أوباما… لماذا يتعامى عن سوريا؟!
راجح الخوري
عندما يسأل الدكتور احمد زويل الحائز جائزة نوبل: “هل ينتظر العالم ابادة عرقية في سوريا؟”، يبدو السؤال موجهاً في شكل خاص الى الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي يحافظ منذ سنتين تقريباً على موقف المتفرج من المذابح المروعة، حيث تقصف المدن والأحياء بالطائرات ومدافع الميدان وقد تجاوز عدد الضحايا اربعين الفاً، بينما يدأب البيت الأبيض على تكرار التعليقات الفارغة: “إن أيام الاسد باتت معدودة… إن النظام سوف يسقط في النهاية”!
لكن اوباما في الواقع لا يملك حتى الآن اجوبة واضحة ومقنعة ينتظرها السوريون من الدولة الأكبر التي ترفع رايات الحرية وحقوق الانسان. صحيح انه تقدم في الساعات الاخيرة سنتيمتراً الى الامام عندما اعترف متأخراً عن الدول الاوروبية بالمعارضة ممثلاً شرعياً للسوريين، وذلك في مقابلته مع باربارا والترز على شبكة “اي بي سي”، حيث لم يكن في وسعه ان يتهرب من الامر على الملأ، لكن اعترافه جاء ضعيفاً: “قررنا أن الائتلاف الوطني السوري المعارض أصبح يضم ما يكفي من المجموعات وهو يعكس ويمثل ما فيه من الكفاية لكي نعتبره الممثل الشرعي للشعب السوري”!
اوباما الذي حرص حتى الآن على تقديم مساعدات “غير مؤذية” للمعارضة ومنع تركيا والخليجيين من تزويدها اسلحة مضادة للطائرات بما يساعد في حسم المعركة التي باتت الآن تنحصر في دمشق وريفها، لم يوضح كيف سيترجم اعترافه هذا على صعيد الدعم الميداني وما اذا كان سيخرج من تلك “اللعبة الجهنمية” التي، بسبب ترددها ازاء تمادي النظام في القتل والمذابح، سمحت بفتح الابواب لدخول عناصر متطرفة من “القاعدة” تسلّلت من العراق، وهو ما أشار اليه بقوله ان واشنطن تعتبر إن هذه العناصر ارهابية!
لكن كان من الواضح ومنذ بداية جنوح “الربيع العربي” في اتجاهات سنّية “اخوانية” وحتى متطرفة على بعض ما في تطورات الصورة التونسية والليبية والمصرية، ان المشروع الاميركي الصهيوني الذي يلقى قبولاً مصلحياً روسياً انما يهدف في النتيجة الى وضع الاسلام في وجه الاسلام [التطرف الشيعي الايراني في مواجهة تطرف سني عربي] بما يريح اميركا واسرائيل ربما مئة سنة الى الامام!
كذلك يتصل التقاعس الاميركي عن التدخل لوقف المذابح في سوريا بالاستراتيجية السياسية للرئيس الاميركي، الذي دخل البيت الأبيض رافعاً شعار “التغيير”، اي الانكفاء عن سياسة سلفه جورج بوش، ولهذا كان الانسحاب من العراق ثم التمهيد للانسحاب من افغانستان، ثم جاءت الانتخابات الرئاسية لتمنع اي تورط اميركي في مستنقع الدم السوري حيث يتورط الروس والايرانيون الى آذانهم!
هل سيتغير المشهد الآن؟ من المبكر توقع تغيير حقيقي في الموقف الاميركي.
النهار