اذا احترقت لحية جارك، بلل لحيتك
شلال كدو
لا شك ان الانظمة العربية المستبدة والفاسدة، التي تتداعى وتسقط كأورق التوت او اوراق الخريف، كما قال الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، قبل ايام في معرض حديثه، عن انضمام ضباط وقادة واعمدة جيشه، الى الثورة ضد نظام حكمه، فأن هذه الانظمة، لا تتعظ من التجارب، التي تجري من حولها، ويبدو انها لم تسمع بعد بالمثل القائل: “اذا احترق لحية جارك فلا بد ان تبلل لحيتك” لتتوخى انتقال اللهيب اليك.
فمبارك لم يتعظ ابداً من ثورة تونس، ولم يحاول اصلاح ذات البين وردم الهوة بين نظام حكمه، الذي دام اكثر من ثلاثين سنة، وبين الجماهير المحتشدة في ساحات التغيير وفي الشوارع، التي كانت تطالب بالاصلاح في بادىء الامر، لكن قتل المتظاهرين العزل وضربهم واذلالهم واهانتهم، وخاصة معركة الجمال الشهيرة في قلب القاهرة، ادى الى تغيير الشعار من الاصلاح والتغيير الى سقوط الرئيس وسقوط النظام برمته، وادى الى خروج غير مشرّف له ولعائلته.
اما طاغية ليبيا المجرم فلم يتعظ بدوره من اي تجربة البته، ويرى في نفسه عالماً ومفكراً وفيلسوفاً، قبل ان يكون قائداً عظيماً وزعيماً وملكاً لملوك افريقيا برمتها، ولا يجوز ان يتكأ على تجارب الغير، طالما انه بهذه العظمة والأبهة والكمال والجلال، وسوف يقوم –كما قال- بمعية ابناءه وبعض الانظمة المتحالفة معه، كالنظام السوري وبعض المرتزقة، بسحق وقتل كافة “الفئران والجراذين” الليبيين، في اشارة منه الى الشباب الليبي الثائر، في وجه نظام حكمه المستبد والفاسد، الذي يعبث بخيرات ليبيا.
اما اليمن “السعيد” الذي يحكمه نظام فاسد منذ اكثر من ثلاثة عقود من الزمن، فهو بدوره يلجأ الى لعبة القط والفأر مع المعارضة، وكذلك مع الثائرين في عموم انحاء اليمن، كما انه وابناءه وحاشيته يصدرون الآوامر لقتل المعتصمين، ثم ما يلبث ان يخطب في الناس، ويأمر بتأليف لجان تحقيقية في الامر “الحادث العَرَضي” على حد وصفه، لمعرفة القَتَلَة والمجرمين، كمن “يقتل القتيل ويمشي بجنازته”. ورغم ان الانظمة تسقط من حوله، فأن صالح بدوره لا يعي ولا يعرف، الا طريقة بن علي ومبارك والقذافي في التنحي، دون ان يستفيد من تجاربهم، ويسلك طريقاً آخر، اكثر احتراماً ليحفظ ماء وجهه وحاشيته.
اما سوريا فيبدو انها ابعد ما تكون للاستفادة من تجارب الغير، لانها اوهمت نفسها بأنها دولة المواجهة الوحيدة مع اسرائيل، وعلى العرب من المحيط الى الخليج ان يخضعوا لارادتها، رغم ان جبهة الجولان تعتبر اهدأ منطقة في عموم انحاء العالم، ويعمها سلام وسكون مطبق منذ سنوات طويلة جداً، وتكاد تلك المنطقة ان تحصل على جائزة نوبل للسلام، اذا تقرر منحها الى مناطق النزاع او الى جبهات القتال…!
كما ان سوريا تتباهى بأيديولوجية حزب البعث الحاكم ونهجه، وتعتبره صمام امان للبلد، متوهمة بقدراته الخارقة على الوقوف في وجه اي ثورة تطالب بالتغيير، متناسية بأن سورية مبتلية بالبعث وبأفكاره العنصرية والشيوفينية الهدامة، والذي يهدف الى تعريب البشر والشجر والحجر في البلاد، في سابقة فاشية وعنصرية مهلوسة، كانت سائدة في ايطاليا الفاشية والمانيا النازية، وكذلك في تركيا الكمالية منذ بدايات القرن المنصرم.
اضف الى ذلك ان سوريا بلد امني بأمتياز، ويحكمها الاجهزة الامنية دون منازع، والتي ترى في نفسها القدرة على سحق اية انتفاضة، كما جرى العام 2004، حينما انتفض الكرد السوريين في مدينة القامشلي، والتي سرعان ما انتشرت انتفاضتهم، لتعم كافة ارجاء مدن وقرى وقصبات كردستان سوريا، وكذلك المدن السورية الكبرى، كـ العاصمة دمشق وحلب وغيرهما، وواجهتها الاجهزة الامنية بقوة الحديد والنار، حينما قتلت وجرحت المئات من الشباب الكرد العزل، حتى اخمدت الانتفاضة بقوة السلاح.
من هنا فأن النظام السوري، ابعد من ان يكون في موقع او في ذهنية من يتعظ او يستفيد من تجارب الغير، رغم ان هذا الغير يحترق ويصبح رماداً.. لكن هيهات ان يرى النظام او يسمع بذلك، لان الكبرياء والغرور الكبيرين لا تسمح له مقارنة نفسه بأي نظام آخر، لذلك فأن سوريا بدورها معرضة لتسونامي شعبي هائل، من شأنه ان يغير الثابت والمتحرك في البلد، في حال لم يبلل النظام لحيته في القريب العاجل.