أوقفوا المعاناة في سوريا
ملاحظة من المحرر: ثلاثة مدراء تنفيذيين لدى الأمم المتحدة اشتركوا في كتابة هذا المقال وخصوا به موقع CNN.. المدراء الثلاثة هم أنطونيو غوتيريس، مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، وإيرثارين كوزين، المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي، وآنطوني ليك، المدير التنفيذي لليونيسف. (المقال باللغة الانجليزية)
تعتبر المأساة السورية الأكثر تعقيداً وخطورة من بين المآسي المروعة التي تواجه العالم في عام 2013.. فقد خلف العنف أربعة ملايين شخص في حاجة ماسة للمأوى والغذاء والرعاية الصحية والتعليم والمياه النظيفة، والوقاية.. كما شرد الصراع مليوني شخص داخل سوريا، ودفع بـ600 ألف سوري إلى النزوح إلى الدول المجاورة هرباً من ويلات الحرب.. والآن أصبح الشتاء القارس هو العدو الجديد.
أطفال سوريا هم الأكثر معاناة، فهم يشكلون ما لا يقل عن نصف المتضررين من الصراع.. بعضهم قتل وبعضهم أصيب.. بعضهم شاهد أهله وأصدقاءه يموتون، وتحولت بيوت البعض الآخر ومدارسهم إلى ركام.
البشرى السارة هي أن مساعداتنا قد وصلت إلى ما يزيد عن 1.5 مليون سوري، بمن فيهم أولئك المتواجدون في مناطق القتال.. وحالياً يجري تلقيح الأطفال، وإنشاء المدارس المؤقتة، وتغذية الأسر اللاجئة وإيواؤها.. وكل ذلك بفضل جهود شركائنا الشجاعة، كالهلال الأحمر العربي السوري.
لا شك أنه يمكننا أن نقدم أكثر من ذلك بكثير.. فخدماتنا في بعض أنحاء سوريا متقطعة، ولا نتمكن دائماً من الوصول إلى من هم بحاجة إلينا.. ولذا فإننا نناشد جميع الأطراف المعنية بالنزاع أن يتيحوا لنا المجال لإيصال المساعدات الإنسانية دون قيود.. وفي حال ذهبت هذه النداءات أدراج الرياح، فمن الأرجح أن الوضع الحالي سوف يزداد سوءاً.
الأزمة السورية: أوضاع اللاجئين
مع كل يوم يمر، ومع كل أسبوع يمضي تزداد معاناة السوريين وصعوبة قدرتهم على تحملها.. فمعظمهم غير قادر على الفرار والبحث عن ملاذ آمن في الدول المجاورة، بينما لجأ بعضهم الى الأصدقاء والغرباء العطوفين من دول أخرى. آخرون يلجأون إلى مبان ومخيمات مؤقتة تفتقر إلى التدفئة ويضطر الكثير منهم إلى التنقل من مكان إلى آخر، مرة بعد مرة، بسبب انتشار رقعة القتال.
إن الظروف المعيشية تتدهور بسرعة في جميع أنحاء البلاد، ولم يعد الناس يخافون العنف وحده، بل أصبحوا يخشون التهديد المشترك الذي يسببه الجوع والبرد والمرض.
وقد فتحت دول الجوار حدودها لتستقبل 600.000 لاجئ سوري، وقدمت لهم الدعم الأساسي، كما قدمت المنظمات الإنسانية، كمنظماتنا، المساعدة من جانبها. ولكننا جميعاً نواجه تحديات صعبة.
معظم اللاجئين هم من الأطفال الذين مضى على فرارهم مع أمهاتهم وجداتهم 21 شهراً. وقد عملت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين على تسجيلهم وتزويدهم بالمأوى ومواد الإغاثة الأساسية كالفرش والبطانيات وأواني الطبخ.
ما هي الخطوة التالية بالنسبة لسوريا في عام 2013؟
تفسح قسائم برنامج الأغذية العالمي المجال للاجئين بالتزود بالمواد الغذائية الطازجة من السوق. وتقدم اليونيسف للأطفال الدعم المعنوي والنفسي حتى يتمكنوا من التغلب على معاناتهم، كما تعمل على إلحاقهم بالمدارس، وتزويدهم بالكتب واللوازم المدرسية، والخدمات الصحية. أما المجتمعات المضيفة فقد فتحت بيوتها وقلوبها، كما تقدم الحكومات المضيفة الخدمات الطبية والمجتمعية الأخرى. لكن مع ازدياد أعداد اللاجئين تزداد الضغوط على الحكومات المضيفة، فقد استنفذت الموارد المقدمة من لبنان والأردن وتركيا والعراق بشكل خطير.
لا أحد يعلم متى ينتهي الوضع الحالي. والمطلوب الآن هو أن يقوم المجتمع الدولي بأسره بدعم دول الجوار والمنظمات الإنسانية، كمنظماتنا، لتتمكن من تقديم المزيد.
وفي ديسمبر/كانون الاول، وجهت الأمم المتحدة نداء إغاثة للحصول على 1.5 مليار دولار كاستجابة للوضع الإنساني داخل سوريا وخارجها، ونحن نحث المانحين على المساهمة بأكثر من ذلك.
فإن كان إيقاف الصراع غير ممكن الآن، أقل ما يمكن القيام به هو تخفيف المعاناة.
* ملاحظة: هذا المقال يعبر عن أفكار ووجهة نظر أنطونيو غوتيريس، مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، وإيرثارين كوزين، المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي، وآنطوني ليك، المدير التنفيذي لليونيسف فقط.