أحداث 19 أيار 2011
نيران سورية تصيب مركزاً لبنانياً لحرس الحدود
أول تظاهرات بوسط حلب.. والسلطات السورية تكثّف حصارها للمدينة الجامعية
دبي – العربية
شهدت مدينة حلب ثاني أكبر المدن السورية اليوم، الخميس 19-5-2011 خروج مئات المتظاهرين وسط ساحة سيف الدولة وسط حلب مطالبين بالحرية وفك الحصار عن أهل درعا، ويشكّل هذا أول تحرك احتجاجي من نوعه تشهده المدينة بعد سلسلة من التظاهرات انحصرت في المدينة الجامعية فقط. فيما تواصل السلطات السورية تنفيذ حملات مداهمات واعتقالات جماعية وفردية تعسفية.
ونُشرت عدة مشاهد على الإنترنت أظهرت انتشارا أمنيا كثيفا لقوات الأمن السورية حول محيط المدينة الجامعية بعد حملة اعتقالات واسعة شنتها قوات الأمن أمس على الطلاب داخل حرم المدينة الجامعية، حيث اعتقل 47 طالباً على خلفية الاحتجاجات.
وعلى صعيد متصل، أفاد مراسل “العربية” من الحدود اللبنانية السورية إنه سمع إطلاق نار كثيف في محيط قرية العريضة السورية وطالت نيران الرشاشات السورية العشوائية موقع القوى الأمنية المشتركة لضبط الحدود ومراقبتها عند الجانب اللبناني من الحدود، ورصدت كاميرا “العربية” قدوم عناصر من الجيش وحرس الحدود السوري باتجاه الحدود اللبنانية حيث أجروا استطلاعات ميدانية على الخط الحدودي الفاصل،
هذا وقد توقفت حركة العبور بين البقيعة اللبنانية والعريضة السورية بشكل شبه نهائي اليوم.
وكانت قوات الأمن اللبنانية أوقفت ستة سوريين تسللوا الى أراضيها أمس وسط تخوف نشطاء من تسليمهم على غرار تسليم الجنود السوريين الذين هربوا، وفيما أخذ الجدل القانوني مكانه في القضية، أعربت منظمات حقوقية عن خَشيتها على حياة الجنود الذين جرى تسليمهم لدمشق.
قتلى بسوريا ودعوة لمظاهرات الجمعة
أفادت تقارير واردة من سوريا بأن ثمانية مدنيين قُتلوا أمس الأربعاء في إحدى المدن الواقعة على الحدود مع لبنان، فيما دعا ناشطون سوريون معارضون إلى مظاهرات جديدة الجمعة المقبل.
فقد ذكر مصدر حقوقي سوري أن ثمانية مدنيين قُتلوا أمس في قصف نفذته دبابات سورية, على مواقع في مدينة تلكلخ الحدودية، ليرتفع بذلك عدد قتلى البلدة إلى 35 قتيلا خلال أربعة أيام.
وكانت شبكة سيريا نيوز -الموالية للسلطات السورية- قد ذكرت في موقعها على الإنترنت أن رئيس فرع الأمن السياسي في حمص العقيد محمد عبد الله وأربعة من العناصر قتلوا في منطقة تلكلخ.
وورد في الخبر أن الخمسة لم يكونوا يحملون أسلحة، وأنهم كانوا متجهين صوب الحي القديم في مدينة تلكلخ لإقناع المسلحين بتسليم أنفسهم، إلا أنهم تعرضوا للقنص بأسلحة عالية الدقة، حيث تمركزت الإصابات في منطقة الرأس والعنق.
وتحدثت وسائل الإعلام الرسمية السورية عن سقوط قتلى في صفوف القوات النظامية في مواجهات وقعت أول أمس الثلاثاء.
وبحسب وكالة الأنباء الحكومية (سانا) نقلا عن مصدر عسكري مسؤول، فإن حصيلة تلك المواجهات بلغت “ثمانية شهداء وجريحين في صفوف الجيش والقوى الأمنية”.
وأضافت سانا أن “وحدات الجيش والقوى الأمنية أوقفت في منطقة تلكلخ عددا من المطلوبين الفارين من وجه العدالة ممن روعوا المواطنين وعكروا صفو أمن الوطن، كما ضبطت كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر”.
ولفتت إلى سقوط “عدد من القتلى والجرحى في صفوف العناصر الإجرامية”.
من جهة أخرى، أفادت مصادر بأن الصليب الأحمر اللبناني سلّم جثة جندي سوري قبل يومين إلى الجانب السوري، كما سلم أمس الأول جنديين آخرين جريحين.
جمعة الحرية
وفي خطوة تصعيدية، دعا ناشطون سوريون معارضون على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي إلى مظاهرات جديدة يوم الجمعة المقبل في ما أطلقوا عليه اسم جمعة الحرية أو “آزادي” باللغة الكردية.
ونشر الناشطون على صفحة “الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011” دعوة إلى مظاهرات يوم الجمعة المقبل في 20 مايو/أيار، تحت شعار “من القامشلي إلى حوران.. الشعب السوري ما بينهان”.
كما دعت الصفحات الكردية المعارضة على موقع فيسبوك إلى المشاركة في مظاهرات يوم الجمعة. ويقيم معظم أكراد سوريا في شمال شرق البلاد ويتمركزن في مدن الحسكة والقامشلي.
إضراب عام
وكانت المعارضة السورية نفذت الإضراب العام الذي أعلنته بداية من الأربعاء, وقالت إنه نجح بشكل كبير في مدينة حمص وعدد من القرى المجاورة وقرب إدلب.
غير أن عددا من سكان العاصمة دمشق ومدن حلب والقامشلي وحماة واللاذقية ذكروا لوكالة الصحافة الفرنسية -في اتصالات هاتفية معها- أن الحياة بدت طبيعية في مدنهم في ذلك اليوم.
ونقلت الوكالة عن أحد رجال الأعمال –فضَّل عدم ذكر اسمه- قوله “من سيجرؤ على القيام بإضراب والمخاطرة بفقدان عمله أو أن يستهدف من قبل السلطات؟”.
وأضاف “إذا أغلق أي شخص متجره فسيتم توقيفه على الفور وسيفقد لقمة عيشه”.
مجلة تايم
قالت مجلة تايم إن أجواء الحياة في وسط دمشق يوم الأربعاء الماضي لا توحي بنجاح دعوة وجهها نشطاء عبر فيسبوك في سوريا من أجل تنفيذ إضراب عام في ذلك اليوم.
وأوضحت المجلة أن النظام السوري قمع بوحشية المتظاهرين الذين شجعهم سقوط الرئيسين المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي فطالبوا بسقوط الرئيس بشار الأسد، مشيرة إلى أن العقوبات الأميركية التي فرضتها واشنطن مساء الأربعاء جاءت متأخرة وقد لا تفعل شيئا.
وقالت المجلة إن المتظاهرين في مصر وتونس وجدوا مزيدا من التعاطف بعد تعرضهم لوحشية قوات الأمن، فأدى ذلك إلى انضمام الآلاف إلى الاحتجاجات، لكن ذلك لم يحدث في سوريا. وتحدثت المجلة عن مصادر داخل سوريا أبلغتها أن عدد المحتجين أصبح أقل مقارنة بالأسابيع الأخيرة، وهناك مخاوف بين المتعاطفين مع المتظاهرين من أن آلة القمع لا تزال تعمل.
ونقلت المجلة عن منظمات حقوقية سورية قولها إن العديد من الناشطين معتقلون في السجون أو لم يعودوا يستطيعون التجمع، فالملاعب والمباني الحكومية تحولت إلى سجون بعدما اعتقلت قوات الأمن آلاف الناس، وقالت طالبة للمجلة إن اثنين من زملائها اختفيا وإن من يتظاهر أو يوثق المظاهرات يتعرض للقتل والتعذيب.
وقالت إن الشرطة المنتشرة في كل مكان تتنصت على المكالمات دائما وتوظف الجيران للتجسس على بعضهم وتتجسس على البريد الإلكتروني للمستخدمين، وتحدثت عن طالب كوري يدرس اللغة العربية في دمشق فقال إنه أثناء مكالمة هاتفية طويلة أجراها مع والديه في كوريا انقطع الاتصال بصوت أجش لرجل قال له بلباقة “تحدث باللغة الإنجليزية من فضلك”.
ويقول الملاحظون في سوريا إن عامل الخوف الذي بثه النظام من أجل تثبيط الناس عن التفكير في العصيان نجح في إفشال إضراب الأربعاء، فأثناء الأحداث الأخيرة بلغ عدد المفقودين رقما غير مسبوق، ويتحدث السكان ومنظمات حقوق الإنسان عن 8 آلاف مفقود، حتى إن الناشطين لم يعودوا يتحدثون بالهاتف.
وقالت المجلة إن الخوف المنتشر جعل معرفة مزاج السوريين أمرا مستحيلا، فالحديث عن السياسة أمر محظور والحديث ضد النظام يؤدي إلى السجن، كما أن آخرين يبدون خوفهم من أن عدم الاستقرار قد يؤدي إلى صراع طائفي، مثلما هو الأمر في لبنان والعراق، وهناك أصحاب الطبقة الوسطى الذين يخشون فقدان امتيازاتهم التي وفرها الرئيس بشار الأسد بفتحه الاستثمارات الأجنبية منذ توليه السلطة عام 2000، وهم يخشون أن ذهابه سيعيد التوجه الاشتراكي كما يطلب بعض السكان.
لكن صحفية سورية تحدثت بشرط عدم ذكر اسمها خوفا من القمع، قالت إن هذا الكلام كله أكاذيب، وإن الموالين للحكومة يريدون به حماية أنفسهم، وأضافت “الجميع يكره النظام لكنهم يخافون من إعلان كرههم له”، وقالت إنها تعتقد أن الحركة المناهضة التي أنهكها الآن القمع الوحشي تدرس ما إذا كان من المجدي الاستمرار في الاحتجاج خاصة وأن الجيش يستخدم الذخيرة الحية ضد المتظاهرين باستمرار. وأكدت “لا أعتقد أن الرئيس سيغادر في وقت قريب، ولكن لا أحد يريد ما يجري الآن”.
ونقلت المجلة عن رضوان زيادة، وهو معارض سوري مقيم في واشنطن وباحث زائر في معهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة جورج واشنطن، قوله إن الشرطة أكثر وحشية من نظيرتها التي كانت لدى حسني مبارك في مصر، “حكومة الأسد لديها الكثير من الخبرة والوحشية”. وقال مراقبون غربيون في دمشق إن العنف العشوائي الذي استخدمته أجهزة الأمن منذ بدء الانتفاضة في سوريا ردع العديد من الانضمام إلى الاحتجاجات.
وقال سكان من حمص إن قوات الجيش تقصف مناطق من المدينة بالدبابات وإن الشرطة تقتحم المنازل، والكلام ذاته يتردد في مدن أخرى، لكن منع الحكومة دخول الصحافيين الأجانب يجعل التحقق من هذه التقارير أمرا صعبا، ويصر زيادة على أن الجيش يسيطر على كل مدينة في سوريا وأضاف “في دوما بضواحي دمشق كان نحو مائة ألف يتظاهرون قبل أسابيع، لكن لا أحد يتظاهر الآن”.
صيحة تركيّة بمهلة أميركيّة: لا نـرحّب بأيّ تدخّل في سوريا
رسالة جديدة بعثت بها القيادة التركيّة إلى واشنطن: أمهلوا الرئيس بشار الأسد ليقدم على الإصلاحات، ونرفض رفضاً قاطعاً أيّ تدخل أجنبي في سوريا. كلام لم يلغِ مفعول الغضب السوري إزاء السلوك التركي تجاه الأوضاع السورية
حضرت أجواء الخطاب المنتظَر للرئيس الأميركي باراك أوباما، اليوم، بقوة في الاهتمامات التركية أمس، تحديداً في الشق المتعلق منه بالتطورات التركية، على وقع تسريبات مصادر سورية معارضة معروفة بعلاقاتها بالدوائر الأميركية والإسرائيلية، تفيد بأنّ سيد البيت الأبيض سيدعو في كلمته الرئيس بشار الأسد إلى التنحّي عن الحكم. كل ذلك على وقع خروج السفير السوري لدى تركيا عن صمته، معترفاً بوجود أزمة حقيقية بين أنقرة ودمشق، وكاشفاً عن انخراط «الجناح السياسي» من «الإخوان المسلمين» السوريين في حوار مع نظام الأسد.
وغداة اجتماع رئيس الحكومة التركية رجب طيّب أردوغان مع السفير الأميركي لدى تركيا فرانك ريتشارديوني، كشف مصدر رفيع المستوى في وزارة الخارجية التركية أنّ أنقرة نصحت الولايات المتحدة بمنح الرئيس الأسد المزيد من الوقت لتنفيذ الإصلاحات، جازماً بأنّ أردوغان أوصل رسالة واضحة لأوباما مفادها أنّ «تدخُّلاً في غير أوانه في سوريا غير مرحّب به من قبلنا». وتابع المسؤول لصحيفة «حريّيت»: «نريد تحوّلاً سلساً وانتقالاً منظّماً» إلى الديموقراطية في سوريا.
واعترفت مصادر دبلوماسيّة تركيّة بأنّ سوريا كانت الموضوع الرئيسي الذي طرح في اللقاء بين أردوغان وريتشارديوني الذي عُقد في مطار عسكري في العاصمة التركية، لكن نوقشت أيضاً التطورات الإقليمية، مشيرة إلى أن السفير أبلغ رسائل إلى أردوغان من أوباما، وأن رئيس الحكومة التركية سلّم بدوره رسائل لأوباما. ونبع جزء من أهمية توقيت اللقاء من كونه يسبق الخطاب المنتظر لأوباما اليوم، والمتوقع أن يتطرق فيه على نحو واسع إلى التطورات السورية، على وقع تأكيد رئيس «حزب الإصلاح» السوري المعارض في واشنطن، فريد الغادري، المعروف بعلاقاته الإسرائيلية، أن من المتوقع أن يدعو أوباما الرئيس السوري إلى التنحّي عن السلطة وتسليم الحكم إلى قيادات ديموقراطية، لافتاً إلى أن خطاب أوباما «سيتضمن حملة عنيفة على الأسد وكبار مسؤولي نظامه، تبلغ حدود مطالبته بالتنحّي عن الحكم، في خطوة قد تسبق إجراءات دولية قريبة من الإجراءات المتخذة بحق الزعيم الليبي معمر القذافي، منها تحويله إلى محكمة الجنايات الدولية أو شنّ حملة عسكرية جوية على المواقع السورية العسكرية والأمنية والقصر الرئاسي في دمشق».في السياق، كشف السفير السوري لدى تركيا، نضال قبلان، أنّ قيادة بلاده شعرت بالاستفزاز من جراء بعض الملاحظات التي أدلى بها المسؤولون الأتراك حيال التطورات السورية، على قاعدة أنها تندرج «في إطار الألاعيب الانتخابية عشية انتخابات 12 حزيران». وقال قبلان، في حديث مع صحيفة «حرييت» أيضاً، إنّ دمشق أوصلت عدم رضاها إلى السلطات التركية إزاء تصريحات أردوغان بشأن خشيته من تكرار مجازر حلبجة في المدن السورية، مشيراً إلى أنّ «كلام أردوغان لم يُستقبل جيداً في سوريا، حيث لم نفهم العلاقة التي تربط بين التطورات الجارية هناك، وما حصل في حلبجة». وتابع «لا نفترض أبداً أن هناك سوء نية من جانب تركيا. ربما كان هذا الكلام يهدف إلى إيصال رسالة ما، لكنها سلبية ولم تعجبنا». وقال «نفهم أنّ تحوُّلاً طرأ على السلوك التركي إزاء سوريا، وعلى نحو رئيسي بسبب اعتبارات محلية، والانتخابات المقبلة عامل رئيسي في ذلك، وهي تضع الجميع في موقف حرج». وسعى قبلان إلى التأكيد أنّ دمشق تعرف أنّ أردوغان وأصدقاء سوريا «قلقون ممّا يحصل بسبب مخاوفهم على أمن المنطقة واستقرارها»، لكنه لم ينسَ التذكير بأنّ القيادة السورية «تستطيع التفريق بين مَن يهدفون إلى التدخل في شؤوننا الداخلية، وهؤلاء الذين ينتقدون سوريا بسبب حبّهم لها».
ورأى قبلان أنّ «الشعب السوري كان يتوقع سلوكاً تركياً مختلفاً كلياً، لكننا نفهم أنّ القيادة التركية تمر في مرحلة حساسة جداً، إذ لديها انتخابات والجميع متوتر». وأوضح أنّ سوريا كانت تتوقع التزاماً تركياً مطلقاً باستقرار سوريا وأمنها، إضافة إلى حرص على الإنجازات التاريخية التي تحققت في السنوات الماضية. وجزم السفير السوري بأنّ «المؤامرة انتهت في سوريا، والآن علينا إعادة التركيز مجدداً على مصالحنا المشتركة التي قرّبت المسافات بيننا في السنوات الماضية، واضعين ما حصل خلال الأحداث الماضية وراءنا». وردّاً على سؤال عن اللقاءات التي تعقدها بعض أطراف المعارضة السورية في إسطنبول، أجاب قبلان بأنّ دمشق غضبت من تلك الاجتماعات. وقال عن هذا الموضوع إنّ «تركيا كانت تحاول أن تقوم بدور ما، ربما كان ذلك في الأساس بنيّة حسنة، لكنّ الإخوان المسلمين الذين حاولوا المشاركة في العمليات العسكرية ضد الجيش السوري في ثمانينيات القرن الماضي أياديهم ملطّخة بالدماء، وهم بالنسبة إلينا مثل حزب العمال الكردستاني بالنسبة إلى تركيا، وليس عليكم أن تفتحوا لهم مجالات للتحدث»، من دون أن ينفي أن الجناح السياسي لـ«الإخوان» انخرط في حوار مع الحكومة السورية. وأكّد قبلان أنّ الأحداث في سوريا «انتهت تقريباً، ولدى الحكومة السورية اعترافات من موقوفين مسلحين من 11 جنسية، هي العراقية والأردنية والفلسطينية والقطرية والسعودية والإماراتية والمغربية والجزائرية والليبية والإريترية والصومالية».
(الأخبار)
«الثماني» لإقناع روسـيا والصين بـإدانـة سـوريـا
محمد بلوط
باريس:
استبق مسؤول فرنسي رفيع المستوى فرض الولايات المتحدة عقوبات على الرئيس السوري بشار الأسد بالقول إن قمة الثماني الكبار، في دوفيل الفرنسية الأسبوع المقبل، ستكرّس جانباً من اجتماعاتها لدرس الأوضاع في سوريا، وإعلان مواقف منها.
وتدخل هذه اللقاءات في القمة التي ستضم قادة الثمانية الكبار، تحت عنوان إقامة شراكة اقتصادية وسياسية بين الثمانية الكبار وبلدان «الربيع العربي»، لا سيما تونس ومصر، لمساعدتها خلال المرحلة الانتقالية، لتصليب الديموقراطية فيها، وبناء مؤسساتها الجديدة، وتعزيز اقتصاد السوق.
وقال المصدر الفرنسي إن بياناً مشتركاً سيصدر
حول الأوضاع في سوريا، لكنه من المبكر التنبؤ بلهجته، بسبب تسارع التطورات في سوريا، والحاجة إلى مصطلحات تعبر عما وصلت إليه الأوضاع، عندما تلتئم القمة الأسبوع المقبل.
ويبحث الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الملف السوري ثنائياً خلال لقاء يجمعه مع نظيره الأميركي باراك أوباما، كما ستجري محاولات لإقناع الروس والصينيين في دوفيل بالموافقة على قرار في مجلس الأمن «يدين الأعمال القمعية التي يتعرض لها المحتجون في سوريا، وعمليات القتل في المدن، ومحاصرة الجيش لبعضها».
وكان وزير الخارجية الفرنسية آلان جوبيه قد قال، أمام مجلس النواب الثلاثاء الماضي، ان «أكثرية تؤيد موقفنا بدأت ترتسم داخل مجلس الأمن»، إلا أنه حذر من «احتمال مواجهة فيتو صيني أو روسي».
ويتجه الاتحاد الأوروبي إلى إعادة النقاش مرة أخرى، بضم اسم الأسد إلى لائحة من 13 شخصية ومسؤولاً سورياً، كان قد فرض عليهم مجموعة من العقوبات الأسبوع الماضي. وتعرضت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إلى انتقادات فرنسية وبريطانية وألمانية لسوء إدارتها للملف السوري، كما قال وزبر الخارجية الألماني غيدو فسترفيله.
ومن المنتظر، بعد القرار الأميركي، أن يخرج اجتماع الاتحاد الأوروبي في بروكسل الاثنين المقبل، بقرار واضح يضع الرئيس الأسد على لائحة العقوبات، كما يطالب بذلك الفرنسيون والبريطانيون. ويعد القرار المنتظر، رغم محدودية أثره الاقتصادي في الوقت الحاضر، طياً نهائياً لمحاولات التقارب مع دمشق ويضع النظام السوري خارج الشرعية الدولية بالنسبة لدول الاتحاد.
وكانت بريطانيا قد حاولت في اجتماع مجلس الامن قبل أسبوعين الحصول على موافقة لإحالة ملف «القمع» في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، إلا أنها واجهت معارضة روسية وصينية، وتردداً أميركياً.
دمشق تدين العقوبات الأمريكية ضد الأسد ومسؤولين آخرين
آخر تحديث: الخميس، 19 مايو/ أيار، 2011، 10:06 GMT
أدانت سورية العقوبات التي فرضتها واشنطن ضد الرئيس بشار الأسد وعدد آخر من المسؤولين السوريين بسبب “ممارسة القمع ضد المتظاهرين” المعارضين للحكومة في المدن السورية.
ونقل التلفزيون الحكومي عن مصدر رسمي سوري إن العقوبات موجهة “ضد الشعب السوري ولخدمة المصالح الإسرائيلية”.
وأضاف المصدر إن تلك العقوبات “لم ولن تؤثر على قرار سورية المستقل وعلى صمودها أمام المحاولات الامريكية المتكررة للهيمنة على قرارها الوطني وإنجاز الإصلاح الشامل”.
حثت واشنطن الرئيس السوري على “قيادة الانتقال السياسي أو الرحيل عن السلطة”
وأشار المصدر السوري الى أن هذه ليست العقوبات الأولى التي تفرضها الإدارات الأمريكية على سورية مشيرا إلى أنها سبق وأن فرضت عقوبات من بينها قانون محاسبة سورية” وقبله “وضع سورية على قائمة الدول الراعية للارهاب بسبب دعمها للمقاومة”.
تحليل: هل تأخر فرض العقوبات على الأسد؟
مارك مارديل – محرر شؤون امريكا الشمالية – بي بي سي
رحبت اوساط عديدة بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على القيادة السورية، ولكن ذلك لن يزيل الحيرة التي يشعر بها كثيرون من توقيت الاعلان عن هذه العقوبات. فالحكومة السورية ما لبثت تقمع المعارضين لها منذ اسابيع، كما جاءت العقوبة قبل يوم واحد فقط من الخطاب المهم الذي سيلقيه الرئيس اوباما الخميس ويتناول فيه سياسة ادارته حيال التطورات الاخيرة في الشرق الاوسط.
فمن غير المرجح ان يسهم التردد الامريكي في تحسين سمعة الولايات المتحدة في المنطقة، وفي واقع الحال فإن اصرار ادارو اوباما على الامتناع عن معاقبة الرئيس السوري بشار الاسد قد اثار حيرة الكثير من خبراء السياسة الخارجية في العاصمة الامريكية.
فقد نجح الحكام العرب في تصوير السياسة الامريكية في الشرق على انها خليط غير متجانس من الواقعية والمثالية. فالاصدقاء لا يمسهم سوء، بينما تقصف مساكن الاعداء.
لكن الحالة السورية تختلف عن الحالتين. فسورية ليست البحرين او السعودية.
وبينما لا يمكن وصف الرئيس الاسد بالصديق للولايات المتحدة يقود بلدا طيعا ميالا لمساعدة واشنطن في تحقيق اهداف سياستها الخارجية في المنطقة، يبدو ان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون كان تؤمن فعلا انه رجل اصلاحي يعرقل مسيرته الاصلاحية المتشددون داخل نظامه.
ولكن بمرور الوقت، يبدو ان البيت الابيض توصل الى قناعة بأن هذا الاعتقاد من السذاجة بمكان، او ان الرئيس الاسد لا يتمكن من مواجة المتشددين.
على اية حال، يمكن النظر الى القرار الذي اعلنه الرئيس اوباما يوم امس على انه مقدمة للخطاب الذي سيلقيه الخميس حول الشرق الاوسط وشمال افريقيا، ولكنه (القرار) يؤكد صعوبة بلورة سياسة خارجية شاملة ومعقولة ازاء مجموعة كبيرة من الدول المختلفة التي تختلف ازاءها المصالح الامريكية.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الاربعاء، قد أصدر أمرا رئاسيا بفرض عقوبات مباشرة على الرئيس السوري بشار الأسد وستة من كبار المسؤولين لدورهم في ما وصفته واشنطن بقمع الحركة الاحتجاجية التي اندلعت في سورية.
وتتضمن العقوبات المباشرة على المسؤولين السوريين تجميد أي أصول ومنع أي تعاملات سواء كانت مباشرة أو من خلال جهات أمريكية مع الأسد وعدد من معاونية وهم: فاروق الشرع نائب الرئيس، وعادل سفر رئيس الحكومة، ومحمد إبراهيم الشعار وزير الداخلية، وعلي حبيب محمود وزير الدفاع، وعبد الفتاح قدسية رئيس المخابرات العسكرية، ومحمد ديب زيتون مدير دائرة الأمن السياسي.
الديمقراطية أو الرحيل
وقال البيت الأبيض إن القرار يسعى إلى تكثيف “الضغط على الحكومة السورية كي توقف العنف ضد شعبها وتبدأ الانتقال الى نظام ديمقراطي”.
وحثت واشنطن الرئيس السوري على “قيادة الانتقال السياسي أو الرحيل عن السلطة”.
وقال البيان الصادر عن وزارة الخزانة الأمريكية إن العقوبات تمثل “رسالة قوية للرئيس الأسد وقيادات النظام السوري”.
وأضاف ديفيد كوهين القائم بأعمل مساعد وزير الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية أنه يجب محاسبة الأسد وأركان نظامه على “القمع والعنف المستمر” في سورية.
وقال إن “نظام الرئيس الأسد يجب أن يوقف فورا استخدام العنف وأن يستجيب لنداءات الشعب السوري.
كما قررت الولايات المتحدة معاقبة اثنين من مسؤولي الحرس الثوري الايراني بسبب ما وصف بدورهما في “قمع الحركة الاحتجاجية” في سورية.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد فرض في 29 أبريل/نيسان الماضي سلسلة اولى من العقوبات ضد مسؤولين في النظام السوري بينهم ماهر الأسد الشقيق الاصغر للرئيس السوري.
العريضة
ميدانيا، انتشرت قوات سورية معززة بالدروع صباح الخميس في قرية العريضة الحدودية، حسبما اوردت وكالة رويترز عن شهود عيان في المنطقة.
وشوهد الجنود من الجانب اللبناني من الحدود وهم ينتشرون في القرية ويتخذون مواضع لهم على طول جدول يمر فيها ويقتحمون المساكن.
كما انتشر الجنود اللبنانيون على الجانب اللبناني من الحدود المشتركة.
وكانت اصوات اطلاق نار قد سمعت في وقت سابق من العريضة القريبة من بلدة تلكلخ التي دخلتها القوات السورية يوم السبت الماضي وقتلت فيها 27 مدنيا على الاقل حسب ما روى ناشط سوري، بينما قال مسؤولون امنيون لبنانيون إن الدبابات السورية قصفت اهدافا بالقرية.
جاء ذلك في الوقت الذي قال فيه نازحون سوريون في لبنان لبي بي سي ان بعضهم تعرض لاطلاق نار عند الهروب من بلدة تلكلخ بالقرب من الحدود اللبنانية.
وقالوا انهم هربوا من اعمال عنف شديدة في المدينة التي حاصرها الجيش السوري منذ عدة ايام.
وأضاف اللاجئون أنهم فروا من أعمل العنف التي ارتكبها الجيش في البلدة، مستخدما الدبابات التي أطلقت قذائفها على المنازل.
وقالت إحدى العائلات إنها فرت من البلدة بعد أن قتلت قوات الأمن السورية احد اقربائها.
أخطاء
وفي وقت سابق قال الرئيس السوري بشار الاسد إن قوات الأمن ارتكبت بعض الاخطاء في تعاملها مع الاحتجاجات على مدى الشهرين الماضيين في مختلف أنحاء سورية.
وقال الأسد في تصريحات نشرتها صحيفة الوطن السورية إن القصور في تعامل قوى الأمن مع الاحداث مرده ضعف التدريب، وان الآلاف من رجال الشرطة يخضعون الآن للتدريب.
ولكن تقارير المنظمات الحقوقية تقول إنه ليس هناك دلائل تشير الى أن حدة “قمع الاحتجاجات” قد خفت.
فقد قال أحد نشطاء حقوق الإنسان الأربعاء إن القوات السورية استخدمت الرشاشات في هجومها على أحياء في مدينة حمص.
كما قال ناشط سوري لوكالة فرانس برس إن 8 قتلى سقطوا في قصف على بلدة تلكلخ.ويقدر ناشطون عدد القتلى في الاحتجاجات المستمرة منذ نحو شهرين بأكثر من 800 قتيل
إضراب
من ناحية أخرى لم تلق دعوة إلى الإضراب العام وجهتها المعارضة صدى في دمشق ومدن سورية اخرى الاربعاء، فقد بقيت المحلات والمدارس مفتوحة، وسط إجراءات أمنية مشددة.
دعت المعارضة الى الاضراب في دمشق والمدن السورية الاخرى
وتشكل دعوة الإضراب نقلة في تكتيكات المعارضة التي يبدو أنها تستهدف النظام من زاوية جديدة هي الاقتصاد.
وتقول منظمات حقوق الإنسان في سورية إن قمع النظام للاحتجاجات قد خلف 850 قتيلا حتى الآن، وقد سقط في بلدة تل كلخ وحدها 27 قتيلا منذ الاسبوع الماضي، حسب المنظمات الحقوقية.
“اعتصام من أجل الشهداء”
من جهة أخرى حصل عدد من النشطاء على إذن من السلطات السورية بالاعتصام الصامت “من أجل ذكرى الشهداء” في الخامسة والنصف من يوم الإثنين الثالث والعشرين من الشهر الجاري ةسط مدينة دمشق.
ويبدو هذا متناسقا مع توجه الحكومة لفتح قنوات حوار مع المعارضة.
روسيا لا تدعم
على صعيد آخر قال الرئيس الروسي ديميتري مدفيديف الأربعاء إنه لن يدعم أي قرارات للأمم المتحدة تتعلق بسورية وانها ستشبه القرار الذي صدر بخصوص استخدام القوة ضد النظام الليبي.
وكان مدفيديف قد أصدر تعليمات لمندوب روسيا لدى الأمم المتحدة بالامتناع عن التصويت حين أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا يسمح بالقيام بعمليات عسكرية ضد ليبيا.
وفي وقت لاحق اتهم مدفيديف الغرب بتجاوز ما خوله به قرار مجلس الأمن.
“مخطط امريكي”
واتهم الاعلام السوري الرسمي الولايات المتحدة بمحاولة الضغط على دمشق لحملها على قطع علاقاتها مع ايران وحزب الله اللبناني وحركة حماس.
وقالت صحيفة الوطن السورية المقربة من النظام الحاكم في دمشق إن “ما يحدث في سورية جزء من مخطط امريكي يهدف الى اضعاف سورية وقطع علاقتها بالمقاومة.”
وقالت الصحيفة إن الغرب “يعتمد معايير مزدوجة ويشوه الحقائق عندما يتعلق الامر بانتهاكات حقوق الانسان التي ترتكبها اسرائيل، فهو يغض الطرف عندما تقوم اسرائيل بقتل المدنيين العزل الذين كانوا يحيون الذكرى 63 للنكبة.”
عقوبات أميركية على الأسد وكبار مساعديه وقياديين في «الحرس الثوري»
واشنطن – جويس كرم
دمشق- «الحياة»، أ ف ب، رويترز – في تصعيد سياسي واضح وخطوة أميركية غير مسبوقة تستهدف رأس النظام السوري، أصدر الرئيس الاميركي باراك أوباما مرسوما رئاسيا يفرض عقوبات على الرئيس بشار الأسد ونائبه فاروق الشرع وخمسة من كبار المسؤولين «لدورهم في انتهاكات حقوق الانسان». كما طاولت العقوبات اثنين من قادة «الحرس الثوري» الايراني بسبب دورهما في قمع الاحتجاجات في سورية. وبعد اعلان العقوبات دعا مسؤول في الادارة الرئيس السوري الى «قيادة الانتقال السياسي او الرحيل».
يأتي ذلك فيما واصلت القوات السورية قصفها المناطق الحدودية مع لبنان عند بلدة تلكلخ، كما قامت بعمليات دهم للمنازل وأعتقالات واسعة، ما ادى الى مقتل ثمانية مدنيين، ليرتفع عدد القتلى خلال الايام الثلاثة الماضية الى 35 شخصا.
وفي تطور يرسم علامة فارقة في العلاقة السورية – الأميركية وموقف واشنطن من تطورات الازمة السورية، أصدر أوباما قرارا رئاسيا يفرض عقوبات مباشرة على الأسد ويقضي بموجبه تجميد أي أصول ومنع أي تعاملات مع أو عبر جهات أميركية مع الاسماء الواردة في لائحة العقوبات وهي كالآتي:
1- بشار الأسد (رئيس الجمهورية العربية السورية، مواليد أيلول/سبتمبر 1965)
2- فاروق الشرع (نائب رئيس، مواليد 1938)
3- عادل سفر (رئيس وزراء، مواليد 1953)
4- محمد ابراهيم الشعار (وزير الداخلية، مواليد 1950)
5- علي حبيب محمود (وزير الدفاع، مواليد 1939)
6- عبد الفتاح قدسية (رئيس الاستخبارات السورية، مواليد 1950)
7- محمد ديب زيتون (مدير دائرة الأمن السياسي، مواليد 1952).
واوضح المسؤول الاميركي ان ادراج اسم «الرئيس بشار الأسد (في قاءمة العقوبات) هو لاشرافه على أعمال القمع ضد الشعب السوري»، معتبرا «ان الانتقال السياسي بدأ وهذا الانتقال يجب أن يقود الى ديموقراطية واحترام الحقوق العالمية للشعب السوري». وأشار الى ان «مستقبل سورية يجب أن تضمنه فقط حكومة تعكس الارادة الشعبية لجميع السوريين»، داعيا الأسد الى «وضع حد للاعتداءات على المتظاهرين والتوقيفات والتحرش بالمواطنين السوريين… والبدء بمباشرة التغيير الديموقراطي».
وتأتي العقوبات الجديدة بعد أسبوعين على خطوة مشابهة استهدفت شقيق الرئيس ماهر الأسد، ومسؤولين أمنيين.
كما قررت الولايات المتحدة معاقبة اثنين من مسؤولي «الحرس الثوري» الايراني بسبب دورهما في قمع الاحتجاجات في سورية. وتناول الامر التنفيذي الذي اصدره الرئيس الاميركي قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» قاسم سليماني و»احد معاونيه الرئيسيين» محسن شيرازي. وكانت مجموعة قرارات العقوبات تستهدف «فيلق القدس» على اساس انه منظمة «تؤمن الدعم المادي» لاجهزة الاستخبارات السورية.
وقالت ادارة اوباما:»ما زلنا قلقين جدا حيال ضلوع اجهزة ايرانية في اعمال العنف الاخيرة في سورية. وان مبادرتنا تسلط الضوء على دعم ايران للانظمة التي تقمع بعنف ارادة شعوبها بالتمتع بحكومات اكثر مسؤولية وتمثيلا».
إلى ذلك أعلن الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف، انه لن يوافق على تبني قرار في الامم المتحدة يجيز استخدام القوة في سورية. وقال مدفيديف امام 800 صحافي خلال مؤتمره الصحافي الاول الذي يشارك فيه هذا العدد الكبير من الصحافيين، منذ وصوله الى الكرملين في 2008: «في ما يتعلق بقرار حول سورية: لن اؤيد هذا القرار… حتى لو طالب به اصدقائي». واعتبر ان «الرئيس (السوري بشار) الاسد قد اعلن عن اصلاحات. ويجب القيام بما من شأنه ان يساهم في جعل هذه الاصلاحات فعلية، وليس ممارسة ضغوط مع قرارات، لأن ذلك، بصورة عامة، لا يسفر عن نتيجة».
واشنطن فرضت عقوبات على الأسد: عليه قيادة عملية انتقال سياسي أو الرحيل
واشنطن – هشام ملحم
قرر الرئيس الاميركي باراك أوباما، في خطوة عقابية تصعيدية، فرض عقوبات قوية على الرئيس بشار الاسد وستة مسؤولين سوريين بارزين، لثنيهم عن “الاستمرار في تصعيد العنف ضد الشعب السوري، بما في ذلك الهجمات على المتظاهرين والاعتقالات والتحرشات بالمتظاهرين والناشطين السياسيين، وقمع التغيير الديموقراطي…”.
وفرضت العقوبات بموجب قرار رئاسي وقعه أوباما أمس عشية القائه خطابا مهما عن حركات الاحتجاج والانتفاضات الشعبية التي عصفت بعدد من الدول العربية ومنها سوريا.
وقال وكيل وزارة الخزانة الموقت ديفيد كوهين: “الاجراءات التي اتخذتها الحكومة اليوم تبعث برسالة لا لبس فيها الى الرئيس الاسد والقيادة السورية ومؤيدي النظام بأنهم سيحاسبون بسبب استمرار أعمال العنف والقمع في سوريا”. وأضاف في بيان له: “على الرئيس الاسد ونظامه ان ينهيا فورا استخدام العنف، واستجابة دعوات الشعب السوري الى اقامة حكومة تمثله والتحرك على طريق الاصلاح الديموقراطي الصادق”.
وتعتبر هذه الخطوة بمثابة اعلان قطيعة نهائية مع الرئيس السوري الذي تستهدفه هذه العقوبات شخصيا والقيادة السورية، من رئيس أميركي سعى الى تبني سياسة حوار مع دمشق، ليجد بعد سنتين ونصف سنة أنها وصلت الى طريق مسدود.
وتشمل العقوبات، الى الرئيس الاسد، نائبه فاروق الشرع، ورئيس الوزراء عادل سفر، ووزير الداخلية اللواء محمد ابرهيم الشعار، ووزير الدفاع علي حبيب محمود ورئيس جهاز المخابرات العسكرية عبد الفتاح قدسية ورئيس جهاز الامن السياسي محمد ديب زيتون وهي تتضمن تجميد ودائع المسؤولين السوريين في أي مؤسسة مصرفية أميركية وفروعها في العالم ومنع أي مواطن أميركي او شركة اميركية من التعامل معهم.
ومن المتوقع ان تحذو الحكومات الاوروبية حذو الحكومة الأميركية، ولذلك فان الخطوة الاميركية ستكون أكثر من خطوة رمزية. وللتدليل على هذه النقطة قال مسؤول بارز: “عندما نتخذ قرارا الزاميا في حق المؤسسات كي تجمد الودائع، فان الكثير من المؤسسات (المالية) في انحاء العالم تحذو حذونا…”
وكانت وزارة الخزانة فرضت عقوبات مماثلة بموجب قرار رئاسي وقعه أوباما، على شخصيات سورية اخرى في 29 نيسان الماضي، بينها شقيق الرئيس ماهر الاسد. واعلنت أمس فرض عقوبات مماثلة على مسؤولين سوريين وايرانيين وعدد من المؤسسات الامنية السورية.
وقال الرئيس اوباما في رسالة وجهها الى الكونغرس ان العقوبات الجديدة هي للرد على استمرار تصعيد العنف ضد المتظاهرين السوريين. وكانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قالت الثلثاء ان نحو الف متظاهر سوري قتلوا منذ بدء التظاهرات. وصرح الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني بأن رياح التغيير الديموقراطي قد وصلت الى سوريا، و”نحن نعتقد ان الاحداث الاخيرة في سوريا تؤكد ان البلاد لن تعود الى الوضع القائم. وسوف يضمن مستقبل سوريا فقط من طريق اقامة حكومة تعكس الارادة الشعبية للسوريين”.
وينص قرار وزارة الخزانة على فرض عقوبات على 10 شخصيات ومؤسسات بسبب “مسؤوليتهم عن انتهاكات حقوق الانسان، بما في ذلك قمع الشعب السوري، الى مجموعة من المؤسسات السورية بسبب فسادها”. وتشمل هذه القائمة العقيد حافظ مخلوف ابن خال الاسد والمسؤول البارز في مديرية المخابرات العامة. وقال المسؤول الاميركي ان “مخلوف كان ضالعا بدور قيادي في الرد على التظاهرات في سوريا، وكان متورطاً الى حد كبير في اجراءات النظام السوري” وخصوصا اجراءات القمع في مدينة درعا. كما تشمل مسؤولين ايرانيين هما قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني “الباسدران”، بسبب دوره في ايصال الدعم الايراني المادي الى سوريا للمساهمة في قمع التظاهرات، ومحسن شيزاري المسؤول في الحرس الثوري الايراني عن اعمال التدريب في سوريا.
وقال المسؤول الاميركي ان اقدام الحكومة الايرانية على “المساهمة في قمع التظاهرات هو عمل خبيث للغاية”. ومن المشمولين بالعقوبات ايضا صندوق المشرق للاستثمارات، وفريق الشام للاستثمارات، الى مؤسسات أمنية منها مخابرات سلاح الجو السوري، وجهاز المخابرات العسكرية السورية، ومكتب الامن القومي لحزب البعث لتورط هذه الاجهزة في قمع التظاهرات.
وقالت وزارة الخارجية الاميركية في بيان انه “يعود الى الاسد قيادة عملية انتقال سياسي او الرحيل”.
واشنطن تنشد تأييد تركيا وموسكو ترفض القوة ضد دمشق
أوباما يصعّد: عقوبات على الأسد! تشمل الشرع وسفر وشخصيات أمنية وشركات سورية
(ا ف ب)
رفعت واشنطن وتيرة تدخلها في الشؤون السورية بالإعلان عن استهداف الرئيس السوري بشار الأسد بعقوبات، بالاضافة الى عدد من الشخصيات والمسؤولين والشركات السورية، في الوقت الذي بدا فيه أن الأوضاع المضطربة التي شهدتها سوريا خلال الاسابيع الاخيرة، تتجه نحو شكل من الهدوء النسبي وانفتاح قنوات حوار بين السلطة وشخصيات معارضة ووجهاء مختلف المحافظات، ما يطرح علامات استفهام حول هدف مثل هذه الخطوة وجدواها بالإضافة الى توقيتها الذي يأتي عشية الخطاب المقرر أن يلقيه الرئيس الاميركي باراك أوباما اليوم، والمتوقع أن يتطرق فيه الى الموضوع السوري.
وجاءت الخطوة التي اعلنتها وزارة الخزانة الاميركية فيما شدد الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف على حق سوريا في التعامل مع شؤونها الداخلية، مؤكدا انه لن يوافق على تبني قرار في مجلس الأمن الدولي يجيز استخدام القوة ضد دمشق.
وقال ميدفيديف، في مؤتمر صحافي في مدرسة سكولكوفو لإدارة الأعمال بضواحي موسكو، «في ما يتعلق بقرار حول سوريا: لن أؤيد هذا القرار (الذي يجيز استخدام القوة لحماية المدنيين)، حتى لو طالب به أصدقائي». وأوضح انه سيعارض هذا الأمر، لأن القرار 1973 الذي أجاز استخدام القوة ضد نظام الرئيس الليبي معمر القذافي، والقرار السابق الذي أدان القمع في ليبيا، قد «داستهما» البلدان الغربية. وأضاف إن «الرئيس الأسد قد أعلن عن إصلاحات. ويجب القيام بما
من شأنه أن يساهم في جعل هذه الإصلاحات فعالة، وليس ممارسة ضغوط مع تبني قرارات دولية، لأن ذلك، بصورة عامة، لا يسفر عن نتيجة. ويخلق التفسير الحر الاعتباطي لمثل هذه القرارات وضعا مختلفا تماما في نهاية المطاف. ويتعلق ذلك بطائرات ودبابات وليس بتدابير الضغط الحكومي». وتابع «من الضروري ترك الدول تختار طريقها للتنمية، وإعطاء القيادة السورية الفرصة لحل مشكلاتها الداخلية».
وعشية خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما اليوم حول الوضع في الشرق الأوسط، تكثفت حركة واشنطن في المنطقة. ولفت في هذا الإطار الحركة الدبلوماسية والعسكرية النشطة للإدارة الأميركية في اتجاه تركيا.
وكشفت صحيفة «راديكال» التركية عن جوانب مما دار في لقاء عقد بين السفير الأميركي في أنقرة فرانسيس ريكياردوني ورئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان. وذكرت أن السفير الاميركي أشار إلى خطاب أوباما اليوم وأنه سيتطرق إلى الوضع في سوريا، وأن أوباما يريد دعما لما سيرد في خطابه، خصوصا أن له شقين سياسيا وعسكريا. ومع أن أوباما لن يعلن عن حرب على سوريا لكنه يريد تمهيد الأجواء لاتخاذ خطوات زاجرة ضد النظام السوري. وذكرت «حرييت» أن اردوغان أبلغ ريكياردوني أن أي تصعيد للوضع في سوريا سينعكس سلبا على العراق ولبنان وحتى الأردن وسيدخل الشرق الأوسط وضعا خطيرا جدا. (تفاصيل صفحة 14)
إلى ذلك، قال السفير السوري لدى تركيا نضال قبلان، لصحيفة «دايلي نيوز» التركية، «ما لم يمر بشكل جيد في سوريا هو الصلة التي أقيمت بين الأحداث في سوريا والأحداث في حلبجة». وأضاف «لم نفكر أبدا بأن ثمة سوء نية لدى تركيا. ربما كانت تريد إيصال رسالة. لكنها رسالة سلبية. لم يؤد ذلك الى أزمة. قلنا اننا لم نستسغها».
وكان أردوغان قال، في مقابلة مع قناة تركية في 9 الحالي، انه يأمل في «ألا تتكرر مجازر حماه او مجازر حلبجة في العراق». وقال السفير السوري «في حلبجة، استخدم (الرئيس العراقي الراحل) صدام حسين أسلحة كيميائية للقضاء على مجموعة بكاملها. وما يحصل في الواقع في سوريا، هو أن وحدات صغيرة من الجيش تواجه عصابات تقتل عناصر الشرطة».
عقوبات أميركية ضد الأسد
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان، أن أوباما وقع أمرا تنفيذيا يفرض عقوبات على الأسد ومسؤولين سوريين بحجة «انتهاكهم حقوق الانسان».
وكانت حكومات اوروبية اتفقت مؤخرا على تشديد العقوبات على القيادة السورية، لكنها قالت انها ستقرر الاسبوع المقبل ان كانت ستضم الاسد الى القائمة.
ويقضي الاجراء الذي أعلنته وزارة الخزانة الاميركية بتجميد أي اصول للمسؤولين السوريين في الولايات المتحدة او في نطاق اختصاص السلطة القضائية الأميركية، ويحظر بصفة عامة على الافراد والشركات الاميركية التعامل معهم.
وبالإضافة الى الاسد، تستهدف العقوبات نائبه فاروق الشرع ورئيس الحكومة عادل سفر، ووزير الداخلية محمد ابراهيم الشعار، ووزير الدفاع علي حبيب، ورئيس الاستخبارات العسكرية عبد الفتاح قدسية، ومدير الامن السياسي محمد ديب زيتون، بالاضافة الى العقيد حافظ مخلوف، وهو ابن خالة الاسد.
وقال القائم بأعمال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الارهاب والاستخبارات المالية ديفيد كوهين، في بيان، إن «الاجراءات التي اتخذتها الادارة تبعث برسالة لا لبس فيها الى الرئيس الاسد والقيادة السورية والمطلعين على بواطن الأمور في النظام بأنهم سيحاسبون على العنف والقمع المستمرين في سوريا». وأضاف «يجب على الرئيس الأسد ونظامه الوقف الفوري لاستخدام العنف والاستجابة لدعوات الشعب السوري إلى حكومة أكثر تمثيلا والسير في طريق اصلاح ديموقراطي له مغزى».
وكان أوباما وقع، في 29 نيسان الماضي، أمرا تنفيذيا فرض فيه أول مجموعة من العقوبات ضد جهاز الاستخبارات السوري واثنين من أقارب الأسد. ووسع القرار امس المجموعة المستهدفة، لتشمل 10 اشخاص وكيانات، ضمنها الاستخبارات العسكرية السورية ومديريات الاستخبارات العامة والجيش والقوات الجوية ودائرة الامن القومي، بالاضافة الى 3 شركات، هي «صندوق المشرق للاستثمار» و«شام القابضة» و«بنا» الخاصة.
كما قرر أوباما معاقبة اثنين من مسؤولي «الحرس الثوري» الإيراني بسبب «دورهما في قمع الحركة الاحتجاجية» في سوريا. وتناول الأمر التنفيذي قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني و«أحد معاونيه الرئيسيين» محسن شيرازي.
وقالت ادارة اوباما، في بيان، «ما زلنا قلقين جدا حيال ضلوع أجهزة ايرانية في اعمال العنف الاخيرة في سوريا»، مضيفة «ان مبادرتنا تسلط الضوء على دعم ايران للانظمة التي تقمع بعنف ارادة شعوبها بالتمتع بحكومات اكثر مسؤولية وتمثيلا».
وفي تصعيد للتدخل في الشأن السوري، دعت الولايات المتحدة الاسد الى «قيادة عملية انتقال سياسي او الرحيل»، مرفقة هذه الدعوة بالاعلان عن فرض عقوبات مباشرة عليه. وقالت وزارة الخارجية الاميركية في بيان انه «يعود الى الاسد قيادة عملية انتقال سياسي او الرحيل».
وفي الكونغرس، رحب الجمهوريون جون ماكين وليندساي غراهام وماركو روبيو والسناتور المستقل جو ليبرمان، الذين طالبوا مؤخراً بفرض المزيد من العقوبات على دمشق، بقرار الإدارة الأميركية. واعتبروا أن القرار «يوجه رسالة واضحة لا لبس فيها بأن الولايات المتحدة متضامنة مع المتظاهرين الشجعان في سوريا وأن نظام الأسد فقد شرعيته».
كما رحبت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الجمهورية أليانا روس ليتنين بالقرار الأميركي، معتبرة أنه «إيجابي». وأعربت أيضاً عن أملها في أن «تذهب الإدارة أبعد من ذلك من خلال تطبيق العقوبات الحالية بشكل كامل». وأعلنت أنها ستقدم قريباً مشروع قانون من أجل «تعزيز وزيادة» العقوبات ضد سوريا.
وكانت سويسرا أعلنت انها ستمنع سفر 13 مسؤولا سوريا، ليس بينهم الأسد، إليها وستجمد أي أرصدة لهم في بنوكها تماشيا مع قرار أصدره الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي. وقالت وزارة الاقتصاد في بيان ان التوصية السويسرية الجديدة تشمل حظرا على المعدات العسكرية والاجهزة التي يمكن استخدامها في القمع الداخلي.
الى ذلك، فتحت المدارس والمحال التجارية بشكل طبيعي في دمشق وعدة مدن سورية اخرى، في تجاهل للدعوة التي وجهها معارضون للقيام بإضراب عام ردا على «العنف الذي تبديه السلطات في قمع الاحتجاجات».
وبدت الحياة طبيعية في دمشق ومدينة حلب والقامشلي وحماه واللاذقية وحمص حسب ما أكد سكان هذه المدن. وقد دعت صفحة «الثورة السورية 2011» المعارضة على موقع «فيسبوك» الى القيام بالإضراب سعيا لمزيد من الضغوط على النظام.
وأعلنت منظمات حقوقية في بيان مشترك ان السلطات السورية «اعتقلت الأحد الصحافيين رأفت الرفاعي وموسى خطيب في مدينة حلب وذلك بعد سلسلة من الاستدعاءات الأمنية المتكررة بحقهما». وأشار البيان الى ان «الصحافيين المعتقلين يعملان في موقع شو الأخبار الالكتروني السوري» مرجحا ان يكون «اعتقالهما جاء على خلفية سياسة الموقع حيال الاحداث الاخيرة التي تمر بها البلاد».
وشيّع من مستشفى الشهيد عبد القادر شقفة العسكري بحمص ثمانية شهداء من قوى الجيش والأمن الداخلي استشهدوا برصاص «عناصر إجرامية مسلحة» في منطقة تلكلخ أول من أمس، بحسب ما ذكرت وكالة «سانا».
ونقلت وكالة «رويترز» عن أحد المقيمين في تلكلخ قوله ان الدبابات السورية قصفت المدينة لليوم الرابع على التوالي. وقال «ان المدفعية والأسلحة الآلية الثقيلة قصفت الطريق الرئيس المؤدي إلى لبنان خلال الليل وكذلك حي الأبراج المجاور الذي تسكنه اقلية من التركمان والاكراد».
ونقلت «فرانس برس» عن ناشط حقوقي قوله ان «ثمانية اشخاص قتلوا اثر اطلاق قذائف على مدينة تلكلخ وإطلاق عيارات نارية رشاشة». وأشار الى وجود «العديد من الجرحى في الطرقات».
(«السفير»، سانا، أ ف ب، أ ب، رويترز)