أحمد الجربا : أولويتي تأمين السلاح.. ويحلم من يعتقد أننا نقبل ببقاء الأسد
رئيس الائتلاف السوري يصف الموقف السعودي بـ«الأميز دوليا»
أحمد الجربا
جدة: أسماء الغابري
كشف أحمد الجربا، رئيس الائتلاف لقوى الثورة والمعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» بوضوح تام أبرز ما تحمله أجندته بعد انتخابه رئيسا للائتلاف في 7 من يوليو (تموز) الجاري، وضمنها تزويد الجيش الحر بالأسلحة اللازمة لإكمال النضال، وتوفير المتطلبات الأساسية للشعب السوري من غذاء ودواء، واعتماد الشفافية والوضوح في كل شيء إلا ما يتعلق بالأسرار العسكرية التي تقتضي المصلحة الوطنية عدم إفشائها. وأكد الجربا، في حوار مع «الشرق الأوسط» بعد لقاء جمعه بالأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، مساء أول من أمس، أنه جاء إلى السعودية لوضع النقاط على حروف أجندته السياسية والعسكرية في مواجهة نظام بشار الأسد في دمشق.
ورغم أن الجربا لم يكفر باجتماع «جنيف2»، فإنه أعلن بصراحة تامة أنه لا يؤمن بأجندة هذا الاجتماع، ووصفها بأنها «ليست بكتاب منزل من السماء»، مبديا بوضوح أن فرصة التسوية السياسية انتهت بنهاية العام الأول من عمر الثورة.
ووصف الجربا نظام الأسد بأنه لا يفهم لغة غير لغة القوة، داعيا إلى عدم اللف والدوران «حول الموضوع الأساسي» مُعدا «القضية الأساسية العالقة هي تأمين متطلبات الصمود من سلاح وغذاء وماء ودواء، وأن كل المشاكل بين الائتلاف والداخل تتمحور حول هذه المعضلة».
ولوح بقدرته على امتلاك سلاح سيواجه به كل القوى المتقاعسة في دعم الثورة السورية، وهو سلاح الشفافية وكشف كل شيء أمام الشعب السوري، مشيرا في هذا الصدد إلى أن هناك «غزارة في الوعود الدولية يسمعها الثوار وشح في التنفيذ يلمسه الائتلاف.. والناس في الداخل تتعاطى مع الائتلاف انطلاقا من الوعود التي يسمعونها كأنها حقائق لا تقبل الجدل».
وأظهر الجربا حرصا شديدا على أهمية «وجود سلاح نوعي بأيدي الثوار»، وهو ما يمثل الأولوية المطلقة بالنسبة للمعارضة التي يترأس قيادتها، فضلا عن حرصه على العمل من داخل سوريا وليس من الخارج، وبالتأكيد على أهمية «الطلب من دول أصدقاء سوريا لإقامة منطقة آمنة لحماية المدنيين، وأن تدخل قيادة الائتلاف السياسية والعسكرية وتعمل انطلاقا من الداخل وأعتقد أن المنطقة الآمنة إن تحققت فسوف تكون بداية النهاية للنظام».
وعبر الجربا عن امتنانه الشديد للموقف السعودي الذي وصفه بأنه «من أميز المواقف التي دعمت وتدعم الثورة السورية منذ انطلاقاتها الأولى»، وقال: إن «هذا الموقف يستند إلى المبادئ وينحاز إلى القيم والأخلاق بامتياز تام».
* ما سبب زيارتكم للمملكة العربية السعودية؟ وما فحوى مباحثاتك مع الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي؟
– أقوم وزملائي في الائتلاف بجولة تشمل دولا عربية وغربية، وكانت البداية من المملكة لما لها من أهمية وثقل ودور محوري في دعم الثورة السورية، ولتميز العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين الشقيقين، كما أننا نقوم بزيارة المملكة لشكرها على مواقفها تجاه القضية السورية ولشرح وجهة نظر الائتلاف للقيادة السعودية. تطرقنا خلال لقائنا بولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز لمدى المعاناة التي يعيشها شعبنا في الداخل وفي مخيمات اللجوء، وشرحنا له مدى تفاقم الوضع الإنساني الصعب، وتكلمنا عن مدى الهجمة الشرسة خاصة في الثلاثة أشهر الأخيرة التي يتعرض لها الشعب السوري الصامد على يد النظام المجرم وشبيحته، خاصة بعد دخول إيران وحزب الله على الخط في دعم النظام عسكريا وبشكل مباشر.
* الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، دعا في نهاية الشهر الماضي دول الاتحاد الأوروبي إلى تطبيق قرار رفع الحظر عن توريدات السلاح إلى المعارضة السورية الذي كان اتخذه الاتحاد نظرا للوضع الخطير في سوريا. كيف تقيمون ذلك؟
– لا شك في أن الموقف الرسمي السعودي هو من أميز المواقف التي دعمت وتدعم الثورة السورية منذ انطلاقاتها الأولى، وهو موقف يستند إلى المبادئ وينحاز إلى القيم والأخلاق بامتياز تام، وهذه المواقف غير مستغربة عن خادم الحرمين الشريفين وولي عهده والحكومة السعودية بشكل عام. وكان الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية من أول الداعين إلى تسليح المعارضة والجيش الحر وكان ذلك خلال مؤتمر أصدقاء سوريا الأول الذي انعقد في تونس قبل عام ونصف العام. ورفع الحظر الأوروبي هو خطوة في الاتجاه الصحيح لكن يجب على هذا القرار أن يفعل.
* كيف تقرأون مشهد اللحظة الراهنة في الأزمة السورية؟
– نعتقد أن دخول حزب الله على خط الصراع في سوريا، بالإضافة إلى الحرس الثوري الإيراني، وبعض المتطرفين العراقيين المحسوبين على إيران جعل قواعد اللعبة تتغير؛ فنرى أن إيران تدعم النظام بالمال وتقوي اقتصاده وتزويده بالمقاتلين وبالسلاح، وبالتالي علينا كقيادة للائتلاف والجيش الحر أن نغير الاستراتيجية التي كانت سائدة على مدى أكثر من عام.
نعتقد أن وجود سلاح نوعي بأيدي الثوار أصبح ضرورة لا يمكن الاستمرار من دونها، وكذلك الطلب من دول أصدقاء سوريا إقامة منطقة آمنة لحماية المدنيين، وأن تدخل قيادة الائتلاف السياسية والعسكرية وتعمل انطلاقا من الداخل وأعتقد أن المنطقة الآمنة إن تحققت سوف تكون بداية النهاية للنظام.
* ما الذي ينوي رئيس الائتلاف والائتلاف بشكل عام القيام به وسوريا على شفا هاوية؟
– بالنسبة لي الأولوية المطلقة الآن هي تأمين السلاح النوعي لمقاتلي الجيش الحر اليوم قبل الغد؛ نحن أمام عصابات تشن على الشعب السوري حرب إبادة، والسلاح هو الحل الوحيد لمواجهتها ووقف مجازرها، وأعتزم أيضا العمل على تأمين المواد الإغاثية والطبية لشعبنا الصامد.
من الممكن أن أحدثك عن برنامجي لإصلاح الائتلاف، وتعزيز شفافية العمل، وتوحيد الصف وكلها ضمن جدول أعمالي، ولكن الكلام فيها الآن سيكون من باب الترف السياسي ما دمنا لم نؤمن ما نذود به عن دمائنا وحرماتنا، وما يؤمن خبز شعبنا اليومي وتضميد جراحه، وأنا لا أرغب الدخول في معترك الترف السياسي وشلالات الدم السوري تسيل تحت أنظارنا حتى لا نغدو في الائتلاف كفلاسفة الرومان الذين كانوا يتناقشون في معنى الكون بينما كانت أسوار روما تدك وتسقط.
* في الداخل السوري هناك أزمة اقتصادية، هل الحصول على السلاح هو الحل للأزمة؟
– يجب ألا «نلف وندور» حول جوهر الموضوع. القضية الأساس العالقة هي تأمين متطلبات الصمود من سلاح وغذاء وماء ودواء، كل المشاكل بين الائتلاف والداخل تتمحور حول هذه المعضلة فهناك غزارة في الوعود الدولية يسمعها الثوار وشح في التنفيذ يلمسه الائتلاف والناس في الداخل تتعاطى مع الائتلاف انطلاقا من الوعود التي يسمعونا كأنها حقائق لا تقبل الجدل.
اليوم وبكل صراحة سأسعى لحل هذه المعضلة انطلاقا من استراتيجية مزدوجة الشق الأول منها يقوم على متابعة مصادر الدعم لحظة بلحظة وتأمين كل الشروط والظروف المطلوبة من قبل الجهات الداعمة في ظل احترام الثوابت الثورية والسيادة الوطنية. وقد بدأت من اليوم الأول لانتخابي بسلسلة اتصالات وزيارات لهذا الغرض، ولن أختمها إلا وقد حصلت على ما يرضي ضميري وشريحة كبيرة من الداخل والخارج، والشق الثاني وهو الشفافية التي سأعتمدها في كل المفاصل داخل الائتلاف ومن خلال التعاطي مع الخارج وعليه فإنني سأصارح شعبنا العزيز والجريح بكل شاردة وواردة، فالدول التي تدعم وتفي بالوعود سأذكر دعمها واشرح وانشر سبل توصيله وتوزيعه ما عدا الأمور العسكرية فهي أمانة الأركان ومناط عملها، أما الدول والجهات التي تعد وتماطل وتسوف أو تضع أجندات خارج ثوابتنا سأضع أعمالها بين يدي شعبنا ليحكم ويعرف من هو الشقيق والصديق ومن يستعرض على حساب دمائنا ولا مجال للمجاملة هنا فالموت والخراب يتربص بنا.
* هل أنتم على استعداد للدخول في تسوية سياسية خلال اجتماع «جنيف2»؟
– أولا أقول إن «جنيف2» ليست كتابا منزلا لا يمكن تجاوزه أو تغيير كلامه نحن ننظر إلى جنيف من عيون الثوار وتضحياتهم ومن هنا ننطلق في مقاربة جنيف وغيرها من الأمور المطروحة على الطاولة السياسية. ولكن أقول بصراحة لو كان هذا النظام يملك ذرة من المسؤولية الوطنية لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه، ففي بدايات الثورة وخلال أول عام لها كان هناك فرصة وأمل في حل سياسي يؤدي لتحقيق مطالب الثورة والشعب، لكن نظام القمع وعبر إجرامه المستمر أجهض المبادرات السياسية الواحدة تلو الأخرى، بدءا من مبادرة الجامعة العربية إلى مبادرة كوفي أنان إلى جهود الأخضر الإبراهيمي التي باتت قيد النسيان. إن هذا النظام لا يفهم إلا مبدأ القوة ولن يلزمه أحد بأي حل سياسي إلا الواقع على الأرض مع الكثير من الضغوط السياسية من قبل حليفيه الرئيس فلاديمير بوتين والنظام الإيراني.
إن بقاء بشار الأسد وأركان نظامه ورموز تسلطه في الحكم هو مرفوض رفضا قطعيا وهو حلم لمن يعتقد أننا، كشعب وثوار ومعارضين سياسيين، قد نقبل به. إن ثورتنا لها أهداف واضحة لن ننحاز عنها أو نفاوض عليها وهي أهداف مشروعة ومحقة دفع شعبنا من أجلها دماء عشرات الآلاف من شهدائه. كما أننا مع أي حل سياسي يؤدي لتحقيق أهداف الثورة كاملة دون نقصان ولكنه ينظم انتقال السلطة سلميا ويختزل من تضحيات شعبنا السوري كله ومن الزمن اللازم لتحقيق النصر له، كل الشعب بكل أطيافه وفئاته مواطنون متساوون بالحقوق والواجبات في دولة حرة وديمقراطية.
* هل يمتلك الائتلاف إمكانية الاستمرار خصوصا بعد سحب الثقة الداخلية منه في جمعة (ثورة متقدة ومعارضة مقعدة)؟
– سوف نحاول أن نضع الائتلاف على الطريق الصحيح ونحتاج إلى بعض الوقت، ونعتقد أننا سوف ننجح في كسب ثقة الشعب والمجتمع الدولي بنا، ولكن يجب أن نعترف دائما أن المطلوب هو معالجة إحدى أكبر الكوارث الإنسانية في التاريخ باستخدام موارد غاية في المحدودية وهذا أمر مستحيل، وبالتالي سوف نفعل ما هو مطلوب منا من مأسسة وتنظيم للعمل، وننتظر من الجهات المانحة أن تفي بوعودها.
الشرق الأوسط