إسلاميو سوريا: الغواة
ساطع نور الدين
ما زالت المعارضة السورية ضائعة بين الهواية والغواية. وما زال إسلاميوها يثيرون الشبهات حولهم، وحول وعيهم ونضجهم لأداء هذا الدور التاريخي المتمثل في ازالة الاستبداد عن كاهل سوريا، وحول انتمائهم الى مجتمع كان ولا يزال يعتقد أنه أكثر تمدناً وأقل تديناً من المجتمع المصري الذي خيّب الآمال فيه عندما غزا صناديق الاقتراع وأعطى غالبيته لمن هم غرباء عن ثورته، دخلاء على حريته المستعادة وديموقراطيته الموعودة.
الملتقى الإسلامي السوري الاول الذي تأسس وانعقد في اسطنبول طوال اليومين الماضيين يتخطى الشبهة ليبرر التهمة بأن ثمة في المعارضة الإسلامية السورية من لم يلاحظ بعد أن النظام لم يسقط، ولم يدرك أنه من السابق لأوانه البحث في وراثته، او في طلب حصر إرثه، وتوزيعه حسب الأوزان والأحجام المقدرة بناء على أحلام وأوهام.
ليس الملتقى الأول من نوعه انشقاقاً عن صفوف المعارضة السورية في الخارج، وتحديداً المجلس الوطني الذي ينتمي اليه معظم الحاضرين لا سيما جماعة الاخوان المسلمين المنظمة للملتقى، والذي كان أحد مندوبيه حاضراً بصفة «مراقب» وسط ممثلي أكثر من تنظيم وشيخ وداعية إسلامي كانوا يعلنون تمايزهم ويدشنون عملية فرز مبكرة ومريبة داخل صفوف المعارضين السوريين التي لم تنتظم بعد في تحالف واحد، على الرغم من مرور عشرة أشهر على الثورة، وعلى الرغم من ضغوط الشارع السوري والخارج العربي والأجنبي من أجل الاعلان عن البديل.
ثمة حاجة مشروعة الى قياس حجم كل طرف مشارك في الثورة السورية، وثمة حشرية طبيعية لمعرفة حجم الإسلاميين الذين يبدو ان انشقاقاتهم عن النظام تعادل ان لم تكن تفوق الانشقاقات العسكرية، وتتطلب توفير غطاء لحمايتهم ورعايتهم. لكن الارتقاء بهذه الحاجة الى مستوى ملتقى إسلامي خاص، يقدم عنواناً جديداً للمعارضة السورية التي لا تحتاج اصلا الى المزيد من العناوين، التي يمكن أن تثير حفيظة المعارضين الآخرين، وتوفر مركز إغواء او محل اختراق من قبل النظام.
اما بعض الاسماء التي حضرت الملتقى وشاركت في تأسيسه، والتي كان يفترض انها نبذت كلياً من جانب المعارضة السورية وحتى من قبل الإسلاميين انفسهم، بسبب اللغة الطائفية المشينة التي استخدمتها في الأسابيع الاولى من الثورة وكادت تعيد عدداً من المعارضين الى حضن النظام، وبعض الكلمات والمداخلات التي ألقيت في ذلك الجمع الاسلامي السوري، فإنها أثارت المزيد من الشكوك التي لا يمكن تبديدها ببيان ختامي كتب كما يبدو قبل انعقاد الملتقى وتضمن التأييد والدعم للثورة والحرية والديموقراطية في سوريا.
الثورة السورية أكبر من ان يصادرها الإسلاميون، وأقوى من ان يغادروها الى ملتقى خاص، يحرض الآخرين على تشكيل ملتقياتهم الدينية والسياسية الخاصة، ويسعى الى القفز على سلطة لا يمكن أن تمر الا عبر الشارع السوري المختلف جوهرياً عن الشارع المصري او التونسي او الليبي.
السفير