إغلاق ثغرة الإعفاء في قانون “خدمة العلم”..بطلب روسي/ رائد الصالحاني
أكدت مصادر “المدن” أن المرسوم الذي أصدره الرئيس بشار الأسد، الأربعاء، لإلغاء الفقرة “ح” من “المادة 25” من المرسوم التشريعي “رقم 30” للعام 2007 من قانون “خدمة العلم” في قوات النظام، جاء بضغط روسي نتيجة تهرب الشبان السوريين من الالتحاق بقوات النظام. وتخص الفقرة “ح” من “المادة 25” المطلوبين للخدمة الاحتياطية ممن يتم اعفاؤهم منها بقرار صادر عن قيادة الجيش أو وزير الدفاع.
وتسود الفوضى والمحسوبيات والرشاوى في وزارة الدفاع في حكومة دمشق، وباتت حديثاً يشغل الناس في الشارع، بعدما صار سوق “الغاء الاحتياط” بورصة تصعد وتهبط دورياً، وتتوقف ويتم استئنافها، بحسب الوضع في الوزارة. “حملات الاحتياط” التي يُشبهها السوريون بـ”السفر برلك” تسببت بهجرة وهرب مئات آلاف الشبان، خلال سنة ونصف السنة، بحسب احصائيات محلية، عدا عن مقتل الآلاف ممن تمّ تجنيدهم.
وتتضمن “المادة 25” من قانون “خدمة العلم” بنوداً تخص الحالات التي يتم اعفاؤها من الخدمة الاحتياطية. وتشمل الطلاب الذين يكملون دراستهم، والمغتربين حتى عودتهم إلى سوريا، والشخص الذي لديه أخ أو أكثر ضمن الخدمة الالزامية او الاحتياطية في جيش النظام، إضافة إلى عدم وجود اللياقة البدنية حتى زوال السبب، والمعارون إلى خارج سوريا، والعاملون في الجمارك والمدنيين من العاملين في وزارة الدفاع والقوات المسلحة. وذلك بالإضافة إلى الفقرة “ح”، التي ألغيت، وتنص على اعفاء “من ترى القيادة استبعادهم”. وهي الثغرة التي تم استغلالها منذ بدء “حملات الاحتياط”، قبل عامين تقريباً، وأعفي بواسطتها آلاف الشبان مقابل رشاوى مالية بدأت بـ5000 دولار قبل عامين، لتصل اليوم إلى أكثر من 20 ألف دولار في بعض الأحيان.
ويأتي الإعفاء عبر تحويل المُكلّفِ إلى لجنة طبية في المشافي العسكرية، تقوم باختلاق مشكلة صحية يتم من خلالها رفع ملف المُكلّف إلى القيادة لبحث استبعاده من “الخدمة الاحتياطية”. ودفع الرشاوى يبدأ باللجنة الطبية وينتهي بمكتب الوزير للحصول على موافقة رسمية صادرة عن وزير الدفاع بالإعفاء. ولا تتوقف رشوة اللجان الطبية على المكلفين بخدمة الاحتياط فقط، بل تطال عناصر من قوات النظام ممن تعرضوا لإصابات أثناء الخدمة، بعد التقدم بطلب لإعادة النظر في وضعهم الصحي لتسريحهم “بعد تعرضهم لإصابات تحول دون إكمال خدمتهم”. تحويل الملف الطبي إلى القيادة، من دون أي تزوير أو تضليل في حالة المصاب، “تُكلّف” 1000 دولار.
شبكات السمسرة لتأمين الاعفاء تضم أشخاصاً نافذين وعاملين في وزارة الدفاع ومحامين وضباط وأطباء عسكريين، يقومون بتسلم تلك الملفات وإحالتها إلى المعنيين ومتابعة الموضوع حتى يتسلم المُكلّف أمر التسريح الخاص به. وقد وقع مئات الشباب ضحية عمليات احتيال ممنهجة من قبل عصابات سمسرة وهمية تضم ضباطاً في قوات النظام. ويتعذر على أولئك الذين تعرضوا للاحتيال التقدم بالشكاوى بسبب التهديد بتسليمهم للجيش والابلاغ عن مكان وجودهم. على سبيل المثال، عمل ابن وزير الدفاع، خلال الفترة الماضية عراباً لشبكة سمسرة مستقلة ومفتاحاً لمكتب والده للحصول على إعفاءات من الخدمتين الإلزامية والاحتياطية.
المبلغ المرصود لطي ملف الاحتياط، ليس بقليل، وليس بمقدور أي مواطن تحمله، فبات الأمر محصوراً بأبناء التجار وأصحاب رؤوس الأموال الذين لا يرغبون بخروج ابنائهم من سوريا. وذهب البعض إلى دفع رشاوى مالية مقابل الكشف عن أسماء أبنائهم، قبل تعميمها على الحواجز والشرطة العسكرية، ليتم البحث في أمر طي الملف، والسعي للتسريح مباشرة قبل الدخول في الطلب الأمني والعسكري. الثغرة المتمثلة بالفقرة “ح” كانت امتيازاً ينعم به أبناء المسؤولين من وزراء ومدراء وابناء ضباط في الجيش والمخابرات وابناء أصحاب رؤوس الأموال ممن يملكون صلة مباشرة وارتباطاً اقتصادياً بشخوص النظام، أما الفقراء والمعدمين فيتم سوقهم يومياً إلى الجبهات، من دون تدريب وتسليح مناسبين، ليعودوا جثثاً هامدة.
مصدر عسكري في وزارة الدفاع، وفي تصريح غير رسمي لـ”المدن”، قال إن تلك الإجراءات جاءت بأوامر روسية إلى قيادة الأركان ووزير الدفاع، ووصلت إلى رأس النظام، لضبط ملف الإعفاء، وسوق أكبر عدد من الشبان إلى الجبهات، نظراً لنقص القوة البشرية لدى قوات النظام. وأكد المصدر أن إحالات إلى التحقيق، بدأت في مطلع تموز/يوليو، لعشرات الضباط في وزارة الدفاع وهيئة الأركان وبعض الأطباء العسكريين المسؤولين عن اللجان الطبية، ممن “فاحت ريحتن” كما يقال في دمشق، وأصبحت أسماؤهم مرتبطة بشكل مباشر بعمليات الغاء ملف الاحتياط والتسريح، وأصبح عملهم شبه علني بسبب عدم وجود رقيب أو قرارات تضع لهم حداً. المصدر العسكري أشار إلى أنه من الصعب فتح ملفات قديمة لمن تم تسريحهم بتوقيع من وزير الدفاع، بسبب التبعات التي ستلحق بأبناء المسؤولين وكبار التجار، ما يمكن أن يحيل الموضوع إلى كارثة. ووزارة الدفاع وهيئة الأركان عبارة عن مافيات تعمل على شكل خلية، وفتح تلك الملفات يمكن أن يؤدي إلى وضع حرج يطال مئات الضباط من المتورطين في تلك العمليات. المصدر أكد الاكتفاء بإيقاف التسريح من الخدمة الاحتياطية، وكف يد الوزير واللجان الطبية وضباط الأركان عن ذلك الموضوع.
وتقول مصادر من “هيئة الأركان”، إن سلسلة من “الاصلاحات” المتعلقة بـ”خدمة العلم”، ستدخل حيز التنفيذ قريباً، بشكل متتابع خوفاً من مشاكل قد تحدث في القيادة. وتبرر تلك المصادر ذلك بالقول إن “الفساد هو على أعلى المستويات في وزارة الدفاع، والكل سماسرة، ابتداء من الحاجب وانتهاء بمكتب الوزير وحاشيته”. المصادر المقربة من النظام أشارت إلى أن الخطوة التالية ستكون ملاحقة المطلوبين للخدمة الاحتياطية والالزامية، والذين تطوعوا في مليشيات محلية سورية وأجنبية، وتنازلوا عن رواتبهم الشهرية مقابل حماية المليشيات والتهرب من الخدمة الالزامية، والبقاء في مناطق باردة ضمن أحيائهم ومدنهم. وهي ظاهرة باتت تغزو دمشق، فمئات الشبان المطلوبين للجيش تطوعوا ضمن “الدفاع الوطني” شرط عدم مغادرة مناطقهم، خوفاً من “سحبهم” إلى “الخدمة الالزامية”. المصادر أشارت إلى أنه من المفترض انهاء تلك الظواهر في وقت قريب، وفق الأوامر الروسية، سعياً لضبط الجيش وإعادة ترتيب صفوفه. وذلك قد يكون استكمالاً لما بدأت به روسيا في تشكيل “الفيلق الخامس اقتحام” قبل عام تقريباً، ووضعت فيه عشرات الضباط والقياديين الذين كانوا يشكلون قوة أساسية في المليشيات الموالية.
وتشن بعض أجهزة النظام الأمنية والعسكرية، “حملات تجنيد” دورية، في الشوارع والأحياء السكنية، بحثاً عن مطلوبين للخدمتين الإلزامية والاحتياطية، فضلاً عن تعميم الأسماء على الحواجز العسكرية التي يفوق عددها 250 حاجزاً في العاصمة دمشق ومحيطها. في الآونة الأخيرة، عُممت الأسماء مباشرة على الحواجز، من دون إرسال برقيات تبليغ، خوفاً من هروب المُكلّفين خارج سوريا.
إغلاق ثغرة الإعفاء في قانون “خدمة العلم”..بطلب روسي رائد الصالحاني | الجمعة 07/07/2017 شارك المقال : 0Google +00 الثغرة المتمثلة بالفقرة “ح” كانت امتيازاً تنعم به أبناء المسؤولين و أصحاب رؤوس الأموال (Getty) أكدت مصادر “المدن” أن المرسوم الذي أصدره الرئيس بشار الأسد، الأربعاء، لإلغاء الفقرة “ح” من “المادة 25” من المرسوم التشريعي “رقم 30” للعام 2007 من قانون “خدمة العلم” في قوات النظام، جاء بضغط روسي نتيجة تهرب الشبان السوريين من الالتحاق بقوات النظام. وتخص الفقرة “ح” من “المادة 25” المطلوبين للخدمة الاحتياطية ممن يتم اعفاؤهم منها بقرار صادر عن قيادة الجيش أو وزير الدفاع. وتسود الفوضى والمحسوبيات والرشاوى في وزارة الدفاع في حكومة دمشق، وباتت حديثاً يشغل الناس في الشارع، بعدما صار سوق “الغاء الاحتياط” بورصة تصعد وتهبط دورياً، وتتوقف ويتم استئنافها، بحسب الوضع في الوزارة. “حملات الاحتياط” التي يُشبهها السوريون بـ”السفر برلك” تسببت بهجرة وهرب مئات آلاف الشبان، خلال سنة ونصف السنة، بحسب احصائيات محلية، عدا عن مقتل الآلاف ممن تمّ تجنيدهم. وتتضمن “المادة 25” من قانون “خدمة العلم” بنوداً تخص الحالات التي يتم اعفاؤها من الخدمة الاحتياطية. وتشمل الطلاب الذين يكملون دراستهم، والمغتربين حتى عودتهم إلى سوريا، والشخص الذي لديه أخ أو أكثر ضمن الخدمة الالزامية او الاحتياطية في جيش النظام، إضافة إلى عدم وجود اللياقة البدنية حتى زوال السبب، والمعارون إلى خارج سوريا، والعاملون في الجمارك والمدنيين من العاملين في وزارة الدفاع والقوات المسلحة. وذلك بالإضافة إلى الفقرة “ح”، التي ألغيت، وتنص على اعفاء “من ترى القيادة استبعادهم”. وهي الثغرة التي تم استغلالها منذ بدء “حملات الاحتياط”، قبل عامين تقريباً، وأعفي بواسطتها آلاف الشبان مقابل رشاوى مالية بدأت بـ5000 دولار قبل عامين، لتصل اليوم إلى أكثر من 20 ألف دولار في بعض الأحيان. ويأتي الإعفاء عبر تحويل المُكلّفِ إلى لجنة طبية في المشافي العسكرية، تقوم باختلاق مشكلة صحية يتم من خلالها رفع ملف المُكلّف إلى القيادة لبحث استبعاده من “الخدمة الاحتياطية”. ودفع الرشاوى يبدأ باللجنة الطبية وينتهي بمكتب الوزير للحصول على موافقة رسمية صادرة عن وزير الدفاع بالإعفاء. ولا تتوقف رشوة اللجان الطبية على المكلفين بخدمة الاحتياط فقط، بل تطال عناصر من قوات النظام ممن تعرضوا لإصابات أثناء الخدمة، بعد التقدم بطلب لإعادة النظر في وضعهم الصحي لتسريحهم “بعد تعرضهم لإصابات تحول دون إكمال خدمتهم”. تحويل الملف الطبي إلى القيادة، من دون أي تزوير أو تضليل في حالة المصاب، “تُكلّف” 1000 دولار. شبكات السمسرة لتأمين الاعفاء تضم أشخاصاً نافذين وعاملين في وزارة الدفاع ومحامين وضباط وأطباء عسكريين، يقومون بتسلم تلك الملفات وإحالتها إلى المعنيين ومتابعة الموضوع حتى يتسلم المُكلّف أمر التسريح الخاص به. وقد وقع مئات الشباب ضحية عمليات احتيال ممنهجة من قبل عصابات سمسرة وهمية تضم ضباطاً في قوات النظام. ويتعذر على أولئك الذين تعرضوا للاحتيال التقدم بالشكاوى بسبب التهديد بتسليمهم للجيش والابلاغ عن مكان وجودهم. على سبيل المثال، عمل ابن وزير الدفاع، خلال الفترة الماضية عراباً لشبكة سمسرة مستقلة ومفتاحاً لمكتب والده للحصول على إعفاءات من الخدمتين الإلزامية والاحتياطية. المبلغ المرصود لطي ملف الاحتياط، ليس بقليل، وليس بمقدور أي مواطن تحمله، فبات الأمر محصوراً بأبناء التجار وأصحاب رؤوس الأموال الذين لا يرغبون بخروج ابنائهم من سوريا. وذهب البعض إلى دفع رشاوى مالية مقابل الكشف عن أسماء أبنائهم، قبل تعميمها على الحواجز والشرطة العسكرية، ليتم البحث في أمر طي الملف، والسعي للتسريح مباشرة قبل الدخول في الطلب الأمني والعسكري. الثغرة المتمثلة بالفقرة “ح” كانت امتيازاً ينعم به أبناء المسؤولين من وزراء ومدراء وابناء ضباط في الجيش والمخابرات وابناء أصحاب رؤوس الأموال ممن يملكون صلة مباشرة وارتباطاً اقتصادياً بشخوص النظام، أما الفقراء والمعدمين فيتم سوقهم يومياً إلى الجبهات، من دون تدريب وتسليح مناسبين، ليعودوا جثثاً هامدة. مصدر عسكري في وزارة الدفاع، وفي تصريح غير رسمي لـ”المدن”، قال إن تلك الإجراءات جاءت بأوامر روسية إلى قيادة الأركان ووزير الدفاع، ووصلت إلى رأس النظام، لضبط ملف الإعفاء، وسوق أكبر عدد من الشبان إلى الجبهات، نظراً لنقص القوة البشرية لدى قوات النظام. وأكد المصدر أن إحالات إلى التحقيق، بدأت في مطلع تموز/يوليو، لعشرات الضباط في وزارة الدفاع وهيئة الأركان وبعض الأطباء العسكريين المسؤولين عن اللجان الطبية، ممن “فاحت ريحتن” كما يقال في دمشق، وأصبحت أسماؤهم مرتبطة بشكل مباشر بعمليات الغاء ملف الاحتياط والتسريح، وأصبح عملهم شبه علني بسبب عدم وجود رقيب أو قرارات تضع لهم حداً. المصدر العسكري أشار إلى أنه من الصعب فتح ملفات قديمة لمن تم تسريحهم بتوقيع من وزير الدفاع، بسبب التبعات التي ستلحق بأبناء المسؤولين وكبار التجار، ما يمكن أن يحيل الموضوع إلى كارثة. ووزارة الدفاع وهيئة الأركان عبارة عن مافيات تعمل على شكل خلية، وفتح تلك الملفات يمكن أن يؤدي إلى وضع حرج يطال مئات الضباط من المتورطين في تلك العمليات. المصدر أكد الاكتفاء بإيقاف التسريح من الخدمة الاحتياطية، وكف يد الوزير واللجان الطبية وضباط الأركان عن ذلك الموضوع. وتقول مصادر من “هيئة الأركان”، إن سلسلة من “الاصلاحات” المتعلقة بـ”خدمة العلم”، ستدخل حيز التنفيذ قريباً، بشكل متتابع خوفاً من مشاكل قد تحدث في القيادة. وتبرر تلك المصادر ذلك بالقول إن “الفساد هو على أعلى المستويات في وزارة الدفاع، والكل سماسرة، ابتداء من الحاجب وانتهاء بمكتب الوزير وحاشيته”. المصادر المقربة من النظام أشارت إلى أن الخطوة التالية ستكون ملاحقة المطلوبين للخدمة الاحتياطية والالزامية، والذين تطوعوا في مليشيات محلية سورية وأجنبية، وتنازلوا عن رواتبهم الشهرية مقابل حماية المليشيات والتهرب من الخدمة الالزامية، والبقاء في مناطق باردة ضمن أحيائهم ومدنهم. وهي ظاهرة باتت تغزو دمشق، فمئات الشبان المطلوبين للجيش تطوعوا ضمن “الدفاع الوطني” شرط عدم مغادرة مناطقهم، خوفاً من “سحبهم” إلى “الخدمة الالزامية”. المصادر أشارت إلى أنه من المفترض انهاء تلك الظواهر في وقت قريب، وفق الأوامر الروسية، سعياً لضبط الجيش وإعادة ترتيب صفوفه. وذلك قد يكون استكمالاً لما بدأت به روسيا في تشكيل “الفيلق الخامس اقتحام” قبل عام تقريباً، ووضعت فيه عشرات الضباط والقياديين الذين كانوا يشكلون قوة أساسية في المليشيات الموالية. وتشن بعض أجهزة النظام الأمنية والعسكرية، “حملات تجنيد” دورية، في الشوارع والأحياء السكنية، بحثاً عن مطلوبين للخدمتين الإلزامية والاحتياطية، فضلاً عن تعميم الأسماء على الحواجز العسكرية التي يفوق عددها 250 حاجزاً في العاصمة دمشق ومحيطها. في الآونة الأخيرة، عُممت الأسماء مباشرة على الحواجز، من دون إرسال برقيات تبليغ، خوفاً من هروب المُكلّفين خارج سوريا.
المدن