردني لبرودة الجبهة السورية حيث أثار تصريح لمسئول سوري لم تكشف هويته بثته وكالات الأنباء مساء الجمعة القلق.
التصريح نفسه أنتج إنطباعا معاكسا للإستنتاج الذي غرق به الجميع في عمان منذ شهرين بعدما أشاد الرئيس بشار الأسد علنا وأمام وفد العباءة الأردنية الشهير بما أسماه التوازن في الموقف الرسمي للأردن ملمحا لتفهمه للضغوط التي تمارس على عمان.
هذه الروح الإيجابية التي بثها بشار الأسد في أوصال المعادلة السياسية الأردنية تزامنت مع الإسترخاء الذي ظهر على سطح الأحداث بعد زيارة العاهل الأردني الملك عبدلله الثاني الأخيرة لموسكو وإتجاه الدبلوماسية الأردنية بوضوح نحو السيناريو الروسي في معادلة الأزمة السورية.
دمشق إختارت بيروت لإطلاق تصريح غامض على لسان مصدر مسئول عمل على تبديد حالة الإسترخاء الأردنية وإنتاج عشرات التساؤلات مجددا بعنوان الإسترخاء الوهمي في العلاقة بين عمان ودمشق حيث تفتح الأولى حدودها على مصراعيها لإستقبال المزيد من اللاجئين دون أدنى إعتراض من الثانية.
التصريح السوري يتهم مباشرة الأردن بالعودة إلى سياسة السماح بدخول (الإرهابيين) عبرالحدود مع درعا مع السماح بدخول السلاح وتدريب قوات للجيش الحر المعارض.
لكن الناطق السوري يعتمد بوضوح على سلسلة تقارير كشفتها الصحافة ألأوكرانية ولاحقا الأمريكية والفرنسية عن برامج تدريب أمريكية للمعارضة السورية في الأراضي الأردنية.
عمان لم تعلق إطلاقا رسميا على الإتهام السوري بل إستغربته أوساط القرار فيها فهو مباغت من حيث التوقيت ومفاجيء من حيث الدلالات السياسية.
والقبضة (الأمنية) الأردنية لا زالت متشددة جدا على الحدود مع سوريا لأسباب لا تتعلق بالحرص على تفعيل إتفاقيات ضمنية مع روسيا فقط ولكن تتعلق بمراجعة شاملة لملف السلفيين والخوف من تصدير مقاتلي جبهة النصرة مجددا للساحة الأردنية.
المنطق الرسمي الأردني في التعامل مع تقارير الإعلام الأجنبي إختصره وزير الإتصال الناطق الرسمي سميح المعايطة عندما قال للقدس العربي بأن مواقف بلاده ثابتة وواضحة من الملف السوري ملمحا لإن الحراك الأردني الدولي والإقليمي مؤخرا لصالح عملية حوار سياسي في سوريا لا يعجب بالتأكيد بعض الأطراف مما يدفعها للمناكفة عبر تقارير إعلامية.
الموقف واضح بالنسبة للمعايطة ويؤشر على قناعته بان التقارير التي تتحدث في الصحافة الأجنبية عن تدريب قوات معارضة لبشار الأسد وإدخال سلفيين وسلاح ليست أكثر من شغب على الدور الأردني الداعي للإستقرار في سوريا والمنسق مع موسكو وبيروت وبعض العواصم المهمة في المنطقة والعالم.
قبل ذلك كان المحلل الإستراتيجي المتخصص بالملف السوري عامر سبايله قد توقع سلسلة تقارير في الإعلام الدولي تشاغب على الأردن في المرحلة اللاحقة.
الجديد في المسألة أن هذه التقارير التي تحدثت عن سلاح سعودي أرسل من الأردن لمقاتلين داخل سوريا أصبحت الأن موقفا رسميا للنظام السوري الذي قرر فيما يبدو عدم الضغط كثيرا في إتهام الأردن وترك ملاذات جانبية عندما قال بأن الأردن يتعرض لضغوط من دول أخرى.
المقصود بذلك ليس سرا فأنصار دمشق في فضاء عمان الإعلامي والسياسي وهم كثر في الواقع يتحدثون عن أجندة سعودية وقطرية ضاغطة على الأردن للتدخل في سوريا.
وبعض التكهنات تشير لإن عمان تتورط أو لم يعد لديها ما يمنع التورط في سيناريو متفق عليه مع روسيا لإقامة منطقة عازلة جنوبي سوريا تحت عنوان إنساني ودمشق بالصورة فيما يبدو لكنها تشترط أن لا تسمح أي رعاية أردنية لمناطق درعا ومحيطها بدخول مقاتلين وسلاح وتحديدا لجبهة النصرة.
كل المؤشرات في دائرة القرار الأردنية ترجح أن إتهامات دمشق الطازجة (مسيسة) ولها مرامي وأهداف عميقة فالحدود آمنة تماما وسياسة عمان منذ نصف عام الوقف التام لسياسة التغاظي عن زيارات الجهاد التي يقوم بها سلفيون أردنيون عبروا فعلا بالمئات في الماضي.
التأكيد على ذلك عمليا سمعته القدس العربي مباشرة من القيادي البارز في التيار الجهادي السلفي الأردني محمد شلبي- أبو سياف- وهو يتحدث عن تغيير ملموس في الموقف الرسمي وتضييقات على (الأخوة المجاهدين).
بالتوازي يمكن الإستماع في جميع أروقة القرار الأردنية لفيتو عملاقة مرفوعة في وجه أي تعاون أو تراخي مع سلفيي جبهة النصرة خوفا من عودتهم للنشاط في الأردن.
ذلك لا يعني إلا سيناريوهات محتملة أبرزها أن دمشق تفتعل قصة تراخي الأردن في مسألة عبور السلفيين لأغراض توتيرية لا زالت غامضة أو أنها بدلت موقفها أو تضغط تكتيكيا على الأردن وتلوح بالتهديد.
وبين هذه السيناريوهات ما يفترض بان سياسة عمان في إظهار القدرة على التحدث مع جميع الأطراف وبنفس التوقيت أخفقت أو ضبطتها دمشق وتسعى لإعادة إنتاجها.
وبينها أيضا تمكن مجموعة سلفيين من العبور سرا وتجاوز الطوق الأمني الأردني على الحدود.
بكل الأحوال يمكن إعتبار إتهامات دمشق التي صدرت من مكتب وكالة أنباء في بيروت إشارة إلى أن الإسترخاء على الحدود الأردنية لا زال هشا وأن إيقاع الميدان الذي لا تسيطر عليه عمليا لا عمان ولا دمشق قد يعاكس إتجاهات أي تفاهمات سياسية حتى لو كانت موسكو راعيتها.
الغموض شديد ميدانيا في جميع نقاط الإشتباك الحدودي بين الأردن وسوريا وأشد عندما يتعلق الأمر بالحلقات السياسية والثابت الوحيد أن بعض الأطراف التي لا يعجبها حراك عمان الأخير تنجح ولو نسبيا في المناكفة والمشاغبة على الإستراتيجية الأردنية.
لذلك تصمت عمان ولا ترد على الإتهام السوري وتنهمر التسريبات التي تتحدث عن توتر مفاجيء وغامض على الحدود تطلب إجراءات غير معتادة خلال الساعات القليلة الماضية.
المعارضة السورية تصر على اسقاط النظام واقامة سوريا الجديدة
سوريون يقفون على صورة لبشار الأسد ووالده الراحل خلال احتجاجات في عمان
بيروت- (ا ف ب): اكدت المعارضة السورية الجمعة اصرارها على مواصلة معركتها حتى “اسقاط” نظام الرئيس بشار الأسد و”اقامة سوريا الجديدة”.
وقال الائتلاف الوطني السوري المعارض في بيان في الذكرى الثانية للحركة الاحتجاجية المناهضة للنظام ان “خيارنا الوحيد سيبقى دائما التشبث بالحق الذي خرجنا باسمه ومن أجله، وسيكون أصدق وفاء وأثمن عرفان نتقدم به كسوريين إلى أرواح شهداء ثورتنا، شهداء الحق والحرية والعدالة، أن نصبر ونصابر ونعمل حتى نحقق ما بذلوا أرواحهم الغالية في سبيله”.
وشدد الائتلاف الذي اعترفت به عشرات الدول والمنظمات كممثل شرعي للشعب السوري على ان “المهام الكبرى (المتبقية) لن تزداد معها العزائم إلا اصرارا على إسقاط النظام وإقامة سوريا الجديدة”.
من جهته، قال رئيس هيئة اركان الجيش السوري الحر العميد سليم ادريس في رسالة مصورة بثت على الانترنت “نحن متاكدون من سقوط النظام ونعمل باقصى ما نستطيع على اختصار زمن المعركة والتقليل من الضحايا والدمار”.
ووجه ادريس نداء جديدا الى المجتمع الدولي لدعم المقاتلين المعارضين مضيفا “نطلب من العالم الحر ان يدعمنا بالسلاح والذخائر وبالدعم الاغاثي والطبي من اجل ان نوقف المجازر والقتل ومن اجل بناء بلد حر ديموقراطي لكل السوريين”.
بدوره، وجه المعارض السوري جورج صبرا تحية إلى المعارضين وقال صبرا الذي يترأس المجلس الوطني السوري ابرز مكونات المعارضة ان “الثوار وجيشنا السوري الحر يتقدمون بثبات نحو ساعة الانتصار التي لم تعد بعيدة”.
واكد ان “الثورة السورية لن تتوقف قبل تحقيق أهدافها كاملة، وهي إسقاط النظام والخلاص التام من الطغمة” الحاكمة.
وتأتي هذه المواقف فيما يعقد الائتلاف السوري المعارض اجتماعا الاثنين والثلاثاء في اسطنبول بهدف اختيار رئيس حكومة تتولى ادارة شؤون المناطق الواقعة تحت سيطرة مقاتلي المعارضة.
الاوروبيون يفشلون بالتوصل لتفاهم حول تسليح المعارضة
دمشق تتهم الاردن بفتح حدوده للجهاديين وتهدد بضرب ‘العصابات المسلحة’ داخل لبنان
دمشق ـ بيروت ـ بروكسل ـ وكالات: اعلن الاتحاد الاوروبي الجمعة انه سيحاول التوصل الاسبوع المقبل الى ‘موقف مشترك’ في مسألة تزويد المعارضة السورية بالاسلحة بعد فشلهم في التوصل لاتفاق، فيما اعرب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عن امله في ان يتخذ الاوروبيون ‘في الاسابيع المقبلة’ قرارا في هذا الشأن.
وفي الذكرى الثانية لاندلاع النزاع السوري، بدت التظاهرات المناهضة للنظام الجمعة اكثر نشاطا وكثافة واملا ‘بالنصر’ فيما استمرت المواجهات واعمال العنف في مناطق عدة.
في بروكسل، قال رئيس المجلس الاوروبي هيرمان فان رومبوي في ختام قمة رؤساء دول وحكومات بلدان الاتحاد الاوروبي في بروكسل ان ‘بعض الدول الاعضاء اثارت مسألة رفع الحظر. اتفقنا على ان نطلب من وزراء الخارجية دراسة الوضع بسرعة خلال اجتماعهم غير الرسمي المقرر الاسبوع المقبل في دبلن واتخاذ موقف مشترك’.
من جانبه، اكد هولاند للصحافيين في ختام القمة ان وزراء الخارجية سيدرسون في اجتماعهم المقرر منذ فترة طويلة في 22 و23 آذار (مارس) في دبلن ‘كل عواقب رفع الحظر’.
وعبر عن امله في ان يتخذ الاوروبيون ‘في الاسابيع المقبلة’ قرارا في هذا الشأن. وقال ان ‘اسلحة تسلم من قبل دول بينها روسيا الى بشار الاسد ونظامه. علينا استخلاص كل العبر وعلى اوروبا اتخاذ قرارها في الاسابيع المقبلة’.
وتابع الرئيس الفرنسي ان ‘الاوروبيين قد يكون لديهم قرار يجب ان يتخذوه’ قبل نهاية ايار (مايو)، موعد انتهاء العقوبات الاوروبية على سورية او تمديدها لان ‘الوضع يتطور’ على الارض.
من جانبه، يعقد الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية مطلع الاسبوع المقبل اجتماعا في اسطنبول ارجىء حتى الآن مرتين بهدف اختيار رئيس حكومة تتولى ادارة شؤون المناطق الواقعة تحت سيطرة مقاتلي المعارضة السورية، بحسب ما ذكر عضو في الائتلاف لوكالة فرانس برس.
وقال عضو الائتلاف سمير نشار من اسطنبول ردا على سؤال لوكالة فرانس برس في اتصال هاتفي ‘حتى الآن، لا يزال اجتماع الائتلاف قائما. وسيتناول اختيار رئيس حكومة’.
ويعقد الاجتماع الاثنين 18 والثلاثاء 19 آذار (مارس) في اسطنبول حيث يقيم عدد كبير من المعارضين السوريين.
على الارض، وتحت شعار ‘عامان من الكفاح… ونصر ثورتنا قد لاح’، خرج سوريون بالالاف في مناطق سورية عدة مع دخول النزاع السوري عامه الثالث.
وهتف المتظاهرون في مدينة حاس في ادلب (شمال غرب) ‘يا عرب يا عرب سلحونا يا عرب’، وحملوا لافتة كبيرة كتب عليها ‘قسما لن ينفد مداد حبرنا، قسما لن تفتر عزائم صبرنا، قسما لن نرجع لحظائر اسرنا’.
وفي مدينة الهبيط في ادلب ايضا، حمل المتظاهرون لافتة كتب عليها ‘جوع، مجازر، قصف، سكود، رعب، اعتقالات، نزوح، عامان: ثورة شباب ولسه العمر بأولو’.
في مدينة حلب في الشمال ومدينة الباب القريبة منها، احيا المتظاهرون السوريون المناسبة على وقع الطبول والموسيقى والاغاني المناهضة للرئيس السوري بشار الاسد، وبينها الاغنية الشعبية التي باتت معروفة في كل سورية ‘ثورة ثورة سورية، ثورة عز وحرية سورية’، وسط غابة من ‘اعلام الثورة’ الخضراء والسوداء والبيضاء مع ثلاثة نجوم حمراء.
في مدينة الحارة في درعا (جنوب)، هتف المتظاهرون ‘عاشت سورية ليسقط بشار الاسد’، وكتبوا بين شعاراتهم ‘كل عام وانتم ثوار على الظلم والظلام’.
واكد متظاهرون في اللطامنة في محافظة حماة (وسط) ان ’15 آذار رمز عزتنا وكرامتنا’، وجددت مدينة الحميدية في حماة قسمها ‘باقون على العهد حتى اسقاط النظام’، متسائلة في لافتة اخرى ‘تسليحنا يخالف القانون الدولي، ذبحنا لا يخالف القانون الدولي؟’.
في دير الزور (شرق)، رفعت لافتة كتب عليها ‘صار عمر الشعب سنتين’.
ولفت ان عددا كبيرا من الناشطين السوريين كتبوا على حساب ‘سكايب’ الخاص بهم للتواصل عبر الانترنت ان اليوم هو تاريخ ميلادهم، في اشارة الى انهم ولدوا من جديد في مثل هذا التاريخ من العام 2011 عندما بدأت الحركة الاحتجاجية ضد النظام السوري.
ميدانيا، افاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان اعمال العنف الجمعة اسفرت في حصيلة غير نهائية عن 82 قتيلا هم 40 مدنيا و20 عنصرا من قوات النظام و22 مقاتلا معارضا.
وكان رئيس المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة انتونيو غوتيريس حذر في وقت سابق الجمعة في بيروت من ‘خطر حقيقي لانفجار’ في المنطقة نتيجة الحرب السورية.
وبحسب الامم المتحدة، فان 1.1 مليون سوري غادروا بلادهم هربا من اعمال العنف ولجأوا خصوصا الى الدول المجاورة، فيما اربعة ملايين آخرين نزحوا داخل بلادهم.
وافاد مصدر امني سوري وكالة فرانس برس الجمعة ان السلطات السورية تشتبه في ان الاردن بدأ منذ فترة بالسماح بتسلل جهاديين وتهريب اسلحة الى جنوب سورية.
وقال المصدر في اتصال هاتفي اجري من بيروت ان السلطات ‘تشجب التغيير الحاصل في موقف الاردن الذي فتح منذ حوالى عشرة ايام حدوده وسمح بمرور جهاديين واسلحة كرواتية مدفوع ثمنها من السعودية’.
واضاف ‘هذا تغيير في الموقف، لان الاردن حتى اليوم كان يضبط حدوده بشكل جيد لمنع مرور ارهابيين واسلحة’ الى الداخل السوري.
واعتبر ان سبب هذا التغيير هو ‘ضغوط تمارسها دول معادية لسورية’.
وكانت سورية هددت الخميس بقصف تجمعات ‘العصابات المسلحة’ في لبنان في حال استمر تسللها عبر الحدود، وذلك بحسب ما جاء في رسالة بعثت بها وزارة الخارجية السورية الى الخارجية اللبنانية.
وتزامن ذلك مع اعراب مجلس الامن الدولي عن ‘قلقه العميق’ من ‘الحوادث الحدودية المتكررة’ بين سورية ولبنان، في بيان تبناه الخميس.
واكد المجلس ايضا ‘اهمية الاحترام التام لسيادة ووحدة الاراضي اللبنانية وسيادة السلطة اللبنانية’، ودعا اللبنانيين الى ‘الامتناع عن الضلوع في الازمة السورية’.
في تونس، اعلن راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الاسلامية الحاكمة في تونس الجمعة ان لا علاقة لحزبه بارسال شبان تونسيين الى سورية لـ’الجهاد’ ضد قوات الرئيس السوري بشار الاسد.
سورية: ‘بابا عمرو’ يتحضر لمعارك طاحنة بعد إكمال جبهة النصرة تمركزها فيه
دمشق ـ ‘القدس العربي’ ـ من كامل صقر: تفيد معلومات ميدانية من مدينة حمص وسط البلاد بأن المعارضة السورية المسلحة تسعى لاستعادة معارك حي بابا عمرو الواقع جنوب غرب مدينة حمص، مستفيدة من توجه الثقل العسكري للجيش السوري وقوات الدفاع الوطني المساندة له نحو أحياء باب هود والخالدية وحمص القديمة وكذلك نحو مدينة الرقة شرقاً بهدف استعادتها من سيطرة الكتائب الإسلامية المسلحة هناك.
وتقول مصادر سورية مطلعة أن عشرات المسلحين من جبهة النصرة بدأوا يتوافدون تسللاً منذ عدة أيام نحو حي بابا عمرو فدخلوا أطرافه عبر بساتينه المجاورة لأحياء جوبر والسلطانية، أغلب المقاتلين الذين بدأوا يأخذون مواقعهم بحي بابا عمرو يتوافدون من حي جورة العرايس وحي الوعر النائم على مستوى النشاط المسلح حتى الآن وفق قول المصادر السورية، التي تُضيف أنه في حال تمكن أعداد كبيرة من مقاتلي جبهة النصرة المتمرسين ميدانياً من التمركز داخل حي بابا عمرو فإن معارك طاحنة سيشهدها هذا الحي لأسابيع طويلة قادمة، وستكون مهمة الجيش السوري في فرض سيطرته عليه غير سهلة إطلاقاً.
سيطرة الميليشيات المسلحة المعارِضة على حي بابا عمرو يعني قدرة على ممارسة تأثير كبير على حركة الطريق الدولي السريع بين العاصمة دمشق ومدن الساحل (طرطوس واللاذقية) إذ يقع حي بابا عمرو في عقدة استراتيجية يمكن للمسلحين في حالة سيطرتهم عليه التأثير أيضاً بشكل أو بآخر على طريق حمص ـ حماه، وإضافة لذلك تؤثر الحالة الأمنية في بابا عمر حتى على نشاط جامعة البعث بحمص لوجود عدة كليات تعليمية في أحياء مجاورة له.
سبق لحي بابا عمرو أن شكّل أبرز معاقل المعارضة المسلحة على مستوى الجغرافية السورية خلال الأسابيع الأخير من العام 2011 وحتى مطلع العام 2012 حيث تمكن الجيش السوري من بسط سيطرته علي الحي بعد أسابيع طويلة من أعنف الاشتباكات المسلحة والعمليات العسكرية التي شنها الجيش السوري، وتصدر حي بابا عمرو المشهد الإعلامي العالمي خلال تلك العمليات.
سورية على الخريطة دولة بحدود وعلى الارض نظام يتداعى.. اقطاعيات طائفية.. مسلحون ومتطرفون وعصابات اجرام
ابراهيم درويش
لندن ـ ‘القدس العربي’: هذا هو العام الثالث على الانتفاضة السورية، عامان مضيا حصدت فيهما سورية الالم والدمار، وتحولت الى دولة شبه فاشلة ـ تملك حكومتها في دمشق ترسانة من الاسلحة الكيماوية، وتسيطر الفصائل المعارضة على مناطق واسعة من البلاد، تجد صعوبة في ادارتها بسبب استمرار القصف الجوي عليها، ونقص الدعم الدولي، والخلافات بينها.
لم تنجح الدول الداعمة للانتفاضة السورية في التوصل الى صيغة واحدة لدعم السوريين، فقد سيطر موضوع تسليح المعارضة على النقاش طوال العام الماضي مذ ان دخلت الانتفاضة مرحلة العسكرة، وها هي فرنسا وبريطانيا تتحدثان عن تسليح المعارضة كضرورة لمنع الاسلاميين من التسيد في مرحلة ما بعد الاسد، وها هي سورية تصبح محط رحال الجهاديين من العالم خاصة من بريطانيا وفرنسا والمانيا.
امريكا المترددة
الدول التي ترفض دعم المقاومة السورية تعتذر بالقول ان المعارضة مفككة ولا تتبع قيادة واحدة واخرى، فامريكا تصر على الفيتو – وهو عدم التسليح – خوفا من وقوع الاسلحة التي سترسلها الى المقاتلين بيد الجهاديين الاسلاميين، خاصة جبهة النصرة التي وضعتها واشنطن العام الماضي على قائمة الجماعات الارهابية، وتعترف في الوقت نفسه بدورها الفاعل على الارض وقدرتها على جذب وكسب عقول المواطنين، وهذا واضح من تصريحات اريك هولدر وزير العدل الامريكي، ومسؤولين في الخزانة و’كورس’ طويل من الاصوات داخل الادارة. وحتى جون كيري وزير الخارجية الذي كان يدعو لدعم المعارضة بالسلاح ان اقتضى الامر اثناء عمله كسناتور اصبح الآن يتمسك بالحل الدبلوماسي ودعوة كل الاطراف للجلوس الى طاولة المفاوضات.
ولم تعد تسمع اللازمة التي كررها اوباما ووزيرة خارجيته السابقة هيلاري كلينتون بضرورة خروج بشار الاسد من السلطة، وان ايام الديكتاتور السوري اصبحت معدودة. فلم تحظ سورية في خطاب اوباما الاخير الذي وجهه للامة الامريكية الا بفقرة او فقرتين. وكل الحديث والتسريبات والضغوط التي مورست على رئيس الائتلاف الوطني السوري للمشاركة في مؤتمر روما الشهر الماضي لم يؤد الا الى حزمة من المساعدات الانسانية للمعارضة مباشرة.
فلم يقدم اوباما للمعارضة سيارات مصفحة ولا سلاحا فتاكا يعينها على التخلص من النظام. واشنطن التي خرجت من العراق وتحضر نفسها للخروج من افغانستان وشاركت في ليبيا في المقعد الخلفي لا تريد التورط في حرب جديدة في العالم العربي.
قصة انتفاضة دموية
هذا على جانب السياسة الدولية، التي لم يعد يسمع فيها بعد صوت الجامعة العربية او المبعوث الاممي الاخضر الابراهيمي، فقط الرصاص والسلاح هو الذي سيحسم المعركة. على الرغم من كل هذا فالمشهد السوري اليوم هو غيره قبل عامين، خسر النظام الكثير من مناطقه، ولم تبق بيده الا المدن الكبيرة والتي تتعرض نفسها للحصار والضربات. دمشق التي ظلت الانتفاضة بعيدة عنها طوال الاشهر او قل العام الاول من الانتفاضة وصلت اليها الحرب واصبح صوت القصف جزءا من الحياة اليومية، ويعاني السكان كما يعاني بقية اهل سورية من نقص المواد الغذائية وانقطاع في التيار الكهربائي، حلب مقسمة الى قسمين شرقية وغربية، وقدرة الجيش السوري على الصمود تتناقص خاصة انه يعاني من مشكلة ايصال الوقود والدعم اللوجيستي لقواته. لا شيء بيد النظام آمن على ما يبدو لكنه لا يزال صامدا، على الرغم من معركة دمشق ‘الحاسمة’ اعلن الجيش الحر عنها اكثر من مرة، ولم يستطع الدخول اليها وظل يراوح في المناطق المحيطة في العاصمة. الكل يعرف سواء راقب اعلام النظام او المعارضة ان بشار الاسد ونظامه ليس في وضع قوي، لكن الاسد لم يكن في خطابه امام مجموعة من انصاره في دار الاوبرا بدمشق (شهر كانون الثاني- يناير) في مزاج من يريد التنازل ولا الاعتراف بالواقع او المعارضة. لا شك ان سورية اليوم هي غير سورية التي بدأ الاحتجاج فيها على استحياء. فلم يكن يعرف السوريون الذين دعوا للخروج والاحتجاج عبر الفيسبوك والانترنت للاحتجاج ان دعوتهم ليوم الكرامة ستقود الى مقتل 70 الف شخص وتشريد الملايين وتدمير للبلاد، وتقسيمها؟ كانوا يدعون للكرامة والحرية اسوة بما قام به اخوانهم العرب في مصر وتونس واليمن وليبيا. مطالبهم كانت للتحول الديمقراطي وتعديل الدستور الذي يجعل من حزب البعث ‘الحزب القائد في المجتمع والدولة’.
هذه المطالب المدنية وغيرها ادت بالنظام الى ارتكاب سلسلة من الاخطاء واعتماد الحل الامني لقمعها، حيث اكد ان سورية ليست ليبيا ولا تونس او مصر ولا اليمن، كان خيار النظام هو ارسال قوات الامن للشارع لقمع التظاهرات، حيث بدأ القمع في درعا وبانياس وحمص وحماة، مع استمرار التظاهرات بدأ القتلى يسقطون، ثم تتالى سقوط القتل والقمع، واستمر التحدي وحمل الناس السلاح دفاعا عن انفسهم ضد امن النظام والشبيحة، كان صورة حمزة الخطيب الفتى الذي عذب حتى الموت وشوه صادمة في حينها ولكنها الان اصبحت جزءا من ارشيف العنف، فقد ذبح الامن ابراهيم القاشوش، مغني الانتفاضة في حماة ، ودمر جسر الشغور، بعد مقتل اكثر من مئة من جنوده، ثم جاءت حمص وبابا عمرو، والحولة والقبير، وبعدها توسعت الانتفاضة في ادلب وحلب والان يقف المقاتلون على مشارف دمشق.
سورية من الجو
شاهد العالم الازمة في سورية وتطورها من فعل سلمي الى حرب اهلية عبر عشرات الالاف من الصور وافلام الفيديو التي وضعت على الانترنت ومصدرها الرئيسي المعارضة، والتقارير التي قدمتها وسائل التلفزة العالمية قليلة خاصة ان النظام يحظر على الاعلام الغربي والمستقل الدخول والعمل في سورية.
والسؤال الآن هو ماذا بقي من سورية؟ فعلى الخريطة هناك دولة لا تزال تتمتع باعتراف بعض الدول وممثلها في الامم المتحدة يحتفظ بمنصبه فيما حظيت المعارضة باعتراف دولي وهناك امكانية لان تشغل مقعد سورية في الجامعة العربية ان توصلت المعارضة نفسها لتسوية داخلية فيما بينها. لكن الخريطة والاسماء شيء والواقع شيء اخر، فعلى الارض هناك سورية مدمرةـ صور بعض مدنها تعيد للذهن درسدن في الحرب العالمية الثانية، وغروزني في اواسط التسعينات عندما سواها الجيش الروسي بالتراب.
واكثر من هذا فقد حولت الحرب سورية كما اظهر تقرير لمجلة ‘تايم’ والتقط صورا فضائية لاماكن فيها الى ركام وحطام، والى امارات تديرها فصائل المعارضة المتنافسة وذات الايديولوجيات المختلفة. سورية اليوم هي نظام يتداعى، اقطاعيات طائفية، مسلحون بزي عسكري، متطرفون، عصابات اجرام. وعلى الرغم من صعوبة فهم الوضع لمن لم يزر سورية وللسوريين المحاصرين في مدنهم والساكنين المغاور والمخيمات الا ان شركة ‘ديجيتال غلوب’ وهي شركة تجارية للصور الفضائية، قامت بالتقاط صور عالية الجودة ووثقت الحرب في سورية، وقارنت الصور القادمة من هناك بما كانت عليه سورية قبل عقد من الزمان حيث الحياة عادية.
وحس المقارنة صادم بين اليوم والامس، فالاحياء التي كانت تعج بالحياة والنشاط اصبحت جزءا من التاريخ وانقاضا سويت بالتراب. ومدن تاريخية مثل حمص وحلب اصبحت ارضا يبابا، فيما جرفت الدبابات بساتين الزيتون وفتحت فيها طرقا كي تمر منها لضرب المقاتلين. ولدى شركة ‘ديجيتال غلوب’ حسب المجلة صورة لخندق ممتد على امتار طويلة تقول انه مقبرة جماعية. ونشرت المجلة الدمار الذي تركه القصف المدفعي على بابا عمرو في المواجهة التي استمرت اسبوعين عام 2012 قبل ان يجبر الجيش المقاتلين على الانسحاب من الحي. وتقول المجلة ان الشركة لديها خمسة اقمار اصطناعية تدور حول الارض وتلتقط صورا فضائية عالية الجودة ولدى الاقمار القدرة على تسجيل ادق التفاصيل حتى الزجاج الامامي للسيارة.
ونقلت عن ستيفن وود، نائب مدير الشركة قوله انهم في سورية كانوا قادرين على التقاط صور لحملات القمع التي قام بها نظام الاسد ضد مراكز المقاومة. ويقول ان الشركة قامت بمراقبة وتسجيل العملية العسكرية التي قام بها النظام في بابا عمرو العام الماضي حيث قال وود انه كان باستطاعتهم رؤية الجيش وهو يطلق القذائف والدخان المتصاعد من المباني جراء القصف، مشيرا ان الدمار الكبير يؤشر الى الاسلحة الثقيلة التي استخدمها النظام.
وقد اشارت منظمات حقوق الانسان والدبلوماسيين الى صور الشركة في توثيقهم للجرائم التي ارتكبها النظام. ويقول وود ان دقة تكنولوجيا الاقمار الصناعية في التقاط الصور تمثل وجها جديدا في تغطية الحروب حيث يقول ان ‘الصناعة التي ننتمي اليها قادرة على اضفاء نوع من الشفافية عل الصراعات الحديثة التي لم يستطع العالم مشاهدتها’. وفي هذا تقدم في تجربة الاقمار الاصطناعية في رصد الحروب من على بعد رؤية عن حجم الحرب وثمنها الانساني الفادح.
فرنسا وبريطانيا واسرائيل
وستواصل الشركة التقاط الصور لان الحرب لن تتوقف على ما يبدو في القريب العاجل، فدعوة الرئيس الفرنسي الى رفع الحظر الاوروبي عن تصدير الاسلحة للمعارضة والمتناغمة مع المطالب البريطانية تمثل تطورا وتغليبا للعمل العسكري، ولكن الدعوة ستصطدم بالمعارضة داخل الاتحاد الاوروبي، وجاءت تصريحات هولاند بعد اسبوع من التصريحات البريطانية حيث اشار ويليام هيغ، وزير الخارجية ان بريطانيا ستتصرف منفردة حالة رفض الاتحاد الاوروبي خطة تخفيف قانون العقوبات على سورية.
وفي الوقت الذي بررت فيه بريطانيا موقفها على انه محاولة لحرف مسار الحرب لصالح الجماعات المعتدلة في الانتفاضة السورية وعدم ترك الساحة للاسلاميين فقد اتهم لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي روسيا بدعم الاسد بالاسلحة، فيما اعتبر سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي ان دعم الجماعات المسلحة يعتبر انتهاكا للقانون الدولي. واشارت تقارير فرنسية الى ان باريس زودت المعارضة بصواريخ ارض- جو من اجل مواجهة التفوق الجوي للاسد.
وجاء دعوات فرنسا وبريطانيا في وقت اتهم فيه مسؤول امني اسرائيلي ايران وحزب الله بانشاء قوات دفاع شعبي في سورية قوامها 50 الفا لاطالة عمر النظام ولحماية مصالحهما حالة انهياره. والمعلومات التي نقلتها صحيفة ‘الغارديان’ عن الجنرال افيف كوتشافي ليست جديدة فقد سبق ان اشار المسؤولون الامريكيون الى قوة مماثلة انشأتها ايران على غرار قوات الباسيج الايرانية لحماية النظام.
وقالوا ان ايران انفقت الملايين عليها. ولكن كوتشافي، مدير الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية يقول ان ايران تخطط لمضاعفة عدد قوات الدفاع الشعبي هذه الى مئة الف، زاعما ان مقاتلي حزب الله هم الذين يدربون المتطوعين فيه. وفي نفس الوقت حذر الجنرال الاسرائيلي من سيطرة الجهاديين واختراقهم للانتفاضة خاصة جبهة النصرة التي زعم انها تقوم باختراق لبنان، واقامة علاقات مع منظمة في سيناء المصرية اسمها منظمة ‘انصار بيت المقدس’.
جيش تتناقص اعداده
وفي الوقت الذي تعارض فيه اسرائيل تسليح المعارضة خوفا من وقوعها في الجماعات المعادية لها الا ان اسرائيل تضع نصب اعينها الترسانة الكيماوية التي يملكها النظام السوري ومنظومات الصواريخ المتقدمة وعليه فالمسؤولون مستعدون للقيام بغارات مماثلة كتلك التي شنها الطيران الاسرائيلي في بداية العام الحالي. ونقلت صحيفة ‘الغارديان’ عن مصدر امني اسرائيلي قوله ان هناك استعدادا لتوجيه ضربات جديدة، وهناك امكانية لتصعيد العمليات ‘وتركز اسرائيل بقوة على هذا ولكنها قلقة من غياب التركيز الدولي’ على موضوع السلاح الكيماوي والصواريخ التي يمكن ان تذهب لحزب الله.
وبحسب تقديرات لمسؤول في الجيش الاسرائيلي فحزب الله تملك 50 الف صاروخ من مختلف الانواع وهناك الف منها قادرة على الوصول الى اسرائيل. واعترف المسؤول قوله ان التصعيد قد يؤدي الى حرب لا تريدها اسرائيل ولا حزب الله في هذا الوقت، حيث سيستخدم حزب الله كل ترسانته وسيقود الى اجيتاح اسرائيلي وقوات برية لان تدمير راجمات الصواريخ لن يتم الا بعملية برية واحتلال القرى التي يستخدمها الحزب لاطلاق الصواريخ.
ومع ان اسرائيل والدول الغربية تردد دائما ان ضباطا من الحرس الثوري الايراني ومقاتلين من حزب الله يقاتلون الى جانب الاسد، لكن المسؤولين الاسرائيليين يقولون ان قاسم سليماني، قائد لواء القدس زار دمشق للاشراف على العمليات.
وفي خطاب كوتشافي ان الضرر الذي سيصيب ايران مع اقتراب انهيار النظام السوري سيكون كبيرا، لانها مع حزب الله ستخسر حليفا قريبا من اسرائيل وستفقد القدرة على نقل الاسلحة الى حزب الله. واشار الى ان ايران تقدم لسورية دعما استشاريا ويشرف قادتها على العمليات.
مقاتلو المعارضة السورية يؤكدون انهم توقفوا عن اعدام الجنود الاسرى
دير الزور (سورية) ـ ا ف ب: يؤكد القائد ابو سلام طبسة في دير الزور امام جندي شاب في الجيش السوري اسره مسلحو المعارضة منذ كانون الثاني (يناير) ان ‘الامور تغيرت واليوم لم نعد نعدم الاسرى’.
ويقول الجندي علاء ابراهيم الذي ينتمي الى الاقلية العلوية واسر في كانون الثاني (يناير) على يد ‘كتيبة احفاد محمد’ في مدينة دير الزور شرق سورية، انه لم يعد قلقا حيال نوايا مقاتلي المعارضة. وقال الجندي البالغ الـ 22 من العمر والمتحدر من حماه بوسط سورية التي تشهد نزاعا دمويا منذ عامين ‘عندما وقعت في الاسر اعتقدت ان المقاتلين سيعدمونني’.
وافاد مراسل فرانس برس ان الجندي كان يتحدث من دون ان يراقب او يسجن واكد انه يدلي بتصريحاته بحرية.
واضاف وهو ينظر الى القائد ابو سلام طبسة الذي دخل الغرفة لتوه ‘قال الجيش لاسرتي اني اعدمت. لكن هذا الرجل اعطاني هاتفه النقال لاتصل بوالدتي واؤكد لها اني بصحة جيدة’.
واعرب علاء عن رغبته في العودة الى اسرته في حماه. واضاف ‘قالوا لي اني ساتمكن من العودة الى دياري قريبا وانهم يحاولون ايجاد طريق آمن’ لتفادي المعارك.
وقال القائد طبسة ‘اذا اراد علاء ان يجتمع باسرته فليعد الى دياره’.
واضاف ان مقاتلي المعارضة يتحققون من ان الجنود الاسرى ‘لم يمارسوا القتل قبل ان يقرروا ما اذا ارادوا العودة الى ديارهم او مغادرة سورية او الانضمام الى صفوفنا’. واوضح ‘لا نرغمهم على القيام باي شيء’.
وتابع ان ‘الجنود الذين يقرون بانهم قتلوا نبادلهم بمدنيين مسجنونين لدى النظام. ماذا نستفيد اذا اعدمناهم رميا بالرصاص؟’.
لكنه يقر بان معارضين اعدموا في الماضي جنودا اسرى. واضاف ‘في الماضي لم نحسن التصرف فمثلا اعدمنا جنودا اسرى لكن الامور تغيرت. واليوم ما عدنا نعدم الاسرى’.
وقال ان ‘المقاتل (المعارض) الذي يقوم بذلك يحاكم من قبل مجلس حرب’.
ودعت منظمة العفو الدولية مجلس الامن الدولي الى احالة ملف جرائم الحرب المرتكبة من قبل جانبي النزاع على المحكمة الجنائية الدولية.
واكدت منظمة العفو ان لديها ادلة تفيد باستخدام قوات النظام السوري ‘اسلحة محظرة دوليا ضد المدنيين’ ولجوء مقاتلي المعارضة الى ‘تعذيب وقتل جنود وعناصر ميليشيات موالية للحكومة ومدنيين’ اسروا او خطفوا.
وقال القائد ‘اذا اردنا ان تنتهي هذه الحرب يوما، فلا يمكننا ان ننجر وراء الاحقاد واعمال الثأر. كلنا سوريون واشقاء’.
ويؤيد اكرم عساف وهو مقاتل معارض هذا الرأي بالقول ‘لا فرق بين الاسرى وجنودنا. كلنا اخوة وكلنا سوريون. ننام معا ونأكل معا’.
ورغم تطمينات القائد طبسة، لا يزال علاء قلقا على مستقبله ومستقبل بلاده.
وقال ‘اذا عدت الى منزلي سيطلب مني ان التحق بصفوف الجيش واذا رفضت فساعدم مع جميع افراد عائلتي’، آملا بان يتاح له اللجوء الى الخارج.
واضاف ‘اتخوف من حرب طائفية لان هناك جهاديين في صفوف مسلحي المعارضة. واذا استولوا على السلطة فسنواجه في المستقبل مشاكل جدية والحرب لن تنتهي ابدا’.
محللون: تدخل غربي حذر في الصراع السوري لدعم مقاتلي المعارضة العلمانيين
لندن – من بيتر ابس: تتجه فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة لإمداد مقاتلي المعارضة السورية بمساعدات املا في دعم القوى الاكثر ميلا للعلمانية على حساب الإسلاميين المتشددين الذين يكتسب دورهم في الانتفاضة أهمية متزايدة. وتلقي تجربة افغانستان – حيث ساعد تسليح الامريكيين لقوات المجاهدين في الثمانينات على صعود مقاتلي طالبان والقاعدة – بظلالها.
وفي ليبيا يبدو زعيما بريطانيا وفرنسا اكثر إقبالا من الرئيس الامريكي باراك اوباما على مزيد من التدخل.
لكن في ظل تسليح السعودية وقطر لمقاتلي المعارضة السورية علنا فإن بريطانيا وفرنسا – الملتزمتين مع واشنطن بتحقيق هدف رحيل الرئيس بشار الأسد – تريدان على الأقل ضمان وصول الأسلحة للجماعات المعنية والا تكون شديدة التقدم حتى لا تمثل تهديدا للغرب.
وهما تعتقدان أنهما الآن في موقف يسمح لهما بهذا بعد عامين من اندلاع انتفاضة تحولت الى حرب أهلية وأودت بحياة نحو 70 الف شخص وأدت الى تشريد مليون شخص.
وقال دبلوماسي غربي كبير ‘الحجج المعروفة الرافضة لتسليح مقاتلي المعارضة مثل البحث عن حل سياسي اولا وعدم اللجوء لعسكرة الموقف او سقوط الاسلحة في اياد غير ملائمة بدأت تفقد تأثيرها.’
وأضاف ‘حددنا الآن اين يمكن أن تذهب الأسلحة ومن سيحصل عليها. الضغط على بشار لا يجدي نفعا ولا نستطيع أن نسمح باستمرار اغتيال أحد الأطراف.’
وفي الأسبوعين الماضيين أعلنت بريطانيا والولايات المتحدة زيادة كبيرة في الدعم ‘غير الفتاك’ لمقاتلي المعارضة. وأصبح دعم الدولتين لجهود السعودية وقطر لتسليح المعارضة اكثر علانية.
وقالت فرنسا الخميس إنها ستتعاون مع بريطانيا لإقناع أعضاء الاتحاد الاوروبي الآخرين بتخفيف حظر على التسلح مفروض على سورية. وقال رئيس الوزراء ديفيد كاميرون يوم الثلاثاء إن بريطانيا قد تكون مستعدة لتجاوز الحظر.
ويعتبر دعم مقاتلي المعارضة على نحو متزايد الأداة الوحيدة المؤثرة التي تملكها القوى الاجنبية. واذا لم يتم تسليح قوى اكثر اعتدالا فإن الإسلاميين المتفوقين من حيث العتاد والتدريب بفضل دعم السعودية وقطر قد يكتسبون مزيدا من القوة.
وقال كاميرون للجنة برلمانية هذا الاسبوع ‘ربما من خلال الوقوف دون فعل شيء يتدهور الوضع ويتفاقم مستوى الجهاد.’
وأضاف ‘يمكنكم على الأقل أن يكون لكم تأثير على شركائكم… من خلال التعاون مع المعارضة عن طريق إمداد قطاعات من المعارضة.’
ويقول اشفون اوستوفار المحلل الاقليمي بمركز التحليلات البحرية وهي مؤسسة بحثية تمولها الحكومة الامريكية وتقدم الاستشارات للجيش الامريكي الى جانب عملاء آخرين ‘الأساس هو أنهم (مقاتلي المعارضة) يحصلون على أسلحة.’
وأضاف ‘هذا خيار صعب جدا… لكننا اذا لم نمدهم سيفعل هذا غيرنا.’
ويخشى الكثير من الدبلوماسيين والمحللين من أنه كلما طال أمد حرب سوريا زاد خطر تشرذم دولة عربية رئيسية في قلب صراعات الشرق الأوسط وسقوطها في فوضى مسلحة مما يعرض جيرانها للخطر.
ويقول مسؤولون بريطانيون إن بريطانيا وبالتالي فرنسا لن تتحركا دون دعم الولايات المتحدة على الأرجح والتي تتبنى موقفا اكثر حذرا حتى الآن.
لكن مصادر مطلعة في واشنطن تقول إن مجيء وزير الخارجية جون كيري غير هذه الديناميكية قليلا. كان كيري قد قال العام الماضي إن على واشنطن أن تسلح قوات المعارضة حين كان رئيسا للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ.
وقال اري راتنر وكان يعمل من قبل في وزارة الخارجية بإدارة الرئيس باراك أوباما وهو الآن باحث في مشروع ترومان للأمن القومي ‘في كل مؤسسة تقريبا – وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) وكالة المخابرات المركزية (سي.آي.ايه) فضلا عن المؤسسات البحثية والصحف – يعتقد الناس أن على الولايات المتحدة أن تفعل المزيد.’
وأضاف ‘المشكلة أنه لا أحد يستطيع الاتفاق على ما يجب القيام به لأنه لا توجد خيارات سهلة.’
في نهاية المطاف لا يعتقد كثيرون أن الإمدادات الطبية واجهزة اللاسلكي والسترات الواقية من الرصاص او حتى المركبات المصفحة رباعية الدفع ستغير دفة الحرب ضد الأسد بصورة كبيرة. كما لم تحرز الأسلحة التي تقدمها دول خليجية تقدما كبيرا.
وكانت مجلة دير شبيجل الالمانية وصحيفة جارديان البريطانية قد ذكرتا أن معلمين من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا يدربون مقاتلين معارضين في الأردن بمساعدة اجهزة المخابرات الاردنية بهدف تشكيل اكثر من عشر وحدات قوامها عشرة آلاف مقاتل في المجمل لكنها تستبعد المقاتلين الإٍسلاميين المتشددين وقلل مسؤولون أمنيون اوروبيون من أهمية هذه التقارير.
والى جانب أن الأردن يئن تحت ضغط 300 الف لاجيء سوري فإنه يستطيع أن يرى صعود التشدد الإسلامي على أعتابه وهو اكثر قلقا من السعودية او قطر. وفي العام الماضي صنفت الولايات المتحدة جبهة النصرة كجماعة إرهابية محظورة وهي واحدة من أنجح الجماعات الإسلامية المعارضة التي تقاتل في سورية.
وقال أحد منظمي التدريبات لمجلة دير شبيغل ‘اجهزة المخابرات الأردنية تريد منع السلفيين من العبور من بلادهم الى سورية ثم العودة لاحقا لإثارة اضطرابات في الأردن نفسه.’
ويقول البعض إن السماح للمعارضة السورية بأن تكون لديها اسلحة مضادة للدبابات يعتبر مجازفة محدودة نسبيا خاصة الأنظمة القادرة على إلحاق أضرار بأسطول الدبابات السوفيتية العتيقة لجيش الأسد لكنها اقل فعالية ضد النماذج الامريكية او الاسرائيلية الحديثة.
لكن الرئيس الفرنسي فرانسوا اولوند قال العام الماضي إنه يفضل إمداد مقاتلي المعارضة بأسلحة مضادة للطائرات للدفاع عن ‘المناطق المحررة’.
واذا كانت هذه الاسلحة هي اكثر ما يحتاجه مقاتلو المعارضة لصد قاذبات القنابل وطائرات الهليكوبتر الحربية لقوات الاسد فإنها ايضا اكثر ما يقلق واشنطن التي تخشى من احتمال سقوطها في ايدي المتشددين الذين سيوجهونها لطائرات مدنية. ويعتقد أن مقاتلي المعارضة استولوا على بعضها من مخزونات القوات الحكومية لكن ليست هناك رغبة تذكر في إمدادهم بالمزيد.
وحتى الآن لم تصل اي دولة غربية الى حد عرض تقديم اسلحة بشكل صريح.
ولكن في الاسبوع الماضي حذر كيري ووزير الخارجية البريطاني وليام هيغ من أنه اذا واصل الاسد تشبثه بموقفه فإن هناك خيارات اخرى تجري مناقشتها بالفعل.
وقال مسؤول غربي آخر ‘هذا أمر يجب مناقشته اذا نظرت الى اتجاه سير الاحداث.’
وأضاف ‘لا تجري مناقشة العمل العسكري المباشر بصورة مباشرة لكنه يكون دائما أمرا يمكن طرحه على الطاولة تحت ظروف معينة.’
ولاتزال المانيا القوة الاوروبية الرئيسية الاخرى المعارضة لتسليح مقاتلي المعارضة مباشرة. لكن وزير خارجيتها جيدو فسترفيله قال إن ‘من الضروري إظهار المزيد من المرونة وفهم أن علينا بالطبع أن ندعم المعارضة بطريقة مسؤولة.’
في نهاية المطاف سيكون الصوت الحاسم هو صوت الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
وقال العديد من الساسة الامريكيين الكبار للكونجرس إن أوباما رفض العام الماضي مقترحات بتسليح مقاتلي المعارضة كان يؤيدها مسؤولون كبار آنذاك مثل وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع ليون بانيتا ورئيس وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.آي.ايه) ديفيد بتريوس.
وقال كيري للإذاعة القومية العامة الامريكية إن أوباما ‘يشعر بقوة أن الحل الفوري ليس التمكين من مزيد من القتل.’
وأضاف أن أوباما يعتقد أن الافضل ‘محاولة إبلاغ الرئيس الأسد بأن هناك حلا.’
مسؤول بريطاني يحذر من تزايد تدفق المسلمين المتطرفين من بلاده على سورية
لندن ـ يو بي آي: حذّر مسؤول بريطاني من تزايد تدفق مسلمين متطرفين من بلاده على سورية للمشاركة في القتال الدائر ضد القوات الحكومية، وبشكل يفوق الأعداد الوافدة إلى مناطق الصراعات الأخرى.
وقالت صحيفة ‘ديلي تلغراف’ الجمعة إن المسؤول، الذي وصفته بالبارز دون أن تكشف عن هويته، أكد أن أعداد المسلمين البريطانيين الشباب الذي يسافرون إلى سوريا للقتال مع الجماعات المتطرفة ضد القوات الحكومية ‘تصاعد إلى درجة جعلت الصراع الدائر في سورية يشكل تهديداً كبيراً على الاستقرار والأمن في بريطانيا’. وأضافت أن المسؤول البريطاني البارز اعتبر ‘أن الوضع المفجع في سوريا هو الآن على مسار خطير’.
ونقلت الصحيفة عن المصدر قوله ‘إن الجهاديين البريطانيين يذهبون إلى سورية الآن وبأعداد تفوق جميع مناطق الصراع الأخرى مجتمعة في أفغانستان وباكستان واليمن’.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة البريطانية تدرس الآن سبل عزل الجماعات الجهادية في سورية مع توجهها إلى زيادة المساعدات للمتمردين بما في ذلك الأسلحة، فيما حذّر خبراء في شؤون الأمن من بروز جيل جديد من المجاهدين البريطانيين بعد اكتسابهم التدريب والخبرة من الحرب في سورية جراء موجات تدفق المسلمين من البلدات والمدن البريطانية إلى سورية وبمستويات غير مسبوقة خلال العقود الماضية.
ونسبت إلى نايغل أنكستر، المدير في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن والنائب السابق لرئيس جهاز الأمن الخارجي البريطاني (إم آي 6)، قوله ‘إن سورية أصبحت معركة أكثر أهمية بالنسبة للشبان المسلمين بالمقارنة مع الصراعات الأخرى ضد القوات الغربية وحلفائها في مناطق أخرى من المنطقة، وتحولت إلى مركز النشاطات الجهادية وخاصة بعد تراجع حدة العمليات القتالية في أفغانستان وصعوبة التدريب في المناطق القبلية بباكستان جراء تهديد غارات الطائرات الأميركية من دون طيار’.
وأضاف أنكستر أن تقارير وكالات الاستخبارات والأمن الغربية ‘تحذر الآن من إمكانية تحول سورية إلى بوتقة للإرهاب العابر للحدود وعلى غرار التمرد ضد الاحتلال السوفياتي لأفغانستان في عقد الثمانينات من القرن الماضي’.
وكانت تقارير صحافية ذكرت أمس الخميس أن وكالات أمنية اعتبرت أن سورية ‘حلت الآن محل باكستان والصومال وأصبحت الجبهة المفضلة للمتطوعين الإسلاميين الراغبين بالمشاركة في القتال بشكل فوري جراء غياب الأمن والمراقبة الرسمية النسبية’.
وقالت إن أكثر من 100 مسلم بريطاني ذهبوا إلى سوريا للمشاركة في القتال وهذا العدد يستمر في الارتفاع، ما جعل الوضع هناك يتحول إلى مشكلة فريدة من نوعها بالنسبة لأجهزة الأمن والاستخبارات الغربية في تعقب ومراقبة الجهاديين لكونهم يتلقون الدعم من دول غربية وحلفائها، وعلى النقيض من باكستان والصومال.
مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي: موسكو وواشنطن تدفعان بوتيرة عالية باتجاه حل دبلوماسي للأزمة السورية لمنع التنظيمات الإسلامية المتشددة من السيطرة على بلاد الشام
زهير أندراوس
الناصرة ـ ‘القدس العربي قال الباحث الإسرائيلي، تسفي ماغين، المختص بالشؤون الروسية إنه في الفترة الأخيرة بات ملاحظًا أن الاجتماعات الثنائية بين صناع القرار في موسكو وواشنطن في ما يتعلق بالأزمة السورية وسبل حلها، في ازدياد مستمر، الأمر الذي يُثير السؤال المفصلي هل توصلت الدولتان العظمتان إلى بلورة اتفاق بشأن مستقبل هذا القطر العربي، لافتًا إلى أن الوضع الأمني في سورية لم يتغير البتة، لا بل أن الجمود بات سيد الموقف بين الطرفين المتنازعين، على حد تعبيره، الأمر الذي يُوحي بأن الطرفين المتخاصمين ينتظران التدخل الدبلوماسي للمجتمع الدولي بهدف التوصل إلى حل يكون مقبولاً عليهما.
بموازاة ذلك، أضاف الباحث ماغين في دراسته التي نُشرت على موقع مركز أبحاث الأمن القومي، التابع لجامعة تل أبيب، فإن روسيا تواصل انتهاج سياساتها المعروفة، التي تتمثل في منح الدعم السياسي والعسكري لنظام الرئيس د. بشار الأسد، علاوة على ذلك، أكد الباحث على أن صناع القرار في موسكو لا يألون جهدًا في تثبيت وجودهم في المنطقة، وعدم السماح للقوى العظمى الأخرى بإبعادهم عن مجريات الأمور في دمشق، وللتدليل على ذلك، بحسب الباحث ماغين، فإن روسيا قامت في الأسابيع الأخيرة بتكثيف تواجد أسطولها العسكري في البحر الأبيض المتوسط، بالقرب من الشواطئ السورية، مشددةً على أن الحديث يدور عن بقاءٍ طويلٍ جدًا للأسطول في هذه المنطقة، وهذا الأمر يُدلل على أن روسيا لن تتنازل بأي شكلٍ من الأشكال عن مصالحها في منطقة الشرق الأوسط، وشددت الدراسة على أن روسيا لا تدعم سورية فقط، إنما تقوم بدعم ما أسماه الهلال الشيعي، الذي يشمل بالإضافة إلى سورية، إيران وحزب الله اللبناني، وبرأيه فإن هذه السياسة الروسية تكبح جماح المعسكر السُني، المدعوم وفق رؤيتها من قبل الغرب، والذي يخوض معركة مع المعسكر الشيعي، الأمر الذي قد يؤدي للمس بمصالح روسيا في مجال الأمن القومي.
وتابع الباحث قائلاً إن سياسة روسيا الإقليمية، والتي تقوم بتطبيقها منذ سنة ونصف السنة، تهدف إلى استغلال الأزمة السورية للمحافظة، لا بل لتطوير، مصالحها الإقليمية المتمثلة بوقف المساعي الحثيثة للدول الغربية لوقف التدخل الروسي في المنطقة، كما أنها على صعيد المصالح الدولية، تستغل الأزمة السورية كرافعة للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية لتثبيت مصالحها الحيوية، وفي هذا السياق، قال الباحث، إن العلاقات الأمريكية الروسية شهدت في الفترة الأخيرة توترا شديدا بسبب عدم تطبيق سياسة البدء من جديد في علاقاتهما، والتي تم الاتفاق عليها.
علاوة على ذلك، لفت الباحث إلى أن روسيا بدأت تشعر بأن حلف شمال الأطلسي يقوم بعمليات تحد لها، وتحديدًا برنامجه المتمثل في نصب صواريخ باليستية في شرق أوروبا. مع ذلك، رأى الباحث أن استغلال الأزمة السورية من قبل روسيا لزيادة تأثيرها على السياسة الأمريكية في المنطقة لم ينجح، وبالتالي فإن هذا الأمر، بالإضافة إلى عوامل أخرى دفعت بروسيا إلى زيادة تدخلها في المستجدات الأخيرة على الساحة السورية وعلى الساحة الشرق أوسطية في محاولة مكثفة لإيجاد الحلول للوضع الأخذ بالانحدار إلى الدرك الأسفل، على حد تعبيره.
وبالمقابل، رأى الباحث أنه بات واضحًا وجود بعض التغييرات في السياسة الأمريكية، بما في ذلك موقف واشنطن من دمشق، لافتًا إلى أن العديد من العوامل تقف وراء هذا التغيير، منها، أن الخارجية الأمريكية في فترة أوباما الثانية تقوم بإعادة النظر في سياستها، الخسارة الأمريكية في سورية، إن كان ذلك عن طريق استمرار الحرب الدائرة، وإنْ كان عن أن هذا الوضع يزيد من التأثير الروسي على مجريات الأمور ليس في دمشق وحدها، بل في الشرق الأوسط برمته، كما أن صناع القرار في واشنطن باتوا يخشون من تحول المعارضة السورية والسيطرة عليها من قبل القوى الإسلامية المتشددة، على حد تعبير الدراسة. وتابع ماغين قائلاً إنه من غير المستبعد أنْ تكون هذه العوامل وعوامل أخرى لم يتم الكشف عنها وراء المباحثات المكثفة في الآونة الأخيرة بين واشنطن وموسكو، كما أنه من غير المستبعد البتة أنْ يكون هدف هذه المفاوضات الحثيثة هو التوصل لاتفاق لحل الأزمة السورية بالطرق الدبلوماسية، بما في ذلك مستقبل النظام الحاكم في دمشق.
ولفت المحلل الإسرائيلي إلى أن الروس باتوا على استعداد معين لدراسة حل يقضي بإبعاد الرئيس الأسد عن منصبه وتشكيل حكومة جديدة، والتي تجمع داخلها عناصر من المعارضة وعناصر معتدلة من النظام الحاكم، مشددا على أن هذه الخطة لا يُمكن أنْ تخرج إلى حيز التنفيذ دون الرجوع إلى القوى اللاعبة على المعلب السوري، ولكن الباحث شدد على أن التنازلات الروسية للأمريكيين في الأزمة السورية لن يكونوا مجانًا، ذلك أن موسكو تطمح للحفاظ على مصالحها بالتفاهم مع أمريكا في مناطق أخرى من العالم، والأهم بالنسبة لروسيا في هذا السياق هو موضوع نصب الصواريخ الباليستية في شرق أوروبا، ذلك أنه إذا لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق بشأن سورية، فإن الرسالة الروسية للغرب واضحة: موسكو ستُواصل دعم الأسد حتى النهاية، ولا تخشى حتى من تفكك الدولة السورية.
من الناحية الأخرى، قالت الدراسة إن المصالح الروسية لا تقتصر على سورية فقط، بل أن موسكو لها أطماع في كلٍ من قطر والبحرين وتبحث عن مشاريع جديدة في هاتين الدولتين الخليجيتين، هذه العوامل مجتمعة تقطع الشك باليقين، قال الباحث ماغين، بأن روسيا لن تتنازل قيد أنملة عن مصالحها في الشرق الأوسط وهي على استعداد لدفع الثمن، على حد تعبيره.
وخلص الباحث إلى القول إنه على الرغم من عدم التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأمريكا حول سورية، فإن المستجدات الأخيرة تؤكد على أنهما ستُواصلان وبشكل حثيث المساعي المشتركة لحل الأزمة، وإذا تم التوصل إلى اتفاق بينهما، شدد الباحث، فإنه بذلك ستكون روسيا قد سجلت انتصارًا كبيرًا جدًا في المحافظة على مصالحها في الشرق الأوسط، مستغلةٍ حتى النهاية الأزمة السورية، على حد تعبير الدراسة الإسرائيلية.
الأوروبيون يؤجّلون تسليح المعارضة
مباركة أميركية للمسعى الفرنسي البريطاني… ودخول الدفعة الأولى من المدربين في الأردن… ودمشق تندّد بتغيّر موقف عمّان
السجال الأوروبي مستمرّ. لندن وباريس تحملان راية تسليح المعارضة السورية، فيما ألمانيا وبقية الدول تريد «دراسة العواقب». الموعد المقبل في دبلن في 22 آذار، من دون أن يمنع ذلك باريس ولندن من المضي بخططهما بمباركة واشنطن
عزمت فرنسا وبريطانيا، مجدّداً، على إقناع شركائهما الأوروبيين برفع الحظر الذي يمنع تزويد المعارضة السورية بالأسلحة، في وقت كشف فيه تقرير عن وصول «الدفعة الأولى» من المقاتلين السوريين الذين تدرّبوا في قاعدة أميركية في الأردن، فيما انتقدت دمشق نجاح الضغوط الغربية على الأردن لتغيير سلوكها.
وبدأ رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي، أمس، اليوم الثاني من قمتهم في بروكسل، حيث بحثوا العلاقات مع روسيا، بينما سعت فرنسا وبريطانيا إلى أخذ النقاش إلى مكان آخر. وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، على هامش القمة الأوروبية: «إن حصلت عرقلة من قبل بلد أو بلدين ستتحمّل فرنسا حينها مسؤولياتها». وأكد أنّ وزراء الخارجية سيدرسون في اجتماعهم المقرر في 22 و23 آذار في دبلن «كل عواقب رفع الحظر». وأضاف أنّ «أسلحة تسلّم من قبل دول بينها روسيا لبشار الأسد ونظامه. علينا استخلاص كل العبر وعلى أوروبا اتخاذ قرارها في الأسابيع المقبلة».
وتابع الرئيس الفرنسي أنّ «الأوروبيين قد يكون لديهم قرار يجب أن يتخذوه» قبل نهاية شهر أيار، موعد انتهاء العقوبات الأوروبية على سوريا أو تمديدها لأن «الوضع يتطور» على الأرض. وأكّد أنّه تلقى تأكيدات من المعارضة السورية بأنّ أي أسلحة ترسل لمقاتليها ستصل إلى الأيدي الصحيحة. أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فدعت، أول من أمس، إلى التزام الحذر.
في السياق، رأى رئيس البرلمان الأوروبي، مارتن شولتز، أنّ «ميركل ليست مخطئة بشأن هذه المسألة. إرسال شحنات أسلحة إلى المعارضة سيؤدي إلى إرسال شحنات أسلحة أخرى إلى النظام من قبل بلدان أخرى». وانتقد شولتز، في مقابلة تلفزيونية، فرنسا وبريطانيا لأنهما أثارتا مجدداً الجدل في ضرورة رفع الحظر على تسليم المعارضة السورية أسلحة. وقال: «أتمنى ألا نرتكب الخطأ نفسه الذي نراه في معظم الأحيان داخل الاتحاد الأوروبي، أي دول تتحدث بشكل فردي قبل الآخرين». وأكد أنّ «الأمر يتطلب دراسة معمقة»، مؤكداً أنّه «سيكون من الأفضل أن نتبنى موقفاً مشتركاً».
بدوره، أعلن رئيس المجلس الأوروبي، هيرمان فان رومبوي، أنّ الاتحاد الأوروبي سيحاول التوصل الأسبوع المقبل إلى «موقف مشترك» في مسألة تزويد المعارضة السورية بالأسلحة. وقال إنّ «بعض الدول الأعضاء أثارت مسألة رفع الحظر. اتفقنا على أن نطلب من وزراء الخارجية دراسة الوضع بسرعة خلال اجتماعهم غير الرسمي المقرر الأسبوع المقبل في دبلن واتخاذ موقف مشترك».
من ناحيته، أعلن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أنّه لا خطط في الوقت الحالي لتزويد المقاتلين في سوريا بالأسلحة، ولكنه يؤيد رفعاً جزئياً لحظر الأسلحة من قبل الاتحاد الأوروبي. وأكد كاميرون، عقب محادثات مع نظرائه في الاتحاد، أهمية إعفاء المعارضة السورية من الحظر الأوروبي على توريد الأسلحة، وذلك لـ«مستوى الاختلاف (في ميزان القوى) الموجود بين النظام والمعارضة».
من جهتها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، أنّ بلادها تنظر بعين الرضى إلى قرار فرنسا وبريطانيا زيادة دعم المعارضة السورية. وأضافت أنّه «بالتأكيد، يعود إلى الاتحاد الأوروبي أن يتخذ القرار، ولكننا نعلم أن بعض الحكومات تريد القيام بالمزيد ونحن نشجعها على مواصلة الحوار داخل الاتحاد الأوروبي كي تتمكن من القيام بالمزيد».
من ناحيتها، أعلنت أنقرة تأييدها رفع حظر توريد السلاح إلى سوريا، لتقف بذلك إلى جانب كل من بريطانيا وفرنسا. وقال وزير الخارجية، أحمد داوود أوغلو: «إذا أظهر المجتمع الدولي بنحو واضح وحاسم الإرادة لمنع النظام السوري من اقتراف المجازر، فلن تكون هناك حاجة لهذا النوع من التسليح». وأعلن أن تركيا تدعم «تسليح الثوار في سوريا».
في سياق آخر، توالت فصول الكشف عن تدريب معارضين سوريين في الأردن. وأنهت مجموعة من المدربين الأميركيين في الأردن من تحضير زهاء 300 مقاتل من المعارضة السورية. ونقلت صحيفة «لوموند» الفرنسية عن مصدر في المعارضة السورية قوله إن ضباطاً من الجيش الأميركي والاستخبارات دربوا مسلحين على استخدام أسلحة مضادة للدبابات وأخرى مضادة للطائرات. وأوضح المصدر أنّ معظم عناصر الدفعة الأولى أتوا من دمشق وريفها ومن درعا القريبة من الحدود. وأوضح المصدر أنّ مسؤولين أميركيين اتصلوا بالمعارضة وعرضوا تقديم المساعدة قبل بضعة أشهر، مشيراً إلى أنّ التدريبات متنوعة وتستغرق من 15 يوماً إلى شهر ويُقسَّم المقاتلون إلى مجموعات تتكون كل منها من 50 مقاتلاً.
في غضون ذلك، أفاد مصدر أمني سوري وكالة «فرانس برس»، أمس، بأنّ السلطات السورية تشتبه في أنّ الأردن بدأ منذ فترة بالسماح بتسلل جهاديين وتهريب أسلحة إلى جنوب سوريا. وقال المصدر إنّ السلطات «تشجب التغيير الحاصل في موقف الأردن الذي فتح منذ نحو عشرة أيام حدوده وسمح بمرور جهاديين، وأسلحة كرواتية مدفوع ثمنها من السعودية». ورأى أن سبب هذا التغيير هو «ضغوط تمارسها دول معادية لسوريا».
في سياق آخر، يعقد «الائتلاف» المعارض، مطلع الأسبوع المقبل، اجتماعاً في اسطنبول، أرجئ حتى الآن مرتين بهدف اختيار رئيس حكومة موقتة، بحسب ما ذكر عضو الائتلاف سمير نشار لوكالة «فرانس برس». وأوضح أنّ المشاورات مستمرة و«هناك اسم يتقدم حيناً على أسماء أخرى، ثمّ يتراجع ليتقدم غيره»، موضحاً أن أحد أسباب الخلافات حول هوية رئيس الحكومة «التدخلات الخارجية الكثيرة».
من جهته، قال عضو «الائتلاف»، مروان حجو، إنّ الغرب يبرّر «موقفه المتخاذل تجاه الثورة السورية بامتداد تنظيم القاعدة، وجبهة النصرة».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)
الخريطة الميدانية للحرب السورية: لا غالب ولا مغلوب حتى الآن
ساره الشمالي
الكرّ والفرّ سمة الحرب الدائرة في سوريا منذ عامين، لذا قد يستحيل رسم خطوط تماس واضحة أو ثابتة بين المتحاربين، لكن يمكن تظهير خريطة ميدانية لمآل المعارك احتدامًا أو هدوءًا، على أن تُحدّث كل حين.
بيروت: تطفئ الثورة السورية شمعتها الثانية على دوي المدافع وأزيز الرصاص ورائحة الدم الذي يراق يوميًا في طول سوريا وعرضها.
يتنازع الأنحاء السورية اليوم جيشٌ نظامي يمد سلطته على العاصمة وبعض غرب البلاد وغالبية مناطقها الوسطى، وجيش سوري حر وعناصر إسلامية مقاتلة أبرزها عناصر جبهة النصرة يسيطرون على معظم المناطق الشمالية والشرقية. لكن هذه التقسيمات ليست بواقعية ولا هي بنهائية، لأن المعارك بين الطرفين تتسم بسمة الكر والفر. فما قد يكون في يد الجيش النظامي اليوم قد ينتقل إلى سيطرة الجيش الحر غدًا، ليعود بعدها نظاميًا… وهكذا دواليك.
وبعد عامين من المعارك، وبعد سقوط نحو 70 ألفًا من السوريين قتلى هذا النزاع، يبدو من الخريطة الميدانية لسوريا أن لا نصر قريب لأي من الطرفين، إلا إذا جد جديد في تسليح المعارضة بأسلحة نوعية، قد ترفد عزيمتها وتصميمها على النصر.
دمشق وريفها
قبل ثمانية أشهر، بدأت معركة تحرير دمشق. لكن الجيش السوري الحر ومقاتلي المعارضة لم يفلحوا بعد في إلا في استحداث جيوب مقاتلة في العاصمة، التي ما تزال شبه كاملة في عهدة الجيش النظامي.
لكن ذلك لا يجعلها المدينة الآمنة تمامًا، إذ يمكن وصف أحياء المالكي والميسات وأبو رمانة والمزة والمزرعة وكرم الزيتون والزهرة أمنةً نسبيًا، على الطريقة اللبنانية، مع تعرضها لقصف عابر أحياناً. أما مساكن برزة وباب توما وساحة العباسيين فهي تحت سيطرة النظام نهارًا، لكن جيشها يهجرها ليلًا لتتحول منطقة تماس خطرة، ومرمى للقناصة من الجانبين.
وبحسب مصادر الجيش السوري الحر، ينتشر مقاتلو لواء الاسلام في عدرا ويحاصرون شرق دمشق يحاصرون منذ أكثر من شهر، بينما تبقى جوبر وزملكا وعربين والمعضمية جبهة استنزاف للمعارضة والنظام على حد سواء، يشارك في معاركها لواءا الإسلام والحبيب المصطفى، والعديد من الكتائب العسكرية الأخرى، وخصوصًا مقاتلي جبهة النصرة.
الجيش السوري الحر مسيطر على الحجر الأسود واليرموك والزبداني وقطنة والغوطة الشرقية والغوطة الغربية، بينما ثلثا جوسيه خاضع لسيطرة النظام.
لواء شهداء الاسلام منتشر في 60 بالمئة من مدينة داريا، بالرغم من الحملات العسكرية النظامية المتجددة يوميًا للسيطرة عليها.
مد الجيش النظامي سيطرته على طريق المطار، إلا نقطة الربط بين الغوطة الشرقية والغربية، التي تشهد اشتباكات دائمة. وكذلك يسيطر الجيش النظامي على جميع الطرقات الدولية، لكنها تبقى عرضة لهجمات الثوار.
حمص
منذ عام تقريبًا، استطاع الجيش النظامي استرداد حي بابا عمرو في حمص، بعد قتا شرس لأسابيع، لكن مقاتلي المعارضة عادوا عشية الذكرى الثانية للثورة إلى هذا الحي، وبدأت الاشتباكات تحتد من جديد.
ومنذ مطلع الشهر الجاري، يشن الجيش النظامي هجومًا عنيفًا وسط مدينة حمص بعد حصار استمر ثمانية اشهر، محاولًا السيطرة على معاقل مقاتلي المعارضة هناك. لكنه لم يستطع إحراز اي تقدم بعد.
الجيش السوري الحر مسيطر على تلبيسة والزعفرانة والرستن والدار الكبيرة والبويضة والخالدية وباب السباع والقصير، حتى أطراف حمص، لكنها محاصرة من قوات النظام بشكل كامل، خصوصًا بعدما دخل حزب الله بثقله العسكري في هذه المناطق، خصوصًا ما تاخم منها الحدود اللبنانية. والاشتبكات في هذه المناطق تتخذ شكلًا عنيفًا بسبب وجود جبهة النصرة فيها، وقيامهم لمواجهة حزب الله.
كما تمكن عناصر الجيش الحر من احتلال قلعة حمص الاستراتيجية.
حماه
تسيطر المعارضة المسلحة على جزء كبير من ريف مدينة حماه، لكن المدينة نفسها ما زالت في يد قوات النظام، التي حولتها إلى ثكنة عسكرية كبيرة، وحفرت حولها خندقًا لمنع الدخول إليها إلا عبر المعابر التي يتحكم بها الجيش النظامي واجهزته الأمنية.
وتقع غالبية محافظة حماة تحت سيطرة قوات النظام، رغم محاولات تقدم طفيفة قام بها مقاتلون معارضون في بعض مناطق الريف.
حلب
تنقسم حلب بين مدينة وريف، يسيطر الجيش النظامي على نحو 80 بالمئة من المدينة، بينما تقع غالبية مناطق الريف تحت سيطرة المعارضة. تشهد بعض مناطق التماس فيها عمليات عسكرية عنيفة، بينما تهدأ الأوضاع في المناطق المحاذية للحدود التركية، إلا عندما تتعرض لقصف بصواريخ سكود صاروخي أو للغارات الجوية.
في تموز (يوليو) 2012، عندما أعلن الجيش السوري الحر والمجموعات المقاتلة، التي تسيطر على مناطق واسعة في الريف الحلبي، بدء الهجوم لتحرير ثاني كبرى المدن السورية.
يقاتل لواء التوحيد في وسط المدينة مواجهًا جحافل الجش النظامي، بينما يخوض لواء احرار الشام معارك ضارية للسيطرة على مطارات حلب العسكرية. وفي المحورين، يشارك مقاتلون حسنو التجهيز والتدريب، تابعون لجبة النصرة، في القتال. وهم مشهود لهم بالبأس، خصوصًا في المواجهات المباشرة. يقول المصدر نفسه إن المعارك في حلب معارك أبنية، خصوصًا في حي صلاح الدين، والاشتباكات الحادة تحصل بين مبنى يسيطر عليه الجيش النظامي وآخر يسيطر عليه الجيش الحر أو الثوار.
والجدير بالذكر أن الجيش النظامي أعلن منذ نحو خمسة أشهر حملة عسكرية لإستعادة السيطرة على حلب ولم ينجح في ذلك. بينما يستمر ضغط الجيش الحر ومقاتلي النصرة للسيطرة على مطار حلب الدولي ومطار النيرب العسكري الملاصق له.
الرقة وإدلب
في 6 آذار (مارس) الجاري، حققت قوات تجمع ألوية أحفاد الرسول في الجيش السوري الحر وكتائب جبهة النصرة الانتصار الأكبر حتى الآن، ببسط سيطرتها على كامل مدينة الرقة، لتكون هذه المدينة أول مركز محافظة سورية يضطر جيش النظام إلى الانكفاء عنه.
أثناء الهجوم، سقطت نقاط عديدة في الرقة في يد الجيش السوري الحر بلا معارك أو مقاومة، لكن المقاومة الأشرس كان في فرعي الأمن السياسي والأمن العسكري، حيث اندلع مواجهات دموية، سقط فيها عدد كبير من القتلى من الجانبين.
أما في محافظة إدلب، فيسيطر الجيش الحر على اجزاء واسعة من ريفي المحافظة الشمالي والغربي، وجزء من الريفين الجنوبي والشرقي، لكن مدينة ادلب لا تزال تحت سيطرة الجيش النظامي.
إلى ذلك، تمكنت مجمعات من الجيش السوري الحر وجبهة النصرة من السيطرة على مركزين حدوديين مشتركين مع تركيا، ومن تحرير مطار تفتناز العسكري.
الحسكة ودير الزور
في محافظة الحسكة، يسيطر الجيش الحر ومقاتلون إسلاميون بينهم تابعون لجبهة النصرة على مناطق واسعة في ريف المحافظة. أما المناطق التي تقطنها غالبية كردية، فقد تكررت فيها المواجهات بين مقاتلي المعارضة والمسلحين الاكراد، واشتدت في مدينة رأس العين المحاذية للحدود التركية، إلى أن توصل الجانبان إلى هدنة دخلت حيز التنفيذ منتصف شباط (فبراير) الماضي.
وفي محافظة دير الزور، يسيطر مقاتلو جبهة النصرة على نحو 80 بالمئة من الريف، وتبقى غالبية أحياء مدينة دير الزور في يد الجيش النظامي.
درعا والسويداء والقنيطرة
يسيطر الجيش السوري الحر على عدد من القرى في محافظة درعا، وعلى الخط المؤدي إلى الأردن، بينما تقبع غالبية المحافظة تحت سيطرة الجيش النظامي.
وتبقى محافظة السويداء هادئة، بعدما اختارت الغالبية الدرزية التي تقطنها ان تبقى شبه محايدة في النزاع، بالرغم من حروج تظاهرات معارضة حاشدة، لكن بشكل سلمي.
أما محافظة القنيطرة، الواقعة على خط وقف اطلاق النار بين سوريا واسرائيل، فتشهد اشتباكات متقطعة، خرق بعضها المنطقة منزوعة السلاح، التي تنتشر فيها قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. ويسجل في هذه المناطق حضورًا للمقاتلين الاسلاميين، يطغى على غيرهم من كتائب المعارضة.
اللاذقية وطرطوس وبانياس
محافظة اللاذقية العلوية واقعة بالكامل تحت سيطرة الجيش النظامي، إلا بعض المناطق التي تقطنها غالبية من الاكراد والتركمان في شمالها، حيث تنتشر عناصر معارضة مسلحة.
أما طرطوس وبانياس فلا وجود فيها للجيش السوري الحر.
http://www.elaph.com/Web/news/2013/3/799736.html
تسليم المعارضين السوريين اسلحة يهدف الى تغيير ميزان القوى
أ. ف. ب.
يرمي تسليم البلدان الغربية المقاتلين السوريين المعارضين اسلحة ولاسيما صواريخ ارض-جو او مضادة للدبابات، الى ايجاد ميزان قوى جديد في ميدان عسكري يراوح مكانه بعد سنتين على بدء النزاع السوري.
باريس: ليس في وسع احد القول ان الاسلحة التي تنوي الدول الغربية تسليمها للثوار السوريين يمكن ان تتيح اطاحة الرئيس بشار الاسد، لكن من شأنها ان تمدهم بجرعة قوة تمكنهم من تشديد الضغط على النظام السوري.
ولم يتعد هذا التدخل الكبير للبلدان الغربية نطاق الفكرة حتى الان. فباريس ولندن المدعومتان من واشنطن، تدعوان الى الاسراع في رفع الحظر الاوروبي على الاسلحة المرسلة الى سوريا، لكنهما لم تكشفا عن موقف واضح حول تسليم مباشر للاسلحة كما يطالب بذلك منذ فترة طويلة مقاتلو المعارضة السورية.
وقال مصدر دبلوماسي غربي لوكالة فرانس برس ان “الهدف بسيط: من اجل حمل الاسد على المجيء الى طاولة المفاوضات، من الضروري تحريك الخطوط على الجبهات للتوصل الى حل سياسي”.
واوضح مسؤول فرنسي كبير طلب عدم كشف هويته ان تسليم الاسلحة سيكون “وسيلة ضغط على بشار الاسد وعلى الروس” الذين يدعمون دمشق.
من جهته، اعتبر جان-بيار مولني من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية ان “الهدف هو تغيير الاتجاه الذي يفيد انه اذا ما استمرت الحرب بوتيرتها الراهنة فسيبقى النظام قائما”.
ويؤكد عدد كبير من المسؤولين الفرنسيين ان الهدف هو تزويد المقاتلين السوريين بصواريخ ارض-جو لمواجهة الغارات التي تشنها المقاتلات والمروحيات التي تشكل ورقة رابحة في يد النظام.
واوضح فرنسوا هيسبورغ الخبير في مؤسسة البحث الاستراتيجي ان “تأثير عمليات تسليم الاسلحة يمكن ان يكون اساسيا”، مشيرا الى ان المقاتلين يحتاجون الى “اسلحة مضادة للدبابات وبنادق كلاشنيكوف”.
تنوع البنادق مشكلة
واضاف ان “جيش الاسد يمتلك بنادق كلاشنيكوف لكن مشكلة المقاتلين هي تنوع البنادق التي يمتلكونها والتي تشكل صعوبة على صعيد الذخائر وقطع” الغيار.
ومنذ سنة، وبفضل عمليات تسليم الاسلحة التي تمولها بلدان الخليج، وخصوصا قطر، وغنائم الحرب جراء السيطرة على قواعد عسكرية او على مستودعات ذخائر، استفاد المقاتلون المعارضون من الاسلحة والذخائر بنسب متفاوتة.
واذا كان المقاتلون لاحظوا الصيف الماضي تراجعا لاسعار الاسلحة، بسبب توافر العرض، يختلف الوضع اليوم في بعض المناطق. ففي شمال البلاد، يضطر مقاتلون الى الاكتفاء احيانا بالقتال بضع ساعات يوميا بسبب نقص الذخائر.
وقد شكل المقاتلون ترسانة غير متجانسة مؤلفة من اسلحة مهربة تم شراؤها في العراق وتركيا او مباشرة من ضباط في جيش الاسد و”صنعوا” ايضا صواريخ او قنابل.
وبدأوا بحيازة صواريخ ارض-جو فعالة. وتم الاستيلاء على معظمها ولاسيما النماذج الروسية اس.آي-7 او اس.اي-18 من مستودعات الثكن او القواعد الجوية التي سيطر عليها المقاتلون في انحاء البلاد. لكن نماذج اخرى اكثر تطورا، تم شراؤها على ما يبدو من السوق السوداء.
وكما حصل في ليبيا في 2011، او منذ ثلاثين عاما في عدد كبير من البلدان الافريقية، اعتمد السوريون ايضا على قاذفات بدائية لاطلاق قذائف يدوية الصنع، وعلى سيارات البيك اب المدرعة بألواح معدنية، وعلى القنابل المصنوعة من بقايا مسحوق العبوات التي تلقيها الطائرات.
وحول المقاتلون ايضا الاستخدام الاصلي للمدافع المضادة للطائرات ووضعوها على آليات لاطلاق النار على دبابات او قوافل عسكرية.
وتقلق هذه “المخيلة” لدى المتمردين البلدان الاوروبية التي تعارض رفعا للحظر وتعتبر ان الاسلحة المسماة دفاعية رسميا يمكن ايضا ان تؤدي الى تفاقم الوضع.
وقال الخبير فرنسوا هيسبورغ “ليس هناك في الاصل اسلحة دفاعية”. واضاف “كل شيء رهن بمن يستعملها وكيف”. واوضح “من وجهة نظر الفرنسيين والبريطانيين، فان الصاروخ الذي يسقط طائرة ترمي قنابل على مدرسة هو سلاح دفاعي. ومن وجهة نظر الطيار، الامر مختلف”.
واعتبر جان-بيار مولني انه “يتعين ايضا استعادة السيطرة السياسية على المقاتلين المعارضين”، مشيرا الى المخاوف من سيطرة قطر والسعودية اللتين تزودان المقاتلين بالاسلحة اليوم “على سوريا بعد سقوط الاسد”.
اعدام الأسرى توقف
يؤكد القائد ابو سلام طبسة في دير الزور امام جندي شاب في الجيش السوري اسره مسلحو المعارضة منذ كانون الثاني/يناير ان “الامور تغيرت واليوم لم نعد نعدم الاسرى”.
ويقول الجندي علاء ابراهيم الذي ينتمي الى الاقلية العلوية واسر في كانون الثاني/يناير على يد “كتيبة احفاد محمد” في مدينة دير الزور شرق سوريا، انه لم يعد قلقا حيال نوايا مقاتلي المعارضة.
وقال الجندي البالغ ال22 من العمر والمتحدر من حماه بوسط سوريا التي تشهد نزاعا دمويا منذ عامين “عندما وقعت في الاسر اعتقدت ان المقاتلين سيعدمونني”.
وافاد مراسل فرانس برس ان الجندي كان يتحدث من دون ان يراقب او يسجن واكد انه يدلي بتصريحاته بحرية.
واضاف وهو ينظر الى القائد ابو سلام طبسة الذي دخل الغرفة لتوه “قال الجيش لاسرتي اني اعدمت. لكن هذا الرجل اعطاني هاتفه النقال لاتصل بوالدتي واؤكد لها اني بصحة جيدة”.
واعرب علاء عن رغبته في العودة الى اسرته في حماه. واضاف “قالوا لي اني ساتمكن من العودة الى دياري قريبا وانهم يحاولون ايجاد طريق آمن” لتفادي المعارك.
وقال القائد طبسة “اذا اراد علاء ان يجتمع باسرته فليعد الى دياره”.
يقر باعدام اسرى في الماضي
واضاف ان مقاتلي المعارضة يتحققون من ان الجنود الاسرى “لم يمارسوا القتل قبل ان يقرروا ما اذا ارادوا العودة الى ديارهم او مغادرة سوريا او الانضمام الى صفوفنا”. واوضح “لا نرغمهم على القيام باي شيء”.
وتابع ان “الجنود الذين يقرون بانهم قتلوا نبادلهم بمدنيين مسجنونين لدى النظام. ماذا نستفيد اذا اعدمناهم رميا بالرصاص؟”.
لكنه يقر بان معارضين اعدموا في الماضي جنودا اسرى. واضاف “في الماضي لم نحسن التصرف فمثلا اعدمنا جنودا اسرى لكن الامور تغيرت. واليوم ما عدنا نعدم الاسرى”.
وقال ان “المقاتل (المعارض) الذي يقوم بذلك يحاكم من قبل مجلس حرب”.
ودعت منظمة العفو الدولية مجلس الامن الدولي الى احالة ملف جرائم الحرب المرتكبة من قبل جانبي النزاع على المحكمة الجنائية الدولية.
واكدت منظمة العفو ان لديها ادلة تفيد باستخدام قوات النظام السوري “اسلحة محظرة دوليا ضد المدنيين” ولجوء مقاتلي المعارضة الى “تعذيب وقتل جنود وعناصر ميليشيات موالية للحكومة ومدنيين” اسروا او خطفوا.
وقال القائد “اذا اردنا ان تنتهي هذه الحرب يوما، فلا يمكننا ان ننجر وراء الاحقاد واعمال الثأر. كلنا سوريون واشقاء”.
ويؤيد اكرم عساف وهو مقاتل معارض هذا الرأي بالقول “لا فرق بين الاسرى وجنودنا. كلنا اخوة وكلنا سوريون. ننام معا ونأكل معا”.
ورغم تطمينات القائد طبسة، لا يزال علاء قلقا على مستقبله ومستقبل بلاده.
وقال “اذا عدت الى منزلي سيطلب مني ان التحق بصفوف الجيش واذا رفضت فساعدم مع جميع افراد عائلتي”، آملا بان يتاح له اللجوء الى الخارج.
واضاف “اتخوف من حرب طائفية لان هناك جهاديين في صفوف مسلحي المعارضة. واذا استولوا على السلطة فسنواجه في المستقبل مشاكل جدية والحرب لن تنتهي ابدا”.
http://www.elaph.com/Web/news/2013/3/799691.html
عامان على «الثورة» السورية: المناطق المحررة تمتد من ريف حلب للرقة
طرفا النزاع يخفيان الأرقام الحقيقية للقتلى.. دمشق تتحمل القسط الأكبر والسويداء الأقل.. واللاجئون ناهزوا المليون
بيروت: «الشرق الأوسط»
رغم مرور عامين على اندلاعها لم تستطع الثورة السورية حتى الآن إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، كما أن الأخير لم يستطع أيضا حسم الصراع لصالحه رغم استمراره في انتهاج الحل العسكري ضد معظم المدن السورية، لا سيما تلك التي يسيطر عليها «الجيش السوري الحر».
وبعيدا عن الدمار العمراني والاقتصادي الذي أصاب البلاد، يشكل العدد الكبير لضحايا الثورة الخسارة الأكبر لسوريا، إذ تقدر الأمم المتحدة أعداد القتلى المدنيين بأكثر من 70 ألف ضحية، بينما تقول جهات معارضة إن العدد يفوق المائة ألف ضحية.
ويرى في هذا الصدد رئيس المركز السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، أن العدد الحقيقي للضحايا الذين سقطوا خلال العامين الماضيين هو ضعف العدد المعلن، حيث يعمد كل من النظام و«الجيش الحر» على إخفاء العدد الحقيقي من الذين يموتون يوميا أثناء المعارك بهدف رفع معنويات جمهورهم.
ووفقا لمركز توثيق الانتهاكات التابع للمعارضة السورية، وصل عدد القتلى في دمشق وريفها إلى 16177 قتيلا، أما حمص التي تعتبر «عاصمة الثورة» فقد سقط فيها ما يزيد على 8500 قتيل، فيما وصل العدد في حلب إلى 8155 قتيلا، وفي شمال البلاد، وتحديدا إدلب وريفها، قُتل نحو 6395 قتيلا. أما درعا مهد الانتفاضة السورية ومكان انطلاقتها فقد وصل عدد الضحايا فيها إلى 4575 قتيلا. لينحصر عدد الضحايا في السويداء بـ42 قتيلا. ويزيد عدد الضحايا في شرق البلاد على الـ400 يتوزعون بين الحسكة 325 والرقة 530 ودير الزور 3498. وفي المدن الساحلية وصل العدد إلى 725 في اللاذقية و76 في طرطوس. وفي محافظة حماه وسط سوريا سقط أكثر من 3916 قتيلا.
أما المعتقلون فبلغ عددهم وفقا للمركز نحو 36137 في معظم المدن السورية، بينما يتحدث الائتلاف الوطني السوري عن وجود ما لا يقل عن 160 ألف معتقل في سجون النظام، وقد نصت مبادرة رئيس الائتلاف معاذ الخطيب في قبول الحوار مع نظام الأسد على إطلاق سراحهم جميعا. وبحسب عبد الرحمن فإن «النظام السوري وخلال السنتين الماضيتين ارتكب سلسلة من المجازر وجرائم الحرب ضد المعارضين له، غير أن المجازر في الفترة الأخيرة لم تعد تحصى بسبب عمليات القصف الممنهجة، فالقصف بالطيران الحربي يقتل أعدادا كبيرة من المدنيين».
على وقع هذه التعقيدات السياسية والعسكرية يعيش السكان في الداخل السوري أوضاعا إنسانية سيئة جدا، حيث بلغ عدد نازحي الداخل ما يقارب الـ4 ملايين نازح، فيما تشهد بعض المناطق انقطاعا كاملا للكهرباء والمياه كما يؤكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، مشيرا في اتصال مع «الشرق الأوسط» إلى «وجود عائلات تسكن في الكهوف هربا من القصف والدمار»، ويقول «لولا ظاهرة التكافل الاجتماعي الموجودة في سوريا لكان الوضع أكثر سوءا، إذ تقوم بعض العائلات بإيواء نازحين في بيوتهم لمجرد التعاطف معهم، ويتقاسمون معهم لقمة العيش، هذا إضافة إلى فقدان أصناف من المواد الغذائية والأدوية». ونبه عبد الرحمن إلى أن «استمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدي إلى انهيار سوريا كبلد»، مضيفا «لم تعد هناك مدينة لم يصبها الدمار باستثناء المناطق الساحلية الموالية للنظام والتي تضم بدورها أعدادا كبيرة من النازحين».
وقد دفع الصراع الدائر في سوريا، لا سيما عمليات القصف التي يشنها النظام على المدن والمحافظات السورية، أكثر من مليون شخص إلى الفرار من بلادهم ليصبحوا لاجئين في البلدان المجاورة يتوزع بعضهم على مخيمات تقدم الحد الأدنى من شروط الحياة الكريمة، فيما يعيش آخرون ظروفا معيشية صعبة لا سيما في لبنان.
وفي ما يخص الوضع الميداني فإن مصادر المعارضة السورية تؤكد سيطرتها على مناطق واسعة في البلاد تمتد من ريف حلب المحاذي للحدود التركية وصولا إلى مدينة الرقة شرق البلاد، حيث يحكم «الجيش السوري الحر» قبضته على معظم مناطق الريف الحلبي وعلى ما نسبته سبعون في المائة من المدينة التي تأخر دخولها إلى «الثورة» عدة أشهر. ويتركز وجود النظام في المدينة في الأحياء الراقية إضافة إلى تلك التي تقطنها الأقليات الدينية، ووفقا لناشطين فإن المعارك الشرسة تقع على المحاور لا سيما في الليل حيث يحاول كل طرف التقدم نحو مناطق الطرف الآخر في ظل القصف الصاروخي المتقطع من قبل النظام.
وفي العاصمة دمشق، يسيطر جيش النظام على مركز المدينة وأحياء المالكي والميسات وأبو رمانة والمزة والمزرعة التي تعتبر من الأحياء الراقية، كما يتركز وجود النظام في المراكز الرئيسية والساحات العامة كساحة الأمويين حيث يقع مقر الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون.
ومن أهم معاقل «الجيش الحر» في دمشق مناطق جوبر وزملكا وعربين والقابون الواقعة في المناطق الشرقية والمعضمية وداريا، المعاقل الأكثر صمودا في المنطقة الغربية. وتسيطر المعارضة كذلك على نقاط مفصلية من الطريق الدائري الرابط بين شرق دمشق وغربها والذي يعتبر من أهم الطرق في دمشق. وفي مناطق واسعة من جنوب العاصمة تحديدا في الحجر الأسود ومخيم اليرموك والتضامن توجد المعارضة السورية المسلحة. كما ينتشر عناصرها في مناطق الزبداني ورنكوس وجبال القلمون قرب الحدود اللبنانية.
وبينما يحكم جيش النظام سيطرته على مدينة حماه وسط سوريا، فإن المعارضة تشاركه الوجود بقوة في المدينة، حيث يتركز وجودها في مدن تلبيسة والزعفرانة والرستن والدار الكبيرة والبويضة والخالدية وباب السباع ومدينة القصير. إضافة إلى اشتباكات ضارية تقع بين الطرفين على أطراف حي بابا عمرو الذي أعلنت المعارضة منذ فترة تحريره بشكل كامل.
وفي شرق البلاد تعتبر مدينة دير الزور في حكم «المحررة» من القوات النظامية، حيث يخوض مقاتلو المعارضة فيها معركتهم الأخيرة لإسقاط المطار، كذلك أعلن «الجيش الحر» تحرير مدينة الرقة، فيما ظلت مدينتا القامشلي والحسكة بمنأى عن الصراع العسكري.
وتعد مدن الساحل السوري، اللاذقية وطرطوس، مواقع حصينة للنظام السوري بعدما نجح في تحييدها عن مسار المعارك، مع العلم بأن أحياء اللاذقية كاسكنتوري والصليبة ومدن كبانياس التابعة لمحافظة طرطوس خرجت منذ اليوم الأول للمطالبة بإسقاط نظام الأسد. وباستثناء جبل الأكراد وجبل التركمان، المنطقتين الريفيتين اللتين تقعان تحت سيطرة المعارضة، فإن النظام يعتبر الساحل السوري معقله الأكثر أمانا.
ويوجد النظام بالمعنى الإداري في مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية من دون أي مظاهر عسكرية. وبذلك، تتوزع المناطق المحررة على الخط الممتد من ريف حلب شمال البلاد مرورا بمساحات واسعة من ريف إدلب وصولا إلى المناطق الشرقية حيث تمكن الجيش الحر من تحرير أول مدينة بشكل كامل وهي الرقة لتبقى المناطق الكردية شمال شرقي البلاد تتنازع سلطتها فصائل تتبع لمختلف القوى الكردية من بينها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي المقرب من النظام السوري.
ويتمثل التحدي الأكبر بالنسبة لسوريا بعد عامين من الثورة في الاصطفاف المذهبي، حيث يتهم نظام الأسد جهات خارجية بدعم «الأصولية السنية» في بلاده، بينما تتهم المعارضة الأسد بالاحتماء خلف طائفته وادعائه حمايتها. وتبدو المعارضة الجزء الأشد بؤسا في مجمل المشهد السوري، فالتشكيلات السياسية التي تم تكوينها لتنطق باسم الثورة في المحافل الدولية سواء «المجلس الوطني» أو «الائتلاف المعارض لقوى الثورة» خيبت آمال السوريين نتيجة صراعات أجنحتها واختلافاتهم التي لا تنتهي. فلم تستطع هذه المعارضة أن تستثمر الإنجازات التي حققها «الجيش الحر» على الأرض، والذي أعلن «مناطق محررة» تمتد من ريف حلب وصولا إلى الرقة شرق البلاد.
السوريون يحيون الذكرى الثانية للثورة.. وعودة قوية للحراك المدني
في جمعة «عامان من الكفاح ونصر ثورتنا قد لاح» خرج المواطنون في عشرات من نقاط التظاهر رغم أصوات القصف من حولهم
لندن: «الشرق الأوسط»
لبى عشرات الآلاف من السوريين دعوات التظاهر التي أطلقها الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، إحياء للذكرى الثانية لانطلاق الثورة المطالبة، بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، الذي صادف يوم أمس.
ففي جمعة «عامان من الكفاح ونصر ثورتنا قد لاح»، خرج السوريون في عشرات من نقاط التظاهر وأصوات القصف تتردد من حولهم.
وأظهر شريط فيديو بثه الناشطون على مواقع الثورة متظاهرين في بلدة سلقين بمحافظة إدلب يسيرون في الشوارع محيين الجيش الحر، ومطالبين بإسقاط نظام الأسد، ومن فوقهم تحلق طائرات «سوخوي» تابعة للطيران الحربي السوري، وغير بعيد عن موقع التظاهر سقط صاروخ أودى بحياة أكثر من 5 أشخاص.
وفي الحولة بمحافظة حمص، وسط البلاد، قصفت الحواجز المحاصرة للبلدة مظاهرة، مما أدى إلى تفرق المشاركين فيها وتوزعهم في الأزقة. أما في دوما، بريف دمشق، نقلت مواقع الثورة وقائع صلاة الجمعة على الهواء مباشرة. وقد اعتلى المنبر الشيخ أبو محمد دلوان، وألقى خطبة شديدة اللهجة انتقد فيها بشدة مفتي الجمهورية، أحمد حسون، الذي أفتى مؤخرا بالجهاد إلى جانب النظام.
وطالب الشيخ دلوان المفتي بقليل من الخجل والحياء أمام ما يجري في البلاد، مضيفا أن «الشعب الأعزل قاد المسيرات السلمية أشهرا طويلة، وكنا نُستفتى فلا نفتي بحمل السلاح، حتى غلبنا الشباب وخرجوا عن فتوانا فحملوا السلاح حين اشتدت وطأة الظلم على الناس، وحينما شرد الناس من بيوتهم وبلادهم، وحين ملئت السجون من أبنائنا رجالا ونساء».
وتحدث الشيخ دلوان عن الأوضاع الإنسانية الصعبة في دوما المحاصرة تحت القصف العنيف، وقال: «أنا أدهش؛ كيف ينادي حسون بصيحة للنفير العام، وأن ينفروا إلى جانب الطاغوت»، وقال: «إن كل الفساد الذي مارسه حسون بكفة وفتواه بالقتال إلى جانب النظام في كفة». وخلال أداء صلاة الجمعة، بدأ القصف على محيط الجامع، فطلب من المصلين النزول إلى القبو والتريث بالخروج من الجامع. وخرجت مظاهرات حاشدة في معظم مناطق ريف دمشق، في مشهد سريالي، أصر خلاله المتظاهرون على أن تكون مظاهراتهم احتفالات شعبية، رقصوا وغنوا فيها للثورة والحرية في مناطق الهامة والعسالي والحجر الأسود ومخيم اليرموك والتل ودوما وزملكا وسقبا وحرستا وغيرها.
وكانت المظاهرات الأكبر في محافظة الرقة شمال شرقي العاصمة، التي خرج فيها الشباب والشابات يرفعون رايات «الرقة حرة»، وذلك بعد أكثر من أسبوع عن إعلانها مدينة محررة من قوات النظام، ووجه المتظاهرون هناك رسالة إلى الائتلاف الوطني السوري لزيارتها بصيغة ساخرة: «فنادقنا خمس نجوم.. بانتظار زيارتكم».
وخلال اليومين الماضيين، كثف الحراك المدني من حضوره، لا سيما في العاصمة دمشق، وفي أجرأ نشاط، قام الناشطون في دمشق وداخل المربعات الأمنية بإطلاق ألعاب نارية احتفالا بالذكرى الثانية لانطلاق الثورة في أحياء ركن الدين والبرامكة، وخرجت مظاهرة طيارة لشباب وصبايا في شارع برنية في ركن الدين، على بعد أمتار من الحواجز المحيطة بمقر الأمن السياسي، وقاموا بكتابة شعارات الثورة على الجدران، وألقوا المنشورات الثورية وقصاصات الأوراق في الشوارع. أعقب ذلك حملة اعتقالات واسعة في ركن الدين والمجتهد والبرامكة، وجرى اعتقال العشرات من الشبان في استعادة لأحداث العام الأول من الثورة حين كانت المظاهرات السلمية والمنشورات تقض مضجع الأجهزة الأمنية.
ومن المشاهد اللافتة في احتفالات السوريين بالثورة، قيام أطفال حي العسالي جنوب العاصمة بإحياء المناسبة في أحد المساجد المدمرة، فأتوا برغيف الخبز ووضعوا عليه الشموع ليكون كعكة العيد، وقالوا: «اخترنا رغيف الخبز لنقول للعالم في بداية العام الثالث نموت من أجل الخبز»، واخترنا الجامع المدمر ليرى العالم ماذا فُعل بثورتنا السلمية.
وأظهرت فيديوهات الاحتفال عشرات الأطفال ومعهم شبان قلة من الناشطين ومقاتل واحد من الجيش الحر، وقال إنه شارك لمدة عام بالمظاهرات السلمية في حيي العسالي والقدم، التي واجهها النظام بالبطش والقتل المتوحش، وأضاف أن «تخاذل العالم أجمع دفعه إلى حمل السلاح للدفاع عن النفس»، وقال إن دم السوريين في أعناق حكام العرب والعالم، وتوجه بطلب للمفتي الجمهورية بأن «يطلب السماح لجيش النظام بالصلاة قبل أن يفتي بالجهاد إلى جانبه».
على صعيد المواجهات بين الجيش النظامي والحر، واصلت قوات النظام دك حي برزة شمال شرقي العاصمة، لليوم الرابع على التوالي، بالصورايخ ومدافع الهاون، ولا تزال جثث لمدنيين قتلوا برصاص قناصة النظام ملقاة في الشوارع منذ عدة أيام، ولا يستطيع أحد الوصول إليها.
واشنطن: على المعارضة السورية تحديد التوقيت المناسب لمحاورة النظام
مصدر في الخارجية الأميركية لـ «الشرق الأوسط»: ندعم المفاوضات ولن نكون طرفا فيها ولن نضغط على مناهضي الأسد
لندن: مينا العريبي
تؤكد إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما دعمها لمفاوضات سياسية بين النظام السوري والمعارضة، ولكنها في الوقت نفسه تشدد على أنها لن تفرض تسوية على المعارضة السورية. وأوضح مسؤول أميركي رفيع المستوى مطلع على الملف السوري، أنه «سيكون على المعارضة تحديد متى سيكون من المناسب سياسيا لمحاورة النظام، فهم سيكونون مسؤولين عن ذلك».
وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، قال المسؤول الأميركي الذي طلب عدم كشف هويته، إن تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري حول المفاوضات بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة السورية بحاجة إلى أجندة واضحة بتوقيت ومكان محددين، ولكنه شدد على أن بلاده لن تكون طرفا في المفاوضات. وبينما قال إن واشنطن ليس لها إطار زمني محدد لبدء المفاوضات، قال: «إننا نتمنى حلا سياسيا في أقرب وقت ممكن ولكن هناك صعوبات ولا ندري متى ستحل وسيعتمد ذلك على النظام السوري».
وشرح المسؤول أن وزير الخارجية الأميركي أكد دعم بلاده للمعارضة في المرحلة المقبلة عندما التقى ممثليها في روما مؤخرا، موضحا: «يجب أن نغير حسابات الأسد بأنه يمكن أن يفوز عسكريا، وذلك يعني تزويد الدعم للمعارضة السورية»، مشددا على أن تلك المساعدة «غير فتاكة»، ولكنها تشمل دعما للقيادة العسكرية لمعارضة وتعزيز قدراتها في «المناطق المحررة» بحسب قوله، من حيث توصيل المساعدات والخدمات الأساسية لسكانها «مما سيقوي موقف المعارضة وسيظهر للأسد أنه في موقف مستحيل». وأضاف: «إذا أصر بشار الأسد على مواصلة القتال، سيخسر المزيد من السيطرة على الأرض وعلى المحافظات وسيخسر المزيد من الجنود وسيموت المزيد من المدنيين السوريين وهذا هو الواقع».
وفي ما يخص التصريحات البريطانية والفرنسية حول إمكانية تزويد المعارضة السورية بالأسلحة، اكتفى بالقول إن واشنطن على اطلاع عليها.
وقال المسؤول في اتصال من واشنطن مع «الشرق الأوسط»: «نحن ندعم بشدة حلا سياسيا في نهاية المطاف، وإن على بشار الأسد أن يتنحى». وقال: «إذا أردنا حلا سياسيا لا يمكن أن تكون هناك حكومة انتقالية يشارك فيها بشار الأسد.. فلن تقبل المعارضة ذلك أبدا». وتابع القول: «لا يمكن أن تقبل المعارضة مشاركة بشار الأسد في الحكومة وهو يضرب المدنيين بصواريخ سكود». ولفت إلى أن الأسد «لم يغير من موقفه وعليه أن يغير، وهذا ما يعنيه وزير الخارجية كيري عندما قال إن على الأسد أن يغير من حساباته».
وشدد المسؤول على أنه «لا يوجد تغيير في السياسية تجاه سوريا»، مستطردا: «من الناحية العملية ومن أجل أن ندفع العملية السياسية إلى الأمام، (نقول) إن على الطرفين أن يقبلا بالعملية السياسية وأن يحددا المحاورين الذين يمثلونهما وعليهما أن يحددا أجندة أعمال ومكانا للتفاوض». وأضاف، أن «الخطة المرحلية التي وضعتها المعارضة السورية بالإضافة إلى اتفاق جنيف قالا إن قيام حكومة انتقالية ستكون نتيجة لمفاوضات بين المعارضة ونظام الأسد». وأوضح أن «التفكير الأميركي هو أننا نفهم أن من المستحيل لائتلاف المعارضة السورية الجلوس والتفاوض مع المسؤولين عن مقتل الآلاف من المدنيين السوريين». وأضاف: «سيكون على المعارضة أن تقرر إذا كان هناك طرف مقبول يمكن لقوى المعارضة السورية أن تتحاور معه، ولكن من حيث المبدأ العملي، من الصعب أن يقبلوا الجلوس على طاولة الحوار مع الأشخاص نفسهم الذين يعطون أوامر لضرب الصواريخ ومهاجمة المستشفيات، لن يحدث ذلك».
وردا على سؤال حول تصريحات كيري المحددة بدعمه لجهود جمع الأسد والمعارضة على طاولة الحوار، قال المسؤول الأميركي: «كيري لم يقل إن على الأسد أن يتوجه إلى جنيف أو مكان آخر ويجلس مع معاذ الخطيب.. ولكن لنكن واضحين، بشار الأسد هو في السلطة وهو مسؤول عن العمليات الأمنية وهو شخصيا عليه أن يفهم أنه لا يوجد حل عسكري وعليه شخصيا أن يفهم أن هناك حاجة لتسوية سياسية وأنه شخصيا يجب أن يرحل وأن يرحل من حوله». وتابع: «هو لم يقبل ذلك حتى الآن ولكن عليه أن يغير من حساباته».
وشرح المسؤول الأميركي: «التوازن العسكري بدأ يتحول شيئا فشيئا ضد النظام، فأول عاصمة لمحافظة سورية، الرقة، باتت بأيدي المعارضة واحتجزوا المحافظ ورئيس حزب البعث هناك، وهناك عواصم محافظات أخرى مثل دير الزور وإدلب التي ستسقط خلال أسابيع أو أشهر، وهناك قتال داخل دمشق وفي مناطق مثل جوبر، فبات النظام يخسر على الأرض». وأضاف: «إذا كان بشار الأسد ما زال يتصور أن بإمكانه التوصل إلى حل عسكري لصالحه بينما كل التطورات في الأرض تتجه في عكس الاتجاه، فسيكون مصيره مشابها لغيره من الديكتاتوريين في العالم العربي».
وبينما تطالب واشنطن وحلفاؤها في الاتحاد الأوروبي بـ«مفاوضات صادقة» بين النظام السوري والمعارضة، هناك تشكيك بإمكانية عقد مثل هذه المفاوضات. وهناك شروط وضعتها المعارضة، مثل إطلاق سراح المعتقلات ووقف إطلاق النار، تعتبر ضرورية لإظهار حسن نية النظام في حال أراد خوض المفاوضات.
وبينما أكد المسؤول الأميركي أن «هذه ليست مفاوضات أميركية والولايات المتحدة ليست طرفا فيها ونحن لا نفرض شيئا، ولكن النماذج التي أعطتها المعارضة يمكن أن يظهر النظام من خلالها جديته ونيته، مثل إطلاق سراح السجينات». وأضاف: «نحن نؤمن بضرورة إجراء مفاوضات ولكنها ليست مفاوضات سنشارك فيها ولن نفرض تسوية على المعارضة السورية، لأنها ستفشل بهذا الحال، وسترفضها بعض أطراف المعارضة إذا لم تتفق معها». وبينما هناك إقرار بأن المعارضة متفرقة وترفض بعض الجهات تسوية مع النظام، قال المسؤول الأميركي: «إذا كانت هناك قناعة بأنهم سيحصلون على حكومة جديدة تعامل الجميع بكرامة وتحاسب المجرمين من النظام السابق، وتعطي سوريا فرصة لإعادة الإعمار وتعطي السوريين فرصة الحرية، فالغالبية ستقول اكتفينا.. ولكن قد لا توافق أطراف مثل جبهة النصرة، وتصر على مواصلة القتال، في هذه الحالة، ستهمش الأطراف المتطرفة».
وزراء خارجية أوروبا يبحثون رفع الحظر عن السلاح للمعارضة السورية الأسبوع المقبل
هولاند يهدد بالإقدام على هذه الخطوة منفردا.. وواشنطن تؤيد تحرك باريس ولندن.. والنمسا تعارض
بروكسل: عبد الله مصطفى لندن: «الشرق الأوسط»
وسط تهديدات من قبل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بالتحرك الأحادي في مسألة تسليح المعارضة السورية، كلف قادة الاتحاد الأوروبي وزراء خارجيتهم ببحث ملف رفع حظر السلاح الذي يفترض أن يستمر حتى نهاية مايو (أيار) المقبل، في اجتماع يعقد الأسبوع المقبل في العاصمة آيرلندا التي تتولى حاليا رئاسة الاتحاد.
وقال هولاند إن فرنسا مستعدة «لتحمل مسؤولياتها» ولا تستبعد تقديم أسلحة إلى المعارضة السورية في حال لم تتوصل إلى إقناع شركائها الأوروبيين بذلك. ويبرر هولاند خطوته هذه بتلقي تأكيدات من المعارضة السورية بأن أي أسلحة ترسل لمقاتليها لمساعدتها في سعيها لإسقاط الرئيس بشار الأسد ستصل إلى الأيدي الصحيحة. وقال هولاند في ختام القمة «في ما يتعلق بتقديم أسلحة.. فإن إعطاء أفضل إجابة يتطلب أن تقدم المعارضة كل الضمانات اللازمة». وأضاف «ولأننا تلقينا هذه (الضمانات) فإننا نستطيع تصور رفع الحظر. لدينا تأكيد بشأن استخدام هذه الأسلحة».
يأتي هذا في ختام القمة التي استضافتها بروكسل وشهد اليوم الثاني والأخير فيها مناقشة ملف حظر السلاح رغم استمرار تباين واضح في المواقف بين الدول الأعضاء رغم تخفيف ألمانيا من معارضتها الشديدة لرفع الحظر.
في غضون ذلك، وعلى نحو يوحي بوجود تباينات في المواقف داخل الإدارة الأميركية التي يرفض رئيسها فكرة تسليح المعارضة ويدعو وزير خارجيتها جون كيري للحوار بين الرئيس بشار الأسد والمعارضة، أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند «سندعم بالتأكيد كل أشكال المساعدة للمعارضة السورية التي تتحدث عنها علنا فرنسا وبريطانيا». وقالت «بالتأكيد يعود إلى الاتحاد الأوروبي أن يتخذ القرار، لكننا نعلم أن بعض الحكومات تريد القيام بالمزيد ونحن نشجعها على مواصلة الحوار داخل الاتحاد الأوروبي لكي تتمكن من القيام بالمزيد». غير أن نولاند أبقت الغموض على موقف واشنطن من موضوع إمكان تقديم أسلحة للمعارضة السورية من قبل دول أوروبية.
وفي بروكسل، قال هرمان فان رومبوي، رئيس مجلس الاتحاد «ناقشنا الحالة الدرامية في سوريا، ونتعهد باستمرار التعاون الأوروبي مع الجهود الدولية الرامية لوقف العنف في هذا البلد وتفادي سقوط المزيد من الضحايا». ولمح فان رومبوي إلى أن ملف حظر السلاح طرحته دول أعضاء خلال المناقشات، وتقرر تكليف وزراء الخارجية ببحث هذا الأمر وتحديد الأولويات والإمكانيات المختلفة في هذا الصدد خلال الاجتماع غير الرسمي المقرر في دبلن الأسبوع المقبل للوصول إلى موقف موحد.
وتزامنت القمة الأوروبية ببروكسل مع الذكرى الثانية لانطلاق الثورة السورية، وربما كان ذلك ملهما لبعض القادة لطرح الملف على أجندة القمة، خاصة في ظل تباين مواقف الدول الأعضاء بشأن تسليح المعارضة. ففي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش القمة قال غراهام واطسون، رئيس الكتلة الليبرالية بالبرلمان الأوروبي «لا يوجد توافق على مستوى القادة حول مسألة رفع الحظر عن السلاح، ويمكن أن ننظر للأمر بشكل مختلف عما تنظر إليه شركات تصنيع السلاح في بريطانيا وفرنسا التي تضغط على حكوماتها في هذا الصدد». وأضاف «يمكن التركيز على المساعدات الإنسانية للاجئين خارج وداخل سوريا، وخلال ذلك نمد المعارضة بمواد وتقنيات للدفاع عن النفس وحماية المدنيين».
وكان هولاند قد أعرب عن أمله في رفع الحظر المفروض على توريد السلاح لسوريا للسماح بتسليح المعارضة، مؤكدا أن «فرنسا وبريطانيا متفقتان على الأمر، ويتعين على باقي الدول أن تقتنع بذلك»، محذرا من أن بلاده قد تسير في هذا الاتجاه بمفردها.
في المقابل، أعلن المستشار النمساوي فيرنر فايمان معارضته «لرفع الحظر»، لأن تسليم أسلحة «لن يسهم في وضع حد للنزاع». وحذر في الوقت نفسه «الذين في الجانب الآخر» ممن يدعمون نظام بشار الأسد من «تسليمه المزيد من الأسلحة».
وقال رئيس الوزراء الفنلندي ياركي كاتاينين إن القرار في هذا الأمر متروك لوزراء خارجية الاتحاد، موضحا «حتى الآن لدينا خط سياسي ثابت جدا بشأن هذه القضية، ولا أتوقع تغييرات كبيرة في هذا الخط»، معربا عن أمله في التزام بريطانيا وفرنسا بالموقف المشترك.
أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فدعت الليلة قبل الماضية إلى التزام الحذر. وقالت «علينا أن نتنبه» من إمكانية «تسلم النظام مزيدا من الأسلحة من الدول» التي تدعمه. وحذر وزير خارجيتها غيدو فسترفيلي من اتخاذ خطوات غير مدروسة في إطار بحث احتمال توريد أسلحة للمعارضة السورية.
وأمام هذا الانقسام الواضح في المواقف، طالب رئيس وزراء لوكسمبورغ، جان كلود يونكر، الدول الأعضاء بالحديث «بصوت واحد والكف عن إطلاق تصريحات متناقضة»، وقال «سأطالب زعماء ورؤساء حكومات أوروبا باتخاذ مواقف موحدة ومنسقة تجاه قضايا السياسة الخارجية».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» ببروكسل، وفي تعليق على وجود نية لتحرك فرنسي بريطاني في اتجاه تسليح المعارضة السورية، قالت متحدثة باسم كاثرين أشتون، منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، إن الدول الأعضاء وافقت مؤخرا على تمديد الحظر لثلاثة أشهر تنتهي في مايو المقبل، وتخفيف القيود على معدات غير قتالية والمساعدة التقنية للمعارضة من أجل حماية المدنيين، كما أن الدول الأعضاء وافقت على إبقاء الموضوع قيد الاستعراض. وأضافت مايا كوسيانتيش أن الدول الأعضاء ستستمر في العمل في هذا الاتجاه مع مراعاة التطورات على أرض الواقع، وإذا أرادت إحدى الدول الأعضاء إعادة طرح الموضوع للمناقشة من جديد فيمكن أن يحدث ذلك بعد أن تتقدم الدولة بإدراج الملف في جدول أعمال المجلس الأوروبي، وهو الأمر الذي أكدته أشتون. وتابعت كوسيانتيش القول إنه عندما يتم طرح موضوع حظر الأسلحة على جدول أعمال المجلس تكون كل الخيارات مطروحة للنقاش، ومن حق أي دولة عضو أن تطلب رفع الحظر عن تسليح المعارضة، وما حدث خلال الاجتماع الوزاري الأخير أن كل الدول الأعضاء أرادت التأكد من الإمكانيات المتاحة لوصول الدعم والمعدات غير القاتلة لمساعدة المدنيين.
ورغم هذا التباين في المواقف لا يزال هناك إجماع بل قناعة أوروبية بضرورة البحث عن حل سلمي للأزمة وليس التحرك باتجاه حرب شاملة، وفي الوقت نفسه التركيز على المساعدات الإنسانية في ظل الظروف الصعبة والدراماتيكية في سوريا. ويواصل الاتحاد الأوروبي العمل في اتجاه تقديم المساعدة لإيجاد حل سياسي للخروج من الأزمة. وخلال مداخلة لها أمام البرلمان الأوروبي جددت أشتون دعوتها إلى الرئيس السوري للتنحي، مشددة في الوقت نفسه على أنه لا يمكن التدخل العسكري في سوريا من دون موافقة مجلس الأمن الدولي على ذلك.