يتكرر القصف يوميا على بلدات الغوطة الشرقية، منذ بدء حملة قوات النظام والمليشيات الموالية على المناطق السكنية قبل 13 يوما، والتي تستخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة والطيران الحربي، ما تسبب في مقتل 121 شخصا وإصابة أكثر من 580، بحسب مصادر محلية.
يقول أبو شادي، أحد سكان الغوطة الشرقية، لـ”العربي الجديد”: “نسمع يوميا أصوات الانفجارات، وتتبعها صيحات عناصر الدفاع المدني الذين يبحثون عن الناس تحت الأنقاض”، لافتا إلى أنه وعائلته يحتمون ببيت الدرج منذ نحو أسبوعين، بلا كهرباء وفي ظل شح شديد في الماء، “حتى أننا عجزنا عن تأمين وجبة طعام واحدة يوميا”.
ويضيف: “لا أعلم ماذا سيحل بنا. طاول القصف منزل جاري فقتل معظم أفراد عائلته، وجثث بعض الضحايا لا تزال تحت الركام رغم مرور أيام من قصف المنزل. نحن في منطقة سكنية لا توجد فيها مقرات عسكرية، فلماذا يقصفون مناطق المدنيين؟ لماذا لا يقصفون خطوط الاشتباك؟”.
ويصف ناشطون الواقع في الغوطة الشرقية بـ”الكارثي”، لافتين إلى أن القصف المتواصل يضع ضغوطا كبيرة على عناصر الدفاع المدني الذين يتولون انتشال المدنيين من تحت الأنقاض، سواء كانوا أحياء أو فارقوا الحياة.
ويقول ناشطون: “أهل الغوطة يواجهون حملة إبادة ضمن الصراع حول السيطرة على المناطق بين النظام والفصائل المعارضة. نطالب بالتوقف عن قصف المناطق السكنية، وكسر الحصار عبر فتح ممرات إنسانية تؤمن دخول المواد الغذائية والطبية وإخراج الحالات الصحية الحرجة، لكن أحدا لا يستجيب”.
ويؤكد الناشط الإعلامي براء أبو يحيى، لـ”العربي الجديد”، أن المجلس المحلي في عربين أصدر إحصائية لعدد ضحايا الحملة العسكرية على البلدة بين 29 ديسمبر/ كانون الأول و10 يناير/ كانون الثاني، بيّن فيها أن 39 شخصا قتلوا وجرح 350 آخرون، كما أن 1385 عائلة نزحت من البلدة التي تعرضت خلال تلك الفترة لـ109 غارات جوية، و83 صاروخا، و803 قذائف مدفعية، تسببت في تدمير نحو 550 منزلا.
وأوضح أن “الإحصائية المتوفرة منذ بداية الحملة، تبين أن الغوطة الشرقية تعرضت لـ541 غارة جوية، و13 صاروخا عنقوديا، و538 صاروخ أرض أرض، وأكثر من 2592 قذيفة، ما أدى إلى سقوط 175 قتيلا مدنيا، ونحو 661 جريحا، وتم إنقاذ 79 مدنيا من تحت الأنقاض، في حين لا يزال القصف مستمرا، وهناك ضحايا سقطوا اليوم”.
وقال المسؤول في مديرية الصحة في دمشق وريفها، الدكتور محمد أبو كنان، لـ”العربي الجديد”، إن “الغوطة الشرقية تمر بوضع صحي بالغ الخطورة مع اشتداد الحصار المطبق عليها منذ سنوات، فلم يعد هناك أي مصدر للأدوية والمواد اللازمة لاستمرار الخدمة الطبية للمواطنين مع ارتفاع كبير لحالات سوء التغذية بين الأطفال، فضلا عن الضغط الكبير على المشافي خلال الشهر الماضي بسبب تكرار القصف على التجمعات السكنية”.
ولفت أبو كنان إلى أن “عددا كبيرا من المرضى مسجلون على قوائم الإجلاء الطبي، وقدر عددهم بنحو 600 مريض من كل الأعمار، وغالبيتهم يحتاجون لإجراءات علاجية عاجلة غير متوفرة في الغوطة الشرقية، وتم إبلاغ جميع المنظمات والهيئات الطبية الدولية بضرورة التجاوب لإخراجهم، وشكلت مديرية الصحة لجنتين من الأطباء العاملين لدراسة تلك الحالات”.
ويهدد ارتفاع أسعار المحروقات استمرار العمل الطبي، حيث تعتمد المشافي والمراكز الطبية على المولدات الاحتياطية منذ عام 2013 لتوليد الكهرباء.
وأوضح أبو كنان أن “الغوطة تحتاج إلى اللقاحات الدورية بشكل منتظم، لكن الحكومة السورية تتعمد إدخال اللقاحات ناقصة، أو بكميات غير كافية، مع تقطع دخولها زمنياً بشكل يهدد برنامج اللقاحات المطلوب لضمان سلامة الأطفال”.
