أنتون هيلغي يونسون: أنقذْ العالم ثم اغسل السيارة
منذ كتابه الشعري الاول الذي صدر عام 1974 بعنوان «تحت قوس قزح»، لفت أنتون هيلغي يونسون الأنظار كشاعر يتحلى بنبرة خاصة تجعله خارج كل السياقات الشعرية الحاضرة في آيسلندا. من مواليد عام 1955، وإضافة لمجموعاته الشعرية المنشورة، فإنه كتب مسرحيات ونصوصا مسرحية قصيرة للراديو. ترجمت قصائده للعديد من اللغات بينها الانكليزية والفرنسية والبلغارية، ونال جوائز أدبية عديدة. تتمتع قصائده بالسهولة والحساسية التي تصب في المشهد المتحول، وتحاول استنباط المعنى العام من التجربة البصرية الخاصة.
الجمعة
اذهب إلى المصرف
انظر إلى آلات غسل الثياب
اشتر بقالة
أعد إلى سيغي كتابه
أنقذ العالم.
ثم اغسل السيارة.
Telefunken
الأم تصف الحريق مرة أخرى.
أفاقت من النوم، كانت الغرفة ممتلئة باللهب
فكّرتْ: فلأخرج. راحت تعدو. إلى الخارج. ركضت. الغرض
الوحيد الذي نجا على يدها، الذي أفلحت في تخليصه كان راديو
ماركة Telefunken.
وأنا. أين كنتُ؟ يسأل ابنها.
تخفي الذكرى جيداً داخل ابتسامة.
لم تكن وُلِدتَ بعد.
حدث ذلك قبل أوانك.
ها هي تأتي لإحضاري من وسط اللهب.
ها هي تأتي لإحضاري من وسط اللهب.
وأنا أستيقظ، وحيداً أستيقظ.
ذاهلاً مرتبكاً.
وحيداً.
جرّبتُ زوجاً من حذاء أحمر
جرّبتُ زوجاً من حذاء أحمر اللون في لندن.
الفتاة قالت: هذا آخر زوجٍ لدينا.
رغم ذلك، قررت أن أتريث.
من الذي بامكانه الوثوق بموظفي المبيعات؟
حسمت أمري بأن أقوم بجولة حول مركز التسوق
كان المناخ معتدلاً وبدا هناك الكثير مما تستحق رؤيته.
وعندما عدت كان الحذاء اختفى.
الفتاة قالت إن لا فكرة لديها.
مرت أربعون سنة على تلك الحادثة
ولم يسد لي أي حذاء آخر خدمة طويلة الأمد.
قلق بيتزاوي
آخر شريحتي بيتزا لم تكونا بنفس الحجم.
تقول أنت: اختر ما تشاء!
هل ينبغي أن أفكر بنفسي فقط فاختار القطعة الأكبر حجماً؟
أم ينبغي أن أفكر بنفسي فقط فاختار القطعة الأصغر حجماً؟
لعب الأطفال والراشدين
سمعت همساً وصياحاً وصرخات.
فوق. في الطابق العلوي.
وفي الغرفة المجاورة
سمعت أنيناً، بكاء حتى.
وجدتكَ، كريستيان!
وجدتكِ آنا يُوْنا! وجدتك مومي!
وبعدئذ سكوت.
توتر مبهم اجتاحني.
بالكاد تمكنت من التقاط أنفاسي.
جامداً على نحو قاطع، جلست في الخزانة.
سمعت قلبي ينبض في أحشائي.
وكل ما عدا ذلك – سكوت.
أصغيت إلى خلود كامل
قبل أن أظفر بنكتة:
لقد خرج الجميع إلى اللعب.
وأنا في الخزانة نفسها، منفرد دوماً.
وتحت جلدي السميك، منفرد دوماً.
والآن، وقد عشت أبدية كاملة.
لمرة أخرى، أصغي.
أسمع تردد أسماء أصدقائي في المدرسة بينما يُنادى عليهم.
وبعدئذ سكوت.
مجدداً، ذلك التوتر المبهم.
ولا يزال قلبي ينبض في أحشائي.
بعد الرقصة
ها أنذا أُعَلَّقُ –
وحيداً في حجرة إيداع القبعات والمعاطف
أعلّق.
مرافِقتي، روحي العزيزة،
لا تزال هنا وهي تسأل: أي شغف،
أي أوهام وصلت إلى هنا
في هذا المعطف؟
لا أحد يخطو إلى الأمام
لا أحد يقترب ليملأني بالحياة.
لا أحد يحملني فوقه داخل المدينة اللادغة والباردة.
مراقبة جار
أراه يخرج من الفناء الخلفي.
يقفل الباب.
ينطلق مسرعاً.
خطوات قليلة
ويتوقف.
يصغي.
لا بد من أنه سمع الهاتف يرن في الداخل.
يضع حقيبته الرياضية أرضاً.
يدس يده داخل جيبه.
يخرج المفاتيح.
يدلف إلى الداخل من دون أن يقفل الباب.
في وقت لاحقاً من الليل يصفق الباب.
لمرة أخيرة يخبط مغلقاً في الريح.
اليوم التالي الحقيبة لا تزال في مكانها.
وحوالي منتصف النهار، يهطل المطر.
الطقس المدهش ظل طوال شهر حزيران.
وفي آب، استأجرنا عرزالاً.
ثم فجأة حلَّ أيلول.
رياح «طبيب الرأس» سلكت دوماً بين الأكواخ تلك.
لكن الحقيبة لم تتزحزح.
أوراق الأشجار انمزقَتْ عن الشجرات.
والحقيبة لا تتزحزح.
الثلوج لم تستوطن اليابسة قبل منتصف شهر كانون الثاني.
والحقيبة بدت واضحة للعيان في الأيام الهادئة.
وراكيت الريشة مقبضه مستقيم كما في كل الاوقات.
وصل الربيع ثم ذهب.
وجاءت أيام كثيرة رائعة.
وفي هذا الصباح كانت الحقيبة قد غادرت.
ترجمة:مازن معروف
السفير