صفحات العالم

استياء عربي من واشنطن لرفضها التسليح

موافقة الأسد لفظية وتكسبه مزيداً من الوقت
روزانا بومنصف
في اليوم التالي لاعتبارها موافقة النظام السوري على مبادرة المبعوث الدولي كوفي انان “خطوة مهمة” اعادت العاصمة الاميركية تصويب ما قصدته او ما اوحاه موقفها هذا من خلال التأكيد “ان على الرئيس السوري بشار الاسد التنحي حتى مع قبوله خطة انان” مشددة على ان “موقف واشنطن لم يتغير وانها سمعت من الاسد وعودا في السابق الا انها تنتظر منه افعالا وليس اقوالا “. فالموقف الاميركي من مجمل ما يجري في سوريا يحظى بانتقادات عربية كبيرة نظرا الى المبررات غير المنطقية المتعاقبة التي قدمتها واشنطن لعدم الانخراط في موضوع سوريا بين اعتبارها القاعدة مسؤولة عن التفجيرات التي حصلت في سوريا الى اعتبار القاعدة مخترقة للمعارضة. وهذه الانتقادات وان كانت غير معلنة الا ان بعض الدول العربية مستاء من الولايات المتحدة بسببها خصوصا مع رفضها اتخاذ اي اجراءات عملية داعمة للمعارضة السورية والبعض يقول ان رفض الولايات المتحدة تسليح المعارضة هو اكثر ما يثير هذا الانزعاج. اذ ان الادارة الاميركية التي تخوض الانتخابات الرئاسية لولاية ثانية للرئيس باراك اوباما تبدو بالنسبة الى دول عدة مشغولة بأولوياتها فضلا عن انها تراعي رأي اسرائيل في هذا الاطار الداعم لبقاء الرئيس السوري وعدم القيام باي خطوات تؤدي الى تنحيه. وثمة من يقول ان اميركا لا تشعر باللهيب الذي تشعر به دول المنطقة نتيجة العدد الكبير من الضحايا الذين يسقطون يوميا في سوريا والذين يطرحون مسؤولية معنوية على كاهل الدول العربية انسانيا وطائفيا على حد سواء وانه كما طرحت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون السؤال مرة في وجه روسيا كم يجب ان يسقط من الضحايا من اجل ان تقرر روسيا الموافقة على قرار في مجلس الامن يدين ما يجري في سوريا، فان السؤال نفسه ينسحب وفق ما ينقل عن مصادر ديبلوماسية اقليمية عن عدد الضحايا الذي ينتظره الاميركيون كي يسمحوا بتسليح المعارضة او اي اجراء مماثل خصوصا ان الرئيس الاميركي اعلن اخيرا في اثناء استقباله رئيس الوزراء التركي رجب الطيب اردوغان يوم الاحد المنصرم في 25 من الجاري اتفاقه مع تركيا على مساعدة المعارضة لكن من دون تسليحها.
ولا تثير المطالبة الاميركية بتنحي الاسد قلقا جديا اذ ان الرئيس السوري وفق ما تقول هذه المصادر “ميت سريريا” بالنسبة الى احتمال قبول استمراره في السلطة او قبول الاسرة الدولية عودته الى كنفها مع هذا العدد من القتلى الذين تقع مسؤوليتهم على عاتقه خصوصا بعد توثيق ما يدرج دوليا تحت عنوان جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية لكنه يمكن ان يواصل العنف ضد الشعب السوري. فالتحدي الاساسي يتمثل في مؤتمر اصدقاء سوريا الذي ينعقد في اسطنبول يوم الاحد المقبل ثم الاحاطة التي سيقدمها كوفي انان عن مهمته لمجلس الامن يوم الاثنين في الثاني منه في ضوء جملة معطيات تضاف الى المعطيات الآنفة. وفي مقدم هذه المعطيات اليأس من مهمة انان اذ تقول المصادر الديبلوماسية ان موافقة النظام السوري على مبادرته هي موافقة لفظية والجميع يدرك هذا الامر خصوصا ان النظام قد فرض شروطه حتى الان لجهة رفض استقبال نائب انان ناصر القدوة باعتباره ممثلا عن الدول العربية فيما رفض الاسد التعامل مع انان الا ممثلا للامم المتحدة وليس للجامعة العربية. وكون انان ممثلا للامم المتحدة فانه مضطر لمراعاة روسيا التي ستحاول ان تعطي او توفر المزيد من الوقت للنظام انطلاقا من اعتباره مهمته “الفرصة الاخيرة” التي لا يجوز استعجالها بل التأني من اجل انجاحها. وهو امر يمكن ان يؤثر على مؤتمر اسطنبول لجهة محاولة البعض الضغط من اجل تاجيل اتخاذ خطوات حتى موعد اخر للمؤتمر في انتظار رؤية ما ادت اليه مهمة انان خصوصا ان المعارضة التي تعمل عليها دول عدة من اجل توحدها وخروجها بمشروع موحد وهي قد حققت نجاحا نسبيا وتحتاج الى زخم اضافي لها. وان الخطوات التي قامت بها حتى الان هذه المعارضة لا تسمح بتركها بل على العكس من ذلك ولا يجوز تركها ايضا. وخروج اوباما قبل ايام مع رئيس الوزراء التركي داحضا فكرة تسليح المعارضة ينبغي ان تقابلها خطوات اخرى لا تقل ثقلا معنويا وتأثيرا تعويضا عن التسليح في رأي هذه المصادر باعتبار ان مؤتمر تونس الذي اقتصر على اعلان تقديم مساعدات انسانية كان فاشلا الى حد بعيد…
وثمة من يعتقد ان انان قد يتمهل من جهته في اعطاء النظام المزيد من الوقت اذ ليس سهلا عودة الامين العام السابق للامم المتحدة الى الضوء بهذه الصيغة المهمة والقبول بانهاء المهمة سريعا. في حين ان الوقت ملح بالنسبة الى الدول العربية والمنطقة على نحو خاص من اجل الاسراع في تطبيق وقف فوري للنار وانهاء العنف من اجل تقييد حركة الرئيس السوري في هذا الاطار.
يضاف الى ذلك ان فكرة اقامة منطقة امنة او عازلة من جانب الاتراك ليست واضحة بعد خصوصا ان هذه الفكرة تفاوتت بين مد وجزر في توقيت مختلف بين بداية الازمة ومراحلها الاخيرة.
النهار

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى