إلى من يهمه الأمر…..في شأن المعارضة التقليدية السورية
عزيز تبسي
يعمل بعضكم وهو الأكثر نفوذاً من الصباح حتى أواخر الليل مع السلطة وأجهزتها،ويمضي ماتبقى من السويعات للضحك على ذقن ما يتوهم أنهم من رجالات الانتفاضة الشعبية ونساءها،ويتقمص بعضكم دور الحكيم-بيدبا- لكن في سابقة تاريخية لاينصح أوبشليم الملك،بل الشعب الثائر،ويطالبه بالحمية عن المشاركة بالإنتفاضة إلا وفق شروط محددة سلفاً،طالما عجز المنتفضون عن الإلتزام بها،ويحدد الطرق والممرات الموصلة إليها وكأنه شرطي مرورها وصافرة مخالفتها،ويطالب بعضكم الحضارية من الشعب،حينما ينزع الفاشيون بهمجية جلده عن عظمه،وكان محمد بن عبدالله يصّبر آل ياسر في وعد في الجنة،وانتم لاتعرفون بماذا تعدون الشعب على الصبر سوى إطالة عمر الأوهام بالنظام،……..
ولم يُميّز منظموا مؤتمركم بين مهام عمال التنظيفات ومهام العمل الثوري،فجمعوا الناس بطريقة الكناسة ..،حيث إستوى وفق كراسيهم الثوري المكرس مع المخبر المندس…..
ويخرج واحد من بين ظهرانيكم،على صلة قربى مع حيوان يقدسه الهندوس،وينافح عن الطغمة من موقع لا يشك في طائفيته وفاشيته،ولم تظهر منكم نأمة إدانة له أو طرد أو تشهير..وهو أقل ما يمكن فعله قبل أن يسبقكم رجال الانتفاضة ويرمونه بأحذيتهم ويرمموا وجهه ببصاقهم….
ويتبعه آخر يعظ لجماعته بالتشبيح على المتظاهرين،نهراً وطعناً وقتلاً، وإقامة الحواجز المسلحة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية،وحين يريد التعبير عن سياسته وبرنامجه،يُسيّر رهط من الشبان دعماً لقيادي معتقل في تركيا….ودون أن ينبث ببنت شفة عما يجري في بلاد(يفترض أنها بلاده)….على العكس من ذلك يعظ جماعته بالتنعم بالغنائم التي إستجداها من السلطة ومباركتها ،والتي قدم الشعب السوري دماؤه من اجلها….
وانفض عنكم خلق كثير،ميشيل كيلو وفايز سارة وحازم نهار،ولايقبل عارف دليلة وسمير العيطة الحديث بإسمكم،ولاتتمكنون من إستقطاب من كان بين ظهرانيكم هيثم المالح ووليد البني وجبر الشوفي والكثير ممن فر من البلاد بعد إعتقال وتهديد بإعتقال آخر أو بقتل أكيد………..
ألزمتم نفسكم بما لايلزم في الانتفاضات الشعبية، وقد فّوت التاريخ أوانها كذلك،إصلاح الفاشية عبر تقليم أظافرها وتشذيب شعرها وإبدال لباسها الملطخ بالدم وتنظيف يدها من السرقات،وهي ما إنفكت تبرهن لكم ولغيركم ،كل يوم منذ أكثر من عقد من الزمان،أنها عاجزة عن الإصلاح،عجز يظهر تمنعاً ،وعدم رغبة وقابلية به.
وعوضاً عن دراسة العجز وتبيان أسبابه وكشف المستور منه وحقيقته أمام الناس المنتظرة والتي تحكمها دوافع مختلفة الخوف من المجهول واحداً منها ،وترقب الإصلاح الذاتي للنظام واحداً آخر،وقفتم حيث لا يجب أن تقف الطليعة الثورية مطلقاً،وتأخرتم في تصويب الموقف،حتى باتت بينكم وبين الإنتفاضة مسافات…
وأربككم الموقف الآخر من ماعرف بالمجلس الوطني الذي اعتمد المزاودة منهجاً للعمل الإعلامي والسياسي حيث ألغى الفارق بين الهتيف في المظاهرة وشاهد العيان في التلفاز وبين المفكر السياسي الذي يصوغ البرامج ويحدد الأهداف،وكأن العمل السياسي وواجباته بازاراً،أو سوق جمعة،وتراوح مسلكه بين طيش كهل متصابي محكوم بالعجز التاريخي والهامشية السياسية وبلادتها التي بات يتخيلها لكهولته بلاغة،وتقصي المسارات الدولية والعربية ووضع كرسياً له في مبادراتها،وبسطة تسول أمام مكاتبها…وعين نفسه وزير خارجية للإنتفاضة الشعبية وبات يطالب بإنتهازية متأصلة بسفارات بلاده،وبذلك يفصح عن نسق هزلي أين منها هزليات غوار الطوشة وربيبه أبي عنتر،وتبين أن هذا المجلس يتحين الفرصة ويتسولها للحوار من كل من هب ودب ويرفض الحوار الجاد والمسؤول مع إخوة له في المعارضة،ويستقوي عليهم بمن يطعمه “بقلاوة”في مكان و”منسف”في مكان آخر،ولايمكن أن يفهم هذا الموقف سوى عمل إقصائي،يخدم فيما يخدم مشروع الطغمة الحاكمة وإستمرارها في ماهي عليه…
وواجب التأكيد أن وحدة القوى الديموقراطية الثورية شرط لازم للثورة في المشرق العربي ومغربه،ولطالما عانت الحركة الثورية من مواقف القيادات اللاثورية واللا أخلاقية والتي ما إنفكت تلازمها بأثر من عمق الانتهازية السياسية وتوطنها في جنبات سلوكها.
المضطهد السوري،فيما خلا من الزمان، يتربع في بغداد ويعتاش على إضطهاد الشعب العراقي ودمه وعرقه ويأخذ حصته منهما،والمضطهد العراقي يتنعم في دمشق أو عمان،وقد بلع لسانه وأعمى بصره وبصيرته عما يحصل للشعب السوري او الأردني….الخ.وما أشبه اليوم بالبارحة حيث تزال الفوارق بين الإنتفاضة الشعبية وبين أنظمة حكم،يناضل الشعب السوري ضد شبيهها،ويصمت عما تمارسه هذه الأنظمة بحق شعوبها،وكأنه يمكن طلب العون من أنظمة إستبدادية لإنجاز المشروع الديموقراطي،وإن حدث ذلك سيكون سابقة على مر التاريخ البشري وفق علمنا،وتشكل طعنة نجلاء في صدر وظهر الحركات الشعبية في تلك البلاد،ويشكك الكثيرون في بعض هذا المجلس كونه جندياً صغيراً أو بيدقاً في جيش خارجي،وتمتلئ الصفحات الإلكترونية بما يفيد أن مجلسكم بات بلا نوافذ ولاأبواب،وبات كل جهاز مخابرات ممثلاً عندكم بمقعد أو إثنين، من سوريا مروراً بتركيا والعربية السعودية وصولا لأمريكا….
ولن تبقى أوضاع المعارضة متوقفة على هذه الثنائية هيئة التنسيق/مجلس وطني ،بل ستتعداها إلى تذرر تجد فيه كل قوة محلية أوغيرها ممثلاً لها،ولن تكون الإنتفاضة الشعبية السورية مختلفة عن الإنتفاضة الفلسطينية،والحرب الأهلية اللبنانية وغيرهما.
قد يكون أمام بعضكم،من كلا التحالفين، لا كلكم فرصة أخيرة،لتمييز موقفكم وصقل إرادتكم وتثبيت انحيازكم للانتفاضة الشعبية وحدها وسبر ممكناتها التاريخية وتثبيت برنامجها الثوري.
عزيز تبسي 14شباط حلب