أحلام في المنفى لمن قضى حياته معارضاً نظام الأسد
روبرت فيسك()
“إذا اعتقل (الرئيس السوري) بشار الأسد في دمشق، لن يعامل كالقذافي. لكن ماذا لو اعتقل في حمص؟ لا نريد أن يواجه السيد بشار الأسد هذه النهاية. لكن وكما قال السيد (رئيس الوزراء التركي رجب طيب) اردوغان، عليه (الأسد) أن يفكّر بما حدث للقذافي و(الديكتاتور العراقي الراحل) صدام حسين. الشبان الآن مهووسون. كل الثورات انطلقت على يد رجال مجانين وليس حكماء”.
ويجلس خالد خوجه على كرسيه مسترخياً في فندق “مالاتيا تاور” أحد فنادق اسطنبول القديمة الذي بني في القرن الخامس عشر، في المدينة التي اختارها لتكون منفاه خلال السنوات التسع والعشرين الماضية محاولاً معرفة مدى تقديري وإعجابي للغته الانكليزية.
وخالد خوجه طبيب عائلة في منتصف الأربعينات من عمره، وهو أحد كبار ممثلي المجلس الوطني السوري في المنفى والذي لا تعترف به سوى ليبيا ممثلاً لسوريا، والذي تعرض لضغوط كبيرة من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ومؤخراً من وزير الخارجية البريطانية وليام هيغ – بهدف إنهاء خلافاته مع المجموعات السورية المعارضة الأخرى،وهو يعتبر الخطر الأكبر والطاعون الفتاك لنظام الرئيس الأسد. ومثل جميع المنفيين، يعيش خوجة في مزيج غريب بين الخيال والواقع.
وقال خوجة “ليست أمامنا فرصة أخرى، وإلا سوف تتحول إلى نزاع مذهبي. إذا تمكن المدنيون من تسليح أنفسهم سوف تكون كارثة. (الرئيس السوري بشار) الأسد؟ أعطيه بين ستة أشهر وسنة”.
ويملك خالد خوجة سيرة ذاتية يتمنى كل زعيم من المعارضة السورية امتلاكها. فلرفضه تأييد والد بشار (الرئيس السوري الراحل) حافظ، سجن والد خوجة لمدة 14 عاماً، وحكم على والدته بالسجن خمس سنوات، وعلى خالد الذي كان حينها في الخامسة عشرة من عمره بالسجن لسنتين – أمضى إحداها في زنزانات مقر المخابرات في دمشق. ومن أعمامه الثلاثة، شنق واحد، وقتل الاثنان الآخران (استناداً لخالد) في الشارع.
ويعترف خالد أنه التقى بالمتمردين السوريين المسلحين في مدينة أنطاكيا التركية. وقال “لقد أبلغوني أنهم ينظمون أنفسهم وأن التمرد انطلق من جسر الشغور في إدلب. يتولون تدريب الشبان هنا. المنطقة العازلة ستكون الخطوة التالية إذا استمر بشار بقتل السوريين. سيحاول معظم اللاجئين الانتقال إلى المنطقة العازلة. ستساعد منطقة حظر الطيران الجيش السوري الحر على تنظيم نفسه في المنطقة العازلة من دون أي تدخل عسكري”.
واضاف “بالتنسيق مع الملك الأردني عبدالله، يمكن إقامة منطقة عازلة أخرى في درعا (جنوب سوريا) بحيث ينحشر النظام السوري تماما كما صدام حسين في 1990 حيث فرضت مناطق محظورة في شمال وجنوب العراق. لكن يمكن أن يكون هناك حل من دون التدخل العسكري. أن يعيد الجيش السوري تنظيم نفسه”.
“في الأيام الأولى من الانتفاضة السورية، زار وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة سوريا كما زار صدام حسين قبل الغزو في العام 2003 وزار (الرئيس المصري السابق) حسني مبارك قبل الإطاحة به. وعندما تتدخل الإمارات العربية المتحدة يعني أن هناك عرض لعائلة الأسد… واعتقد أن ذلك يعني السماح لها بمغادرة سوريا مع ضمانة، وهذا يعني أن بإمكان عائلة الأسد أن تغادر إلى المملكة العربية السعودية، أو الإمارات أو مالطا المنطقة الأكثر أماناً – وهذا سيكون حلاً جيداً. لا نريد الانتقام من عائلة الأسد خاصة إذا كان ذلك سيجنّبنا حرباَ أهلية”.
ولا تتملك خوجة هواجس بالنسبة للدعم الروسي لسوريا ويقول “يتحدث الروس إلينا. يحاولون إقناعنا بالتوصل إلى تسوية مع بشار الأسد وإعطائه فرصة. هذا لن يتغيّر سيدعمون بشار حتى النهاية. النظام الروسي لا يختلف عن النظام السوري. للجيش الروسي مصالح في (المرفأ السوري) في طرطوس. لكن أكثر المنافع التي يحصل عليها الروس من الأزمة السورية هي أن الاقتصاد الروسي يحصل على أموال إضافية من خلال بيع الطاقة خلال الأزمات التي تعصف بالشرق الأوسط. هذا يسير لصالح روسيا”.
أشرت إلى أن المنفى خاصة بعد مضي ثلاثة عقود قد يجعل خوجة يفكر من باب الأسطورة بدلاً من التاريخ. فقال “كلا. أستطيع التفكير بوضوح حتى في المنفى- لكني لا أواجه الدبابات. لا أواجه رصاصات النظام”.
ترجمة: صلاح تقي الدين
() جريدة الاندبندنت
الخليج