أشكالُ حنينٍ يمكن عبورُها بالقوارب/ دوفيل كوزمينسكايت
احتفاءٌ بنساء نيكانور بارا
المرأة ليست سوى باب
يجد البعض صعوبة في العثور على مفتاحها
ويقولون إنها مهمّة معقدة لا لزوم لها
أولئك الذين رأوها
مفتوحة على مصراعيها
يقولون إنه ليس ثمة شيء في الداخل
المرأة مثل الرمل
يمكنك أن تشعر بثقلها
وحرارتها في يديك
لكنك تعلم أنك لا يمكنك أبداً
أن تتملكها كاملة
المرأة مثل الليل
تغطّيك مثل جلد ثانٍ
لكن أبداً، رغم الساعات التي لديك
لا تنتبه
متى تقرّر أن تغادر
وفي آخر المطاف
المرأة
مثل
الزمن
مفهوم
لن تستوعبه كاملاً
حتى لو عِشتَ
مدى الدهر
مغموراً
فيه
* * *
كلُّ شيْءٍ تمتصُّه الرِّيح
تنهُّدات الوداع
التي تصدر
تحت فوانيس أكتوبر
الفالس الذي يَعزفهُ
الأكورديون دونما عازفٍ
رائحة شَعْرِ الكلاب الضالة
التي تنام متعبة
في البوابات ولا تتحرك
حتى لتُفسِحَ المَمَرَّ للزمن
الزَّمن يجعلُ أوراق أكتوبر
تخشخشُ
وهذه الخشخشة يتردَّدُ صداها
في أحشاء الأكورديون
الذي يتحرك بطيئاً
مثل الشفاه
التي يُتَخلَّى عنها
في تنهُّداتِ الوداع
كلُّ شيء تمتصُّهُ الرِّيحُ
ثمَّ تعيدُ كلَّ شيْء
* * *
الحنين شيء
يمكنُ أن يتمَّ رقصُهُ
يمكن أن يتمَّ لمسُهُ
يمكن دراستهُ علميّاً
ثمَّةَ أشكالُ حنينٍ
جد كبيرة
يمكنُ عبورُها بالقوارب
ما لا يمكن فعله
مع الحنينِ
هو اقتلاعهُ
إذ حتى الأصغرُ منه
يمكنه أن يُعيدَك إلى الفوضى
يجب علينا أنْ نُدَلّـلَهُ
أن نعاملهُ بِمودَّةٍ وإجلالٍ
حتى يتحوَّلَ إلى طائرٍ أزرقَ
ويمضي محلقاً
عبر النافذة القرمزية
للفجر
* * *
لما كنتُ أُبعِد شخصاً ما
كان خوان خيلمان ينبحُ مثل كلب
في شوارع بوينس آيرس
لنفس السبب مضتْ “سور خوانا” إلى الدير
كتب هوراسيو كيروجا قصصاً جد نادرة
وانتحر
كتب سيثار باييخو بعض القصائد النادرة جداً
ومات
هكذا ببساطة
وكان نيكانور بارا يتظاهر
أنه بسبب طبيعته كان جد تافه
أن يبعد شخصاً ما
(في الليل قرأت قصائد لبينيديتي تحت اللحاف)
خوليو كورتازار
تناول شراب المتّه
وبنى
الفصل الواحد والأربعين من الحجلة
ألفونصينا ستورني اقتلعتْ وجهها من الصورة
وإيديا بيلارينيو اقتلعتْ وجهه من ذاكرتها
وأنت اقتلعتَ ذاتك مني
أنا لا أستطيع أن أفعل شيئاً من ذلك
لأنه ومنذ سنة
عندما يبدأ انبلاج الفجر في هذه الغرفة الفارغة
أشعر أنك حاضرٌ
■ ■ ■
أغنية مَهدٍ إلى غلوريا فويرتس
للشاعر عينٌ في كل خليّة
وهذه تُضاعفُ عبر جسدِه
نظراتِه اللا تُحصى وهي تتسمَّرُ من حواليْه
لا شيء يمرُّ شارداً عن عيني الشاعر
الإغلاق الصامت للباب في منتصف الليل
ورقة يابسة تتهاوى
على الركبتين الناعمتين للربيع
الذي بعد لم يحلّ لكنه يُتوَجَّس
فرائحة الترابِ البليل تدلُّ على عبوره
في الحدقتين المبتلّتين تنعكس أبراج الأجراس
مضاعفة عبر البرك
في الثامنة صباحاً عندما كان يفتح عابرٌ
واحد من بين العديدين الذين رأيتهم
لكنه كان قد صار عابرك أنت –
بابَ بيتٍ أخضرَ
وللتوِّ يختفي في مخبزة
البيانو الذي يعزفه شخصٌ ما ودوماً
دوماً كانت يده الخفيَّة ترتبكُ
قبل التوليفة الأخيرة
“ألأن التوليفة الأخيرة لا وجود لها؟”
والبحرُ يبتلع بشرهه اللا يقهر
نظرة ذاك الذي يراقبُه
وأخيراً ها راحتا كفيَّ
مفتوحتان للغياب
كلُّ شيءٍ يراهُ هؤلاء القساة الذين لا ينامون
ولا يتركون الشاعر ينام
حتى يرتعش هذا في هنيهة
ويختلج فيولد العالم
■ ■ ■
صيغة ريغيتون بطيئة
ليس ثمة شيء يقيني في هذا العالم
رجل يخرج حبّة أناناس من صندوق الأمتعة للسيارة
شعر زوجته يفوح برائحة الزعتر أنا متأكدة من ذلك
لوصف هذه الرائحة سيكون الشعر إلى أقصى الحدود عديم الجدوى
بشكل عام، فيم ينفعُ الشعر؟ الشعرُ كلماتٌ والكلمات
لا تنفع في شيء
أنتَ عبدها الأبدي خصوصاً تلك التي لم تنطقها
هو دنا مني والتصق بي ثم قال لي لنرقص
لنرقص أجل لكن رقصة بطيئة مثل الغيوم
التي تسحبُ أحشاءها المليئة بالبروق عبر سطوح الكاتدرائيات الباروكية
أجل باروكية لأن الباروك هو قمة اللايقين مثلما هي غير يقينية هذه المدينة
حيث اليقين الوحيد هو أنك يقيناً لا تعرف، لا تعرف كيف تعبرُ الشارع
أو لا تريد لأنك ترى أن على الرصيف الآخر كنت تنتظرُ نفسك
أجل لنرقص أجل وعلى الإيقاع سوف يضحك الموتى لأن الموتى يضحكون إذا صفقتَ عليهم
الموتى يضحكون لأنهم يعرفون أنه رغم الموت ليس ثمة شيء يقينيٌّ في هذا العالم
الأراضي المجهولة الساعات التي تتطاير بلا وجهةٍ وأنا أتعلّم
اللغات وأنساها محاكياً النبرات
لأنني مرآةٌ
هل يعجبك ما تراه؟
دنا والتصق وقال لي لنرقص
أجل لنرقص
أنا دائماً أرقصُ معك
أنا ظلُّكِ
* Dovile Kuzminskaite شاعرة لتوانية من مواليد فيلنوس سنة 1990، تكتب باللغتين اللتوانية والإسبانية.
** ترجمة عن الإسبانية: خالد الريسوني.
العربي الجديد