“إلى أين تذهبين يا روسيا؟”
أجرت الصحفية كسينيجا بافلوفيتش، مقابلة مع الممثل والمخرج، وكاتب السيناريو الروسي الشهير أندريه زفياغنسيف، وهو من أشد المنتقدين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
المخرج السينمائي المستقل الذي لم يرغب في قبول تمويل الحكومة الروسية لفيلمه، أدهش النقاد في مهرجان كان السينمائي بفيلمه “غياب الحب”. كان فيلمه السابق، “الطاغوت”. والذي ندد فيه بسياسة الرئيس بوتين، قد رُشح لجائزة الأوسكار، وحصل على جائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان السينمائي، وجائزة أفضل فيلم في مهرجان لندن السينمائي، وجائزة الجولدن جلوب لأفضل فيلم بلغة أجنبية.
تدور أحداث فيلم “غياب الحب” حول العلاقات الفاشلة والانفصال العاطفي. يمثل الفيلم قصة شعرية من الضياع والإهمال، ومعركة طلاق شرسة بين الزوجين بوريس وزينيا، الذين جمع بينهما الحب ذات مرة. بينما يسرد المخرج في خلفية القصة الواقع السياسي والاجتماعي ملقياً الضوء على روسيا الحديثة بقيادة بوتين.
أعلن وزير الثقافة الروسي أن فيلمك السابق (الطاغوت)، هو فيلم معادٍ لروسيا. هل اعتبرت ذلك تحدياً في وجه صناعة فيلم آخر؟
أندري زفياغنسيف: لا أرى ذلك بهذه الطريقة. كنت أقوم بصناعة فيلم عن علاقة حميمة وعميقة جدًا، تتمحور أحداثها حول العلاقة العاطفية بين زوجين. وما تسمعونه من أحداث سياسية على الراديو، أو عبر على شاشة التلفزيون، مجرد خلفية.
رأينا البطلة الرئيسية زينيا، في إحدى المشاهد وهي ترتدي ملابس كُتب على صدرها بأحرف ضخمة “روسيا”. أعلم أنك ترفض الحديث عن السياسة الروسية في مقابلاتك، ولكن من الصعب عدم رؤية ذلك.
أندري زفياغنسيف: عندما نرى شخصية زينيا (ماريانا سبيفاك) في مشهد النهاية في الفيلم، يكون ذلك في شهر فبراير/شباط عام ٢٠١٥، أي قبل ستة أشهر من حدوث هذا الصراع الضخم. وكان هذا قبل بداية دورة الألعاب الأولمبية، وقد اعتاد الناس على ارتداء ملابس عليها كلمة روسيا وعبارات تحتفي بروسيا وهذا كل ما في الأمر، لا شيء يمكن أن يقال أكثر من ذلك، (يقول ضاحكاً) ولكن …
لقد كَتب نيكولاي غوغول، وهو من أشهر المؤلفين الروس في القرن التاسع عشر، كتاباً يسمى، (النفوس الميتة)، والذي انتهى بمشهد للشخص الرئيسي وهو يمتطي عربة تجرها الخيول، ويمضي بعيداً عن مسقط رأسه. وكتب، “الى أين تذهب روسيا؟”، ثم أضاف بأنه لا يوجد جواب على ذلك. ولهذا، ليس هناك إجابة محددة. هذا المشهد للبطلة الرئيسية وهي ترتدي ملابس مكتوب على صدرها روسيا، إنها بمثابة تحيتي البسيطة للسيد غوغول. وما يزال ما من جواب لسؤال أين تذهب روسيا.
هل سبق أن فكرت في إخراج فيلم خارج روسيا؟
أندري زفياغنسيف: أخشى أنه سيكون مبتذلاً لأنني لا أعرف كيف تبدو الحياة خارج روسيا. لقد بلغت من العمر ٥٣ عاماً، وعشت طوال حياتي في روسيا، وأتحدث اللغة الروسية فقط. بالطبع، هذا ليس شرف كبير بالنسبة لي، كنت أتمنى أن أستطيع التحدث بأكثر من لغة، بما في ذلك اللغة الإنجليزية، ولكن أنا لا أعرف أي شيء عن الحياة خارج روسيا، لذلك سيكون نسخاً لشكل مختلف عن الحقيقة. ربما سيكون من المحتمل أن يحدث ذلك في وقت ما في المستقبل، إذا قرر وزير الثقافة الروسي الحالي أن يبقى في منصبه إلى الأبد، فلن يكون هناك أي وسيلة أخرى سوى تعلم اللغة الإنجليزية أو الفرنسية وتصوير الأفلام خارج روسيا.
هل كان من الصعب اتخاذ القرار بعدم قبول أي تمويل من الحكومة الروسية؟
أندري زفياغنسيف: كل شيء على ما يرام حتى الآن. جاء التمويل الرئيسي لهذا الفيلم بالذات من روسيا، وكان المنتج هو ألكسندر رودينانسكي الذي قدم معظم هذه الأموال. توجد بالطبع العديد من الأفلام الجيدة التي حصلت على تمويل من حكوماتها، ولكن يرجع القرار بعدم أخذ أموال الحكومة إلى المنتج. وآمل أن أستمر في إخراج أفلامي في روسيا، ولا يساورني أدنى شك في ذلك لأنه حتى الآن لم يحاول أحد أن يمنعني من إخراج الأفلام ولذا لا توجد مشكلة في ذلك.