أسوأ من عراق صدام حسين
طارق الحميد
أثبت النظام العراقي الحالي أنه أسوأ من عراق صدام حسين، وأخطر؛ حيث كان هناك إجماع على أن نظام صدام ديكتاتوري، أما الإشكالية اليوم فهي أنه يتم تصوير النظام الحالي على أنه ديمقراطي، بينما هو نظام يقوم على الطائفية المقيتة، وتصديرها.
فأحداث سورية، وقبلها البحرين، أثبتت أن النظام العراقي الحالي غير معني بالديمقراطية بقدر ما أنه معني بالطائفية، وإقامة حكم الشيعة، وهذا توصيف لواقع وليس ترسيخا لبعد طائفي، فللأسف يضطر المرء لقول مثل هذا الأمر لأن كثيرا من العقلاء يرفضون أن يقوموا بدورهم، خصوصا في الظروف المضطربة. فمثلما تصدى عقلاء السنة لمتطرفيهم، من جماعات وأفراد ودول، فعلى الشيعة فعل ذلك أيضا، وما أكثر متطرفيهم اليوم، أفرادا وجماعات ودولا أيضا.
فكيف يمكن القبول، مثلا، ببعض التصريحات الصادرة من منتمين لأحزاب سياسية حاكمة بالعراق حول ما يتم في سورية؟ فبدلا من أن يصرح هؤلاء بقلقهم تجاه ما يحدث للمواطنين العزل، وبدلا من أن يحرصوا على أن تكون سورية ديمقراطية – ما داموا يدعون ذلك – نجد أنهم يعبرون عن مخاوف من أن يصل «سلفيون» للحكم بسورية، وبالطبع يقصدون السنة، ويرى هؤلاء العراقيون أن وصول سنة للحكم بسورية خطر عليهم، بل ويقولون إنه لا أساس لمطالب الشارع السوري، وإن ما يحدث هناك له أبعاد خارجية، بل ويدافعون عن بعث سورية، فهل يعقل هذا الكلام؟ خصوصا أن النظام العراقي كان يتحدث عن أن الشعوب العربية، في مصر وتونس وليبيا، قد ثارت ضد الأنظمة الطاغية، بينما اليوم يقولون ما يقولون عن أحداث سورية!
فأمر غريب أنه بعد حل «البعث»، واجتثاثه، في العراق، وتسريح الجيش؛ لأن جزءا كبيرا منه سنة، يقوم العراقيون الجدد اليوم بالدفاع عن حزب البعث السوري! بل وإذا كان هذا منطق العراق الجديد، فكيف سيتعامل النظام العراقي مع مكون أساسي من مكونات الشعب العراقي، وهم السنة، ناهيك عن المسيحيين؟ فهل هذا هو العراق الديمقراطي؟ وهل هذه هي الديمقراطية التي تدعمها أميركا في المنطقة؟
ما يثير القلق، بل ويدعو إلى الاشمئزاز، هو عندما تُسمع أصوات من العراق تقول إنه في حال وصل السنة، أو الإسلاميون، بحسب ما يقول بعض المحسوبين على النظام العراقي، إلى الحكم في سورية، فإن وصول هؤلاء للحكم يعني أنهم تلقوا دعما من السعودية.. ومن هنا يتضح أن العراقيين الجدد يقومون بنفس دور إيران في محاولة استهداف السعودية، وهو الأمر نفسه الذي يقوم به حزب الله، فكلهم يستخدمون الأسلوب الإيراني في التحريض على السعودية، والحقيقة أن ما يحدث في سورية ما هو إلا مطالب شعبية حقيقية، ولا توجد أيدٍ خارجية خلفها، بينما كانت الأيدي الخارجية واضحة، وفاضحة، في البحرين، سواء من إيران، أو باقي عملائها في العراق ولبنان، الذين كانوا يوفرون الغطاء الإعلامي والسياسي لما يحدث في البحرين.
لذا، فإن ما نراه من بغداد اليوم يؤكد لنا أننا نتعامل مع عراق أسوأ بكثير من عراق صدام حسين.
الشرق الأوسط