صفحات المستقبل

أرجو أن تطول الثورة أكثر


إن طول فترة الثورة هي على عكس ما يظن الأغلب من الناس، تفيد الثورة و لا تضرها ، تقويها و لا تضعفها و سنثبت ذلك بالتحليل المنطقي و المناقشة الموضوعية:

– اليوم و بعد ما يقرب السنة من عمر الثورة، فقد امتدت الثورة فمن محافظة واحدة إلى القطر بكامله.

– اليوم انتقلنا من عدة نقاط للتظاهر إلى مئات النقاط المشتعلة.

– قبل شهورٍ عديدة و عند إعلان تشكيل الجيش الحر، كان أغلب الناس يستهزئون به و يستخفون بقدراته، لكن اليوم فقد أضحى هذا الجيش هو البديل الحقيقي لجيش النظام الأسدي، و أصبح الرقم الصعب و الحقيقة الواقعة التي فرضت سيطرتها على كثيرٍ من الأراضي السورية.

– إن المعاناة الشديدة التي يعيشها الكثير من أبناء الشعب، هي التي تتكفل بخلق الرجال و تزيح الصدأ الذي غطى النفوس فانطلقت الطبيعة الحقيقية للشعب لتبني الرموز الحديثة، وظهر الأبطال المعاصرين الذين غدوا القدوة للأجيال الشابة، إن هذه المعاناة بقدر ما تؤلمنا فإنها تقوي فينا القدرة على الصبر و الصمود و المثابرة.

– قبل الثورة كان الجيل المسيطر هو المسكون بالخوف المملوء بالهزيمة، الفاقد للرؤية و الأمل المثبط للهمم، فكانت السنين الطويلة السابقة من التيه هي التي أنشأت الجيل الجديد الذي أبرزته الثورة، انه جيل التيه الذي لا يعرف العبودية، الجاهز للمعركة، الممتلئ إيمانا و تصميماً و يقيناً، إن لدينا اليوم جيل كامل امتلئ وعياً بأهداف الثورة، لا يرضى عنها بديلاً و يستعد أن يقدم كل ما يلزم لتحقيقها.

– إن هذا الامتداد في عمر الثورة يقوم بصقل القيادات القادمة لسوريا، فهذه الثورة هي المدرسة التي تجهز الوجوه القادمة لاستلام المستقبل، و كلما طالت هذه الثورة ازدادت الاستعدادات و الجهوزية من هذه العناصر لمرحلة ما بعد القضاء على النظام.

– في بداية الأحداث كان الكثير منا مخدوعين بالحديث البراق الذي تقدمه بعض (المعارضة) ولكن تتالي أحداث الثورة و انكشاف المواقف الحقيقية لكثيرٍ من الوجوه، جعل الثورة تقوم بعملية الفرز للمفيد و الضار من هذه المعارضة ، فكان تشكيل المجلس الوطني ليمثل الإطار الوطني الجامع الذي أقره الثوار كممثلٍ للثورة السورية، وتشكيل العديد من الهيئات الأخرى التي نبذها الشعب و اعتبرها معادية للثورة و محبطة لها.

– بعد هذا الزمن من عمر الثورة، فقد انقلبت الصورة من معارضة تستجدي الحوار من النظام إلى نظامٍ يستجدي أي أحدٍ ليقبل بالحوار معه، لقد غدت أي فكرة لا تنص بالقضاء على هذا النظام مرفوضةً تماماً بل يُرفض الذي يطرحها، بحيث ترسخت القناعة بأن الشعب هو مصدر السلطة، وهو المعني بالقبول و الموافقة على ما يخصه، إن الشعب اليوم هو الممسك بزمام أمره المتحكم بقراره، ويرتبط التمثيل الشعبي لأي جهةٍ كانت بتبني المطالب الشعبية كما هي دون تغييرٍ أو تعديل، إن الديمقراطية كما تطبقها العناصر الثورية اليوم هي البداية الحقيقية لسوريا المستقبلية, و من هنا الرفض الكامل للعودة لفكرة الوصاية على الشعب، فهذا الشعب اثبت أنه يملك من الوعي و الحكمة أكثر من جميع أطراف المعارضة.

– إن هذه الثورة أماطت القناع عن الحقيقة في الحلف القائم في المنطقة و الذي يأخذ شكلاً طائفياً مقيتاً، فمن إيران إلى عراق المالكي وجيش المهدي إلى لبنان المسيطر عليه من حزب الله، و سقطت كل المقولات عن المقاومة والتصدي و ظهرت العداوة الحقيقية للشعب السوري، فمن التمويل والتسليح لهذا النظام، وتسخير كل الإعلام الذي يدور في الفلك الإيراني للوقوف بوجه المطالب المشروعة للشعب السوري، إلى المشاركة الفعلية على الأرض في قتال الثوار كواجب ديني تدعو له القيادات الطائفية الحاقدة، وترسخ في الوجدان الشعبي هذا الإدراك المستجد بوجوه العداوة الجديدة.

– إن امتداد عمر الثورة كان هو الكفيل بتسارع التآكل الداخلي للنظام نفسه، فأصبحت تسمع عتاة أهل النظام يتحدثون صراحةً عن الفشل الذي يعيشه النظام، و صرت تسمع الحديث منهم عن وجوب التغيير،و بدأت تتآكل البنى الأمنية و العسكرية و الاقتصادية وهذه فقط البداية لانهيار النظام و عندها لن تقوم له قائمة بعد ذلك، فلن يكون هناك ثورة مضادة لاحقاً ولن يكون هناك إعادة تكرير أو إنتاجٍ للنظام مطلقاً تحت أي صيغة كانت.

هذا بعضٌ من فوائد امتداد عمر الثورة، والتي ظنّ النظام أنه بلعب ورقة الوقت التي طالما استخدمها سيقضي على الثورة و لكن خيب الله ثم الشعب السوري أمله، و أرجو من الله أن يمتد عمر الثورة أكثر دون تسوياتٍ عقيمة أو مفاوضاتٍ هزيلة حتى نتلمس الثورة أكثر في كل مناحي حياتنا السورية.

A.ALH

http://the-syrian.com/archives/64275

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى