أيها الثائر…..
فدوى سليمان
في ردها على مقال عمر سليمان في جريدة الغاوون قالت رشا عمران موجهة كلامها إليه: يا ابني، وقد كنتُ وما زلتُ أتمنى لو أنه كان هو وكل أبناء جيله من أبنائها وأبناء جيلها بالمعنى الحقيقي لهذه الكلمة , ولكن مجرد مقال صغير من عمر سليمان يطلب فيه الحقيقة, ويحث فيه الجميع أن يكونوا مسؤولين فيما يفعلون لكي لا يعود من كان قد سرق ونهب الشعب السوري زمن النظام إلى خديعتنا باستغلاله و استغلال تضحياته باسم الثورة، إلا أنكِ أيتها الأم قمت بإلقاء الاتهامات بالجملة عليه واتبعت سياسة الإلغاء والشخصنة, واتهمته بالتآمر عليك,واتهمت من طالبك بالعودة إلى مضمون المقال للإجابة على ماجاء فيه، بأنهم يطلبون هذا منك فقط لأنهم من أصدقاء عمر، وأعتقد أن هذا الرد يجب ألا يصدرعن من تم انتخابها- كما قالت- نائبة لرئيس رابطة الكتاب السوريين زمن الثورة، فهذا الكلام ينتمي إلى نفس العقلية التي ثرنا من أجل إسقاطها، وإذا كانت المؤسسات التي انتميتم إليها أيام النظام قد ورثتكم عقلية الاتهام والتآمر والبعد عن الحقيقة وإدخال الناس في تفاهات الأمور لينشغلوا بها فيبتعدواعن مطلبهم الأساس، فرجاءً لا تورثوا هذا الجيل تلك العقلية فقط لأنه لم يوافقكم الرأي في بحثه عن الحقيقة ، فإما أن تردوا على مضمون ما جاء في المقال، أو سنعد أن عمر سليمان على حق، فعمر و(م) و(ب) وغيرهم يمثلون الآلاف من الشباب السوري الجامعي والذي يحمل الشهادات العليا بكافة الإختصاصات و ناضل و يناضل من أجل الحرية والعدالة والديمقراطية و يحلم ببناء مؤسسات تعبر عنه وينشط من خلالها ليفجر طاقاته، وعندما تعودون لاتهامه بالتآمر فهذا يعني أنكم تلطخون هذه الثورة العظيمة بالعار وتهبطون بها إلى الحضيض، بدلاً من أن تنيروا له الدرب إلى سوريا الجديدة.
ولكل من يطلب من عمر سليمان شهادة موثقة لتكون إثباتاً على أنه كان من المشاركين في الثورة السورية حتى يحق له نشر مقال أوإبداء رأي برابطة أو حدث يتعلق بالثورة السورية أقول:
هل المرأة التي كانت واقفة أمام بيتها في دير بعلبة في حمص وهي ترى أمامها شاباً وهو عمر سليمان وفتاة متنكرة تتعثر بجلبابها وهي أنا وهما يقطعان حقولاً ترابية ويقفزان من فوق أسيجتها ووابل من الرصاص ينهمر على المكان من كل حدب وصوب، فصرخت بهما ودعتهما إلى الجوء لمنزلها والاحتماء عندها، هل هذه المرأة كانت بحاجة لتقديم شهادة لإثبات ثوريتها وحقها في دعوتهما إلى المنزل؟..
أم عمر سليمان الذي شارك في مظاهرة 15 آذار ولم يكن هناك قائد لهذه المظاهرة، ثم انتمى إلى إحدى التجمعات في حمص والذي كان 99% من أعضائه من الأقليات فقام معهم بتنظيم مظاهرات في أحياء حمص لتكذيب مقولات النظام الطائفية ولردم القطيعة التي خلقها النظام بين أبناء الشعب الواحد وليثبتوا معاً للعالم وللنظام وللشعب السوري الموالي والمعارض مِن مَن كان لديه شك بهذه الثورة أنها حقاً ثورة لكل السوريين، ومن ثم ترك ذلك التجمع وانخرط بين المسلحين في بابا عمرو والخالدية ودير بعلبة لينشر وعيه وفكره بينهم كجامعي وشاعر ويحذرهم من مخاطر السلاح وحمله وما سيجلبه من دم ودمار، وعمل في المجال الإغاثي المالي والطبي من أجل الجرحى والمنكوبين في حمص، ثم جمع بيننا نداء خفي في دمشق لأعلن له عن رغبتي في الذهاب إلى حمص، لنذهب ونبقى معاً في أحيائها لشهرين ونصف نعيش مع الناس ظروف القتل والقنص والحصار والدبابات، وملاحقة فرع أمن الدولة له.
أم لأنه عندما وصلنا إلى باريس بعد أن خرجنا من سوريا هرباً من آلة القتل والاعتقال، رفض طلباتي المتكررة له لأن نكون معاً عبر أجهزة الإعلام لنقل الحقائق ونشر صورة ما حدث معنا، فقد كان رده المتواصل: أنتِ تمثلينني وتمثلين كل صوت حر مدني وثقافي في سوريا فما الداعي لظهوري وأنا الذي لم أقدم لهذه الثورة شيئاً؟، هل يحتاج هذا الشخص إلى شهادة على أنه شارك في الثورة؟.
ولا أتكلم عن عمر سليمان بوصفه شخصاَ بل لأنه يمثل شريحة كبيرة من الشباب السوري الذي شارك وضحى من أجل الثورة وخسر جامعاته وأعماله وأهله وما زال يضحي بصمت دون أن يعلم به أحد من أجل مؤسسات لا تقوم على المحاصصة والإنتهازية والفساد والتخلف ونشر اللامعرفة لتسطيح الفكر، ليجدوا أنفسهم أمام بعض الانتهازيين الذين يسرقون جهودهم عن طريق إنشاء منظمات ومجالس ومؤسسات وهيئات لا تمثلهم بل تمثل الأشخاص الذين يجيدون اقتناص الفرص والمناصب على حساب تضحيات وجهود هؤلاء الشباب
أحد التعليقات على مقال عمر سليمان في جريدة الغاوون وصفه بأنه (زوج الست)..
إذا كان عمر سليمان (زوج الست) لم يفكر إن كنت (ست) أو (زلمة) واكتفى بأن الحقيقة تصل عبره أو عبر غيره فأية حرية تطلبون؟، وأية ثقافة تدعون؟.
جاء في تعليق آخر: عمر سليمان يريد منصباً في رابطة الكتاب السوريين ولأجل هذا ينتقد الرابطة، وأظن أنه كان أسهل عليه أن يستغل أنه (زوج الست) أو (زوج المناضلة فدوى سليمان) كما قالت رشا عمران، لتملأ صوره الشاشات والمجلات والساحات الإعلامية ليتحدث عن مرافقته لي في حمص، وتكون صوري وصوره في كل مكان ليصبح أشهر من نار على علم كما يفعل البعض من منتقديه..، وقد كان أسهل على عمر سليمان بدلاً من ان ينتقد رابطة الكتاب السوريين ويبحث عن الحقائق والخبايا التي قامت عليها هذه الرابطة أن يسارع لمراسلة مؤسسي هذه الرابطة ويمسح لهم الجوخ كي يدعموه وينشروا له.
ما زلت أنتظر كغيري رداً منطقياً على ما جاء في مقال عمر سليمان، لأننا نريد أن نبني ثقافة حقيقية حرَمنا منها نظام القمع والاستبداد، ثقافة تجمعنا، ثقافة بناء لا ثقافة هدم وإقصاء.
ولو أن عمر سليمان لم يقم بما قام به في الثورة، فيكفي أنه كتب هذا المقال ليكون الشرارة التي تعيد الثورة إلى مسارها، ذلك المسار الذي يطالب الجميع أن تعود إليه..
بل إن المقال ثورة.. أحبك أيها الثائر.
فدوى سليمان