صفحات سورية

أمريكا هي العقبة أمام التوصل إلى حل في سوريا/ سامر خليوي

حسب الموعد المحدد من قبل الأمم المتحدة وأمريكا وروسيا تم عقد مؤتمر جنيف 2 في 22/1/2014 الذي لم يتمخض عن اي حل يوقف نزيف الدم في سوريا، ولم يحقق أي إنجاز لصالح وفد المعارضة الذي لبى الدعوة للمؤتمر على أمل إيجاد حل سياسي ينهي الصراع.

المبعوث الدولي الأخضر الابراهيمي ومعه الولايات المتحدة وروسيا اعتبروا ان هناك إنجازا قد تحقق بجلوس طرفي الصراع الى طاولة المفاوضات، وحقيقة الأمر أن أمريكا وروسيا لا تريدان حسم الصراع الدائر، ولكل منهما وجهة نظرها وأسبابها.

فروسيا تراها فرصة مناسبة لكي تصفي حساباتها مع أمريكا والغرب بعدة ملفات، وأيضاً لإعادة أمجاد روسيا الكبرى وفرض نفسها مجدداً كقوة عظمى منافسة لأمريكا بعد انحسار دورها، وذلك على حساب الشعب السوري، ولو كان الأمر يتعلق بالمصالح فقط لكان الأمر سهلاً، فقد قدمت المعارضة لروسيا منذ تشكيل المجلس الوطني ضمانات لمصالحها على أساس الاحترام المتبادل وتبادل المصالح، وقام المجلس الوطني بزيارتين لروسيا، الأولى في 20/11/2011 برئاسة غليون والثانية في 10/7/2012 برئاسة سيدا والأخيرة من قبل الإئتلاف الوطني برئاسة أحمد الجربا في 2/2/2014 ولم تكلل تلك الزيارات بالنجاح. أما الولايات المتحدة فهي العقبة الرئيسية للتوصل لأي حل يحقق مصالح الشعب السوري. يعتقد البعض واهماً أن العقبة متمثلة بروسيا ومن خلفها إيران وليست أمريكا التي لا يهمها سوى مصلحتها ومصلحة إسرائيل بالاتفاق مع عائلة الأسد، التي قدمت ولا تزال كل الخدمات والتنازلات المطلوبة، كما صرح إفرايم هالفي الرئيس السابق للموساد لمجلة ‘فورين أفيرز′ الإمريكية في 13/5/2013 بأن بشار الأسد رجل اسرائيل الأول في سوريا، لذلك فان تل أبيب لن تسمح بسقوط نظامه الآن، فبشار سار على نهج والده ولم يقم بأي عمل عدائي ضد اسرائيل طوال 40عاماً، وحافظ على جبهة الجولان بدون قتال، وأن ما حققته إسرائيل مع عائلة الأسد بدون اتفاقية أفضل بكثير مما لو كانت هناك اتفاقية.

ما تقوم به أمريكا الآن هو إدارة للصراع وليس السعي الجدي لحله كما تفعل بالقضية الفلسطينية، وستحتفظ بالأسد حتى يسلم كامل الأسلحة الكيماوية، ولو أرادت الحسم لفعلت ذلك، سواء عن طريق مجلس الأمن (ليبيا ) أو بدونه (البوسنة والعراق) أو باللجوء للجمعية العامة للأمم المتحدة (الحرب الكورية 1950) مستندةً للقرار 377 (الاتحاد من أجل السلام) الذي يجيز للجمعية العامة إصدار قرار إذا عجز مجلس الأمن عن التصرف نتيجة لتصويت أحد أعضائه الدائمين تصويتا سلبيا، وإذا لم تكن الجمعية العامة في حالة انعقاد فإن عليها أن تجتمع في غضون 24 ساعة بدعوة من مجلس الأمن أو أغلبية أعضائها وقد استخدم القرار في عدة أزمات أخرى. النظام السوري لم ولن يلتزم بأي اتفاق لا يتضمن آلية تنفيذ قوية وواضحة، كما فعل في جنيف 1 فتاريخه يدل على أنه لا يفهم إلا لغة القوة، وهو الذي تنازل تحت التهديد الأمريكي وسلم أسلحته الكيماوية، في الوقت الذي لم يقدم أي تنازل للشعب السوري قبل الثورة أو بعدها، خاصة قبل تحول الحراك إلى صراع دولي وإقليمي، والجميع يتذكر الأزمة بين سوريا وتركيا عام 1998 عندما هددت تركيا بالتدخل عسكريا إذا لم يقم حافظ الأسد بطرد عبدالله أوجلان من سوريا وإغلاق قواعده، حيث استجاب حافظ الأسد لتلك التهديدات ونفذ كل المطالب التركية، وعقد اتفاقية أضنة التي وقعها اللواء عدنان بدر حسن، وتنازل الأسد بشكل نهائي عن لواء إسكندرون وعدم المطالبة به مستقبلا، وأصدرت سوريا بعد الاتفاقية خرائط لا تتضمن لواء الإسكندرون، كما في السابق، وسارعت إلى حذف ‘عروبة’ اللواء من المناهج المدرسية السورية. أيضاً عملية انسحاب الجيش السوري من لبنان في 25/4/2005 لم تتم بدون التهديد الأمريكي الفرنسي للأسد لينفذ قرار مجلس الأمن 1559 الصادر في سبتمبر/أيلول 2004 الذي نص على انسحاب القوات الأجنبية من لبنان، على الرغم من اعتراض الحكومة اللبنانية آنذاك على مشروع القرار، حيث استجاب الأسد الابن ونفذ الانسحاب، واعتبر ذلك نصرا وإنجازا كعادته .

سيكون هناك جنيف 3- 4- وغيرهما، لكي توهم أمريكا العالم بأنها تقوم بواجبها لإيجاد حل ســــياسي مما يطـــــيل أمد الأزمــة حتى يتم إنهاك طرفي الصراع، حينها تتدخل أمريكا وتفاوض المنتصر الضعيف لإملاء شروطها بدون مراعاة مصلحة سوريا والشعب السوري.

‘ كاتب وإعلامي سوري

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى