صفحات سورية

اتهام القرضاوي بالرقص في عرس الامير وليام وفيصل القاسم بفقدان ‘حسه الطبقي’!


أحمد عمر

ختم المذيع الهصور نشرة قناة العربية بفتوى الشيخ المصري حول اعتبار الكعب العالي للمرأة زينة حراما إلا لبعلها. وفي هذه الفتوى ثلاثة مسائل، الأولى؛ هي أن العربية لا تتكرم على مشاهديها الكرام بخواتيم نشراتها المسك إلا بفتاوى شيوخ الكنانة الطريفة والشاذة، وتبخل عليهم بفتاوى شيوخ الجزيرة العربية المشهورين بقياساتهم النصية الحرفية. أما شيوخ الشام واليمن فكانوا يأتمرون بأمر الأوقاف التي أوقفتهم في ‘التخشيبة’ الدينية، قبل انطلاق الثورات العربية فصوتهم أخرس. الثانية هي أن المذيع دمه شربات وهو يبدي خشيته على سكان الشقق الطابقية من طعن القنا ووطء الكعوب على’الأراضي السطوح’. الثالثة هي أن الشيخ المفتى بشيء من الاجتهاد والفتيا – وتذكر قول توفيق الدقن في فيلم ‘خرج ولم يعد’ عند زيارته يحيى الفخراني لمطالبته بالأجرة ورؤية افيش فيلم المخلوق الفضائي ‘أي تي’ للمخرج سبيلبرغ: الواد ده عندو حقد طبقي. أقول بعبارة مشابهة: الشيخ المفتي ده ‘فيتشي’. وكان الشاعر العربي العذري أول الفيتشيين العرب، إذ كان يكتفي من الحبيبة بالآثار والأطلال والمنديل (ومثله كارم محمود في أغنية منديل الحلو)، والعذرية دعوة رومانسية مبكرة للحد من النسل! والفيتشية مصطلح انتقل من العلوم النفسية إلى علوم الاقتصاد. مهما يكن فقد رأينا مثل هذا الإعلان التلفزيوني لعطر أو مرهم أو ‘حليب عصفور’:

تقف سيارة في عين الكاميرا ورباً، فتسد لحائب الأفق، ثم تخرج ساق، ربلاء، عصلاء، حسناء، صقيلة، من السيارة. في نهاية الساق القصوى؛ حذاء، اسود، فتاك، ادهم، عالي المكعب لامع النصل، ينطبق فيه قول الشاعر:

وكلّ أصمّ الكعب ماض سنانه … وكلّ صقيل المتن عضب مضاربه

وهذا يعني أن كاتب السطور فيتشي (الأشياء التي يحبها ويحتفظ بها في خزانته من الحبيبة: سماء.. أجنحة… هتافات خرساء). ويمكن أن نسرح قليلا مع الفتوى والتحريم لنقول مخطرفين أن اسبانيا استجابت لفتوى الفقهاء بتحريم مصارعة الثيران إلا أن التحريم مسألة خطيرة، فالأصل في الأشياء الإباحة. أما الأصل في الأشياء – في فقه نظم الاستبداد – فهو التحريم.

ومن الغريب أن المفتي الأكبر في السعودية غالبا أعمى (اثنان حسب معلوماتي) ولا اعلم مدى حصافة فتوى أطلقها تيار سلفي مصري تقول: لا فتوى لضرير. والنظر في الفتوى يكون بالعين (والبصيرة) . لكن المشكلة أن الفقهاء ينظرون في النص قبل الواقع. وهم ينظرون إلى النص في حرفيته معزولا عن سياقه وعن مجمل القصد القرآني والتشريعي … ومن اللطائف أن نظاما عربيا طلب من الشيوخ – الذين كان عملهم مقصورا على الدعاء له في نهاية الخطبة له، ثم يهجعون لانتظار هلال شهر رمضان فهلال ذي الحجة يتكفل به أهل نجد والحجاز – الإفتاء بتحريم التظاهر مع أن أنظمتهم كانت دائما تتظاهر: بالديمقراطية والعدالة، والاشتراكية ..: كيف تحلون لأنفسكم ما تحرمونه على الشعب!!

نتيجة: زعماء العرب الذين في المرحلة السابقة والحالية، كانوا جميعا عذريين، فهم كانوا يدعون حب الأمة، لكنهم يكتفون منها بالكرسي.

العذرية والفيتشية (راجع رسالة صادق جلال العظم في الحب العذري) ليست أسلوبا في الحب وإنما في المقاومة والممانعة أيضا. ربما حادت هذه الفقرة عن دعواها الأساسية وهو أنّ فضائية العربية ليبرالية موخطة بشعاع من العلمانية، مع أنها تنقل مناسك الحج بعناية شديدة وتنام باقي أيام السنة في عسل العذرية الدينية! وهي ارقى انواع الفيتشية؟

مؤامرة صحافية

أدهشتني عبارة وزير الخارجية والمغتربين السوري (هل هذا يعني أن وزير الداخلية هو وزير الداخلية والمغتربين في الداخل) عندما قال للصحفيين في مؤتمره الصحفي الذي اجبر فيه القنوات العربية ‘المضللة’ على نقل مشاهد مذابح جناها السلفيون في درب التبانة بقوله مرة: اشتقنا لكم. فالعادة أن يشتاق الناس والصحافيون للمسؤولين الكبار، إلا أن صحفيي المؤتمر الأخير لم يطرحوا عليه سؤالا ذا بال: كانوا ‘يجمعون’ له الأجوبة!!

ومن المؤتمرات الصحفية الباسلة والمناضلة، مؤتمر تيار الإرادة الشعبية، والذي يقوده السوري قدري جميل الذي يفسر كل شيء بالصراع الطبقي. ويمكن مراجعة تصريحاته حول احدث القامشلي لنقول مع الدقن بالفم الملآن: الرفيق المناضل ده عند حقد طبقي. في المؤتمر عرف الفقيه الشيوعي بفقه ‘الثوري’ و’الثوري المضاد’: فزادنا علما. وأفتى بضرورة الاشتراكية والإرادة الشعبية. وقد زعم احد زملائه المؤسسين انه مناضل من عشر سنوات بدليل مقابلة صحفية أجرته معه صحيفة الثورة الحكومية!

يمكن أن نعتبر أن جيلا جديدا من شهود العيان ‘المضللين’ المتطوعين قد ظهر في سوريا. الجيل الأول كان من أبناء الأعلام الكبار أو من المناضلين الحقوقيين المعروفين مثل منتهى الأطرش، وسهير الاتاسي، ورزان زيتونة، وحسين العودات.. ثم حل محلهم أبناء الشعب الذين ‘عندهم حقد طبقي’. مثل أسامة الحمصي ومحمد الكناكري وأبو بكر الديري…، أما عن تدوير الجنازات في الساحات السورية فليس طقسا دينيا أو بدعة جنائزية، فرقصة الجنازة سببها الحصار. أما فيلم ‘ابن العم’ الذي بثته العربية فهو قديم ويهتم بالجانب البطولي. وهو يعود إلى عشر سنوات خلت. العربية تهتم بالأفلام الوثائقية السياسية الحارة اكثر من الجزيرة التي بثت فيلما بعنوان خارطة الخوف (بالرغم من قناة الجزيرة وثائقي) فالجزيرة تلهث وراء الحدث الساخن. الخلاصة: رياض الترك لا يزال مجهولا. أما القرضاوي فقد اتهم باتهامات لم يسبق لشيخ أن اتهم بها، احدها؛ أنّ متصلا سوريا غاضبا اتصل بالزبير نايل (إبان عرس الأمير ويليام) ومعه احد النشطاء المندسين فردّ عليه الزبير: أولا؛ أنا الزبير ولست ليلى الشايب، ثانيا؛ أنا لست مصريا فأنا سوداني، ثالثا؛ الجزيرة ليست ضد الحرية بدليل إننا نسمح لك بشتمنا، فاستشاط المتصل صاحب الدم الشربات وقال: اخرس، .. انتم متآمرون.. والآن عرفت سبب عدم بث خطبة القرضاوي على الجزيرة مباشر، لأنه كان منشغلا بالرقص في عرس الأمير ويليام!!

أما السخرية من الإسلاميين والتخويف منهم في فضائيات التبن، فليس حكيما لسببين؛ الأول أن حكومات ثلاث وأربع دول عربية أصبحت منهم، الثاني أن انتخابات نزيهة محلية ستنتخب بعضا منهم ان لم يكن الاكثرية منهم. أما نكتة فيصل القاسم التي يكررها في مواسم الانتخابات عن العربي الذي انتخب بكلمة لا، ثم خاف فعاد ليطلب تصحيح ورقة الانتخاب فقالوا له: صححناها. فهي نكتة غير مضحكة، لأن بلاد العرب ‘أوطاني’ الديمقراطية ليست بهذه الروح السمحة والمرحة، فمن يقول لا: يتم تصحيحه عند الحداد أو في الطاحونة .. الظاهر أن العيش في بلاد الانكليز و’العربان’ قد خبلت القاسم وأفقدته ‘حسه الطبقي’.

كاتب من كوكب الأرض

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى