أسئلة وأجوبة عن قوانين الحرب المنطبقة في سوريا
منظمة هيومن رايتس ووتش
الأسئلة والأجوبة التالية تتناول جوانب القانون الدولي الإنساني (قوانين الحرب) الحاكمة للنزاع المسلح بين الحكومة السورية والجيش السوري الحر وغيره من جماعات المعارضة المسلحة. الغرض من هذه الوثيقة هو توفير الإرشاد القانوني فيما يتعلق بأعمال القتال، بما في ذلك ما يتعلق بأطراف القتال ومن لهم القدرة على التأثير على هذه الأطراف. هذه الوثيقة لا تتناول مبررات لجوء أي طرف إلى القوة المسلحة أو مدى مشروعيه قراره هذا.
1. من الملتزمون بالقانون الدولي الإنساني؟
2. ما هي مبادئ القانون الدولي الإنسانية المنطبقة في سوريا؟
3. هل ما زال القانون الدولي لحقوق الإنسان منطبقاً في سوريا؟
4. ما هي المبادئ الأساسية لقوانين الحرب؟
5. ما هي الأغراض التي يمكن استهدافها بهجمات عسكرية؟
6. ما هي أنواع الهجمات المحظورة؟
7. ما هي التزامات أطراف القتال بشأن القتال في مناطق مأهولة بالسكان؟
8. هل يُسمح لأطراف القتال باستهداف مرافق البنية التحتية مثل المطارات والطرق والجسور؟
9. هل من المحظور الهجوم على محطات الإذاعة والتلفزة؟
10. كيف يجب معاملة الأسرى بموجب القانون الدولي؟
11. ما هي الهجمات “الغادرة”؟
12. ما هي وسائل اتخاذ الدروع البشرية؟
13. ما هي التزامات أطراف القتال إزاء السكان الذين يعانون من احتياجات إنسانية؟
14. من الذين يمكن تحميلهم مسؤولية انتهاك القانون الدولي الإنساني؟
15. من المسؤول بالأساس عن ضمان المحاسبة على الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي؟
16. هل يمكن إحالة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية؟
17. هل يمكن لدول أخرى تنظيم محاكمات على الجرائم الدولية المُرتكبة في سوريا؟
1. من الملتزمون بالقانون الدولي الإنساني؟
جميع الأطراف في أي نزاع مسلح – سواء الدول أو الجماعات المسلحة من غير الدول – مسؤولة عن الالتزام بمتطلبات القانون الدولي الإنساني. أي أن على كل طرف من الأطراف احترام وضمان احترام قواته المسلحة والآخرين أو المجموعات الأخرى التي تأتمر بأمره أو تحت توجيهه أو سيطرته لقوانين الحرب. هذا الالتزام لا يستند إلى مبدأ التبادلية (اعتماد احترام طرف للقوانين على احترام الطرف الآخر لها)، فعلى أطراف النزاع جميعاً احترام متطلبات قوانين الحرب سواء التزم بها الطرف الآخر أم لم يفعل. كما لا يعتمد الأمر على سبب لجوء الأطراف للحرب، سواء كانت حكومات أو جماعات مسلحة. جميع الأطراف في أي نزاع مُسلح تُحمل مسؤولية نفس المبادئ والمعايير، بغض النظر عن أي تباين بين الأطراف في حجم الأضرار القادرة على إلحاقها جرّاء انتهاكاتها المزعومة أثناء القتال.
2. ما هي مبادئ القانون الدولي الإنسانية المنطبقة في سوريا؟
القتال بين القوات المسلحة السورية وميليشيات الشبيحة الموالية للحكومة على جانب، ثم الجيش السوري الحر وجماعات المعارضة المسلحة على الجانب الآخر، يرقى إلى كونه نزاع مسلح غير دولي (داخلي) حسب تعريف القانون الدولي. ينظم هذا النزاع المادة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، وهي المادة التي تفرض قواعد دنيا للمعاملة الملائمة للناس داخل زمام المناطق التي يسيطر عليها الطرف في القتال – أي المدنيين والمصابين والمقاتلين الأسرى – ومعها قوانين الحرب العرفية، الخاصة بسبل وأساليب القتال.
3. هل ما زال القانون الدولي لحقوق الإنسان منطبقاً في سوريا؟
حتى أثناء النزاعات المسلحة، التي تنطبق فيها قوانين الحرب، يبقى القانون الدولي لحقوق الإنسان سارياً. سوريا طرف في عدد من مواثيق حقوق الإنسان، ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. هذه المواثيق تحدد ضمانات بالحقوق الأساسية، والكثير منها موازية لحقوق مستحقة للمقاتلين والمدنيين بموجب القانون الدولي الإنساني (أمثلة: حظر التعذيب، المعاملة اللاإنسانية أو المهينة، عدم التمييز، الحق في المحاكمة العادلة).
بينما يسمح العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ببعض القيود على بعض الحقوق بعينها أثناء حالات الطوارئ المُعلنة رسمياً التي “تهدد حياة الأمة”، فإن أي تنصل من الحقوق أثناء حالة الطوارئ العامة لابد أن يكون ذات طبيعة استثنائية ومؤقتة ولابد أن يكون “في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع”. هناك بعض الحقوق الأساسية – مثل الحق في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب والمعاملة السيئة، والحظر على الاحتجاز غير المعلن، وضرورة المراجعة القضائية لقانونية الاحتجاز، والحق في المحاكمة العادلة – لابد من احترامها دائماً، حتى أثناء حالات الطوارئ.
4. ما هي المبادئ الأساسية لقوانين الحرب؟
قوانين الحرب تسعى لتقليص الألم والمعاناة غير اللازمة أثناء زمن الحرب، لا سيما عن طريق حماية المدنيين وغير المقاتلين الآخرين من مخاطر النزاع المسلح. تتناول قوانين الحرب مسلك أعمال القتال – أساليب وسبل الحرب – من قبل جميع أطراف النزاع. المبدأ الأساسي هو أن على الأطراف أن تميز في كل الأوقات بين المقاتلين والمدنيين. المدنيون والأعيان المدنية يجب ألا يتعرضوا إطلاقاً لهجمات. مطلوب من أطراف القتال اتخاذ جميع الاحتياطات المستطاعة من أجل تقليص الضرر اللاحق بالمدنيين والأعيان المدنية وعدم شن هجمات تضر بشكل غير متناسب بالمدنيين أو لا تميز بين المقاتلين والمدنيين.
كما ينص القانون الدولي الإنساني على عدد من تدابير الحماية الأساسية لغير المقاتلين، مثل المدنيين والمقاتلين الأسرى أو المستسلمين، وغيرهم ممن لا يمكنهم القتال بسبب إصابات أو أمراض. يحظر العنف ضد هؤلاء الناس – لا سيما القتل والمعاملة القاسية والتعذيب – وكذلك التعديات على كرامتهم الشخصية والمعاملة المهينة أو الحاطة بالكرامة.
5. ما هي الأغراض التي يمكن استهدافها بهجمات عسكرية؟
تقصر قوانين الحرب الهجمات على “الأغراض العسكرية”. الأغراض العسكرية هي الأفراد أو المعدات التي تسهم إسهاماً فعالاً في العمل العسكري والتي يؤدي تدميرها أو أسرها أو تحييدها (تصفيتها) إلى ميزة عسكرية أكيدة. يشمل ذلك مقاتلي العدو وأسلحته وذخائره والأعيان المستخدمة من قبل العدو في أغراض عسكرية. بينما القانون الدولي يعترف بأن بعض الإصابات المدنية أمر لا يمكن تفاديه أثناء النزاع المسلح، فهو يفرض التزاماً على أطراف القتال في جميع الأوقات بالتمييز بين المقاتلين والمدنيين واستهداف المقاتلين والأغراض العسكرية فقط. يفقد المدنيون حصانتهم من الهجمات أثناء الوقت الذي “يشاركون فيه بشكل مباشر في أعمال القتال”.
كما تحمي قوانين الحرب “الأعيان المدنية”، وهي أي شيء لا يعتبر غرضاً عسكرياً. تُحظر الهجمات المباشرة ضد الأعيان المدنية، كالبيوت والشقق السكنية والمتاجر وأماكن الأعمال ودور العبادة والمستشفيات والمدارس والمنشآت الثقافية، ما لم تكن مستخدمة لأغراض عسكرية ومن ثم تصبح هدفاً عسكرياً. ينطبق الأمر نفسه عندما تنتشر قوات عسكرية فيما يعتبر بطبيعته عيناً مدنية. في حالة الشك من طبيعة العين، على أطراف القتال افتراض أن تلك العين مدنية.
6. ما هي أنواع الهجمات المحظورة؟
الهجمات المباشرة على المدنيين والأعيان المدنية – كما سلف الذكر – محظورة.
كما تحظر قوانين الحرب الهجمات العشوائية. الهجمات العشوائية هي تلك التي تضرب أغراضاً عسكرية ومدنيين أو أعياناً مدنية دونما تمييز بين الاثنين. الأمثلة على الهجمات العشوائية، هي تلك التي لا توجه إلى غرض عسكري محدد أو التي تستخدم سلاحاً لا يمكن توجيهه إلى غرض عسكري بشكل دقيق. الهجمات العشوائية المحظورة تشمل عمليات القصف لمناطق بأسرها، عن طريق المدفعية أو أية وسيلة أخرى تعامل عدداً من الأهداف العسكرية المتمايزة والمتفرقة على مساحة تحتوي على كثافات من المدنيين والأعيان المدنية، بصفتها هدفاً عسكرياً واحداً.
على القادة العسكريين اختيار سبل للهجوم يمكن معها توجيه الهجوم للأهداف العسكرية مع تقليص الضرر اللاحق بالمدنيين. إذا كانت الأسلحة المستخدمة غير دقيقة لدرجة أنه لا يمكن توجيهها إلى أهداف عسكرية دون تعريض المدنيين لخطر داهم، فلابد من الإحجام عن استخدامها.
تُحظّر أيضاً الهجمات التي تخرق مبدأ التناسب. ويعتبر الهجوم غير متناسب إذا كان من المتوقع أن يؤدي إلى خسائر عارضة في أرواح المدنيين أو إلى ضرر بالأعيان المدنية، يتجاوز الميزة العسكرية الملموسة أو المباشرة المتوقعة من الهجوم.
تحظر المواثيق الدولية استخدام الألغام المضادة للأفراد والذخائر العنقودية، ولابد ألا تُستخدم على الإطلاق نظراً لطبيعتها العشوائية.
7. ما هي التزامات أطراف القتال بشأن القتال في مناطق مأهولة بالسكان؟
القانون الدولي الإنساني لا يحظر القتال في مناطق الحضر، رغم أن وجود مدنيين كثيرين في الحضر يفرض التزامات على أطراف القتال باتخاذ خطوات لتقليص الضرر اللاحق بالمدنيين.
تطالب قوانين الحرب أطراف النزاع بالانتباه بشكل دائم أثناء العمليات العسكرية لإعفاء السكان المدنيين من الضرر و”اتخاذ جميع الاحتياطات المستطاعة” لتقليص الخسائر العارضة في أرواح المدنيين والضرر اللاحق بالأعيان المدنية. تشمل هذه الاحتياطات بذل كل المستطاع للتثبت من أن أهداف الهجوم أهداف عسكرية وليست مدنيين أو أعيان مدنية، وتوفير “تحذير مسبق فعال” بالهجمات عندما تسمح الظروف بهذا الإجراء التحذيري.
لابد أن تتفادى القوات المنتشرة في مناطق مأهولة بالسكان وضع أغراض عسكرية بالقرب من المناطق كثيفة السكان، وأن تبذل الجهد لإبعاد المدنيين عن المناطق التي تشغلها الأغراض العسكرية. يُحظر على المقاتلين استخدام المدنيين كدروع للأغراض العسكرية أو للعمليات حتى لا تستهدف بالهجمات. “الدروع البشرية” هو الاستخدام العمدي لتواجد المدنيين لصالح الحماية، لجعل القوات العسكرية أو المناطق التي تشغلها القوات العسكرية حصينة من الهجمات.
في الوقت نفسه، فإن الطرف المُهاجِم لا يُعفى من التزامه بأن يأخذ في اعتباره الضرر اللاحق بالمدنيين لمجرد أن الطرف المُدافِع مسؤول عن وجود أهداف عسكرية مشروعة وسط أو بالقرب من مناطق مأهولة بالسكان.
استخدام المدفعية الثقيلة (أسلحة ذات نطاق تفجير واسع) وغيرها من أسلحة المدفعية غير المباشرة دون مجال تصويب كافي (أسلحة لا تُرى الأهداف التي تضربها بشكل كامل) ضد أهداف عسكرية في مناطق مأهولة بالسكان، هو أمر يزيد من الخوف من احتمال وقوع هجمات عشوائية وغير متناسبة.
8. هل يُسمح لأطراف القتال باستهداف مرافق البنية التحتية مثل المطارات والطرق والجسور؟
المطارات والطرق والجسور المدنية هي أعيان مدنية تصبح أهدافاً عسكرية عرضة للهجمات إذا تم استخدامها في أغراض عسكرية أو إذا تم وضع أغراض عسكرية فيها أو فوقها. وعلى ذلك، فإن مبدأ التناسب منطبق هنا، إذ على الأطراف في النزاع حساب الأضرار قصيرة وطويلة الأجل اللاحقة بالمدنيين، مقابل الميزة العسكرية المتحققة. على الأطراف البحث في كافة السبل الممكنة لتقليص الضرر اللاحق بالمدنيين، وعليهم ألا ينفذوا الهجمات إذا كان من المتوقع أن يكون ضررها اللاحق بالمدنيين يزيد عن الميزة العسكرية الأكيدة التي ستتحقق منها.
9. هل من المحظور الهجوم على محطات الإذاعة والتلفزة؟
الهجمات على منشآت البث الإذاعي والتلفزيوني المستخدمة في الاتصالات العسكرية مشروعة بموجب قوانين الحرب. محطات التلفزة والإذاعة المدنية لا تصبح أهدافاً مشروعة إلا إذا استوفت معايير كونها هدف عسكري مشروع: أي إذا استخدمت بطريقة تجعلها “تسهم إسهاماً فعالاً في العمل العسكري” وعندما يكون تدميرها في الظروف القائمة وقت استهدافها يحقق “ميزة عسكرية أكيدة”. وتحديداً، يمكن أن تصبح منشآت البث الإذاعي والتلفزيوني السورية الحكومية أهدافاً عسكرية، إذا تم استخدامها – على سبيل المثال – في إرسال أوامر عسكرية أو استخدامها بشكل ملموس آخر في خدمة العمليات العسكرية السورية. إلا أن منشآت البث المدنية لا تصبح أهدافاً مشروعة لمجرد أنها تبث دعاية حكومية أو دعاية معارضة للحكومة. من غير القانوني مهاجمة المنشآت لمجرد أنها تشكل الرأي العام للمدنيين – فهذه المنشآت لا تسهم بشكل مباشر في العمليات العسكرية في هذه الحالة.
إذا أصبحت منشآت البث أهدافاً عسكرية مشروعة نظراً لاستخدامها في بث اتصالات عسكرية، فإن مبدأ التناسب في الهجوم يجب أن يُحترم في هذه الحالة أيضاً. هذا يعني أن على القوات القائمة بالهجوم أن تتحرى في جميع الأوقات أن تكون المخاطر اللاحقة بالمدنيين أثناء الهجوم أقل بالتناسب مع الميزة العسكرية المتحققة. لابد أن يتخذوا احتياطات خاصة مع المباني في المناطق الحضرية، بما في ذلك تقديم تحذير قبيل الهجوم كلما أمكن.
لا يُحظر على قوات المعارضة بموجب القانون الدولي احتلال واستخدام منشآت البث (أو غيرها من المرافق المدنية، إلا المستشفيات). لكن وجود مقاتلين للمعارضة داخل المنشآت أو استخدام منشآت البث لأغراض عسكرية يجعلها أهدافاً عسكرية يمكن مهاجمتها.
10. كيف يجب معاملة الأسرى بموجب القانون الدولي؟
المادة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف لعام 1949، المنطبقة أثناء النزاعات المسلحة غير الدولية، تطالب بحماية جميع الأسرى والمحتجزين، بما في ذلك المقاتلين الأسرى والمدنيين المحتجزين، من “العنف الذي يهدد الحياة والفرد، تحديداً القتل بجميع أنواعه والتشويه والمعاملة القاسية والتعذيب” و”التعديات على الكرامة الشخصية، تحديداً المعاملة المهينة أو الحاطة بالكرامة”. يجب ألا يتم إنزال أية عقوبات إلا من خلال “محاكم طبيعية” تفي بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
الحظر على التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة هو أحد المبادئ الأكثر أساسية في القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. لا يمكن في أي ظروف استثنائية تبرير التعذيب. سوريا دولة طرف في مواثيق دولية تحظر التعذيب في كل الظروف، حتى أثناء حالات الطوارئ المعترف بها، ولابد من التحقيق والملاحقة القضائية للمسؤولين عن أعمال التعذيب. عندما يُرتكب التعذيب ضمن تعدي متسع وممنهج على السكان المدنيين، يعتبر التعذيب جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي العرفي وبموجب نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية.
أي شخص يُحرم من حريته لابد أن يحصل على الغذاء والمياه والثياب والمأوى والرعاية الطبية اللازمة. لابد أن يكون احتجاز السيدات في أماكن منفصلة عن الرجال. أما الأطفال المحرومين من حريتهم – ما لم يكونوا مع أسرهم – فلابد من وضعهم في مرافق منفصلة عن البالغين.
بموجب قانون حقوق الإنسان الأساسي المنطبق حتى أثناء حالات الطوارئ العامة، يحق للمحتجزين مراجعة قضائية لقانونية احتجازهم، وجميع حقوق المحاكمة العادلة، ومنها الحق في المحاكمة والإدانة في الجرائم أمام محكمة فقط. الاحتجاز غير المُعلن أو السري محظور في جميع الأوقات.
11. ما هي الهجمات “الغادرة”؟
يحظر القانون الدولي الهجمات على قوات العدو باللجوء لما يُعرف بالغدر. الهجوم الغادر هو الذي ينفذه مقاتلون حملوا قوات الخصم على الاعتقاد بأن من يهاجمونهم غير مقاتلين. أعمال الغدر تشمل التظاهر بأن المقاتل مدني (لا يمكن مهاجمته) أو التظاهر بالاستسلام (الجنود المستسلمون لا يمكن مهاجمتهم بدورهم) بحيث تتخلى قوات الخصم عن حذرها لحظة الهجوم. من الأمثلة الأخرى، التظاهر بحيازة قوات الهجوم للحصانة، بإساءة استخدام رموز وشعارات الأمم المتحدة أو الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر أو حركة الصليب الأحمر.
هجمات الغدر تؤدي لمخاطر نظراً لأنها تؤدي لصعوبة التمييز بين قوات العدو – وهم أهداف مشروعة – والمدنيين وغير المقاتلين، وليسوا أهدافاً مشروعة. الجنود الخائفون من الهجمات الغادرة تزيد احتمالات إطلاقهم النار على المدنيين والجنود المستسلمين، وإن كان عملهم هذا بدوره غير قانوني. الهجمات التي تنفذها دون مواراة قوات مسلحة في ثياب مدنية دون محاولة للتظاهر بأنهم مدنيين لا تعتبر من الهجمات الغادرة.
يختلف الغدر عن التمويه والخداع في الحرب، مثل التظاهر بشن هجمات معينة، أو توفير معلومات خاطئة للعدو، أو الهجمات المفاجئة أو الكمائن أو استخدام التمويه أو تشتيت انتباه العدو. خدع العرب مسموح بها ضمن أعمال الحرب، والغرض منها خداع العدو، وهي لا تخرق القانون الدولي إلا لو كانت تعتمد على الاستفادة من استعداد العدو للالتزام بالقانون الذي يحمي غير المقاتلين.
12. ما هي وسائل اتخاذ الدروع البشرية؟
جريمة الحرب المعروفة باتخاذ “الدروع البشرية” تم تعريفها بالاستخدام المتعمد لتواجد المدنيين في جعل بعض النقاط أو المناطق أو القوات العسكرية حصينة من الهجمات العسكرية. بينما قد يكون من غير القانوني – كما سلف الذكر – وضع قوات أو أسلحة أو ذخائر في أو بالقرب من مناطق كثيفة السكان، فلا يحدث اتخاذ الدروع البشرية عندما تكون هناك نية مبيتة لاستخدام المدنيين في ردع الهجمات.
يمكن لقوات الخصم مهاجمة الهدف العسكري الذي يستخدم دروعاً بشرية، لكنها تبقى ملتزمة بتحديد ما إذا كان الهجوم متناسباً، أي إن كانت الخسائر المتوقعة في أرواح وأعيان المدنيين لا تزيد عن الميزة العسكرية المتوقعة من الهجوم.
13. ما هي التزامات أطراف القتال إزاء السكان الذين يعانون من احتياجات إنسانية؟
بموجب القانون الدولي الإنساني، على أطراف القتال السماح بالمرور السريع دون إعاقة للمساعدات الإنسانية التي توزع بحياد على السكان المحتاجين للمساعدات. على أطراف القتال أن توافق على السماح لعمليات الإغاثة الإنسانية وليس لها أن ترفض تقديم الموافقة بناء على أسباب تعسفية. يمكن للقوات اتخاذ خطوات للسيطرة على محتوى وإجراءات تسليم المساعدات الإنسانية، مثل ضمان أن شحنات المساعدات لا تحتوي على أسلحة. لكن العرقلة المتعمدة للإغاثة الإنسانية محظورة.
بالإضافة إلى ذلك، يطالب القانون الدولي الإنساني أطراف القتال بضمان حرية تنقلات أفراد الإغاثة الإنسانية اللازمة لممارستهم لمهامهم. هذه التنقلات يمكن تقييدها فقط بشكل مؤقت لأسباب تتعلق بضرورات عسكرية.
14. من الذين يمكن تحميلهم مسؤولية انتهاك القانون الدولي الإنساني؟
الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني المرتكبة بنية إجرامية – أي المتعمدة أو من واقع التهور – تعتبر جرائم حرب. جرائم الحرب المذكورة بصفتها “خروقات جسيمة” لمواد اتفاقيات جنيف والقانون الدولي العرفي كما في نظام المحكمة الجنائية الدولية والمصادر الأخرى، تشمل جملة واسعة من المخالفات، منها الهجمات المتعمدة أو العشوائية أو غير المتناسبة التي تضر بالمدنيين، واتخاذ الرهائن، واستخدام الدروع البشرية، وفرض عقوبات جماعية، بالإضافة إلى مخالفات أخرى. كما يمكن تحميل الأفراد المسؤولية الجنائية على محاولة ارتكاب جريمة حرب، أو المعاونة فيها أو تيسيرها أو المساعدة أو التحريض على جريمة حرب.
يمكن أن تقع المسؤولية أيضاً على الأفراد الذين خططوا لجريمة الحرب أو حرضوا عليها. يمكن ملاحقة القادة المدنيين والعسكريين على جرائم الحرب من واقع مسؤولية القيادة، في حالة معرفتهم، أو كان لهم أن يعرفوا بارتكاب جرائم الحرب ولم يتخذوا ما يكفي من إجراءات لمنعها أو لمعاقبة المسؤولين عن وقوعها.
15. من المسؤول بالأساس عن ضمان المحاسبة على الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي؟
ضمان العدالة في الانتهاكات الجسيمة هو بالمقام الأول مسؤولية الدولة التي يشارك مواطنوها في الانتهاكات. على الحكومات التزام بالتحقيق في الانتهاكات الجسيمة التي يتورط فيها مسؤولين أو أفراد آخرين يخضعون لاختصاص الدولة. على الحكومة أن تضمن تحقيق محاكم عسكرية أو طبيعية أو مؤسسات أخرى، وبشكل محايد، فيما إذا كانت انتهاكات جسيمة قد وقعت، والتعرف على وملاحقة الأفراد المسؤولين عن هذه الانتهاكات بما يتفق مع معايير المحاكمة العادلة الدولية، وفرض عقوبات على الأفراد الذين تتوصل جهات المحاكمة لأنهم مذنبون بما يتناسب مع حجم الجرائم المرتكبة. بينما ليس على الجماعات المسلحة من غير الدول نفس الالتزام القانوني بملاحقة المخالفين لقوانين الحرب قضائياً، فهذه الجماعات المسلحة مسؤولة عن ضمان الالتزام بقوانين الحرب وعليها مسؤولية عندما تقوم بمحاكمات بأن تكون المحاكمات ملتزمة بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
16. هل يمكن إحالة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية؟
المحكمة الجنائية الدولية محكمة دائمة لها صلاحية التحقيق والاتهام والمحاكمة للأفراد المتهمين بأعمال الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المرتكبة من بعد 1 يوليو/تموز 2002. إلا أنها لا يصبح لها اختصاص قضائي على الجرائم إلا في حالة:
كانت الجرائم مرتكبة في أراضي دولة طرف في معاهدة المحكمة الجنائية الدولية.
كان الشخص المتهم بالجرائم مواطن لدولة طرف في معاهدة المحكمة الجنائية الدولية.
إذا قبلت دولة غير طرف في المحكمة بسلطة المحكمة في نظر الجرائم المعنية عن طريق تقديم إعلان دولي بذلك من الدولة للمحكمة.
إذا أحال مجلس الأمن بالأمم المتحدة الوضع إلى مدّعي المحكمة الجنائية الدولية.
سوريا ليست دولة طرف في نظام روما، الاتفاقية المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية. من ثم، ففي غياب تصديق الحكومة السورية على النظام المذكور أو قبولها اختصاص المحكمة من خلال تقديم إعلان لها، فلا يمكن للجنائية الدولية أن يصبح لها اختصاص على الجرائم في سوريا إلا إذا أحال مجلس الأمن الوضع هناك إلى المحكمة.
17. هل يمكن لدول أخرى تنظيم محاكمات على الجرائم الدولية المُرتكبة في سوريا؟
هناك بعض فئات الجرائم الجسيمة المخالفة للقانون الدولي، مثل جرائم الحرب والتعذيب، تخضع لما يُسمى بـ “الاختصاص القضائي العالمي”، الذي بموجبه يمكن لأي نظام قضاء داخلي في أية دولة أن يحقق ويلاحق الجناة في بعض الجرائم، حتى لو لم تكن مرتكبة على أراضي الدولة أو من قبل أحد مواطنيها أو ضد أحد مواطنيها. بعض المعاهدات، مثل اتفاقيات جنيف لعام 1949 واتفاقية مناهضة التعذيب، تُلزم الدول الأطراف بتسليم أو ملاحقة المشتبهين بكونهم جناة في حال كونهم داخل أراضي الدولة أو خاضعين لاختصاصاتها بأي شكل آخر. بموجب القانون الدولي العرفي، من المتفق عليه بشكل عام أن من المسموح للدول بأن تقاضي أولئك المسؤولين عن جرائم أخرى – مثل الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية – أينما وقعت تلك الجرائم.