ألمانيا.. 6 وسائل لتعبئة اليمين المتطرف ضد اللاجئين/ شادي عاكوم
قبل 4 أشهر، نجا عضو حزب دي لينكه الألماني اليساري، مايكل ريخته، من حادث تفجير وقع أمام منزله، في مدينة فريتال شرقي ألمانيا، بسبب تأييد ريخته وحزبه للنازحين واللاجئين في بلادهم.
زادت اعتداءات رأس السنة في مدينة كولونيا الألمانية، من مخاوف ريخته والمتعاطفين مع اللاجئين وقضيتهم، من تعرضهم للمزيد من الكراهية والعنصرية، بعدما هاجمت مجموعة من مثيري الشغب عددا من الأجانب قرب محطة القطارات الرئيسية في المدينة، ما أدى إلى إصابة اثنين منهم بجروح بليغة نقلوا على إثرها إلى المشفى.
وفقا لإحصائية صادرة عن الشرطة الألمانية، فإن الاعتداءات السابقة ليست حالات فردية، إذ تم تسجيل أكثر من 1600 حالة اعتداء بدوافع يمينية متطرفة ضد اللاجئين في ألمانيا حتى منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تنقسم إلى الاعتداء الجسدي أو إيقاع أضرار بمراكز الإيواء، فضلا عن مهاجمة بعض المتطوعين الذين ساهموا في استقبال ودعم اللاجئين.
الأحزاب اليمينية تستغل اعتداءات كولونيا
استغل اليمين الألماني المتطرف، اعتداءات باريس الأخيرة لزيادة عدد المؤيدين له، إذ تفيد آخر استطلاعات الرأي العام أن نسبة المناصرين لـ”الحزب القومي الديمقراطي الألماني” (يميني) و”الحزب اليميني البديل لأجل ألمانيا” (يميني)، حققا أخيرا أرقاما متقدمة من مجمل أصوات الناخبين حتى أن الأخير تمكن من الحصول على ما نسبته 15% من الأصوات شرقي البلاد، فضلا عن 8% على مستوى ألمانيا.
“يؤثر حضور وتقدم هذه الأحزاب وحركة (بيغيدا) سلبا في عدم الثقة بالأحزاب التقليدية الحاكمة في ألمانيا، وعلى رأسها الحزب المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، خاصة أن نسبة المؤيدين لها ولحزبها انخفضت إلى أدنى مستوى منذ أربع سنوات (37 %)، في المقابل استفاد الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك، والذي يتزعمه نائب المستشارة سيغمار غبريال من هذا التراجع، إذ سجل ارتفاعا في عدد مؤيديه من 17 إلى 21%”، كما يقول الدكتور فضل الله عميري مؤلف كتاب “الفصل العنصري بين المهاجرين وأبناء الوطن العرقي في ألمانيا”.
أسباب صعود اليمين المتطرف مجددا
يحدد الدكتور فضل الله عميري، أسباب تنامي الفكر اليميني مجددا قائلا لـ”العربي الجديد”: “اليمين يعمل على تعميق فكرة التمسك بالجذور وحماية التقاليد والأعراف، والراديكالية والعنصرية والكره ضد أي جنس غير “آري” عبر دعاية مرتكزة على تزايد أعداد الأجانب ومساواتهم بالمواطنين، واستفادتهم من المخصصات المالية للدولة”. مضيفا “يلجأ اليمنيون إلى إحداث ضجة في البلاد من خلال إثارتهم لموضوعات يعتبرونها تمس بمقدساتهم وطريقة تفكيرهم وأخلاقياتهم الدينية والاجتماعية، والزعم أن وجود اللاجئين سوف يحدث خللا في التركيبة الديمغرافية في البلاد، عدا عن تسويقهم فكرة الإسلاموفوبيا ومساواتهم الإسلام بالإرهاب”.
الاستفادة من الإعلام
يشير الباحث الأكاديمي أحمد سرور، إلى أن الأحزاب اليمينية المتطرفة استطاعت استقطاب، جزء من الرأي العام، وعمدت إلى إعادة ترتيب صفوفها، وخرجت بشعارات أكثر عنفا وعنصرية تجاه الساسة المتعاطفين مع اللاجئين، وذلك عبر إلقاء الضوء على مخاوف أمنية وتركيز الحديث الإعلامي على الخوف من أعمال إرهابية محتملة، معتمدين في ذلك على تقارير الأجهزة الأمنية”.
وأبرز ما ركزت عليه التقارير وفق سرور “المعلومات التي أشارت إلى إلقاء القبض على أحدهم وله صلة بهجمات باريس، إضافة إلى أن بلجيكا أصبحت توصف بمرتع الإرهاب، وهي بالطبع تجاور ألمانيا، إضافة إلى العمل على مقارنة الشخصيات السياسية مع أخرى من الحقبة النازية كتشبيه وزير العدل الألماني هايكو ماس بمدير الدعاية السياسية خلال فترة الحكم النازي جوزيف غوبلز، والهدف دائما المبالغة وتشويه الصورة مستغلين وسائل التواصل الاجتماعي وإظهار أنفسهم كضحايا من أجل تعبئة المتطرفين. بالإضافة إلى استخدام عبارات شديدة العنصرية بحق اللاجئين كوصفهم بـ”الغزاة” واستمرار ترديدها إعلاميا”.
ويشير سرور إلى دعاية أخرى يروجها اليمين المتطرف بالقول “إن الوافدين يفقرون البلاد عبر استفادتهم من الضرائب التي يدفعها المواطنون الألمان ويستغلون المخصصات الاجتماعية التي تقدمها الدولة”. ولفت سرور إلى أن الحزب الوطني الديمقراطي (يميني)، حصل في انتخابات عام 2014 على مقعد في البرلمان الأوروبي لعام 2014، وهذا مؤشر خطير، مؤكدا في الوقت عينه “أنه لا يمكن أن يكون هناك تحول جذري في توجهات المواطنين الألمان نظرا لما لهذه الأحزاب اليمينية المتطرفة من تاريخ حافل بالخراب للبلاد”.
الفكر المتشدد عامل مساعد للأحزاب اليمينية
يحمل الكاتب والصحافي نجيب خنخار، على “دعاة اليوتيوب المتطرفين”، مسؤولية إعطاء ذريعة للنازيين الجدد بأفكارهم البالية، ويرى خنخار أن ظاهرة التطرف استطاعت الوصول إلى جيل الشباب الذي لم يعش فترة ويلات الأنظمة العنصرية خلال العقود الماضية، ويأتي ذلك كردة فعل على تلكؤ الأحزاب التقليدية في حماية حقوقهم وتبديد أموالهم وزيادة أزماتهم الاجتماعية والاقتصادية حسب زعمهم”، مضيفا “لا بل إن تصريحاتهم تركز على أن الوافدين سوف يسلبون منهم أعمالهم ووظائفهم”.
ولفت إلى أنه أخيرا زاد الحديث عن ضرورة حماية الهوية والقيم المسيحية ليس فقط في ألمانيا إنما على مستوى أوروبا، وهو ما سمح مثلا للحزب الوطني المحافظ العدالة والقانون في بولندا من تحقيق فوز كاسح في الانتخابات البرلمانية التي جرت أخيرا بعد أن كان أعلن في حملته رفضه التام لقبول اللاجئين المسلمين، فضلا عن نظام الحصص لاستقبال اللاجئين”.
مستقبل اليمين
تعتقد خبيرة التعاون بين الثقافات والعلاقات الدولية كلارا غرويتروي أنه على الرغم من المحاولات المتكررة للأحزاب اليمنية خلال العقود الأخيرة، لنيل ثقة الناخبين واستمالتهم، فلم تستطع فرض نفسها والتطور والاستمرار. وتقول غرويتروي في تصريحات إلى “العربي الجديد”: “على الحكومة الاتحادية إيجاد موقف مشترك يدعم المواقف الإيجابية لمواطنيها تجاه الوافدين”، مؤكدة في الوقت عينه أن “الاندماج، بطبيعة الحال، لا يمكن أن يحصل بين ليلة وضحاها إنما يتطلب بعض الوقت، آملة أن ينظر المواطنون الألمان بإيجابية إلى الوافدين الجدد واعتبار أنهم يشكلون فرصة لإثراء المجتمع الألماني” معتبرة أنه لا مجال لتلك الأحزاب اليمينية، من الحصول على فرصة أو حظوظ كبيرة بالحضور والتمثيل السياسي على مستوى البلاد.
ويؤكد المراقبون أن اليمين المتطرف لا يعبر عن أغلبية الرأي العام الألماني، وأن ما يجري هو محاولة للحصول على نسب مرتفعة من الأصوات خلال الانتخابات البرلمانية في عام2017. ويشيرون إلى توجه بمنع أنشطة الحزب القومي الديمقراطي المتطرف الذي يقوم بحملات ضد اللاجئين والأجانب في ألمانيا، بعد أن قررت المحكمة الدستورية في مدينة كالسروه النظر في الشكوى التي تقدم بها مجلس الولايات (البوندسرات) ضد الحزب، وتم تحديد جلسة للنظر بالشكوى مطلع مارس/آذار من 2016، ولا يستعيد هؤلاء إمكانية تأسيس حزب بحيثيات إسلامية في ألمانيا مع تزايد أعداد المسلمين في البلاد، والذين من الممكن أن يتضاعف عددهم (العدد الحالي يقدر بما يزيد على 4 ملايين نسمة) في حال التحاق عائلات اللاجئين بهم.
العربي الجديد