صفحات العالم

أي سوريا ستذهب إلى جنيف؟

سميح صعب

من الآن والى حين انعقاد المؤتمر الدولي حول سوريا في جنيف الخريف المقبل، سيكون التصعيد سمة المرحلة. القوات السورية النظامية تتابع تحصن مناطق سيطرتها وتحاول استعادة أخرى ضمن معادلة ان من يمسك بالميدان يكسب في السياسة. والمعارضة بدورها تنتظر السلاح النوعي من الغرب لتعيد الامساك بمساحة اكبر من الارض او على الاقل الحفاظ على مناطق سيطرتها الحالية ومنع الجيش السوري من استعادتها.

لكن مشكلة المعارضة لا في السلاح، بل تكمن في الصراع المتنامي على النفوذ بين “الجيش السوري الحر” والتنظيمات الجهادية التي تستعد لاعلان دولة اسلامية في شمال سوريا مستفيدة من عامل التفوق العسكري الذي تتمتع به هذه التنظيمات في مواجهة الفصائل المنضوية تحت لواء “الجيش السوري الحر”.

وفي الوقت عينه يرى اكراد سوريا ان هذه فرصتهم من اجل الالتحاق باكراد العراق والذهاب الى جنيف – 2 مزودين سيطرة ميدانية تشكل رافعة لهم للمطالبة بحكم ذاتي موسع شبيه بذلك الذي يتمتع به اكراد شمال العراق. وكما استفاد اكراد العراق من تضعضع الحكم المركزي في بغداد ايام صدام حسين للحصول على الحكم الذاتي، يحاول اكراد سوريا التقاط اللحظة السياسية الراهنة للفوز باكبر قدر من الاستقلالية عن الحكم المركزي. وبما ان الجهاديين هم العائق امام تحقيق اماني الاكراد، كان من الطبيعي ان يحصل الصدام بين الجهتين.

هذا الوضع السوري الميداني المعقد املى على الغرب تمهلاً في خطط التسليح لـ”الجيش السوري الحر” لأن الواقع على الارض في مناطق سيطرة المعارضة يميل لمصلحة “القاعدة”، فضلاً عن ان هناك مبالغة في بعض الدوائر الغربية التي ترى ان في استطاعة “الجيش السوري الحر” اذا حصل على السلاح ان يسقط “القاعدة” والنظام معاً. وتكفي التفاتة الى التجربة العراقية لتدل على ان “القاعدة” نمت وتعززت وبلغت ذروة قوتها في ظل الاحتلال العسكري الاميركي للعراق.

لذلك ليست “القاعدة” بخطر هامشي يمكن وضع حد له بمجرد تدفق السلاح على “الجيش السوري الحر”. مثل هذا الاستنتاج غاية في التبسيط ومناف للواقع. وسيمثل اعلان دولة اسلامية في شمال سوريا تطوراً خطيراً في الصراع السوري لن يكون في امكان كيانات المعارضة السورية احتواؤه بسهولة. وعندما يلوح رئيس اركان الجيش البريطاني الجنرال ديفيد ريتشاردز بالحرب لاحتواء خطر الارهاب في سوريا، فإن التجربة تدحض الزعم ان التدخل العسكري الاجنبي يمكن ان يكبح جماح الجهاديين. وابرز دليل على ذلك تجدد الهجمات في العراق بوتيرة تحاكي احداث العنف الطائفي بين عامي 2007 و2009.

واذا كان الغرب يستمهل روسيا في عقد جنيف – 2 ريثما يتحسن وضع المعارضة السورية، فإن المؤتمر قد لا ينعقد.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى