صفحات الناس

أخوّة “حزب الله” والبعث/ أيمن جزيني

 

 

ما من مناسبة تخص “حزب الله” إلا ويؤكد فيها أخوّته وتوأمته لحزب البعث الذي ترأسه عائلة الأسد نساءً ورجالاً وأقارب. حسناً. فلنجعل لبنان مقياسا لمقاربة الأمر في الصراع مع إسرائيل. والحق أن “حزب الله” قاتل إسرائيل سنوات طويلة، بعدما سبقته إلى ذلك جبهة المقاومة الوطنية، ونجح في تتويج قتاله مع العدو الإسرائيلي بانسحاب جيش الدولة العبرية من مجمل الأراضي اللبنانية. لكن بشار الأسد لم يقاتل الكيان الصهيوني ونسي ان قطعة إستراتيجية من أرضه، الجولان، محتلة. كل ما فعله انه ورث عن أبيه أمجاد حرب أكتوبر 1973، والمتاجرة بالمقاومة اللبنانية، وتصفية قادتها الذين رفضوا الخضوع لاستخباراته، كما رفضوا الانخراط في ما عُرف بحرب المخيمات.

على هذا، اصبحت المعادلة وفقاً للآتي مع نتائجها التي تظهر آثار التوأمة بين الحزبين:

– “حزب الله” سعى ويسعى إلى الهيمنة على القرار اللبناني، بكثير من الضجيج والعمل الصامت في وقت واحد. بشار الأسد يرأس نظاما قمعيا لا حدود لقسوته.

– “حزب الله” اجتاح بيروت الغربية في يوم واحد، بينما “القائد المفدى” بشار الأسد يقصف المدن والقرى السورية منذ ثلاث سنوات ولم يترك فيها أثرا لبشر.

المعادلة في الوقائع مخيفة، ولا مجال للمقارنة. مع ذلك، يعرف “حزب الله” أن نصف البلد على الأقل يناصبه الخصومة التي قد تتحول إلى عداء معلن. فما الذي ينتظره الأسد في هذه الحال؟

إن كان في لبنان أو في موسكو ثمة من لا يزال يظن أن في إمكان الأسد أن يستعيد السيطرة ويمتلك الزمام، فله أن يحول نظره قليلا إلى لبنان ليدرك أن ما فعله في سوريا لن يغتفر، وحتما هذا لا يعني ولا يُنظر لما تفعله وتقوم به الجماعات التكفيرية والسلفية.

أبعد من ذلك، لو أضفنا إلى هذا القمع العنيف، الخطاب المتآكل والمستعاد في بعض مفرداته شيئاً من أرشيف الصراع العربي – الإسرائيلي، لباتت الصورة أشد وضوحا. خطاب يهدد الغرب والعالم بأن زوال النظام السوري قد يؤدي إلى سيطرة “الأخوان المسلمين” على المشهد السياسي والقانوني والمؤسساتي في سوريا، ومن ثم على الإقليم، ما يهدد الوجود المسيحي الأساسي والأسبق في المنطقة.

في الاحوال كلها، لا ينتبه مطلق الخطاب البتة إلى نتائج تحالفه وتطابق أهدافه المعبّر عنها عبر نظام ملالي إيران. تالياً، ما الذي يجعل العالم يخاف من أخوان مسلمين سنّة ويطمئن لأخوان مسلمين شيعة؟

الأرجح أن أحداً لا يستطيع أن يفسر هذا اللغز الذي يدفع النظام السوري و”حزب الله” ونظام الملالي إلى تبني هذه المقولة الفاقدة كلّ منطق. لو كان مطلق مثل هذا الخطاب علمانيا ديموقراطيا لوجب علينا أن نتأمل قليلا في فحواه ونتائجه ومآلاته. أما أن يطلقه من يبدأ خطاباته بالصلاة على النبي محمد وآل البيت، وينهيها بإعلان التبعية للوالي الفقيه، فهذا مما يجعل المنطق نفسه في حيرة وعجز.

النهار

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى