أحمد الجربا: الأميركيون اقتنعوا بضماناتنا بخصوص السلاح النوعي المطلوب
رئيس الإئتلاف السوري يقول لـ «الشرق الأوسط» إنه لن يترشح مجددا للرئاسة.. و«من يترك الائتلاف لن يعود إليه»
باريس: ميشال أبو نجم
بتواضع وبساطة، يتحدث أحمد عاصي الجربا، رئيس الائتلاف الوطني السوري، عن جولاته ولقاءاته التي قادته إلى الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا، ولقاءاته قادة هذه الدول، وخصوصا النتائج التي أسفرت عنها. كذلك، يتناول حال الائتلاف الداخلية واستحقاقاته المقبلة، ومنها إعادة تشكيل هيئته السياسية وشخصية رئيسه.
«الشرق الأوسط» التقته في باريس على هامش زيارته العاصمة الفرنسية التي توجت بلقائه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.
تعكس تصريحات الجربا «تفاؤلا» برؤية الأمور تتغير لجهة وعي الغرب بأنه آن الأوان لأن يمد المعارضة السورية بالسلاح النوعي الذي تحتاجه. وقال في اللقاء إنه يعتقد أن «هذه الإجراءات، (أي مساعدة المعارضة عسكريا)، ستترجم في الأسابيع المقبلة ترجمة حقيقية على أرض الواقع». ويؤكد الجربا أن الأميركيين أصبحوا مقتنعين بنسبة 90 في المائة بضرورة مساعدة المعارضة عسكريا. وأفاد بأن الدول الخليجية طلبت عقد اجتماع استثنائي لمجلس الجامعة العربية لنقل مقعد سوريا إلى الائتلاف، وكشف عن أنه اقترح أن تعمد الدول التي تصوت لصالح هذا الاقتراح إلى تسليم السفارة السورية لديها إلى الائتلاف على أن تمتنع عن ذلك الدول التي تصوت ضد الاقتراح.
على المستوى الداخلي، يؤكد الجربا أنه لن يترشح مجددا لولاية ثالثة، ومن ثم يتعين ترك اللعبة الانتخابية تدور دورتها. لكنه نبه إلى أن المنسحبين من الائتلاف في حال فشلوا في الفوز بالرئاسة «لن يمكنهم العودة إليه مجددا». وعزا الجربا استقالة وزير الدفاع، أسعد مصطفى، من منصبه «لأسباب سياسية وأخرى شخصية»، بسبب سوء علاقته برئيس الحكومة أحمد طعمة. وفيما يلي نص الحوار:
* عقدت قبل يومين لقاء مع الأمير سعود الفيصل في منزله بباريس. وكان وزير الخارجية السعودي قد شارك بلندن في اجتماع المجموعة الأساسية لـ«أصدقاء الشعب السوري». أود أن أعرف منك الخلاصات التي توصلتم إليها فيما يخص الملف السوري؟
– المملكة بالنسبة لنا مرجعية حقيقية. وكان من المهم أن أجتمع مع الأمير سعود الفيصل بعد لقاءاتي المهمة في واشنطن، كما كان يتعين علينا أن ننسق بعضنا مع بعض وأن نتفحص خلاصة ما توصلنا إليه في اللقاءات التي عقدناها – إن في العاصمة الأميركية أو مع المجموعة الأساسية في لندن أو باريس. واجتماعي بالأمير سعود الفيصل كان ذا طابع تشاوري تنسيقي، عرضنا خلاله بالتفصيل ما آل إليه الوضع السوري والظروف المحيطة به اليوم.
* لكن، هل هناك عناصر جديدة أو توجهات جديدة برزت أخيرا؟
– طبعا. أعتقد أنه بعد فشل الحل السياسي، وبعد استقالة الأخضر الإبراهيمي، وبعد وصول إجرام النظام إلى مستويات غير مسبوقة، وإصراره على الحل العسكري بصفته الطريق الوحيد لحل الأزمة وتكريسه بترشح الأسد لولاية جديدة – كان من المهم أن نتدارس كل ذلك ونقوم بتفحصه وتحليليه. ونحن نرى أنه من الضروري أن تحصل خطوات عملية على الأرض، إذ إن الوضع لم يعد يحتمل، ونحن بحاجة لتغيير حقيقي ميداني في كل مناطق سوريا. هذه هي اللغة الوحيدة التي يفهمها النظام، وهذا هو المدخل والرسالة التي توجهها الدول العربية والإقليمية والغربية لتصل إلى الأسد، ومفادها أننا نحن هنا ولن نترك للنظام الحبل على الغارب ليستهتر بالمجتمع الدولي، بالغرب والشرق. ما قرره الأسد إهانة كبيرة لنا نحن كسوريين. قلنا – ونقول – إن الأسد بترشحه أغلق الباب نهائيا أمام الحل السياسي. شرعيته بالنسبة لنا سقطت منذ ثلاث سنوات وثلاثة أشهر. وانتخاباته أصلا غير قانونية ولن تترتب عليها أي تبعات قانونية.
* في البيان الذي صدر عن اجتماع لندن، هناك فقرة وردت فيه وأريد منك أن تخبرني ما المقصود بها. تقول الفقرة: «لقد اتفقنا بالإجماع، وفي إطار استراتيجية منسقة ومتفق عليها، على اتخاذ مجموعة من التدابير التي تهدف إلى زيادة دعمنا للمعارضة المعتدلة التي يمثلها (الائتلاف الوطني) والمجلس العسكري الأعلى والمجموعات المسلحة المعتدلة..». ما المقصود عمليا بهذه «التدابير»؟
– الآن، هناك مجموعة من الأفكار والإجراءات التي سنقوم بها نحن وحلفاؤنا. ما حصل في اجتماع المجموعة الأساسية بلندن تكريس وترجمة للنتائج التي عدنا بها من واشنطن. الوضع الآن سيكون مختلفا عما كان عليه في السابق. هذه هي المرة الأولى التي نسمع فيها كلاما جديا، واللغة التي سمعناها مختلفة تماما عما كنا نسمعه في السابق. وليس بالضرورة أن يعكس البيان كل ما دار في الاجتماعات. ربما ما لم يرد فيه هو الأهم. أعتقد أن هذه الإجراءات ستترجم في الأسابيع المقبلة ترجمة حقيقية على أرض الواقع.
خلافات شخصية بين مصطفى أسعد وأحمد طعمة
* ما الذي يحصل داخل الائتلاف؟ أنتم بحاجة إلى إظهار أنكم موحدون ومتفقون فيما بينكم. والحال أن استقالة وزير الدفاع أسعد مصطفى والتصريحات والاتهامات التي ترافقت مع الاستقالة تظهر العكس؟
– أسعد مصطفى رجل وطني وشريف. في الفترة الماضية، عين وزير دفاع وأخذت المطالب تنهال عليه. والمشكلة أنه لم يكن قادرا على تلبيتها، لأن إمكاناتنا محدودة.
* لكنك رئيس الائتلاف وكان بمقدورك أن تطلب تلبية ما يريد. أليس كذلك؟
– أنا رئيس الائتلاف وأستطيع أن أتخذ القرار. ولكن المشكلة أن الإمكانات المتوافرة محدودة. ثم هناك خلافات بينه وبين رئيس الحكومة أحمد طعمة، وهي ليست بجديدة. أسعد مصطفى كان شخصا يريد أن يعمل بجد. هو شخص صادق حاول. لكن الإمكانات لم تتوافر له، وخلافاته مع طعمة رمت بثقلها على فاعلية عمله.
* هل هذه المشاكل شخصية أم سياسية؟
– هي في البداية خلافات شخصية، والتمويل عندما كان يصل إلى الحكومة لم يستطع أسعد مصطفى أن يحصل منه على ما يريده بسبب الخلافات الشخصية. الأمر الآخر أن الإمكانات متواضعة. وترافق ذلك مع بيان صادر عن كتائب مهمة وفاعلة وقوية في دير الزور، وهي التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، طلبوا فيه من طعمة ومصطفى الاستقالة. ووصلوا إلى حد تخوينهم والحديث عن شراء ولاءات… كما أنهم طلبوا مني التدخل المباشر لحل هذه الأزمة. مصطفى لم يعد يحتمل، وخلافاته مع طعمة تفاقمت، الأمر الذي دفعه للاستقالة.
* لكن هذه القصة جاءت بعد أخرى مزعجة؛ أعني قصة إبعاد اللواء إدريس عن قيادة المجلس العسكري وما أثاره هذا التصرف من انشقاقات داخل الكتائب المقاتلة.
– موضوع إدريس انتهى وأصبح وراءنا.
* ما أردت قوله إن الخلافات داخل «المؤسسة العسكرية» للمعارضة مسيئة إلى المعارضة والائتلاف. أليس كذلك؟
– هاتان الأزمتان غير متماثلتين. الأولى كانت بخصوص إعادة هيكلة حقيقية للجناح العسكري وقيادة الأركان، وكان لأسعد مصطفى دور حقيقي في إنجاز المجلس العسكري هذه الخطوات المهمة. والآن، لم تعد هناك مشكلة. وصلنا إلى حالة من التوحد الكامل. عبد الإله البشير رئيس أركان، وهناك المجلس العسكري الأعلى، وقادة الأركان، وكلهم الآن يعملون يدا واحدة.
* هل يمكن أن نؤكد أن العلاقة انتظمت الآن بين القيادة السياسية للمعارضة وجناحها العسكري؟
– نعم. هذا هو الواقع اليوم. والدليل أن عبد الإله البشير رافقني إلى أميركا. وجاء ذلك بعد توحد الأركان والمجلس العسكري الأعلى. جاء معي إلى البيت الأبيض وشارك في كل المحادثات التي أجريتها.
* أنت تعلم أنه إذا لم تكن القيادة العسكرية منتظمة، فإن هذا لن يساعدكم على الحصول على المساعدات العسكرية النوعية لأن من سيوفر لكم المساعدات سيكون بحاجة إلى ضمانات.
– الأمور اليوم في قيادة الأركان ممتازة. والأوضاع قد رتبت.
لست مرشحا لفترة جديدة
* قريبا، هناك انتخابات جديدة داخل الائتلاف لتجديد الهيئة السياسية والمكتب. هل أنت مرشح لدورة رئاسية جديدة للائتلاف؟
– أنا لست مرشحا.
* في المطلق؟
– نعم. في المطلق. نحن لدينا نظام داخلي ينص على أن مدة الرئاسة ستة أشهر قابلة للتجديد لمرة واحدة. أنا خضت الانتخابات مرتين ونجحت فيهما. بالنسبة إلي، مر على ترؤسي الائتلاف سنة.
عندما وصلت لرئاسة الائتلاف بعد استقالة معاذ الخطيب، لم يكن له مقر ولا تجهيزات ولا أرشيف… قمنا بكل هذا وبدأنا خطوات عملية وبنشاط سياسي غير مسبوق في تاريخ المعارضة السورية، وأنجزنا محطات مهمة؛ منها المشاركة في مؤتمر جنيف، حيث لم تكن المشاركة غير مقبولة، لكننا نجحنا في إقناع الائتلاف بالذهاب إلى جنيف ورأسنا مرفوع، وأدخلنا عنصرا أساسيا في معادلة المعارضة السورية وهو «المجلس الوطني الكردي»، وهو ما حدث خلال ولايتي الأولى. كذلك، فإن زيارتي الولايات المتحدة مهمة وتاريخية بكل المقاييس. كل ذلك إنجازات حققناها، وهي تضاف إلى حضورنا القمة العربية واجتماع مجلس التعاون الخليجي. ومما يمكن التوقف عنده، التنسيق العالي مع باريس، حيث اجتمعت أربع مرات بالرئيس هولاند؛ ثلاث مرات في الإليزيه ومرة في المملكة السعودية، وهو يعكس التقدم العالي السياسي والدبلوماسي للمعارضة. كذلك، ذهبنا للصين لأول مرة بدعوة رسمية من وزير الخارجية، وذهبنا إلى روسيا وطرقنا بابها بدعوة من الوزير لافروف وجلسنا معا لمدة أربع ساعات وربع الساعة. الخلاصة أننا سعينا لطرق الأبواب كافة حتى الأبواب التي نعدها مغلقة أو داعمة للنظام.
أنا أعد أنني قمت بما هو متوجب علي في هذه المرحلة. بعض الزملاء والأصدقاء والأعضاء اقترح تغيير القانون الداخلي. لكنني بصراحة لا رغبة لي في ذلك. هذا قراري ولن أغيره، وإن أصروا على عكس ذلك.
* أي، الباب مغلق؟
– نعم. هو كذلك.
* لكن، هناك مشكلة، إذ عندما ستأتي الانتخابات مجددا ستطفو على السطح الخلافات والانقسامات الداخلية.
– ليس بالضرورة. الآن، تعود أعضاء الائتلاف الانتخابات. ونحن متفقون على أن العملية ديمقراطية وفيها الفائز والخاسر. من يفز نرحب به ومن يرد الرحيل، في حال خسارته، نقل له مع السلامة. لكن هذه المرة، من يترك الائتلاف لن يستطيع العودة إليه مجددا «كما حصل المرة الماضية». نحن نريد أن نتعلم أن هناك عملية ديمقراطية يجب أن تطبق مهما كانت الظروف. وهو قرار واضح، ولا انقسامات بشأنه.
* هيثم المالح أعلن قبل يومين أن هناك اجتماعا خاصا للجامعة العربية لإعطاء مقعد سوريا لـ«الائتلاف الوطني». هل من معلومات إضافية بهذا الشأن؟
– القرار اتخذ في القمة العربية بالكويت لجهة حضور الائتلاف بشكل رسمي في أول دورة عادية للمجلس، أي في سبتمبر (أيلول) المقبل. أعتقد أن بلدان الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، طلبت جلسة استثنائية الشهر المقبل لحسم موضوع مقعد سوريا في الجامعة ولتسليمنا إياه رسميا. لا أعرف كيف ستسير الأمور، ولكن الطلب يقوم على ما شرحته لك.
* هل يجري الحسم عن طريق التصويت؟
– أعتقد أن إجماع البلدان العربية على هذا الموضوع سيكون صعبا. نحن قدمنا اقتراحا إلى وزراء الخارجية ينطلق من اعتبار أن عددا من الدول العربية، لأسباب موضوعية أو ربما لأسباب أخرى خاصة بها، ستكون معارضة لهذا التطور. واقتراحي أن البلدان التي صوتت لصالح تسليمنا المقعد يمكنها أن تسلمنا السفارة السورية لديها. أما التي لم تصوت لصالح التسليم، فيمكنها ألا تحتذي حذو الدول الأخرى. وأعتقد أن ذلك سيمثل رسالة قوية للأسد، خاصة في موضوع ترشحه.
ما يهمنا من هذا العمل رمزيته بالدرجة الأولى، ومعناه أن العرب طردوا هذا النظام أصلا من هذا المقعد منذ سنتين، وبما أن العالم الحر والعالم العربي والإسلامي قبلوا بالائتلاف ممثلا شرعيا للشعب السوري، فمن الطبيعي أن نحتل مقعد سوريا في الجامعة العربية.
حصيلة الجولة الغربية
* قمت بزيارة مطولة لواشنطن وأخرى للندن وحاليا لباريس. ما الذي عدت به من هذه الجولة؟
– أولا، هذه كانت المرة الأولى التي يدعى فيها الائتلاف بشكل رسمي لزيارة الولايات المتحدة وتحصل لقاءات على أعلى المستويات. من الناحية السياسية، هذا أمر مهم جدا. لا يخفى عليك أن واشنطن اعترفت بالائتلاف ممثلا شرعيا للشعب السوري وهي تعد الأسد مارقا وأنه نظام يدعم الإرهاب. لكن، أنت تعلم أن الرئيس أوباما اتخذ قرارا بعدم التدخل العسكري المباشر في أي مكان. والمرة الوحيدة التي كان يمكن أن يأمر فيها بالتدخل العسكري في سوريا كانت في سبتمبر من العام الماضي في موضوع السلاح الكيماوي. كما أن الكونغرس والرأي العام الأميركي غير متحمسين أيضا.
* لكنكم لا تطلبون تدخلا عسكريا أميركيا مباشرا.
– الرأي العام الأميركي والكونغرس وبعض أطراف الإدارة يعدون الثورة السورية ذهبت لمكان آخر، وأن الائتلاف ليس لديه شيء على الأرض، وأن القوى التي تتبعه عسكريا أصبحت ضعيفة، وأن المتطرفين و«القاعدة» و«داعش» هم المسيطرون.
ما قمنا به في الولايات المتحدة عمل بالغ الأهمية: أولا، أعضاء الكونغرس كانوا ثلاثة أجنحة: طرف مؤيد لنا، وآخر يعارض في المطلق تقديم مساعدات عسكرية لنا وضد التدخل نهائيا وأي طريقة حقيقية للمساعدة. أما الطرف الثالث فمتردد بين الطرفين الأول والثاني.
أكاد أقول إننا نجحنا بنسبة 90 في المقابل.
* هل أفهم منك أن هناك نتيجة ملموسة إيجابية من هذه الزيارة لجهة طلب أسلحة نوعية؟
– نعم. أعتقد ذلك.
* هل هناك من أفق زمني؟
– أعتقد أن المسألة غير طويلة.
* لكن، ما سبب تصريح الجنرال ديمبسي بعد يومين من عودتك من واشنطن بأنه «من غير الممكن» تسليم المعارضة السورية الأسلحة النوعية التي تطلبها، خصوصا الصورايخ المحمولة المضادة للطائرات؟
– ديمبسي تحدث في معهد «أتلانتيك» وأنا زرت المعهد وتناقشت مع إدارته في هذا الموضوع. هذا رأي ديمبسي الشخصي.
* ولكنه رجل مسؤول؟
– نعم. نحن طرقنا باب الإدارة والكونغرس وباب الوسائل الإعلامية الأميركية وباب معاهد البحث. وأنا أعلم، وبفضل الاحتكاك المباشر مع الأميركيين منذ سنة، أن هذه اللقاءات كانت إيجابية، وأستطيع أن أقول لك الآن إننا بشكل مؤكد تقدمنا درجة. قبلها، كانت المراوحة. في السنة الماضية، كانوا يقولون لنا: لا نريد التدخل، وهذا الموضوع لا نريده. أنا نقلت إليك ما سمعته. وما قلته «في لقاءاتي» إننا لا نريد أن يأتي أولادكم إلى سوريا ولا أن تقوم طائراتكم بعمليات قصف. ما نريده هو السلاح الذي يمكننا من أن ندافع عن أنفسنا من الطائرات والقنابل والبراميل المتفجرة، كما أننا مع الحل السياسي. والوصول إليه يمر عبر إقناع بشار الأسد بأن لا حل عسكريا للصراع ومن ثم يتعين أن توفروا لنا الدعم العسكري.
لقد لمست فعلا أن هناك جدية حقيقية أن يكون هذا الأمر في المقبل من الأيام بشكل إيجابي وأن يترجم على أرض الواقع.
* هل اقتنع الأميركيون بالضمانات التي يطلبونها مقابل تسليمكم السلاح؟
– لقد شرحت لهم ضماناتنا وهم اقتنعوا بهذه الضمانات. أنت تعلم أن حجتهم هي الخوف من وقوع هذه الأسلحة في «الأيدي الخطأ». نحن نرفض الإرهاب ونقاتله على الأرض وهم يعلمون ذلك جيدا، ومن ثم من المستحيل أن يتسرب السلاح للجهة التي نقاتلها. أما الأمر الثاني، فهو أن الدول يمكن أن تشرف معنا على هذا الموضوع، ولدينا الأشخاص العسكريون المتخصصون في القطاعات المعنية. ثمة أمور تقنية تفصيلية ومقنعة وقد قمنا بشرحها لهم بشكل مستفيض وللأصدقاء كافة.
* ما المقصود بما قلته أول من أمس بقصر الإليزيه في موضوع «اتخاذ إجراءات مع الأصدقاء لإيقاف مهزلة الانتخابات». عن أي إجراءات تتحدث؟
– المقصود أنه يتعين علينا القيام بعمل حقيقي على الأرض ليفهم الأسد أن المسألة ليست بمثابة لعبة يمكن أن يلعبها، والسوريون ليسوا دمى.
* هل تعني أن المقصود هو العمل العسكري؟
– نعم. أعني العمل العسكري، وهو من أهم الإجراءات التي أقصدها والتي من ضمنها أيضا العمل القانوني كإحالة النظام إلى المحكمة الجنائية الدولية ونزع الشرعية…
* ثمة من يقول في الغرب إن الأميركيين وغير الأميركيين لا مشكلة لديهم في استمرار الحرب بسوريا، وما الضرر بالنسبة إليهم إذا كانت، على سبيل المثال، «داعش» تقاتل «النصرة» أو إذا كان «حزب الله» يقاتل الجيش السوري الحر، ومن ثم هناك إدارة للنزاع وليس رغبة في إيجاد حلول له. ما رأيك في ذلك؟
– هذا موجود لدى طرف معين في الغرب. أنت تعلم أن هناك آراء مختلفة وانقسامات داخل كل بلد. ولقد استفدت من لقاءاتي أن أؤكد كل مرة أن جعل السوريين يقتل بعضهم بعضا أمر غير مفيد، وأن الدول الخمس المحيطة بسوريا حليفة كلها للغرب، ومن ثم فإن الحرب في سوريا ستهدد استقرارها، وإذا انفجرت سوريا فإن شظاياها ستصيب هذه البلدان. وأبعد من ذلك، فإن الشظايا ستصل إلى أوروبا. ولذا، شددت على الحاجة نهائيا لوضع حد لهذه التحاليل، وهم فهموا رسالتنا. ثم نحن الطريق الثالث، ومصلحتهم أن نبقى موجودين، لأننا نمثل الحل في سوريا. وبيننا وبينهم مصلحة مشتركة. لا الأميركيون ولا الأوروبيون يريدون بقاء النظام ولا يريدون «داعش». وإذا كنا نحن نحارب الاثنين وإضعافنا سيؤدي إلى تقوية الطرفين، فإن مصلحتهم في دعمنا.
* من يخلف الإبراهيمي؟
– يتعين علينا تحريك الملف السياسي. ولكنه يحتاج إلى شق ميداني. وطالما لم يتوافر ذلك، لا فائدة من الحديث عن حل سياسي. وإذا توافر لنا الدعم الحقيقي، فإن الأمور يمكن أن تتغير بشكل كبير. بعدها، سنفتح المجال للحل السياسي، ولكن من غير الأسد.
المبادرة الإيرانية
* ما رأيك في ما ينسب إلى الإبراهيمي عن المبادرة الإيرانية، التي تقوم، وفق ما قاله، على تأجيل الانتخابات ووقف النار وتعديل الدستور وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
– أنا التقيت الإبراهيمي في الكويت وقال لي إن اللقاءات التي قام بها في إيران لم تكن مشجعة. الإيرانيون يتحدثون، لكنهم جزء من المشكلة، وإذا أرادوا أن يكونوا جزءا من الحل فعليهم القيام بخطوات وإجراءات معينة.
* ما هي؟
– عليهم أولا سحب «حزب الله» من سوريا وسحب الحرس الثوري الإيراني الذي يقود العملية الأمنية في سوريا والمرتزقة العراقيين الذين تمولهم وتأتي بهم من العراق. بعدها، يمكن أن نقول إن الدول الإقليمية يمكن أن تقدم رؤيتها للحل. ولكن، يتعين على الإيرانيين أن يأخذوا بعين الاعتبار أن لا مكان للأسد في سوريا مطلقا.
الشرق الأوسط