أسامة محمد: غير مقبول أن تكون أجهزة الأمن “ولي أمر” الشعب
دبي – العربية.نت
يفسح مهرجان كان السينمائي في دورته الرابعة والستين في المجال أمام الأعمال التي تتناول الثورات العربية ومسألة الحرية، كما يعطي الكلام لمخرجيها الحاضرين في المسابقات الرسمية وفي تظاهرات أخرى مثل “خمسة عشر يوما للمخرجين” التي استضافت طاولة مستديرة حول السينما والحرية. وتم الحديث خلال الندوة عن السينما الإيرانية بمشاركة إيرانيين، وعن السورية بمشاركة المخرج أسامة محمد إلى جانب المخرج الفرنسي كوستا غافراس صاحب فيلمي “زد” و”حنا ك”، بالإضافة إلى آخرين تدخلوا الخميس لعرض تجاربهم ومعاناتهم في ظل الافتقار الى حرية التعبير. على المنصة، جلس المخرج أسامة محمد وأمامه صورة للناشط الحقوقي والمعارض السوري رياض سيف الذي أعادت السلطات السورية اعتقاله ومحاكمته بتهمة التظاهر غير المشروع، بينما يحتاج وضعه الصحي لعناية كبيرة، وهو ما دعا شخصيات في سوريا وخارجها للمناداة بإطلاق سراحه. وحول دعوته للمشاركة في هذه الندوة قال محمد لوكالة فرانس برس “لم يكن بمستطاعي رفض الدعوة التي تأتي للحديث عن السينما الخاصة بنا في هذه الظروف الاستثنائية، خصوصا وأنني كنت قد بدأت حياتي السينمائية في هذه التظاهرة مع فيلم “نجوم النهار” ( 1988)… وقد بادرني غافراس فور لقائنا “قل لي يا صديقي ما هي أخبار هذا البلد العظيم والجميل سوريا؟”. وفيما يتعلق بالجدل المحتدم والمتواصل حول ما سمي بـ”بيان سينمائيي الداخل السوري” الذي جاء كرد على بيان السينمائيين الذي كانت قد وقعته شخصيات مشهورة عالمية والذي دعا السلطات السورية للكف عن قتل المدنيين ومنح المواطن السوري حق وحرية التظاهر، قال أسامة محمد “كنت أتمنى بصدق عدم التعليق على بيان الفنانين السوريين في الداخل وأن أتمكن من اعتباره وجهة نظر أخرى، لولا الشحنة الاتهامية التي بلا شك تجعله بمثابة تقرير أمني”. واستطرد محمد مفصلا “من دون أدنى شك لا أرغب بإلصاق هذه الصفة بالعديد من الأسماء التي وقعت على البيان، فحبر النقاش بيننا لم يجف وكل واحد منا يعرف الآخر وفي أعماقه لا يمتلك أية مقومات تجعله يشكك فيه ولا يحق له ولا يستطيع. وهذا البيان يدل على أن الآخر وفي اللحظة التي يلجأ بها إلى سلاح التهديد، هذا يعني أنه لا يمتلك أي سلاح آخر”. وكان البيان السوري شكك في وطنية السينمائيين موقعي البيان الأول، كما رفض بيانهم الذي وقعته شخصيات سينمائية عالمية مثل غودار وكاترين دونوف وجولييت بينوش ومايك لي ومايكل مور وكوستا غافراس وآخرين ممن وصفهم أسامة محمد ب”المناهضين الحقيقيين لمنظومة العنف والتدخل في العالم العربي وفي شؤون الشعوب. هم ونحن، لن ندعي الوطنية عبر السكوت عن قتل المحاولة السلمية الأولى للمواطن السوري للتظاهر”. وردا على ما ورد في بيان من وصفوا أنفسهم بسينمائيي الداخل الذي اتهم الآخرين بالتوجه للخارج وليس الى المواطن السوري كما شكك بوطنية الموقعين، لفت إلى أن “وطنية السينمائيين موجودة في أفلامهم التي قد لا تفنى بدءا من “نابالم” نبيل المالح وصولا الى “ليل” محمد ملص و”كم لنا” وثائقي هالا محمد، فضلا عن أعمال السينمائيين الشباب الموقعين على النداء”. وأضاف محمد مشيرا الى بعض الأسماء التي وردت في البيان الثاني “هذا ينطبق تماما على عبد اللطيف عبد الحميد مخرج “ليالي ابن آوى”. وكان عبد الحميد قد وقع إلى جانب نجدت انزور ودريد لحام وسوزان نجم الدين وسلاف فواخرجي وبسام كوسا وآخرين. واتهم أسامة محمد موقعي البيان الآخر بالتعامي المقصود مؤكدا أن “السؤال الإنساني العاري الذي يسكن داخلي هو: هل هذا التعامي مقصود أم أنه صفة بنيوية لفقدان إمكانية الاستماع إلى الآخر؟”. كما أبدى أسفه وحزنه إزاء “إقامة هذا الجدار بين الداخل والخارج. فإقامة جدار عازل بين السينمائيين هو استمرارية لمنطق لا علاقة له بالإنسانية، من منطلق أن الداخل والخارج السوري منقسمين أو من منطلق نزع حق الرأي وحب الوطن عن السوريين المثقفين المبعدين قسرا في الخارج”. واعتبر محمد أن وراء هذا الجدار “يمنع الإعلام من بلوغ لحظة الحقيقة ويتهم أي رأي آخر بخيانتها. فالضحايا من المدنيين يتحولون الى متهمين. ومن المؤكد أنه حين يطالب السينمائيون بوقف قتل المدنيين، يوضعون في نفس خانة الاتهام”. ورأى المخرج السوري أنه “من المحزن جدا الافتراء والرغبة بالأذى والإيحاء بأن الأذية أتت من هؤلاء المحتجين. من المهين أن يتسبب إخوتنا الذين يقولون إنهم يحبون الوطن، بأذية الآخرين.. فيبدأ بعض موقعي البيان الأصلي من السينمائيين مثل المخرج محمد ملص بتلقي اتصالات شتائم بلغت حد التهديد”. ويختم أسامة محمد حديثه حول ما يثار من ضجة حول البيانين بالتأكيد “محتكر الوطنية لنفسه لا يمت للوطنية بصلة”. وفي تعليقه على الأحداث السورية ومقتل مزيد من المدنيين عند محاولاتهم المستمرة للتظاهر السلمي قال “من غير الممكن لإنسانية أي فرد منا ألا تكون واضحة بإدانتها لهذا القتل”. واتهم السلطة بامتلاكها “كل القدرة والإمكانيات لمنع حدوث ما يجري ولحماية التحرك الذي أفصح بشكل جلي عن سلميته. السلطة لا تمارس دورها ولا تفصح عن نفسها كدولة تحمي مدنييها وتتمسك بالفرصة النادرة للاستماع الى صوت السوريين”. ورأى محمد أن الطريقة التي يعمد بها السوريون إلى التعبير عن أنفسهم عبر التظاهرات السلمية والشعارات التي يطرحونها والتي صوروها بهواتفهم النقالة ووضعوها على شبكة الإنترنت، قد تكون هي اللغة الأصدق والأقوى تعبيرا وكذلك فنا راهنا من السينما. وحول إمكانية اعتقاله في سوريا نتيجة تصريحاته الفرنسية أوضح “ما أقوله الآن كنت أقوله أمام أصدقائي السينمائيين منذ أكثر من 15 عاما. وكان هذا يأتي ضمن الحد الأدنى الذي يؤمن للشخص طمأنينة أنسانية، إذ من المستحيل القبول بأن تكون الأجهزة الأمنية والحزب الواحد أولياء أمر السوريين جميعا”.
العربية نت